مسرحية: “نيكاتيف” لفرقة أبعاد.. صراع بين الحرية والواجب/ بشرى عمور

بدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل ـ قطاع الثقافة، في إطار التوطين المسرحي، عرضت فرقة أبعاد مساء يوم السبت 25 يناير 2025 ابتداء من الساعة السابعة والنصف مساء بالمركب الثقافي بنمسيك، مسرحيتها “نيكاتيف” المأخوذة عن نص “مكان مع الخنازير” للكاتب الجنوب إفريقي، من أم هولندية وأب انجليزي، (أثول فوغارد). الإعداد الدرامي لمصطفى قيمي، سينوغرافيا وإخرج عبد المجيد شكير، وبتشخيص لكل من: عبد اللطيف خمولي وجواد العلمي ومنير أوبري.

نيكاتيف” (شريط صور /أحداث) تروي قصة هروب الجندي (بفيل ايفانوفيتش) من المعركة زج بها خطأ، فقرر أن يتورى عن الأنظار بسجن نفسه في حظيرة بيتهم وسط قطيع من الخنازير لمدة عشر أعوام وشهرين وستة أيام، مما جعله في صارع مستمر مع نفسه التي اضطرت أن تنصهر مع واقع مر تسوده القذارة والقرف مكتفيا باجترار ذكريات اختزلت في جوارب صنعتها له والدته وأسباب هروبه من الحرب بحثا عن السلام. ويعيش فقط على الملاذ الوحيد المتبقى له هي زيارة والده الذي يأتيه بالطعام ويطلعه على الأحداث العالم الخارجي ومدى تطور مراحلها ليبقى (بافل)  كما هو يعيش على أمل استنشاق هواء الحرية. فأصر مرة أخرى أن يستعيد إنسانيته من جديد من خلال قراره الاعتراف بخيانته العظمى أثناء الاحتفال بعيد النصر، فجهز خطابا رسميا يعتذر من خلاله عن موقفه، لكن الحالة الرثة التي تعرضت إليها بذلته العسكرية واتلاف أزرارها منعه من الحضور والاستيسلام لواقعه. لكن القدر يصالحه بفرصة يقدمها إليه والده حينما يصحبه خلسة إلى نزهة ليلية لاستنشاق هواء نقي ولاستمتاع بضي القمر و تلألا النجوم وشساعة السماء وسكون الطبيعة. هذا المنظر الخلاب يقوي دافعه للهروب مرة أخرى باختياره طريقا تكون له راهنا للبحث عن حياة كريمة حتى ولو كانت لحظة سينعم فيها بضوء الشمس.

لا يتوفر وصف.

استطاعت المسرحية التقرب من الجمهور لما احتوته من شحنة إنسانية عميقة جراء الصراع بين الحرية والواجب ومدى حجم الضغوط التي يخضع لها الإنسان في أوضاع وأزمات وخيبات فرضت عليه فسلبته قرارات نفسه وخضعته إلى تشريح هادئ وتصعيد صراعها الداخلي وتقلباته وهذا ما ترجمه أداء الممثلين (جواد العلمي ومنير اوبري)، كما جاء أداء (عبد اللطيف الخمولي)، في دور الجار الفضولي، فاصل محمود. كما ارتكن المخرج/السينوغرافي (عبد المجيد شكير) على استخدام العديد من الفضاءات السينوغرافية التي أنشأها لاستجلاب القصة/الحكاية من الأثاث الخشبي (الباب الرئيسي، الطاولة، الكرسيين) إلى البسطار العسكري مرورا بالجوارب القطنية التي حاكتها الأم. حتى الإعداد للحكاية أسهم بشكل كبير في محاولة إسقاطه على الواقع الراهن في محاكاة تركت الباب على إسقاطات عديدة دون أن يلجأ المخرج (شكير) إلى المباشرة في الخطاب المسرحي بل إلى التعويل على قوة الإشارة والاشتغال على الممثلين وفضاء اللعب الذي كان هو الآخر بمثابة دلالات كثيفة تركت المساحة لقراءات متعددة في هذا العرض.

لا يتوفر وصف.

تجدر الإشارة، أن مسرحية “نيكاتيف” سبق للمخرج عبد المجيد شكير أن قدمها بنسختها الأصلية بأداء مصطفى قيمي (بافل) و(براسكوفيا) التي أدت دورها الفنانة الراحلة عائشة مناف. ومثلت المسرح المغربي ضمن فعاليات الأيام الثقافية المغربية بسوريا احتفاء بدمشق عاصمة للثقافة العربية لعام 2008 (في الفترة ما بين 22 و28 أكتوبر).

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت