التفكير الإبداعي: حياتك كأسمى تجسيد للإبداع/ د. فاضل الجاف
يُعد التفكير الإبداعي ركيزة أساسية في العديد من المجالات التي تتناولها التنمية البشرية وفلسفة العصر الجديد.(New Age)
تهدف هذه الفلسفة إلى تعزيز النمو الشخصي والسلام الداخلي، وقد أسهمت في انتشارها شخصيات بارزة مثل ديباك شوبرا، وإيكهارت تول، ولويز هاي، وأوبرا وينفري، التي لعبت دورًا إعلاميًا رئيسيًا في الترويج لهذه الأفكار من خلال برامجها التلفزيونية المثيرة.
التفكير الإبداعي هو أداة فعالة تتيح لنا استخدام الخيال والفكر والفانتازيا لجعل أهدافنا واضحة ومجسدة، مما يعزز من إمكانية تحقيقها. ورغم أننا نمارس التفكير الإبداعي بشكل عفوي في كثير من الأحيان، فإن المقصود هنا هو كيفية توظيفه بذكاء وفق خطة مدروسة في مختلف جوانب حياتنا اليومية، سواء في العمل أو العلاقات الإنسانية، بهدف تحسين جودة حياتنا بشكل عام.
تقدم الكاتبة الأمريكية شاكتي جاوين في كتابها Creative Visualization ( التصور الإبداعي) تقنية عملية لتحقيق الأهداف من خلال التفكير الإبداعي. تقول جاوين: “تخيّل هدفك بوضوح وركز انتباهك عليه حتى يصبح حيًّا في ذهنك”. كلما كانت الصورة الذهنية أوضح، ترسخت بشكل أعمق في ذهنك، مما يعزز شغفك ويزيد من رغبتك في تحقيقها. عندما تتحول الرغبة إلى قوة دافعة، تتجند طاقاتك وإمكاناتك لتحقيق هذا الهدف. هكذا يصبح التفكير الإبداعي وسيلة فعالة لتحويل أهدافك إلى واقع.
علاوة على ذلك، يمنح التفكير الإبداعي شعورًا بالتميز والفردية، حيث يعبر عنك بطريقة فريدة، بعيدًا عن تكرار ما يفعله الآخرون. هذا الوعي يضفي على حياتك معنى أعمق، إذ تتحول حياتك نفسها إلى مشروع إبداعي. إن إدراكك لحياتك على أنها أعظم إبداع تقوم به يجعلك تصوغ مسار حياتك بما يتناسب مع طموحاتك ورؤيتك الشخصية.
ميزة أخرى لممارسة التفكير الإبداعي تكمن في أنه يرسخ مفهوم أن حياتك هي الابتكار الأسمى، سواء كنت تكتب نصوصًا، تقدم عروضًا مسرحية، تؤدي أغاني، ترسم لوحات، أو تصمم مباني. إذا لم تعتبر حياتك مشروعك الإبداعي الأهم، فلن تكون ابتكاراتك اليومية مصدرًا للسعادة والرضا، ولن تمنحك إحساسًا عميقًا بالاكتمال والإشباع.
كيف نتعامل مع الحياة بنظرة إبداعية؟
تضيف جاوين: “إن التفكير الإبداعي أسلوب عملي يومي، إذا تم استخدامه بذكاء، يزيد من فرص تحقيق الأهداف التي نحلم بها”. يساعد التصور الإبداعي على خلق الوضوح الذي نحتاجه لوصف أهدافنا بوضوح في أفكارنا وخيالنا وتجسيدها بصور مشرقة وحيوية، مما يعزز تحقيقها في الواقع.
بغض النظر عن طبيعة هدفك، سواء كان مشروعًا كبيرًا أو عملاً يوميًا بسيطًا، يمكن للتفكير الإبداعي أن يكون حليفنا الأساسي. فأهميته لا تتوقف عند نوع الهدف بل تكمن في كيفية استثمار ذكائنا ووعينا لتحقيقه. وشعورك بالسعادة والرضا يزداد عندما تمارس الأنشطة اليومية بنظرة إبداعية؛ سواء كنت تعزف على آلة موسيقية، تقرأ كتابًا، تهتم بحديقتك، أو تستمتع برحلة صغيرة أو تبني علاقة جديدة مثمرة. جوهر التفكير الإبداعي هو تحويل كل لحظة من حياتك إلى تجربة فريدة تضيف متعة ورونقًا للوجود.
والتفكير الإبداعي لا يرتبط بنخبوية أو تفوق ثقافي، بل هو أسلوب حياة متاح لكل من يرغب في ممارسته. تقول جاوين: “لا يوجد فرق بين الرسم أو النحت أو صناعة الأحذية، سواء كنت بستانيًا، مزارعًا، نجارًا، أو صيادًا. الابتكار لا يتعلق بنوع العمل الذي تقوم به، بل بنوع ومستوى الذكاء والوعي الذي تضيفه إليه”. مهما كان ما تفعله، يمكن أن يكون إبداعًا إذا فهمت جوهر التفكير الإبداعي.
عندما نمارس التفكير الإبداعي، يرتقي تركيزنا على اللحظة الراهنة، ويزداد شعورنا بالحيوية، مما يساعدنا على التغلب على القلق والكآبة. الإرادة والعزم يدفعاننا للتركيز على أهدافنا، مما يعزز ثقتنا بأنفسنا. لذا، يعد التفكير الإبداعي أفضل وسيلة لتعزيز هذه الثقة بشكل مستمر.