العرض المغربي "عبث " …عبثية الوجود في الصراع بين الماضي والحاضر/ وات
ضمن العروض المتنافسة بالدورة 20 لأيام قطاج المسرحية
الحياة عبثية، إنها لا تبالي بما تحمله وتنجزه، فهي مستمرة دون شك، يوجد طريقان للتعايش مع هذا العبث : إما أن تصبح عبثيا غير مهتم لأي شيء كان أو سيكون، أو أن تصبح شخص عاديا تعيسا يتبخر في الهواء مثل الدخان »، من خانة فلسفة « ألبار كامو » في مفهوم العبثية في الحياة استقى المخرج المغربي ابراهيم رويبعة نص مسرحيته « عبث » التي قدمها اليوم الاربعاء بقاعة الريو بالعاصمة في اطار عروض المسابقة الرسمية للدورة 20 لأيام قرطاج المسرحية.
ملامح العبث وسمات الخروج عن المنطق والمعقول بدت مسيطرة على سينوغرافيا ونص المسرحية منذ بدايتها من خلال اختيار المخرج للألوان القاتمة وتجريد الشخصيات من أي إسم ووضعهم في محل نكرة، مما يحيل على أدب العبثية الذي يكسر الوضوح ويفضل الغموض لاستفزاز المشاعر والعقول، وعلى هذا الايقاع استدرج المخرج في تصوره الدراماتورجي المشاهد نحو التساؤل ليلقي به في حالة ضياع وتغرب نفسي عبر حوار وحركات شخصيات نكرة تحيل على صراعات واضطرابات متأثرة في حراكها بالماضي ورافضة للواقع بكل مكوناته.
وبالاعتماد على تقنية المشهدية الدرامية في الصراع بين الماضي والحاضر، طرح المخرج قضايا تبدو في ظاهرها قضايا إنسانية ووجودية وفي باطنها تحمل نقدا لاذعا للوضع السياسي والمجتمعي الراهن، فالشعور بالغربة في الزمن الحاضر مثل العقدة الرئيسية التي اشتغل عليها كاتب النص للكشف عن التناقضات بين الأمس واليوم والتأثير السلبي للتطورات المجتمع وصراعاته الطبقية « في تجريد الإنسان وتفريغه من ذاكرته ليصبح ميتا من باب أن المفصول عن ذاكرته ميت. غريب في هذا الوجود. وهو منفى ميؤوس منه، ما دام هذا الإنسان محروم من ذكريات فترة غير معروفة، أومن الأمل في أرض موعودة ويمكن أن يشكل هذا الانفصال بين الإنسان وحياته شعورا بالعبثية ».
وفي سياق الكتابة العبثية التي تكسر انتظارات المتلقي، فضل المخرج وكاتب نص المسرحية طرح قضايا حارقة دون اقتراح حلول، حيث وضع المشاهد في حالة إرباك عندما كشف أمامه حقيقة لعبة التفاوض بين السياسيين، لعبة تنسف بحياة الأبرياء لأنها تحاك بمنطق المصلحة والبرغماتية الفردية.
فعلى مدار ساعة من الزمن، تتصاعد المواجهات وتطفو الخلافات على السطح لتعلن العنف وحقيقة وجود طاقات الشر في البشر خاصة إذا تعلق الأمر بالمصالح الذاتية التي تغتال القيم والمبادئ الانسانية المشتركة ، وبعد صراع طويل بين هذا وذاك تكون الغلبة للقوي القادر على إطلاق رصاصة تنهي عقدة الصراع وتقصف الماضي وتدنس الحاضر.