الذاكرة التاريخية والبنية المعلوماتية للمسرح في دول مجلس التعاون/ د. محمد حميد السلمان

تتناول الدراسة:

1/ الأدبيات الموثقة لتاريخ الحركة المسرحية في دول المجلس من حيث وعيها وحجمها ومنهجها وفاعليتها الفكرية.

2/ الحركة النقدية المسرحية في دول مجلس التعاون.

3/ مراكز التوثيق ومراكز المعلومات: دورها التوثيقي، أرشيفها السمعي والبصري، دور التلفزيون والإذاعة، وتقنيات الصورة، المواقع الإلكترونية وغير ذلك.

 

مقدمـــة:

فعلا نحن في حاجة لتوثيق الحركة المسرحية في عموم دول مجلس التعاون الخليجي، بعد أكثر من مئة عام على بدء أولى بوادر العمل المسرحي سواء بتأليف النصوص، أو ظهور العمل على الخشبات المدرسية والأندية الوطنية هنا وهناك. وكما يذكر الناقد والباحث د.حسن رشيد:” فبعدم وجود التدوين لا يُمكننا أن نعتمد على الذاكرة.. خاصة وأن الذاكرة تخلق لدى الباحث الموضوعي مجالا للريبة أكثر من اكتشاف بعض الحقائق التاريخية”(1).

كما أن كل ما يخص الحراك المسرحي عندنا يُمكن أن نضمه لحركة التوثيق المنشودة. ونعني بذلك، أي دليل توثيقي عام، أو من أدلة وكُتيبات المهرجانات المحلية أو الخليجية، أو كُتيبات المسرحيات التي يتم عرضها، سواء أكانت مدرسية أم لفرق مسرحية أهلية، أم لشركات فنية وفرق مسرحية خاصة. أو مهرجانات الهيئة العربية للمسرح في عموم الوطن العربي ومشاركة الدول الخليجية بها، أو أي نص مسرحي مطبوع من جهة موثوقة في مجال المسرح، أو نشرات المهرجانات المحلية كأيام الشارقة المسرحية، أو الخليجية، أو مهرجانات الهيئة العربية للمسرح، وكتيبات جوائز تكريم الشخصيات المسرحية الخليجية، مثل جائزة الإبداع المسرحي العربي التي أطلقتها دائرة الثقافة بالشارقة منذ عام 2007م، ضمن أيام الشارقة المسرحية، إذ حفل سجلها بالعديد من الأسماء المسرحية المرموقة من مشرق الوطن العربي ومغربه، ولا سيما في المجال الخليجي. وقد ضمت تلك الجائزة قراءات وشهادات توثيقية ونقدية، متنوعة حول التجارب المُهمة للمُكرمين، في كُتيبات تُعد اليوم مكتبة لا غنى عنها للباحثين وأصحاب الدراسات في هذا المجال (2). أو البرامج الإذاعية والتلفزيونية، والورش والمعاهد المسرحية.

أضف إلى ذلك، المجلات الفصلية والشهرية، مثل “كواليس” الفصلية، التي تصدر عن جمعية المسرحيين بدولة الإمارات العربية المتحدة في الشارقة منذ عام 1999م. أو مجلة “المسرح” الشهرية الصادرة عن دائرة الثقافة بالشارقة، أو كُتب السير الذاتية للفنانين، سواء ممن رحلوا، أو سلسلة الكتب الشهرية مثل “عالم المعرفة” الكويتية. أو جوائز التأليف المسرحي الخليجية، مثل جائزة الشارقة في التأليف المسرحي في جيمع دوراتها. أو نصوص المسرحيات المطبوعة خليجيا بما تحمله من مُقدمات مسرحية مُهمة جدا في التوثيق. وغيرها من المجالات المسرحية التي يُمكن عدها ضمن الأدبيات الموثقة للحركة المسرحية في دول مجلس التعاون.

وعند الحديث عن هذا المحور أو تناوله بشكل مباشر، ملاحظات عديدة، يُمكن تقسيمها إلى عدة أقسام، أولها: أننا في عموم دول مجلس التعاون الخليجي تعلمنا فن المسرح على أيدي وعن طريق أعمال من سبقونا في هذا المجال من أساتذة المدارس من بلاد الشام ومصر تحديدا، وهم بدورهم تعلموه أو اقتبسوه من المشاهدات أو الترجمات الأوروبية لهذا الفن منذ أيام الإغريق والرومان وغيرهم، ثم نقلوه لنا ممثلا في العروض المدرسية أو في الأندية الوطنية التي استعانت بهم لأجل ذلك. اي أن مسرحنا في أساسه هو صورة من المسرح الأوروبي وليس غيره، مع تعريب ونقل أو تحويل أحيانا لبعض الأعمال الأوروبية إلى العامية هنا وهناك، ثم جاءت بعد ذلك محاولات كتابة النص المحلي إن جاز التعبير.

وثانيها: سنجد بأن المسرح المدرسي في عموم دول مجلس التعاون، هو الذي زرع بذور المسرح في البيئة الخليجية عموما منذ بدايات القرن العشرين. حتى أن الكاتب صالح غريب، يقول في مقدمة كتاب فرقة المسرح القطري:” كنا لا نُقدم العمل المسرحي بالشكل المتعارف عليه، بل كنا نُقدم أعمالا مرتجلة و(اسكتشات) صغيرة. والحقيقة أن الذي لقيناه من الأساتذة كان الدافع لدخول هذا المجال” (3).

ثالثا: هذه الإشكالات والمحاذير أن المسرح كفن تثويري ويهدف للتغيير الكبير في المجتمع بالإضافة لتوجه المتعة أيضا في هذا الفن، فهو أمر ليس مرغوبا به كثيرا، لذلك نجد أن هناك كثير من المدح الإيجابي على ألسنة المسرحيين من كتاب ومُعدين وموثقين للحراك المسرحي هنا وهناك، ولأية جهة رسمية تقوم بتوفير الحد الأدنى أو الأعلى من إمكانيات دعم هذا الفن، سواء في سنوات معينة أو مناسبات محددة، وهذا يكفي.

رابعـا: صدرت كُتب ودراسات تُقسم نواحي المسرح الخليجي لعدة أجزاء. مثل مناقشة وضع الطفل في المسرح، أو المرأة فيه، أو بعض عناصر المجتمع وتاريخ الرقيق، وغيرها من المواضيع.

وتحت عنوان، الذاكـرة التاريخيـة والبنيـة المعلوماتية للمسرح في دول مجلس التعاون، 

يُمكننا القول: نعم بعد سنوات طوال مما أسلفنا به، بدأت تتشكل لدينا في الخليج حركة مسرحية، ونقولها بالفم المليان، هي اليوم نشطة أكثر من غيرها، بل ومُشاركة في كل الفعاليات الخليجية والعربية، بل وبعض العالمية، إن صح التعبير. وقد تطورت هذه الحركة كثيرا عن البدايات الأولى. صحيح أنها ليست بذات الوتيرة أو القفزات أو الطموح عند غيرها، ولكن هي محاولات على الطريق الفني شبه الصحيح.

وبناء عليه فقد صدرت العديد من الأدبيات الموثقة لتاريخ الحركة المسرحية في دول المجلس من حيث وعيها وحجمها ومنهجها وفاعليتها الفكرية، بما تحويه من عروض المهرجانات المسرحية السنوية، والنشرات اليومية أو الأسبوعية أو الشهرية أو الدورية التي تُصاحب تلك المهرجانات المسرحية المحلية أو الخليجية أو العربية، والصادرة عنها أو بشكل مواز لها. ونظرا لمحدودية الكلمات المسموح بها أمام هذا العنوان، فلن أتمكن إلا من ذكر بعض تلك الأدبيات الموثقة للمسرح بشكل سريع في دول مجلس التعاون.

1/ توثيــق الحـراك المسرحـي في البحريــن:

اسمحوا لي بأن أبدأ، على خلاف العادة في أبجدية دول مجلس التعاون الخليجي، بالبحرين، وليس بحسب الحروف الأبجدية كما تعودنا. ولم يكن ذلك لأنني مواطن منها، بل فقط لتاريخية الحركة المسرحية بها. والعنوان البارز لدينا بالنسبة للأدبيات الموثقة لتاريخ الحركة المسرحية فيها، هو المسرح المدرسي. إذ يُمكن تسجيل بداية ذاك الحراك في عام 1925م، وأن كان على خشبات المدارس. ويُمكن أن نضيف إلى هذا، حديث آخر يقول بأن الحركة المسرحية في الكويت بدأت قبلها بعام، أي في 1924م ، بنصوص تربوية للكاتب المؤرخ عبد العزيز الرشيد. وهذا اعتمادا فقط على ما كتبه د. سليمان الشطي في إصداره الأخير الموسوم ب ” المسرح في الكويت 1924 ـ 2000″، الصادر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب عام 2022م. بينما يذكر د. علي الراعي في كتابه ” المسرح في الوطن العربي”،

 

الإحــــالات:

1/ رشيد، حسن، المرأة في المسرح الخليجي (الدوحة، 2005)، ص 11.

2/ الأنصاري، عامر، جائزة الشارقة للإبداع المسرحي العربي، دائرة الثقافة بحكومة الشارقة (الشارقة، 2020)، ص 11.

3/غريب، صالح، (إعداد)، فرقة المسرح القطري 1972 ـ 1990، (الدوحة، 1990)، ص 7

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت