نص مسرحي: "شرف العائله" / تأليف: مثال غازي

الشخصيات :
1 – اسماعيل                 الاخ الاكبر
2 – سعاد                     زوجة اسماعيل
3 – الام                      والدة اسماعيل
4 – ساميه                   الاخت الكبرى
5 – ليلى                     الاخت الصغرى
6 – حامد                    زوج الضحيه الغائب والاخ الاصغر
7 – حليمه                   الضحيه – زوجة حامد
                                    افادة رقم (1)
(المشهد عبارة عن غرفه مظلمه ليس فيها سوى كرسي ومصباح معلق بالسقف، تحاول الشخصيات تباعاً الادلاء بالشهادة حول الحادثه للمحقق دون ان نراه)
اسماعيل: (وهو منهار امام المحقق حيث يمسك ببندقية ويداه ملطخه بالدماء) سيدي بهذا السلاح ثأرت لشرفي وشرف العائله، لقد قتلتها. عاهره.. قذره..ساقطه.. ما كان لها ان تفعل ذلك في ان تخدعنا جميعاً ، انا واخي حامد وامي واختي. لقد لوثت كل شيء طاهر ونقي، ليتها لم تكن زوجه لأخي، لقد اطاحت بأخي كما اطاحت بسمعة عائلتنا وشرفنا. فكما تعلم يا سيدي المحقق ان الشرف جد غالٍ علينا، صحيح اننا فقراء ولا نملك شيئاً، الا ان شرفنا هو رأس مالنا في هذه الدنيا، لقد اعترفت يا سيدي بكل شيء، فأنا من قتلتها وهذه الدماء التي على يدي هي دمائها. فنحن عرب اقحاح يا سيدي وشرفنا مطيتنا التي نمتطيها حين يتباهى كل منا بما يملك… صدقني ايها المحقق لو كانت لتعيش الف حياة اخرى لما ترددت لحظة واحدة في قتلها الف مرة.
الام : (تزغرد) رجل (تشير الى بطنها) ان هذا الرحم لا يلد الا الرجال الرجال، لقد انتهينا منها اخيراً تلك الفاجره اللعينه، فلتسلم يدك يا ولدي وها انت تثبت لي في انك رجل حقيقي حالما قضيت على تلك الافعى. لطالما توجست شراً وانا ارقبها من بعيد.. فلترفع رأسك يا ولدي..سلمت يداك. لقد حافظت على شرفنا.. لقد ازلت بيدك تلك اللطخه السوداء التي لطالما شابت بياض سمعة عائلتنا.. لقد انتهينا منها اخيراً، ولتذهب الى الجحيم، وليسحق    عزرائيل رأسها بحذائه وليضيق بها القبر ما يشاء جزاء فعلتها الآثمه هذه.. ايها المحقق لقد تخلصنا منها ومن دنسها.. لقد لوثت كل شيء طاهر في هذا المنزل.. لقد فضحها الله أخيرا.. فاجره.. ساقطه.. بنت كلب.. سافله.. الحمد لله الذي خلصنا منها ومن عارها والى الابد (تزغرد)
ساميه : لطالما يا سيدي كنت اخبرهم عنها.. حذرتهم..اخبرتهم.. توسلت بهم ان ينتبهوا اليها فقط.. كل سلوكياتها خطأ في خطأ، طريقة مشيتها، ملابسها، عريها الدائم، خط صدرها المتكشف دائماً.. ساقيها.. يديها.. راسها. هي لم تتحفظ ساعة واحدة من غريب او قريب.. مريبه في كل شيء. لقد استحقت ما حدث لها تلك المنفلته اللعوب.. ترقص ..تضحك.. تلعب في باحة الدار، فوق سطح المنزل. هي لم تأبه لكل العيون التي تحيط بها من بعيد.. متسيبه..غير منضبطه.. لقد خدعت اخي الاصغر حامد وكذبت عليه.. ومثلت عليه دور العفيفه الشريفه الطاهره.. لقد استغلت سفره وغيابه وطيبته وحبه لها.. لقد سحرته بجمالها.. فلتحرقها جهنم.. امثالها الى سقر.. الى بئس مصير .. لقد نالت ما استحقته بالفعل.. سأنظف منذ هذا الصباح باحة البيت، لقد عاد البيت شريفاً، نظيفاً، طاهراً.. سأنظف السقف، الجدران، الابواب، فلا عودة لها ولا رجوع.
سعاد : الحمد لله .. لقد زالَ عني كابوس حليمه، اللعنة عليها خربت حياتي، حطمتني. ربما علي ان احتفل، ان ارقص، ان اغني، ان املأ البيت بالبخور. ما كانت لتتركني ساعة من ليل او نهار، كابوس في الليل . كابوس في النهار. ما اقسى ان تعيش ايامك مع كل هذه الكوابيس، لقد زالت حليمه عني وانتهت من حياتي، لا اصدق اني لم ارها بعد الان، كان لا بد ان يأتي اليوم الذي اتخلص منها..وقد جاء.. الف حمد لله يالهي.. ذهب شرها وشر تلك الايام السوداء.. سيكون لحياتي معنى، سيكون لحياتي طعم ولون. لقد رأيت بأم عيني يا سيادة المحقق كل شيء.. عارها.. شنارها.. بكائها.. توسلاتها وهي صاغره ذليله تحت قدمي زوجي اسماعيل، لقد توسلت حياتها كما الكلبه وهي تقعي تحت اقدامه.. ما كان ليتركها حية بعد الذي اقدمت عليه من فعل للخيانة الزوجيه.. حليمه كم اكره كل حرف في اسمها، لقد اختفى هذا الاسم من حياتي الى الابد، ربما علي ان اشعل الشموع وارتدي اجمل الثياب، لقد انتهى كابوس حليمه من حياتي  والى الابد.
ليلى : (تقف امام المحقق لتنهار باكيه دون ان تتكلم بكلمة واحدة. ثم تغادر مكان التحقيق مسرعة )
                                             افادة رقم (2)
اسماعيل : (وهو يشرب كوب من الماء، يرتجف وهو جالس على طاولة التحقيق) حسناً يا سيدي سوف اهدأ، ربما علي ان اهدأ كي اواصل افادتي، ولكن ارجوك ان لا تسأل اختي الصغيره ليلى فهي لا شأن لها بكل ما حدث، كما انها لا زالت شابه وفتيه ولا تقوى على احتمال مثل هكذا مصائب، فأرجوك لا داعي لأن تشركها في             افادتنا. لقد انهارت المسكينه ولم تعد تحتمل كل الذي حدث، انها تبكي طوال الليل ولم تتوقف للحظه حتى، المسكينه كان الحدث فوق احتمالها، فهي لم تعتاد على رؤية الدم قبل الان.المهم انا من قتل حليمه زوجة اخي حامد، ولقد اعترفت بهذا في افادتي الاولى وانا مستعد لأي حكم قد تكون حليمة ابنة عمي وزوجة لأخي الذي احب الا ان غسل العار لا يميز قريب او بعيد، هو رجاء يا سيدي المحقق ان تترك اختي فحسب فهي لا تقوى على الكلام.
الام : (بعصبية) تلك الآثمة اللعينة خربت حياتنا، ما كانت لا قبل من زواجها منه لو لا الحاحه المتكرر هو يقول (احبهه احبهه يمه) لحد ما انفجر راسي من الحاحه. لقد تمنيت له ابنة اختي ولكنه لم يقبل بها، لقد سحرته هذه اللعينه، اعرف ان تعاويذها لم تتركه ليغفل عنها ساعة من ليل او نهار.كان سحرها اقوى من ارادتي عليه، وكأنه لا يرى غيرها من النساء، بهيه.. شهيه.. مغريه. رغم ان ابنة اختي لم تكن لتملك جمال حليمه وشبابها وسحرها الا انها كانت لتكون كأبنتي عكس هذه الفاجره اللعوب التي سرقت ولدي الصغير مني.. لقد كان حامد كأبيه، قوي، شجاع، ما كانت صورة ابيه لتفارقني طالما أراه امامي، وهو يطل على آخر كل نهار ليقبل يدي ورأسي وانا اشم رائحة جسده التي تشبه رائحة جسد ابيه التي اعتدت عليها.. كان حامد يحبني ويحن علي.. يا لدفءه     (بعصبيه) لولا . لولا هذه الساحره فما عاد يقبل رأسي ويدي كما السابق كما ما عاد يقترب مني لاشمه واشم عطر جسده القوي.نسيني.. نسني ما عاد اهتمامه منصباً علي.. اللعنه.. اللعنه على الابناء.. لقد جاءت من تشاركني اياه .. جاءت من تتقاسمني اياه (بألم) جاءت من تبعده عني (تصرخ بأعلى صوتها) آه … آه
ساميه: ارجوك يا سيدي ان تترك اختي ليلى الصغرى، فهي كما الملاك رقيقه، نقيه، طاهره، فهي الآن في حالة صدمه ولا تقوى على النطق، يالبرائتها وعفتها، كما ان الطبيب أشر انهياراً عصبياً قد اصابها .. ارجوك ان تسألني انا ، صحيح اني جئت متأخره بعض الشيء ، وقد اكون لا املك الدقه في الاجوبه حول الحادثه ، الا ان      ساعتها قد حدث كل الذي حدث قرابة الفجر.. لقد استغلت نومنا وهدوئنا كي ترتكب فعلتها . ربما قد اكون شاهده نافعه لكم، اما اختي فلم تخرج من غرفتها ساعتها ولم ترى او تسمع شيئا، فهي كما الطفله حين تنام، يالبرائتها عكس تلك الحقيره الفاسده وكأنها الشيطان.. كل الذي اعرفه يا سيدي انها استحقت ما نالته من عقاب على يدي اخي اسماعيل كما اني متاكده من فعل الخيانه حيث استغلت حليمه سفر وغياب اخي عن البيت لتمارس ما حرمه الله .. وهذا كل الذي اعرفه
سعاد : ربما علي ان انشر الزهور والرياحين واطلق شذى كل العطور التي ادخرتها لمثل هكذا يوم.. لا اصدق .. هل ستعود حياتي طبيعيه مع زوجي كما كانت.. هل صحيح ان شبح كابوسها زال عني..على الاقل سيجد زوجي في امرأته الوحيده دون ان تكدر صورتها علاقته بي.. اللعنه عليه لطالما كرر اسمها مراراً وتكراراً، لكم اغاضني وهو ينطق اسمها نائماً لتراوده حتى في احلامه .صدقوني لقد سمعت اسمها وهو يبادر الى       ملامستي حباً على الفراش، هو لم ينسى حبها وشغفه بها .. لقد اهانته ومرغت جبهته في التراب حالما رفضت زواجه لتقبل بعدها بزواج اخيه الاصغر. ما كان لينساها ابداً (تبكي فتمسح دموعها)لقد قتلها بيديه، لقد اناط الله شواهد خيانتها له ليخيفها من على وجه الارض برصاصات تلك البندقيه.. ربما كانت رصاصه واحده أو أكثر .. لم اعد اتذكر.. المهم انها ماتت وعلى يديه اعتذر يا سيدي المحقق ربما علي ان اعود لأسرد ماعرفته من الحادثه من جديد.كنت متعوده يا سيدي ان احضر العجين لأهيأ خبز الصباح للجميع.. خرجت الى باحة الدار فحضرت التنور وملأته حطباً .. كان علي ان احضر خبز الصباح كل يوم وكأني الجارية الوحيده في هذا المنزل .. كان علي ان انجز كل اعمال البيت.. الغسل.. التنظيف.. اعداد الخبز.. كل شيء.. فأنا مجرد خادمه يا سيدي تؤمر فتطاع .. ولكني ما إن اجتزتُ باحة الدار حتى سمعت جلبه وتوسلات داخل غرفة حليمه . انتابني فضول ان اتأكد من مجيء زوجها حامد من السفر، ولكني تأكدت ان هذا الصوت ليس صوته، وسألت نفسي ترى ما يفعله رجل غريب في غرفتها في مثل هذا الوقت من الصباح حيث الكل ينام.. تأكدت ان ثمة رجل غريب في غرفتها . حينها هرعت الى زوجي لأخبره بوجود ذلك الرجل الغريب .
                                         (اسماعيل  – سعاد)
اسماعيل: يا الهي لا زلت لا اصق كل الذي حدث، لقد جرى كل شيء وبسرعة، هل كان حقا ما فعلته بها، ربما كان علي ان اذعن الى توسلاتها، ان استمع الى كلماتها الاخيرة ( يسأل ) ماذا لو كانت ….
سعاد : (تسكته ) أش ش ش ، بل كانت تستحق ميتةً كهذه
 أسماعيل :.انا حتى لم امنحها فرصة للكلام ، لقد اعماني الغضب عن سماعي لها
سعاد : ماذا تريدها ان تقول، هل عليها ان تدافع عن جريمتها امامك، وهل عليك ان تسمعها لتضعف امامها، وتعود عن ما عزمت عليه. لقد رأيته بأم عينك وهو يخرج من غرفتها راكضاً.
اسماعيل : (يغضب) كما اني لم اتركه ، حتى ركضت وراءه من شارع الى شارع ومن زقاق الى زقاق، لم اتركه . اقسم بأني قد اصبته اكثر من مره ولكنه كان أقوى من ان يسقط تحت قدمي لأفرغ ما تبقى من رصاصاتي في رأسه
سعاد : (تنظر الى عينيه) ترى هل ندمت على فعلتك هذه
اسماعيل : ( يتردد) ( ليشيح بوجهه عنها)
سعاد : اسماعيل انظر في عيني وتكلم ، هل ندمت
اسماعيل : لا اعرف
سعاد : لا تعرف ، هذا يعني ان الندم قد خالجك أليس كذلك
اسماعيل : ربما.. ماذا او كان مجرد لص بائس كان يهدف الى المال
سعاد : هو لم يكن لصاً كما تتمناه، بل كان عشيقاً لها ينادمها طول الليل، فكان ان احضرتني قوى السماء كي اكون شاهدة على جريمتها (تهمس) اسماعيل لقد ماتت حليمه على يدك وبرصاصاتك وبكامل وعيك واصرارك، لقد مات هذا الكابوس الذي حال بيني وبينك . لقد انتهت حليمه وما عاد غيري امامك، هل تعتقد انني لازلت تلك المرأة الساذجه التي اتيتم بها لخدمتكم جميعاً.. اكنس.. وامسح.. واطبخ.. واقوم على رعاية الجميع.. وكأنني عبدة لديكم وكأي امرأة فصليه لا قيمه لها تحاولون اذلالها كلما حان الوقت الى ذلك.
اسماعيل : عليكِ ان تصمتي فهذا الحديث ليس اوانه الان
سعاد : بل هو اوانهِ الان وعلينا ان نكون واضحين كما الشمس، فالافادات لم تتوقف، كما ان التحقيق لازال جارياً وعلينا ان نخرج جميعاً من هنا وكما ولدتنا امهاتنا .
اسماعيل : لابد انك جننتِ
سعاد : ليس اكثر من هذا الجنون الذي نعيشه الان، فوجود حليمه في حياتنا كان نوعاً من الخرس المزمن الذي نحاول مداراته، اما الان فلا حليمه تحول بيني وبينك.. اعرف انك لازلت تحبها رغم زواجها من اخيك الاصغر . واعرف انها اهانتك واذلتك حين رفضتك  زوجاً لها، لتقبل بعدها بأخيك حامد.. انت لم تستطع نسيانها لحظة واحدة، لطالما  اذلتني بهذا الحب الذي تخفيه ، لطالما اهنتني وانت تفكر بها ليل ونهار
اسماعيل : ولكنني لم اتردد لحظة واحدة في قتلها
    سعاد : هذا لأنك قد شعرت بأنها لم تخن اخاك فحسب، بل خانتك وخانت حبك لها، لم تكن لتحتمل ذلك الغريب الذي وطأها دونك (تبكي) .. انت لم تكن لتدرك موتي بحياتها. ولم تكن لتعرف حياتي بموتها.. لطالما كنت اراقبك واراقب عينيك وانت تختلس النظر اليها والى جمالها وصباها والى عريها وبرائتها، لطالما كنت اشعر بدقات قلبك التي كنت اولى الناس بالشعور بها .
اسماعيل : (يسكتها) لابد انك نسيتني بانها زوجة اخي ومن العار ان اتجاوز حدود مشاعري نحوها اكثر من كونها زوجه لأخي
  سعاد : (بعصبية) بل تجاوزتها ويجب ان تعترف بذلك ، لقد خنت اخاك الف مره دون ان  تدري
اسماعيل : (يصفعها) حقيره
سعاد : هل تعرف متى حين نكون معاً على فراش الزوجيه، كنت تهذي باسمها حتى وانت تمارس الحب معي في كل ليله … هل تستطيع ان تنكر ذلك
اسماعيل : (بصمت)
سعاد : انت لا تستطيع ان تنكر ذلك. لقد شاهدتك وانت تنظر الى عينيها قبل ان تطلق رصاصاتك نحو قلبها .. لقد ترددت للحظات كانت بالنسبة لي كما السنوات.. كنت ترجو ان تأخذك الرحمة بها كي تحتفظ لك بجميلها طول العمر، ولكنك آثرت الا ان تطلق الرصاص الى قلبها اكثر من مره، وكأنك تحاول افراغ قلبها من كل شيء الا انت.. لقد قتلتها لتسدل الستاره على قصتك معها والى الابد، لقد اوقفت ما تراه خيانة لك كي تضع حداً لعذاباتك الماضيه وهي بعيدة عنك في احضان اخيك
اسماعيل : كان هذا في الماضي وانتهى الامر وليس عليك ان تحكمي على احلامي وما أخفي (يبكي) لقد قتلتها دون رحمة وكأني كأي وحش كاسر.. كان الاولى بي ان انصت اليها او حتى اسمع تبريراتها قبل ان اقضي عليها، لقد افرغت رصاصاتي في قلبها.. لقد قتلتها. قتلتها فحسب. هل وجدتِ في امانيي وسعاداتي الكاذبه تجاوزاً هل استكثرت علي ما احب ومااعجز الوصول اليه هي امرأة اخي لم انسى ولم تنسى، هي لم تعد بالاً لما يختلج            بداخلي وما يدور.. اتكون حقاً زانية وعاهرة ولعوب الى الحد الذي لا اعرف لكل ما جرى اية مقدمات او تمهيدات.. اي مغفل لعين انا واي رجل، هل حقاً جرى كل الذي جرى.. مستحيل.. مستحيل فلتطلق السماء حممها لعنات فوق راسي ان اكن انا كما كنته
                                         (الام / ساميه)
الام: (وهي تحتضن ليلى) ربما علي ان اتوسل المحقق ان يعجل في خروجنا من هنا، اقلها لأسعاف ليلى.. مسكينه ما كانت لتحتمل كل الذي جرى
ساميه : ربما علي سؤال ليلى
   الام : وهل تريها في حال يسمح بسؤالها
ساميه : لقد كانت ليلة سوداء حرمتنا نومنا وهنائنا، ترى ما يفعله اخي حامد حال معرفته بالامر.. مسكين حامد هل يحتمل كل الذي جرى … هل نبرق له ونخبره
الام : ليس الان
ساميه : ولكن من حقه ان يعرف
الام : سيعرف … ان الفضيحه لا يمكن التستر عليها طويلاً ان عمرها قصير
ساميه :- الحمد لله لم تنجب له ولداً والا كانت المصيبه اكبر
الام : هي ارادة الله ان تموت حقيره ذليله دون عقب
ساميه : سيكون من المناسب ان تجدي لحامد امرأة اخرى عندها كي تنسيه حليمه واعتقد انكِ تعرفين من هي فهي على اتم الاستعداد لذلك
الام : من تعنين
ساميه : ابنة اختك ومن غيرها، اليس هذا ما كنت تتمنينه، هي لا زالت دون زواج تنتظر من هذا البيت اشارتك للهجوم على حامد.. وها هو الان حامد بلا زوجه.. اليس هذا ما تتمنينه ان تختفي حليمه من حياتك والى الابد .
الام : عليك ان تتحفظي في كلامك فنحن لازلنا طور التحقيق
ساميه : انت لم تكن لتحبيها على اية حال، رغم أن ما في حليمه من مؤهلات لا يجد كل من يعرفها الا ان يغرم بها ، الا انك ما كنت لتحببها رغم ذلك
الام : (بتهكم) وانت هل كنت سعيده بوجودها، ام انتِ الملاك الوحيد التي كنتِ لا تحملين لها في قلبك كرها وبغضاً كونها فتاة جميله وصبيه ومتزوجه
ساميه : (باستهزاء) متزوجه.. وهل كنت سأموت بغير زواج، ثم ما لي ولها، وهل كل اللواتي تزوجن هن سعيدات في حياتهن .. لقد تكيفت على ان اكون امرأه بلا زواج وهذا هو كل الأمر
الام : تقصدين تكيفتِ على ان تكوني عانساً
ساميه : اهذا ما كنت ما تودين قوله لي … عانس … لاضير لقد تعودت على هذه الكلمة
الام : لطالما كنتِ اراكِ وانتِ تتلصصين اليهما. وهما معاً في غرفة نومهم والام والفضول يعتصر فؤادك
ساميه : انا
الام : لا تنكري ذلك فانا من شاهدتك اكثر من مره وانتِ تفعلينها دون خجل ان تسمعي كل مايدور بينهما وما يجري من احاديث الحب والغرام .. ترى من منا كان يتمنى موت حليمه مثل هذه الميته
ساميه : يجب ان اعترف في انني ما كنت لأحبها يوماً.. لقد انتظرت طويلاً وطويلاً ان يأتي فارسي الجميل وهو يمتطي حصانه الابيض ليردفني خلفه ونهرب معاً بعيداً من هنا. ولكنه ويا للأسف لم يأتي.. انتظرت.. انتظرت.. لزمت ابواب الاولياء والصالحين.. نذرت النذور.. دعيت.. تمنيت..ولكن دون جدوى ، لقد مر قطار سعدي سريعاً دون ان الحق به ولم يبقى لي سوى سكته الصدأه المهترئه تأبى العربات ان يمرن فوقها. لقد كانت حليمه دون ان تدري تذكرني بخيبتي واملي في ان احيا كما الاخريات. كل الرجال الذين يمرون من هنا ما كانوا الا ان ينظروا اليها كنموذج للمرأة التي افتقدها ، ينظرون اليها بشبق مستبد حتى ليكادوا ان يأكلوها بعيونهم وكأنها وجبة شهيه يتمناها اي جائع . ماكانوا ليأبهوا لامرأة تجاوزت الاربعين عاماً.. امرأة لاتتمتع بمقومات الجمال، ليس لها حظ كبير في انوثة تجتذب الذكور، امرأة ليس لها حظ كما حظ حليمه. ما كان لأحد ان يتجرأ الى النظر اليه لقد ألجموني هذا البيت وهم يرددون (لاتطلعين .. لاتوكفين بالباب … شعرج مبين .. رجلج مبينه … سوك لاتروحين . لا تصادقين فلانه .. لاتروحين .. لاتجين) (تصرخ) موتي .. موتي ساميه (تهدأ) حتى اصبحت كأي زاويه مظلمه من زوايا البيت كما الموتى حية بلا لون ولا طعم ولا رائحه .. اتفسخ رويداً رويداً بحكم العادة ومقتضيات العفه والشرف والستر … لم اكن لأعرف شيئاً خارج السور سوى سور البيت .. الرجل الوحيد الذي حاول اجتياز هذا السور لم يقبلوه كان يصغرني بسنوات قليله فرفضوه فضاع كما ضاع حظي معه. واخيراً لزمت الدار فزوجوني اسواره وابوابه وشبابيكه فأنجبت شجرة جرداء لا اوراق فيها ولا ثمر (تدرك) قد كنت نسيت الامر وتعودت على حياة لم اخترها لي حتى جائت حليمه فهيجت وفجرت واستعرت براكين سنوات عمري. في كل لحظة تجمعها بأخي احتضار ، وفي كل ليله تحتضنهما معاً موت حتى اصبح زواجهما تنور يحرق جسدي فكانت ايامهما عسلاً وكانت أيامي علقماً . أيامهما حياة وايامي احتضار ولا انتصار
الام : هو الوحيد دون ابنائي الذي يشبه اباه كان كأبيه يخرج كل صباح الى العمل ليعود الي بلهفة العاشق الى معشوقته محملاً بالهدايا والفواكه والحلويات.. كان حضوره اجمل حلوى.. كان كما الماء حين اشتاق اليه .. اتعطش لرؤياه فلا احد سواه يرويني ويسد رمق جوعي غيره، هو حامد زينة البيت.. زينة الرجال زينة الشارع والزقاق.. احبه حتى انسى احياناً انه ولدي وقطعة من كبدي وليس شخصاً اخر. كان حامد كل شيء بالنسبة لي .. كان كل مااريد واتمنى حتى تزوجها فأنفلت الحبل الذي كان يربطني واياه.
ساميه : ويربطها واياه وتلك كانت ابنة اختك سليمه التي حتى بعد زواج حامد لا تبتعد عن البيت كثيراً اعرف انها تحبه وتعشقه، اعرف انها تفعل اي شيء في سبيل ان يلتفت اليها ولو للحظات .. اعرف انها تستميلك في الخروج للبحث واياك عن من يفك اسار حامد من اسر عشقه لحليمه.اعرف انكما لم تتركا سحراً  او تعويذة الا لجئتما اليها معاً …. مرة تسرقان قطعة من شعرها ومرة تسرقان قطعة من ملابسها الداخليه لتسحروها.. اعرف ان حبها لحامد كان اكبر من سحركما لم تتركا وسيلة الا لجئتما اليها … مساكين
الام : هم زين الله اخذهه وخلصنه منها
ليلى : (تصرخ)
الام : اسم الله . اسم الله .. اهدأي يا حبيبتي .. سينتهي كل شيء عما قريب لنعود الى البيت
ليلى : (تصرخ) البيت .. لا .. البيت لا ما أريد ارجع ما أريد أروح
الام :- حسناً .. المهم ان تهدئي الآن (تحاول تهدأتها لتقرأ على رأسها شيء من القرآن.)
                               (اسماعيل – الام)
 الام : لماذا علينا ان نبقى طويلاً هنا (وهي تحتضن ليلى)لابد لنا من المغادرة فليلى بدأت حالتها تسوء اكثر فأكثر
اسماعيل : هي مجرد اجراءات في محاول من التأكد من صحة افادتنا
الام :-ماذا عنك
اسماعيل : سيجد القاضي عذري كافياً لجريمة كهذه
الام : وذلك الغريب
اسماعيل : هو ميت لا محالة، لقد اطلقت عليه الرصاص مرتين وفي كلتاهما سقط وقام وهرب، فلم استطع اللحاق به، فالفجر لم يفصح كثيراً عن معالمه في تلك الساعة.
الام : لازلت افكر في حامد
اسماعيل: (بضيق صبر) بل الاحرى ان تفكري بي، فأنا من سيتحمل عناء السجن من اجله ربما لبضعة اشهر او بضعة سنوات لا ادري
الام: (وكأنها تولول على ولدها) اعرف انه لا يحتمل كل الذي جرى، سيكون وقع الخبر عليه كالصاعقه، فأنت كما تعرف كم كان يحبها ويبدي لها آيات العشق والغرام بل وحتى الخضوع والطاعة لها .. وكل هذا فقط لأنها يحبها
اسماعيل: (يبادرها) وتحبه يا امي .. وتحبه
الام : وهذا الذي فعلته
اسماعيل: صدقيني يا امي لا اعرف، كيف لأنسان ان يحب ويخون في ذات الوقت، هل ثمة خلل في نظام هذا الكون، ترى ما الذي يحدث في هذا العالم لا ادري .. صدقيني يا امي لم اعد اعرف شيئاً
الام : انها كما الافعى لا تعرف متى تغير جلدها ولمن، انها الشيطان بعينه.. هي الى النار وبئس مصير.. فلتذهب روحها الى الجحيم وال …
اسماعيل : (يضع يده على فمها) كفاك يا امي.. دعيها يا امي.. دعيها اتوسل اليك.. دعيها ترقد بسلام
الام: (تولول) اعرف ان ولدي لا حظ له في هذه الدنيا.. مسكين انت يا حامد، وكأن الله قد ابتلاك بها.. ما الذي فعلته يا ولدي لتعاقب بها بهذا الشكل.. حامد.. حامد
اسماعيل: (ينهرها) كفى.. حامد.. حامد.. وكأنه لا ولد لديك غيره، كنتِ دائماً لا تنظرين لأحد غيره.. أما انا فغير مهم.. وكأنه كل شيء في حياتك اما انا فلا شيء.. ارحميني يا امي.. فأنا ولدك أيضاً.. حامد قلبك.. حامد روحك.. حامد قرة عينك هل اقتصر حبك عليه.. تحبينه كما لا تحبين احد غيره.. هل اقتصر رحمك حين انجبته له دون سواه.. يجب ان تفهمي يا امي فحامد ليس الولد الوحيد لديك.. فأنا هنا يا امي. انا هنا.. انا الف هنا.. فأرحميني.. ارحميني
الام : ماذا تقول يا اسماعيل، كلاكما ولدي وكلاكما من احب، فهل الام من تفرق بين ولديها
اسماعيل : نعم فالمسافات ما تفصلني واياه واياك، فهو الاقرب والاغلى اما انا فالابعد، قد اكون مهماً لديك ولكنه الاهم.. هو حظ هذا البيت اما انا فلا حظ لي (يهمس) حتى حليمه ابنة عمي وحلم العمر ما كانت لتقبل بي وفضلته علي، كانت حلمي الذي اعيش، كانت امانيي التي احلق بها فوق الغيوم، ما كانت حليمه ترضى الا بفتى قوياً بهياً مثل حامد فقبلت به ورفضتني طامعة لبهاء وجهه ونصاعة روحه (يتذكر) صغيرة عرفتها تلعب في باحة الدار.. صغيرة حلمت بها علها تكبر فتشب ملامح انوثتها فوق سطح جسدها المرمري.. كنت اعرف انها ستكبر ولا بد انها ستكبر لتكون لي جسداً وروحاً وكل ملامح انوثتها ستكون من حظي وحظ فحولتي.. كنت متأكد من كل شيء. ولكن حالما كبرت فتشت في عينيها عن صورتي فلم اجدها. فتشت في قلبها عن حبي الضائع فلم أجده.. فتشت عن أحلامي عن سنوات عمري.. كلها لم أجدها.. يا للخسارة.. ونسيت أن حامد يكبر هو الآخر معها حتى لاح بريقه فأعماها فزاغ بصرها أليه فملأ منها الروح والعين قبل الفؤاد، لم تكن لتقوى على مقاومته فقبلت بهِ  ورفضتني .. قبلت به يا امي دوني …
الام : فخانته
إسماعيل : كفى .. كفى يا امي
الام : بل خانته
اسماعيل : اتوسل اليك يا امي لا تعيدي على مسامعي هذه الكلمة مرة أخرى.. لا اعرف ما عدت اعرف اي شيء عن اي شيء هل يمكن للغيوم ان تخون وجه السماء.. هل يمكن ان يخون المطر اديم هذه الارض.. هل حقيقة كان هذا الذي حدث  لا اصدق ليت كل الذي حدث كان كابوس
                                         (ساميه – سعاد)
ساميه : (احدهما تنظر الى الاخرى) لقد انتهى الامر أليس كذلك
سعاد : وأنتِ الم ينتهي عندك كل شيء
ساميه : كلانا يعرف ان بموتها انتهى كل شيء.
سعاد :- هي من شائت ان ينتهي الامر على هذا النحو
ساميه :- ربما جميعاً شئنا ان ينتهي الامر على هذا النحو او بغيره
سعاد : ثمة شيء يقلقني قد حدث في تلك الساعة المبكرة من الفجر
ساميه : (تنظر اليها بصمت)
سعاد : هل تعرفين ما هو
ساميه : ومن اين لي ان اعرف
سعاد : لقد سمعت صوتاً ثالثاً في غرفة حليمه في ذلك الفجر
ساميه : (تتفاجأ) ماذا تقولين
سعاد : كما سمعتي ، ثمة شخص ثالث كان هناك
ساميه : لا بد انكِ واهمه
سعاد : في البدايه ربما، ولكن بعد الذي حدث، فكرت في الامر طويلاً فوجدت اني لم اخطئ في سماع ذلك الصوت الآخر.
ساميه : (بعصبيه) يجب ان تنتبهي الى كلامكِ، فنحن على وشك ان نتهي، فلا داع لشكوكك وهواجسك، ودعي اللية تمر بسلام
سعاد : اراك قد فقدت اعصابكِ فجأة
ساميه : شيء طبيعي ان افقد اعصابي .. فأن هذا الامر جد وخطير
سعاد : ولكني لا ارى الامر طبيعي . (تسألها) ترى ما الذي يحدث
ساميه : لقد اخبرتك لم يحدث غير الذي رأيتي وسمعتي ولاشيء غير ذلك
سعاد : ربما علي ان اشارك اسماعيل شكوكي وهواجسي
ساميه : اياك … اني احذرك
سعاد : (باستغراب) تحذريني
ساميه :- اقصد انكِ تعرفين اسماعيل عصبي ولا يملك نفسه ساعة الغضب
سعاد : (تنظر اليها متشككه)
ساميه : حسناً ما الذي تريدينه الآن .. هل تريدين ان توجهي اصابع الاتهام الى آخرين، ام تريدين ان يطول وجودنا هنا.. سعاد.. أرجوكِ سعاد يجب ان تتوقفي عن هذا الامر فالأمر جد خطير
سعاد : ماذا لو كنت مصرّه على ذلك
ساميه : سعاد أرجوكِ
سعاد : انا مصره على ان اعرف ما الذي يحدث هنا
ساميه : لا بد
سعاد : لا بد
ساميه : ولكن عديني ان لا تخبري أحداً بما سأقول
سعاد : حسناً
ساميه : انا من كنت هناك
سعاد(متفاجأة)
ساميه : نعم انا
سعاد : وما الذي تفعلينه هناك
ساميه : انا من اكتشف الجرم قبلكِ ساعتها ، فدخلت غرفتها لأكون اول شاهده على خيانتها
سعاد : ولكنكِ لم تصرخي حتى
ساميه : كانا يتوسلانني في ان لا افشي سرهما لأحد
سعاد : وهل تعرفتِ عليهِ
ساميه :هو غريب لم اعرفهُ
سعاد :-ولماذا لا نخبر الشرطه بذلك
ساميه : اياك فربما الأمر سيسوء فلا نجد من هنا مخرجاً
سعاد : وماذا عن اسماعيل
ساميه : أرجو أن لا تخبريه بالأمر
                                        (الام – ساميه)
الام: (موبخه) ما الذي كنتما تتحدثان به
ساميه : (مرتبكه)
الام : (تهزها بعنف) الا تسمعين .. ما الذي كنت تتحدثين به انت وهي
ساميه : لا اعرف
الام : ما الذي لا تعرفينه … هل فقدت عقلك
ساميه : ربما
الام : ما الذي تعنيه
ساميه : لقد كانت تخبرني عن وجود شخص ثالث في غرفة حليمه
الام : (متفاجأة) ماذا؟
ساميه : هذا ما عرفته منها
الام : وهل عرفت شيء محدد
ساميه : انها متأكده
الام : وماذا اخبرتيها
ساميه : لقد اخبرتها في انني انا من كنت هناك
الام : (تهزها) غبيه .. غبيه
ساميه : لقد هددتني بأنها سوف تخبر اسماعيل من ما اضطرني الى ان اكذب مقابل وعدها بأن لا تخبر احد بذلك
الام : وهل سألتك عن الرجل
ساميه : انكرت معرفتي به
الام : ماذا لو عثروا عليه ، يالهي كم اخشى هذا الامر
ساميه : ليته فر او سافر او هرب الى منطقة مجهولة لا يعرفه فيها أحد
الام : (بعصبيه) ما كان لها ان تدعوه الى البيت
ساميه : لقد حدث الذي حدث وانتهى الامر
الام : لازلت لا اثق بسعاد وبوعودها
ساميه : وما الحل
الام : دعيني اتولى الامر
                                  (الام – سعاد)
 سعاد : لماذا تنظرين الي هكذا
الام : لأقرأ معالم السعادة القادمة اليك من بعيد .. لقد اصبح اسماعيل خالصاً لك دون سواك
سعاد : تقصدين اختفى من كان يشاركني إياه
الام : كان لا بد من ذلك ، والا ما كان لينساها او حتى ليتذكرك
سعاد : ولكنه سينساها
الام : اما انتِ فقد نسيت نفسك
سعاد : وماذا تقصدين
الام :-هل تذكرين حينما اتيت بيتكم لأخطبك الى ولدي اسماعيل، كم فرفت امك بهذه الخطبه، هي لم تتردد لحظة واحدة بالموافقه بحيث تم الامر بأسرع ما يمكن .
سعاد : شيء طبيعي فكل ام تفرح بزواج ابنها
الام : هل أسرّكِ بسر
سعاد : (تصمت)
الام : امك من عرضتك علينا بمثابة جبر خاطر لولدي اسماعيل الذي رفضته ابنة عمه، إذ لم يهون علينا ان تراه مكسور القلب والخاطر
سعاد : (صمت)
الام : لقد استغلت امك اول فرصة لترميك علينا بملابسك نظير ان نزوجكِ اسماعيل، إذ لم يكن أحد يتجرأ على التقدم أليكِ (تسألها) هل تعرفين لماذا
سعاد : (صمت)
الام : هذا بسبب اختك التي هربت من البيت ليلاً مع عشيق لها لتلبسكم العار بعدها.. حتى أن أباكِ خرج مسافراً باحثاً عنها في كل مكان ليقتلها فهو لم يطق بعدها نظرات الناس وبؤس العار والرذيله، فهو بعدها لم يكن له راس ليرفعه امام الناس، وكأنها هربت مع عشيقها حاملة راس ابيها معها  سارقه أياه، لتتركه بعدها بلا راس بلا كرامة .. بلا شرف
سعاد : هذا كان فيما مضى
الام : ليس كل ما مضى قد مضى، فتاريخ كل انسان كحاضره صنوان لا يفترقان، بامكاننا ان نتخلص من كل شيء في هذه الدنيا، ملابسنا، اصدقائنا، حماقاتنا ولكننا لا نستطيع ان نتخلص من ماضينا، أنه كما ظلنا الذي لا يفارقنا.. لقد رضيت بكِ على مضض، رغم سمعتكم القذره
سعاد: وقدرت ساعتها بأنني مجرد امرأه ذليله، قليلة الحظ بإمكانك ان تعاملينها معاملة الخدم دون رحمة، امرأة دربتموها على ان تكون خادمه ذليله لا قيمة لها ولا وزن، مجرد امرأه رخيصه سوف تقبل بأي شيء ولن تكلفكم شيئا ، ستأتي بملابسها اليكم حافظةَ لفضلكم عليها … اي ذل … واي مهانه
الام : ماذا لو كانت هذه هي الحقيقه، ان نكون متفضلين عليك وعلى عائلتك
سعاد : في ان اكون امرأه بلا مقابل .. ياللرخص
الام : هل تعرفين ان اسماعيل لا يعرف شيئاً عن هذا الامر سوى انا وانت وامك التي رمتكِ الينا في وضح النهار وسافرت بحثاً عن أبيك
سعاد : وماذا لو علم
الام : ربما رماكِ وسط الشارع دون رحمة كما الكلاب
سعاد : وما المطلوب الان وسط هذه التلميحات والتهديدات
الام : لقد بدأت تفهمين ما اريد
سعاد : وما تريدين مني
الام : ان لا تفتحي فمك بكلمة واحده طيلة وجودنا هنا
سعاد: اي ان استمر بدور الخادمه الذليله التي ليس لها ان تتفوه بكلمة واحده امام من يتفضل عليها .
الام : كوني عاقله فقط وستسير الامور على ما يرام
سعاد : وكأن في الامر شيئاً
الام: هذا لا يعنيكِ بشيء، ولا تنسي ان حليمه قد اختفت من حياتكِ وحياتنا، وعليك منذ الان ان تثبتي لأسماعيل انك امرأته الوحيده دون غيرك .
                                        (الام – ساميه)
ساميه : لا بد ان اكلم ليلى
الام : لا تستطيعين فهي في حاله غير مطمئنه
ساميه: ونحن … ألسنا في حالة غير مطمئنه … هيا اخبريني ماذا لو عثروا عليه
الام : لا اعرف
ساميه : إذن دعيني اتحدث معها
ليلى : (ترتجف)
الام : هي ليست في حالة جيده
ساميه : ونحن .. ونحن … ماذا لو عثروا عليه يا امي
الام : (تصمت)
ساميه: الآن انت تصمتين.. وماذا عن قدرتك وفصاحتك في الكلام. ماذا عن قدرتكِ على اضطهاد الاخرين وقمعهم وتكميم افواههم. ماذا عن كرهك، وجبروتكِ وسلطانك.. ماذا عن انانيتك وطغيانك.. هل كل الكلمات لا تستطيع اسعافك على الجواب (تصرخ) ماذا لو عثروا عليه.. ماذا سيكون عليه حالنا بعد هذه الليله.. هل سيكون دخولنا الى هنا كحال خروجنا من هنا .. هل ستكون حليمه اشرف منا وانبل واعف .
الام : أش ش ش ش
ساميه : ما كان لها ان تدعوه … ما كان لها
                                              (سعاد / اسماعيل)
سعاد: (تهمس) اسماعيل ماذا لو عثروا عليه
اسماعيل: سيكون العثور عليه دليل شرفي ورجولتي وغيرتي وحرصي على ان يظل هذا البيت شريفاً عفيفاً عصياً .
سعاد : وهل انت متأكد انك اصبته
اسماعيل : سعاد … ما الذي ترمين اليه
سعاد : (مرتبكه) لاشيء .. لاشيء .. هو مجرد سؤال ولا غير
اسماعيل : اتمنى ان يعثروا على جثته قريباً
سعاد : ماذا لو لم يمت
اسماعيل : لا اتمنى ذلك
سعاد : هل حياته تعنيك كما موته
اسماعيل : نعم على الاقل حتى استدل على هويته ميتاً كان ام حي
سعاد : وهل انت حريص على ذلك
اسماعيل: ليس انا بل اجراءات التحقيق حريصة على ذلك اكثر مني، لكي يتعرفوا على مقدار صدقي وصوابي ودقتي في الشهاده .
سعاد : وان لم يعثروا عليه
اسماعيل : سيزيدذلك الامر صعوبه علي وعلى تصديق ما حدث دون ان يعثروا عليه
((فجأة يدخل اثنان من الرجال ومعهم جثة رجل ميت مصاب بعدد من   الاطلاقات الناريه محمول على نقالة حيث يضعون الجثه وسط الجميع ثم يخرجون ))
(( الجميع في حالة توتر وخوف ورعب في مواجهة جثة الغريب المسجاة والمغطاة بالقماش الابيض))
اسماعيل : إذن قد عثروا عليه ، وهذا ما يثبت صحة اقوالي وصحة الواقعه
سعاد : (ترتجف) يا الهي … جثة
ليلى : (تصرخ)
الام : (تحتضن ليلى)
ساميه : (ينتابها الخوف)
(( الكل في حاله هستيريه))
اسماعيل : (يحاول الاقتراب من الجثه ) (ليلى تصرخ فيعود) لا بد ان يكون هو فلا احد سواه اصابته رصاصاتي في تلك الساعات الاولى من الفجر
الام : (خائفه) وهل علينا ان نتعرف عليه
اسماعيل : هذا ما اخبرني به المحقق ، ولا اعرف لماذا علينا جميعاً ان نتعرف عليه ما دام الرجل غريباً عنا
الام : ولكنها هي الوحيده التي تعرفه
اسماعيل : ولكن المحقق أصر على ان نتعرف عليه جميعاً
ساميه : ماذا لو رفضنا ذلك
اسماعيل : ربما سيعقد هذا الامر ، ارجو ان تمتلك الشجاعة للتعرف عليه
ساميه : وانت
اسماعيل: سأتعرف عليه، ولكن ليس الآن هذا ما أخبرني به المحق، وهذا أيضأ لا اعرف له سبباً في آن اكون اخر من يراه ويتعرف عليه .. شيء غريب (يلتفت الى امه) هيا يا امي
الام : وهل هذا ضروري
اسماعيل : هذا ما أمر به المحقق فلا نستطيع التردد او الرفض
الام : ولكني لا استطيع
اسماعيل: ارجوك يا امي، هذا الكلام موجه للكل عليكم ان تمتلكوا الشجاعه لفعل ذلك وإلا ازداد الامر تعقيداً .ارجوك هيا يا امي
الام: (تلتفت الى ساميه والى ليلى والى اسماعيل فتقترب تشيح الغطاء لتصرخ مرتعبه) لا اعرفه.. لا اعرفه.. لا اعرفه
اسماعيل : وانت يا ساميه
ساميه : (تقترب فتشيح الغطاء) لا اعرفه
اسماعيل : وانت يا سعاد
سعاد : (تقترب فتشيح) (تلتفت الى الام وساميه بخوف) لا اعرفه
اسماعيل : وليلى
الام : هذا مستحيل
ساميه : لا يمكن
اسماعيل : حسناً سأتقدم أنا ، لقد جاء دوري للتعرف عليه (يقترب فتحاول الان منعه)
الام : اسماعيل ارجوك
اسماعيل : لماذا يا امي
الام : هذا من اجل شرفنا وشرف العائله
اسماعيل : (مستغرباً) وما يعنيه هذا
الام : ستتحول حياتنا الى جحيم إن انت نظرت اليه
ساميه : ارجوك يا اسماعيل ان لا تحاول ذلك
اسماعيل : لا يمكن ان يحدث هذا فأنا من قتلها وقتله وعلي ان اتعرف على من لوث شرفنا
الام : لقد فعلت ما بوسعك وكفى
اسماعيل : ربما علي ان افهم على الاقل
الام : ليس هناك ما عليك ان تفهمه فكل شيء قد حدث ومضى
اسماعيل : ولكن هذا غير ممكن، لا بد ان أمعن النظر اليه كي اعرف عدوي جيداً لا ان اظل كما الاعمى .. (يحاول ان يمد يده)
ساميه : ارجوك يا اسماعيل اقبل يدك ورجلك ان لا تنظر اليه فالنظر اليه كما النظر الى احدى بوابات الجحيم
اسماعيل : هذا مستحيل
ساميه : بل المستحيل ما سوف تفعل ، لقد بدأت اشك في كل شيء (يلتفت الى سعاد) وانت
سعاد : ربما عليك ان تسمع كلاهما
اسماعيل:حتى انتِ يا سعاد تقولين ذلك (يصرخ) ترى ما الذي يحدث هنا (يقرر) لقد قررت وكفى
الام: (تحاول امساكه) ارجوك
اسماعيل:(يدفعها) اتركيني.. اتركيني (يزيح الغطاء عن الجثه,,يتفاجأ) هذا الوجه اعرفه جيدا.. أليس..
(الجميع ينظر اليه وهو يحاول التذكر) أليس هذا الرجل.. من.. من طلب يد اختنا ليلى العام الفائت فرفضناه ولم نقبل خطبته (الى امه) أليس هذا هو يا أمي من اراد ليلى ولم نقبل به (الى ساميه) اليس هو يا ساميه (الى سعاد) اليس هو يا سعاد حسبما اتذكر (الى ليلى) اليس هو يا ليلى ان لم اكن مخطئاً (الكل يصمت) هذا يعني انه من قدم لا من أجل حليمه بل من اجل ليلى
ساميه: لقد جاء هذا الرجل من اجل ليلى فكانا معاً في غرفة ليلى حيث داهمتهما حليمه فجراً فتفاجئا، ولكنها ما ان هرعت حليمه الى غرفتها متفاجئه حتى هرعت ليلى وعشيقها للتوسل بها كي لا تشي بسرهما
اسماعيل : وماذا عن حليمه (يحاول سؤال الجميع الواحد تلو الآخر) ليتكِ يا سعاد لم تدخلي غرفة نومي لأيقاظي.. ليتكِ تركتيني نائماً اجتر احلاماً جميلة وامانٍ هي أقرب الى الجنه ليتك ما خرجت وما اشعلت ذلك التنور لأعداد الخبز. وكأنكِ اشعلتِ البيت. فأنا من احترق في الآخر (ينظر الى يده) أتكون يدي هذه التي قتلتكِ يا حليمه.. أتكون يدي هذه التي ضغطت بها على الزناد.. ام هي التي اطلقت  الرصاص علينا لتفضح  عهرنا وقبحنا وجبننا وسوء فعلنا . لا اعرف ياسيدي المحقق هل بقي شيئا من الشرف بعد تلك الاطلاقه كيف للعالم ان يحيا بعد ذلك كيف للسماء ان تغفر لنا بعد ذلك فلاعترف  ياسيدي  في انه لم يعد لنا شرف حيث لم يعد لا اعرف من مات منا يا سيدي ومن بقي من منا يملك الشرف من عدمه ربما سيكون مافعلناه بداية لنهايات كثيرة بدايات لانتكاسات كبيرة فلا بياض بعد الان غير سخام الحرائق وضياع الانسان فلاعترف ياسيدي كم كنا جبناء وخونه وبلا ضمير  فلاثم كبير فلاثم كبير
( اظـــــــــــــلام)   
 
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت