قراءة في تاريخ المسرح الكويتي/ مجلة الفرجة
كتاب مميز للدكتور سيد علي إسماعيل المؤرخ الأكثر تميزاً
أصبح اسم الأستاذ الدكتور سيد علي إسماعيل ملتصقا بالاكتشافات المسرحية، التي تغير المفاهيم وتهز الثوابت وتحرك الساكن دائماً، وأصبحنا نحسد طلابه في قسم المسرح بكلية الآداب جامعة حلوان لأنهم يستمعون له وينهلون من علمه وكتبه وبحوثه وتوجيهاته..ومن دواعي سروري أنني تصفحت كتابه الأخير )قراءة في تاريخ المسرح الكويتي من خلال وثائق غير منشورة1961 ـ1971 )، الصادر في الكويت من خلال مركز البحوث والدراسات الكويتية في أكثر من 500صفحة مشتملة على صور ملونة لأصول الوثائق المسرحية.
أما تصدير الكتاب فجاء موفقا ومطابقا لأهمية الكتاب ولقيمة مؤلفه، وكتبه رئيس مركز البحوث والدراسات الكويتية الأستاذ الدكتور عبد الله يوسف الغنيم، قائلا فيه: “إن التأريخ الموثق لكافة الأنشطة المجتمعية في الكويت منذ نشأتها مما يقع في دائرة اهتمامات مركز البحوث والدراسات الكويتية ومن بين أهدافه، وخاصة إذا كانت مثل هذه الدراسات التأريخية من ذلك النوع الرصين الذي يعتمد التوثيق منهجا ويتوخى الموضوعية وسيلة للوصول إلى الحقائق ورصد تطورات الأحداث في مجالاتها وغاياتها. وهذا الكتاب الذي يؤرخ فيه مؤلفه – وهو أستاذ أكاديمي مختص – لبدايات النهضة المسرحية في الكويت ) (1961 ـ 1971) بموضوعية وتجرد وسعي مشكور إلى استنطاق الوثائق في هذه الفترة الزمنية المهمة، جدير بأن يكون بين أيدي القراء والمهتمين والمختصين بالثقافة بعامة وبالمسرح في الكويت بخاصة. ومركز البحوث والدراسات الكويتية إذ يشكر للمؤلف الأستاذ الدكتور سيد علي إسماعيل حرصه واهتمامه بتجلية حقائق هذه الفترة الزمنية المهمة الخاصة بالنهضة المسرحية، وإذ يقدر المركز له ما بذله من جهود في تجميع الوثائق المتصلة بها؛ مخطوطة ومطبوعة، ليأمل أن يكون هذا العمل حافزا للمهتمين بالأنشطة الثقافية وبدايات نشأتها وتطورها في الكويت من الباحثين والدارسين والأكاديميين لتقديم المزيد في هذا المجال”.
أما إهداء الكتاب فكتبه الدكتور سيد لروح المرحوم جابر العنزي، قائلا : “أخي الحبيب جابر ..أهدي إلى روحك الطاهرة هذا الكتاب، الذي كنت سببا في ظهوره وعذرا لأنني لم أرد لك الجميل في حياتك، وها أنا أحاول أن أرده إليك بعد مماتك بإهداء هذا الكتاب إلى اسمك الكريم، ليظل باقيا بين أصدقائك وأحبابك! رحمك الله رحمة واسعة .. يا فقيد المسرح لكويتي“.
ثم تأتي مقدمة الكتاب في سبع صفحات، نقتبس منها هذه الفقرة التشويقية، ويقول فيها المؤلف: “سيظن القارئ عندما يقرأ عنوان هذا الكتاب، إنني سأكتب عن المسرح في الكويت؛ معتمدا على المراجع والكُتب المنشورة، وبالتالي سأكرر ما هو معروف عنه!! والحقيقة غير ذلك؛ لأنني سأكتب عن المسرح في الكويت من خلال مجموعة من الوثائق غير المنشورة .. في الفترة من عام 1961إلى 1971 م، وهي الفترة التي نفذ فيها الأستاذ )زكي طليمات 1894 ـ 1982) مشروعه في إقامة نهضة مسرحية في الكويت! وهو مشروع تبناه زكي طليمات ونفذه في مصر، وتونس، والكويت، وكان ينوي تنفيذه في ليبيا، وفي دولة الإمارات العربية المتحدة”
والكتاب يتكون من أحد عشر فصلا ، الأول جاء بعنوان )مشروع النهضة المسرحية وبدايات المسرح في الكويت(، وهو ينقسم إلى قسمين: الأول )مشروع النهضة المسرحية(، وفيه تتبع تاريخي وفني لنشاط زكي طليمات المسرحي في مصر من خلال انضمامه إلى جماعة أنصار التمثيل، وصداقته للرائد محمود مراد، وبعثته الفنية إلى فرنسا، وخطواته في إنشاء نهضة مسرحية في مصر، ثم في تونس أما القسم الثاني لهذا الفصل فكان بعنوان )بدايات المسرح في الكويت(، وفيه
تتبع المؤلف العروض المسرحية المدرسية منذ عام 1939 في الكويت، ثم عرج إلى عروض الطلاب في بيت الكويت بالقاهرة، ثم عاد إلى عروض نادي المعلمين في الكويت. كما تطرق أيضا إلى المقالات والنصوص المسرحية المنشورة في بداية النشاط المسرحي في الكويت .. إلخ، حتى وصل المؤلف إلى لحظة وصول زكي طليمات إلى الكويت أول مرة عام 1958 ، وتقديمه لاستعراض )مهرجان العروبة( أو )الوحدة الكبرى( ضمن فعاليات الموسم الثقافي، وكذلك قام بتقديم
تقريره عن مظاهر النشاط الفني بالكويت.
أما الفصل الثاني فكان بعنوان )تشكيل فرقة التمثيل العربي1961 ()، وفيه تم نشر وثيقة تشكيل الفرقة، وكيفية اختيار أعضائها، ومراحل اختباراتهم وكيفية تحويلهم من هواة إلى محترفين!!
والفصل الثالث جاء بعنوان )صقر قريش وتنمية النشاط المسرحي(، وفيه تناول المؤلف دور زكي طليمات في تثبيت تشكيل فرقة المسرح العربي، واختيار مكانها، وتدريب أعضائها، واختيار أول نص لها، وذلك من خلال الوثائق، التي تناولت أيضا مصير فرقة المسرح الشعبي في الكويت، ومسرح التنمية الاجتماعية، وضرورة إنشاء مؤسسة لفن التمثيل. ثم جاء الحديث المستفيض عن أول عرض حكومي لفرقة المسرح العربي وهو مسرحية )صقر قريش( لمحمود تيمور، ومدى النجاح الذي أحرزته عندما عرضت عام 1962. وتحت عنوان )صقر الرشود الأسبق ( سيتعجب القارئ من مفاجأة غير متوقعة تخالف حقيقة تاريخية مغلوطة كنا نعتقد في صحتها تتعلق بالمرحوم الفنان صقر الرشود!! وبالمنطق نفسه سنكتشف أن زكي طليمات كان يعمل على تكويت المسرح!!
أما الفصل الرابع فجاء بعنوان )الشروط الخاصة باستقدام الفرق(، وفيه سجل توثيقي لجميع الفرق المسرحية التي جاءت من خارج الكويت، وعرضت مسرحياتها على أرض الكويت في فترة الكتاب الزمنية. مع نشر وثيقة محضر اجتماع تم في مكتب وكيل الوزارة المساعد، وفيه وضعت الشروط الخاصة باستقدام الفرق الأجنبية!! ثم جاء في الكتاب توثيق شامل لجميع الفرق العربية التي زارت الكويت وعرضت مسرحياتها في الكويت في فترة الكتاب الزمنية! ثم تناول المؤلف وثائق تتعلق بالفنان سعد الفرج مؤلفا مسرحيا، ثم نجد عنوانا يتعلق بمريم الغضبان.
الفصل الخامس بعنوان )المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب(، ووثائق هذا الفصل في غاية الأهمية، لأنها تتعلق بنشأة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت، حيث إن زكي طليمات كان أول من قدّم مقترح إنشائه تحت اسم المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب، على غرار التجربة المصرية. كما تناول هذا الفصل المسرح العسكري في الكويت.
والفصل السادس جاء بعنوان )تطوير النشاط المسرحي بالكويت(، وأهمية هذا الفصل أنه يشتمل على وثائق تقييم دور زكي طليمات وفرقته المسرحية. كما يشتمل الفصل على وثائق تتعلق بالفنانة طيبة الفرج، وتكويت المسرح إداريا وفنيا من خلال الفنان حسين الصالح بوصفه نموذجا، وأسلوب ضيفات الشرف، والمسرح المعدني المتنقل.
والفصل السابع جاء بعنوان )تخطيط جديد(، وفيه وثائق متنوعة لعدة مشاريع جديدة تتعلق بالجمهور، والفنون الشعبية، والموسيقى، وإنشاء مركز لتعليم المسرح وآخر للموسيقى وثالث للفنون الشعبية. وتحت عنوان )رجم المسرح بالحجارة( جاء الحديث عن موقف التيار الديني المتشدد تجاه المسرح في الكويت مع أسرار مجهولة في هذا الشأن. وأخيرا جاء الحديث عن كيفية تحويل الفرقة الحكومية إلى فرقة أهلية.
الفصل الثامن بعنوان )أول بعثة استكشافية(، وفيه نتعرف على أول فوج مسرحي يزور مصر في بعثة استكشافية مسرحية، ومنهم: مريم الصالح ومريم الغضبان؛ خالد النفيسي، وعبد الحسين عبد الرضا، وعبد الرحمن الضويحي، جعفر المؤمن، حسين الصالح؛ صقر الرشود. وفي هذا الفصل نجد وثيقة بخط يد زكي طليمات بها تفاصيل التفاصيل لكل يوم من أيام هذه البعثة. ومن أهم موضوعات هذا الفصل ما يتعلق باستفادة صقر الرشود من البعثة في مجال الإخراج المسرحي،
وما يتعلق بالطالب بلال عبد الله بلال الذي كان يُهيئ ليكون صورة ممتدة لحمد الرجيب.
وجاء الفصل التاسع بعنوان )مباريات التأليف المسرحي(، وفيه وثائق تتعلق بثلاث مسابقات مسرحية أقيمت في الكويت، وهذه الوثائق ستغير كثيرا من الأحكام التاريخية.
والفصل العاشر جاء بعنوان )تطوير المسرح الكويتي(، وهو يتحدث عن مرحلة جديدة من تطوير المسرح الكويتي، ومنها استكمال الدراسة العليا في مركز الدراسات المسرحية، وإصدار مؤلفات ومترجمات في فنون المسرح، وإنشاء فرقة قومية، وإنشاء دار للأوبرا .
الفصل الحادي عشر والأخير، وهو الخاتمة: و فيها نتتبع آخر سنوات زكي طليمات في الكويت، والتفكير في إعادة التجربة في دولة الإمارات.
بهذا العرض أقول: هنيئا للمسرح الكويتي هذا الإصدار العلمي، وألف مبروك للدكتور سيد علي هذا الإصدار المميز.