مسرحية: " هدف امني …" / تأليف : مثال غازي
الرجل الأول: هل تعتقد أنه يستطيع رؤيتنا وهو جالس في مكانه.
الرجل الثاني:لا اعتقد إنه يستطيع ذلك ,فالقبعة تغطي رأسه وعيناه بشكل كامل .
الرجل الأول:لا تكن غبيا فالقبعة مجرد حركة ذكية منه كي يرصدنا من بعيد .
الرجل الثاني :ماذا لو يترصدنا بالفعل.
الرجل الأول: هذا يعني أنه استمكننا, وبالتالي سيتحفظ في تصرفاته. فلا نستطيع أن نرصد منه شيئا يعيننا في كتابة تقاريرنا عنه.
الرجل الثاني: وهل هو بهذا الذكاء
الرجل الأول: يجب أن تعرف أن كل الذين نراقبهم لابد أن يكونوا خطرين وأذكياء وبالتالي يجب علينا مراقبتهم , فهم مسجلين خطر على أمن الدولة .
الرجل الثاني: ( ببرود ) إذن يا أخي لماذا لا نلقي القبض عليهم وينتهي الأمر ونستريح ,فجدتي كانت تقول الباب الذي يأتيك منه الريح أغلقه و استريح.
الرجل الأول: (بغضب) أولا، أنا لست أخا لحمار مثلك, وهذا لأن رتبتي رئيس عرفاء ولي من الخدمة عشرون عاما, أما أنت فمجرد عريف مستجد تافه لا خبرة له. وثانيا، أنا وأنت مكلفين من قبل الدولة بالمراقبة فقط وتزويد رؤسائنا في الأمن العامة بالمعلومات. وثالثا، هذا هو الأهم أنت لا تستطيع أن تقترح على دولتنا الحديدية مقترحات فاشلة مثل مقترحاتك. رابعا، عليك الآن أن تقف باعتدال كالعصا عقابا لك مع رفع قدمك اليمنى ساعة كاملة على الأقل كي لا تنسى احترام من هم أعلى منك رتبة ومقاما.
الرجل الثاني: ( يخاف, حيث يقف كالتمثال دون أن يحرك رأسه أو حتى عينيه) .
الرجل الأول : ( يصرخ ) رأسك إلى الأعلى.
الرجل الثاني : أعلى
الرجل الأول: قدمك إلى الأعلى
الرجل الثاني: أعلى
الرجل الأول: ولا حركة
الرجل الثاني : ولا حركة
الرجل الأول: ولا نفس
الرجل الثاني : ولا نفس
( بعد مرور فترة )
الرجل الثاني: ماذا لو اعتذرت يا سيدي .
الرجل الأول: لا اقبل
الرجل الثاني: ماذا لو توسلت
الرجل الأول: ولا كلمة
الرجل الثاني : ماذا لو رآني أحدهم وأنا بهذا الشكل ألا يفتضح أمرنا وتفشل المهمة؟
الرجل الأول: حتى هذه اللحظة الشارع فارغ، وحالما يظهر أحد المارة ستنتهي فترة عقوبتك.
الرجل الثاني: ولكن لا أحد يمر
الرجل الأول: مشكلتك
الرجل الثاني: أنت تنسى هو موجود هناك ينظر إلينا من تحت القبعة
الرجل الأول: قد يكون نائماَ ولا يرانا
الرجل الثاني : ( بخبث )لا اعتقد ذلك فالقبعة مجرد حركة ذكية منه كما أخبرتني سابقا
الرجل الأول: ( بغضب) اللعنة على تلك القبعة, ليتني اقترب منها لانتزعها من رأسه ثم أدوس عليها بقدمي .
الرجل الثاني: هذا الرجل ليس سهلا بالمرة
الرجل الأول: حسنا قف مثل الأوادم وحاول أن تفتعل قراءة الجريدة كي لا يشتبه بك
الرجل الثاني: هو سؤال واحد يا سيدي، ترى ما تكون تهمة رجل عجوز مثله؟
الرجل الأول: هذا ليس من شانك … شغلك تراقب وبس
الرجل الثاني : ولكني لا بد أن أعرف ما يكون ذلك الرجل كي أركز أكثر في مراقبتي إياه ويزداد اهتمامي به .
الرجل الأول: ( يتململ) يا إله الكون
الرجل الثاني : ما به
الرجل الأول : يعني لا بد أن تعرف
الرجل الثاني: نعم لا بد، كي يرتفع حجم أدائي في العمل
الرجل الأول: ( يلتفت ثم يهمس ) انه …انه…
الرجل الثاني : انه ماذا
الرجل الأول : ربما لا استطيع , فهذا خطر على أية حال
الرجل الثاني : إذا دعني أخمن ( يفكر) هل هو لص
الرجل الأول: كلا
الرجل الثاني : مختلس
الرجل الأول: ربما أخطر
الرجل الثاني: قاتل ماجور
الرجل الأول: قد لا يبدو عليه ذلك
الرجل الثاني : جاسوس
الرجل الأول: لم يثبت عليه ذلك
الرجل الثاني:إذا ما يكون عليه ذلك الرجل
الرجل الأول : انه .. انه
الرجل الثاني : صدقني لن أخبر أحد بذلك
الرجل الأول: ( بهمس) إنه .. شيوعي
الرجل الثاني:( يصرخ) هل أنت متأكد من ذلك
الرجل الأول : ( يغلق فمه) أش أش ….. على الأقل هذا ما ورد في التقارير
الرجل الثاني : ولكن حسب علمي أن أمن الدولة قضت على جميع الشيوعيين في البلاد فلا وجود لهم هنا .
الرجل الأول : إنه آخر ما تبقى منهم
الرجل الثاني : ولماذا لا نقضي عليه هو الآخر كي ينتهي الأمر
الرجل الأول: غبي
الرجل الثاني: هو أم أنا؟
الرجل الأول: بالتأكيد أنت
الرجل الثاني : شكرا لاحترامك الدائم لي
الرجل الأول: ( بغضب) أنت تسخر أليس كذلك؟
الرجل الثاني 🙁 يقف باعتدال) لا والله لم يكن قصدي ذلك، فأنت أعلى رتبة مني وما تقوله هو الحق والصواب .. غبي …غبي .. المهم أن اقتنع بالجواب.
الرجل الأول: ليس المهم أن تقتنع .. المهم أن تنفذ أوامر من هم أعلى منك رتبة.
الرجل الثاني : وماذا عنك .. أليس هناك من هو أعلى رتبة منك .
الرجل الأول: اعرف ما ترمي إليه أيها الماكر الخبيث
الرجل الثاني: لا زلت مصر على أن أسالك ذات السؤال، هو لماذا لا نقضي عليه كما الآخرين وينتهي الأمر ما دام هو آخر من تبقى منهم.
الرجل الأول: إن كان لا بد من القضاء عليه وهو آخر ما تبقى من زملاؤه الشيوعيين، فهذا يعني أيها الغبي نهايتنا نحن، فما دام هو غير موجود إذن نحن غير موجودين وما دام نحن غير موجودين فهذا يعني أن هناك آخرين وآخرين غير موجودين في هذه الحالة أما إن نطرد من الوظيفة كفائضين عن الحاجة أو نحال على التقاعد كما العجائز بمرتبات بخسة لا تكفي أن تعيل عصفورا واحدا.
الرجل الثاني: أنا أراقب إذا أنا موجود، فنحن أحياء بفضله وكرمه اللامتناهي ذلك الرجل الجالس ذو القبعة حفظه الله ورعاه .
الرجل الأول: أحمق
الرجل الثاني: ماذا لو شكرناه لمجرد وجوده بيننا
الرجل الأول: ربما عليك أن تصمت قليلا
الرجل الثاني: ( يفكر) حسنا.. ماذا لو أصابه سوء
الرجل الأول: ارجوا أن لا تنطقها مرة ثانية
الرجل الثاني : كأن يكون مرضا أو أي عائق
الرجل الأول: قلت لك لا تعيدها مرة أخرى، فأننا جميعا حريصين على أن يعيش أطول مدة ممكنه وأن يكون بصحة جيدة.
الرجل الثاني: وماذا عنا نحن أليس من المهم أن نعيش أطول مدة ممكنه وأن نكون بصحة جيدة.
الرجل الأول: ليس المهم نحن المهم هو فقط، على الأقل من أجل مرتباتنا التي يدفعونها لنا في نهاية الشهر.
الرجل الثاني: ليته يعلم أن كل من يتحدثون إليه أو يقتربون منه يتم القبض عليهم بتهمة الماركسية
الرجل الأول: علينا أن نفكر بأنفسنا، فطالما هناك متهمين فهناك مشتبه بهم،علينا أن نلقن الناس درسا بأن هناك أعين تراقبهم وأذان تسمعهم وسجون تودعهم حتى يعرفوا قيمة قوة الدولة وعظمتها.
الرجل الثاني: ألا تخاف الدولة غضب الناس.
الرجل الأول: بل على الناس أن يخافوا غضب الدولة
( فجأة يبدي الرجل العجوز من بعيد حركة يحرك فيها القبعة من على رأسه قليلا ثم يعيدها مرة أخرى على رأسه)
الرجل الثاني:إنه يحرك رأسه يا سيدي
الرجل الأول: حاول أن تفتعل شيئا كي لا يشك بك
الرجل الثاني : ترى هل انتبه إلى وجودنا
الرجل الأول: لا اعرف
الرجل الثاني: ماذا لو انتبه بالفعل
الرجل الأول: لا اعرف
الرجل الثاني: ما الذي تعرفه إذن (مع نفسه) أين مضت العشرون سنه يا كثير الخبرة بالنسبة إلى شخص مثلي قليل الخبرة .
الرجل الأول: ما الذي تثرثره مع نفسك
الرجل الثاني: لا شيء صدقني
الرجل الأول: ولكني سمعت شيئا
الرجل الثاني: هل تعرف سيدي إن أمثالي لا يعرفون القراءة والكتابة
( يتحدثان وهما خلف الجريدة يركزان )
الرجل الأول: ليس المهم أن تعرف القراءة و الكتابة بل المهم أن تسمع وترى أيها العريف وذلك جل ما نطلبه منك .
الرجل الثاني: وماذا عنه
الرجل الأول: عله يعرف كل شيء
الرجل الثاني: وهل من الخطر أن يعرف الإنسان كل شيء؟
الرجل الأول: ليس المهم أن تعرف كل شيء
الرجل الثاني: حتى القراءة والكتابة
الرجل الأول: حتى القراءة والكتابة
الرجل الثاني: ولكن ماذا لو تعلمت كل شي
الرجل الأول: ربما عليك أن تتعلم كيف تأكل .. كيف تشرب..كيف تحب..كيف تنجب..كيف تطيع من هم أعلى منك رتبة …وكل هذا من أجل الوطن
الرجل الثاني: إذن الوطن بحاجة إلى من لا يعرفون القراءة والكتابة أكثر من الذين يعرفون القراءة والكتابة
الرجل الأول: أنت تسخر أليس كذلك؟
الرجل الثاني: أنا اعتذر ..هي ملاحظة واحدة أود أن أخبرك إياها
الرجل الأول: وما هي
الرجل الثاني:ألا ترى انه مسالماَ
الرجل الأول: يتهيأ لك
الرجل الثاني: ولا يبدو خطرا كما نعتقد
الرجل الأول: الدولة هي من تقرر ذلك وليس نحن
الرجل الثاني: ولكننا نحن من نراقبه وليس هم
الرجل الأول: وهم من يقررون ما يتوجب علينا فعله
( يتحرك الرجل العجوز من بعيد ليخرج كتاب ما من تحت ليقرئه )
الرجل الثاني: انظر إليه يا سيدي … إنه يخرج شيئا يخفيه في ملابسه
الرجل الأول: الم أخبرك من قبل أن هذا الرجل ليس سهلا بالمرة، فطيلة المدة الماضية لم نكن نعرف ما يخفيه من أشياء تحت جسده ولا نعرف حقيقة ما يخفيه من أشياء بين ملابسه …ربما علينا أن نكثف المراقبة عليه أكثر.
الرجل الثاني: ترى مالذي يقرأه ذلك الرجل؟
الرجل الأول: مادام شيوعيا لا بد أن يقرأ ماركس أولينين أو انجلس
الرجل الثاني : ومن يكونوا هؤلاء
الرجل الأول: إنهم الخطر بعينه
الرجل الثاني:وهل يملك رؤسائنا فكرة عنهم وعن مدى خطورتهم
الرجل الأول: بالتأكيد
الرجل الثاني: إذن دعنا نبلغ عنهم كي يلقوا القبض عليهم وينتهي الأمر
الرجل الأول : لا نستطيع ..بل مستحيل
الرجل الثاني: لماذا؟
الرجل الأول: هذا لأنهم قد ماتوا منذ زمن طويل
الرجل الثاني: ( متأسف ) يا للخسارة … مع الأسف
الرجل الأول: ( بغضب ) على ماذا تتأسف أيها اللعين
الرجل الثاني: لأنهم لو كانوا أحياء لوضعت الدولة جائزة كبيرة لمن يلقي القبض عليهم ولربما كان لنا نصيب في ذلك لو بلغنا عنهم أو حتى عرفنا مكان تواجدهم.
الرجل الأول: ربما
الرجل الثاني: ترى ما تفعله لو كانت لك حصة من تلك الجائزة المالية الفخمة يا سيدي
( يحلمـــــــــان )
الرجل الأول: سأشتري بيتا
الرجل الثاني: وسيارة فارهة
الرجل الأول: وأثاث فاخر غالي الثمن
الرجل الثاني: وسنأكل في أرقى المطاعم
الرجل الأول: وسنلبس أجمل الثياب
الرجل الثاني: وسوف نعيش عيشة الملوك
الرجل الأول: ولا نكون بحاجة إلى مرتبات الدولة القليلة
الرجل الثاني: ولا إلى الدولة نفسها
الرجل الأول: ولا إلى الدولة ذاتها
الرجل الثاني: ولتسقط الدولة
الرجل الأول: ولتسقط ( بصمت )
الرجل الثاني: إنه حلم يا سيدي حلم ولا شيء غير ذلك
الرجل الأول: حلم …حلم..فقط …يجب أن ننتبه لذلك
الرجل الثاني: إذن عندي فكرة يا سيدي
الرجل الأول: وما هي
الرجل الثاني : مادام الله وحده يحيي العظام وهي رميم لماذا لا نطلب منه أن يعيد من ماتو من قبورهم أحياء وخاصة مؤسسو الحزب الشيوعي ماركس وانجلس ولينين .
الرجل الأول : ولكن هذا مستحيل
الرجل الثاني : هي محاوله فقط (يدعو) يا رب أخرجهم من قبورهم سالمين
الرجل الأول : سالمين (من بعده)
الرجل الثاني : وغانمين
الرجل الأول : وغانمين
الرجل الثاني : وليحيا ماركس
الرجل الأول : وليحيا
الرجل الثاني : ولتحيا الشيوعية
الرجل الأول : ولتحيا
الرجل الثاني : ( يندفع) وليسقط كل عملاء الإمبرياليه الامريكية (يصرخ) وطن حر وشعب سعيد
الرجل الأول : ( يهجم عليه ليسكته ) اللعنة عليك أيها العريف لقد تماديت كثيرا حتى بدأت تتمرد على الدولة ذاتها .
الرجل الثاني: إنه مجرد حلم … حلم يا سيدي، صدقني يا سيدي لا ضير من القليل من الأحلام فالشمس حارة حيث بدأت تأكل رأسي أما قدماي فبدأتا تنهاران تماما من الوقوف الطويل والمراقبة … كما إنني بدأت اشعر بالجوع والعطش .
الرجل الأول : ولكن حلمك بدأ بريئا وانتهى بمظاهرة تدعو فيها لإسقاط النظام
الرجل الثاني : ( يرتعب ) أنا يا سيدي . أدعو لإسقاط النظام، حاشا أن أتفوه في ذلك وهل أجرؤ فأنا مجرد عريف تافه لا خبرة له كما أسلفت سابقا (مع نفسه) وطن حر شعب سعيد .. سعيد .. سعيد يا سيدي (يحاول رسم ابتسامه على وجهه بأصابعه) سعيد هكذا .. حلم يا سيدي حلم
الرجل الأول : دعك من الأحلام وانتبه جيدا للهدف ولا شيء غير ذلك
الرجل الثاني: وهل تعدني يا سيدي
الرجل الأول : بماذا؟
الرجل الثاني: أن لا تخبر أحدا من الرؤساء بما تفوهت به قبل قليل.
الرجل الأول: كان هذا خطرا على أية حال سأحاول نسيان الأمر شرط أن تكون أكثر انضباطا وطاعة بعد الآن .
الرجل الثاني : ( يؤدي التحية بسعادةَ بالغة ) حسنا يا سيدي الرئيس
الرجل الأول : رئيس (يتلفت) أين هو؟
الرجل الثاني: إنه أنت يا سيدي الرئيس وهل يوجد غيرك رئيسا هنا
الرجل الأول : (بخوف) ولكني مجرد رئيس عرفاء
الرجل الثاني : ولكن من الأجمل أن تكون رئيسا
الرجل الأول : أرجوك أن لا ترفع صوتك
الرجل الثاني : (يهمس له ) وهل حلمت مره يا سيدي أن تكون رئيسا
الرجل الأول : ربما
الرجل الثاني : وهل هذا تم بخطة أو بدون خطة
الرجل الأول : الأحلام عادة لا تحتاج إلى مخططات مسبقة
الرجل الثاني: إذا هي مجرد ثوره بيضاء خاليه من الدم والبيانات والشعارات والدسائس والمؤامرات والإطاحة بالخصوم والمعتقلات السرية، وهذا يعني أنه أنت وهو تتفقان على ذات الطموح بالرئاسة والزعامة وقيادة هذا البلد .
الرجل الأول : ( لا يستطيع الكلام بالمرة )
الرجل الثاني : حسنا ماذا لو كانت اللعبة تسير بالعكس
الرجل الأول : ماذا تقصد؟
الرجل الثاني: أقصد أنه هو من يترصد تحركاتنا ليرفع التقارير إلى رؤسائه عن مستوى أدائنا ومدى خطورتنا على أمن ونظام الدولة .
الرجل الأول : هذا مستحيل
الرجل الثاني : صدقني ليس هناك مستحيل بالمرة
الرجل الأول : وهل تعتقد انه يعرف كل ما يدور بيننا الآن.
الرجل الثاني : لعله يعرف أكثر من ذلك
الرجل الأول : مثل ماذا
الرجل الثاني: مثل الأحلام التي تراودك عن حتمية التغيير وجدوى الثورة وإسقاط النظام وتحرير الشعب من اضطهاد الدولة وقمعها
الرجل الأول : يبدو أني تورطت بانقلاب أو ثوره أو ما شابه ذلك
الرجل الثاني : لا بد أنهم غدروا بك كان عليك أن تنتبه أكثر
الرجل الأول : سأنتبه صدقني في المرة القادمة حين أحلم أو أتمنى شيئا، لقد كانت حينها مجرد أمنية.
الرجل الثاني : كل شيء يبدأ بالأحلام والأماني
الرجل الأول : ماذا لو توسلنا إليه أن لا يشي بأية كلمه إلى رؤسائه
الرجل الثاني : وهل يقبل ؟
الرجل الأول: لا بد أن يقبل، على الأقل من أجل أطفالي وزوجتي المسكينة فأنا لا أملك سوى هذه الوظيفة وهي الوحيدة التي تبقيني حيا كسائر الناس
الرجل الثاني : ماذا لو أقمنا معهم حوارا من أجل أن نضع بيننا وبينه اتفاق أو هدنة أو ما شابه ذلك؟
الرجل الأول: ولكن من الواجب أن لا نقترب منه أكثر من هذه المسافة
الرجل الثاني: ألا ترى أنهم يحاولون إذلالنا بهذا المرتبات القليلة
الرجل الأول : هذا يتوقف على ما نبذله من جهد أثناء المراقبة
الرجل الثاني: العجيب انه لا يبدي أية حركه غريبة حتى الآن رجل كبير في السن في السبعين يجلس طوال النهار على كرسي بمسندين يعتمر قبعة على رأسه .. هذا كل شيء .. إذا أين مكمن الخطورة في هذا.
الرجل الأول : ربما علينا أن نبالغ في كتابة تقاريرنا عنه، حتى نقنع من هم أعلى منا رتبة بخطر هذا الرجل وإلا بدت تقاريرا تافهة لا نفع منها من ما يستوجب إنهاء خدماتنا .
الرجل الثاني: تقصد مثلا أنه يخفي بين طياته أشياء خطره ومضره على أمن الدولة مثل ذلك الكتاب الذي يخفي بدوره هو الآخر بين طياته أفكارا تضم بين طياتها التحريض على الثورة وقلب نظام الحكم القائم.
الرجل الأول : لا بد أن نركز أكثر على طيات ذلك الرجل تحديدا
(نراهما يخرجان رأسيهما من فتحات الجريدة للمراقبة والتركيز أكثر )
الرجل الثاني : هل هذا جيد؟
الرجل الأول : نعم هكذا أفضل كي لا تفوتنا لا شاردة ولا واردة.
( يقوم الرجل فجأة بإخراج شيئا من ردائه )
الرجل الثاني: اترى ما أراه
الرجل الأول : ماذا
الرجل الثاني : انه يخرج شيئا
الرجل الأول : لقد اخرج قلما على ما أرى من ردائه
الرجل الثاني : كما أنه يحاول أن يؤشر شيئا على الكتاب ترى ماذا يكتب
الرجل الأول : ربما فكره طرئت على باله
الرجل الثاني : بل ربما يحاول أن يكتب شيئا عني وعنك.
الرجل الأول : تعتقد أنه يعد تقريرا عن نشاطاتنا إذا هذا يثبت بما تفوهت قبل قليل في أنه بالفعل مكلف بأعداد التقارير حول مستوى أدائنا (يخاف) ترى ماذا لو كانت تقاريره فيها شيء من المبالغة ساعتها ربما نحال إلى محكمه الدولة بتهمه التقصير في الواجب وخيانة امن الدولة والشعب.
الرجل الثاني: ساعتها سنعدم أليس كذلك .
الرجل الأول : هذا ما سيبدو عليه الأمر
الرجل الثاني : ونموت
الرجل الأول : ونموت
الرجل الثاني: شنقا أم رميا بالرصاص؟
الرجل الأول : وما الفرق؟
الرجل الثاني: على الأقل سوف نختار ميتة سهلة
الرجل الأول : ولكنهم هم من سيختاروا وليس أنا واأنت
الرجل الثاني : وما الحل الآن؟
الرجل الأول : لا اعرف
الرجل الثاني : ماذا لو اقتربنا منه لنعقد معه صلحا أو اتفاقا أو ما شابه ذلك
الرجل الأول : فكره جيدة، ولكن ماذا لو كان هناك طرف ثالث يحاول تقييم أدائنا نحن الاثنين كمخبرين وهو كمعارض مهم نحاول من خلاله اصطياد الآخرين.(يهمس) فأمن الدولة أكثر ذكاء من الدولة نفسها إنهم كما اللاعبين الماهرين وأنا وأنت مجرد بيادق شطرنج يحركونها وقت ما يشاؤون ويسقطونها متى ما يشائوا
الرجل الثاني : لقد بدأت الأمور تتعقد فكل شيئا يحيلنا إلى الإهمال والتواطؤ والخيانة والتقصير المتعمد وخيانة أمن الدولة.
الرجل الأول : لعل السبب في تلك القبعة والتي لولاها لعرفنا ما يظهر ذلك الرجل وما يخفيه عنا وما يفكر به
الرجل الثاني : لماذا لا نطلب من الله أن يرسل ريحا صرصرا عاتية ليطيح تلك القبعة
الرجل الأول: هذا مستحيل فألجو ساكن بصورة كليه كما إنني لا اعتقد أن دعوات المخبرين تحديدا باستطعاتها أن تصل إلى الله سريعا
الرجل الثاني : وهل نحن كفره يا سيدي
الرجل الأول : كلا ولكننا نقوم بأعمال سيئة غير مستحبة قد تودي بحياة الآخرين أو قد تزجهم في غيابات السجون
الرجل الثاني : يعني أن الله غير راض عنا
الرجل الأول : لا اعرف
الرجل الثاني : وكيف لا تعرف وأنت رئيس العرفاء ولك من الخبرة عشرون عاما في سلك الأمن
الرجل الأول : أرجو أن تصمت قليلا
الرجل الثاني : وهل هذا أمر
الرجل الأول : نعم
الرجل الثاني : يبدو أن تسلطك علي لا ينتهي حتى في الأوقات الصعبة
الرجل الأول : علينا أن نفكر في كيفيه الخروج من هذا المصيبة
الرجل الثاني : لدي مقترح
الرجل الأول : مقترح ماذا؟
الرجل الثاني : مقترح ينجينا من كل هذه الإشكالات
الرجل الأول : وكيف؟
الرجل الثاني : أن نرتدي القبعات فحسب
الرجل الأول : يبدو أنك ماهر في صنع النهايات السهلة والسريعة
الرجل الثاني : إذا دعني أحاول القضاء عليه
الرجل الأول : ولكنه آخر الخيوط المتبقية لدينا لإثبات وجودنا كما أنه يمثل رمز وجودنا
الرجل الثاني: إن بقائه هادئا بهذا الشكل دون نشاطات مريبة يقودنا إلى الجنون
الرجل الأول : ربما هو ينصت إلينا بكل جوارحه
الرجل الثاني : وقد يتقن فن قراءة الشفاه عن بعد وهذه هي مصيبة المصائب
الرجل الأول: لذلك كنت أنبهك دائما أن لا تتكلم إلا وأنت تضع الجريدة أمام وجهك كي لا يكتشف ما نتحدث به بسهوله علينا أن نلتزم الحذر أكثر .
الرجل الثاني : منه أو من الطرف الثالث الذي لا نعرفه
الرجل الأول : المشكلة بدأت تتعقد
الرجل الثاني : علينا ـن نعرف من هو الطرف الثالث (يكثر في التلفت والبحث عن الطرف الثالث) قد يكون احد المارة المستطرقين أو ربما ثمة هناك من يكمن خلف إحدى النوافذ في البنايات المحيطة بنا، أنا على ثقة تامة أنه أخطر من ذلك الحصان العجوز (يتلفت)هو في مكان لا نتوقعه
الرجل الأول : أرجو أن لا تكثر التلفت كي لا يفتضح أمرنا
الرجل الثاني : سوف اجن
الرجل الأول : عليك بالهدوء .. الهدوء فقط
الرجل الثاني : ماذا لو القينا القبض على كل الذين يرتدون القبعات على رؤوسهم بتهمة إخفاء الأدلة عن عدالة الدولة بل سنبالغ في تشريع القوانين حتى لنأمر كل الرجال بحلق رؤوسهم كي نعرف ما تخفيه رؤوسهم من أفكار غير واضحة.( يتوسل)أرجوك يا سيدي
الرجل الأول : ماذا ؟
الرجل الثاني : دعني اقتلع رأسه عن جسده كي لا تجد القبعة ملاذا تركن إليه بعد الآن، لإنه لا بد أنه يحلم تحت ظلها بموتنا وعذابنا ونهياتنا على يده . كما أنه لا بد أن يهزء بنا بل ولربما يخفي تحتها ابتسامه صفراء تنم عن شماتته بنا .
الرجل الأول : هل علي أن اكرر ألف مرة في أن حدود واجبنا يقتصر على المراقبة عن بعد .. أي الابتعاد عن التماسات المباشرة مع الأهداف. فالمفروض أنه لا يعرفنا ولا يرانا ولا يسمعنا .. هذا هو صلب عملنا كمخبرين سريين.
الرجل الثاني : لعله استسلم إلى إغفائة طويلة بينما نحن نستشيط غضبا وغيضا … وقد يكون قد مات من زمن طويل فقد انقطعت حركته منذ زمن طويل .
الرجل الأول : هذا مستحيل
الرجل الثاني : وكيف تجزم بهذا الشكل بعدم موته ما دمنا لا نستطيع التحقق من ذلك … فالمفترض أنه أسلم روحه للخالق فما موقفنا نحن هل نضل طويلا نرقبه من بعيد … إذا لا بد لهذه المهمة من حدود
الرجل الأول : ليس من صالحنا جميعا أن تنتهي هذه المهمة سريعا فالمهمة يجب أن تستمر لحين ورود أوامر جديدة
الرجل الثاني : لقد أصبحنا كما جن وشياطين نبي الله سليمان نعمل ونعمل خوفا من سليمان لسنوات طوال في بناء الهيكل، فأذا به يموت جالسا على كرسيه كما ذلك الماركسي العجوز دون أن نجرؤ أو تجرؤ الشياطين على التحقق من موته أو عدمه
الرجل الأول : ولكن الأمر مختلف الآن ذلك الماركسي ليس نبيا كما أننا ليس شياطين كي تجمع في الشبه بيننا وبينه
الرجل الثاني : ترى هل تعرف ما مر من وقت ونحن هنا
الرجل الأول : طويلا على ما اذكر
الرجل الثاني : هل تذكر آخر مره ذهبت بها إلى البيت
الرجل الأول : لا اعرف
الرجل الثاني : هل تذكر آخر مره تمتعت بها بأجازة ما
الرجل الأول : لا اذكر … وأنت
الرجل الثاني : أما أنا فلا املك شيء أتذكره , فأنا غير متزوج وليس لي أطفالا الشيء الوحيد الذي يجب عليه أن أتذكره هو إيجار الشقة ودواء أمي المصابة بالزهايمر وهذا كله يرتبط بالمرتب الذي لم اقبضه حتى الآن .
الرجل الأول : (يذكره) ربما عليك أن تضع الجريدة أمام وجهك وأنت تتحدث كي لا يشك بك الآخرون
الرجل الثاني : حسنا يا سيدي أرجو أن تكون قد سمعتني جيدا
الرجل الأول : أكثر من ما تتوقع
الرجل الثاني : وكيف؟
الرجل الأول : وهل أمك في السبعين
الرجل الثاني : نعم ! ( مستغربا )
الرجل الأول : هي وحيده في شقه تطل على الجانب الآخر من النهر
الرجل الثاني : إنها هي .. وما أدراك ؟
الرجل الأول : لقد
الرجل الثاني : لقد ماذا؟
الرجل الأول : لقد ماتت منذ زمن طويل حيث عثروا على جثتها من قبل الجيران وقد فارقت الحياة .. هذا ما مكتوب في الجريدة.
الرجل الثاني : (يصمت قليلا) كان هذا سيحدث كما توقعته آجلا أم عاجلا
الرجل الأول : ولكنك لم تحزن كثيرا على موتها
الرجل الثاني : المسكينة لطالما توهمتني رجلا غريبا يدخل شقتها فتحاول طردي دائما وهي تصرخ , لذلك يلجأ الجيران دائما إلى التدخل بيني وبينها في محاولة منهم لتوضيح العلاقة التي تربطني وإياها، كنا كما الغرباء نعيش معا كانت تتحفظ مني في كل شيء في مأكلها ملبسها عندما تخرج من الحمام فكانت تصرخ حالما تراني ألا ترى أن الأمر يبدو مضحكا(يصمت) حتى لو مت ما كانت لتحزن علي لأن من المستحيل أن تتذكر بأني ولدها … على أية حال .. لقد انتهى كل شيء (يحاول الرحيل) اعتقد أن مهمتي قد انتهت فما دامت أمي قد ماتت فلا وجوب لوجودي هنا
الرجل الأول : ولكن المهمة لن تنتهي حتى هذه اللحظة
الرجل الثاني : لم اعد أأبه لأي شيء ربما هذه النهاية التي أبحث عنها
الرجل الأول : أرجوك، أن الوطن بحاجه إليك
الرجل الثاني : أما أنا فلست بحاجه إليه، لطالما اعتبرني الجميع غريبا عنه كان علي أن أصدق أمي دائما بأني غريب. فالغرباء عادة لا يملكون شيئا غير الرحيل لقد عجزت وأنا أشرح دائما لكل من حولي بأني لست غريبا عن أمي. حتى استسلمت أخيرا لهذا الشعور كي أعيش أنا وهي والآخرون بسلام .
الرجل الأول : (يمنعه) لا اعتقد أنك تستطيع ذلك فالرجل لا زال هناك في مكانه
الرجل الثاني : وأنت
الرجل الأول : ماذا عني؟
الرجل الثاني : ماذا عن زوجتك وأطفالك وحياتك التي تركتها خلفك
الرجل الأول : هذا ليس من شأنك
الرجل الثاني : كان عليك أن تعرف ماذا حل بهم على الأقل
الرجل الأول : (يصرخ) يجب أن تصمت فكل شيء بخير
الرجل الثاني : ولكن الجريدة تقول أشياء قد لا تحبها
الرجل الأول : ولكنك لا تعرف القراءة والكتابة
الرجل الثاني : سوف اقرأ لك (يبدأ بالقراءة)
الرجل الأول : أيها الكذاب المخادع الحقير، لقد أخبرتني من قبل بأنك لا تعرف القراءة
الرجل الثاني: أفادت الصحيفة أن أحد أبنائك قد أصابه الإدمان وقد ألقت الدولة القبض عليه مع عصابة مخدرات وهو الآن قيد التحقيق .
الرجل الأول : ( يحاول خناقه) أيها التافه المخادع
الرجل الثاني : (يقاوم) أما زوجتك يا سيدي .. يا رئيس العرفاء يا من يحتاج إليك الوطن جدا جدا . فقط هربت من البيت بصحبة عشيق لها شابا يصغرها سنا , هذا كله بسبب غياباتك المستمرة عن البيت، هذا كله من أجل أن يحيا الوطن طويلا طويلا بينما نحن نموت بطيئا بطيئا… هذا على الأقل ما ورد هنا .. في هذه الجريدة .
الرجل الأول : ( ينهار) أنت تكذب .. تكذب فلا يمكن لأحد أبنائي أن ينحرف بهذا الشكل كما أن لي زوجه مخلصه ووفيه ولا يمكن لها أن تخونني بهذا الشكل , (يحاول خناقه مره أخرى) لا بد انك تكذب .. تكذب ..
الرجل الثاني : والجريدة ألا تكذب … (بهدوء) كيف لها أن تكذب وهي الجهة الرسمية الوحيدة الناطقة باسم الثورة والشعب والقائد المبجل والرجل الضرورة
الرجل الأول : ( يستسلم )
الرجل الثاني: أنت لا تجرؤ على اتهام الدولة بالكذب .. أليس كذلك
الرجل الأول : (يصمت)
الرجل الثاني : (يصرخ به) أنت لا تجرؤ .. هذا لأنك جبان ترى كم من الوقت بقينا هنا . هذا كله من أجل أن نزج أكبر عدد ممكن من الناس داخل السجون، بدأت أشك أن لا أحد سوانا قد بقي في هذا البلد، هيا انظر حتى الطريق بدا فارغا منذ زمن طويل، فلا أحد يأتي ولا أحد يمر من هنا .
الرجل الأول: كان علي أن أعرف قبلا في أنك تخفي أشياء كثيرة عني، لقد بدوت تافها حالما رأيتك لأول مرة، وها أنت تعلن عن نفسك أمامي وبكل وقاحة
الرجل الثاني : لقد خذلتك سنواتك العشرون في أن تتعرف علي وعلى ما أضمره من أفكار اتجاهك .. أليس كذلك، يبدو أنك ما عدت تعرف كل شيء كما السابق
الرجل الأول : أنت تخدعنا جميعا
الرجل الثاني : وفي هذه الحالة، عليك أن تفعل ما يمليه عليك الواجب هو اتهامي بالإساءة والتضليل لأمن الدولة، وبشيء من المبالغة عليك أن ترفع تقاريرك إلى الرؤساء
الرجل الأول: إذا هذا ما تجرني إليه . علي أن افعل ما تريده أنت وتقرره لاما أريده أنا وأقرره
الرجل الثاني : بل هذا ما أريده منك بالضبط
الرجل الأول : وإذا أخبرتك أني لا افعلها، فقط كي لا أبدو في أنني أأتمر بأمرك
الرجل الثاني : (بهدوء) بل ستفعلها
الرجل الأول : لن أفعلها
الرجل الثاني : بل ستفعلها وإلا
الرجل الأول : وإلا ماذا .. هيا اخبرني وإلا ماذا, يبدو أن هذا التهديد ينم عن أشياء تخفيها تجعلك تتقاوى فيها علي حتى لتكون واثقا في تهديدي
الرجل الثاني : ربما عليك أن تكتب هذا فأنا أخفي أشياء كان يجب أن أخفيها أثناء الواجب (يصرخ) هيا اكتب
الرجل الأول: أنت لن تملي علي ما يجب فعله فأنت مجرد عريف متمرد وخائن
الرجل الثاني : أرجو أن تسرع في كتابة تقريرك في الحال
الرجل الأول : لقد عرفت الآن ما تجرني إليه . فأنا لن أمنحك الفرصة في ترك الواجب
الرجل الثاني : ماذا لو استقلت
الرجل الأول : لن اقبل
الرجل الثاني : (يتنازعان) بل ستقبل رغما عن انفك.. ماذا لو ضربتك على مؤخرتك
الرجل الأول : لن أقبل
الرجل الثاني : (يتنازل) ماذا لو توسلت
الرجل الأول : لا اقبل
الرجل الثاني : ماذا لو صارحتك في شيئا سيعيد البهجة والسعادة إلى حياتك
الرجل الأول : ومالذي تملكه من شيء كي يعيد السعادة إلي
الرجل الثاني : (يضحك) لقد كذبت عليك
الرجل الأول : هذا ليس بالشيء الغريب عنك
الرجل الثاني : فأنا لا اعرف القراءة والكتابة حقا
الرجل الأول : (يضحك) حقا، حتى قراءة الجريدة
الرجل الثاني : حتى الجريدة
الرجل الأول : وماذا عن زوجتي التي هربت مع عشيقا لها وولدي الذي تم القبض عليه
الرجل الثاني : لا اعرف، مجرد حكاية اختلقتها كي اغيضك
الرجل الأول : يا لي من ساذج
الرجل الثاني : ولكن ماذا عن أمي فلابد انك كذبت علي أيضا
(يضحكان)
الرجل الأول : هل تصدق، لقد كان الأمر حقيقيا وليس مزاحا ولا كذبا
الرجل الثاني : لطالما تم الزج بي في السجن بتهمة التحرش بأمي وهذا كله بسبب الزهايمر فحالما اقترب منها تصرخ (يا ناس .. يا عالم .. ثمة من يتحرش بي وأنا في هذا السن)
(يضحكان)
الرجل الأول : كان من الأفضل أن تسمع خبر موتها
الرجل الثاني : كانت أمي على أية حال
الرجل الأول : لقد عانيت طويلا
الرجل الثاني : أكثر من ما تتوقع فأحيانا أفكر في الهرب لا تركها وحيدة واختفي , إلا أني أعدل في قراري حزينا لأجلها
الرجل الأول : مسكين
الرجل الثاني : بل المسكين هو أنت .. ربما عليك أن تفكر بزوجتك التي هربت بعيدا عنك
الرجل الأول : ولكنك قبل قليل قلت ..
الرجل الثاني : (يضحك) أنا امزح صدقني لا شيء من ذلك قد حدث .. هل تعرف كل الذي أتمناه أن تنتهي هذه المهمة سريعا
الرجل الأول : لقد انتهى وقت المزاح وعلينا بالمراقبة من جديد
( يعودان إلى المراقبة، لنجد فجأة في خضم مزاحهما أن الرجل قد اختفى ولا وجود إلا للكرسي والقبعة فقط)
الرجل الثاني : (غير مصدق) علي أن اعترف بشيء
الرجل الأول : ماذا
الرجل الثاني : إن نظري بدأ يضعف حتى وكأنني لا أرى الرجل أمامي وهو جالس على الكرسي وهو يعتمر القبعة
الرجل الأول : (يصرخ) ولكنه ليس هناك بالفعل
الرجل الثاني: لا اصدق
الرجل الأول : بل عليك أن تصدق ذلك , لقد اختفى تماما وهذا كله بسببك. لابد أنك تمنيت شيئا باتجاه ذلك الرجل، هيا أخبرني ماذا كان يدور في عقلك حتى تحقق في الحال
الرجل الثاني : صدقني لا شيء
الرجل الأول : بل كنت تتمنى دائما أن تنتهي هذه المهمة سريعا فحدث الذي حدث
الرجل الثاني: ألا تشك في نظرك الذي ضعف أو ربما قد أصابك العمى مثلي، الرجل هناك لا زال جالسا في مكانه هيا تمعن في النظر إنه هناك
الرجل الأول : تقصد بأني ما عدت أرى جيدا كما السابق
الرجل الثاني : إنه هناك يا رجل
الرجل الأول : (يحاول فرك عينيه) وكيف نتأكد من ذلك
الرجل الثاني : ربما عليك سؤال من يمر من هنا
الرجل الأول : أنت تعرف جيدا أن لا أحد يمر من هنا منذ فترة طويلة فالشارع أصبح خطرا على الآخرين حتى أصبح من الجنون المرور من هنا طالما هو هناك وطالما نحن هنا
الرجل الثاني : أنا متأكد أنه هناك
الرجل الأول : أما أنا فأشك في ذلك
الرجل الثاني : إذا لابد الاقتراب منه أكثر لنتأكد في أنه لا يزال هناك ولا نزال نحن هنا
الرجل الأول : أنت تعرف القواعد جيدا من المستحيل الاقتراب منه
الرجل الثاني : هذا فقط من أجل استمرار المهمة، أليس هذا ما تريد
الرجل الأول : الحفاظ على المسافة الأمنية ضرورة من ضرورات العمل الأمني
الرجل الثاني : لكل قاعدة استثناء
الرجل الأول : حسنا علينا بالمحاولة
(يحاولان الاقتراب من الهدف أكثر)
الرجل الثاني : ربما عليك أن تمد يدك لتتحسس وجوده الغير مرئي ( يمرر يده في مكان الرجل الفارغ ) هل تشعر بشيء ؟
الرجل الأول : كلا لا يوجد شيء، لقد ترك كل شيء عدا القبعة
الرجل الثاني : قد يكون بداخل القبعة فهو دائما ما يخفي المفاجئات عنا كما السحرة ربما علينا البحث بداخلها
( يبحثان عنه داخل القبعة )
الرجل الأول : ألم أقل لك انه ليس هنا .. لقد اختفى تماما ولا اعرف مالذي سيحدث بعدها, فلابد أنه هرب بينما نحن لاهيان في الحديث والمزاح والأحلام لقد كان تصرف سيئا منا .
الرجل الثاني : علينا أن نبالغ في الأمر
الرجل الأول : هو ليس هنا فعلام المبالغة
الرجل الثاني : ترى مالذي يتوجب فعله في هذه الحالة
الرجل الأول : أن أقتلك وينتهي الأمر
الرجل الثاني : هذا ليس حلا
الرجل الأول : إذا ما الحل في نظرك
الرجل الثاني : ان نفترض وجوده كي تستمر المهمة والى الأبد مادامت القبعة موجودة هناك فهذا يعني إنه موجود تحتها . فالوطن لا يخلو من الأعداء الذين يتربصون بأمن هذا البلد فهم من الذكاء بحيث لا يمكن أن نراهم ونسمعهم ولكننا نستطيع أن نشعر بوجودهم هم في كل مكان فهم ينتشرون في كل مكان
الرجل الأول : ولكننا لا نراهم
الرجل الثاني : ولكنهم يروننا
الرجل الأول : هل تعتقد ذلك
الرجل الثاني : أنا متأكد من ذلك وعلينا أن نؤكد ذلك في تقاريرنا القادمة، سيضل هاجس وجوده بداخلنا لا يستطيع مغادرتنا وكأننا ولدنا على تتبع أثار الطرائد
( يحاول أن يشم شيئا )
الرجل الأول : ماذا هناك، هل تشم شيئا
الرجل الثاني : لقد بدأ يدخن سيكارا كوبيا
الرجل الأول : وهذا ما يثبت تورطه مع جهات خارجية معادية
الرجل الثاني : لقد عاد يقرأ من جديد أشياء أكثر خطورة
الرجل الأول: أصبح الهدف أكثر ذكاء من ذي قبل يجب أن نكون على حذرا أكثر
(من خلف جريدة كلا منهما)
الرجل الثاني : المهم أن لا يرانا
الرجل الأول : لا يرانا
الرجل الثاني : ولا يسمعنا
الرجل الأول : ولا يسمعنا
الرجل الثاني: وماذا عنا نحن
الرجل الأول : ليس المهم أن نرى ونسمع بل المهم أن نشعر . هل تعرف .. لقد بدأت اشك بوجوده أصلا
الرجل الثاني : المهم نحن موجودون
الرجل الأول : هل أنت متأكد
الرجل الثاني : لا أعرف ( يضحكان )