على ذكر المهرجان الوطني للمسرح في دورته 24/ رشيد بنطالب

شهدت الدورة 24 من المهرجان الوطني للمسرح المغربي انتكاسة حقيقية على عدة مستويات، ما أدى إلى تزايد الشعور العام بعودة ممارسات غير شفافة، مثل التدليس، الاحتكار، والصفقات المشبوهة. هذه الظواهر لا تهدد فقط مصداقية الفعل الثقافي والفني، بل تعصف أيضًا بثقة الجمهور والمشاركين، التي تعد ركيزة أساسية لاستمرارية أي مشروع ثقافي ناجح.

عندما تتحول منصة المهرجان الوطني من ساحة للاحتفاء بالإبداع إلى فضاء لتصفية الحسابات الشخصية أو تحقيق مصالح ضيقة على حساب القيم الثقافية، فإن ذلك يعطل مسار تطوير المسرح المغربي. بدلًا من التركيز على الأهداف الكبرى، كالارتقاء بالمسرح الوطني وتعزيز مكانته محليًا ودوليًا، نرى انحرافًا واضحًا نحو نزاعات وصراعات تفرغ المهرجان من جوهره.

هذا الوضع يثير أسئلة عميقة حول معايير الاختيار والتقييم. إذا استمر هذا النهج، فإن انعكاساته السلبية لن تقتصر على دورة واحدة، بل ستطال دورات مستقبلية، ما يُهدد بنفور المبدعين الحقيقين والجمهور معًا. هنا يأتي دور المساءلة والشفافية كحجر أساس لإصلاح منظومة المهرجان.

إن إصلاح الوضع يتطلب وقفة جادة من جميع الأطراف الفاعلة في المشهد المسرحي، من صناع القرار إلى الممارسين والنقاد. يجب إعادة النظر في آليات التنظيم والتسيير، وضمان أن تستند إلى معايير الكفاءة والاستحقاق بعيدًا عن أي محاباة أو انحياز.

إن الدورة 24 من المهرجان الوطني للمسرح ليست مجرد حدث عابر، بل فرصة حقيقية لإعادة تقييم الوضع الراهن. التصحيح لا يمكن أن ينتظر، لأن استمرار الممارسات الحالية يهدد بتقويض مكانة المسرح المغربي، الذي طالما كان أحد أبرز أركان الثقافة الوطنية.

دعونا نعتبر ما حدث دعوة ملحة لإجراء تغييرات جوهرية، تبدأ من إعادة صياغة رؤية المهرجان وأهدافه، مرورًا بإصلاح هياكله وآليات عمله، وصولًا إلى تحقيق شراكة حقيقية بين جميع الفاعلين. الشفافية، الكفاءة، والعدالة هي الركائز التي يجب أن نبني عليها المستقبل، لضمان أن يظل المهرجان المهرجان الوطني فضاء للإبداع والتطوير، وليس ساحة للمصالح الضيقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت