عبد الحق الزروالي فكر المسرح من مدخل المونودراما / إعداد: أمال اكليل

سيرة مسار من مدرسة مسرح الهواة إلى مرحلة ما بعد مسرح الهواة

 

تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، تنظم كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك الدار البيضاء الدورة 36 من المهرجان الدولي للمسرح الجامعي، تحت شعار “المسرح والجنون”، وذلك من 1 إلى 7 يوليوز 2024، بتنسيق مع جهة الدار البيضاءـ سطات، ووزارة الشباب والثقافة والتواصل، قطاع الثقافة، وذلك عبر فضاءات مسارح الدار البيضاء وفضاءات أخرى بالجهة، إذ يقترح المهرجان عروضا مسرحية لطلبة من العالم ومن المغرب، وتحقيق محترفات مسرحية تكوينية لصالح الطلبة وهواة وعشاق المسرح، وندوة علمية تحاور شعار الدورة “المسرح والجنون” يؤطرها أستاذة متخصصون وممارسون، إلى جانب تكريم التجارب المبدعة في مجال المسرح والبحث العلمي والإعلام احتفاء بمسارها وخدماتها كرسالة للأجيال وتأسيسا لمبدأ الاعتراف والامتنان..

بمناسبة الندوة الصحفية المعلنة عن الدورة 36، والتي أقيمت في إحدى فنادق الدار البيضاء يوم الثلاثاء 25 يونيو 2024، والتي ترأسها الأستاذ إبراهيم فدادي عميد كلية الآداب بنمسيك الجهة المنظمة ورئيس المهرجان والتي بسطت أمام الحضور النوعي لأهل الصحافة والإعلامي من شتى المنابر والأجيال، جديد الدورة وبرنامجها وضيوفها ولجنها ومعطيات فنية وتقنية توشي أننا أمام دورة فارقة، من تم ارتأينا أن نسلط الضوء على تجربة قريبة من التصور خصوصا في الجانب النظري والتجريبي والقراءات النقدية والتنظيرية، وهي تجربة مسرح الهواة، هذا المسرح الذي يعتبر نقطة تحول للمسرح المغربي ومدرسته الأولى الذي يؤرخ للمسرح المغربي ما قبل مسرح الهواة وما بعده، هذا المسرح الذيلم يشهد تبلوره وفق بعض مؤرخي المسرح المغربي إلا في أوائل الخمسينيات، وبمرجعية المسرح والمقاومة وهناك من يؤرخ بزيارات الفرق العربية والأجنبية للمغرب، وهناك من يؤرخ بالبناية المسرحية سيرفنتيس نموذجا، وهناك من يعتبر الميلاد الشرعي كانت انطلاقته تزامنا مع التداريب التي نظمتها وزارة الشبيبة والرياضة وميلاد فرقة المسرح المغربي وفرقة المعمورة، واستحضارا للرحلات التكوينية إلى فرنسا بمناسبة مهرجان أفينيو، والتي كانت تدعمها الشبيبة والرياضة لصالح فعاليات مسرح الهواة خصوصا الذين كانوا يتميزون في التداريب أو يحصلون على جوائز في مهرجانات مسرح الهواة، وذلك منذ سنة 1950 ومن الرواد من انتمى إلى معاهد التكوين هناك بفرنسا تحديدا وعلى رأسهم رائد المسرح المغربي الطيب الصديقي، الذي تتلمذ على يد جون فيلار مؤسس مهرجان أفينيو، عملت وزارة الشبيبة والرياضة على تكوين مجموعة من الشباب الهاوي الذي كان يعشق فن المسرح، وعملت على إخضاعه إلى محترفات تدريبية، والانتقال به من ميدان الهواية إلى الخضوع لميدان التدريب والتطبيق. وقد شكل الفرنسيان أندري فوازان وبيير لوكا أحد الأعمدة الجوهرية لتأطير هؤلاء الشباب، إلى جانب بعض التقنيين المغاربة مثل الطاهر واعزيز وعبد الصمد كنفاوي وعبد الله شقرون. وكان لهذه التداريب التي كانت تقام في غابة المعمورة فضل كبير في تكوين عدد من الأطر المسرحية، والعديد من المراكز والفرق المسرحية على صعيد التراب الوطني. وتعتبر سنة 1957 البداية الفعلية لمسرح الهواة، مع تأسيسالجامعة الوطنية لمسرح الهواة، تتكون هذه الجامعة من اتحادات إقليمية مكونة من الفرق، وخلال هذا التاريخ قامت هذه الجامعة تحت وصاية وزارة الشباب والرياضة بتنظيم مهرجان دوري بلور أهم التجارب المسرحية عند الهواة وعشاق المسرح بالمغرب.

وقد ساهمت أسماء عديدة من خلال هذا المهرجان في دفع حركة المسرح بالمغرب منها على مستوى الإبداع أو التأطير أو لجن التحكيم، وينسب إليها قيادة مرحلة المغربة والتأليف والمحاولات الأولى للإخراج وأحيانا كان للعمل الواحد أكثر من مخرج ومعظم التجارب مارست التمثيل إلى جانب تعدد المهام الفنية والتقنية نذكر منهم: عبد القادر البدوي، محمد التسولي، مصطفى التومي، محمد العلوي، الطيب العلج، الطيب الصديقي، عبد العظيم الشناوي، محمد تيمد، محمد الكغاط، عبد الكريم برشيد، عبد الحق الزروالي وغيرهم وبذلك عرف مسرح الهواة على امتداد سنوات الستينيات والسبعينيات تأسيس مزيد من الفرق المسرحية، وخلال هذه الفترة استطاع هذا المسرح أن يفرض وجوده في الساحة المغربية كمسرح طليعي وإبان الفترة نفسها سَيُولَدُ من رحم المسرح الهاوي تياراتٌ ومدارسٌ رغبت في التجديد والتأسيس والتأصيل، بل حتى التنظير المسرحي، الذي تحول بعضه إلى مشاريع كتب وأطروحات للدكتوراه داخل المغرب وخارجه..

حسب توسيم المرحل اعتبر مسرح الهواة “طويل اللسان” من تمضيق وحوصر ما أدى إلى توقيف المهرجان الوطني سنتي 1982 و 1983، وعاد بعد ذلك لينظم في الرباط سنة 1984، لكنه ما لبث أن سجل نهايته الأسطورية حينما هجره أهله، وهنا أتى المسرح الجامعي الذي تأسس سنة 1988، وورث روح هذا المسرح سيما وأطره انتموا إليه الجامعة تدريسا ومهم من أسس محترفات مسرحية بالجامعات وهم من دعم ميلاد المهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء وتبعا له تجارب أخرى في بعض المدن مثل فاس مراكش وأكادير منهم من استمر ومنهم من يناضل.

هي مراحل ومدارس واتجاهات وتحولات عرفها المسرح المغربي وعلى رأسها التجارب التي أتت بعد مسرح الهواة ومنها ميلاد “المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي” الذي تأسس سنة 1985، وكان سببا رئيسيا في التعمق وحضور الوعي الجمالي في الفن المغربي عموما عبر مراحل أجياله المتخرجة.

في ظل هذا الرحم كان ميلاد واجهاض عدة تجارب وكانت تجربة إعادة الميلاد، ونتوقف هنا عند تجربة المسرح الفردي أو مسرح الممثل الواحد أو المونودراما مع عبد الحق الزروالي مكرم الدورة 36 من المهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء، باعتباره يمثل جيل القنطرة بين تجربة مسرح الهواة وتجربة مسرح حر مستقل متفرغ سمي بالمسرح الاحترافي، وبصفة هذا الرجل يمثل تجربة فريدة انتقل بها من مونودراماـ إلى تجربة تود أن تسمى بالمسرح الفردي أو مسرح الممثل الواحد سيما وهو الرائد في المغرب وعلى مستوى الرقعة العربية في هذا المسرح،الذي خرج من رحم المسرح الهاوي في سنوات الستين، حيث تعد تجربة المسرح الفردي متميزة وحاضرة بشكل جلي ومستمر في مسرحنا المغربي، لاسيما عند المبدع الموهوب عبد الحق الزروالي. الذي يمارس أسلوب وإيقاع خاصين في الرؤية والتشخيص والتواصل المفتوح مع المتلقي تندرج فيه الأشكال المسرحية من حلقة ومسرح الشارع والمسرح المساير للعلبة الإيطالية ومسرح كل الفضاءات، مسرح ينتصر للمشهدية عبر شخصية واحدة يتم تكريسها فنيا وجماليا وحواريا لأداء مجموعة من التمثلات والحوارات والتشخيصات، هو مسرح بوح وتعليق وواقع يوظف الشعر والقصة والرواية والرقص والغناء والتلوين الجسدي وغيره، فعلا المسرح الفردي أو مسرح الممثل الواحد والمونودراما مسرح شامل يمارس به عبد الحق الزروالي فكر المسرح والدليل تنقل مواضيعه من التراث إلى الذات إلى المجتمع ويقبض عليه في كل زوايا العالم والأحداث داخل الحلم وخارجه، وداخل الواقع وفوقه وفي ثناياه..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت