نص مسرحي: "قــــــيء"/ علي العبادي

شخصيات المسرحية: الأم، الرجل
المكان: عبارة عن خربه أو عمارة تعرضت للتخريب بفعل الانفجارات، يوجد أمامها حارس بحوزته مظلة قد أحكم قفلها على شكل عصا كبار السن واضعاً رأسه عليها، يبدو للرائي انه نائم، وبقربها رصيف فيه أثاث بسيط للمرأة.
المرأة: أين أنا؟ لماذا أنا هنا؟ هل هناك أحد… هل هناك أحد؟ (تصرخ) أن كان هنا أحد فليرد علي، لماذا هذا الصمت يا الله أكاد أموت من فرط هذا الضجيج البكم (وهي تقوم بترتيب الأثاث على الرصيف ) على مدى شهر وأنا أتقيء كل القيم الزائفة، التي كانت قرانا لي ذات يوم، كل شيء حولي ملوث، (تستدرك) لا بد أن استحم لكن في أي جحيم وألسنة اللهب تذرع محبتها على أجسادنا، خراء في خراء (تذهب إلى العمارة من أجل أن تستحم فيها، بعد أن تبدأ بالاستحمام تبدأ بالهذيان) وسخ … وسخ … كل شيء هنا وسخ أنا وانتم وهم، ما هي الكمية التي نحتاجها من الماء كي نتطهر من الرجس (تستدرك) ولماذا نتطهر يا ترى الذين أوهموا أنفسهم بالفضيلة ما الذي حصلوا عليه، (تضحك) بإمكانك أن تحصل على كل شيء مقابل أن لا ترتاد الحمام، لأنه سوف يعرضك لمشاكل أنت في غنى عنها، وخصوصا إذا كان حمامك في الهواء الطلق و لم يعرف له باب لتوصد، وبذلك تجعل القاصي والداني يراك و تصبح أضحوكة تتلاقفها الأفواه، (تخرج) ما فائدة أن تستحم وكل ما حولك مشع بالوسخ
الحارس: (يستيقظ) يقال سيأتي يوم لا يحتاج فيه المرء ارتياد الحمام.
المرأة: لان لا يوجد حمام يتسع لحجم هذا القيء.
الحارس: بل يصبح المرء جميلا كلما هجر جسده الماء.
المرأة : هههههه .
الحارس: ما الذي يدعو للضحك.
المرأة : الماء
الحارس: بالفعل انه مضحك … هههههههههههه
المرأة: (تستدرك) الآن عرفت جحيم الأربعين عاما التي قضيتها في الوحل لم يكن ماء بل كان وحل استحم به .
الحارس: عرفتِ الآن كم أنتِ مغفلة .
المرأة : بحجم الماء .
الحارس: لابد لكِ أن تتخلصي من هذا الجحيم .
المرأة :  حتى لو كان ……… (يقاطعها)
الحارس: اجل .
(يسمعان صوت انهمار المطر)
المرأة : (مندهشة) ماء .
الحارس: ( متعجبا) ماء (يفتح المظلة ويضعها على رأسه) .
(يذرعا المسرح ذهابا وإيابا ويركضان في أرجائه).
الحارس: ماء .
المرأة : ماء .
الحارس: ماء.
المرأة : ماء .
الحارس: ماء.
المرأة : ماء .
الحارس: لنختبئ حتى ينقطع الماء .
المرأة : هذا المطر ربما سيطول كل الأماكن .
(يختبئان في جانب من فضاء المسرح)
الحارس: ذات يوم قيل لي: إياكم والمطر .
المرأة : هل حقا أنه وحل ؟
الحارس: أجل ، ألا ترين ؟
المرأة : أنا أراه عكس ما تراه أنت .
الحارس: هذا غباء .
المرأة : سأتحدى هذا الغباء (تخرج إلى فضاء المسرح يخرج ورائها)
الحارس: إلى أين أنت ذاهبة ؟
(يسمع صوت انفجار قوي )
المرأة : وليدي يمه وليدي (تركض في أرجاء المسرح بحثا عن ابنها، الحارس يتحول إلى احد الأشخاص الذين ينقذون الجرحى والمصابين المتواجدين في مكان الحادث…إلى الحارس) الله يخليك خالة ما شفت ابني .
الحارس: خالة مو سهلة نتعرف عليه، لان أكثر الجثث تشوهت بسبب الحريق .
المرأة : لا خالة أني أمه اعرفه .
الحارس: مستحيل تعرفينه .
المرأة: يمه انه اعرفه بس اشتم ريحته .
الحارس: خالة ماكو ريحة بس ريحة الحرك .
المرأة: لا يمه أني اعرفه ريحته .
الحارس: (يعود إلى شخصيته الأساسية) حذرتك كثيرا أن لا تخرجي .
المرأة: لان ليس من عادتي الخنوع .
الحارس: ذهب ولم يعد .
المرأة: من يستطيع أن يسكت هذا الضجيج العاطفي التي كانت فاتورته عمري .
الحارس: ذهب إلى جنة عرضها السموات والأرض .
المرأة: وأنا ذهبت إلى جحيم الأرصفة عرضها القيء والوسخ بعد أن قلعت من الدار .
الحارس: لا بد أن تحمدي الله لأنه أنقذه من هذا البؤس.
المرأة: أنت لا تعلم ماذا يعني الابن للام لا تعرف حجم اللوعة، الأمهات اللواتي فقدن أبناءهن في حرب أو مرض أو بموت طبيعي تكون شهيتهن مفتوحة للبكاء على مدى أعمارهن وأحيانا يشيخ البكاء قبلهن، أتعرف أن  الأمهات المفجوعات لا يذهبن إلى الحج ، يعلقن صور أبنائهن على جدران الحائط ويطوفن حولها يوما .
الحارس: أتعرفين ماذا يعني موت الابن بالنسبة للأب؟ أن يحمل روحه في صندوق خشبي يطوف به في الشوارع معلنا خيبته التي لن تمحُها كل أفراح العالم، وبذلك يصبح هيكل من صراخ وضياع وشبح لإنسان يطوف في مدن الذاكرة التي تبعث منها رائحة الخراء من كل مكان .
المرأة : كنت أتمنى أن أراه يكبر يوما بعد يوم ، وأزوجه بمن يحب ويحيطون به أصدقائه بأهازيجهم (عريس وربعه يزفونه) … لكن لم احسب حساب لهذا اليوم وأنا أراهم يهزجون (ميت وربعه يزفونه) .
الحارس: (بهدوء مستفهما) هل مات؟
المرأة: تفحم .
الحارس: كيف؟
المرأة: رائحة الشواء … رائحة الشواء هي من سربت الخبر .
الحارس: أين هو؟ … عثرتِ عليه .
المرأة: (تستفهم إنكارياً) أين هو؟ … الأمهات المثلي يحصدن رائحة البارود أو الشواء أو لافتة سوداء أصبحت الآن تطبع بطريقة فاخرة على شاكلة الإعلان الضوئي بعد أن كانت خرقة عادية … كل ذلك أكراما للميت ماذا نريد بعد هذا الترف؟ حتى الموتى يواكبون الحداثة وهم جثث هامدة … لا يهم كيف مات برصاصة طائشة.
الحارس: (يقاطعها) أو بحزام ناسفة .
المرأة: أو بسيارة مفخخة .
الحارس: (مستفهما) لم تعثري عليه .
المرأة: بعد يوم كامل صعدوا و جدوا الشباب جثة متفحمة إضافة إلى جثث أخرى ما أن سمعت الخبر حتى هرعت إلى مكان الحدث توسلت بالشباب من اجل أن أره .
(الحارس متخذا شخصية أحد الشباب)
المرأة: (إلى الحارس) بلكت الله ويطلع وليدي .
الحارس: ما راح تعرفينه خالة .
(بعد فترة صمت قصيرة … يعودان إلى وضعهما الطبيعي)       
المرأة : كلتلهم بس أشمه اعرف ريحته .
الحارس: هو .
المرأة: جثة أخرى … لم يجدوا لها بطانية لحملها، اضطروا إلى خلع لافته تنعى أولاد الخايبة وضعوه فيها .
الحارس: كبير كان أم صغير ؟
المرأة: مهما كان عمره لازال الموت اغتصبه فهو صغير، مات وما تبقى من عمره وفره في حسابي الجاري من اللوعة والانتظار.
الحارس: ربما قد نجا من الانفجار .
المرأة: ربما .
الحارس: ربما بعد أن نجا اختطفته عصابة تتاجر بالأعضاء البشرية .
المرأة: ربما .
الحارس: (وهو يخرج) ربما بعد أن نجا من الانفجار أثناء هروبه دهسته سيارة مسرعة أثناء الفوضى .
المرأة: تعدد الموت والجحيم واحد .
(يتحول الحارس إلى مؤجر لمنزل المرأة … يطرق الباب )
المرأة: من .
الحارس: أنا .
المرأة: تفضل .
الحارس: (يدخل)نفد.
المرأة: ماذا ؟
الحارس: ما تبقى لكِ من وقت هنا .
المرأة: أرجوك، أمهلني بضعة وقت، من أجل تسديد المبلغ.
الحارس: المشكلة البيت أصبح بحيازة شخص أخر، أحببت أبلغك أن اليوم هو أخر يوم لكِ هنا .
المرأة: مشكلتي دائما مع اليوم الأخير، الكل يصرخ هات، وأنا لا أملك سوى فاتورة محبة مشحونة بالجوع والفقر .
الحارس: (يعود كما كان) بعد أن قلعك من البيت أين رحلتِ ؟
المرأة: أرض الله واسعة مثل ما يكولون .
الحارس: (صامت) .
المرأة: أتعرف معنى الحر القائظ على هذه الأرصفة التي أصبحت أسرة لأجسادنا الهرمة .
الحارس: لكن أنت الآن حرة .
المرأة: حينما يعلن حظر التجوال أكون أنا الشاذة الوحيدة في تطبيقه وأبقى أبصبص بعيني على جثة الشارع .
الحارس: لم يمت أحد ، سوى أنتِ وبمحض إرادتك، هكذا هو اليأس حينما يبلغ مبلغه بالمرء، هكذا هن النساء مرهفات الحس إلى درجة تفقدهن صوابهن .
المرأة: هل جربت أن تنام في الطبيعة، وتكلم الحيوانات، أحيانا تجد احدهن يلعق أرجلك معلناً تضامنه معك في هذه الغابة .
الحارس: لماذا هذا التهويل الطبيعة هي الأجمل في كل شيء .
المرأة: (ينتابها خوف) أنا خائفة .
الحارس: (يضحك)
المرأة: أأأأنأ .. خخخائفة .
الحارس: لماذا هذا الخوف وأنا بجنبك، ما بك هل جننت .
المرأة: يضاجعني الخوف يوميا، حينما أراهم يحيطون بي لينهشوا جسدي، ويحرروا مناطق العفة فيه،  بعد أن احتلت عقولهم الرثة بالمزابل من شتى البقاع .
الحارس: كلاب .
المرأة: حرام .
الحارس: لماذا
المرأة: أن نشبه الوفاء بالنذالة الفجة .
الحارس: سفلة .
المرأة: أكثر من ذلك .
الحارس: ما هم إلا خنازير .
المرأة: أقذر من ذلك .
الحارس: سماسرة .
المرأة: وأكثر من ذلك .
الحارس: لا تتخذي موقفا من كل حادثٍ سيئٍ، تمرين به وتدمري حياتك بسبب من لا يستحق .
المرأة: وماذا بشأن الوطن ؟
الحارس: أجمل شيء الوطن .
المرأة: عبارة عن ذاكرة سيئة مليئة بالخوف الموت والضياع و الأرصفة و موت مجاني و استنكار ونعي وأصابع بنفسجية فرحنا بها واستخدمناها كبعاصين أدخلنها في مؤخراتهم بدعوة غير صادقة منهم، فأدخلوا كل أشيائهم فينا .
الحارس: تعلمي فن النسيان .
المرأة: وهل هناك أمهر مني في ذلك الفن، والذي قتلني بالأمس بيده، الآن أبيح له كل شيء حتى شرفي وكرامتي عبر ضجيج أكفي الذي لا تكف عن التصفيق كعاهرة تقتلها الشهوة حين لا تمارس طقس العهر . (تصفق بشكل إيقاعي، بينما الرجل يتخذ وضعية السياسي ) .
الحارس: نحن .
المرأة: (تقاطعه الأم بالتصفيق) .
الحارس: عازمون على.
المرأة: (تقاطعه الأم بالتصفيق) .
الحارس: إنقاذكم
المرأة: (تقاطعه بالضحك)ههههههه … من شنو؟
الحارس: من هذه الأمراض و الأوبئة التي عصفت بكم .
المرأة: بشرفك .
الحارس: (يتعصب عليها ) لا بشرفي شنو … أكيد بالخطط الإستراتيجية .
المرأة: (تهلهل) يعني لا راح يتحول هذا الرصيف إلى فيلا .
الحارس: الإستراتيجية هي علم وفن يهتم … يـ يـ يـ ـيهتم … يهتم .. بماذا … بماذا .
المرأة: (ساخرة) بنحنُ .
الحارس: أحسنت الآن بدأت تعرفين ماهية الإستراتيجية … ويهتم أيضا ً.
المرأة: باللافتات السود .
الحارس: (يضحك بسخرية) هههههه ، أكيد هي تهتم بكل شيء .
المرأة: ألا نحن .
الحارس: أنتم جوهر مشاريعنا .
المرأة: مشاريع مراحيض، عائلة واحدة دخلت ذلك المرحاض للتغوط فيه سوية، ونحن نكتوي بنيران القيء .
الحارس: (يذهب إلى مكان ما من المسرح متخذ منه مرحاض يجلس عليه) المرحاض له فوائد عديدة، يفصح عن مواهبك (يحاول أن يغني) إضافة إلى ذلك، أنه مكان للاسترخاء (يخرج سكارة يضعها في فمه دون أن يوقدها ) وبعد أن تقضي حاجتك تشعر براحة نفسية، ما رأيك بصحة ما أقول ؟
المرأة: الصحة هي الأخرى تتغوط لشعورها أنها بحاجة إلى الراحة النفسية .
الحارس: هل عرفت كيف وصلت إلى ما أنا عليه الآن ؟
المرأة: هجرت من وطني .
الحارس: اعتقلتُ عشرات المرات .
المرأة: لهيب النار الذي حول جسد ولدي رماداً بدأ يتطاول على شيخوختي .
الحارس: عذبت كثيراً في المعتقلات .
المرأة: المعتقل الذي أرزخ تحت رحمته كبير جدا، ليس له جدران تفصلك عن الأخر .
الحارس: (يستدرك يصرخ) آه .. اجتماع … لدينا اجتماع .
المرأة: أعتذر قد نسيت وقت الاجتماع . (يجتمعان ، على مدى الاجتماع الأم تسخر عبر أرائها من الرجل) .
الحارس: الفقرة الأولى.
المرأة: لا أوافق .
الحارس: الفقرة الثانية .
المرأة: لا أوافق .
الحارس: الفقرة الثالثة .
المرأة: لا أوافق .
الحارس: الفقرة الرابعة ، زيادة إنتاجية الصناديق التي توضع فيها الموتى .
المرأة: ينظر في ذلك .
الحارس: الفقرة الخامسة ، قتل الفائض من أبناء البلد كي تكفي مستوى إنتاجية الصناديق لما تبقى .
المرأة: ينظر في ذلك .
الحارس: تصدير ما تبقى من أبناء البلد إلى عدة دول .
المرأة: (بعصبية) أكل خره … ومن سنضع في صناديق الموتى ؟
الحارس: (يفكر) سنضع … سنضع … سنضع .
المرأة: سنضع فيهن قلوب الأمهات ونضعهن في المتحف .
الحارس: و ماذا عن مصير الأمهات ؟
المرأة: نحنطهن .
الحارس: لماذا ؟
المرأة: حتى يتحولوا كثيراً. شاخصة ويرتادها السياح وهذا بدوره يرفع من دخل البلد .
الحارس: أخشى من ذلك كثيراً .
المرأة: لماذا ؟
الحارس: هذا سوف يثير حفيظة زوار المتحف .
المرأة: أه،هههه، ما توقعتك هيج غبي، همه غير خلصوا بين تصدير وقتل، بعد من يزور المتحف . (ينتهيان من الاجتماع).
الحارس: أه ، حقا، تعساً لكِ ذاكرتي الهرمة .
المرأة: (بهدوء والم) وتعساً لك ولهم (يقاطعها) .
الحارس: (متعجباً) تعساً !
المرأة: وتعساً لنا .
الحارس: لنا، لماذا ؟
المرأة: أيها القرد … ألا أتعبكم القفز من ضمير ميت إلى أخر؟
الحارس: (بعصبية) أصمتي ما هذا الهراء، ما هذا التشبيه السيء لوجوه البلاد .
المرأة: صمت كثيرٌ ، ما الجدوى من ذلك ،هذا البلد أصبح ليس له ملامح كجثة أبني المتفحمة .
الحارس: لا شك أنكِ أوشكتِ على الخرف .
المرأة: لا شك … أنكِ … أم لوطن تفحم ، واتخذت الأرصفة سرداق دائما لعزائها .
الحارس: اللعنة عليك يا لكِ من أمرآة سلبية .
المرأة: اللعنة ، اللعنة علينا جميعاً .
الحارس: (يحاول أن تفلسف ويلقي خطاباً على مسامع الأم ) أأأ .. حقيقة لا بد
المرأة: (تقاطعه)  أن نتطلع يومياً إلى وجهك الصبوح .
الحارس: أنا ..
المرأة: (تقاطعه) حزين أكثر من الأمهات المفجوعات، بل واشد حزناً منهن على أولادهن .
الحارس: نعدكم ….
المرأة: (تقاطعه) بارتفاع منسوب القيء، لحاجة السوق إليه، وانه يشكل مصدرا مهما لدخل البلد عبر منافذ الاستثمار المتعددة .
الحارس: يعد هذا
المرأة: (تقاطعه) واحد من أهم روافد الحضارة المعمول به عالمياً .
الحارس: نشد على أيديكم
المرأة: (تقاطعه) على هذا الصمت المطبق الذي يعد واحداً من أسباب استتباب الأمن في المنطقة (تستدرك مفردة يعد) يعد … عزه صرت أحجي مثلهم ( تحاول أن تتقمص شخصيته عند نطقها مفردة (يعد­­) بطريقة تهكمية) يعد …
الحارس: (يقاطعها) . واحد من أسباب التقدم
المرأة: (تقاطعه) أمة تتقدم بزحفها إلى الخلف على بقايا صمت ورماد .
الحارس: وبهذا سنكون …
المرأة: (تقاطعه) سفلة ، قاطعي طرق، قوادين، وعند الإفلاس يصبحون وكلاء الله في الأرض .
الحارس: (يتحول إلى رجل دين) أحرم عليك …
المرأة: (تقاطعه) الحياة .
الحارس: عليكم اجتناب الفواحش ما ظهر منها وما بطن، فان الفواحش هي مصدر لخراب كل شيء، الإنسان، الأسرة، المجتمع.
المرأة:  تباً لكم … بل أنتم الفواحش بعينها على هيئة وكلاء للرب .
الحارس: إياكم والزلل .
المرأة:  خطيئتك تمحى مجرد أن تطيل شعر ذقنك، لكن أنا كيف امحوها؟
الحارس: أن الدنيا لدار غرور وفناء .
المرأة: الله يطيح حظك، على شنو غرور على الرصيف إلي كاعدة عليه، والدنيا بالنسبة اليه انتهت بطاريتهه من زمان .
الحارس: لا أوصيك بعد بالتطهر من الحيض والاستحاضة .
المرأة: أن ما يخرج من بين فخذيي العاهرات من نجس أطهر من فمك .
الحارس: لعنك الله في الدنيا والآخرة .
المرأة: كيف تصبح اللعنة في الدنيا بعد ورائحة قيئك تفتك بي، وأنا لا أحبذ الدخول إلى الآخرة برفقتك .
الحارس: تباً لكِ يا كافرة .
المرأة: كافرة بقبحكم، من الذي جاز لكم أن تكونوا وكلاء للرب في الأرض، هراؤكم تحول إلى أسلاك شائكة في حياتي .
الحارس: سيمائهم في وجوههم من اثر السجود .
المرأة: هههههه ، أكلك هذا الوشم ألي بالكصة طبيعي لو يدخل بي البشر، زين ليش نحن معشر النساء ماعدنه منه، يمكن … يمكن لان أحنه رقيقات وهذا بطبعه يخالف هاي الصفة ألي بينه، زين إذا يدخل بي البشر يصير أسويلي واحد منه بلكت الله يصير براسي حظ .
الحارس: (مندهشا) كيف تسول لكِ نفسك الإساءة إلى رجال الله ؟
المرأة: العظيم ليس بحاجة إلى ثلة من اللصوص، يكفيه رقاب عانقت المشانق لفرط ثقلها .
الحارس: يجب أن يقطع لسانك .
المرأة:لأنه مرآة تكشف عن قبحك، لماذا لديك كل هذا الهوس بالقتل والموت ؟
الحارس: ولماذا هذا الهوس الذي يتملكك في الرفض دائماً ؟
المرأة: أحيانا قد يهبك القدر محتلا من أبناء جلدتك .
الحارس: وأحيانا قد يهبك الحظ أمراه سليطة اللسان، وكأنها جاءت إلى الحياة كي تقول لا .
المرأة: من حقي أن أختار الحياة التي أراها أفضل وأجمل، سأرفض وأرفض الحياة التي تقدم لي معلبة وجاهزة .
الحارس: ليس من شأنك أن تختاري .
المرأة: تعلمي،ك منذ لحظة ولادتي ولدت ووضع لي اسمٌ وتزوجت وأنجبت طفلا وعندما أصبح شابا حرقته النيران والتحفت الرصيف كل ذلك دون إرادتي .
الحارس: تعلمي ، أن تصمتي .
المرأة: تعلم أن تكون شريفاً .
الحارس: بالهدوء تكونين أجمل .
المرأة: كلما حاولت أن أهدأ ضجيجك يوقظ هدوئي .
الحارس: لا يغرك النهيق .
المرأة: نكرات .
الحارس: من ؟
المرأة: أولئك الذين لو أمطرت الدنيا شرفاً سيحملون المظلات .
الحارس: أكره المطر.
المرأة: وسخ .
الحارس: لا أحب الماء .
المرأة: قذر … (تتركه وتتجه إلى الحمام لتستحم، ينتبه إلى ذلك) .
الحارس: إلى أين أنت ذاهبة ؟
المرأة: إلى جحيمك .
الحارس: إلى أين أنت ذاهبة ؟
المرأة: استحم .
الحارس: (يتهستر) لا لالالا، أخشى عليكِ من الماء، تذكري يصبح المرء جميل …
المرأة: (تقاطعه) كلما ارتفع صوته .
الحارس: أيتها المجنونة، هذا وحل .
المرأة: ههههههههه .
الحارس: مجنونة .
المرأة: ستمطر .
الحارس: ممما .. ماذا؟
المرأة: ستمطر .
الحارس: مظلتي .
المرأة: ههههههههههه .
الحارس: (يبحث في أرجاء المسرح عن المظلة إلى أن يجدها وهو يصرخ ) مظلتي .
(صوت رعد، يتلوه بعده نزول قطرات المطر، أثناء المطر، الأم مستمتعة بالمطر وهي مبتسمة وتفتر حول نفسها أقرب ما تكون إلى الرقص، الرجل واقف بلا حراك كأنه تمثال يضع فوق رأسه المظلة مطأطأً رأسه إلى الأسفل، بعد دقائق تبدأ الإضاءة بالإخفاة إلى أن تنطفئ تدريجياً وصولا إلى الظلام التام … دم…) .
انتهــــــــــــــــت
 
* ملاحظة :لا يسمح بتقديم النص دون أذن مسبق من المؤلف .
للتواصل مع المؤلف :      
تلفون : 009647809440251
فيسبوك : علي العبادي
البريد الالكتروني : alabadiwe@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت