نص مسرحي: "کان الحب بعيدا عني بخطوة"/ تأليف: زاهیر عەبە رەش

ترجمة: آري بابان
 
ملاحظة: في سنة 2016 في مدينة السليمانية في كوردستان عرضت نص “كان الحب بعيدا عني بخطوة” كمونودراما. بعد ذلك أخرجته وعرضته مرة أخرى في مدينة بغدادب شخصيتين. كما أن فرقة فانوراميك لفنون العرض في مراكش انجز للنص الذي أمامكم “الحب كان بعيدا عني بخطوة” العمل الإخراجي من قبل السيد محسن زروال، كما تم تغيير اسم النص إلى ” الباتول”
 
الشخصية: دنيا فتاة جميلة وبعمر 32 سنة  .
المكان: غرفة نوم: بعض الحلي النسائية و الملابس الداخلية, حذاء ذو کعب عالي على سرير النوم..بجانبه حقيبة مفتوحة و بداخلها بعض الملابس .
على الجانب الايسر من السرير يوجد كرسي ومنضدة ,تستعملها دنيا للتجميل وفي بعض الأوقات تستعملها للكتابة ….. على المنضدة توجد بعض الدمى.
دنيــا: (مشغولة بكتابة يومياتها, بعد الانتهاء من الكتابة على الأوراق تعلقها على الحائط الذي في يسار المسرح ,تلعب بالدمى الموجودة على المنضدة) .
دنيــا : في أول ليلة من شهر العسل حاولت أن أكون عروسا مطيعة ,ولكن شيئا ما في داخلي كان يرفض رجولته ….كنت أشعر بأنني مومسة تنزع ملابسها عند أول زبون….كيف…..كيف يعيش غريبان تحت سقف واحد وينامان معــا؟
                                  استراحة (موسيقا)
دنيــا: نعم قضينا سبعة أيام وفي اليوم السابع وقف أمامي في المطبخ و عاكسني ومن ثم مزق ملابسي وطرحني أرضا وفعل بي ما أراد فعلە.. مزق أحشائي وقطعني…(اغنية كردية , هه ي لى لى هه ي لو لو , تساقط اوراق الشجر ) هو كــان رجلا لم يكن يحاول أن يفهم لغة جسدي ….. في ثوان معدودة ينتهي مني و يرمي دم طهارتي مع أوراق كلينكس في سلة المهملات….. ومن ثم يشعل سيجارة الانتصار (صمت)  في تلك الليلة اغتيلت فیها أحاسيسي ، طهارتي و شخصيتي .. الإهانات بدأت  من هنا… ما أصعب أن نسلم أجسادنا لشخص باسم عقد الزواج. .لم يكن هو الرجل الذي أريده أبدا و بدون شک لم أكن أنا تلک المرأة التي کان يريدها….. ولكنني وعلى الرغم من ذلك تزوجته..و سافرنا إلى باريس (تغني أغنية فرنسية) مولود لم يجب عن أسئلتي أبدا ……حينما قضينا معا شهرا واحد كنت أحس و كأنني قضيت قرنا معه. الأيام التي عشتها معه كانت صعبة جدا وفارغة من كل محتوى ….. كان الزمن يكبر ويكبر من حولي أنا أصب أصغر وأصغر إلى أن وصلت إلى نقطة الصفر. وبعد شهر  واحد فقط أصبحت نقطة بلا معنى في شارع باريسي تائهة في هذا الكون… لم أكن أفهم شيئا.في باريس لم أشم رائحتە ولم أسمع صوتا. الوحدة حولتني إلى شخص آخر ,قلق, امرأة غاضبة من كل شيء  کنت أشمئز من نفسي عندما أنظر إلى المرآة …..أصبح بيني وبين مولود هوة واسعة كعتمة الليل …..لم يكن يهتم بالفراغ الذي بيننا …. وفي أكثر الأحيان لم يكن يهتم حتى بأن أشبع رغباته …. وبكل سهولة كان يجلس أمام إحدى القنوات التلفزيونية الإباحية ويفعل عادته السرية بدون أن يهتم بي ….. وكان يصرخ بأعلى صوته يا بائعة الهوى لن أحتاج إليك ….. إلی أن أصبح الرجل الذي کرهتە كرها شديدا. (تتكلم مع الجمهور) .أعرف ماذا تريدون  قوله ؟ لماذا تزوجت ؟ سألت نفسي هذا السؤال عدة مرات ولكن لم أحصل على جواب يقنعني….مع الأسف كنت أنتمي إلى مجتمع يقضي على المرأة في الثلاثين ….نحن النساء  نعيش في داخل الأقفاص …. نعيش خارج رغباتنا …. ونعيش في مساحات من الأعراف و التقاليد التي ليس لها أي معنى ….كنت أخاف أن أصبح عانسا،.. دعك من عبوسة أبي وأخي إلياس (إلى الدمى ….. وبعدها الجمهور ) .هل يستطيع أحدكم أن يعطيني جوابا؟ (تتوجه نحو فتاة داخل الجمهور )هل أنت راضية عن زوجك ؟ (تشير إلى فتاة أخرى ) وأنت هل تزوجت عن حب ؟ (إلى رجل ) دعني أخبرك شيئا. هل تعلم،  أنتم الرجال تعشقون فتاة وتتزوجون من أخرى….هل تعلم كيف تجعلون من حياتنا جحيما حينما تتركوننا….ها…..هل تعلم ؟ لا تخفض رأسك أجبني …..نحن النساء نعيش في مجتمع تصنع فيه مئات الأوهام عن سن الزواج……عندما وصلت إلى سن 28 شعرت بأنني أصبحت بضاعة قديمة.. هل تعلم أن عدد النساء اللواتي يمتن من الحزن والحسرة اكثر مما يموت الرجال في جبهات القتال ؟؟ ( تلعب لعبة التوكي ) في أغلب الأحيان أشتاق كثيرا إلى الباعة في محلاتنا ….. أشتاق إلى الجامع الكبير … أين صوت الباعة وهم يبيعون حمالة الصدر وغطاء رأس المرأة وسجادة الصلاة بدينار واحد .من هنا أرى مغامراتي وأنا في 13 من عمري …..في ذلك العمر عرفت أن أحلامي تتصادم مع بروز النهدين ….عندما كبر نهداي كنت أخجل منهما…. وبعدها لم أستطع أن أذهب إلى حمام (شيخ ما رف )وأتعرى أمام أحد……عند بلوغي نزفت مني الدماء من هنا (تشير إلى جسدها )كان دما قاتما ….الجرح كان في نفس المكان من جسدي آه يا إلهي كم كنت أخجل منه ….. كلما غسلته ونظفته يبدأ الدم مرة أخرى بالنزيف ….كنت أشعر بألم مبرح أسفل بطني إلی أن أشعر بإسهال شديد…..كنت خائفة جدا….كنت أرى شكل أبي و أخي إلياس في وجوه کل الناس و في الجدران المحیطة بي…عندما أدركت بأن هذا هو الحيض كنت أغسل قطع القماش وأنتظر فوق السطح إلى أن يجف حتى لايرى أحدا جريمتي ….كنت أنزل من السطح أدخل غرفة جدتي التي كانت بالطابق الثاني كانت نافذة غرفتها تطل على الشارع …..أخرج رأسي من النافذة وأتأمل انحناءات الشارع وأزقته كان مليئا بعشرات الشباب العاطلین عن العمل ,يسندون ظهورهم الى الحائط ينتظرون مرور العمر لديهم …..عندما يكون مزاج جدتي طيبا ودافئا كنت أحدثها عن أخبار المحلة ….تحبها جدا….. وأنا كنت ألفق القصص التي تحبها …. تسألني : وزوجة القصاب , ماذا حل بها ؟؟…..طلقها زوجها وطرد أولادها من البيت ,الآن يهيئ نفسه ليتزوج من جديد بامرأة في العشرينات..في عمر 13 سنة كنت اعرف كيف ألفق خبر الزواج والطلاق وتعلمت أن ألفق قصص الحب كيف تبدو و كيف تنتهي بنهاية مأساوية ….. تسألني: وماذا عن المرأة التي تعمل في الحمام…أجبتها….. لقد ماتت ….ثم سألت :كيف عرفت أنها ماتت ؟  أنا كنت عند الحمام عندما رفعوها…..كانت جدتي ترتجف من الخوف …. كنت أشفق عليها حينما أراها ترتجف خوفا من الموت … ولكن كنت أستمتع بإخافتها وتغمرني الفرحة….كيف ماتت ؟كنت ألفق موتا یليق بها . وتسألني : كيف هم أولاد خالك طيب ….. هل تزوج إبنه الأحول ؟ عم یا جدتي.  وتسأل : كيف تزوج ؟ وبمن تزوج ؟كانت جدتي تفرح بأخبار الزواج وتفرح جدا بأخباري الملفقة وبأكاذيبي ….. كانت تنسى اكاذيبي وتلفيقاتي وفي يوم آخر كانت تأخذ تلفيقاتي على محمل الجد ….كنت أنظر من خلال نافذتها الى الشارع ,وإلى العالم …. كنت أعتقد أنه لكي ترى العالم والمدينة یجب أن تنظر من الطابق الثاني ومن نافذة ج
دتي …. ومن هناك تعلمت تلفيقاتي لأفرح قلب جدتي …..
                                 (سكون) .
مرت سنة على موت جدتي . وأنا كنت أنظر من نفس النافذة إلى شباب المحلة ….. أي واحد كان يلبس ملابس جديدة وأنيقة , كنت أحبه ولا أعرف إن كان حبا أم رغبة …. كنت في الرابعة عشر من عمري عندما لمحني أخي إلياس مع مجموعة من صبیان المحلة …. عاد إلی  البيت كالثور الهائج, أشعل النار في سريري …..وقف أبي أمام إلياس و قال له أمامنا جميعا : أريدك أن تشعل النار في سريرها وهي نائمة عليه ….ومن تلك اللحظة بدأ الخوف ينتابني …. كنت أخاف أن أنام على السرير . أبي وأخي إلياس أغلقوا نافذة جدتي بالحجر …عندما وصلت إلى سن 15 من عمري لم تبقى للشوارع طعمها , وتغيرت كثيرا …كنت أكره أنوثتي وأردت أن أصبح ذكرا كأخي إلياس  , وكنت أكره إلياس … كنت أصلي بشكل دائم لأصبح ذكرا … ولکن الرب لم یستجب لدعائي وصلواتي وهذا ما آلمني كثيرا , ولهذا اصبحت مخلوقا لا أحس بأنوثتي ولم أصبح ذكرا و لكن أصبحت شخصا عصبيا ، خوفا منهم قطعت كل  العلاقات العاطفية التي بنيتها من نافذة جدتي ….وکي أثأر منهم کنت أتخيل صبیان الحارە و أمارس الاستمناء …. ربما فعلت ذلك انتقاما من أبي وأخي إلياس…. وربما أول انتقام لي في الخيال .
دنيا مشغولة بالكتابة وتغني هذا النص))
عندما تزوجت مولود ,أصبحت تائهة في شوارع باريس
 (تغني هذا المقطع) .
مع الشوارع التي كنت أحبها
ذهبت مع أيام جدتي
أحببتها و أحببتها
كل من أحببت ذهب مع ذهاب جدتي
حكاية بعد حكاية
كذبة بعد كذبة
الأوراق تكذب
الحياة تكذب
أنا مجنونة لأنني تزوجت رجلا مثل مولود .
مولود وظلال أبي وأخي إلياس وضعوا أياديهم على عنقي ليخنقوني…. أريد أن أعود إلى وطني وأترك باريس ….أترك نفسي و مولود ,لأني شخصية خاسرة. اشتقت إلى أختي شاهي …. اليوم تأكدت بأنها أقوى مني وتتحمل اكثر … هي منسجمة مع أنوثتها .(دنيا تغني وترقص) أحيانا عندما نرى شخصا أو حدثا , يتغير واقعنا . في اليوم الذي كنت أريد أن أترك باريس ,سمعت صراخ امرأة …. كان فرن مطبخ جارتنا ماري مشتعلا ….ذهبت إلى نجدة ماري ….. تلك الصرخة غيرت حياتي كلها .تعرفت على ماري لأول مرة ….لقد كانت فتاة جميلة وكاملة ومتقدمة…حررت نفسها من كل القيود ….حينما تمشي كأنما تضع حقيقة المجتمع تحت حذائها … كنت أحلم أن أكون مثلها …وفي نفس المكان عرفتني ماري على نوفل وقالت : احذري منه إنه نسوانچي كبير ضحك نوفل وضحكت عيونه معه .دون أن أعرف لفني هذا التعارف إلى الجحيم.أخذت ملاحظة ماري بابتسامة كأنها فكاهة عابرة عندما قالت من الآن أنبهك , هو متزوج ويخون زوجته كل يوم هو رجل عنده المرأة ما يأخذه من المتعة في السرير . ما جذبني لنوفل هو طريقته الخاصة في الكلام …نحن نساء الشرق نحب الشخصيات التي انكسرت في الحب وتحطمت …. نحب أكثر الرجال المحطمين من الأعماق .وفي اليوم الثاني كنت مثل نورا بطلة مسرحية بيت الدميە أغلقت الباب وخرجت …. ولم أسلم نفسی إلی العالم المجهول….لم أبحث عن قوانين الدین و الشرع خارج المنزل , إن کانت تنسجم معي أو لا. لقد خرجت من البیت ومن عفونة كلام مولود و من صياحه الصباحي … خرجت لأنني أحسست بأنه عندما يمارس الجنس معي وكأن أبي وأخي إلياس يمسكون بأطرافي ويخلعون ملابسی أمامه …. انهزمت من أجل الهزیمة … لم أعرف إلى أين أذهب .فقط أنا وحقيبة كتفي ومظلتي خرجنا من البيت.  عندما وصلت إلى الشارع فوجئت بنوفل , كان يبتعد عني بخطوات …. بصلعته ولحيته وطول قامته .كان منظره جذابا …. اوقفته واقترحت أن نتقاسم مظلتي.(تسحب نوفل من معطفه ليكونا معا تحت المظلة) (دنيا تمثل دور نوفل بنفسها ) .إلى أين تذهب ؟ أجابني بلا مبالاة -لا أعرف… خرجت كي لا أتشاجر مع زوجتي (تضحك دنيا) يبدو أننا خرجنا للسبب نفسه. (قال مـــازحا ) .
-إذا أنت عندك امرأة ؟…
( يضحك ساخرا) .
دنيا: حسب معلوماتي كل الرجال ضحية لزوجاتهم أردت أن أكون رومانسية وأتحدث عن المطر, قلت -هل تفهم لغة المطر؟
– أفهم كل اللغات إلا لغة زوجتي
-أنت مستاء جدا
– المطر يجعلني سعيدا , إنه طقسي المفضل
– إنه طقسي أنا أيضا
لعلي في تلك اللحظة المفاجأة أدركت معنى أن تهرب من زوج و تنطلق مع رجل آخر, معنى أنك بقلب متمرد تقترب من بوابة الخيانة. معنى أن تخرج من عالم رجل و تدخل في عالم رجل اخر… الرجال كالمجرات في الكون, لكل مجرة نظامها و مناخها و أسرارها. في مقهى دوماغو  جلسنا و احتسيت معه كوباً من الكابوجينو… كان أحلى كوب كابوجينو شربته في حياتي.مرت ساعة… مرت ساعتان… ثم مرر يداه على شفتي… ثم اقترب و قبلني أمام الملأ… والنادل الذي يقف أمامنا و في يده فاتورة الحساب. وضع شفتيه على شفتي ثم أبعد وجهه عني قليلا و تأملني, كأنه ينتظر ردة فعلي… ولكني كنت مذهولة و جامدة فأعاد الكرة مرة أخرى ولكنه أطبق شفتيه أكثر علي شفتي.وضع النادل الفاتورة على الطاولة وهو يبتسم ثم انصرف.كانت شفتاه طريتان و شعر شاربيه و لحيته أيقظت كل حواسي ولم أعرف لماذا لعبت شفتاي مع شفتيه…أحسست بطعم ولذة لسانه، أحببت رائحة التبغ التي في فمه، همست في أذنه وقلت له أيها المجنون ألا تعرف أني امرأة متزوجة. برائحة أنفاسه و شهوته رجعت إلى البيت… وأصبح من الصعب علي أن أعيش مجددا بالنمط السابق… إذ هنالك شيء ما فقدته أو كسبته مع القبلة تلك… شيء كأنه أنا قبل الزواج … كأنه رجوع العمر إلى الوراء. كأنها ولادة جديدة. (إلى الجمهور) اه ما أحلى القبلة … كان الأجدر بالرب أن يطرد  آدم و حواء من الجنة على قبلة... قبلة نوفل كانت لعنة نزلت علي كالمطر و كسرت جميع قیود الزواج و رمته إلى الأموات و أدخلتني إلى أبد الأبدين في النار. إنك يا رجل  تصرخ في روح المرأة صاخبا بينما هناك غيرك من يعرف أن يهمس في أذنها و يوقد فيها النشوة و يهيج رغباتها. زوجي مولود لم يحاول أن يفهمني… وجدت نفسي في أحضان نوفل… وأصبحت هنالك فجوة بيني و بين مولود. في إحدي المرات عقدنا لقاءً غرامياً في مكتبه نزعت معطفي وسلمته شفاهي ثم مسكت يديە و مررتهما تحت الكنزة و بالضبط وضعتهما فوق نهدي, أذكر جيدا طعم يديه… فتحت (زرار الستيان )و حررت نهداي من ستياني  أتذكر التفاصيل تمنيت أن أصبح أنثى شقية  مليئة بالجنس…. أحببت جسمه الثقيل علي تلذذت به .. … و لكني نبهته عندما أوصل أنامله على فخذي و قلت أني في العادة الشهرية ..تركني غاضبا و حمل حقيبته و هو يهاتف  ثم خرج  دون أي اعتذار ، تركني وحيدة..
                                       (صمت)
و عندما خرجت من الغرفة وجدت ورقة على مكتبه مكتوبة فيها  ( الضيوف الكرام  الرجاء عدم الازعاج )فخرجت بعد أن مزقت الورقة كنت أعتقد بأنني وجدت رجلا فيه فرصة العمر و لكنه جائني ببؤس آخر.( تحمل جيتارها مصاحبا لأغنية إديث بياف ) أصبحت ماري صديقتي ليست صديقتي فقط وإنما أصبحت صديقة أكثرية الرجال المحطمين عاطفيا …. كنت أزورها كلما أشعر بعدم الهدوء والارتياح. كانت ماري تقول عن نفسها بأنها ملحدة رومانسية , وأنا أقول بأنها مؤمنة مقامرة …. لأنها في أكثر أحيان مصدر قولها المراجع الدينية … كانت ماري تقول ضاحكة : إن أكثر المثقفين العرب ينظرون إلى المرأة من بين فخذيها … وهي تقول بأن أكثر المثقفين يكافحون من أجل الجنس وهم أكثر من يحاولون أن يخرجوا المرأة من واقعها المر .كنت أعتقد بأن إذا قبلني رجل في الكافتيريا فإنه يعبر عن حبه ورومانسيته (تضحك)…. قالت لي ماري : أيتها المغفلة أنت مخطئة الرجل العربي يحمل في ذهنه قرنا من ميراث الجاهلية.. (موسيقا) في بيت ماري عرفت رجلا آخر كان إسمه أشرف
                                     (صمت)
في إحدى الليالي رجعت من بيتها وفي داخل المصعد قبلني لكن لم تترك تلك القبلة أي أثر عليً  حتى إنني نسيتها.. لم أكن أجرؤ أن أقول لا أبادلك نفس الشعور ولا أرغب في تقبيلك كنت أحب أحاديثه لا قبلته لأن ذلك النوع من القبل التي تنتهي بسرعة تحس و كأنما تبتلع حبوب آلام الرأس …. القبلة لا تفيد الحب فقط وإنما تفيد صحة الإنسان وتفرحنا وتزيد من ثقتنا بأنفسنا.(تتحدث إلى الجمهور) هل تعرفون أنه يحرق أربعة سعرات حرارية في دقيقة واحدة وتحرك 34 عضلة في الوجه وتتناقل أكثر من مائة بكتريا مفيدة لجسم الانسان ؟ من يريد أن يقبل امرأة ما ويغير حياتها يجب عليه أن تلامس شفتاه  شفتيها وأن يكون هادئا ويهمس لها بعد حين واخر …. حين تتلامس الشفتان يجب عليه أن يروض لسانه ويؤدي رقصه. بلسانه كأنما يلعب اليوغا والتأمل …. القبلة كالصلاة فيها سجدة ودعاء ….كانت قبلة أشرف تفوح منها رائحة التبغ والقهوة لسانه كان صلبا وجافا كجندي يقف أمام رؤسائه. وزوجي مولود  كان يغلق فمه حين يقبلني ويشبه تابوتا فيه جنازة (للمشاهدين) وأنت هل قبلت أحدا ؟ كيف قبلته ؟ أستاذ أنت كيف تقبل امرأة ؟ أريد أن أعرف كيف تقبل شاهي زوجها وكيف تستمع بالعلاقة الجنسية معه رغم أن عندها ثلاثة أطفال . وهل يا ترى والداي قد ذاقا طعم القبل ؟ من ذاق طعم القبل في هذه القاعة فليرفع يده ؟ (تقول لنفسها )تصفق وتضرب رجليها أرضا . أحب أن أعرف كيف تعيش أختي شاهي مع زوجها وكيف تستمر في العلاقة الجنسية … كيف استطاعت والدتي أن تنجبنا تحت وطأة هذا الشرطي . أحب أن أعرف كيف مارست والدتي الجنس أثناء الليل.ويبتعد عنها في النهار ليتحول إلى إنسان مجرد من العاطفة وبدون شهوة أو أية  غريزة جنسية.. لا أعرف … لا أعرف كيف يعيش مع هذه الازدواجية … كان يريد منا أن نؤمن بأن الجنس عيب وأن الحب عيب .( تقول أغنية لعبد الحليم حافظ أو أغنية مة ي فرميسك) . لم أفهم ازدواجية النساء والرجال في المحلة , كنت أعرف الجنس عند مورافيا وبروست أو فلوبير أو ماذا كان يقول اراكون ولكني لم أفهم أبدا أسرار محجبات محلتي الخجولات.. یا تری هل الفتیات المحجبات في محلتنا يرغبن في القبل. كيف كانت شاهي تفكر في الجنس مع زوجها , وهل كانت تقبل زوجها  (تحمل جيتارها وتغني جاک بریل) في الحقيقة الإيمان يستطيع أن يحل محل الحب ولكن لايستطيع أبدا أن يحل محل الشهوة و كانت مشكلتي مشكلة الشهوة ..عشاقي كانوا كثيرین ولکن لم يكن فيهم من يستطيع إخماد نار شوقي… ما أصعب الغربة في باريس… في بعض الأحيان الصيام كان غذاء الروح…. صمت رمضان وكنت أشعر بالذنب …وبينما كنت صائمة كان يحب أن يمارس الجنس معي من الخلف …. أقول له أنني صائمة والشهر شهر رمضان يأخذني من كتفي ويرميني أرضا. أيتها المومسة سأمارس الجنس معك وأثبت لك أن في هذا البيت إله واحد هو أنا ….كانت صرخاتي تزداد وتزداد ( صوت الباب ) قبل أن يفتح الباب بصق عليها الشرطە مرة اخرى
(الشرطي يتكلم باللغة الفرنسية ويسأله بكل أدب ) .
– سيدي إنك تزعج الجيران … يشعل مولود سيجارته
– ماذا أفعل زوجتي لاتريد أن أمارس الجنس من الخلف , أي إله يقبل هذا التصرف ؟
(يجاوبه الشرطي بأبتسامة )
-إلهنا لا يقبل ذلك ولا أدري عن إلهكم شيئاً…  هذه المرة أعفي عنك ولكن من الضروري أن تحل مشاكلك مع زوجتك بهدوء….
ليكن , هذه المرة لك ,سأخرج وعندما أعود أحل مشكلتي معك .
تبين لي في بيت مولود أن كل شيء كان يحترق , وكنت أظن نفسي عروسة من القش وكان الاحتراق يحتويني… لماذا لم أطلب الطلاق … ولماذا تبقى علاقتنا مثل المومياء وهي في الواقع كحال الميت… ماكان يريحني وكنت أعيش معه هو ظلال بائعینا وحركات العجائز والمعوقين وصیاح نساء مدینتي التي ترکتها كلها تمتزج بذكرياتي. صوت حمه صالح دیلان يمتزج بذكرياتي. (اغنية لـ حمه صالح ديلان) إنني امرأة مقطعة وشخصية خاسرة … …حين نحب بعضنا نرى كل العالم من منظار هذا الحب وعندما يجف إحساسنا وتجرح عواطفنا نشعر بالوحدة حتى لو كنا في عالم مزدحم . .. بعد علاقاتي مع أنيس ونوفل ومنصور وأشرف ومولود كانت كافية لکي أعرف معنی القناعة والاكتفاء . هل الرجال يستحقون منا السهر والبكاء ؟ بمعنى آخر هل حياتنا تحتاج إلى الرجال ؟ … عرفت بأن الحياة تنتهي عند حدود الرجال … كم أشعر بفقدان جدتي . في باريس الذكريات تحتفظ بنفسها والماضي طاغ ,  وهذا قانون المنفى …. الأيام تمضي بسرعة وتترك فينا مرارة قاتلة..آه كم أنا وحيدة.. وحیدة بشکل کبیر جدا … أستطيع أن أقسم هذە الوحدة مع الوجود کله. (تغنی.. الليلة عيد وعيونك موسم الحرية) .. الليلة أخذتني ذكرياتي مدينة السلیمانیة لا أعرف لماذا تذكرت عمي محي الدين ….  جدتي ماتت حسرت عليها. اليوم ذكرى مقتل عمي محي الدين … أتذكر   اليوم الذي اغتيل فيه عمي محي الدين ….اتذكر ذلك اليوم جيدا عندما اغتيل عمي محي الدين في فندق زيتونة كان يعزف الموسیقی في الملاهي والحفلات …..علمني الألحان والموسيقى الشعبية ….وربما كان أبي وأخي إلياس يخافان أن أضیع حیاتی في عالم الفن ولهذا لم يقبلوا أن أزوره … أتذكر جيدا عندما وصلته رسالة من مجهول ويطلب منه الجزية وفي المقابل يحافظوا على حياته …بعد يومين طرق بابه رجل ملتحي وطلب منه الجزية وقال له عمي ساخرا : هل يا ترى أن الموسيقى توفر الخبز لي حتى توفر الجزية لك؟ أغرب عن وجهي لم يذهب الشاب وإنما بكل برودة الأعصاب أخرج مسدسه وأطلق ثلاثة رصاصات على صدر عمي وانهزم وبعد سبعة ساعات مات عمي في المستشفى….قبل أن يغتالوه بأسبوع واحد أعطاني هذا الجيتار وقال لي : اخفيه جيدا كي لا يصبح بلاء عليك..(تعزف الموسيقى وتغني وتبكي ) باريس مدينة تعكس ميولك مع ميل الساعة  ..أحن الى القسطنطينية (يطرق الباب. تفتح الباب) كان رجل متوسط القامة ذو شعر أسود ووجه أبيض …. فتحت الباب وانتظرت أن يتكلم لكنه لم يتفوه بكلمة  كانت عيناه مألوفتان بالسكون وكأنه نسي الكلام
وأنا بدأت الكلام :
(صوت توفيق البستاني)
-عذرا ربما أزعجتك .
کانت تلوح من عينيه مدينة السلیمانیە، وبقیت یداي بین یديه حین قال :
توفيق البستاني أنا جارك في الطابق العلوي وأنا من كوباني
وأنا دنيا من السليمانية
عزفك جميل
كان هذا روحي حين أشعر بالوحدة،لا أستطيع أن أعيش بدون أصدقائي وأفكر في مدينتي كثيرا َ.
الوحدة قاتلة لايوجد فرق بين الوحدة والموت .
أنا لم أمت سابقا ولكني ذقت طعم الوحدة .
نظرت إلى بريق عينيه , وارتعش كل جسمي معه ,من حلمة صدري إلى أخمص القدمين …. غريب كأنني أعرفه منذ مائة عام …. ومايميز توفيق عن الأشخاص الآخرين هو أنه عندما يذهب يترك خلفه مجموعه من الفراشات والمكان تفوح منه رائحة الزهور … كان رجلا ترک الماضي آثارە علی كتفیه , وقد سافر إلى أزقة ومحلات مدن العالم كثيرا . رأيت مدينتي في ابتسامته الحياة مع مولود وخياناتي مع نوفل، أنيس ،أشرف ومنصور وذكرياتي مع والدي وأخي إلياس توجه حياتي …في الواقع إني أفكر كثيرا وأعرف بأن في أعماقي أنثى من جنس الشيطان أنثى تطلب مني أن ألعب وأشبع رغباتي وأكتشف الأسرار التي خبأتها في داخلي منذ الطفولة …. مؤلم جدا أن أعيش على هامش الحياة ومؤلم جدا أن لاتعرف المرأة أعماقها وهي تعيش عاطفة مستمرة لا أدري كيف لاتهمها الحياة مطلقا . جدتي كانت جاهلة مائة في المائة في إحدى الأيام أدهشتني بأمثالها عن المرأة وكانت تقول : في داخل كل امرأة هناك غابة وأراض خصبة لايعرف عنها الرجل شيئا ولهذا يتعب مرتين ,مرة لأنه لايعرف المرأة ثانيا لأنە لا یرید معرفتها  …. إنها كانت تعرف هذه الحقيقة .(استراحة، إيقاع سريع) أنا ومولود كنا نرى بعضنا قليلا … كان يبيت عند صديقاته أو يعود متأخرا إلى البيت .صداقتي مع توفيق البستانجي تطورت كثيرا وكلما أعاني كان يهمس بأغنية (حمه ي ماملى –من ده ليم بأخي دلم) .في إحدى الأمسيات دعاني إلى أمسية موسيقية من قبل جمعية اللاجئين في باريس وذهبت … قلت لتوفيق عند عودتي أريد أن تعلمني على كيتار عمي محي الدين هذا اللحن….ورجعنا إلى البيت والقلق يسيطر علي ً . فتحت باب بيتي وبحثت عن زر الكهرباء ومد يده أيضا تشابكت أيدينا وبعدها أنفاسنا … السكوت امتزج بالخطيئة وبدأ الظلام يكبر ويكبر .وجدت نفسي متعلقة بشفتيه وأصبحت ملكا له …. لم أستطع أن أحرر نفسي منه فقبلني قبلة طويلة … قلت بصوت متقطع :أين الزر اللعين، احتضنني أكثر وغطى جسدي بجسده… كانت أنفاسه متقطعة وقال :لا تشعلي النور فهمت منه ما يريد أن يقول لاتکشفي خجلنا ….فتح أزرار بنطالي وتعلق نهداي بشفتيه كنت أشعر بموجة من اللذة وكأنها تمطر من جسده على جسدي …….سحر شفتیە قسمني إلی نصفین، و نزل إلى أعماقي کالمطر أحسست بلقاء الأرض و السماء.. أحسست و كأنني في الصلاة.. ألم یقل آشو فی إحدى کتبە أن الحب جزء من الجنس و جزء من الصلاة كانت قبلة توفيق البستاني وممارسة الجنس معه تختلف عن قبلة أشرف ومولود و أنيس، و مهدی ونوفل ومنصور … توفيق البستاني لم يضع قضیبە بين فخذي فقط ,وإنما اخترق قلبي … قضیبە كان له سحر عجيب اخترقني واخترق قلبي معه وأحسست به عندما بلغ الذروة و النشوة، شبعت من النشوة، لأول مرة احسست بالذروة، قبلني واعتذر عن رحيله، و قال (خوایە وەتەن ئاواکەیت(الرجل الوحيد الذي قبلني قبل أن يذهب..