كتاب الخميس (الحلقة الخمسون) / عرض و قراءة: علي حسين الخباز

اسم الكتاب : المعايير الجمالية والفكرية في مسرح الطفل ”
الكاتب: د. عزيز جبر يوسف
الناشر: دار المرتضى للطباعة والنشر
     *****************************       
(مسرح الطفل الضرورة والواقع) قراءة في كتاب (مقالات ومسرحيات في مسرح الطفل) للدكتور (عزيز جبر يوسف) 
مسرح الطفل هو مسرح انساني يقوم على الاحتراف من اجل الأطفال والناشئة، وحددت وظيفته الاجتماعية بانها مساهمة عن طريق العمل الفني في التربية، وبناء الأجيال الصاعدة.
 تحدث الدكتور (عزيز جبر يوسف) في كتابه “مقالات ومسرحيات في مسرح الطفل” عن التأثير المسرحي في الأطفال, وردود افعالهم؛ كون الأطفال في هذا السن يمتلكون الطابع الاندماجي. ويعتبر بعض النقاد بأن مسرح الطفل هو بذرة ديمومة الحياة واستمرارها، ويعتبر مسرح الطفل بسماته خصوصية الغاية والجمهور المستهدف.
ويرى الدكتور عزيز جبر أن المسرح لا بد ان يكون اكثر ملائمة لتقديم المفاهيم المجردة؛ لأن تفكير الأطفال يغلب عليه الجانب الحسي الذي يعتمد على الأشياء المحسوسة، ولأن المسرح يصنع امام الأطفال الوقائع والأشخاص والأفكار.
 ويرى الدكتور مالك نعمة المالكي بأن مسرح الطفل يهتم بنصوص مسرحية تعالج أموراً تهم الصغار، وتقدم أهدافاً وأفكاراً تتناسب وقدرات الطفل العقلية والنفسية والاجتماعية. وتندرج الأهداف التربوية المسرحية الخاصة عند الدكتور عزيز جبر يوسف ضمن الاطار العام للأهداف التربوية لأدب الطفل.
 وتتمثل الأهداف التربوية كما يذكرها محمد الشيخ في كتابه حول أدب الأطفال، والذي استشهد به الدكتور عزيز جبر، أولاً- مساعدة الأطفال على التفكير والتخيل وادراك واقعهم واحترام المثل النبيلة والاقتداء بها، واذكاء روح الوطنية وحب الوطن وارهاف إحساس الأطفال وعواطفهم وامداد الأطفال بتجارب جديدة حية مجسدة، واشباع ميول الأطفال والاجابة عن تساؤلاتهم بطريقة ممتعة، والكشف عن المواهب ورعايتها وزيادة ثروة الأطفال اللغوية وتدريبهم على الاستماع الجيد.
ويرى دكتور عزيز ان تبصير الأطفال بمشكلات مجتمعهم وسبل التغلب على تلك المشكلات ونقد التصرفات غير السليمة, على أن لا تكون المسرحية فوق ادراك المتلقي مما يضيع الابتهاج والتعلم في آن واحد, والايغال في تغريب الأساليب المسرحية على مستوى معالجة النص او التمثيل هو شذوذ عن القاعدة.
 مهرجانات الطفل المسرحية هي أساساً وسيلة للتعليم والتثقيف ضمن اطر جمالية تبعث على المتعة، ويكون مسرحاً مليئاً بالرؤى والأفكار التي تزيد من قدرة النشء على فهم الحياة فهماً اكثر عمقاً.
 ويشكل مرح الطفل أداة قوية من أدوات تنشئة الطفولة، وتنمي طاقات الابداع والتفكير الكفيلة بايصال الوان الثقافة للأطفال والطرق التي يمكن رفع مستوى تفكيرهم وفتح آفاق الابداع.
 المسرح يريهم الحوادث امامهم في اماكنها بأشخاصها، بالإضافة الى مناظره المسرحية واضاءاته الساحرة. ويقوم العمل المسرحي على ثلاثة أسس يتوحد فيها الزمان المكان والفعل.
ينطوي النص المسرحي المقدم للأطفال على بناء فني يتسم بالشفافية في التعامل مع فكرة الصراع والنقائض كما يسمونها في نظم الفلسفة، فعلى الجانب الذي يلعب فيه المرض دور فتاك، فإن (الفيتامينات) تشكل الجانب الاخر من فكرة الصراع.
 تناولت المخرجة الامريكية (وينفريد وارد) في كتابها مسرح الأطفال عرضت العناصر التي تشكل مسرح الأطفال: كالموقف الدرامية والعقدة والتشويق والتطور الدرامي ورسم الشخصيات والحوار.
 المسرحيات التي تدعو الى التحلي بالخلق والاجتماع تلعب دورا مهما في توجيه الانسان الى الرذيلة لإفساد عقائده الروحية واحاسيسه وعواطفه وميوله وزعزعة الروابط الاجتماعية، اما التي تمجد الفضيلة ومكارم الاخلاف تحرص على الكيان الخلقي والاجتماعي فهي عامل مساعد في تهذيب النفوس والسمو بها عن الرذائل.
 وتفاوت السن بين المتفرجين في مسرح الطفل يشكل اعظم المشاكل فيما يتعلق باختيار المسرحيات، وما يقبله الأطفال في سن الخامسة يبدو تافها للأطفال في سن الـ(11) وما يهز مشاعر هؤلاء الأطفال يثير فزع الأطفال في الخامسة..! واختيار مسرحية تناسب الفئتين يتطلب عملاً مدركاً.
 المسرح يقدم ثلاث سلاسل من المسرحيات على الأقل في سن السادسة الى السابعة، ومن التاسعة الى الثانية عشرة، والأخيرة لمن تجاوز الثانية عشرة. اما الأطفال الصغار فلا حاجة بهم الى المسرح؛ لأن العابهم فيها من التمثيل ما يكفي؛ لأن فهم الأطفال ورؤية العالم من خلال نظرتهم هو الشرط الأساسي الذي يجب توافره في مخرج مسرحهم، لكي يفهم المخرج جمهوره يقتضي الالمام بعلم نفس الطفل عن طريق دراسته من جانب والالمام بالتجارب الخاصة بهذا المسرح، ويمكنه من النواحي الفنية في مجال تصميم المناظر وبنائها, والاضاءة, والملابس, المكياج, الموسيقى, الرسم  وتناسق الألوان، أي ان ثقافة المخرج لا بد ان تكون موسوعية، والسينما لا تعتبر أداة لهو وامتاع فقط، بل هي أداة فاعلة من أدوات تنميتهم عقليا واجتماعيا وخلقيا ووسيلة من وسائل ثقافتهم.
الأطفال يفضلون السينما على غيرها من الفنون وهذا يدعونا للاهتمام بهذا الفن والعمل على استخدامه كوسيلة من وسائل ثقافة الأطفال وبنفس الوقت العمل على حمايتهم من الأفلام الضارة التي تفسد ضمائر واحاسيس وتفكير الكبار قبل الصغار.
 وهناك فرصة كبيرة في مجال الحيل السينمائية التي تستطيع ان تجعل من اذهان الأطفال تذهب بعيدا مع اكثر الحقائق واقعية, الاتحاد السوفيتي انتج اول الأفلام للأطفال عام 1919م، ثم انتجت فنلندا اول فلم للأطفال عام 1920م، واليابان عام 1924م.
 بعض الأفلام للأطفال تتضمن جوانب ثقافية، لكنها مخربة قد لا تكون هي الجوانب التي نريدها لاطفالنا؛ لكونها تخرب ما نريد ان نثبته في اذهان اطفالنا من قيم ومفاهيم؛ لأن اغلب الأفلام وخاصة الأجنبية تحاول تصوير جوانب مشرقة من الواقع الأجنبي.
 والهدف من فصل الأطفال عن بلدانهم وعن واقعهم وربطها بمحبة الحياة الأجنبية، والأطفال يقلدون جوانب كثيرة من تلك الحياة كتقليد ملابسهم وطريقة حياتهم وتقليد الجوانب الأخلاقية والفكرية اخطر وقعا.
 لا نريد عزل أطفالنا عن مشاهدة هذه الأفلام بل ندعو الى انتقاء ما يصلح لأطفالنا بتحفظ شديد، وعلى مؤسساتنا الثقافية ان تعمل بجهد حقيقي لتحقيق صناعة سينما خاصة بالأطفال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت