فاعلية الصدمة في نص مسرحية ” قمامة” للكاتب علي عبد النبي الزيدي/ انطباع: علي حسين الخباز

(من كتاب عرض بالعربي)

كل ما يثير الاحاسيس ويكسر الحواجز النفسية بين النص والمتلقي ويمتلك قدرة التعبير عن الواقع ،يحقق الجذب الشعوري سيكسب بجدارة سمات الابداع الحقيقي،
استطاع الكاتب المسرحي (علي عبد النبي الزيدي) في نص مسرحية ” قمامة” إحدى نصوص كتابه (عرض بالعربي) ان يقرأ لنا معنى الحرب وقيمتها المؤثرة سلبيا في البيئة الاجتماعية، و اعلان الرفض كوثيقة فاعلة عبر النص المسرحي برؤى وابعاد جمالية تفضح الاعلام السلطوي وما كان يروجه من اعلام تعبوي للحرب باعتبارها وسيلة حضارية للبناء الانساني، مفهوم سلطة، لا بد للفنان المسرحي من التصدي لها وكشف لواعج الالم
المكان…… صالة بيت واسعة
الزمان …..مخلفات الحرب من الوقت المهدور
و الشخصيات….. الام والزوجة (عفاف) والزوج ( شريف) ،زبائن

يدخل الانسان والمكان الى النص المسرحي بما يثير الاهتمام ويمس الحقل المدرك من الوجدان الانساني،
رجل اسرته الحرب واقعدته مشلولا، عاد بعد سنوات ليرى بيته وقد تحول الى مبغى وعفاف زوجته بلا عفة والام فقدت امومتها اثر الجوع والحرمان، فهل يبقى شريف محتفظا بشرفه؟ تلك هي فلسفه الحرب، رسم الزيدي فاعلية التأثير عبر الحوار لزيادة المساحة التأثيرية الصادمة
والصدم …اللا متوقع والغير مقبول ويحتاج الى وقت لاستيعاب الحدث…. هزة وجدان ناتجة عن حوار مؤلم
الام؛ــ(مع الزبون) اتريد ان تخترق قانون هذا المكان برجولة متأخرة ايها الانا؟
الصدمة… صعوبة التكييف مع الثقافة الجديدة
زبون: ــ انا احد الابطال الذين كانوا يتمتعون برجولة خارقة،

يستدرج فاعلية الصدم الى الاثر النقيض حين تمنحه الام عمل (قواد) في البيت، اعتقد ان مثل هذا سيكسب مشاعر المتلقي ليتفاعل مع المعاناة بأبعاد يستلها من روح الواقع المعاش،
والصدم عملية كسر المألوف حد جرح الخاطر ليتعاطف مع الالم
لم تستطع (عفاف) التي غيرت عفتها الحرب ان تتعرف على زوجها (شريف) الذي عاد من الاسر على كرسي العوق بعدما غيرت الحرب ملامحه لتراه زبونا

:ـــ رضينا برجال بلا ذراع، واخرين بساق واحدة، وقبلنا برجل انقطع لسانه، واخر مشلول، لكن ان نرضى بنصف رجل، نصف، هذا في منتهى الرخص يا عمتي،
نجد ان الفكرة جزء من قيم الجمال، بل هي الجمال لما فيها من ادراك يثير الراي العام ويحقق الصدم الشعوري
شريف: ـــ لقد بتر اللغم ساقي، وعندما افقت من غيبوبتي وجدت نفسي أسير حرب لا أعرف لماذا وضعت في داخلها
عفاف: ـــ الذي اخذوه منك اهون بكثير مما سلبوه منا!
الحرب التي شوهت الاجساد وجعلت اصحابها مقعدين، استطاعت ان تغير القيم الانسانية، فالطواغيت قادوا حملات فكرية لإخضاع الكتاب والمثقفين والشعراء والمسرحين الى اظهار معالم الفرح والتعتيم على قاع المجتمع العراقي واخفاء مظاهر الحزن والالم والجوع والحرمان فهذه الصور والمشاهد التي قدمها النص تستفز المتلقي لان الكاتب استل موضوعه من القاع الشعبي الذي قد لا يعرفه الكثير من الناس
عفاف: ــ غادر…. الى الذين انتزعوا منك بيتك ووهبوك كرسيا كهدية ثمينة مقابل ان تعود اليه شبه رجل ،عد وسلهم عن عنوان بيتك القديم
عفاف: ـــ لا باب لبيتك
الصدم يثير الدهشة بما في الواقع من ترسبات حادة، والحقيقة صادمة، التصور المبني على الاثر النفسي والفكري لما يدور في فضاء البيت ،بيت شريف فيه العفة والامومة الظاهرة ليتحول اثر الحرب الى معنى اخر، وتحت مفاهيم ومبررات اخرى،
لغة مباشرة اقرب للواقع ،هيمنت على المضمون ،و فعل التدنيس هو الذي يبعث الصدمة
الام:ـــ دعنا من مفردات حروبك” هل تستطيع ان توفر بديلا لهذا المصدر؟
من المأساة الحقيقية ان يصير الجسد الانثوي مصدر قوت للعائلة، تحطيم معالم الحشمة، في ذهنية المتلقي ،أمور واقعية هي من المنسي والمهمل ليشكل منها النص الصدمة ، ويفضح الحرب ومن غنى لها ،واشاع بانها حرب مقدسة تحافظ على الشرف واذا بها تذبحه بقساوة ، النص عبارة عن فكر تمرد على الحرب، وحمل قيما تريد ان تعيد خلق العالم بنزاهة والمأساة الحقيقية حين تغير المفاهيم بمعاني اخرى فإلام وهي تتحدث عن الرذيلة
:ـــ ارجوك ٠٠٠ سمها الديمومة ‘ عندما تكون الرذيلة سببا في ديمومة انسان تسمى الفضيلة
:ـــ الرذيلة ان يكون الفرد سببا في دمار فرد اخر ،تسمى عند ذلك ما تسميه رذيلة، نحن هنا نمارس شرفنا بطريقتنا المشرفة،
هذا النص يمثل قراءة نفسية لواقع خاتل في العتمة ، وكائنات منزوعة الارادة، اقترنت حياتها بالمدنس قسرا،
تشكل الصدمة اثر بناء العلائق الموضوعية بين المألوف الفكري والواقع الانساني، الكشف عن عالم وراء عالم اخر ،كان على الانظمة السياسية ان تدرك عنف الحرب فتصوير القبيح لمدركات الوعي يشكل في النص تماس وجداني من اجل ترسيخ الموقف

الأم؛ــ الحرب وغيابك والجوع والعوز والوحدة والتفاهة وسخافة الشعارات، وبؤس القيم، وتعاسة الشرف هذا ما غيرنا،
قوة الصدم لا تعني ان نتوافق مع الرأي، وانما هي قراءة الواقع من داخل الواقع نفسه و ليس من خارجه، وهذا ما يتحول الى انفعالات حادة ومؤثرة على ذائقة المتلقي،
الخاتمة الصارخة في اعماق النص
شريف: ــ اين الكيس الصغير؟ اجلبيه يا امي (يأخذه منها ويدفع كرسيه باتجاه الباب الرئيسي فيما كانت الام والزوجة يزغردان بقوة،
رسم النص مجاله الحيوي وفتنته الشعورية الواقع بما يعبر عن رفضه القاطع للحرب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت