غياب النقد من غياب المشاريع المسرحية …و الفكر الدرامي الغائب الأكبر/ العربي بن زيدان (تونس)
محمد مومن و فوزية المزي يحاضران بمهرجان دوز العربي للمسرح
تميزت الندوة الفكرية الموسومة “سؤال النقد المسرحي” خلال فعاليات الطبعة 13 لمهرجان دوز العربي للفن الرابع بمدينة دوز التونسية، بجودة الطرح العميق بأمهات الإشكاليات التي تواجه النقد كأحد أهم روافد العملية الإبداعية حيث تناولا كل من الدكتور محمد مومن رفقة الدكتورة فوزية المزي رئيسة جمعية النقاد المسرحيين التونسيين ،كل من زاوية تخصصه الأكاديمي، مكانة النقد ضمن الحركة المسرحية في تونس و التي لا تكاد تنفصل عن باقي التجارب في الوطن العربي حيث تضمنت المداخلتين نقاط توافق على خلفية الشرخ الكبير بين البحث الأكاديمي و النقد المسرحي يذكر، أن حلقة النقاش أدارها المخرج المسرحي و مدير مركز الفنون الدرامية و الركحية بمدينة قبلي، مكرم السنهوري.
يجزم الدكتور محمد مومن أحد أبرز النقاد في دول شمال إفريقيا و البحر الأبيض المتوسط و الوطن العربي، وفق منهج تحليلي، أن النقد يكاد يكون منعدما في جميع مناحي الحياة لا سيما في حياتنا وفي تعاملنا مع بعضنا، و لم يعد يقتصر على المسرح فقط حيث أصبح محلّ تساؤل يضيف المتحدث. حيث يؤكد المحاضر إلى أنّ أوّل مسألة يجب أن تطرح هي ما معنى النقد المسرحي؟ فهناك من لا يميّز بين النقد و البحث الأكاديمي.
و في مستهل تفسيره لفكرة البحث الأكاديمي، النقد، يقول محمد مومن أن البحث يتناول كل ما هو مكتمل، أي ما هو ميّت. أمّا النقد فهو عمل حيّ، ممارسة تقيّم وتثمّن، لذلك هو سيّار مثل الإبداع. بالنسبة للمحاضر، فإن البحث الجامعي أو ما يعرف بالأطروحات الأكأديمية ، ويتحدّثان عن الأموات، بينما النقد يخاطب الأحياء. المفارقة، بحسب وصف الأستاذ مومن، أنّ الفعل النقدي الحيّ مهمّش ممّا يجعل المبدعين يتساءلون عن وجوده من عدمه حيث يخلص الأستاذ محمد مومن إلى حقيقة مفادها أن المنظومة النقدية عند العرب مهمشة بفعل الأنظمة الشمولية.
و يمضي نائب رئيس جمعية النقاد المسرحيين التونسيين، و أستاذ أداب و حضارة فرنسية، في تحليله للظاهرة النقدية و غيابها في ميزان العملية الإبداعية، بالقول ” أنّ التركيبة الذهنية للإنسان العربي ليست دراميّة، بل غنائيّة سبحانية وفق تعريف أدونيس ..
فوزية المزي.. غياب المشاريع المسرحية عطل العملية النقدية و حتى الإبداعية
ركزت الأستاذة فوزية المزّي،الإعلامية و الناقدة المسرحية التي واكبت مسيرة نصف قرن من الممارسة المسرحية في تونس، في مداخلتها على الجوانب الإيديولوجية التي أطرت و محورت العملية النقدية في تونس بداية من الحركة الوطنية إبان الإستعمار الفرنسي و الدولة الوطنية بعد الإستقلال حيث ظل المسرح يواكب هذه التطورات بالتركيز على الخطاب بمعنى أن السياسة لم تكن بمعزل عن القضايا المحورية.
و بدأت الحركة النقدية عندما بدأ النظر إلى العرض المسرحي بمختلف عناصره كمشهديّة حيّة تضم عدة عناصر فرجوية كالسينوغرافيا ، كانت تخدم بالدرجة الأولى ، ايديولوجيا دولة الإستقلال والحركة الوطنيّة موضحة في هذا الباب ، أنّ خطاب بورقيبة عن المسرح كان خطابا مراوغا لكسب المسرح في ما سمّي معركة الجهاد الأكبر حيث أنتج خطاب بورقيبة الشهير لجنة التوجيه المسرحي في الوقت الذي كانت الرقابة أكثر حضورا في المشهد المسرحي من خلال منع عدد كثير من المسرحيات.
وفي أوائل التسعينات برزت موضة «الإتصال» والملحق الصحفي، وأصبحنا نقيّم العمل المسرحي بالنجاح الجماهيري ولا يتم تقييمه كمشروع فني لذلك تحوّلت مقاربة الفعل المسرحي إلى قالب جاهز توضع فيه كلّ الأعمال.