بالمغرب: (إبراهيم اقلل),,الممارسة المسرحية بمدينة المحمدية بين الأمس و اليوم
في إطار احتفال باليوم العالمي للمسرح نظم المركز الثقافي عين حرودة، مائدة مستديرة قدم خلالها الفنان ( إبراهيم اقلل) ورقة بعنوان: ” الممارسة المسرحية بمينة المحمديةبين الأمس واليوم” التي تحدث فيها عن الأتي:
” ان الحديث عن الممارسة المسرحية بمدينة المحمدية وملامح تطورها يقتضي منا الاعتماد على المقاربة التاريخية لانه لايمكن باي حال من الاحوال ان نتبنى فنا دراميا في غياب ذاكرة تاريخية ، والبحث في الذاكرة التاريخية لم يأت عبثا وانما لاستخلاص السيرة المسرحية التي سبقتنا والوقوف على الايادي التي ارست القواعد الاولى لهذا الفن والارضية التي بُنِيَت عليها .
لايختلف اثنان في كون مدينة المحمدية قد عرفت المسرح خلال مرحلة الستينات مع ظهور مجموعة من الشباب كان لهم الفضل الكبير في وضع اللبنات الاولى لمسرح سيعرف مع مرور الزمن انتفاضة قوية جعلته يتبوا مكانة كبيرة في الساحة الوطنية خاصة خلال سنوات الثمانينات .
ابتدأ مسرح الزهور في مهده بداية صغيرة ومحتشمة اعتمدت على مجموعة من الاشكال التعبيربة في غياب تام لابسط الشروط المادية و رغم كل الاكراهات المادية والفكرية استطاع ان يصنع له مكانة وان يستقطب جمهورا كبيرا ظل لسنوات كثيرة وفيا لما يقدم من انتاج .
لم تكن مدينة المحمدية في تلك الحقبة تعرف دورا للشباب ولا اندية ثقافية، حتى الانشطة المدرسية كانت شبه منعدمة و مع ذلك ظهرت مجموعة من الشباب بامكانياتها الذاتية ان تكسر هذا الجمود وتصنع الفرجة لابناء المحمدية انطلاقا من المخيمات الصيفية المحلية او مما كان يعرض بقاعات ماكان يسمى بالبرادي وهي بناية وسط حي شعبي كانت بمثابة الملاذ الوحيد الذي يجمع بين مبدعين ناشئين وجمهورا متعطشا للفرجة.فكانت المستملحات الفكاهية و بعض الفقرات المسرحية و الموسيقية والامسيات التربوية هي الانشطة التي كانت تستهثر باهتمام هذه الفئة من الشباب التي وجدت في هذه البناية ارضية خصبة لتأسيس مسرح خاصة مع ظهور دارالشباب العربي كاول مؤسسة عمومية حاضنة وداعمة للفرق المسرحية ولو في ظل امكانيات جد بسيطة ان لم نقل منعدمة.
لقد كان لظهور دار الشباب في تلك الحقبة اشبه بضوء سيراج اضاء الطريق امام الفرق المسرحية واخرجها من نفقها المظلم لتعانق الابداع رغم بساطة الانتاج . فكان منتصف الثمانيات المرحلة الاكثر عطاء والاكثر ابداعا خاصة مع ظهور مجموعة من الشباب المثقف الذين ارسوا الارضية الخصبة للمسرح معتمدين في ذلك على القواعد العلمية لهذا الفن وعلى الاحتكاك بالتجارب المسرحية من خارج المدينة. فكان لهذا التنوع الثقافي اثر كبير على تطوير اليات الاشتغال على جميع المستويات سواء على مستوى الكتابة او الاخراج او التمثيل . ان هذه النقلة في الابداع توجت بمشاركة مجموعة من الجمعيات في فعاليات المهرجانات الوطنية للهواة التي تعاقبت خلال سنوات الثمانينات بل اكثر من هذا فقد راهنت بعض الفرق المسرحية ودخلت غمار التحديات عندما اشرفت على تنظيم مهرجانات وطنية ناجحة عرفت مشاركة وازنة لبعض الفرق الوطنية وكذا حضور مشرف لثلة من رجالات المسرح على الصعيد الوطني الا ان هاته النهضة المسرحية لم يكتب لها الاستمرار خاصة مع نهاية حقبة الثمانينات التي عرفت تراجعا مع رحيل اولئك الشباب من الساحة وقد بدا ذلك واضحا من خلال الفراغ الذي خيم على خشبات دور الشباب او قاعة عبدارحيم بوعبيد وبذلك بدأ مسرح الزهور يدشن مرحلة من الانتكاسة لازالت نتائجها تطفو على السطح .ان الازمة قائمة حاليا ولايمكن باي حال من الاحوال تجازها دون تشريحها ووضع اليد على اسبابها الحقيقية . فمنها ماهو مرتبط بالجهاز الاداري ومنها ماهو متعلق بالجمعيات نفسها .
فمنذ تاسيس المسرح بالمدينة ظلت الاجهزة الوصية غائبة عن الساحة بحيث كانت اغلب الفرق المسرحية تفتقر الى الامكانيات المادية نظرا لعدم توفرها على صندوق للتمويل ورغم ذلك حاولت هذه الفرق ان تصنع لها مكانة في الساحة الوطنية معتمدة في ذلك على ماتتوفرعليه من امكانيات وعلى تمكنها من الادوات المعرفية الشيء الذي لم نعد نلمسه حاليا لدى مجموع الفرق التي اصبحت تعيش عزلة لغياب الالفة بين انتاجاتها والمتلقي . ان غياب الترابط السببي بين المبدع والمتلقي هو ذات الازمة التي يتخبط فيها المسرح بالمدينة .فالازمة هي ازمة ابداع قبل كل شيء ازمة رؤى ازمة فكر ازمة تخطيط ازمة هوية فاغلب الفرق التي تنشط حاليا في الساحة الفنية لازالت لم تجد ذاتها ضمن هذا النسق الابداعي لم تستطع لحدود اللحظة ان تبلور فكرة حول استراتيجية عملها ان تحسم في ادوات اشتغالها ولعل هذا ماجعل انتاجها انتاجا مغلقا ان لم نقل منعدما بالمرة الشيء الذي ادى الى نفور الجمهور من خشبات المسرح في الوقت الذي كان فيه هذا الاخير يبرمج فرجته .فاصبح الجمهور الحالي اما جمهورا بالصدفة او بالصدقة المبنية على علاقة القرابة .
ان المهتم بالشان المسرحي لمدينة المحمدية يلاحظ انه بالبرغم من الورشات التكوينية واللقاءات المسرحية التي ثم تنظيمها من طرف بعض الفرق والجمعيات الا ان هذه الاخيرة لم تستطع لحدود الساعة ان تظهر بمستوى يشرف المدينة ويرد لها بريقها المسرحي والذي تلاشت اعمدته برحيل اولئك المبدعين الشباب الذين لازال ارشيف دار الشباب العربي وابن خلدون يشهد لهم بالكفاءة والتألق .
وختاما تقدموا لإدارة المركز والمشرفين والعاملين به بأحر التشكرات “.