"علامة استفهام؟؟" مسرحية من تأليف: هناء سيف الدين
** الفصل الأول
حكاية القَدر
المنظر الأول
يفتح الستار على صالة بسيطة كنبة و2 كرسي وسجادة وتدخل بنت في العاشرة من عمرها إلى الصالة في وجهها حزن، ممسكة صورة في ايديها تتأملها وتتحدث إليها
مريم: مرت أربعة أعوام على غيابك يا أبي، وعدتني أن تأتني بقِدر الأمنيات، القدر الذي سأحقق به كل أمنياتي، يجعلني أسعد فتاة على الأرض، انتظرتك (تصيح) انتظرتك كثيرا يا أبي، كل يوم أنظر من الشباك وأظنك عائد من بعيد، لكنك لا تأتي، كل يوم أحدث أصدقائي عن القدر الذي سألقى فيه جميع أمنياتي كي تتحقق( تكمل الحديث بهدوء) أصدقائي هم أيضا ينتظروك، ينتظرون القدر الذي سيحقق لهم أمنياتهم ( تعود للصياح) فأين أنت يا أبتي؟ لماذا لم تعد حتى اليوم؟ (تصيح أكثر) لماذا لم تعد ولم تحضر لي القدر؟ … قدر الأمنيات؟
(يدخل أخيها “حسن”أكبر منها بثلاثة أعوام يحدثها )
حسن: كفاك يامريم، أما زلت تتحدثين مع صورة أبي؟ ألم تتعبي من ذلك؟ لماذا لا تنسي مسألة القدر وتذهبي للعب مع صديقاتك، لماذا لا تلعبي وتفرحي مثل بقية البنات؟ (يربت على كتفها بحنان) انسي ما وعدك به أبي، لو كان قد وجد قدر الأمنيات، لعاد به، من المؤكد أنه لم يجده طوال هذه المدة ( يكشر بحزن ثم يكمل حديثه لنفسه بصوت منخفض) أخشى أن يكون قد أصابه مكروه.
مريم: (تسمعه فتصيح في وجهه) لا تقل هذا، أبي سليم معافى وسوف يعود بالقدر إن شاء الله، لن أيأس، لن أيأس أبدا
(تدخل عليهم جدتهم العجوز… تجلس على الكنبة)
الجدة:.(تناديهما) مريم … حسن … تعالا هنا ,,, اجلسا بجانبي، لقد رأيت مناما أفرحني، إنه بشرى لكما (تجري إليها مريم تسألها)
مريم: ماذا رأيتي يا جدتي … إحك لنا؟”
الجدة: جاءني البلبل الأخضر، الذي أراه كثيرا في منامي، جاءني وقال لي أن أباكما سيعود قريبا و يحضر معه القدر
مريم: (بفرح) صحيح يا جدتي أبي سيحضر قريبا ومعه القدر؟
الجدة: نعم يا حبيبتي، البلبل قال لي هذا، هو لا يكذب أبدا
مريم: ( تحدث نفسها ووجها للجمهور) حمدا لله، أخيرا سيعود أبي، سيعود ومعه القدر، القدر الذي سأضع فيه أمنياتي وسوف أحققها كلها إن شاء الله.
(يظلم النور على مكان مريم والجدة ليغادرا المسرح وتبقى بؤرة نور حول حسن الذي يتقدم في وسط المسرح، ويمشي على المسرح يفكر عاقدا يديه يحدث الجمهور)
حسن: حتى جدتي تحلم مثل أختي، لم ييئسا من انتظار أبي أبدا، أما أنا فقد تعبت، تعبت جدا من الانتظار، لا أعرف ماذا أصاب أبي؟ أهو حي يرزق؟، أم (يكشر وجهه) أم مات. وإن كان على قيد الحياة، فأين هو؟ سيعود أم سيتركنا سنوات أخرى لا نعرف شيئا عنه ( ينتفض ويتغير وجه إلى الصرامة، يكمل) لن أنتظر، سأبحث عنه في كل مكان، ولن أعود إلا وأنت معي.
(ثم تتغير الإضاءة للأكثر وتبدأ رقصة بالفرقة التي تنضم لحسن وأغنية)
المجموعة : تعالى يا أبتي
للنهر والبيت
فنحن ننتظرُ
وأنت لا تأتي
حسن: سأسأل الرحمن
بأن تعود الآن
تعود تسعدنا
وتأتي بالقدر
المجموعة : تعالى يا أبت
للنهر والبيت
فنحن ننتظر
وأنت لا تأتي
***********
(تغلق الستار ثم يفتح على المنظر التالي)
المنظر الثاني
( تتغير الصورة خلفية للمسرح إلى شكل الشارع وتدخل للمسرح بنت صغيرة تبدو خائفة جدا وتلحق بها أمها)
الأم: سهيلة… لا تخافي يا ابنتي …سنذهب إلى مكان آمن مع بقية الجيران
سهيلة : (بخوف) وأين هذا المكان الآمن؟ لا يوجد مكان آمن، الذئب قريب من هنا، وسيفتك بنا نحن الصغار.
الأم : لقد خرج أبيك مع بقية الرجال يبحثون عنه وسوف يقتلوه … أرجوكي اهدئي ولا تخافي
سهيلة: ( تهدأ قليلا وتضاء حولها بؤرة ضوء ثم تتحدث إلى الجمهور) كيف أهدأ أو أنام، وكل يوم يخطف الذئب منا عشرات الصغار، إنه يفاجئنا من حيث لا ندري (تصيح بغضب) إنه شرير شرير، لماذا عاش بيننا، في هذا المكان بالذات، أنا وأصدقائي نخاف أن نخرج لنلعب، حتى ونحن في بيوتنا، نخاف أن يهجم علينا (تلتفت حولها بذعر) كنا نحب الالتفاف حول المسجد، نحب قبته الذهبية التي تلمع في الفضاء، كنا نسمع هناك أصوات أجراس وأناشيد وزقزقة العصافير، فنلعب حوله ونلعب، ثم ندخل لنصلي، الذئب الشرير عرف مكاننا ولم يتركنا نهنأ باللعب، انه يتربص بنا أكرهه ( تصيح) أكره الذئب الشرير الذي يأكل الصغار قبل الكبار.
(تظلم الإضاءة عند البنت وأمها .. يدخل حسن بهدوء إلى المسرح، ينظر خلفه ويحدث البنت والأم اللذان يبدوان مرتبكتان)
حسن: ماذا يحدث هنا؟ لماذا أرى الجميع خائفون؟ جئت لهذا المكان كي أبحث عن أبي، يقولون أنه كان هنا يعيش لمدة طويلة!
الأم : مَن أباك؟
حسن: إنه رجل طيب يسمي نفسه صاحب القدر
الأم: ( وهي تبدو تتذكر) صاحب القدر؟ صاحب القدر؟ نعم …نعم تذكرت رجلا كان يجمع الأطفال هنا، ويحكي لهم حكاية قدر الأمنيات، ظل هنا لفترة ثم اختفى، ولا نعرف أين ذهب
سهيلة: (اقتربت من حسن وقالت له بفرح) نعم، كان يحكي أن القدر المسحور يحقق كل شيء نتمناه وكنت أحب حكاياته جدا، لكنه تركنا ذهب إلى المنطقة الخضراء.
حسن: ( بدهشة) المنطقة الخضراء؟
سهيلة : نعم، قال إنه يبحث عن القدر وقد سمع أنه ربما يكون هناك (استدارت وتحدثت إلى الجمهور بجدية) أتمنى أن يعود بذلك القدر، لأطلب منه القضاء على الذئب الشرير، فنعود للأمان واللعب مرة أخرى عند المسجد ذو القبة الذهبية
حسن: (بجدية) سأذهب وأبحث عنه في المنطقة الخضراء
(هنا يسمع صوت الذئب آتيا للمكان: عاااااااو عاااااووو… تصرخ سهيلة وكذلك أمها ويركضان خارج المسرح، أما حسن يصيح)
حسن: أين أنت يا أبي؟ أين قدر الأمنيات، إنهم في خطر، وأنا أيضا مثلهم في خطر.
(صوت الذئب يقترب : عاااااو عاااااو.. دخل المسرح طفلتين يصرخان في وجه حسن)
الطفلتين: لماذا أنت واقف هنا، الجميع يجرون إلى المخبأ، هيا، تعال معنا حتى لا يأكلك الذئب مثلما أكل شادي.
(يظلم المسرح صوت أغنية حزينة لفيروز تدور بينما صوت الذئب ما زال يقترب وحسن واقفا وعلى وجهه الخوف :
وتدور أغنية
انا وشادى
لفيروز
======
من زمان انا و صغيره
كان في صبي يجي من الاحراش العب انا و ياه
كان اسمه شادي
انا و شادي غنينا سوا
لعبنا على الثلج ركضنا بالهوى
كتبنا على الاحجار قصص الصغار و لوحنا الهوى
و يوم من الايام ولعت الدنى
ناس ضد ناس عالابها التني
و صار القتال يقرب عالتلال و الدنيا دنى
و علقت عاطراف الوادي
شادي ركض يتفرج
خفت و صرت اندهله
وينك رايح يا شادي
اندهله ما يسمعني
و يبعد يبعد بالوادي
و من يومتها ما عدت شفته و ضاع شادي
“صراخ أطفال يسمع من المسرح”
يغلق الستاركي يتغير الديكور ثم يفتح
( المسرح ينير على الفصل الثاني)
** الفصل الثاني:
(بنت اسمها ليلى في التاسعة من عمرها جالسة تكتب في ورقة وبجانبها بنت أكبر منها اسمها فاطمة تعلمها الكتابة)
فاطمة: قلت لك اكتبيها هكذ ، بهذه الطريقة (تحدث نفسها) ماذا أفعل معها، الحروف العربية صعبة جدا على ليلى ( تسمعها ليلى وبحركة تدل على العصبية تجيبها )
ليلى: الحروف العربية ليست صعبة، ولكن الطريقة التي تعلميني بها هي الصعبة لا أتعلمها بسرعة
فاطمة: هذه هي الطريقة التي تعلمناها ولم نتعلم غيرها (تضحك بسخرية( أنت تودين طريقة سحرية لتتعلمي بسرعة
ليلى: طريقة سحرية؟ نعم نعم … أنا انتظر القدر، القدر الذي سيحقق لي أمنية التعليم
فاطمة: ( تضحك بسخرية) قدر؟ أي قدر هذا الذي سيحقق لك الأماني؟
ليلى: لا تضحكي هكذا، إنه القدر الذي وعدنا به عمي الذي سافر ليبحث عنه منذ سنوات، كي يحضره لابنته مريم، ولي أيضا، سألقي فيه أمنياتي كي تتحقق.
فاطمة: قدر يحقق الأمنيات؟
ليلى: نعم أي أمنية يريدها الأطفال ستتحقق إن شاء الله (تتحرك على المسرح وهي تحدث الجمهور بحلمها) أريد أن أتعلم، أتعلم بسرعة كل العلوم، حتى أتفوق على الجميع، ليس ذنبي أنني حين كبرت وجدت هؤلاء الذين عاشوا معنا رغما عنا، يتحدثون لغة أخرى ويجبروني عليها (تستدير لتحدث فاطمة) أنت تحاولين تعليمي الحروف بالطريقة المكتوبة بالكتب ، لكني لا أفهم هذه الكتب، لا أفهمها
فاطمة: لست وحدك من تعانين يا ليلى، أنا أيضا وغيري لا نحب هذه الطريقة التي بالكتب وننتظر طريقة أسهل.
ليلى : (تضحك) إذن انتظري معنا قدر الأمنيات، واطلبي منه كتبا أسهل، سيأتي لك بالكتب الشيقة التي تعلمنا بسرعة، أنا شخصيا انتظره لأطلب منه تحقيق تلك الأمنية
(تحدث صوت ضوضاء بالخارج، يدخل حسن مهرولا ووراءه جعفر ولد أسمر من السودان)
جعفر: ها هي ليلى ابنة عمك التي تبحث عنها
حسن: ( بلهفة بمسك يد ليلى ثم يحدثها) أخيرا وجدتك يا ابنة عمي العزيزة، كنت أبحث عن أبي في كل مكان فقالوا لي أنه هنا مع عمي في المنطقة الخضراء
ليلى: نعم كان هنا، لكنه تركنا فجأة قال سيكمل البحث عن القدر (تضم يديها إلى صدرها) كم أنا متشوقة جدا لذلك القدر (لتفت إليه وتسأله) قل لي كيف حال مريم؟
حسن: مريم أصبحت حزينة جدا، لا تفعل شيئا إلا التحدث مع صورة أبي، لكن أين ذهب؟ أين أجده الآن؟
ليلى : عمي بخير إن شاء الله، سأذهب لأتصل بمريم وأطمئنها عليه، حتى لا تحزن هكذا
فاطمة : خذيني معك، علي أن أبشر الجميع بخبر القدر
( تنصرف ليلى وفاطمة من المسرح ويبقى جعفر مع حسن)
جعفر: ألا أخبرك عن سر
حسن: (بلهفة) سرك في بير
جعفر: أبيك لن يجد القدر لأنه مختبئ
حسن: ماذا تقول؟ القدر مختبئ؟
جعفر: (بهمس) نعم إنه مختفي في مكان ولن يظهر إلا ظهرت له العلامة
حسن: أية علامة؟
جعفر: تكون الأرض واحدة بلون واحد تكون كلها منطقة واحدة نعبرها من الشرق إلى الغرب بسهولة
حسن: (بسخرية) يبدو أنه قدر يحب النكات، كيف لا تكون على الأرض فواصل، إن الخريطة نفسها تحدد مناطق وموانع وسدود وفواصل
جعفر: فقط اسمع .. اسمع يا أخي، إن هذا هو شرط القدر الذي اشترطه على جدي الأكبر، لقد حدثه ونصحه: قال له اذهب وقل لهم يبسطون الأرض بسطا ويلغون الفواصل، حتى يحقق الأحلام للجميع. هيا بنا لقد بحثنا عن أبيك في كل مكان ولم يتبقى إلا مكانا واحدا
حسن: (بلهفة) وما هو؟
جعفر: عند الخليج … عند مرفأ الماء
حسن : ( يضع يديه على كتفه شاكرا جعفر) لقد تعبت معي جدا يا جعقر وتركت بيتك كثيرا وجئت معي لتبحث عن أبي (يحتضنه.. يكمل) شكرا … شكرا لك يا صديقى
جعفر: لا شكر على واجب ، أنت صديقي العزيز، كيف أتركك وحدك وأنت في هذه المحنة، يجب أن أساعدك حتى نجد والدك.
حسن: ولكن لماذا كانت هذه الفواصل في منطقتنا، كيف نجعلها منطقة منبسطة؟
جعفر: اسمع، لدي فكرة لتصبح كل منطقتنا واحدة دون فواصل، سأقول لهم أننا وجدنا القدر، وأنه حدثنا وأنه لن يكون بمنطقة إلا بعد أن ينزعوا منها الفواصل. هيا بنا
(يضع يده على كتف حسن ويحدثه وهما مغادرين المسرح)
جعفر: (بمرح ) أتدرى ما أمنيتي من القدر حينما يظهر؟ سأتمنى ألا يظل في منطقتنا جائعا أو مريض .
حسن: ( يمزح) كثرت أمنيات الأصدقاء … أرجو أن يتحمل القدر كل هذه الأمنيات
جعفر: هيا بنا نخبر الأصدقاء ثم نذهب لمرفأ الماء لنبحث عن أبيك
(يخرجان من المسرح.. يظلم المسرح، ويتغير المنظر للمنظر الأول حيث صالة البيت و الطفلة مريم تتحدث إلى جدتها)
مريم : جدتي لدي ضيفة عزيزة، جاءت هاربة من الرياح الشديدة التي حلت على منطقتهم
الجدة : أهلا ومرحبا بها، كان الله في عونها، الرياح أصبحت شديدة جدا في كل مكان
مريم: ( تنادي )رغدة … رغدة تعالي كي تسلمي على جدتي
الجدة: بارك الله فيك يا صغيرتي، أين أسرتك؟
رغدة : أبي يعمل في مكان آخر، مكان أيضا أصابه الرياح، وألقت به في مكان غير الذي يعمل به الآن، لكننا لا نعرفه، أما أنا وأخوتي فقد ألقت بنا الرياح هنا، في هذا المكان
الجدة: أنت أيضا لا تعرفين مكان أبوك؟ متى ترتاحون يا صغاري من كل هذا العناء؟
مريم : (بمرح تداعب رغدة) ربما وجد أباك أبي وجاءا معا، أبي سيحضر لي قدر الأمنيات الذي وعدني به، سأطلب من القدر أي شيء أريده وسوف يحققه لي في الحال.
رغدة: (بفرح ) قدر الأمنيات؟ رائع سوف أطلب منه أن يجمع شمل أسرتنا ويذهب تلك الرياح القوية عن منطقتنا (تلتفت إلى الجمهور تحدثهم) الرياح ألقت بأصدقاء آخرين كانوا في مكان آخر، كلنا سنطلب منه لم شملنا من جديد
مريم: (في حركة مرحة) أما أنا فسأطلب أشياء كثيرة من القدر، هيا بنا نذهب إلي الأصدقاء، علينا أن نجمع أمنياتنا التي سنضعها بالقدر
(يغـــــلق الستـــــــــار)
** الفصل الثالث:
(يفتح الستارعلى منظر خيمة وحطب منشعل وحسن وجعفر وطفلين من ليبيا والجزائر وخامس من دولة الإمارات وسادس من تونس وسابع من المغرب بزيهم الرسمي جالسون)
حسن تعبت من البحث، حتى مرفأ الماء لم نجد أبي عنده
جعفر: البرد شديد جدا، والصغار ناموا أخيرا، مساكين لم يستطيعوا النوم منذ فترة من خوفهم من الذئب
ناصر : (من ليبيا) نعم إنه يتريص لهم بهذا المكان يجب أن نقتله بسرعة.
جعفر: لا تعجل، لقد اقترب من المصيدة
حسن: نعم ، كل شيء معد للقضاء عليه
حمد: (من الإمارات) لم لا نضربه جميعا ضربة واحدة معا تقضى عليه
علي: ( تونس) نعم سنضربه ضربة طاحنة
عدي: ( الجزائر) متى ستكون نقطة الصفر كي نقاتله جميعا؟
صوت رجل من خارج المسرح : نقطة الصفر ستبدأ حالا، فقد عدت إليكم بالقدر… قدر الأمنيات
حسن: (يصيح بفرح) أبي…. أبي عاد…. عاد بالقدر
(يدخل المسرح رجل يرتدي جلباب مرقع بكل الأعلام العربية ويحمل قدر ذهبي)
الأب : أخيرا عدت إليكم بقدر الأمنيات، لقد وجدته ظاهرا في الصحراء، ينتظر يد حانية تنشله من حر الرمال، دلتني عليه الشمس الرائعة، سلطت أشعتها عليه، انعكس ضيه في عيني، وجدته لامعا، ساطعا كما ترون
حسن : أريد أن أجربه …سألقي فيه أمنيتي
جعفر: وأنا أيضا
ناصر: وأنا
حمد: وأنا
الأب : مهلا مهلا … المسألة ليست سهلة
الجميع معا: لماذا
الأب: لأنه ممتنع عن العمل، ولا أعرف ما السر في ذلك
حسن: اتركه لنا يا أبي فأنا أعرف السر (يحمله برفق.. يحدثه) أيها القدر العزيز، لقد زالت كل الفواصل من منطقتنا ونحن نجتمع هنا كل يوم، حول هذه الخيمة
جعفر: نعم نجتمع لنتشاور في أمر هام، في أمنية كبرى نتمناها جميعا
الجميع: (معا يصيحون ) نتمنى أن يموت الذئب.. فليمت الذئب… فليمت الذئب
الأب : (يصيح) إنه يعمل، بدأ يعمل، سأتركه هنا بالخيمة .
(تتغير الإضاءة، يتغير لون القدر إلى الأحمر الفوسفوري، بريق على الخيمة أبيض فأحمر. تحدث أصوات عواء للذئب، الأطفال يصيحون خوفا وأصوات ذعر من الصغار.. صوت عواء الذئب عااااااااو عاااااااووو”
الصغار: (يصرخون) الحقونا إنه يختبئ هنا
صوت حسن: حريق…. حريق…. الخيمة تحترق… تحترق
( الصغار يهربون خارج الخيمة)
الأب (يصرخ ) احترق الذئب بالقدر … احترق الذئب بالقدر
( صوت عواء الذئب يزداد.. الأطفال يهرولون إلى الكواليس)
(يظلم المسرح يضيء على الأب يحدث الجمهور)
الأب : أخيرا احترق الذئب …لكن القدر احترق أيضا، احترق معه، احترق قبل أن يحقق بقية الأمنيات، الصغار مازالوا خائفين… كنت أعلم أن قدر الأمنيات سيحترق أيضا، مساكين أيها الصغار، تخلصتم من الخوف الأكبر، وما زال داخلكم خوف كبير، وحيرة على وجوههكم (يصيح) وعلامة استفهام تسألوها لنا في كل مكان ..
(يغلق الستار ، ثم يفتح على أطفال الدول العربية المشاركة في الأوبريت الختامي بأغنية كورال .
** أوبريت الخاتمة
سنابلنا
نمت في أرضنا صفراء وانداست
وأغصانا
بدت أشواك في الصحراء واشتاقت
أياديكم ،
تمد لها عيون الماء تسقيها،
فتحييها،
وتدفئها حنان الشمس تحميها .
براءتنا،
تتوه وتختفي من حر أيام
ومركبنا،
يطوف بنا ولا يرسو لشطآن
ونسألكم:
لم تاهت عيون الماء بالأرض؟
ونسألكم :
لم جفت طفولتنا بلا سبب؟
ونسألكم :
لم ضاعت سحابتناعن السحب؟
ونسألكم :
لم ماتت ولا عادت بلا مطر؟
ونسألكم:
لم أضحت جداولنا بحور دم ؟
وقد صارت حدائقنا بها عدم؟
ونسألكم :
سنابلنا لم تحيا بنا صفراء ؟
وتلقي إلينا بركانا يحولنا إلى صحراء؟
ونصبح مثل اشجارا هشيما تحرس الخوف ؟
وتذرونا بلا مأوى
وتنسونا بلا حب ؟
ونسألكم.. ونسألكم …ونسألكم؟؟؟؟؟؟؟؟
ويبقى كل ما فينا بأسئلة
علامات لنا خرساء
تمـــــــــــــت