نص مسرحي: “متى سيأتي موزّع الهدايا” / تأليف:أثير الهاشمي

نص مسرحي (من شخصيتين)

الإنسان1: متى؟ ! (برهة) متى؟! (يُضيف) متى سيأتي .. ؟!

الإنسان 2: (باستغراب) مَن ْ ؟ !

الإنسان1: (بثقة) هو ؟ !

الإنسان 2: مَن ْ ؟ !

الإنسان1: لا يفقهه أحد ؟ !

الإنسان 2: مَن ْ هو ؟

الإنسان 1: الذي .. سيأتي !!

الإنسان 2: (بتعصب) لكن .. مَنْ هو ؟

الإنسان 1: (بمحبة وشوق) سيأتي حتماً ؟

الإنسان2: لتخبرنا به ؟ مَن ْ يكون ؟

الإنسان1: سيأتي حتما .. سيأتي بهدوء ..

الإنسان2: وهل نحن نعرفه ؟

الإنسان1: سيأتي حتما بهدوء ،، سيأتي بوجه مبتسم !

الإنسان 2: وهل يعرفنا ؟

الإنسان1: (يكرر ما قاله) سيأتي حتما بهدوء! .. سيأتي بوجه مبتسم!! .. سيأتي بروح طيّبة!!!

الإنسان2: وهل سنلتقي به ؟

الإنسان 1: سننتظره على أحرّ من الاشتياق!

الإنسان 2: وهل يستوجب الشوق له !

الإنسان 1: سنشتاقه ويشتاقنا!

الإنسان 2: (يستغرب) ولِما هذا الاشتياق !

الإنسان 1: نحن أطفال صغار بالنسبة لاشتياقنا إليه ..

الإنسان2: (بسخرية) والشيب الذي يغطّي رؤوسنا بياضا!

الإنسان1: سننتظره !! ونحن نشتاق له.. سنكون مثل الأطفال، سعداء !!(بحماس) نشتاق إليه، إلى اللقاء .. ونحن كالأطفال .. سنكون سعداء!!سننتظره .. ليجيء، ليوزّع الحلوى !!(بثقة) نعم الحلوى ..(بضحكة بريئة) حلوى !! نعم حلوى .. لكنها حلوى مختلفة !! حلوى مغطاة باللؤلؤ اللامع، والكاكو، والحليب والإبتسامة النابضة !!(أكثر ثقة) حلوى يوزّعها على الأطفال .. أقصد نحن الذين نشبه الأطفال!! سيوزّع الحلوى المفعمة بالحياة والجمال ..سيوزعها علينا جميعا بقسمة عادلة !!سننسى قسمتنا الضيزى !! ونحن نُسرق كل يوم ..سننساها !! (يؤكد) سنكون مثل الأطفال .. نضحك .. ونلعب .. نمارس دور الحياة بأرواحنا البريئة ..لا موت ولا قتل ..

الإنسان 2: كيف ذلك ؟ !

الإنسان1:  نعم ..  لا موت ، لا حروب ، لا رشاوى (يضحك بفرح)نعم .. سننتظره .. مثل أي طفل ينتظر الحلوى ..

الإنسان 2: ومتى يأتي !

الإنسان 1: (يلاطفه) أنا الذي اسأل.. متى سيأتي ..

الإنسان 2: وأنا صرت ُ اسأل :متى سيأتي موزّع الحلوى !!

الإنسان 1: (بتعجب) موزّع الحلوى!! اسم جميل يُليق به..

الإنسان 2: جعلتني اشتاق إلى موزع الحلوى !!

الإنسان1: هذا السؤال سيبقى ينبض في الذاكرة! متى سيأتي موزّع الحلوى!! (يؤكد) نعم .. هو .. سيوزّع الحلوى!! سيوزّع الابتسامة!! سيوزّع الفرح (يكرر) متى سيأتي موزع الحلوى؟!! متى سيأتي موزّع الهدايا؟! (برهة) سيأتي حاملاً إلينا المرايا.. لنرى بها أنفسنا.. نرى أرواحنا ..يكشفها أمامنا .. سنرى أرواحنا مثلما نرى أجسادنا العارية أمام المرآة.. سنرى أرواحنا عارية أمامنا تماما ً ..سنرى ما بها من شوائب .. من شؤم .. من حزن .. من شكوى وعتاب وألم ْ !(برهة) سنرى أروحنا وهي تحمل ما فيها من بؤس، ودموع، وجنون، وداء ! (برهة)سنرى أرواحنا مثل بردة بيضاء، لُطّخت عليها الحروف المبعثرة، لّطّخت عليها ألواننا المعتمة، لطّخت عليها بصمات أقدارنا الخافتة ! لُطّخت عليها ذنوبنا !!(برهة) سننتظره !!

الإنسان 2: لكن إلى متى ؟!

الإنسان1: سيأتي حتماً .. سنظلّ ننقّ بالسؤال: متى سيأتي موزّع الهدايا ؟!

الإنسان 2: إلى أي ّ وقت يا تُرى ؟!

الإنسان1: إلى أن يحين الله ..

الإنسان2: ومتى؟!!

الإنسان1: سيحين!! سيأتي حتما.. سأظلّ انتظره (برهة) سنظلّ، ننتظره حتى يأتينا الخبر اليقين ..

الإنسان2: والمكان !

الإنسان1: ما به ؟!

الإنسان2: لا نعرف لأي مكان ٍ سيأتي .. !

الإنسان1: هنا (بثقة) نعم.. هنا، في هذا المكان.. على رابية عالية من ضواحي ذلك المكان..سيأتي محمّلاً إلينا بقلوب بيضاء!! لا تشبهها أي قلوب!! سيأتي لنا بقلوب سليمة لا تشبه قلوبنا أبدا (برهة) سننتظره ليغيّر تلك القلوب التي مُلئت بالشوائب والسواد!! سنحاول المضيء نحو ما تبقّى لنا من العمر.. سننتظره؛ علّنا نفوز باللقاء.. الوصول له، وبالإتيان إليه..

الإنسان 2: ولماذا؟

الإنسان1: سنكاشفه عن قلوبنا النحيفة! عن أرواحنا السجينة!! عن أجسادنا الخاوية!!! عن ذنوبنا ،، عن خطايانا !!(برهة) سنكاشفه عن كلّ ما مرّ بنا من زجر! عن كلّ ما مرّ علينا من جوع!! عن كلّ ما مرّ بنا من ظلم وظلام !!!عن كلّ ما مرّ بنا من تكبّر !!!! عن كلّ ما مرّ بنا من تعب وألم وووو !!!!!(برهة) سنكاشفه.. ليرى، ليسمع.. ليحكم بيننا!! هو مَنْ يدلّينا على طريق العدل!! سنقف.. كلّنا .. في طابور واحد..عشرات، آلآف، ملايين الناس.. سيقفون في طابور واحد سنتكاشف.. عن الظلم.. عما جرى لنا منّا، ولنا، وعلينا، عمّا ساد بيننا..(برهة) سأقف أنا.. سأصرخ بصوت عال ٍ ، سأصرخ طويلاً من دون أن يقاطعني أي أحد..سيفسح لي المجال .. هو نعم .. سيفسح لي المجال أن أصرخ بصوت عال وبحرقة وألم (اصرخوا معي إن أردتم): حقي! (يُكرّر) حقّي! أريده منكم .. واحدا واحدا

أنت َ الذي سلبتَ حقّي !

أنت َ الذي أردتَ الرشوة منّي !!

أنت الذي أدرتَ وجهك عنّي !!!

أنت الذي سرقتني !!!!

أنت الذي كذّبت عليّ !!!!!

أنت الذي تغاضيت عني وهربت، وأغلقت أذنك منّي وعنّي !!!!!!

أنت الذي حسدتني !!!!!!!

أنت الذي نافقت ونافقت !!!!!!!!

أنت الذي كنت مسؤولا .. انتبخوك .. فمشيتَ عنّا وعنهم مرحاً !!!!!!!!!

مشيتَ مرحاً، تكبرتَ، سرقتَ ووووو !!!!!!!!!!!!!

(برهة)

أنت الذي ,,,,,,,,, (بسخرية) خطاياك وذنوبك لا تُعدّ ولا تُحصى !!

(برهة)

سيكاشفهم .. سيفضحهم جميعا ..

سنرى .. عبر المرآة .. أفعالهم .. وما حلّ بنا منهم ..

(برهة)

سيكون حاكما عليهم .. سيحكم بالقسط !!

الإنسان 2: هو ؟!

الإنسان1: هو .. نعم هو !!

الإنسان2: وهداياه!! هداياه .. الحكم الذي ننتظر !!الحلوى .. الحقّ الذي سيحكم فيه !!!سيأخذ كلّ منّا حقّه ..(برهة) الحلوى.. الحكم بالعدل لمن كان قلبه سليما.. البلوى .. الحكم بالعدل لمن كان قلبه سقيما.. سيكون هو.. الحكيم الحكيم الذي يوزّع الحلوى!! سيأتي حتما..هو..الذي يوزّع الحلوى!! سننتظره.. كلّنا ننتظره..سنكون أطفالاً ..صغاراً ..لا نعي من الدنيا إلّا هو (برهة) سيُخرج ما يكون مخفياً فيهم..ويُخفي ما يكون ظاهراً عليهم..سنكون نحن.. مثلما يُريد..سيُكشفهم كلّهم..بما أخفوا..سنكون واضحين جدا..سنكون واضحين..سنكون.. ســــ.. سنحاول الانتظار !! انتظاره ونظلّ نسأل عليه..

مثل الأطفال: متى سيأتي موزّع الهدايا..هدايانا ستكون مختلفة.. سيُلقي كلّنا هداياه ..الحلوى لمن ينتظرها ..والبلوى لمن يستحقها..سنظلّ .. نسأل..مثل الأطفال..سنكون مثلهم، نصرخ ببراءة:متى؟! متى سيأتي؟!! متى سيأتي موزّع؟!!!متى سيأتي موزع الهدايا؟!!!!