نص مسرحي: “لعبة الحب والموت” / تأليف: حيدر عبد الرحيم الطيب
شخوص المسرحية :
ـ الشاب : ( متوتر دائماً )
ـ قابض الارواح : ( مسترخي دائماً )
ـ العمة : ( مرحه دائماً )
ـ الشابة : ( جديه دائماً )
المكان / غرفة نوم . يدخل الشاب يرتدياًملابسَ نومٍحاملاًعلى كتفهِ منشفةً . يرن الهاتف )
الشاب: (متذمراً ) نعم، أنا لم أرَ النومَ منذُ أربعِ ليال، ماذا، ما زال الوقت مبكراً ، أمامنا المزيد من الوقت، نعم نعم بالتأكيد، سأخبرك لاحقاً (يغلق الهاتف) أكاد لا أرى من قلة النوم (ينظر الى المرآة) الرقعة الزرقاء لا تفارق عيني، إني مرهق. ها أنذا منذ أربع ليال، أعملُ ليلاً ونهاراً ، من غير أن يغمضَ لي جفنٌ، ليلةُ الزفافِ مرهقةٌ تماماً ، مرهقة طالما تكون لوحدك، ليسَ هناكَ من يحس بها غيرك، أحسُ إني رجل لأمرأتين أعمل من الصباح حتى المساء، ومن المساء حتى الصباح (يضع يده على جبينه) ناهيك عن الحمى التي أصابتني اليوم، يالهُ من حظ عاثر (بتذمر) أما عمتي أم زوجتي، فأنها عازمة على ذر الرمال في العيون، لذلك عليَّ أن أبذل جهداً من أجل زوجتي، وأواصلُ العملَمن أجل مراسيم الزفاف (يُطرَقُ البابُ طرقات عدة) أخشى أن يَكون الطارق أم زوجتي، أخشى ذلك، بالله عليكِ، لا تكوني أنت، ليس لي القدرة على كلامك الخبيث (يفتح الباب، يتفاجأ برجل طويل القامة، أنيق)
الشاب : (مصدوماً ) تفضل. ماذا تريد؟ (الذي على الباب يلتزم الصمت) لماذا لا تجيب؟ (الذي على الباب يفتح عينيه) قلت لك ماذا تريد؟ (الذي على الباب يبتسم) هل أنت أخرس؟ حسناً (يقوم الشاب با الاشارة إليه) ما هذا اليوم، أتصور يوم زفافي. ينبغي أن يكون جميلاً ، أتصور تعافيت على وجود أم زوجتي (الى الذي يقف عند الباب) أكررُ عليك ما قلتُ للمرة الأخيرة، بعدها سأغلقُ بابي، لا تجبَرني على ذلك. ماذا تريد؟
هو : (بهدوء) أنا …
الشاب: أنكَ تتكلم ، وليس أخرساً ، ماذا تريد ؟
هو : وهل نتكلمُ عندَ البابِ ؟
الشاب : (بخجل) هذا صحيحٌ ، تفضل، أرجو المعذرة، منذُ أربعِ ليال لم أرَ النوم، تصّورْ أيها السيد إني اتحملُ كلَّ شيءِ في هذا العالم الغريب، إلا الانسان، ليس بمقدوري أن تحمله، ليس بمقدوري تحمل أم زوجتي أكثرَ من ذلك. أنا لم أنم منذ أربع ليال .
هو : لا عليكَ ، أنا هنا لكي تنام ؟
الشاب : أتمنى ذلك ، ولكن لامجالَ للنوم، بعد ساعاتٍ قليلة. سأبدأ مراسيمَ الزفاف .
هو : كما إني عازم على أن أحِررَك من أم زِوجتِكَ .
الشاب : (بفرح) أكونُ شاكراً لكَ وممتناً . لكن أذا أرتَ أن تنويَ الزواجَ منها لا أنصحكَ بذلك .
هو : لماذا ؟
الشاب : أنها ثرثارةٌ ، كما أنها فضوليةٌ أيضاً .
هو : لا يصحُ أن تتكلمَ على أم زوجتكَ بهذه الطريقة. ‘إنها بمثابةِ والدتك. وعليكَ أن تتكلمَ عنها بلياقة واحترام .
الشاب: (معانداً ) لم أتكلمْ معها بلياقه، إنها ثرثارة وفضولية، تصّور منعت زوجتي من الخروجِ معي، لنشتري إثاثاً لبيتنا. كما أنها صممت أن نتزوج هذا الاسبوع، وأن لم يحصل ذلك، فلا زواج .
هو : ربما هذا الشيء لصالحك .
الشاب: ( فتره صمت ) من أنتَ ؟
هو : أنا …
الشاب : (مقاطعاً ) أقسمُ عليكَ باللهِ الذي يرانا، كفى مطالباً، ليس لديَ القدرةَ على فعلِ أي شيء .
هو : ولكن ليس هناك اية مطالب ، ولم يبعثني أحدٌ
الشاب : إذن من تكون ؟ زوجَها ؟ أنا أعرفُ أن زوجها ذهبَ شهيداً نتيجة لحربٍ غير متكافئةٍ ، كان رجلاً شجاعاً ، كان رجلاً ماجداً.
هو : وكيفَ عرفتهُ ؟
الشاب: كان أبي يتحدثُ عنه دائما، ونحنُ على مائدةِ الطعامِ، يتحدثُ عن بطولاته، وكيفَ هزمَ العدوَّ،كما أنهَ كان يمتلكُ أخلاقَ الفتالَ، لقد أمهلَ العدَّو بضعَ دقائقٍ لكي يأخذ قتلاه في اجدى المعارك . لقد حصل على الكثير من الاوسمة لشجاعته .
هو : ( محققاً ) وهل رأيته أنت ؟
الشاب : عنما كنتُ طفلاً ، أتذكرُ ذلكَ ، كان يأتي بقيافتهِ العسكريةِ، وسلاحهِ يتدلى على كتفة، كان يمشي بخطىً بطيئة، يتصنع حركاته وكلماته. هذهِ المرةُ الوحيدة التي أتذكرُه، حيث التحق بعدها بوحدتهِ وعَاد شهيداً .
هو : إني أتذكر ذلكَ الشخصَ جيداً . هو نال الشهادةَ روحه قبضت وسط المعركة، أنه لم يمتْ برصاصِ العدو، لقد مات ميتة طبيعية.
الشاب: لا . أستشهد برصاص العدو .
هو : ولكن لم يحصل ذلك .
الشاب : ليس من حقكَ أن تدعي ما لا تعرفةُ.
هو : أنا قابض الارواح، ولا موت في هذا العالم، يحصلُ الا على يدي .
الشاب: ( مستهزءاً )أذن أعملْ بيَ معروفا، وأقبض على أم زوجتي .
قابض الارواح: ولكن، أجلها لم يحنْ بعد، أنا هنا ليس من اجل قبض روحها بل من أجلك أنت ،
الشاب: (غاضباً ) أسمعْ أيها السيد، أنا رجلٌ حادُ المزاجِ، حينَ استشيط غضباً ، اسبب لك مصيبة .
قابض الارواح : ( يصرخ ) أخفضْ صوتكِ، أنتَ لستَ قادراً على فعلِ أيَّ شيء .
الشاب : (متحدياً ) سترى ذلكَ بأمَّ عينك (بينما الشاب يهاجمه، محاولاً ضريه تقف يديه) أتركني، أتركني، ما هذا، لستُ قادراً على انزال ذراعيَّ. أتركني لقد أوجعتني. لست قادراً على تحملِ الألم أكثرَ من ذلك.
قابض الارواح : (يتركه) الآن عليَّ أن أقبضَ روحَك يالك من محظوظ ، أن أسمكَ في أولِ القائمة .
الشاب : تقبضُها الآن ؟
قابض الارواح : (يخنقه) نعم وسترَى ذلك َبعينيك .
الشاب : (يحاول أن يفلت يديه) أرجوك توقف توقف قليلاً ، دعنا نتفاهم ،
قابض الارواح : (يتركه) والان هل ما زلتَ غير واثق باني قابض الارواح
الشاب : (بخوف) لا . لا . ولكنني أريد أن أطلب منك طلباً واحداً ، أريدُ أن تمهلَني يوماً واحداً ، حتى أكملَ مراسيمَ الزفاف .
قابض الارواح : لا يمكنُ ذلك . اليوم علي أن أقبضَ روحك . ولا مفر لكَمني .
الشاب : (متوسلاً ) يوماً واحداً ، أفعل ذلك من أجل أحبتي، يوماً واحداً ، على الاقل من أجل عمتي المسكينة، انها تحلم أن ترانيِ سعيداً بمثل هذا اليوم. لا أريدُ أن يتحولَ فرحُها الى حزنٍ .
( ظــــــــــــــلام )
(العمة والشاب، في غرفه النوم. تدخل العمة لاهثة. حامله بيدها حقيبة سفر . بينما الشاب يرتب الستائر ماسكاً بيده مطرقه)
العمة : بني ( تعطي قبلة في الهواء )
الشاب : ( بفرح ) عمتي العزيزة ، كم أنا فرح الأنك أتيتِ
العمة : (تتحسس جبينه) هل أنت بصحة جيدة، لقد اتصلتُ في زوجتك، قالت لي أنت لست على ما يرام .
الشاب : حينما رأيتك ، أصبحت في صحة جيدة .
العمة: لم أتوجه الى أحد منذ أن وصلت للمطار ، ساقتني قدماي الى هنا من أجلك .
الشاب : أجلسي حتى نتناول الغداء معاً .
العمة : لم أ أت للغداء ، جئتُ لكي أراك فقط ، سأعودُ لاحقاً (تتذكر) اه .. صحيح (تجلس) سأقصُ عليكَ ما حصلَ معي قبلَ أن أذهَب، أتعلمُ أن رحلتي كانت جميلة، يبدو لي إني سأرقصُ اليوم مرتين .
الشاب : أين رقصتي المرة الاولى . ؟
العمة : (ضاحكة) في الطائرةِ، كان هناكَ مجموعة من الشبانِ والشاباتِ، يرقصون ويمرحون، أعجبني ذلك، قمتُ من فوري ورقصتُ معهم، كانَ الجميعُ يتغزلّ بي، حقاً في لحظتها شعرت بإني عدتُ للأيامِ الخوالي (تضحك بهستريه) تصور . يتغزلونَ بوجنتَّي، هم لا يعلمونَ إنها زرقاء (تضحك) هم لا يعلمونَ إني عالجتُها من مجموعة الكماليات التي جاء بها زوجي، لعشيقته التي كشفه معها، حينها وعدني أن لا يقترب منها وأن يكون مخلصاً لي، لم أصدق ذلك، ولكني ألتزمتُ الصمت حينها، وأخذت علبة الكماليات منه (ضاحكة) نظرت لي شابة، وضعت يدها على خصري، قالت لي ما هذا، قلت لها هذا خصري، قالت لي تصورتُ أنك تخبئينَ في هذا المكان مجموعة من الورق (تنهض) الآن سأرحل، آهت ذكرتُ، أن خالكَ يقرؤك السلام وبعثَ معي قبلةً لك (تقبله) أما خالتكَ، فانها تعتذُر وبعثت معي قبله لك (تقبله) أما جدتك تقرك السلام، وتقول لك أيضاً لا يمكنني الحضور، بسبب المرض، وحينما علمت أنك لست في صحةٍ جيدة، ورأسك يؤلمك، بعثت معي قطعاً من القماش (تخرجها من جيبها)
الشاب: (بخجل) عمتي، لم يحن الوقتُ بعد، مازالت العروس في بيتِ أهلها، فلا داعي لقطعةِ القماش .
العمة : وما دخل العروس بذلك ؟ أنها من شأنك
الشاب : لكن ليس الآن بل حينما نكون معاً .
العمة : ولكننا معاً .
الشاب : من ؟
العمة : أنا وأنت .
الشاب : عمتي دعكِ من هذه الخرافات ، أنا لا أحبُها .
العمة : ( تصرخ ) أتقول على جدتكَ انها خرافة .
الشاب: أعني كلامها ، وليس هي .
العمة : علينا أن نعملَ بقطعةِ القماشِ الآن، حتى نتجنبَ المضاعفات .
الشاب : لكنني لا أريد .
العمة : (تسحبه، تسقطه أرضاً تضع القطعة القماش بين حاجبية، وتعض عليها بأسنانها، فيبدأ الشاب بالصراخ) ..( تنظر الى ساعتها) علي أن أجهز نفسي، سأراك لاحقاً ( تخرج )
( ظلام يعود المشهد بين الشاب و قابض الارواح )
قابض الارواح : كل ذلك لا يعني لي شيئاً ، أنت لستَ الوحيد في هذه الدنيا، صادفه القدر معَ يومِ زفافة .
الشاب : ولكنني طلبتُ منك يوماً واحداً.
قابض الارواح: ( مصراً ) لا أستطيع، كما إني لا أريد أن أخلَّ بعملي، العدالةُ تقول أنكَ يجب أن تغادرَ هذه الحياة .
الشاب : ( بألم ) كنت دائماً أسمعَ بالعدالةُ ، الكثيرونَ يتحدثونَ عنها ،
قابض الارواح : عدالةُ الرب ، تحمي الطيرَ بعشهِ .
الشاب: وعدالةُ الانسانِ، هي الانتظار، كنتُ دائماً اطمحَ أن أحقق حُلماً واحداً من أحلامي، أحلام بسيطة، لكنها كبيرة بداخلي، أن لم يتحقق أعالجها بجعرة من الانتظار، الانتظار رفيقي المحتال، اكتشفه توا، أنه اشبه بالعجائز الجالسة قرب المدفئة، تسطر قصص خرافية، على عقول ناشئة.
قابض الارواح: لا تكن متشائم الى هذا الحد .
الشاب: (منزعجاً ) متشائم، كلمة قالها جدي لابي، وأبي قالها لي، وأنتَ تكررها على مسامعي. وأنا أريُد أن أقولَ لك الان، انني لا اطلب منك سوئ هذه الليلة .
قابض الارواح : ( يصرخ ) قلت لك لا يمكنُ ذلك .
الشاب :( مولولاً ) حبيبتي، تعالي وأنظري الى زوجكِ المسكين، لقد أمنتُ بالدعاء، ها قد تحققَ دعاءُ أمِك . إني سأموت .
قابض الارواح : هيا ، هل أنتَ مستعد ؟
الشاب : أريدُ أن أطلَب منك طلباً .
قابض الارواح : بدأتُ تطلب كثيراً ، ليكن في علمك أني لن اخرج من هنا بدون أن أصطحب روحك معي .
الشاب : أنا لستُضدَ القدر، ولكنَّ طلبي هو أن أتناولَ وجبتي الاخيرة .
قابض الارواح : ليس مهماً .
الشاب: (متوسلاً ) أرجوك .. أمنحني بضعَ دقائق فقط .
قابض الارواح: ( على مضض ) لا مانع من ذلك، ولكن بسرعة.
الشاب : ( بحيله ) وعليكَ أن تتناولَ معي الطعام ،
قابض الارواح: لا أريد ، هيا أسرع ( يري القائمة ) لقد تأخرتُ كثيراً ، هناك أرواح علي أن أقبضَها
الشاب: ولكنكَ ضيفي، وعليكَ أن تتناولَ الطعاَم معي. ليس من الاخلاق. عدمَ أكرامِ الضيف .
قابض الارواح: (مسترخياً) حسناً سأتناول الطعام ( يجلس )
الشاب: (جانباً ) هذهِ فرصتي الوحيدة، حتى تتحققَ مراسيمُ الزواج، سأضعُ حباَت المنوم في الطعام، هذه أنسبُ طريقةِ لكسبِ الوقت (يضع المخدر في الطعام ويقدمه) ولكن سيأتي الموت لا محال، سيقبضُ روحي هذا الضيفُ الثقيل، إني في حيرةٍ من أمري، لم أكن متحسباً واعياً لمثل هذا اليوم، ماذا عسانيَ أن أقولَ لو سألوني عن الذنبِ الذي اقترفتُه، انه سؤال محرج، لا املكُ له، جواباً شافياً .
( ظــــــــــــــلام )
(حجرة قديمة، تحتوي على سرير حديد، ووسادة، يتواجد فيها، الشاب، والشابة)
الشاب: (ينظر الى ساعته، يتصل بالهاتف همساً ) لقد تأخرتي كثيراً ، منذ ساعةٍ وأنا في انتظاركِ، .. أنا ما زلتُ انتظر .
الشابة: (تدخل خلسه تخلع معطفها) لقد تأخرتُ بسببِ المواصلات، كلُّ الطرقِ مغلقةٌ، لا اعرفُ ماذا يحدثْ. رغمَ إني حاولتُ جاهدةً لمعرفة السبب.
الشاب : يقولون أن ثمة شابة هربتْ مع عشيِقها منذ فترة ،
الشابة : وهل وجدَوها ؟
الشاب : يقالُ أنها جاءت الى بيت أهلها بعد هذه الفترة، مع عشيقها التي هربت معه، وكنا متزوجان ،
الشابة : كم أحبُّ الشبابَ الذين يفوا بوعودهم .
الشاب: لكن أباها لم يعجبه ما فعلتْ به أبنته، فقتلها على الفور .
الشابة : انه شخصٌ مجنون حقاً.
الشاب : لم يكتفِ بذلك، وانما صوب فوهة مسدسة، نحو الشاب أيضاً وارداهُ قتيلاً .
الشابة : ما أبشعَ هذه الجرائم،(تواصل) عليكَ أن تفي بوعدك لي، كما فعلَ ذلكَ الشاب .
الشاب : ولكنني لا أريدُ أن أقتل .
الشابة : ومن قال أنكَ ستقتل .
الشاب : ( رافضاً ) لا . لا . لا أريد أن تكونَ نهايتي حزينةً
الشابة : بل سعيدةً ، كلُّ ماعلي كَأن تتقدم لخطبتي .
الشاب : (مراوغاً ) دعكِ من كل هذا، نحنُ هنا في هذا المكانِ البسيط، قربَ النهرِ ، حينما تفتحين النافذة، يواجهك جمالُ الازهارِ الواسعة (يتقرب عليها) كم أتمنى بيتاً يحتوي على حديقةٍ واسعة، حينها أمنعكُ من الخروجِ، فأنا شديدُ الغيرة .
الشابة : كل ذلكَ لا يعني لي، بقدرِ ما يعنيِ لي وجودُك بحياتي. كل ما عليكَ هو أن ترتبط بي رسمياً .
الشاب : (يضحك) هذا ضرباً من الجنون، أنا لا أملكُ شيئاً،كيف يمكنني أن أتقدمَ للزواجِ من شابةٍ ثريةٍ مثلك .
الشابة: (غاضبة) وأين كانت يقظتُك هذه من قبل، أينَ كانتْ وأنتَ تعزفُ على اوتار قلبي بمشاعرِك، أين كانتْ عندما كنت تتغزلُ بمفاتنِ جسدي، أين كانتْ عندما لمستَني .
الشاب : ( متلعثماً ) كلَ شيءٍ كانَ حسبَ رغبتِك.
الشابة : ورغبتِكَ أيضاً . لا تقولها لي بطريقتكَ المحتالة، أتمنى أن اشمَّ عطرك، أتمنى أن ترتديَ الالوانَ التي أعشقهُا .
الشاب : النساءُ أن كرهَت رجلاً ، لا تنظُر ألا لعيوبه .
الشابة : ولكنني لا أكرهكَ، ودليلي على ذلكَ، اللوحةَ التي أرسلتها لي (تفتح الهاتف) أنظرْ ، ألم تقل انك تريدٌ تطبيقها معي، أنا جاهزة سأخلع ملابسي، وأرتدي اللونَ الاسودَ الشفاف، وسأنامُ على الارضِ، وأنتَ تسكبُ الماء على جسدي لترى مفاتني.
الشاب: كانتْ أمي تحدثنُي دائماً ، عن السيدة السوداء، التي سرقت أخيها الشاب الجميل، عندما اغرتهُ بالمال، وبوعودٍ ما أنزلَ الله يها من سلطان.
الشابة : وما الضيرُ في ذلك .
الشاب : بعد زواجهما لم يحصلْ أي شيء، وعدته به. لا، بل جعلت منه شخصاً ممسوخاً ، ضعيفاً مهزوزاً ، لا يشربُ، لا يشرب الماء حتى يأخذ أذناً منها، تصوري انه اصبح لا يملك حتى صديقاً واحداً .
الشابة : لماذا ؟
الشاب : الانها لا تثق به مطلقاً ، بل أنها ما عادت تسمح له بالخروج الا معها .
الشابة : هذه أمرأةٌ مريضةٌ حقاً (تواصل) لهذا السبب أنت تخافُ من أن تكونَ زوجاً لي ؟
الشاب : ربما .
الشابة : ربما ماذا ؟
الشاب : تكوني مثلَها .
الشابة : ولكنني لستُ السوداء .
الشاب : كلكم من معشر النساء سوادٌ .
الشابة : (بغضب) لا يمكن أن تكون أنتَ الشخص الذي يأسرُ القلوبَ من نظرة. لا يمكنَ أن تكون أنتَ الذي لا استطيع نسيانك، كلما حاولت ذلك .
الشاب : (يصرخ ) يكفي .. أن يقظتي تختلف عما تقولين .
الشابة : أتحفني بها .
الشاب : (موضحاً) أنت شابهٌ ثريةٌ، وأنا شابٌ بسيطٌ ، من يضمنُ لي أنك ستقدسينَ وجودي؟ من يضمنُ لي أنك لا تطرديني غداً من حياتك،
الشابة : ولكنني لم أطلبْ ضماناً حينما لمستني ،
الشاب : هذا الانك تثقين بي .
الشابة : وأنتَ ؟
الشاب : لا أدري .
الشابة : كيفَ لا تدري .
الشاب : لا أنني لا ادري .
الشابة : (منكسرة. تلبس معطفها تنظر إليه) هذا أجملُ لحنٍ عزفتهُ اليومَ على شغافِ قلبي، لحنٌ جميلٌ، مؤلمٌ ولكنه حقيقي صادم، يختلف عن ألحانك السابقة ( تخرج )
( ظـــــــــــلام )
( في غرفة النوم ، الشاب مع قابض الارواح )
الشاب: (بحذر ، يقوم بمسح أسمه من أول القائمة، ويضعه في آخرها) هذا أفضلُ شيءٍ، ربما يمنحُني ذلكَ ساعاتٍ معدودةً، ولربما يوماً كاملا. أعلمُ أن الوقتَ الاصليَّ من عمريَ قد نفذَ، وها أنا أمنحُ حياتيَ وقتاً اضافياً، كل ذلكَ من أجل مراسمِ الزواج، لا أريدُ غير أن أتذوقَ طعمَ السعادةِ لساعةٍ فقط .
قابض الارواح: (يصحو) إني مرهقٌ ، لذلك سرقَني النومُ فضلاً عن ذلك، أن الطعاَم كان ممتازاً، فقد سال لعابي عليه. لذلكَ سأمنحُكَ فرصةً، طالما قمتَ بضيافتي .
الشاب : ( بفرح ) حقاً ، أنا في غايهِ الشكرِ والامتنانِ لك .
قابض الارواح: (ينظر للقائمة) سأمنحك فرصة تحيي بها مراسيم زواجك .
الشاب: الله كل ما اريدهُ هو أن أتزوجَ فقط .
قابض الارواح : بل اريد منك ساعتين. ساعتين فقط . فهما يكفياني .
قابض الارواح: حسناً. دعني اذن ابدأ بقبض الارواح من آخر القائمة .
الشاب : (مصدوماً ) لا ، أقسمُ عليك بالله الذي يرانا ، لا تفعلْ ذلك .
قابض الارواح: (مستغرباً ) لماذا، أني أقوم بذلك من أجلك أنت. أريد أن اصنع معك معروفاً، مكافأة على كرم ضيافتك لي.
الشاب : بل قل لتعاستي . أرجوك لا أريد كرماً مثل هذا .
قابض الارواح : (ينظر الى القائمة) ما هذا، يبدو أنكَ وقعت في شرَّ أعمالكْ، لم تنفعكْ الخدعة التي عملتها، سأبدأ من آخرِ القائمة، إن اخر اسم فيها هو أسمك .
( يصرخ الشاب فجأة ويقع على الارض ، نسمع اصوات هلاهل ، وصوات سيارات ، ودبكات تقترب )
تعتيـــــــــم
*حيدر عبد الرحيم الطيب (الناصرية/ 2024)