الذاكرة التاريخية والبنية المعلوماتية للمسرح في دول مجلس التعاون/ د. محمد حميد السلمان

تتناول الدراسة:

1/ الأدبيات الموثقة لتاريخ الحركة المسرحية في دول المجلس من حيث وعيها وحجمها ومنهجها وفاعليتها الفكرية.

2/ الحركة النقدية المسرحية في دول مجلس التعاون.

3/ مراكز التوثيق ومراكز المعلومات: دورها التوثيقي، أرشيفها السمعي والبصري، دور التلفزيون والإذاعة، وتقنيات الصورة، المواقع الإلكترونية وغير ذلك.

 

مقدمـــة:

فعلا نحن في حاجة لتوثيق الحركة المسرحية في عموم دول مجلس التعاون الخليجي، بعد أكثر من مئة عام على بدء أولى بوادر العمل المسرحي سواء بتأليف النصوص، أو ظهور العمل على الخشبات المدرسية والأندية الوطنية هنا وهناك. وكما يذكر الناقد والباحث د.حسن رشيد:” فبعدم وجود التدوين لا يُمكننا أن نعتمد على الذاكرة.. خاصة وأن الذاكرة تخلق لدى الباحث الموضوعي مجالا للريبة أكثر من اكتشاف بعض الحقائق التاريخية”(1).

كما أن كل ما يخص الحراك المسرحي عندنا يُمكن أن نضمه لحركة التوثيق المنشودة. ونعني بذلك، أي دليل توثيقي عام، أو من أدلة وكُتيبات المهرجانات المحلية أو الخليجية، أو كُتيبات المسرحيات التي يتم عرضها، سواء أكانت مدرسية أم لفرق مسرحية أهلية، أم لشركات فنية وفرق مسرحية خاصة. أو مهرجانات الهيئة العربية للمسرح في عموم الوطن العربي ومشاركة الدول الخليجية بها، أو أي نص مسرحي مطبوع من جهة موثوقة في مجال المسرح، أو نشرات المهرجانات المحلية كأيام الشارقة المسرحية، أو الخليجية، أو مهرجانات الهيئة العربية للمسرح، وكتيبات جوائز تكريم الشخصيات المسرحية الخليجية، مثل جائزة الإبداع المسرحي العربي التي أطلقتها دائرة الثقافة بالشارقة منذ عام 2007م، ضمن أيام الشارقة المسرحية، إذ حفل سجلها بالعديد من الأسماء المسرحية المرموقة من مشرق الوطن العربي ومغربه، ولا سيما في المجال الخليجي. وقد ضمت تلك الجائزة قراءات وشهادات توثيقية ونقدية، متنوعة حول التجارب المُهمة للمُكرمين، في كُتيبات تُعد اليوم مكتبة لا غنى عنها للباحثين وأصحاب الدراسات في هذا المجال (2). أو البرامج الإذاعية والتلفزيونية، والورش والمعاهد المسرحية.

أضف إلى ذلك، المجلات الفصلية والشهرية، مثل “كواليس” الفصلية، التي تصدر عن جمعية المسرحيين بدولة الإمارات العربية المتحدة في الشارقة منذ عام 1999م. أو مجلة “المسرح” الشهرية الصادرة عن دائرة الثقافة بالشارقة، أو كُتب السير الذاتية للفنانين، سواء ممن رحلوا، أو سلسلة الكتب الشهرية مثل “عالم المعرفة” الكويتية. أو جوائز التأليف المسرحي الخليجية، مثل جائزة الشارقة في التأليف المسرحي في جيمع دوراتها. أو نصوص المسرحيات المطبوعة خليجيا بما تحمله من مُقدمات مسرحية مُهمة جدا في التوثيق. وغيرها من المجالات المسرحية التي يُمكن عدها ضمن الأدبيات الموثقة للحركة المسرحية في دول مجلس التعاون.

وعند الحديث عن هذا المحور أو تناوله بشكل مباشر، ملاحظات عديدة، يُمكن تقسيمها إلى عدة أقسام، أولها: أننا في عموم دول مجلس التعاون الخليجي تعلمنا فن المسرح على أيدي وعن طريق أعمال من سبقونا في هذا المجال من أساتذة المدارس من بلاد الشام ومصر تحديدا، وهم بدورهم تعلموه أو اقتبسوه من المشاهدات أو الترجمات الأوروبية لهذا الفن منذ أيام الإغريق والرومان وغيرهم، ثم نقلوه لنا ممثلا في العروض المدرسية أو في الأندية الوطنية التي استعانت بهم لأجل ذلك. اي أن مسرحنا في أساسه هو صورة من المسرح الأوروبي وليس غيره، مع تعريب ونقل أو تحويل أحيانا لبعض الأعمال الأوروبية إلى العامية هنا وهناك، ثم جاءت بعد ذلك محاولات كتابة النص المحلي إن جاز التعبير.

وثانيها: سنجد بأن المسرح المدرسي في عموم دول مجلس التعاون، هو الذي زرع بذور المسرح في البيئة الخليجية عموما منذ بدايات القرن العشرين. حتى أن الكاتب صالح غريب، يقول في مقدمة كتاب فرقة المسرح القطري:” كنا لا نُقدم العمل المسرحي بالشكل المتعارف عليه، بل كنا نُقدم أعمالا مرتجلة و(اسكتشات) صغيرة. والحقيقة أن الذي لقيناه من الأساتذة كان الدافع لدخول هذا المجال” (3).

ثالثا: هذه الإشكالات والمحاذير أن المسرح كفن تثويري ويهدف للتغيير الكبير في المجتمع بالإضافة لتوجه المتعة أيضا في هذا الفن، فهو أمر ليس مرغوبا به كثيرا، لذلك نجد أن هناك كثير من المدح الإيجابي على ألسنة المسرحيين من كتاب ومُعدين وموثقين للحراك المسرحي هنا وهناك، ولأية جهة رسمية تقوم بتوفير الحد الأدنى أو الأعلى من إمكانيات دعم هذا الفن، سواء في سنوات معينة أو مناسبات محددة، وهذا يكفي.

رابعـا: صدرت كُتب ودراسات تُقسم نواحي المسرح الخليجي لعدة أجزاء. مثل مناقشة وضع الطفل في المسرح، أو المرأة فيه، أو بعض عناصر المجتمع وتاريخ الرقيق، وغيرها من المواضيع.

 

وتحت عنوان، الذاكـرة التاريخيـة والبنيـة المعلوماتية للمسرح في دول مجلس التعاون، 

يُمكننا القول: نعم بعد سنوات طوال مما أسلفنا به، بدأت تتشكل لدينا في الخليج حركة مسرحية، ونقولها بالفم المليان، هي اليوم نشطة أكثر من غيرها، بل ومُشاركة في كل الفعاليات الخليجية والعربية، بل وبعض العالمية، إن صح التعبير. وقد تطورت هذه الحركة كثيرا عن البدايات الأولى. صحيح أنها ليست بذات الوتيرة أو القفزات أو الطموح عند غيرها، ولكن هي محاولات على الطريق الفني شبه الصحيح.

وبناء عليه فقد صدرت العديد من الأدبيات الموثقة لتاريخ الحركة المسرحية في دول المجلس من حيث وعيها وحجمها ومنهجها وفاعليتها الفكرية، بما تحويه من عروض المهرجانات المسرحية السنوية، والنشرات اليومية أو الأسبوعية أو الشهرية أو الدورية التي تُصاحب تلك المهرجانات المسرحية المحلية أو الخليجية أو العربية، والصادرة عنها أو بشكل مواز لها. ونظرا لمحدودية الكلمات المسموح بها أمام هذا العنوان، فلن أتمكن إلا من ذكر بعض تلك الأدبيات الموثقة للمسرح بشكل سريع في دول مجلس التعاون.

1/ توثيــق الحـراك المسرحـي في البحريــن:

اسمحوا لي بأن أبدأ، على خلاف العادة في أبجدية دول مجلس التعاون الخليجي، بالبحرين، وليس بحسب الحروف الأبجدية كما تعودنا. ولم يكن ذلك لأنني مواطن منها، بل فقط لتاريخية الحركة المسرحية بها. والعنوان البارز لدينا بالنسبة للأدبيات الموثقة لتاريخ الحركة المسرحية فيها، هو المسرح المدرسي. إذ يُمكن تسجيل بداية ذاك الحراك في عام 1925م، وأن كان على خشبات المدارس. ويُمكن أن نضيف إلى هذا، حديث آخر يقول بأن الحركة المسرحية في الكويت بدأت قبلها بعام، أي في 1924م ، بنصوص تربوية للكاتب المؤرخ عبد العزيز الرشيد. وهذا اعتمادا فقط على ما كتبه د. سليمان الشطي في إصداره الأخير الموسوم ب ” المسرح في الكويت 1924 ـ 2000″، الصادر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب عام 2022م. بينما يذكر د. علي الراعي في كتابه ” المسرح في الوطن العربي”،الصادر عن المجلس ذاته، ضمن سلسلة عالم المعرفة لعام 1980م:” أن الكويت عرفت المسرح كنشاط تعليمي وتثقيفي عن طريق فرق المدارس وبجهود فنان نذر نفسه منذ البداية لاستنبات المسرح في تربة الكويت، وهو حمد الرجيب، وكان كذلك في عام 1940م”. كما يذكر، الباحث ذاته،بأن اابحرين عرفت المسرح حينما أنشئت فيها أول مدرسة نظامية عام 1919م، وهي مدرسة الهداية الخليفية في مدينة المحرق” (4).

عموما سواء هذا أم ذاك، ففي البحرين لم تبدأ الحركة التوثيقية مع البدايات المسرحية المدرسية، وهي بذلك تتماشى مع بواكير الحركة المسرحية الأهلية بشكل عام في دول مجلس التعاون، من حيث العفوية والبساطة في البدء، أي أننا نُطلق عليها اليوم أنها (كلاسيكية) أو قديمة. إذ بدأت الأدبيات الموثقة لتاريخ الحركة المسرحية في البحرين في أكتوبر من عام 1972م، بدراسة فنية سردية قامت بها الكاتبة طفلة الخليفة بعنوان “تجاربنا المسرحية بين الماضي والحاضر”، ونُشرت في مجلة هنا البحرين الأسبوعية. ثم جاء تقرير قسم المسرح والفنون بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية حينها، برئاسة د. محمد الخزاعي، عام 1973، عن “المسرح في البحرين”، ومن ضمنها كانت مساحة لافتة للنظر، عن المسرح المدرسي. ثم تلاه عام 1974، محاولة الفنان المسرجي سالم سلطان في رصد بعض عناوين بدايات المسرح المدرسي ومسرح الأندية الثقافية والرياضية، ضمن مُقدمة نص مسرحية “نادي المتفرجين”.

كما يندرج ضمن التوثيق العام، كتاب “المسرح التاريخي في البحرين” لمبارك الخاطر، الذي وضعه عام 1985م. وقد تفرد فيه الكاتب، بالتخصص في رصد الحراك المسرحي المدرسي التاريخي مع البدايات الأولى لظهور هذا الفن في الحرين. ثم جاءت محاولة الفنان خليفة العريفي في رصد بدايات المسرح وتطوره، عبر محاولتين هما (المسرح)، ضمن كتاب أشرف على تحريره د. محمد يوسف نجم، بعنوان:” الثقافة في البحرين في ثلاثة عقود: مسح ثقافي شامل لدولة البحرين 1961 ـ 1991″، وصدر عام 1993. وكتاب “المختصر المفيد في المسرح العربي الجديد: المسرح في البحرين” وصدر عام 2009، عن الهيئة العربية للمسرح في الشارقة، بدولة الإمارات العربية المتحدة.

أضف إلى ذلك، ما تضمنته كُتب: ” محمد عواد.. فنان لكل العصور” الصادر عام 2015، من محاولة تسجيل بدايات المسرح المدرسي والمسرح الأهلي، ضمن السيرة الشخصية لفنان مخضرم. وكتاب ملامح تاريخية من المسرح البحريني: المسرح التربوي، الصادر عن الهيئة العربية للمسرح في الشارقة عام 2019م. ومسرح أول: خمسة عقود من اللؤلؤ، الجزء الأول 1970 ـ 2020، الصادر عن وزارة شؤون الإعلام بمملكة البحرين عام 2019م، وكتاب الفنان عبد الله السعداوي، المسرح قلب الإنسانية المشترك، من إصدارات الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بالدمام، عام 2016م، بمناسبة إقامة مهرجان مسرح الدمام ـ الدورة الحادية عشرة، وإن كان لا يتناول التوثيق التاريخي للحراك المسرحي، كما نفهمه، في دول مجلس التعاون الخليجي أو البحرين تحديدا، من حيث وعيه وحجمه ومنهجه وفاعليته الفكرية، إلا أن حديث السعداوي عن تجاربه الشخصية في هذا الإصدار، بالإضافة إلى صور من أهم أعماله المسرحية مُخرجا وممثلا، يُمكن استخلاص شيء منها ضمن هذا السياق. إذ يقول السعداوي في مقدمة صفحات كتابه: “يوم 1 ـ 12 ـ 1984م، كانت عودتي النهائية إلى الوطن، وأنا أُجرجر أذيال الحزن، بغرغرة الحنجرة، على أصوات تذهب في سباتها وفي الأعماق” (5). أضف إلى ذلك إصدار مسرح الصواري الموسوم ب ” قراءة في تجربة عبد الله السعداوي، السرد، النحت، الزمن”، من إعداد حسام توفيق أبو إصبع (6)، الذي قال المُعد عنه في المُقدمة: ” للفنان المسرحي عبد الله السعداوي تجربة خاصة في التعامل مع المسرح، ليس بوصفه مادة فنية، أو إبداعية فحسب، ولكن المسرح بوصفه حياة، وطريقة عيش، ومنهج تفكير” (7). وكذلك كتاب: “إبراهيم خلفان البحث عن الممثل المشاكس”، وهو أيضا من إعداد: حُسام أبو إصبع. وهو كتاب احتفائي، يؤرخ في صيغة حوار مطول، السيرة الفنية وتجربة الفنان إبراهيم خلفان مع المسرح على مدى أكثر من 40 عاما. لأنه ممن أسسوا مسرح الصواري بهويته المتفردة في سنوات عمره (8).

أما دراسة صالح إبراهيم عباس، التي بعنوان:” تقنيات كتابة النص في المسرح البحريني”، الصادر عام 2023 من القاهرة، فهي تأتي في سياق مناقشة المنهج الفكري لبعض النصوص البحرينية وفاعليتها في الساحة الفنية. بجانب كتاب “رحلة فن..وألم”، من إصدارات مسرح أوال لعام 2013م. وهو تتبع لسيرة الفنان محمد البهدهي طوال حياته. كما أن هناك كتاب توثيقي آخر صدر عام 2017م عن وزارة شؤون الإعلام، لإبراهيم راشد الدوسري، بعنوان “الفنان المسرحي سعد الجزاف خمسون عاما من العطاء”، يُضاف لهذا السياق. لكن بجانب كل هذا، يُمكن إضافة ما كُتب خارج البحرين على أيدي مؤلفين عرب من الخليج والوطن العربي عن المسرح البحريني. مثل ما تم جمعه وتدوينه ضمن فصول ” المسرح في الوطن العربي” للدكتور علي الراعي. وكتاب صالح الغريب من دولة الكويت، “الحركة المسرحية في دول مجلس التعاون الخليجي” الصادر عام 1989م. أو ما سجله د. محمد مبارك الصوري من الكويت، في كتابه “مسرج الجزيرة والواقع الحي في مسيرة الحركة المسرحية البحرينية”عام 2001م. وغيرها من كُتيبات وتقارير صحفية عن بعض النشاط المسرحي في البحرين في مواقع وسنوات متفرقة. كل تلك الأعمال، كانت لبنات مهمة في طريق التوثيق للحراك المسرحي البحريني، وإن كان كل فرد قد كتب ووثق في حدود زمانه، ومكانه، ومعرفته، ورؤيته التي وصل إليها واقتنع بها. مع أن بعض الدراسات السابقة، وبسبب ضعف المعلومة المسرحية للأسف عن بدايات المسرح وبالذات التربوي في البحرين، نجدها ركنت لطريقة دمج الدراسة بين المسرح المدرسي في بعض دول الخليج ومثيله في البحرين (9).

 

2/ توثيــق الحـراك المسرحـي في دولــة الكويـــت:

برزت الحركة المسرحية بها في حدود عام 1938م في المدرسة المباركية، بمسرحيتي ” اسلام عمر” أو ” عمر بن الخطاب بين الجاهلية والإسلام”، و” فتح مصر”، لكنها أيضا كانت ضمن عروض المسرح المدرسي فقط. ومن هنا قامت مدرسة الأحمدية، بفضل جهود حمد الرجيب، بتشكيل فرقة مسرحية بين عامي 1939 ـ 1940، واعقبتها فرقتا المدرسة الشرقية، والمدرسة القبلية بعد عام واحد. إلا أن صالح الغريب، يقول: “تُعتبر فترة الأربعينيات هي بداية الحركة المسرحية في الكويت، ومن الصعب وضع تاريخ مُعين ومُحدد يُمكن اعتباره بداية لحركة المسرح في الكويت” (10). ودخلت الحركة المسرحية الكويتية الإطار الرسمي بعدما استدعت دائرة الشؤون الاجتماعية والعمل، أواخر خمسينيات القرن الماضي، عملاق المسرح المصري زكي طليمات، وطلبت منه تطوير المسرح المحلي، وقد قدم طليمات تقريرا مفصلا حاول من خلاله ترسيخ المفاهيم الجديدة في البيئة الكويتية لتقبل الفن المسرحي. وقد قام طليمات في عام 1961، بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بتكوين فرقة المسرح العربي، وهي تُعد نواة المسرح الكويتي الحديث.

ومن الأدبيات الموثقة لتاريخ الحركة المسرحية في الكويت، كتب د. محمد حسن عبد الله، صقر الرشود، مبدع الرؤية الثانية، (الكويت، 1980)، و”الحركة المسرحية في الكويت”، من إصدارات مسرح الخليج العربي عام 1986. ويدور موضوع الكتاب حول تاريخ المسرح الكويتي، وبعض رواده مثل صقر الرشود ومحمد النشمي، وبداية نشأة المسرح الكويتي وإنشاء الفرق المسرحية الأربع المعروفة. يقول المؤلف في مقدمته:” يعتبر كتاب الحركة المسرحية في الكويت أول كتاب منهجي شامل يدرس الحركة المسرحية العربية في الكويت، وبهذا السبق والريادة يكتسب أهميته، إذ لا يمكن لباحث جاد أن يتناول جانبا من هذه الحركة دون الرجوع إليه” (11). بهدف الاستفادة من جهود مؤلفه، الذي أعطى الحركة الثقافية في الكويت عصارة جهده وجل اهتمامه. وكتاب د. علي الراعي، “المسرح في الوطن العربي”، سلسلة عالم المعرفة الكويتية، عام 1980، وإن كان فقط قد ركز على الكويت والبحرين من دول مجلس التعاون (12).  وكتاب مهم جدا لخالد سعود الزيد، بعنوان:” المسرح في الكويت: مقالات ووثائق”، صادر عام 1983م. وكتابي أ.د سيد علي إسماعيل، “قراءة في تاريخ المسرح الكويتي من خلال وثائق غير منشورة 1961 ـ 1971” (الكويت، 2015)، ووثائق مركز الدراسات المسرحية في الكويت، عام 2018. طالب محمود الرفاعي، المسرح في الكويت ـ رؤية تاريخية (الكويت، 2021). ولا ننسى كتاب د. سليمان الشطي، “المسرح في الكويت 1924 ـ 2000” كما أشرنا إليه.

وهنا يمكن إضافة إصدارات صالح الغريب، ضمن هذا المجال التوثيقي، مثل: “فرقة المسرح الكويتي: أربعون عاما من العطاء المسرحي”، ط2، الصادر عام 2005م، وتضمن شيء عن الحركة المسرحية في دولة الكويت وأهم إنجازاتها، ثم تأريخ لمسيرة فرقة المسرح الكويتي. يقول الغريب في أهم محطات هذا الإصدار” وقد تم إنشاء الفرق المسرحية الأهلية، وهي فرق شبه رسمية تضم مجموعة من المسرحيين يتولون إدارتها بمعرفتهم ولكن بدعم من وزارة الشؤوا الاجتماعية والعمل، تحت قانون جمعيات النفع العام وهي: المسرح الشعبي في 10 ـ 5 ـ 1957، المسرح العربي في 10 ـ 10 ـ 1961، مسرح الخليج العربي في 13 ـ 5 ـ 1963، المسرح الكويتي في 1 ـ 6 ـ 1964. ثم جاء المسرح الجامعي في 25 ـ 12 ـ 1977م، مسرح الشباب في 25 ـ 8 ـ 1982م، فرقة المسرح القومي في 3 ـ 10 ـ 1992م, وهناك عدد لا بأس به من الفرق المسرحية أو الشركات الفنية الخاصة” (13). وكتاب “صفحات توثيقية من الحركة المسرحية في الكويت” لعام 1988م. ولك جميع كتب صالح الغريب عن الفنانين الراحلين أمثال: عائشة إبراهيم عام 1992م.  عبد الرحمن الضويحي عام 1996م، وعبد الله خريبط وكاظم القلاف، وغيرهم. كذلك إعداد وتوثيق مسيرة فرقة المسرح الشعبي عام 1996.

كما يمكن إضافة نوع آخر من الإصدارات الأدبية الموثقة لتاريخ الحراك المسرحي الكويتي، في كتاب صادر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وهو ملحق مع سلسلة عالم المعرفة لعام 2010م، بعنوان (منارات ثقافية)، معجب الدوسري وصقر الرشود. إذ يحوي توثيقا لمسيرة المسرحي الكويتي، بل الخليجي، بملف خاص عن صقر الرشود تحت عنوان:” صقر الرشود والمسرح: العاشق والمعشوق”. وجاء الملف بين صفحات 129 ـ 184 في الكتاب. وقد خط فيه، صديق درب صقر الرشود، عبد العزيز السريع، مقالا بعنوان:” صقر الرشود الإنسان والفنان”. وأعد د.محمد مبارك بلال مقالا بعنوان:” صقر الرشود: البيئة الفنية الجديدة”. وللعلم فقد تم انتداب صقر الرشود عام 1978م، للعمل خبيرا للمسرح في دولة الإمارات العربية. وأسس هناك المسرح القومي، وأخرج بعض المسرحيات، وتوفي هناك أيضا (14). ولدينا كتاب د. فيصل محسن القحطاني، مُقاربات نقدية في الخطاب المسرحي الكويتي، من إصدارات عام 2018م. وقد قام ظافر جلود بإعداد كتاب وضع عنوانه: ” صانع العرض المسرحي ومهندس الجمال: فؤاد الشطي”، وصدر عن المجلس الوطني للإعلام بدولة الإمارات العربية، الشارقة، عام 2018م. وهو عبارة عن كتاب سيرة تاريخية وبعض المقالات النقدية.

 

3/ توثيـق الحراك المسرحـي في دولــة الإمـارات العربيـة المتحـدة:

هي أكثر دول مجلس التعاون الخليجي توثيقا لحراكها المسرحي ولغيره من الخليجيين والعرب. يُذكر بأن الحراك المسرحي الأول في دولة الإمارات العربية المتحدة جاء بين عامي 1958 ـ 1959م، بعمل مسرحي هو: “وكلاء صهيون”، من تأليف حاكم الشارقة د. سلطان القاسمي، الذي كان وقتها طالبا، وقدمه نادي الشعب بالشارقة. ثم جاء عمل ” الإسلام والتعاون” لجمعة غريب في نفس العام في دبي. وهما تقريبا أول عملان في تاريخ المسرح بدولة الإمارات. ولا نريد أن نكرر هنا العوامل التي ساعدت على تطور فن المسرح واندفاعه إلى الإمام بسرعة ملحوظة ومميزة حقا في هذه الدولة الفتية. مثل قيام دولة الإتحاد عام 1971م، الذي شكل انعطافه مفصلية في البُنى الثقافية بين الناس، مما جعل المبدع المحلي يتجه ليأخذ موقعه المناسب. أو كثافة مشاركة الفرق المسرحية، وهي تفوق حاليا العشرين، وبتميز واضح في المهرجانات المسرحية المحلية، مثل أيام الشارقة المسرحية التي انطلقت دورتها الأولى عام 1984، أو الخليجية عبر دورات المهرجان المسرحي للفرق الأهلية في مجلس التعاون لدول الخليج العربية منذ عام 1988م. أو المهرجانات العربية في وقت مبكر جدا منذ عام 1975 مثل ليبيا، دمشق، بغداد، القاهرة، قرطاج، وعمان، وسواها. وكلها قد أكسبت العاملين في المسرح الإماراتي خبرة، من خلال الاحتكاك بالفرق المسرحية العربية ومشاهدة عروضها المسرحية المتنوعة.

لكن لنلج إلى مجال الأدبيات الموثقة لتاريخ الحركة المسرحية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وما أكثرها، ولكن ليس من حيث وعيها وحجمها ومنهجها وفاعليتها الفكرية. سنجد أهم تلك الأدبيات الموثقة هو كتاب المسرح في الإمارات: النشأة والتطور 1953 ـ 1997م، لمؤلفه عبد الله علي الطابور، الصادر عن دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة عام 1998م، الذي كتب عنه قسم الدراسات والبحوث بدائرة الثقافة والإعلام :”هو أحد الجهود المُهمة لتوثيق تاريخ الحركة المسرحية في الدولة، والوقوف التفصيلي على بداياتها، والتعريف ببواكير الأعمال المسرحية التي قدمت في إمارات الدولة المختلفة” (15). وموسوعة د. يوسف عيدابي، ومهند أبو سعيدة (إعداد وتحرير)، الإشراف العام لإسماعيل عبد الله، وهي تحت عنوان:”المسرح في الإمارات: الدليل الشامل”، من إصدار الهيئة العربية للمسرح وجمعية المسرحيين في الإمارات بالشارقة عام 2020م.

