«صالح يعود»… كوميديا سوداء تناولت الديكتاتورية بالرمزية والإسقاطات ضمن عروض المسابقة الرسمية لمهرجان أيام المسرح للشباب ال 12 بالكويت
الفرجة / الكويت (خاص مهرجان أيام المسرح الشباب)
فرقة المسرح العربي قدمت ثالث عروض المسابقة الرسمية
الثنائي الثويني ومطر برعا في الكوميديا وتجسيد الكراكترات المختلفة
قدمت فرقة المسرح العربي، مساء أمس ثالث عروض المسابقة الرسمية لمهرجان أيام المسرح للشباب، من خلال مسرحية «صالح يعود» تأليف د. نادية القناعي وإخراج عيسى الحمر، التي عُرضت على خشبة مسرح الدسمة.
نوع العرض كوميديا سوداء، وثيمته الرئيسة تتمحور حول انقلاب المفاهيم، عندما يرى الناس الفساد أمرا طبيعيا ومعتادا، في المقابل تصبح الطيبة والنقاء أمرا مستغربا، من خلال البطل الأساسي في المسرحية، هو كرسي الحديقة، الذي تمر عليه شخصيات من طبقات اجتماعية مختلفة، ولكل منها قصته.
وتدور أحداث المسرحية حول مواطن بسيط يدعى «صالح»، ينتظر دوره كي يجلس على مقعد خشبي في الحديقة العامة، التي يرتادها منذ سنوات، ممسكاً بالجريدة، وهي تغطي وجهه بالكامل، حيث يتظاهر بقراءتها، ويخرج وجهه منها بين فينة وأخرى مراقباً متى سيكون هذا المقعد شاغراً، لكن ما من جدوى، إذ باءت كل محاولاته بالفشل، ولا يأتي دوره، فالمرأة التي تنتظر عودة زوجها من الحرب رغم الإعلان عن استشهاده تتمكن من الاستيلاء على الكرسي، كما ينضم إليهما اثنان من اللصوص بعد أن نقذ أحدهما جريمة سرقة المرأة العجوز ويحتلان المقعد، ويستأثران به، وبعد رحيل اللصين، تستولي الأم وابنها المغرر به “غريب” الذي نفذ جريمة قتل زوجته على الكرسي، وتريد أمه أن يسافر لكنه يرفض، فتنادي صالحاً ليحكم في الأمر، فهي ترغب سفره كي ينجو بنفسه من المجاعة القادمة، فيكم ببقائه، لكن الأم ترفض ثم يرحلان، ويأتي العاشقان، ويستوليان على المقعد أيضاً… الجميع يستأثر بالمقعد إلا «صالح»، وفي النهاية تقوم البلدية بعرض الكرسي في المزاد، كإسقاط سياسي واجتماعي على المواطن الذي هُضم حقه. لقد اعتمدت مسرحية «صالح يعود» على الإسقاط السياسي والرمزية للإشارة إلى مفهوم الديكتاتورية وتشبث كل شخص بكرسيه وموقعه، حتى لو خسره الجميع، حيث انتهى المشهد الأخير بقصيدة “القاعدة” للشاعر الكبير أحمد مطر: “قلت للجني: أبدل/ كل أصحاب الصروح الفاسدة/ قال لي: ما الفائدة؟/ سوف يأتي مثلهم/ أو ربما أكثر منهم مفسدة/ إنما تختلف اﻷسماء/ لكن المعاني واحدة!/ قلت: ما الحل إذن؟/ قال: بسيط../ لو غدت آمالكم في ذاتكم منعقدة/ وإذا لم تطلبوا من مارد/ تخليصكم من مردة/ أيها اﻹنسي/ ﻻ حل سوى أن تصبحوا ناسا../ فلن تعتدل القمة/ حتى تستقيم القاعدة”، ليختتم العرض بموت صالح وبقاء الكرسي وعليه بدلة الديكتاتور.
في هذا العمل، نشهد قدرات تمثيلية رائعة للممثلين خالد الثويني وأمير مطر – نجل المخرج الراحل عبدالأمير مطر- في الأداء الكوميدي والمقدرة على تجسيد كراكترات مختلفة وبتميز، إضافة إلى إمكانات الثويني الصوتية الجميلة في الغناء المباشر، كما أجادت في الأداء سارة رشاد (المرأة والعاشقة) وتمكنها من الغناء، وكذلك نجح يعقوب حيات في التصدي لأداء الشخصية المحورية (صالح).
وقد وفق المخرج عيسى الحمر في تقديم معادلة إيقاعية سليمة لعناصر العرض المسرحي، وكذلك في الاعتماد على عزف الفرقة الحي، الذي أسهم في صنع الحدث الدرامي.
تحية لفريق «صالح يعود»، في تجربة شبابية خالصة من الألف إلى الياء، ولمخرج جديد في تجربته الأولى، الذي يستحق كل مفردات الإشادة، وقد وفقت فرقة المسرح العربي في هذا الاختيار والاهتمام بالجيل المسرحي الجديد.
يشار إلى أن «صالح يعود» من تأليف: د. نادية القناعي، إخراج: عيسى الحمر، تمثيل: خالد الثويني، سارة رشاد، أمير مطر، يعقوب حيات، عدنان مهدي، تصميم الديكور: محمد بهبهاني، تصميم الإضاءة: يوسف الحشاش، عزف الموسيقى الحية: عبدالوهاب السعدون وعبدالله الخالدي وبدر الفرج ويعقوب الفيلكاوي، مساعد مخرج وتصميم الأزياء وماكياج: رنا الوارث، المخرج المنفذ: أمير مطر، مدير الإنتاج: نواف البحراني.