مأوية المسرح المغربي قيمة إضافية لأيام قرطاج المسرحية في دورتها 17 / بشرى عمور
خصصت الدورة 17 من أيام قرطاج المسرحية المنعقد في مدينة تونس في الفترة الممتدة ما بين 16 و 24 أكتوبر 2015 يوم الجمعة 23 أكتوبر احتفاء بمأوية المسرح المغربي، هذا اليوم كان استثنائيا بامتياز، ذلك أنه شمل عدة فقرات توزعت ما بين معرض للصور المسرحية لأعمال من زمن مسرحنا المغربي. وتعرف جمهور المهرجان على الكثير من الإصدارات للمسرح المغربي، في النقد والإبداع والتنظير. فكان فضاء للتعريف بالمنجز النقدي المتعدد خصوصا خلال العقدين الأخيرين.
ومما زاد من حجم هذا الإعجاب الحضور الرمزي لفعاليات رسمية افتتحت أشغال الصباح ونخص هنا بالذكر سفير المملكة بتونس السيد (محمد الفرج الدكالي) و المفتش العام لوزارة الثقافة المغربية السيد (حامد زكرياء) نيابة عن السيد وزير الثقافة (محمد الأمين الصبيحي) الذي تعذر عليه الحضور بسبب كثرة الالتزامات، خصوصا وأن المغرب مقبل على تنظيم الدورة 17 من المهرجان الوطني للمسرح. هذا بالإضافة إلى فعالياتنا المسرحية الوازنة المشاركة بمختلف حساسياتها وإلى حضور رجال الصحافة والإعلام.
وقبل أن تبدأ أشغال هذه الدورة رحب السيد (لاسعد الجموسي) مدير أيام قرطاج المسرحية بالمسرح المغربي الذي لهو بصماته في المشهد المسرح العربي وله حضوره الوازن والفاعل، لذلك لم تكن هذه الدورة أن تحتفي به لولا ما حققه من تفاعل وعطاء متميز وفاعل. فالحب و التقدير لهذه المأوية التي أعطت لهذه الدورة طعما خاصا وتميزا منفردا. فأخذ الكلمة بعد ذلك السيد المفتش العام للوزارة ليعبر بصدق مشاعره عما يكنه المغرب ملكا وحكومة وشعبا لإخوتنا التونسيين الذين يثقون إلى الحرية ونبذ العنف وحبهم للحياة. لذلك فهو يرى أن يتحقق حلمنا جميعا ببناء جسور التواصل الفني والثقافي ليكون امتدادا لطموحاتنا وآمالنا المشتركة.
وبعد هذه الكلمات الرسمية كان موعد المهرجانيين مع محاضرة حول المسرح المغربي بعنوان:”العمر القصير للمسرح المغربي” لباحث الأكاديمي الدكتور مصطفى القباج الذي أعطى صورة شاملة عن تاريخ مسرحنا المغربي من البدايات الأولى إلى الآن، والذي مر بالكثير من المراحل و التحولات فكانت فعلا نظرة شمولية لما حققه هذا المسرح من تجارب وأعمال فنية. ليختم الصباح بحفل تقديم وتوقيع لكتاب:”دليل المسرح المغربي” للدكتور أحمد مسعاية المدير السابق للمعهد العالي للفن المسرحي وتنشيط الثقافي.
استأنف نشاط المأوية في فترة ما بعد الزوال بتقديم ندوة علمية بمشاركة مجموعة من الدكاترة الباحثين في مواضيع نقدية مختلفة ومتنوعة. حيث قدم مسير الجلسة الناقد المسرحي (محمد البهجاجي) المحاور المقترحة مع تحديد صفات المشاركين فيها كل حسب تخصصه. فقدم د. عبد الرحمان بن زيدان ورقة بعنوان “الحركة المسرحية المغربية قبل الاستقلال” أما ورقة د. خالد أمين فلقد حملت عنوان: ” المسرح المغربي من الاستقلال إلى الآن” بينما د. عز الدين بونيت قدم مداخلته بعنوان: ” المسرح المغربي والدولة (التقنين – التنظيم المهني – الدعم)” ليختم د. مسعود بوحسين الندوة بورقة بعنوان “تجارب مسرحية مغربية (الطيب الصديقي – أحمد الطيب لعلج – عبد الكريم برشيد – عبد الحق الزروالي).
إن المتتبع لهذه المداخلات يلاحظ أنها مترابطة كليا لتقديم المسرح المغربي من بداياتها إلى الآن. وهذا ما جعل الحضور يربط خيطا رفيعا بين الخطاب المشترك وما يحمل في طياته من تيمات تعطي لهذا المسرح حضوره عبر كل المراحل والأزمنة.
بعد كل هذه المداخلات كان دور الجمهور من فعالياتنا على الخصوص الذي أضاف الكثير من تساؤلاته وأغنى الجلسة بإضافات وملاحظات زادتها عمقا وتوهجا.
ليكون موعد المهرجانيين ليلا مع حفل موسيقى خاص أحياه الفنان (محمد الدرهم) مع مجموعة بنات كناوة. والذي استطاع به أن يلهم حماس هذا الجمهور ويجعله يتفاعل بشكل وجداني على نغمات كناوية و غيوانية، هي لحظة صوفية انجذب إليها الجميع وانخرط في جدبة تطهيرية منفعلة و متفاعلة.
وللإشارة فقط، فإن الوفد المغربي المشارك في هذه الدورة اتسم بالجدية، والتزم طيلة أيام المهرجان بحضوره القوي و مناقشاته و تدخلاته الصائبة والوازنة، وبحمله لمشروع مأوية المسرح المغربي بكل حزم وصدق وحب و عطاء. لذلك كانت المشاركة مسؤولية تحملها الجميع. وهذا ما لاحظه إخواننا العرب و أصدقاؤنا الأجانب في هذه المشاركة الإيجابية.