كتاب الخميس (الحلقة الخامسة والخمسون) / عرض وقراءة: الحسين الرحاوي
**************
الإقامة النقدية القلقة في البرزخ الأجناسي/”المابين” / الحسين الرحاوي[1]
“ليس بوسعنا ان نواجه الأنانية إلا بالتعددية، أي بطريقة التفكير التي نسلك وفقها لا بوصفنا أوصياء على العالم برمته في أنفسنا، إنما بوصفنا مجرد مواطنين في العالم” /إيمانويل كانط
مقدمة:
إن ما يميز الدكتور محمد أبو العلا إضافة إلى الحفر عميقا في صمت ناطق،انكبابه انكباب الزُّهادِ على نحت التمثال بلغة بلزاك[2] وانشغاله بمشروعه الثقافي والفني الإبداعي وبرؤيته المعرفية المتبصِّرة التي تُشكل قاعدة يتنزَّلُ عليها (نافعًا) ما يوقِّعُه على ثرائه وتعدُّدِه وتنوعه متآلِف. فهو على ما يكابده من عناء مكتوم في سبيل هذا المشروع العلمي يبدو كشاعر حياته كما يقول نيتشه، وليس شاعرا غنائيا يسمع صوته وحده، باحث من زُمرة السامعين الكبار الذين يحسنون الكلام، كما يقول الجاحظ، فهو المُنصت ليس لصوت الآخر فقط كما يقتضي “الاختلاف”وأدبياته، بل المُنصت الرهيف كذلك لنبض الأعمال أيضا وأساسا، فالقراءة مع الحكي، أو المشاهدة مع التشخيص في نهاية المطاف هما فعلا إنصات.
كلمة لا بد منها:
“هجنة المتخيل السردي والمسرحي..” الصادر مؤخرا عن مؤسسة الموجة الثقافية، إصدارٌ أنيق مبنى ومعنى، يقع في 136صفحة من الحجم الكبير، ويَضُم إلى جانب مقدمة المؤلف فصلين دسمين، الأول نظري، والثاني تطبيقي، إضافة إلى خاتمة جامعة مانعة، نظير الدراسات الوازنة التي تفرِض التريث، بفعل التكثيف الذي نُسجت/قُدَّت من سُداه إشكالات الكتاب، دون ترهل كما يحدث عندما يكون الفعل النقدي مجرد تمرين فجّ على التكرار، مشكلا بذلك استمرارا لما سبق من منجز نقدي وأساسا متينا لما يأتي. إن هذا الأسلوب-كما سيأتي-المُحاك برهافة عالية وبوعي نقدي يجعل من أسفار القراءة كلها تقلع وتغوص وتطَوِّف على الصعيد الجاذب للعوالم العابرة للتخوم بالتذاذ دون تعجل، على مقاس الطقس المسرحي-بنبرة أرطو وهذيانه العاقل-ذاته عند المشاهدة.
هكذا “يغامر الناقد والباحث محمد أبو العلا في كتابه الجديد… بالبحث في منطقة من الجماليات الجديدة لا يزال الاشتغال النقدي فيها محدودا في السياق النقدي العربي؛ هي فضاء الما بين L’enre-deux؛…”[3] هذه أول شظية نافذة من التقديم الرائع للدكتور محمد بوعزة، هذا الضالع في المفاصل والتفاصيل،كما يمكننا القول بدءًا.. بأن السؤال هو مصباح الأستاذ أبو العلا في حلكَة طريق البحث العاصف، مسددا خُطاه بثبات إلى مناخات جديدة/جماليات جديدة، حيث تقوده”المغامرة” وليس “المخاطرة” مع الفارق الشاسع بينهما، مدجَّجا بالاقتدار والاندغام بالجوهري بدل العرضي والعارض من الشواغل التي تدع حركة الإبداع ونبضه الحقيقي لتشتبك بما لا ينفع ولا يمكث ولا يُنير.
__ما النقد !
كتاب”هجنة المتخيل السردي والمسرحي… “لمحمد أبوالعلا هو أفق آخر، وتفكير برؤية مغايرة في سياقات ثقافية مُربكة ومُركبة، مختلفة ومُتباعدة..وارتفاع واعٍ إلى مستوى المتغيرات والإبدالات الطارئة على التجنيس المفرط، بدون وصاية وجمركة الحدود وتسييجها حيث مارست المحايثة (قيدت النص باسم النظام والتزامن دون الانفتاح على سياقه)[4] انغلاقا وعزلا للنص عن التفاعل في أفق إرساء المعنى الواحد والحقيقة الواحدة.. فسؤال “ما النقد؟” عنوانا فرعيا واسما لهذا المبحث، هو أحد الأسئلة أيضا المركزية التي يجيب عنها أبوالعلا في مشروعه البحثي الرحب، وذلك في ظل المتغيرات التي طالت داخل وخارج النصوص السردية والمسرحية المتخيلة، آخذا بالمرجعيات الغربية والعربية لهذا المتغير وبامتداداته، بالتطوير والمراجعة و”الافتحاص” كما هو “ميثاق القراءة” أو “التعاقد” الذي حدد به الأستاذ بدقة تموقع الإصدار في المقدمة[5] وفي قلب المشروع، كامتداد)، “لم نعد نتصور نقدا يتوخى الموضوعية يكتفي بمقاربة سردية أو دراماتورجية دون اكتراث بهجنة موضوعه، بل دون الأخذ بعين الاعتبار الخلفيات النظرية المؤطرة لشعريات الما بين، وإشكال الوسم الخارجي للأجناس الأدبية”[6]
__الأسلوب، المفاهيم والتصورات
يكتب الأستاذ أبو العلا بلغة راقية جدا، إنها روح السمو التي تطبع اللغة في أصلها وعراقتها وأناقتها ورقتها، ليجعل منها كما يقول-شاعر الشعر والجنون-هولدرلين، أسلوبا فريدا ومسكنا أثيرا له، من خلال ممارسته النقدية ذات الروح الدينيزوسية المتشربة من أنخاب مفارقات المسرح، حيث يخلق باللغة في علاقتها بالتصورات والمفاهيم الإحالية (اللغة ليست تمثيلا بسيطا ومباشرا للواقع، بل تحيل على ما هو ذهني، الأفكار والتصورات..) عالما كاملا من الدهشة، بما هي نفسها (اللغة) تُعد شكلا من أشكال البينية، تُناظر وتثري ببصمة نافذة كل ما يشيد موضوعها وكل ما تمثله. تصير الكتابة باعتبارها ممارسة جذرية للغة مدخولة بالإبداع لغة، تذهب حتى أقاصي حدودها وممكناتها، إنها (لغة الأستاذ/مع التخصيص لأنها لا تُشبه إلا إياه)، أي من تلك العينة التي تأسر، فتأخذ بالفتنةِ الألبابَ لكنها تدعم اليقظة بلا حدود حيث تقتضي من بين ما تقتضيه المشاركة الإيجابية في البحث عن المعنى وبنائه، لغة ليست جاهزة ولا سطحية ولا مغالية ولا متحذلقة، بل هي روح السمو والعنفوان الهادئ، بل النظام والفوضى الخلاقة معا، حيث يمارس الأستاذ بأسلوبه وعبرَه أرقى درجات الصداقات، بتحديد دولوز[7]،الصداقة مع المفاهيم (بما هي أفكار ارتقت-في ارتحالها-من سياق ذهني بسيط إلى المجرد)[8]، مبدعا في تناولاته/قراءاته/إبداعاته/ بفعالية عالية ويقظة تامة. حتى إن الإقامة في ظاهرها هادئة وفي العمق كما في التوسيم الأول للقراءة قلقة، ف”المابين” إذا ما كنّا على مقدرة على متابعة خيوط ضوء مصباحه المنير الضاربُ في حقول الهجانة، وفي حفره تحديدا وتنقيبا على المفاهيم وتشقيقاتها بحميمية وكفاءة عاليتين، نسترفد من الكتاب بعض أشكال التنافذ ودواعيه، “جماليات الما بين في النقدين الأدبي والثقافي”، “الما بين: المفهوم والانتساب” ثم (الما بين) في بعض معانيه ((الانتهاك والمُغايرة(د.محمد بوعزة)/التواصل والتفاعل(د.عز الدين المناصرة)/البداية الجديدة المختلفة(الأدبيات الإغريقية))[9].
إن لغة الأستاذ، بما هي شاعرية في أصلها ومفكرة بقوة الأصل، يرسي من خلالها، أو تُرسي من خلاله فعلا وقوة نفاذة للمواضيع ليس جماليا فقط، بل وثقافيا، مرسخا بذلك أثرا جميلا، ذلك الجميل الذي يمضي غريبا أو يسكن غضًّا خلف القاسي أو الطافي، أو يغيب على تعجُّلنا، أو ما ننكره باسم حداثتنا التي تلوي عنق المارق باسم الجور واستقامة السطر، إذا أردنا الاقتراب من تجربة الحدود عند فيليب سولرز، أو البقاء على قلق الإقامة خارج السطر.
__الإقامة القلقة في حيز “الما بين”
إنتاج معارف ومفاهيم جديدة مرهونة بالإقامة القلقة، والثقافة العربية هي الأحوج اليوم إلى القلق من أجل خلخلة اليقيني الكابح والثابت المُضلل للتأسيس والبناء، في عالم يتحول باستمرار ويتشكل من جديد، والأستاذ أبو العلا بقدر ما يفتح أمامنا بضربة إبداع ضالعة كنوز نصوص الأحياز والتخوم، بالقدر الذي مهد/يمهد لنا الطريق للعبور معه بسلاسة وبهدوء الربابنة الكبار اختراق الأجواء للنفاذ، مزلزلا يقينَنا بالسؤال الدائم، كما لو نصَب أمام مرآنا مسرحا بريختيا للمشاركة واللعب بلا حدود على الحواف، شبيها ببهلوانات بيكاسو فوق الحبال/حبال الوجود/الأجناس جميعا/ها.
في هذا السياق تحضر أشكال الإزاحة، والإزاحة ليس المقصود بها هنا ما بدأ منذ ما بعد الستينيات من ارتياد لآفاق التجريب، وتكسير كل ما هو مألوف ومستقر، بل المراد بهاما يشبه الإلغاء أو الإلغاء نفسه لفكرة النقاء باسم “الجوهرانية المطلقة”، سواء من المحافظين أو الحداثيين بتحديدات الناقد الدكتور خالد أمين،، المعتقدين بأن دفن الماضي والإبقاء على التراث في المتحف (الفلكرة) سيعطيهم فاعلية على ما في ذلك من سخافة. ويبدو وعي الباحث أبوالعلا جليا أيضا بهذه المآزق، بأن أفرد للمشروع الثري لصاحب “المساحات”، “البينية”، “الصمت”، والهويات غير الثابتة أو”الهاربة”، وهوامش “الفرجة”و”التناسج”، مساحة مهمة، موسومة ب”المابين؛ من ردم الصدوع إلى التناسج في المشروع النقدي لخالد أمين”، إلى جانب مشاريع نقدية مغربية وعربية رائدة ومؤسسة تتبع فيها الناقد أبو العلا هذه الشعريات جماليا وثقافيا، منها: مشاريع الناقد الدكتور رشيد بنحدو. والناقد د. أحمد فرشوخ. والناقد د. محمد الداهي. والناقد د. محمد بوعزة. والناقد د.عبد الله الغدامي.
وعلى ثراء وتنوع هذا المشاريع، التي تحرج القراءات الانتقائية، التفت الناقد أبوالعلا أيضا لتداول”المابين” في مدار تراثي قلما التُفِت إليه، وهو “المابين” في المحكي التراثي: “محكي النوادر بين الحجاج والتمسرح”. “الراوي والمروي له بين المحكي والفرجوي في مقامات الهمذاني”.
ويشكّل المبحث الأول في الكتاب المعنون ب “السرد والمسرح من التملحم إلى التهجين” أول طرق بالغ وبليغ في سياق تنظير ونقد ممعن ونافذ، عنيّ من خلالها الأستاذ بإنارة “الثقوب السوداء”، تخليصا للأجناس من سطوة تصنيف بائد أرسته النظرية الكلاسيكية، طرقٌ يتناسب والظرفية الحديثة الساخنة التي بات الحديث فيها عن – التمركز، التصنيف، الحدود في الآداب والفنون ـ حديثا غير ذي نفع، مرسخا بدل ذلك سؤالا آخر، هو الموجه لبوصلة التنقيب في ظلام “الثقوب السوداء” وجفاء الحدود، استنادا إلى الأصول الدرامية للسرد (لوكاتش-هيجل-باختين)، فما هو سردي ظل دائما ملازما للأدب الملحمي، حيث الرواية حفيدة الملحمة، والنص المسرحي الدرامي نفسه ولد من رحم الملاحم، ومنها ما دُمغ منذ نشأته في كنفها بسمة السردية، على هذا ووفقا للمتغيرات الطارئة وأشكال الأحداث الساخنة.. يُبرز الأستاذ بجلاء ودقة السؤال المطروح؛ التمرد على المتوارث من تجنيساتبالتهجين المتبادل: “ما حدود اشتغال السرديات والدراماتورجيا في ظل انتهاك موضوع اشتغالها للحدود؟”[10]
وفي موضع آخر، وضمن سياق حفر جين الوجي في المفاهيم وأنسابها وارتحالاتها، يتحدث الأستاذ عن أشكال التقارب والاختلاف: “وقد ساهم التقارب الحثيث بين المسرح والسرد المومأ إليه سابقا في ارتحال مفاهيم عديدة بينهما، محتفظة بمرجعها الأصلي الواسم لهويتها، ومؤشرة في المقابل في خطابها الحاضن، قبل أن تدخل على الخط مفاهيم أخرى متصلة بالخطابين الواصفين؛الدراماتورجي والسردي”[11]. أمام هذه الضرورات والإبدالات (جان ماري شيفر-برنار فاليت) أفرد الأستاذ فضاءً بحثيا رحبا، أبرز فيه ومن خلاله أشكال التنافذ ودواعيه، مع التصادي أو التموقع داخل مساحات التجاذب، متحفظا مع ذلك من أن لكل نظام نسقه الخاص وحدوده، وهو التحفظ الذي ندرجه كما هو في سياقين، أي بالاحتياط من تجاوز “نقطة اللاعودة، بالتهجين المفرط خوفا من أن يصير المسرح والرواية غير ذاتهما بالتفريط في الثوابت (جان بيار سارزاك) و(البلغاري ميكال كلووينسكي).”[12]
ومع أن القلق يشبه المشي باطمئنان رواقي بين البراكين، فإن الأستاذ إلى جانب التحفظ أعلاه يدعونا إلى الاحتراس النقدي كذلك:” ذلك أن حيازة آليات الاشتباك النقدي لن تكون كافية وفق هذا الإجراء، دون بحث مضاعف في تخوم خطابين مختلفين ومتنافذين في الوقت نفسه”[13]، وذلك بناءً على النماذج المتنوعة المنتخبة لتوضيح انعطافات التنافذ بين الخطابين، شطر الملحمة الرحم(الأصل البائد(ص28))، (فلدينغ-دوستويفسكي-تولستوي-جويس…) ونماذج أخرى عاصفة بالتقعيد الأرسطي، شأن(سرفنتس-رابلي…)، مع غنى النماذج المنتخبة في هذا الإطار المربك لمؤسسة النقد والمحرج لأدواته ونُظمه، انطلاقا مما رافق التدليل على جنس “المسراوية” من إشارة إلى نماذج روائية على الصعيد الغربي والعربي كذلك (لويس عوض-السيد حافظ-الميلودي شغموم-عبد الكريم جويطي-محمد أبو العلا…)
هكذا، إذا كانت أشكال الاستدعاءات فرضتها ضرورات، منها: “ملء البياض، استحضار الغائب، أو الوصل بين فصل وآخر..”[14] أو لإغناء الحبكة على اعتبار أنها (الحبكة) أول الجماليات التي استعارها السرد من الدراما، وبما هي روح الدراما كما يحددها أرسطو، ومع تحديد أشكال الانعطاف المضاد، من المسرح إلى السرد(شكسبير ومعاصروه) بتوظيف المونولوج والمناجاة لسبر أغوار الذات بالسرد في سياق التحول(موسيه-هيجو..) مرورا ببريخت[15] هذا الذي ابتدع جمالية خاصة في نظريته الملحمية، استفاد أيضا من السرد في تقديم أفعال المسرحيات، خالقا نوعا من الانسجام والمواءمة بين السرد والدراما، حيث أمست البنية الدرامية تعتمد على السرد ليس لسد الفراغ ولحم الانتقالات، ولكن كرهان جمالي استراتيجي لإحداث تأثيرات مضاعفة، والمشاركة الإيجابية من خلال التغريب (نزع الألفة)(ص36)، وصولا طبعا إلى مسرح ما بعد الدراما “سنجد أن السرد أمسى يحتل مساحة شاسعة لم يحتلها من قبل..”[16]
لهذا الغرض أورد الباحث -تجارب مغربية رائدة ممثلة لهذا الأفق الما بعدي، (تجربة إبراهيم الهنائي، “مونودراما حين يتجشأ البحر الأحذية” -تجربة أسماء هوري، “دموع بالكحول” -تجربة عبد المجيد الهواس، “شجر مر”) ولأن التفصيل عبر الرؤية الشمولية يقتضي النوسان داخل مساحات ممتدة، كذلك، كان نوسان الأستاذ وإبحاره عميقا، لكن دون أن يُفلِت خطوط التمايز من/عن مرمى نظره، وهي إشارة، أتت بعد استيفاء الحديث عن خصوصيات التجارب المغربية التي حققت بكفاءة شروط “المابعد” كما نظر لها هانس ليمان، يقول الأستاذ: “إلا أنه سرد استدعته (في التجارب المغربية المذكورة آنفا) العزلة وفداحة غياب الآخر، وليس لرغبة في نفيه من حساب الذات، كما هو حال العزلة في مسرح ما بعد الدراما في الغرب، سواء عند بكيت أو كولتيس…”[17].
نشير إلى ما ألمع إليه الدكتور محمد بوعزة في مقدمته، من خصوصيات الجانب النظري في العمل والذي لم يكن فيه الناقد أبو العلا على الشاكلة التي تفهم النظري في أفق التجريد، أي في أفق مثالية المفهوم وتعاليه، بل إن فرادة اشتغاله، تأتت كما أشار إلى ذلك صاحب “النسق والكاوس” من المراوحة، شأن مراوحة ما بعد البنيويين من جوليا كريستيفا، تزفتان تودوروف، وجاك دريدا، ورلان بارث… جيئة وذهاب، بلياقة معرفية عالية وكفاءة صداقة حميمة ظل الباحث د. أبو العلا يذرع أيضا المسافات ويرسي مع كل خطوة صرح نقد ديناميكي بالمعنى الذي يجمله مصطلح “التناص” الذي بصمت جوليا على وفائها في صكِّه لميخائيل باختين.
من قبيل الكلمة التي ليست نقطة
ومع أننا نفتح المدار لا المظلة للقفز خارجا، ذلك أن العدة النظرية التي آلفت ببراعة وحنكة عالية بين التصور والمفهوم بأسلوب راقٍ ومدهش، وأخذا بالمرجع النظري وطريقة انبنائه، كل هذا جعل من الشق الثاني/التطبيقي من الكتاب، ضربا من ضروب اللذة الدينوزيسية، حيث تنوع النماذج الإبداعية التي انتُخبت موضوعا لمقاربة وازنة ومرنة، زاوجت بين التحليلين السردي والدراماتورجي، مما شكل أساسا ومنطلقا صلبا من أجل تأويل ناهض من معطيات التحليل ونتائجه، وليس مُسقطا من الخارج كما ألمع إلى ذلك الدكتور محمد بوعزة.في الأخير ولإثارة فضول القارئ نذكره بمواد الفصل التطبيقي، التي جاءت كالآتي:
“جمالية المابين في الرواية والقصة”: رواية “في انتظار مارلين مونرو” لمحمد أمنصور بين هجنة النص وتهجين النقد.” احتمال ممكن جدا لحسام الدين نوالي، بين التكثيف السردي والتشخيص المسرحي””جمالية المابين، مونودراما “حين يتجشأ البحر الأحذية” لإبراهيم الهنائي، بين سرد أحذية وتمثيل جريمة بحر”.-احتفال “على باب الوزير” لعبد الكريم برشيد، بين الحوار الدرامي وسرد ما بعد الدراما في عرض “شابكة”.-مسرحية “زنوبيا في موكب الفينيق” لعبد الرحمان بن زيدان، بين المرجعي والطليعي.
الإحــالات:
[1] – باحث بسلك الدكتوراه، مختبر المسرح وفنون العرض، جامعة ابن طفيل-القنيطرة-المملكة المغربية، إشراف، د. هشام بن الهاشمي.
[2]– “ليس النحت مقصورا على النحات” هذا الإهداء الذي وقع به بلزاك مسودة روايته المهداة لصديقه النحات، في إشارة إلى المشقة التي يعانيها الفنان/الأديب في سبيل توقيعما يليق.
[3]– د. محمد أبو العلا: هجنة المتخيل السردي والمسرحي، من النقد المحايث إلى تهجين النقد، مؤسسة الموجة الثقافية، الطبعة الأولى-2024″ ص5
[4]– د. محمد أبو العلا: هجنة المتخيل، ص32
[5]– نفسه، ص11
[6]– نفسه، صص 11-30
[7]–جيل دلوز، فيلكسغتّاري: ما هي الفلسفة، ترجمة ومراجعة وتقديم مطاع صفدي، مركز الإنماء القومي، المركز الثقافي العربي، الطبعة الأولى-1997. بدءا من ص28
[8]– انظر: د. محمد أبو العلا: هجنة المتخيل.. ص35
[9]– د. ممد أبو العلا: المرجع نفسه، بدءً من ص45
[10]– د. محمد أبو العلا: هجنة المتخيل، ص17
[11]– د. محمد أبو العلا: هجنة المتخيل، ص35
[12]– نفسه، صص12-25
[13]– نفسه، ص45
[14]–نفسه، ص24
[15]– انظر، نفسه، ص23
[16]– نفسه، ص24
[17]– نفسه، ص27
الحسين الرحاوي