كتاب الخميس (الحلقة السادسة والخمسون) / عرض وقراءة: محمد محسن السيد
**************
جاء الكتاب بمقدمة طويلة نسبيا تناولت عدة مواضيع منها: (نتاج المرأة المسرحية العربية من منظور النقد النسوي. مساقات النقد النسوي: الهدف والدوافع . مفهوم النسوية. النسوية في المسرح العربي. في مفهوم النسوية العربية: تأثر المسرح العربي بالفكر النسوي . خطاب المرأة في النصّ العربي). هذا وقد توزع الكتاب على (4) فصول رئيسية توزعت على صفحاته الـ(331) صفحة من حجم الكبير . حمل الفصل الاول منه عنوان (البدايات: المرأة وبدايات الصعود الى الخشبة المسرحية).
وفيه تناولت الباحثة مواضيع مهمة جدا من قبيل الاسباب التي حالت دون ظهور المرأة على الخشبة والاسباب التي اسهمت في هذا الظهور بالاضافة الى ظهور المرأة على الخشبة ودور الفنانات الرائدات في هذا المجال كالفنانة مريم سماط . مؤكدة في نفس الوقت على ان الاسباب التي حالت دون ظهور المرأة على الخشبة هي:
1-رفض المجتمع لفكرة المسرح عامة وتحريمه دينيا .
2-صورة المرأة الممثلة .
3-موقف بعض المفكرين النهضويين .
ففيما يخص الموضوع الاول (رفص المجتمع لفكرة المسرح عامة وتحريمه دينيا) ومما جاء فيه: ( منذ عام 1847، اي منذ منتصف القرن التاسع عشر ، اي تاريخ معرفة العرب بالمسرح ، والمحاولات جادة من اجل تثبيت المسرح في سياق عضوي مع ثقافتنا ، ومن اجل التاكيد للناس والسلطات الدينية والانظمة السياسية والتربوية والثقافية ، ان دور المسرح لا يقلّ اهمية عن دور المدرسة الموجهة . ولم يكن من السهل على الرواد المسرحيين القيام بهذا العمل الا بعد جهود مضنية وصبر وكفاح ، لان التياتر ما زال يحمل في نفوس الجماهير تلك المشاهد المثيرة ، والرقصات ، والادوار المرفهة التي تزودهم بها النوادي الليلية والملاهي وما الى ذلك ، وكان الجمهور يعد المسرح بدعة تتحدى المنع الديني له اسوة بالخمر والميسر ، لذلك صُنّف من الكبائر – الخطايا الكبرى) . وحول دور رجال الدين في هذا الرفض والمنع نقرا (… لقد حرّم مسرح سليم النقاش الذي سعى الى متابعة مسيرة عمّه مارون المسرحية في لبنان ، الاب الماروين شيخو العيساوي في لنبان ، كما حرّم مسرح ابي خليل القباني في سوريا الشيخ سعيد الغبراوي وحرّض عليه الخديوي عندما قال: “ان الفضيلة ماتت والشرف وئد، والرجال يختلطون بالنساء، والملاحظ هنا ان التحريم الديني للمسرح لم يقتصر على الدين الاسلامي ، بل مارسه الدين المسيحي ايضا” .
والمعروف ان هذا التحريم والرفض الاجتماعي للمسرح ، شمل الرجل والمرأة على حد سواء ، لذلك عدّ (محمود تيمور) ممارسة التمثيل امرا يوازي بصعوبته وجرأته حركات تحرير المرأة في تلك المرحلة . وربط (تيمور) ذلك بنظرة المجتمع الدونية انذاك الى الممثل الذي سُمي بـ(المضحكاتي).
اما فيما بخص موضوع (صورة المراة الممثلة في المجتمع) فمن الثابت .. ان الممثلة عندما تقدم عرضا يفترض ظهور على الخشبة ، في المنظور العملي للحضور من خلال الجسد والصوت ، والتعبير الحي ، وهو حضور يقتضي تحديا – بكل تاكيد – خاضته المراة من خلال خشبة المسرح ، للخروج الى العام ، والتعبير عن الذات ، لان هذا الظهور والخروج كليهما يصبحان جزءا من عملية عرض المراة لدورها المتغير في المجتمع وفي الثقافة السائدة ، أنه تحد كبير لها . وخطورة هذا الخروج انه يرتبط في الوعي الجمعي بقضيتي الشرف والطهارة ، وهما مفهومان جد حساسين في الهندسة الاجتماعية ، ولا ننسى هنا دور الرجل ومكانته والسلوم الجنسي للنساء الخاضعات له كزوجات او اخوات ، فضلا عن ان نظرة المجتمع للمراة كانت نظرة احتقار ، ولا ادل على ذلك من تسميتها بـ(بنت الهوى) او (ارتستArtiste) وترجمتها الحرفية (فنانة).
او فيما يخص تعاظم صعوبات صعود المراة على الخشبة فنقرا :(… يعود تعقيد وتعاظم صعوبات الصعود الى الخشبة ، الى استخدام الممثلة / المراة جسدها على هذه الخشبة ، حيث يرتبط هذا الجسد بالاغراء والمتعة . وعندما يبرز الجسد تختزل المراة الى حدوده، ويختزل هذا الجسد الى بعده الجنسي ، على ان ارتباط حسد المراة بهذا البعد حولها الى مجرد عنصر رمزي على خشبة المسرح ، وهي كثيرا ما تكون ممثلة عظيمة ولكنها لا تنجو من هذا المفهوم).
والخلاصة ان الممثلة العربية والممثلة الغربية على حد سواء كانتا تعانيان اضطهادا مشتركا نسبيا ، وتواجهان تحديات كبيرة كما بينا في اعلاه .
اما بخصوص ( الممثلة في المجتمع الغربي ) فتقرأ 🙁 منذ البدايات كانت نظرة المجتمع الغربي الى المراة الممثلة وضيعة محتقرة. وكان شائعاً بين الجميع ان الممثلة ماهي الا وسيلة لتحقيق الرغبات الجنسية، فالمجتمع الروماني كان يجبر الممثلة على التغري على الخشبة، .. وذهب احتقار المجتمع اليوناني لها ابعد من ذلك عند واعدّ الممثلين اعلى من مستوى العبيد بقليل. والمراة تعدّ مومسا لا تستطيع ان تقيم عقد زواج شرعياً، ولا ممارسة اي مهنة اخرى، حتى ان بنات وحفيدات في هذا الموضوع فنقرأ: ( …اسهمت النهضة الاوربية في تخليص المسرح من الاحكام الدينية …وبمرور الوقت احتاجت اوربا تظاهرات مشهدية رائعة، اسهمت في دخول المراة المسرح، ومثلت النساء في فرنسا مع كورنيل ورامين في القرن السابع عشرة عندما هذا ان المؤلفان الرصينان المسرح الى مستواة التعبيري العالي، مع ممثلات لعبت دور بطلان اغريقيان وكوميديان) ..ولم تدخل المراة الاوربية المسرح بشكل لائق الا في مستهل لحركة التحرر، ومع التظاهران التي اجتاحت اوربا، اي في منتصف القرن التاسع عشر ،وبعدما ضهر ( ابسن) واخرون وبداوا بتقديم اعمال تطرح القضايا الاجتماعية والعائلية، وقدموا من خلالها صوراً جديدة للمراة) . اما بخصوص العوامل التي ساعدت على صعود الممثلة الى خشبة المسرح فتحددها الباحثة بمايلي :
1- تغيير النضرة الاخلاقية السائدة للجنس وتغير النضرة الى الفروق بين الجنسين.
2- أقرا رحقّ التعلم للمرأة ).
وخلاصة القول فيما يخص صورة الممثلة سواء في المجتمع الشرقي والغربي انها عانت من الاحكام الدينية، وقيم اخلاقية سائدة انذاد صنفتها عاهرة مستعار …خضعت الممثلات للضروف نفسها التي خضعت لها الراة غير الممثلة لاسيما فيها يتعلق بقضايا: الحجاب، والمحرمات من التعلم، والمنع من الخروج من النزل، وعدم المساواة حقوقها بحقوق الرجل وماساة الطلاق، ولكن هؤلاء النساء كان عليهن مواجهة مستويين من التحدّيات :
الاول: رفض المجتمع للمسرح بشكل عام.
الثاني: تغير صورة المراة الممثلة وفصلها عن صورة المومس وجهود كل من (شارولت بفايفر) ودووها في الدفاع عن مهنة التمثيل والممثلات. وكذلك جهود الممثلة العربية الرائدو السورية ( مريم سماط ) التي حملت المراة الممثلة مسؤولة بعض اسباب هذا التحكم المجتمعي عليها، وضرورة التمييز بين مسألتين مهمتين ترتبطان في آلية ظهور الجسم وعدمه فهناك حاجز كأداة تفصل بين استخدامها كأداة للتمثيل … لقد تجزأت الممثلات وتحدّين في سياق فوضى القيم التقليدية، كما احدثن انقلاباً فنياً على ضوء الصراعات الفكرية والجمالية، لان ظهورهن وممارسيتهن التمثيل اسهما في تطوير حقل يتسع شيئاً فشيئاً لظهور ممثلات اخريان متخصصان في مجال التمثيل، يتخرجن في معاهد الفنون ، وينضق تجربة الاخراج والتقنيات المسرحية – الاضاءة – صعدت المراة الممثلة على الخشبة، وعبرت عن ذاتها مع انها مازالت حتى اليوم تخضع لرؤية المخرج الفكرية ولشروطة الفنية، وهي لم تكتب بعد نصعاً، برغم تحذير + جار جاك روسو … يجب الا تصعد المراة على الخشبة، فالخشبة سلطة والسلطة خاصة بالرجل).
وهذا يصل بنا المطاف الى الموضوع الاخير فيما يتعلق بالاسباب التي حالت دون ظهور المراة على الخشبة وهو (موقف بعض المفكرين النهضونيين العرب) . وموقفهم المتشدد ازاء هذا الموضوع منطلقين من المفهوم الاسلامي الذي يتبنونه اولاً ومن ثم النضرة الاجتماعية التي تحتقر الفن التمثيلي رسما فيما يخص المراة وثانياً، وتإكد ذلك في فترة لاحقة ليست بعيدة من موقف (الموتاني) بقولة في كتابة. حديث عابس بن هشام: “ليس في الدين الاسلامي ما يسمح باشراك النساء مع الرجال في تأدية هذا الفن، واثبت ذلك ان خلو المجتمع العربي من المسرح حسنة لاسيئة، وما نال الغربيين من هذا الفن، انما كان مكس المراد، فأي نفع اذن في فن جرّ على اصحابة الوبال) . مشدد اعلى القول ان رقص الاوربيين برهان على الدعارة والانحلال الخلقي لذلك نراه يؤكد على ان ما يوافق الغرب لا يلاءم عادات الشرق ودينه وتراثه، وعلية نفر المسلمون من اقتباس المسرح الغربي ، لان المسرحيات الغربية قائمة على العشق مثلاً، والعادات الشرقية تستنكر انها (الغرام وتعده عارا) وهذا نتساءل: ماذا عن ما ورد في المؤلفات العربية من حكايات عن الفسق والضجور والعشق والفنون طما جاءت في كتاب ( الاغاني) وصولاً الى كتاب ( الف ليلة وليلة) .. ولكن الدافع الاساسي لهذا الرفض للمسرح، ولصعود المراة الى خشبة، يمكن في ابقاء المراة مصنونة متحجبة، وان دور المراة ينبغي ان لا يتعدى اطار حركتها داخل المنزل، وليست ظهورها على خشبة المسرح . مع العلم ان هناك بعض المفكرين النهضويين ممن نادى بحرية المراة وايدّ ذلك، ولكن جعلوه مشروطاً بمقاييس تحديد امومة المراة واصول الامومة وتربية الاجيال ،..(فالشرياق) -مثلاً- دعا المراة الى ممارسة حريتها الجنسية معتبراً ان المسرحيات، مع انها تعلم المحامد والمكارم الا ان النساء يتعلمن منها العشق وخيانة الزوج).
وهنا نصل الى موضوع في غاية الاهمية الا وهو (الاسباب التي اسهمت في ظهور المراة على الخشبة) وقد ارجعتها الباحثة الى سببين رئيسين هما:
1- دينامية حركة المراة في اواخر القرن التاسع عشر .
2- مساهمة بعض مفكري النهضة في ظهورها على الخشبة . فيما يخص الموضوع الاول نقول: “.. ان هذه المرحلة امتازت بانها زمن الحركات الاجتماعية، وزمن ظهور الفكر النسوي، والمنظمات الانسانية التي أرت النور ، واسهمت فيها نساء الطبقة الوسطى، والتي كانت من نتائجها انبثاق جمعيات هدفها مساعدة العاملات على حل مشكلاتهن، ومطالبتها بحق النساء في التعلم والعمل، وخلع الحجاب. كما فعلت هدى شعراوي وهي عائدة من احد المؤتمرات . وهنا تستعرض الباحثة جهود المراة في مجال الادب النسوي باعتباره مظهرا نهضويا قويا بدليل تنوع انتاجه، وتعدد اغراضه واهدافه ، وتوزعه بين عدة اتجاهات ، كالاتجاه الاحياء العلمي والترجمة والتعريب والرواية والشعر والقصة والصحافة والموسيقى والادب والصحافة والمسرح ولكل من هذه الاتجاهات كاتبات ماهرات برعن فيه وهناك النابغات في مجالات الادب والعلوم والطب والرياضيات والفلك والعلوم الاجتماعية . وكذلك بروز الممثلات المسرحيات ، ومديرات الفرق المسرحية من امثال : منيرة المهدية ، وبديعة مصابني ، وفاطمة رشدي ، وروز اليوسف” . اما بخصوص الموضوع الاخر وهو (مساهمة بعض مفكري النهضة في ظهور المراة على الخشبة) . وفيه تتناول الباحثة جهود مفكري يحصد النهضة في اواخر القرن التاسع عشر ، متمثلة في خطاب بطرس البستاني وفرح انطون وشبلي شميل ورفاعة الطهطاوي ومحمد عبده وعبد الرحمن الكواكبي وقاسم امين ودعواتهم لتحرير المراة ومساندتها ودعمها … وتعددت هذه الدعوة حدود حقوق المراة في التعليم ، ومساواتها مع الرجل ، في مجال الحقوق والعمل ، وخاصة فيما يتعلق بحرية المرأة . وهنا نصل الى اخر موضوع في هذا الفصل وهو (بدايات ظهور المراة على الخشبة) وفي مستهله تشير الباحثة الى وقوع اخطاء كثيرة بخصوص تحديد تاريخ ظهور المراة الممثلة على الخشبة لبضعة اسباب ، هي:
1-ان اسم الممثلة لم يكن يعلن عنه لا في الاعلان ولا في برنامج العرض (البروشور)، لذا اختلف الباحثون على تاريخ ظهور الممثلة الاولى على خشبة المسرح العربي ، والمقصود بذلك ليس الاسم فقط . بل معرفة بنية المراة الفكرية والثقافية ووضعها الاجتماعي اللذين اسهما في تمكينها من التحدي والظهور ، ولم يظهر اسمها الا بعد تأسيس جمعية انصار التمثيل في القاهرة عام (1901)، وظهر عام (1904) للمرة الاولى اسم الممثلة (نهدية سلام).
2-لان بعض النساء مثلن دورا واحدا ، ثم غابت اسماؤهن عن خشبة المسرح ، لذلك كان الحذر يشوب خطوة تدوين هذا الظهور على الخشبة ، او تغيير اسم الممثلة ، وفي هذا المجال ، وعلى الرغم من كل هذه الموانع التي ذكرناها ، تمكنت المراة الممثلة بجرأتها وتحديها الكبير من الانغراس في صفحات التاريخ المسرحي . ثم تعرج الباحثة الى المحاولات الاولى والرائدة من قبل (روز اليوسف) و(لبيبة مانيللي) و(منيرة المهدية) و(فاطمة رشدي) و(مريم سماط) التي تعد من اكثر ممثلات جيلها ثقافة وموهبة ، ولعلها اول من كتب عن تاريخ المسرح المصري (1890-1915) وفضلا عن ذلك كانت هناك الممثلات من المسيحيات واليهوديات ، وظهرت اولى .
الممثلات وكانت مطربات مسيحيات ويهوديات عام (1890)، ظهرت في فرقة القرداحي وسليم الفقاش عام (1876). اما الفصل الثاني فقد يحمل عنوان (التأليف الدرامي) حيث تعرضت فية الباحثه الى تجارب الكتابة المسرحية لدى: لطيفة الزيار وفتيحة العسال وآمنة الربيع وحياة الريس، مستعرضة في الوقت نفسه نماذج تطبيقية من كتاباتهن . وحول الكاتبة ( لطيفة الزيات) مؤكدة في كتاباتها على معاناة المرإة وهموم الوطن ووجع الناس، تبلور ذلك في نص مسرحي يتيم هو ( بيع وشراء) وقد كتبته عام ( 1965) ونشرته عام (1994). وموضوع مسرحية (بيع وشراء) هو الا مسرة وعلاقاتها وتستمد شخصياتها من الطبقه الوسطى، مع تركيزها على قيمة الشخصية واهمية الدور الذي تلعبه في خدمة التطور والمستقبل. كتبت لطيفه مسرحياتها بلغة عامية، يستخدمها كل الناس، وتحاورت بها كل شخصيات المرحية، واستخدمتها استخداماً فنياً احسنت نسبة، كما تمكنت من ارتفاع الحوار الى مستوى الحوار الدرامي، وافلحت في ان قدمت للمسرح لغة غير معقيدة. علماً ان لطيفة الزيات كانت رئيسية قسم النقد المسرحي في معهد الفنون في القاهرة، ومديرة اكاديمية الفنون، كما مارست النقد المسرحي في مقالات عديدة عن اعمال مسرحيته رواد مثل نجيب سرور، ومحمود دياب، والفريد فرج وغيرهم . اما بخصوص ( فتيحة العسال) فقد بدأت مشوارها الفني مع المسرح عام (1969) بمسرحية (المرجيحة) وتبعتها عام (1972) بمسرحية (الباسيور) ، وقدمت في الثمانينات مسرحية ( نساء بلا اقنعة) ، اهتمت بالعمل السياسي ، وكانت عضوة حزب التجمع الاشتراكي الوحدوي، ورئيسة اتحاد البناء التقدمي، ورئيسة جمعية الكاتبات المصريات. اعتقلت نتيجة نشاطها السياسي، وبعد تجربة الاعتقال التي عاشتها، كتبت مسرحياتها (سجف النساء). تدور ثيمة هذا النص على نساء اعتقلن لاسباب متنوعة تكشف عن انماط عيش كل منهن، ومن ظلالها تستدعي العسال اوضاع المرأة الماسوية وحقوقها المهانة: الطلاق، حضانة الولد، استغلال المرأة، الاوضاع الاقتصادية التي تدفع المرأة لامتهان الدعارة. وفي المقابل تبرز صور النساء متمردات ثائرات، اهتمن بالشأن العام، وغني عن القول ان هناك علاقة كبيرة بين تجربة المؤلفة وشخصيتها التي منحتها اماكن التحكم في بناء نصها فتحدثت نصها وعن رؤيتها للعالم من خلال ممارسة حقها في التعبير عن نفسها.
اعتمد النص لغة درامية تحد جانب المكبوت والمقصي في الواقع، انها لغة عامية اكثر اندفاعاً وانغراسً في عالم النساء، وهي لغة الذاكرة الشعبية والنص المُعطى المرتبط بالزمن الواقعي …نوّعت العسال فئات شخصياتها حسب اختلاف رؤية كل منها ودورها، فكل شخصية خصوصية ليست بيولوجية وانما موقعية متغيرة وجوهرية، يحدّدها موقع المرأة في النسق الثقافي الرمزي وعلاقتها به … صاغت العسال فكرة السجن بالمعنى الممازي الذي يترجم المكان الذي اشغلة في اللحظة التي انظر فيها الي نفسي في المرأة ، وهو مكان فعلي وحقيقي للغاية … اسهم عنصرا الزمان والمكان في صياغة نطاي النص ودفعاً به الى بلورة الرؤية نسائية صاغتها المرأة المؤلفة، عندما جعلت الزمن – بمعناه التقويمي– هو الزمن المتحرك الذي بلغت فيه المرأة وعيها وادراكها بدت ملامح تأثيرها في زمن الحاضر، وعندما حولت المكان المادي الى مكان رمزي. اما عن ( امنة الربيع) فقد حمل عنوان دراستها الخاصة بها ( امنة الربيع : المؤلفة المسرحية وخطابها الدرامي) . وقد ضم عناوين فرعية اهمها : تكوينات الخطاب الدرامي / سيرورة التاليف الدرامي النسائي / خليفة تاريخية / أساليب التغيب والتهميش / خطاب المرأة الدرامي/ الخليفة التاريخية) فك القيود والسعي الى تأسيس بنية نصها الدرامي (المؤلفة الدرامية) الافتراضات النظرية والعملية لصياغة خطاب النص الدرامي للمؤلفة / اسس الخطاب الجمالية والفنية لبنية النص الدرامي / عرض كل نماذج من اعمال الكاتبة: نص(حلم) ، نص(الجسر) ، نص (البئر) ، نص (الذين على يمين الملك او ثلاثة طيور حرة) ، نص (منتهى الحب منتهى القسوة) / نوع الخطاب في هذه النصوص وجمالياته الدرامية) تجليات الخطاب الدرامي النسوي في نصوص (الاعمال المسرحية) من خلال ما يلي: البناء الدرامي / صياغة النص / الخطاب من خلال اللغة والحوار والمونولوغات / شخصيات نسائية / ذكورية من منظور نسوي / خصوصية الشخصية وتفردها / زمن الخطاب ومكانه في نصوص آمنة الربيع .
آمنة الربيع من مواليد 1969 مؤلفة مسرحية عُمانية ، ماجستير اللغة العربية وادابها (النقد الادبي الحديث) الجامعة الاردنية ، 2002 بكالوريوس اللغة العربية وادابها، والفلسفة 94-1995 من الجامعة الاردنية كاتبة مسرحية . باحثة وناقدة في النقد الادبي الحديث ، عضو في فرقة مسرح مسقط الحر ، ورئيسة اللجنة الثقافية وتحكيم النصوص بالفرقة .
الاصدارات المسرحية:
الحلم(1990) ، الجسر (1992) ، البئر (1997) . (الذين على يمين الملك – منتهى الحب منتهى القسوة -2000).
جائزة افضل نص مسرحي مناصفة ، ضمن مسابقة مهرجان المسرح العماني الاول 2004 – اشراف وزارة التراث والثقافة – مسقط .
وقد استهلت الموضوع بالتعريف حول ما يخص الخطاب مؤكدة على ما نصه: (يتعامل كثير من المنظرين المعاصرين، كميشيل فوكو في كتابه حفريات المعرفة ، مع الخطاب ، باعتباره نظاما من التمثيل المعرفي يشتمل على مخزون تفسيري من المفاهيم والتعبيرات المجازية ويقوم ببناء صور معينة للواقع ويعكس المبادئ الترابطية التي يرتكز عليها النظام الرمزي الخاص بحقل الخطاب).
اما يمنى العيد في كتابها (في معرفة النص) فتقول حول الخطاب:”تعامل يمنى العيد مع الخطاب باعتباره قولا اي صناعة التركيب، من حيث هي صناعة ادبية فنية تركز على حركة انتظام العلاقة بين عناصر النص . وقد يعتبر وصفا للتركيب فيندرج في نظام اللغة وفي ثباتها ، وقد يكون صياغة للتعبير فيخرج من اللغة ليندرج في سياق العلاقات الاجتماعية ، اي ليقوم بمحاولة توصيل الرسالة المولودة في سياق هذه العلاقات”.
والخلاصة هنا: ان نصوص المجموعة المسرحية المكونة من خمس مسرحيات هي: (الحلم /الجسر/ البئر الذين على يمين الملك او ثلاثة طيور حرة / منتهى الحب منتهى القسوة). وتدور ثيمة هذه النصوص على قضية الانسان / المراة والرجل المقهور والمقموع من قبل السلطة السياسية والعسكرية . وهي تعتبر ان الخطاب الوحيد الذي تنادي به وتطرحه في نصوصها هو خطاب الحرية الشخصية والكرامة الانسانية واحترام الادمية، ونبذ السلطات الخفية والظاهرة ، ونبذ العنصرية والعنف ضد الانسان . علما ان كل النصوص اعلاه كتبت في فترات زمنية متقاربة مابين عامي (1990) و(2000).
وفيما يخص البناء الدرامي لهذه النصوص فقدت اعتمدت الربيع صيغة ملائمة لامتلاك فضاء التمثيل منطلقة من فهم واضح ومعقد لكون اللعبة المسرحية وتركيبة الشخصيات . هي لغة التمسرح والتقمص . فيما تنطق به تلك الشخصيات من حوار . وما تقوم به من افعال لا يقل رعبا او مسرحة عن خطاب الحكاية المتخيلة وتكشف هذه الحكاية عن مدى قوة قوة وتماسك وتخلخل وهيمنة السلطة والمستويات الضبط في حياتنا اليومية . فقارب النص بناء الحكي / السرد الذي اعتمد على الاستطراد والتفريغ والتراكم من خلال مونولوغ / حوار الشخصية وحال الشخصية قاسم في مسرحية (الجسر) والزوج والزوجة في مسرحية (منتهى الحب ومنتهى القسوة) وبلقيس مطارقه في (الحلم) .. انجلت اول مظاهر الخروج عن الكلاسيكية في نصوصها وخلخلة مسارها التصاعدي واحاديثه ، عند ما قامت الربيع في المنظر الاول لكل نص بـالارشادات المسرحية التي تذهب بعيدا نحو الجمالي التزييني كونها مؤلفة ومخرجة ، فتحكمت بمسار نصوصها من خلال رؤيتين: رؤية المخرجة ورؤية المؤلفة … فقد كسرت الربيع القواعد والقوالب الكلاسيكية بحيث لم يعُد البناء الدرامي في نصوصها كلاسيكيا ، اذ لن تعد الحبكة المسرحية منسوجة في سياقها التقليدي بحيث تنطلق منها الاحداث واليها تعود ، متصاعدة ومتطورة متازمة ثم منفرجة بل تستعين بمشاهد جديدة كمشهد فضاء الفن ، ومشهد فناني المنفى في بيت القاع الفني الشاهق ، ولكن هذه المشاهد لا ترتبط مباشرة بالعرض المسرحي الافتراضي ، وبالسياق الشكلي لبنية النص ، ولكنها وردت لدعم فكرة المؤلفة عن ضحايا الحروب: الاطفال البيوت ، ضحايا القنبلة النووية في نص (منتهى الحب منتهى القسوة)… وهنا نصل الى موضوع (حياة الرايس: نص عشتار : المراة (التمرد).
واكدت الكاتبة على التراث واستلهمت عناصر الاسطورة ووظفتها توظيفا ملائم رؤيتها الدرامية ، سواء كان على مستوى الشخصيات فهي ام تخترع شخصيات ولكنها استعانت بما ورد في الاساطير من شخصيات، اما الشخصيات الاخرى فقد صاغت
ادوارها على نحو يلائم السياق الدرامي العام للنص المسرحي لتبستوجي منها مسألتين: الصفة والوظيفة. فلعشتار صفاتها وقد رأتها الاطعمة السحرية ، ومنها صفات عشتار، وهي صفات تقليدية لازمت المرأة منذ نشأتها الاولى، وعندها من صفات اسطورية منحت للمرأة. وكذلك استخدمت الرايس صفات الاب ( توظيف سلطة انكي الاب واستعانتها بالصفة الدائمة الممنوعة له كالخداع والاحتيال ، وذلك من آجل انقاذ ابنته عشتار .. اتسمت اللغة في نص حياة الرايس بجرأة لافتة، التمثيل احياناً نحو المباشرة والتعبير الصديع للافصاح عن حال المرأة ( انتم تعرفون جمال جسدي العاري لقد آثار غيرة سيدة العالم الاسفل أريشكيجال) .. اما بالنسبة الى الزمن، فالزمن اسطوري يتداخل مع زمن الرواية وزمن الفعل. وهو زمن ايقاعة سريع يرواح بين السقوط والهبوط الى العالم السفلي مبين التنقل في البراري وغيرها. وهذه كلها افعال تنجز بسرعة وترتبط بأمامكن متنوعة. اما بخصوص الصراع الذي نشأ في هذا النص فقد جاء نتيجة صراعات بين الشخصيات وتطلعاتها وطبيعتها الخيرة أو الشريرة، وجاءت كالاتي: الصراع الدرامي: قوى الخير وقوى الشر، وتنوّع هذا الصراع من صراع خارجي بين الشخصيات الى صراع داخلي تعيشه الشخصيات نتيجة تأنيب الضمير، فكان كالاتي: صراع بين الالهة، حيث حيث لم يكتف العباد بالابقاء على تموز ضحية مسكينة في قلوبهم، بل مولدة الى بطل وطرف مهم في ملحملة الفداء، ( يمضي لاكفر عن ذنبي ، قضيت بالبكاء عاماً آثر عام) . وهنا نصل الى موضوع الاخير في هذا الفصل هو ( المرأة في كتاب – مدخل الى قضايا المرأة في سطور وصور) تأليف واعداد مادة : هذى الصدة واخريات، الناشر: ملتقى المرأة والذاكرة القاهرة. والكتاب يرصد علاقة المرأة بالمرأة ، وينجاز الى صف المرأة من حيث مفهوم الجندرية، ويكشف عن التسلط والقهر اللذين فرضاً عليها وعاشتهما مدة طويلة من الزمن، وما زالت حتى اليوم تعاني الاجحاف في بحقوقها القانونية والشرعية. والتوكيد على هيمنة الصورة البصرية وفية نقرإ ..) وهناك صيغة حداثية بدأت تشيع في اوربا، وفي الدوريات الاوربية،
صيغة تترجم القول والخطاب اللغوي الى خطاب بصري تتجاوز فيه الكلمة والصورة، وتتثبت الكلمة من ضظلال الصورة. ان ايقاع همينة الصورة البصرية على حياتنا المعاصرة بوصفها اليوم ثقافة العين، وتوجيهها لاهم احتراتيجيات التواصل الانساني، يجعلانها بثورة انتاج المعنى في الثقافه المعاصرة . لقد فرضت الصورة نفسها على تقنيات التعبير، وتسيدّت في القرن العشرين، ونمّدت تشكل سلطة تخترق انسجة المجتمع ، وتتولى امر تثقيف افرادة بأدوات المعرفة البصرية، وتركت الية توظيفها للكاتب / الفنان الذي يلعب دوراً مهما في الكشف عن العلاقة الحوارية بين المرئي / المصور والمكتوب / المجرد، مما يفتح اما قراءه افاقاً جديدة للمارسة الثقافية، وخاصة لتوصل الخطاب البصري المرفق بالكتابة أو الخطاب اللغوي) . اما بخصوص قضية الكتاب فقد جاء فية ما نصه 🙁 ألا يهمل هذا الكتاب موقفاً اجماعياً، أو رئياً ذكورياً : قرار اجماعياً، او قانونا صدر عن مؤسسات المجتمع: الثقافية والتعليمية. والقضائية . الا ويشدّد علية ويوضحة كاشفاً اسباب اتخاذة من منظور – جندري يسعى دائماً الى تهميش المرأة وسلبها حقها الانساني من الحياة والتعميم على منجزاتها الفكرية والثقافية والفنية، رغبة في السيطرة الدائمة والمستمرة عليها . قُسم الكتاب الى اقسام ضمن كل منها موضوع من الموضوعات إو فهرس وفقاً للترتيب الالقبائي … وهكذا الى ان تجتمع تحت هذه الفهرسة موضوعات: كحرير المرأة، احوالها الاجتماعية، طبيعة المرأة، نظرة المجتمع العام والخاص ، صفات المرأة، ضلم الرجل، التمييز في القانون، الاغتصاب ، الزفا، جرائم الشرف …اتبعت المؤلفات تقنية استخدام النصين معاً: المكتوب والمرئي ، وتقتصني هذه التقنية بإن يفكر الكاتب في الصورة بعد ما كان معتاداً التفكير بالكلمة) …
وطابقن بين اللغة المكتوبة والصورة تطابقاً يذهب الى حد بعيد في امقاط. المفاهيم اللسانية على حقل الصورة . مما يؤدي الى اختزال الصورة في نظام تواصلي بسيط ، وافراغها من حمولتها الكثيفة التي تتجاوز قوانين المنطق اللساني ، اي توصيل المعنى في اقل عدد من مربعات الصور ، واقل قدر من الكلمات . وعمدت المؤلفات الى الاختزال والتكثيف البلاغي ، لتمكين الفكرة من مواكبة شروط الصورة ومواصفاتها .. ولا يقتصر استخدام المؤلفات إثر الصورة على العامل الوظيفي المعتاد فقط ، وانما يمكن المرء ان يلمس دوافع متعددة تكمن وراء تنويع الصورة المستخدمة مثل:
– تصحيح فكرة سائدة مضللة او نفيها .
– التاكيد على قضية معينة .
– التعريف بشخصية معينة .
من هنا نفهم لجوء المؤلفات الى ثلاثة انواع من الصور: الشرائط المصورة ، والصور الفوتوغرافية الوثائقية ، واللوحة التشكيلية ، فلكل واحدة من هذه الصور خصائصها الخاصة بها . وبخصوص الصورة الفوتوغرافية الواقعية اكد الكتاب ما نصه: (… ان الصورة الواقعية حسب رولان بارت – تبث ثلاثة انواه من الرسائل مطمورة فيها):
– الرسالة التشكيلية .
– الرسالة الثقافية .
– الرسالة اللغوية .
وهنا نصل الى الفصل الثالث من هذا الكتاب والذي حمل عنوان (الاخراج المسرحي والسينمائي) وفيه تستعرض الباحثة تجارب ابداعية نسوية في مجال الاخراج المسرحي لكل من: (نضال الاشقر) و(سهام ناصر) و(نائلة الاطرش) متناولة في الوقت نفسه الرؤية الفنية لكل واحدة منهن على انفراد مع مقالات تطبيقية لنماذج منتخبة من اعمالهن المسرحية ، وصولا الى اخر موضوع في هذا الفصل وهو فيلم (زهرة القندول) للمخرج اللبناني السينمائي (جان شمعون) والمخرجة (مي المصري) التي قامت بتصوير مشاهده ، حيث يبرز الفيلم سيرة
المرأة اللبنانية المقلوقة، للمشاركة في تحرير الوطن .. حيث جسد ( جان شمعوق) فكرة المقاومة التي تتبين خصائصها من خلال عنصرين اساسين هما:
أ- فعل السرد.
ب- الصورة السينمائية
وهنا نصل الى الفصل الاخير من هذا الكتاب والذي استهل بموضوع: ( عرس النار ..نص مسرحي الرابع يؤسس لفعل درامي ويحي فعل الراوي) . تلاة موضوع آخر: هو ( من الحب ما قتل .. قراءة في المسرح الاغريقي / الفرنسي / الشكيري والعربي ) وثالث هذا المواضيع هو ( المرأة في المهرجان المسرخي الاول للجامعة اللبنانية الامريكية) متناولة في الحديث عن عرضين مسوحيين احدهما: اكاديمي، والثاني محترف يمتد من الفجر والغروب تبدو فيه المرأة خاضعة لكل التقاليد والمفاهيم الموروثة وهما: ( ليلة زفاف الكترا) للشاعر اليوناني سوفوكليس وآلاخر: (فجر وغروب فتاة اسمها ياسين) تأليف وأخراج محمد القارصلي، ومن تمثيل الفنانة ( ندى حمصي ) وحصلت من خلاله على جوائز عدة. وهنا نصل الى موضوع ( مخدة الكحل ) مسرح صوتي يبحث عن جوانية المرأة، وهو من اخراج المخرج المسرحي المصري ( انتصار عبد الفتاح) . واخر مواضيع هذا الفصل هو ( المرإة في الدراما التلفزيونية .. مسليل الزعيف) .
واخيرا لايسعنا الان نثمن الجهد الكبير والمتفرد من قبل الباحثة المثابرة ( وطفاء حمادي) وهي تجد بنا بسياحة معرفية وجمالية ثرة وممتعة في قارة الابداع المسرحي الاصيل والممتع والمدهش.
* محمد محسن السيد / مدير المركز العراقي للمونودراما