الكويت تكرم الموهوبين العرب فى التأليف المسرحى/ باسم صادق ( رسالة من الكويت)
تزامنا مع الاحتفال باليوم العالمى للمسرح..
انتهت قبل أيام فى مدينة السالمية فعاليات الدورة الرابعة لمهرجان “الكويت مركز عربى للنص المسرحي” والمهداة لاسم الكوميديان الراحل عبد الحسين عبد الرضا وعلى المسرح الذى يحمل اسمه أيضا عرفانا بجميله باعتباره نجم اللحظات السعيدة بلا منازع كما يلقبونه.. نظرا لما تمتع به من كاريزما وقدرة على إمتاع الجمهور طوال مشواره المسرحى والإذاعى والتليفزيوني.. وهو المهرجان الذى أسسه منذ أربع سنوات المخرج الكبير محمد الخضر – أحد تلاميذ الراحل زكى طليمات – بحثا عن الموهوبين عربيا فى التأليف المسرحي.
المهرجان كان فرصة للتعرف على شباب الكتاب العرب الفائزين فى مسابقة النص المسرحى ومنهم أربعة كويتيين وكاتب سعودى والمصرية نور الهدى عبد المنعم عن نص “قمر” وكان فرصة أكبر لمناقشة تطورات المسرح الكويتى والعربى من خلال الندوة البحثية التى تحدث فيها قامات مسرحية من مصر والكويت وسوريا، وإن كنت أتمنى ألا يكتفى المهرجان بالتكريم والاحتفاء وباختيار يوم 27 مارس موعدا سنويا لانطلاقه تزامنا مع الاحتفالات باليوم العالمى للمسرح وفقط.. بل أن نستمع إلى كلمة اليوم العالمى للمسرح التى كتبها هذا العام المخرج والدراماتورج الكوبى كارلوس سيلدران وأن يترجمها أحد كبار المسرحيين الكويتيين لإضفاء قدر من الزخم على هذا الحدث المهم.. خاصة أن أربعة من العرب كانوا قد كتبوا تلك الكلمة على مدى تاريخها بتكليف من الهيئة العالمية للمسرح وهم نجيب محفوظ وسعد الله ونوس وفتحية العسال ود. سلطان القاسمى.. فكانت الكلمة الأكثر تأثيراً ومناسبة لهذا الاحتفال العالمى هو ما دعا إليه الناقد د. عمرو دوارة بضرورة تكاتف وتجمع المسرحيين العرب لإطلاق رسالة إلى الرئيس الأمريكى للتأكيد على أن الجولان ستظل عربية وأنه لن يحقق أهدافه بوجود إسرائيل الكبري.
ولم يكن ممكنا متابعة المهرجان دون التعرف على أعمال اثنين من قامات المسرح العربى أولهما عبد الحسين عبد الرضا الذى قدم أكثر من 30 عرضا مسرحيا ما بين تمثيل وتأليف وإنتاج، يعد من أشهرها باى باى لندن وباى باى يا عرب للمؤلف المصرى الراحل نبيل بدران ثم بنى صامت وعزوبى السالمية وفرسان المناخ وغيرها من أعمال جسد فيها شخصيات كوميدية ساخرة تنتقد الأوضاع العربية، ولم يكتف عبد الحسين بذلك بل كون فرقته الخاصة مع رفيقه الممثل سعد الفرج عام 1979، قدما من خلالها أعمالا رائعة من تأليفهما معا.. ومن أشهر أدواره شخصية الرئيس العراقى الأسبق صدام حسين التى لعبها فى عرض سيف العرب عام 1992 وتعرض بسببها لمحاولة اغتيال.
أما القامة الثانية فهو الراحل زكى طليمات الذى أسس جيلا مسرحيا كاملا فى الكويت بجانب تأسيسه معهد الفنون المسرحية، فيذكر المخرج محمد خضر مؤسس ورئيس المهرجان أنه تتلمذ على يد طليمات ضمن 45 طالبا تم اختيارهم كدفعة أولى للمعهد من بين 350 متقدما، وقال: طليمات هو من أنبت المسرح فى الصحراء، فالإرهاصات كانت موجودة بالكويت منذ عام 1956 فبدأ شعبيا، حتى طُلب من طليمات أن يجهز دراسة عن الوضع المسرحى فى الكويت، ففعل مؤكدا ضرورة تقديم عروض مسرحية حقيقية وألا يقدم الرجال أدوار النساء على المسرح، فتم استقدام ممثلات من مصر مثل زوزو حمدى الحكيم وأُسست فرقة المسرح العربى سنة 1961 ومن أبطالها عبد الحسين وسعد الفرج وقدموا عرض صقر قريش للكاتب على أحمد باكثير فلاقى استحسان الجمهور، ثم كون طليمات فرقة مسرح الخليج العربى عام 63.. ومن هنا فكروا فى إنشاء معهد للتمثيل لتخريج دفعات مؤهلة علميا وبالفعل تم تأسيسه تحت اسم مركز الدراسات المسرحية سنة 1964..
ويؤكد المؤرخ والناقد د. عمرو دوارة أنه سمى كذلك؛ لأنه كان معهدا متوسطا لا يتقيد طلابه بعمر محدد، ثم تم افتتاحه رسميا بعد اعتماد المناهج أواخر 69، وأن الدراسة به كانت مسائية وتمنح دبلوما متوسطا، وأخيرا تم إنشاء المعهد العالى للفنون المسرحية عام 1973..
ويروى المخرج محمد الخضر تفاصيل الدراسة على يد طليمات قائلا: فى السنة الأولى علمنا الأداء الشعرى لنصوص أحمد شوقى وحافظ إبراهيم وفى الثانية اختار لنا نص وأشرقت الشمس للمؤلف حسن يعقوب وفى الثالثة انتقل بنا لأداء مقاطع مسرحية عالمية، وأخيرا قدمنا على يديه فى السنة الرابعة نص صلاح الدين وبيت المقدس وفيه تعلمنا منه فكرة اختيار ممثلين اثنين لكل دور ليصبح هناك فريقيا عمل للعرض الواحد، وفوجئت بعدم اختياره لى فى أى دور وهو ما أحزننى كثيرا فسألته عن السبب فأجابني: أرى فيك ميولا إخراجية لذلك ستكون مساعد مخرج معى لهذا العرض، وبالفعل عملت معه واستفدت منه كثيرا وقدمنا العرض عشرة أيام فى الكويت وأسبوع فى بغداد ثم فى أوبرا القاهرة.. وأنهى الخضر كلامه بأن سر تأسيسه لمهرجان النص المسرحى يعود لطليمات الذى غرس فيه أهمية الكلمة فى تقديم الأعمال الجادة.