سجادة حمراء..فن التشكيل المسرحي / مبعوث مجلة الفرجة صادق مرزوق (العراق)
تصوير: خالد إيما
سجادة حمراء للفنان جبار جودي ,معرض فني مغاير ربما سنقف عنده كثيرا , ليكون مقدمة ضمن مجموعة عروض مستقبلية لمسرح مضاد يجعل من النظام البصري هو المهيمن, عرض كوني وتكويني ربما سيكون فاصلا بين المسرح وما بعده ..
سجادة حمراء تشكيل صوري يعلن موت المسرح ليؤسس لهجنة جمالية تحاول تفتيت الجنس الفني الواحد, وتقويض عناصره الداخلية لتشكل نسقا مغايرا لا يقرُّ بالأبوة لأي جنس فني معين .. من يدخل معرض جبار جودي تأخذه العزة بالمغامرة ليقترح عرضه المغاير , سجادة حمراء لا تقودنا لأن نتفق تماما مع صانع العرض, هي دعوة لإملاءات بصرية ضمن متوالية جمالية غرائبية .. تشكيل فني يقودنا لأن نتآمر على منظومة جبار جودي ونطيح بها عدة مرات ونحن نتنقل بين أجناس فنية مختلفة ابتداء من اختيار المكان لهذا ( العرض/المعرض ) لتكون قاعة كولبنكيان للفنون التشكيلية عبارة عن مؤسسة فنية متكاملة تتماهى فيها الحدود الفاصلة بين فنون واشتغالات مختلفة يشير هذا الاختلاف إلى عطب المعرفة وغياب المعنى لتكون الرؤى البصرية المشوشة هي الممر لإنتاج عروض فنية تتسم بالغرابة , ( فن التشكيل/ التصوير السينمائي/مسرح الشاشات المتعددة/ عالم الصحافة / الموسيقى/ السيرك / فن التصوير الفتوغرافي/ العالم الرقمي/ الموروث الشعبية) , وهنا يحاول جبار جودي أن يقلل من القدرات الغائية للمنجز الفني الواحد, في إشارة على أن المنجز الفني هو مؤسسة منغلقة على ذاتها وليس بالضرورة أن تشير إلى معنى أو دلالات محددة, سجادة حمراء عرض ما بعدي عابرة للحدود المكانية والزمانية ,فان اللوحة الفنية لدى جبار جودي تنتج عدد لا حصر له من اللوحات ضمن علاقات لونية متشابكة ولها قابليات دلالية متفرعة .. على مستوى العراق على أقل تقدير سيكون لهذا العرض الريادة في ظهور فن التشكيل المسرحي .. ولا يخفى علينا بأن الفن التشكيلي انطلق منذ العصور الكهفية , وبداية هذا الفن ترتبط ببداية الإنسان الأول عندما كان يجسد مخاوفه ورحلاته للصيد ومقاتله الوحوش ومقاومة الطبيعة من خلال الرسوم التي وجدت على الكهوف , وها هو الفنان جبار جودي يزيح الهوة بين إنسان ما قبل اللغة, و إنسان ما بعد اللغة ليؤسس لفن تشكيلي كهوفي معاصر يجسد من خلاله رحلة الإنسان ومتاهاته بين عوالم مختلفة إنسان لا يعرف أين الطريق وما هو المستقر وبالتالي يضيع الهدف رغم العلامات الدالة التي تقودنا نحو شاشة السينما وإطلاقات المسدس , مرورا برجل المنصة وهوسه بالخطابات الصاخبة بصمتها , وحتى رجل الجريدة والأخبار المرزومة وهي تنتظر دورها لحياة مبعثرة , سجادة مربعة حمراء يتوسطها كرسي فارغ في جهنم مفترضة , أطفال يجتمعون ليتفرقوا, يحاولون التقاط صور تذكارية, لكن جهنم ترصدهم , نتجول بين لوحات لا تشبه بعضها نتعثر بمحطات اللاوعي وقبل أن نسقط في فخ المتاهة ينقذنا جبار جودي بسجادته الحمراء لنلتقط أنفاسنا قليلا.
معرض أدائي محير يقودنا لمنزلق التوصيفات للحداثة وما بعدها يقودنا لكتابة صفرية , نحاول من خلالها أن نؤسس لمشاكسة لونية تكوينية على غرار الخرق الجمالي الذي اقترحه جبار جودي.
ساهم في هذا المعرض الأدائي: غسان اسماعيل، تحرير الاسدي، ياس خضير، مهند ستار، وليد غازي، عدي عباس، مهدي نجم ومجموعة أخرى من المؤدين, الأفلام السينمائية الرؤية لجبار جودي, تصوير وتنفيذ الفنان: ملاك عبد علي , مونتاج: صلاح منسي, الأداء لهمام جبار، احمد مونيكا و ضرغام البياتي, لوحة السجادة الحمراء للفنان: محمد مسير