المسرح الحسيني بين تأسيس الخطاب ومسعى التنظير / علي حسين الخباز
افتقر المسرح الحسيني الى هويات فكرية تسعى لتنقية هذا الفن المسرحي المتخصص في احياء التراث الحسيني من سطوة الغرب الفكرية، ومشكلتهم تتمحور بالبقاء في منطقة التأثير الببغائي المكبل بتنظيرات قاصرة، وكأننا لانستطيع ان نستلهم تراثنا إلا من خلال المستورد الفكري الاجنبي لأسبقية هذا الفن زمانيا كأي طابور ينتظم حسب الاقدمية، وحتى النقاش في مسألة نشأة هذا المسرح أخذ الطابع التبعي لعدة هويات في حال نجد القلة من الباحثين والنقاد ممن سعوا الى البحث الجاد عن هوية المسرح العربي المرتكز على تراثه وموروثه، ليكون وجها حضاريا يمتلك هوية خاصة به.
ومن تلك الثلة المبدعة برز واضحا اسم الناقد العراقي الأستاذ (سعدي عبد الكريم) والذي تبنى نشر إحدى لبنات التنظير الخاص بالمسرح الحسيني، هذا ماجعلنا نتأمل في ماهية ما عرضه في المواقع الالكترونية، ومتابعة ملخص التعقيبات الواردة لاستخلاص رأي عام، لكونه يرى ان فاعلية الاشتغال في المسرح الحسيني ترتكز على مرجعية تاريخية، شهدت صراعا جذريا بين تيارين (الخير ـ الشر) تيار يمثل الوعي النهضوي وآخر يمثل الرجعية القبلية المتسلطة، والمتمثلان بنهضة الإمام الحسين عليه السلام وطغيان الحكومات، وهذا يعني العجز في ابراز الجوهر التاريخي المرتبط بالتعاليم الرسالية، ويمثل النهوض الوعيوي الفاعل في جسد الذاكرة التاريخية حسب تعبير الناقد (سعدي عبد الكريم)، والذي يسعى لتتويج هذا الفن بمسؤولية الاحياء والترصين والتشخيص التوضيحي الارشادي لحقيقة الاحداث عبر وسائل تنفيذ حداثوية، ورؤى تفاعل المسعى (الفرجوي) لتنال استجابة تواصلية مثلى…
وهذا يدل كناتج على ان جذر المسرح الحسيني هو جذر ايماني واعي، ولد عقب الفترة النهضوية كفعل ادراكي يعتبر نافذة فكرية لها مميزات كثيرة معروفة؛ كالتأثير التوصيلي التواصلي، والتأسيس الاخلاقي التربوي المؤثر، والمسعى الجمالي الرحب، ومنصة من ارقى منصات الجماهير انفتاحا للبوح العام…
ومثل هذا التشخيص التأملي يفند لنا اسطرة جذر المسرح الحسيني سومريا أو بابليا، ويفند ايضا مرجعية التوابين التي شاء بعض النقاد ان يعاملها مثيولوجيا أو اعتباره مسرحا تطهيريا كمغالطة من مغالطات السعي القصدي، لغلغلة المعنى الأسمى الذي يرى الباحث القدير سعدي عبد الكريم ان من أولى مهامه نشر الملامح المضيئة في نهضة الحسين عليه السلام بمنهجية واستقراء مبهر من خلال تسخير الذهنية الاكاديمية التخصصية العلمية العاملة، داخل اجوائها الفنية للاحاطة بها انسانيا ودينيا وفنيا كنص ومهام تقنية، ووظيفة تفسيرية وتخيلية، خطاب يشتمل على الشرائط الدرامية التي تحيله الى (فرجة) عبر المتخيل الصوري المرن للعرض المسرحي.
وقد وردت تعقيبات عديدة لموضوع الأستاذ (سعدي عبد الكريم) من الممكن ان تتبلور لتكون مساعي تنظيرية ينظر لها ضمن التكوينات البحثية المستقبلية:
ـ القاص والاعلامي عامر رمزي/ مسيحي رحمه الله ): توظيف قضية الحسين في الجهد المسرحي، تعتبر احدى ضروريات الارتقاء بصورته البهية، مما يخدم المسرح العراقي ويقدم رؤى حديثة لفهم القضية الحسينية.
ـ السيد علي القطبي/ باحث اسلامي – السويد رحمه الله ): لقد جرت قبل مدة ممارسة مسرحية في الكويت في حسينية الرسول الأعظم ص ونقلت من قبل فضائية الانوار، والملاحظ ان الاداء كان جميلا لكنه يفتقد وبوضوح الى لمسات اخراجية متخصصة.
ـ القاص زمن عبد زيد: ( رحمه الله ) تناول المسرح الحسيني من وجهة نظر ابداعية ومهنية وفكرية، غاية من الأهمية لما ينتج من عمق مسرحي.
ـ د. اياد رضا الخفاجي: من المؤكد ان كتابة الملحمة هي من أصعب الكتابات للمسرح، ولكننا حين نقف على الاطروحات الراقية بلغة شعرية محلقة من متن الخطاب يجعلنا نهم انفسنا لخوض تجربة الكتابة للمسرح الحسيني، لأنه مسرح ينبع من صلب معاناتنا كبشر اولا، وكمعنيين ثانيا، وكمثقفين ثالثا.
ـ هشام الجاف: تأتي اهمية النهوض بالمسرح الحسيني التاريخية في التأسيس لأفكار جديدة لامعة تتكىء على مفاتن التاريخ وعبقه، وتتمعن في الرؤيا السامية النبيلة لثورة الامام الحسين (ع) أحلام تؤطر بذاك العبق الجميل الذي يسير مع الدم منذ أكثر من الف عام.
ـ الأستاذ حمودي الكناني: لابد من تعميم هذه القضية لكونها ليست ملكا لطائفة دون سواها، وانما هي قضية انسانية.
ـ د . خالد يونس خالد: اتمنى من اهل الفكر جمع النتاجات المسرحية والمساهمات التنظيرية، لتكوين منهج فكري لغوي يضاف الى قائمة الفكر.
ـ الشاعرة رسمية محيبس: حين تأتي قضية الحسين عليه السلام ضمن عمل مسرحي يجب أن يكون وفق رؤيا خاصة دراية في جوهرها، وبحث تنظيري للمسرح الحسيني فكرة جديرة بالتأمل بالبحث العميق.
ـ الدكتورة ناهدة التميمي: عظيم أن نكتب عن موروثنا الثقافي والحضاري والانساني والثوري ليبقى توثيقا للأجيال والأعظم أن تكتب هذا الموروث بلغة ثرة، وتعبيرات رصينة، ومفردات رائعة وفن جميل.
ـ خلود المطلبي: جميل جداً أن نكتب عن ثورة الامام الحسين عليه السلام وعن الارتقاء بطرق تخليدها بما يليق بها، والمسرح أرقى وأجمل وأنبل الطرق لتخليد تلك الثورة العظيمة.
ـ الدكتور صباح محسن كاظم: مسرحة الطف في فضاء الابداع والاشتغال المعرفي في نقل الواقعة جمالياً للانسانية، وقد بدأت بواكير تلك الأعمال منذ عروض التشابيه الأولى الى مسرح الشرقاوي والخفاجي والبراك واشتغالات فرق المدن العديدة.
ـ سلام محمد البناي: موضوع المسرح الحسيني في غاية الأهمية، لما لتلك الطقوس من أهمية في ترسيخ المفاهيم والمبادئ السامية، ومازلنا في منطقة التنظير لهذا المسرح، والذي قد يختلف عن مفهوم المسرح الحالي بكل مقوماته وأسسه لأنه سيختص بقضية المدرسة الحسينية بأسلوب مبتكر حضاري يحفز التلقي ويزرع به العلم والمبادئ التي استشهد من أجلها الحسين عليه السلام.
ـ سامي العامري: ( رحمه الله) يجيء المسرح كأحد النوافذ الأساسية لاسترجاع المعاني الكبيرة للشهادة متوسلة بالفن الحي وامتداداته وسموه، والمسرح الحسيني هو الباحة الأكثر تأثيراً في الذاكرة الفردية والجمعية باعتباره يخاطب المدركات السمع بصرية، والمدركات العقلية والحسية.