كُتب عبد الإله عبد القادر عن الحراك المسرحي في دولة الإمارات العربية. مثل ” مسرح الشارقة الوطني في عقدين من الزمن 1975 ـ 1995م “(الشارقة، د.ت). و”المسرح في الإمارات: المرجعيات وتجليات الواقع”، دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة عام 2004م. و”صورة المرأة في الكتابات المسرحية في دولة الإمارات العربية المتحدة”، اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، الشارقة عام 2004م. توظيف الأدب الشعب في النص المسرحي الخليجي، دائرة الثقافة والإعلام الشارقة، 2005م. وقد قسم البحث إلى ثلاثة أقسام، كل قسم يحتوي على عدة فصول مثل: في مفهوم الأدب الشعبي وعناصره، وأنواعه، ومفهوم التوظيف في النص المسرحي الخليجي، والاستفادة من خامات تراثية موجودة أصلا في الأدب الشعبي، وإعادة شحن النص الجديد برؤى فكرية مستنبطة من الموروث.

وكتب علي خميس محمد، الصادرة عن دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، مثل: المهرجان المسرحي للفرق الأهلية في مجلس التعاون لدول الخليج العربي 1988 ـ 2003م، عام 2006م. وشمل تتبع توثيقي مهم لدورات المهرجانات وأعمالها السابقة بالسنوات، كما هو مدون على الغلاف، وهو تدوين مهم للساحة الفنية في الخليج وللباحثين. وإعداده، للموسم المسرحي الصيفي لأعوام 2005 ـ 2006 ـ 2007، عام 2008م. وكذلك إعداده لمدونة المسرح الإماراتي: مهرجانات الإمارات لمسرح الطفل 2009 ـ 2013، في عام 2019م. إذ يُغطي هذا الكتاب التوثيقي، المهرجانات من الرابع إلى التاسع.

وهناك كُتب د. يوسف عيدابي الصدرة عن دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، مثل (تحرير وإعداد)، النص المسرحي في الإمارات (وقائع ندوة علمية)، عام 2002م، والسيرة المسرحية: شهادات ووثائق عن الحياة المسرحية في الإمارات في النصف الثاني من القرن العشرين، عام 2006م.

كم لدينا ” المسرح في الإمارات بيبلوجرافيا ورأي”، للدكتور هيثم الخواجة، وهو أيضا من إصدارات دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، عام 2014م.اعتمد المؤلف السوري على وضع أجندة لمن عملوا في المجال المسرحي الإماراتي منذ سبعينيات القرن العشرين، يقول في مقدمة كتابه:”وجدت قصورا في المطبوعات البيبلوغرافية، وبناء على ذلك، ونظرا لأن مثل هذه المطبوعات مفيدة جدا، فقد شحذت الهمة لكي أدلي بدلوي بين الدلاء، وأكتب في هذا الاتجاه الحضاري والمهم، خاصة وأن بعض المسرحيين رحلوا عنا وبعضهم توقف عن الإبداع” (16).

أما دائرة الثقافة بحكومة الشارقة، فقد أصدرت بها إدارة المسرح، دليل مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي، لعام 2018م. كما قام عبد الفتاح صبري، بوضع كتاب عن” المسرح الإماراتي من سرد التراث إلى سرد الإنسان”، وهو من إصدار  وزارة الثقافة والشباب بدولة الإمارات العربية المتحدة، عام 2024. وعادل خزام، كتب عن “الستارة والأقنعة: قراءات في مسرح الإمارات”، من إصدار دائرة الثقافة والإعلام بالشارقو لعام 2003م. وغيرها من الإصدارات التي لا يتسع المجال هنا لذكرها كلها.

 

4/ توثيـق الحـراك المسرحـي في دولـة قطــر:

بدأت الحركة المسرحية في قطر بالمسرح المرتجل في الخمسينيات وحتى منتصف الستينيات، في النوادي الرياضية والثقافية ومخيمات الكشافة.

وتوجد في قطر اليوم فقط ثلاث فرق مسرحية عاملة في الميدان، أولها كانت فرقة المسرح القطري عام 1972، وهي أول فرقة مسرحية أهلية يتم الاعتراف بها رسميا من وزارة الإعلام القطرية ويتم إشهارها” (17).

ومن الكتب الموثقة للحركة المسرحية في قطر، ما تصدى له الناقد والباحث د. حسن رشيد، مثل: “رحلة في عوالم المسرح القطري والخليجي والعربي، الجزء الأول، (الدوحة، 2014م). وهو عبارة عن عدة مقالات نشرها الباحث الناقد في سنوات متفرقة والكثير منها حول المسرح القطري، والخليجي. وله “المختصر المفيد في المسرح العربي الجديد:  المسرح في قطر”، من إصدارات الهيئة العربية للمسرح بالشارقة، عام 2009م.

 

5/ توثيــق الحــراك المسرحـي في المملكـة العربيـة السعوديــة:

يُصنف المسرح السعودي بأنه فن أدائي، يُقدم على المسارح في المملكة العربية السعودية، وتشرف عليه وزارة الثقافة، وتقوم الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون التي تأسست عام 1973م، بدور في رعاية ودعم هذا الفن في جميع مناطق المملكة. وقد نشأ المسرح السعودي، كغيره في دول مجلس التعاون الخليجي، لأول مرة ضمن العروض المسرحية التي كان يقدمها الطلاب في المدارس، بإشراف من وزارة المعارف سابقا. وقد بدأ النشاط  المسرحي في السعودية كتابة فقط في البداية، مع أول مسرحية كتبها شاعر عام 1932، ولا نعلم هل تم عرضها كفن مسرحي!! وبقيت المسرحيات الأولى في الأطر التاريخية أو الاجتماعية الوعظية. لكن البداية الفعلية كانت عندما بدأت العروض المسرحية تُقام على المسارح السعودية منذ عام 1950م. وليس هنا مجال استعراض أنواع وأقسام المسرح السعودي اليوم وعلاقته بالمهرجانات المحلية والخارجية والعنصر النسائي، وبر وز التجريب وغيرها من فنون المسرح، أو تأسيس جمعية المسرحيين السعوديين، وعدد الفرق المسرحية الأهلية وأولها فرقة قُريش للتمثيل الإسلامي، ولم تستمر طويلا، ثم قامت الرئاسة العامة لرعاية الشباب في تسعينيات القرن المنصرم، بتأسيس أكثر من فرقة في بعض المدن بالمملكة العربية السعودية وبدأت ببالأحساء. وكل فرع يتبع الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون وعددها ستة عشر فرعا منذ ثمانينيات القرن العشرين، كانت لديه فرقة مسرحية، حتى بداية القرن الواحد والعشرين. عندما قامت جمعية المسرحيين السعوديين التي أنشأت عام 2007، بمنح تصاريح لإنشاء فرق مسرحية أهلية بلغ عددها حوالي خمس عشرة فرقة مسرحية. وفي عام 2016، غدت وزارة الثقافة هي المسؤولة عن مثل هذا الحراك (18). ثم جاء دور هيئة المسرح والفنون الأدائية التي تأسست عام 2020م، في دعم النهوض بالحراك المسرحي في ربوع المملكة العربية السعودية. لكننا هنا سنركز على الأدبيات الموثقة لذاك الحراك المسرحي في المملكة. ويأتي على رأس القائمة كُتب عبد الرحمن فهد الخريجي، نشأة المسرح السعودي، من إصدارات الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون، عام 1407هـ/1986م.

وكتاب: محمد بن إبراهيم الدبيسي، الحركة المسرحية في المدينة المنورة: تاريخها ونشأتها وتطورها ونماذج منها، من إصدارات نادي المدينة المنورة الأدبي الثقافي، 2016م. وتضمن كتابه بالتعريف بالمسرح وبداياته في المملكة، مع التركيز على المسرح في المدينة المنورة، ثم عرض للنص المسرحي بين الكتابة والأداء، تلاه موضوع عن اتجاهات الكتابة المسرحية، فالمسرحية التربوية، ثم المسرحية التاريخية، ومنها إلى المسرحية الاجتماعيةـ والمسرحية الرمزية وعدة مباحث أخرى.

ويُمكن الرجوع لكُتب د. سامي عبد اللطيف الجمعان، وهو باحث، وكاتب وممثل ومخرج مسرحي، وشاعر. مثل حضور ألف ليلة وليلة في المسرح العربي: دراسة نقدية. وهو رسالة ماجستير في الآداب والنقد حصل عليها المؤلف من كلية الآداب، جامعة البحرين في عام 2003م، وذكر فيها المسرحيات التي أفادت من فكرة ليال ألف ليلة وليلة، من دول مجلس التعاون وهي الكويت، بنصوص حسن يعقوب العلي”الثالث”، عن قصة (النائم واليقظان) في الليالي، وتم عرضها عام 1976م، وأحمد الرجيب، بنص “خروف نيام نيام”، وهي مستوحاة من المناخ العام لألف ليلة وليلة، وتم عرضها في عام 1982م. ونص سليمان الخزامي “الليلة الثانية بعد الألف”، عن قصة (حكاية الملك شهريار مع شهرزاد) في الليالي، وعُرضت عام 1998م. وفي دولة الإمارات بنص محسن محمد ” أنا والعفريت” وهي أيضا مستوحاة من المناخ العام لألف ليلة وليلة، وعرضت في عام 1982م، وعبد الرحمن الصالح بنص “حكاية لم تروها شهرزاد”، عن قصة (حكاية الملك شهريار وشهرزاد) في الليالي، وتم عرضها عام 1988م. وفي المملكة العربية السعودية، بنص داود سليمان العبيدي “شهرزاد في الليلة الأولى/ الثانيةبعد الألف، عن قصة (حكاية الملك شهريار وشهرزاد) في الليالي، وتم عرضها عام 2000م (19). وكتاب موت المؤلف، نص وبيانات مسرحية، الهفوف عام 1430هـ. أضف إلى ذلك، كتاب عباس الحايك، ” المسرح السعودي: تجارب ومسارات”، هيئة المسرح العربي بالشارقة، عام 2015. وغيرهما.

 

6/ توثيـق الحـراك المسرحي في سلطن’ عُمـان: الأدبيات الموثقة من حيث وعيها وحجمها ومنهجها وفاعليتها الفكرية:

أولا، لابد من القول بأن عُمان تتميز منذ القدم بتنوع بيئاتها السكانية والثقافية، وبالتالي تتنوع العطاءات الثقافية بها وتتعدد بين البحر والسهل والجبل والصحراء إن جاز التعبير هنا. وقد بلغ عدد الفرق المسرحية العُمانية زهاء خمسين فرقة. وقد أنشأت أول فرقة مسرحية عُمانية في عام 1987 وهي “فرقة الصحوة”، وفي العالم الذي يليه تم اشهار الفرقة الأهلية الثانية وهي “فرقة مجان”، إلى أن صدرت اللائحة التنظيمية اتشكيل الفرق المسرحية عام 1997 ليكون ذاك العام البداية الحقيقية لإشهار الفرق المسرحية، فانتشرت بعدها الفرق المسرحية في سلطنة عُمان.

وتوجد إصدارات عديدة من الأدبيات الموثقة لتاريخ الحركة المسرحية في سلطنة عُمان، من حيث وعيها وحجمها ومنهجها وفاعليتها الفكرية. مثل كتاب عبد الكريم بن علي بن جواد، الموسوم ب: “المسرح في عُمان من الظاهرة التقليدية إلى رؤى الحداثة” من إصدارات عام 2006، يقول فيه بأن المسرح في السلطنة، لا يتعدى فترة الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين، وقد ظل وجوده متواضعا حتى أوائل السبعينيات (20).

وكتاب ” التجربة المسرحية في سلطنة عُمان”، الصادر عن مركز الدراسات العُمانية، ز”أسئلة النص أجوبة العرض في المسرح العُماني الخليجي”، الصادر عام 2019م، للدكتور سعيد محمد السيابي، واللافت للنظر أنه كتب العنوان: المسرح العُماني الخليجي، وهذا لعمري جزء مهم في الانتماء المكاني، تعمده الكاتب لأمر ظاهر. وكتاب د. عزة القصابي، رؤية في المسرح العُماني، وزارة التراث والثقافة (سلطنة عُمان، 2006م). وتضمن توثيقا للحراك المسرحي في عُمان موزعا على بابين وعدة فصول منذ بدء النشاط المسرحي في المدارس. وقد زودت كتابها في نهايته بمُلحق خاص بصور الفنانين العُملنيين للتعريف بهم عن قُرب. كتاب د. كاملة الوليد الهنائي، مسرح الطفل في عُمان، مؤسسة اللُبان للنشر (مسقط، 2020م)

 

ثانيـــا: الحركـة النقديـة المسرحيـة في دول مجلـس التعــاون:

للحقيقة والواقع أن فرسان الحركة النقدية المسرحية في دول مجلس التعاونهم قلة حقيقية. منهم د. إبراهيم غلوم، من البحرين. ود.محمد حسن عبد الله، محمد مبارك الصوري من الكويت. ود. حسن عبد الله رشيد من قطر. الذي وضع كتاب تطور النقد المسرحي في دول الخليج العربي من عام 1965 حتى عام 1990: دراسة تاريخية فنية، عام 2004، وهو من إصدارات المجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث. ودراسات د. سامي الجمعان من المملكة العربية السعودية. ود. سعيد السيابي من سلطنة عُمان.

وقد بدأت الحركة النقديى المسرحية في دول مجلس التعاون بالدراسة التي قام بها الأديب الشاعر قاسم حداد، الصادرة عن مسرح أوال بين عامي 1980 ـ 1981، بعنوان” المسرح البحرييني: التجربة والأفق”. إذ يُمكن ان تُعد البداية، إن جاز التعبير، بين التوثيق والمحاولة النقدية التشريحية لبعض العروض المسرحية، وبالذات التي قدمتها فرقة المسرح البحريني، أوال لاحقا، بما تضمنته من الوعي الفني والمنهجية شبه العلمية، والفاعلية الفكرية لتلك الحركة مع تطورها النوعي. وكما قال الشاعر في مطلع كتابه:” مسالة توفر المتابعات المهمة لقضايا المسرح أمام القارئ والباحث والمؤرخ معا. وخلق تراث أدبي مسرحي مرصود وغير معرض للضياع، وهذا الكتاب محاولة لرصد تضاريس الأرض التي تنطلق منها التجربة المسرحية المعاصرة في البحرين، وهو في ذات الوقت دعوة لدراسة المُعطيات التي طرحتها هذه التجربة منذ البدايات الأولى” (21). زجاءت تلك الدراسة، التي طُبعت مرتين، آخرها كان عام 2017م، بسبب قرب قاسم حداد من أعضاء فرقة مسرح أوال، إذ أنه من المؤسسين لها عام 1970.

إلا أن الكتاب الأوسع توثيقا وتحليلا، وتوجها منهجيا أكاديميا، ويُمكن إدراجه ضمن مسار الحركة النقدية المسرحية في البحرين، في ثمانيينيات القرن الماضي، ذاك الذي وضعه د. إبراهيم عبد الله غلوم عام 1982، بعنوان ط ظواهر التجربة المسرحية في البحرين”. وكتاب “: د. محمد علي الخزاعي،  ” بداية البدايات: مقالات مختارة في النقد الأدبي”. وهو يقف أمام بدايات المسرح البحريني بشكل نقد أدبي، لعام 2010م. قال في مقدمته:” تُمثل هذه المقالات المختارة بداية بالنسبة لي في مجال الكتابة والنقد عندما قمت بنشر معظمها في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات من القرن المنصرم” (22). ثم نذكر أيضادراسات الدكتور إبراهيم غلوم في إطار الأدبيات الموثقة لتاريخ الحركة المسرحية في دول المجلس من حيث وعيها وحجمها ومنهجها وفاعليتها الفكرية، المتمثلة في: “تكوين الممثل المسرحي في مجتمعات الخليج العربي”، الصادر عام 1990م. والمحاولة النقدية الأكاديمية التي صدرت عام 2011م، وقد اقتبس فيها الدكتور غلوم معظم ما نشره سابقا من دراسات في إطلالتها النقدية، وهي بعنوان: “المسرح الموازي: سوسيولوجيا البدايات المسرحية والوعي القومي في مجتمعات الخليج العربي”.

وفي المسرح السعودي نقرأ لنذير العظمة “المسرح السعودي: دراسة نقدية، نادي الرياض عام 1413هـ / 1993م. ولحليمة مظفر “المسرح السعودي بين البناء والتوجس”، من إصدار النادي الأدبي الثقافي بالطائف، عام 1430هــ/2009م, د. سامي الجمعان، المسرح السعودي: دراسات نقدية: عام 1434هـ، 2013م. و”المسرح السعودي بين الريادة والتجديد”. ولمحمد بن إبراهيم الدبيسي، الحركة المسرحية في المدينة المنورة: تاريخها ونشأتها وتطورها ونماذج منها، نادي المدينة المنورة الأدبي الثقافي، كما نقرأ للدكتورة هدى بنت عبد العزيز الشمري، “بُنية الحوار في مسرحيات رجاء عالم”. وكتاب د. سعيد كريمي، “بُنية التأليف المسرحي السعودي بين التأصيل والتجريب، سامي الجمعان نموذجا”، بيروت، 2015م. ومارية بنت بكر محمد صندقجي، “سيمائية الشخصية الأدبية في المسرح السعودي: الشعر الجاهلي أنموذجا:، وهو رسالة دكتوراه لعام 2024م.

أحمد عادل محمد شريف، صورة البطل في مسرح الطفل السعودي، رسالة دكتوراه. كما قام كل من صالح مُعين الغامدي، وأبو المعاطي خيري الرمادي، بتحرير كتاب لمجموعة مؤلفين بعنوان:” الأدب السعودي:، يحوي فصلا خاصا عن المسرح السعودي، عام 1443هـ 2021م.

كما لدينا في مجال النقد، كتاب سليمان الخليفي، صقر الرشود والمسرح في الكويت، مكتبة دار العروبة للنشر والتوزيع (الكوي، 1980م)، والمهم في هذا الإصدار القديم الآن، أن هناك في نهايته هناك جدول بأعمال الفنان صقر الرشود كافة من إعداد وإخراج، تأليف مشترك، تمثيل، كتابة القصة والمقال، منذ عام 1963، شملت الصفحات بين 113ـ 116. كتاب: د. محمد مبارك الصوري، الفنون الأدبية في الكويت: دراسات نقدية، ط 2، (الكويت، 1993م). وجاء الفصل الرابع منه حول فن المسرح بدراسات نقدية لثلاث مسرحيات كويتية هي: مسرحية “فرحة العودة” لمحمد النشمي ـ المسرح الشعبي، ومسرحية “النواخذة” لسالم الفقعان ، المسرح الكويتي، و”ضاع الديك” لعبد العزيز السريع ـ مسرح الخليـج العربي (23).

 

ثالثـا: مراكــز التوثيـق ومراكـز المعلومـات: دورهـا التوثيقـي، أرشيفهـا السمعـي والبصـري، دور التلفزيـون والإذاعـة، وتقنيـات الصـورة، المواقـع الإلكترونيــة وغيـر ذلــك:

كان من المفترض إعلاميا وتوثيقيا، أن يكون هناك جهاز مسرحي للمعلومات على شاكلة جهاز إذاعة وتلفزيون الخليج لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، لأنه إحدى قنوات العمل الإعلامي الخليجي المشترك،والموثق لكل حراك مسرحي خليجي، إذ جاء قرار تأسيسه بمقتضى الاتفاقية التي وقعت في الاجتماع الثاني لمؤتمر وزراء الإعلام بدول الخليج العربية الذي عُقد في الرياض بتاريخ 20 صفر عام 1397هـ (8 فبراير 1977). بينما كان تركيزه بحسب طبيعة عمله، على العمل الإذاعي والتلفزيوني ومهرجاناته وجوائزه حتى الآن. لذلك فما زال الفن المسرحي يُعاني من شح مراكز التوثيق ومراكز المعلومات المسرحية، إذا استثنينا ما تقوم به الشارقة في هذا المجال. ولا نريد هنا أن نكون دعائيين أو إعلاميين يسترزقون كما يفعل البعض، دون ذكر أسماء.

لذلك في هذا المجال المُنتج قليل وبسيط حقا. ويُمكن جعل كتاب د. محمد بن سيف الحبسي، ود. سعيد بن محمد السيابي، المعجم المسرحي العُماني (نصوص وعروض)، (مسقط 2006). ضمن هذا المجال إذ يقول المؤلفين في مقدمته:” المسرح (في عُمان) هو مصدر كتابتنا لهذه الدراسة المعجمية التي تتبع النصوص والعروض المسرحية العُمانية التي تركت بصمة واضحة في الساحة الأدبية والفنية والثقافية منذ ظهور هذا الفن العريق في ساحات المدارس والأندية إلى وقتنا الحاضر” (24).  وقد اتبع المُعدان في هذا المُعجم وهو مرجع مهم جدا للمسرح العُماني، طريقة الألف باء حتى حرف الياء. إذ تتبعوا بها النصوص والعروض المسرحية العُمانية سردا منذ عام 1971م، حتى عام 2006 فقط بحكم الوقت الذي طُبع فيه الكتاب.

المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت، لديه مكتبة التوثيق المسرحي، وهذا أمر ملفت للنظر والاهتمام والدراسة في هذا المجال ودعوة لجميع دول مجلس التعاون أن تحذو الحذو ذاته.

أما في قطر، فهناك مركز شؤون المسرح، وهوهيئة ثقافية تابعة لوزارة الثقافة، وتأسس عام 2016م. ويهتم بتأطير المواهب المسرحية وتطويرها وتثقيفها مسرحيا على أسس علمية، لرفد الحركة المسرحية القطرية بالكوادر الجديدة الخبيرة والمثقفة فنيا في كافة النواحي، وتدريبها وتشجيعها، بإقامة الورش والدورات، والاهتمام بإصدارات كل ما يخص المسرح، واستقبال العروض المسرحية المتميزة من الخارج، بالإضافة إلى تمثيل دولة قطر في الخارج، إلى جانب الاهتمام بالدراسات والبحوث المتعلقة بشؤون المسرح، والاستفادة من التجارب الداخلية والخارجية في ذلك، ومتابعة جوانب الحركة المسرحية في قطر(25).

 

 

 

الإحــــالات:

1/ رشيد، حسن، المرأة في المسرح الخليجي (الدوحة، 2005)، ص 11.

2/ الأنصاري، عامر، جائزة الشارقة للإبداع المسرحي العربي، دائرة الثقافة بحكومة الشارقة (الشارقة، 2020)، ص 11.

3/غريب، صالح، (إعداد)، فرقة المسرح القطري 1972 ـ 1990، (الدوحة، 1990)، ص 7

4/ الراعي، علي، المسرح في الوطن العربي (الكويت، 1980)، ص 394، 425.

5/ السعداوي، عبد الله، المسرح قلب الإنسانية المشترك (الدمام، 2016)، ص 20.

6/ أبو إصبع، حسام توفيق، (إعداد)، قراءة في تجربة عبد الله السعداوي، السرد، النحت، الزمن (البحرين، 2006).

7/ أبو إصبع، حسام توفيق، (إعداد)، قراءة في تجربة عبد الله السعداوي، السرد، النحت، الزمن (البحرين، 2006)، ص 8.

8/ أبو إصبع، حسام توفيق، (إعداد)، قراءة في تجربة عبد الله السعداوي، السرد، النحت، الزمن (البحرين، 2006).

9/أنظر مثلا: أعمال إبراهيم غلوم، “تكوين الممثل المسرحي في مجتمعات الخليج العربي”، ط 2 (لبحرين، 2006)،” المسرح الموازي: سوسيولوجيا البدايات المسرحية والوعي القومي في مجتمعات الخليج العربي 1925 ـ 1958، (بيروت، 2011).

10/ الغريب، صالح، فرقة المسرح الكويتي: أربعون عاما من العطاء المسرحي، ط 2، (الكويت، 2005)، ص 13,

11/ عبد الله، محمد حسن، الحركة المسرحية في الكويت (الكويت، 1976)، ص 7.

12/ الراعي، علي، المسرح في الوطن العربي (الكويت، 1980)، ص 394، 429.

13/ الغريب، صالح، فرقة المسرح الكويتي: أربعون عاما من العطاء المسرحي، ط 2، (الكويت، 2005)، ص 16,

14/ عالم المعرفة، منارات ثقافية، معجب الدوسري وصقر الرشود (الكويت، 2010م) ، ص 131.

15/ الطابور، عبد الله علي، كتاب المسرح في الإمارات: النشأة والتطور، (الشارقة، 1998)، ص 7.

16/ الخواجة، هيثم يحي، المسرح في الإمارات بيبلوغرافيا ورأي (الشارقة، 2014م)، ص 8.

17/ غريب، صالح، (إعداد)، فرقة المسرح القطري 1972 ـ 1990، ص 9,

18/ لقاء مع الفنان د. سامي الجمعان، يوليو 2024م.

19/ الجمعان، سامي عبد اللطيف، حضور ألف ليلة وليلة في المسرح العربي: دراسة نقدية، (الهفوف،200م)، ص250 ـ 258.

20/ عبد الكريم، علي بن جواد، المسرح في عُمان من الظاهرة التقليدية إلىرؤى الحداثة (سلطنة عُمان، 2006م)، ص 227.

21/ حداد، قاسم، المسرح البحريني: التجربة والأفق 1925 ـ 1975 (البحرين، 1980)، ص 5.

22/ الخزاعي، محمد علي، بداية البدايات: مقالات مختارة في النقد الأدبي (البحرين، 2010)ص 13.

23/ الصوري، محمد مبارك، الفنون الأدبية في الكويت: دراسات نقدية، ط 2، (الكويت، 1993م)، ص 127

24/ الحبسي، محمد بن سيف والسيابي، سعيد بن محمد، المعجم المسرحي العُماني: نصوص وعروض، (مسقط 2006)، ص5

25/ انظر موقع وزارة الثقافة في قطر hppts://www.moc.gov/qa/new_beta/centers

 

************************

* ملاحــظــة: هذه الدراسة قدمها د. د. محمد حميد السلمان بالجلســة الثانيــة من اليوم الثاني التي ناقشت موضوع  “الذاكرة التاريخية والبنية المعلوماتية للمسرح في دول مجلس التعاون” بالندوة الفكرية: «البنية الأساسية للمسرح في دول مجلس التعاون الخليجي» ضمن فعاليات الدورة 14 لمهرجان المسرح الخليجي التي احتضنها مدينة الرياض (10 ـ 17 سبتمبر 2024) ، وذلك يوم الجمعة 13 سبتمبر 2024، بقاعة المؤتمرات (بإقامة المهرجان).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت