نص مسرحي : “علمني أبي” / تأليف: علي حسين الخباز
هذه المسرحية اعدت لشخص واحد تخاطب أطفال بسن العاشرة تقريبا وهو يقلد أصوات بقية شخوص المسرحية
(يدخل مهدي الى الدار بحركة سريعة وهو بملابس المدرسة /دون حقيبة / يبحث عن امه )
مهدي : ماما .. ماما …( بعدما يأس من وجودها / مع الجمهور ) تراها ذهبت لتشكوني مثل كل مرة للجيران، او ربما ذهبت الى بيت قريبنا الدكتور حسن طبيب نفساني سمعتها تخاطبه بالجوال ( يقلد صوت الام ) دكتور حسن هذا الولد راح يخبلني، عنده أحوال عجيبة غريبة وحال ما يشبه حال. قال لها الدكتور حسن (يرتدي نظارته يقلد صوت الطبيب) يريد ان يفهمك بانه كبر وصار رجل البيت (مع الجمهور) جميل هذا الطبيب لايعرف ان امي تعاملني باني انا اب البيت. وعاد ليطلب منها (يلبس النظارة ـ يقلد صوت الطبيب) أريد ان اعرف كل شيء عن حالة ولدك، فاجابته امي (يقلد صوت الأم) يحكي حكايات كبار (كلام جبير) تحيرني كلماته وتقلقني دكتور ايعقل طفل بعمره يقول (نحن نصنع الزمن ياماما ) أقول له كيف؟ يقول (لاشيء خارج ارادتنا الا ما شاء امر الله يا ماما ) الا ترى دكتور ان هذا كلام كبير بالنسبة لطفل بعمره؟.. اجابها الطبيب (يرتدي الناظر ويقلد الطبيب) أكيد هو سمع هذا الكلام من احد من الجيران .. من التلفزيون او الانترنت .. أكيد هو يستخدم الانترنت (يرجع الى الجمهور ) مشكلة امي مثل حيرة هذا الطبيب بامري .. تسألني امي (يقلد صوت الأم) ممن سمعت هذا الكلام يامهدي.
قلت لها : لقد علمني إياه أبي أمس، لم تصدق أمي هذا الكلام، كيف احدث أبي أمس وهو رجل استشهد قبل سنوات، استشهد أبي وانا طفل صغير، وهكذا قررت المسكينة أمي ان ترافقني بحذر، ان تنظر الى كل حركة من حركاتي لتفهم معاناتي كما تقول، ما يدور في راسي وتريد ان تقرأ احلامي التي تجمعني بأبي (حركة في الباب) ربما جاءت وهي تحمل وصايا الطبيب حسن، دون ان تعرف انا ماذا خبأت لها من مفاجئة، سمعتها ذات مرة تسأل خالي احمد (يقلد صوت الام) هل يمكن ان يكون هناك اتصال روحي فعلا بين الشهداء وابنائهم، أم ان هذا الطفل مجنون يحمل في رأسه صورة ابيه ؟ (مع الجمهور) هل هناك ابن شهيد ينسى اباه يا ماما؟ انت تقولين دائما (يقلد صوت امه) انت ياماما ولد حباب وهادئ (وما تسوي وقاحة) انا لست مجنونا يا ماما .. لكني أكره الأولاد الذين لايفهمون الكلام، لايفهمون ما أقول لهم.. هم يقولون عني مجنون وانت أيضا يا أمي تظنين اني مجنون، انا ولد عاقل وحباب (يقلد صوت الام) هل ستذهب الى النوم؟ (مع الجمهور) أقول لها نعم ياماما سأذهب الى أبي، وحين اصحو من النوم (يقلد صوت الأم) ها ماما صحوت.. أقول لها انا جئت من أبي (يضحك، ثم يعترض على ضحكه.. مع نفسه) على ماذا اضحك؟ (على شنو اضحك) انا حقيقة جئت من عند أبي (مع الجمهور) أمي تحبني مثلما تحبكم امهاتكم، تخاف علي من حالات الجنون فتجلس المسكينة لتشرح لي (يقلد صوت امه) مهدي انت كنت نائما في غرفتك في البيت وابوك ينام هناك عند الله تعالى في الجنة (مع الجمهور) قول لها ماما الا تعرفين ان الله يحب أبناء الشهداء (يذهب ليأتي بكتاب) هذا ما اسمه ياماما؟ (يقلد صوت الام) انه كتاب (مع الجمهور) أبي يسميه سلاح /بندقية ويسمي الامتحان هجوم والنجاح يسميه النصر (هاي اشبيكم) هل انتم مثل أمي لاتصدقون أني أرى أبي الشهيد واكلمه كل يوم ام تروني مثل الاخرين مجنون؟ ذات يوم اهدى لي خالي عبود دبابة وكان فرحان بها .رفضتها (مع الخال) خالي انا اكره الأسلحة، اكره كل شيء يؤذي الانسان (مع الجمهور) لكنه اصر ان يتركها بين اغراضي، حملتها امام امي سحقتها سحقتها (بغضب) انا اكره كل شيء يؤذي الانسان، قال لي أبي نحن نكره الحرب، يستغرب خالي يسألني (يقلد صوت الخال) كيف تكره الحرب، وانت أبن شهيد ؟ ابوك استشهد في الحرب
مهدي : (بغضب) نحن أبناء الشهداء نكره الحرب، نكره الحرب، نكره القتل، نكره اذى الانسان (بهدوء) البارحة حدثني أبي عن أشياء كثيرة، طالبني ان اقاتل أعداء الحياة، وان اتدرب جيدا للمواجهة لأرفع راية النصر عاليا (يضحك مع نفسه) لم تتحمل أمي الموقف وقالت (يقلد صوت الام) أنت ما زلت صغيرا على لغة الحرب يا مهدي (بهدوء) عليك ان تعيش طفولتك بعيدا عن المصطلحات الخشنة، وأبوك كان يخاف عليك من النسمة،كيف يدفع تفكيرك الى عوالم الحرب؟ (مع الجمهور) أمي تشعر احيانا باحراج شديد، لكنها أم تدافع عن حياة ابنها، تستغرب أمي من فكر طفل صغير يحلم بمواجهة أعداء الحياة، ويتدرب ليرفع راية النصر وهو يكره الحرب ويكسر كل لعبة تشارك في فكرة القتال، ترى امي انها شيء لايشبه شيء، سمعتها مرة تعاتب روح أبي (يقلد صوت الأم) انت يا عبد الحسن كيف تعّلم ولدك مثل هذه الأفكار (وقفت امامها) ماما لاتعاتبي أبي بهذه اللهجة يا ماما، انت لم تفهمي الموضوع على حقيقته.
قال لي أبي: انهم يحاربون الحياة، ونحن حملنا الأسلحة وقاتلنا لانها الوسيلة الوحيدة التي كنا نملكها لرد العدوان عن وطننا وبيوتنا واهلنا، ومواجهته والانتصار عليه، كل واحد لديه عمله الذي يواجه به الأعداء،
صديق أبي قال لي أنت يا ولدي واصدقائك الصغار ساحة حربكم الحقيقية هي المدرسة وسلاحكم الحقيقي هو الكتاب، عليك ان تدرس لتنجح، نجاحك يا ولدي هو النصر الذي يتوج جهادي،
أنا أكره يا ماما الأسلحة النارية واللعب المؤدية الى الموت.. انا يا ماما أحب المدرسة، لأنني بها سأحقق النصر الذي يرفع رأس أبي الشهيد، ماما ، أين ماما؟، ربما ذهبت تشكوني ثانية الى الطبيب حسن .. وانا هنا انتظر وفي يدي نتيجة امتحاناتي، أنا ابن الشهيد عبد الحسن طلعت الأول على الصف ياماما جئت لاقول لك تعالي لنرفع بمناسبة نجاحي اصبعينا، نرسم بفرح للعالم علامة النصر