كل الرجال الذين عرفتهم يديرون ظهورهم , بعد الانتهاء من ممارسة الجنس معي … كأنما نحن النساء لم نخلق إلا لإرضاء رغباتهم ، وتوفيق البستاني لم يكن منهم..اتصل بي في اليوم الثاني وكان في صوته لحن غریب تلذذت به كثيرا…. قلت له : لازلت أرتجف  وقال : احتفظت بكل آثارك على جسدي , ولا أستطيع أن أغسل جسدي , تعالي لنغتسل معا . كل شياطين الأرض صبت في جسدي , وارتديت ثيابي بسرعة وهرولت إلى بيته لأخلعها ثانية ..لعلني کنت في دوامة حياتي المظلمة عندما أنتقل بذكرياتي و أقارن بين توفيق البستاني و بقية الرجال لعلني شعرت دائما أني على وشك أن أحب توفيق كان هو نوعا هادئا  و ينتظر إلى أن تكتمل الأحداث و تأخذ مکانها الطبیعي كنت أعرف نفسي  لم أكن العفيفة التي أقابل فيها فتى أحلامي.  ( و تتوجه إلى الجمهور ) ربما تظنون أنني من بائعات الهوی لكثرة هذه  العلاقات المبعثرة هنا و هناک، .وكان من الصعب البحث عن بوابة جديدة لا تفتح على مزيد من الخطايا عندما واجهت  توفيق أحسست بأن الحب الحقيقي كان على مقربة خطوة مني ،معه هو أدركت بأن الحب لا يعرف الحدود الحب فقط عبارة عن شيئين أحدهما أن تلقى الاطمئنان و الآخر أن يكون من يفهمكهو  جعلني أكتشف صدق ما قاله باولو كويلو  الذي قال : الجنس بلا عاطفة عنف نمارسه على أنفسنا . وفي أحضان توفيق عرفت مافعلته بنفسي  بأني قصرت بحق أنوثتي, و فی حمام توفیق اغتسلنا معا حتی تطهر جسدی و روحي من الذنوب…   أردت أن أفتح فمي و أشرح له قصتي  ، فهمني بسرعة وكأنه يعرف كل ألغاز الوجود …أعطاني شعورا جميلا ، أراني رجولته  و أشعرني بأنوثتي  جعلني أفتح له كل قلبي و أقص حكاياتي  و بدأت أبكي رغم إرادتي وغفلة احتضنني  وأخبرني هامسا في أذني بعض الرجال سيئون , وبعض النساء مخدوعات وهذا ليس نهاية الكون…قررت أن أعود إلى السلیمانية, و أواجه  عائلتي بطلاقي من مولود . عدت وأنا مقتنعة أن الباب الذي يأتي منه الريح لايمكن سده لأستريح بل يجب كسره والوقوف بوجه الريح حتى يهدأ .نحن من الصغر تعلمنا سياسة سد الباب ولهذا لم نتعلم شيئا . عدت و حملت التمرد في أعماقي… عندما وصلت الطائرة إلى مطار السلیمانية, كنت أكثر و أكثر تمردا … أخذت تاكسي و قلت للسائق: أريد أن أرى المدينة… هذه المدينة لا تعرف متى تمتلئ بالحب و متى تمتلئ بالكراهية, متى تفرح و متى تحزن, متى تحافظ عليك و متى تخونك, عندما تتعلق قضيتك بالحب لا ترحمك, بل تفكك.وصلت الى بيت أهلي…
سألني إلياس : أين مولود؟
أجبته ببرودة : طلقني.
كان الخبر كالصاعقة عليهم, لم يكن ينتظره كأنما قلت شيئا أكثر وحشية من والدي,.. جمیعهم کانو یتآلموننە دون أن یحرکوا ساکنا  و أخيرا قال
أخي إلياس بتفاخر: غدا سنحل الأمر, كل شيء سيكون كما هو. قلت:
الحياة مستحيلة لا تحاول
قال : – أنا الذي أقرر و ليس أنت
مر أسبوع , كنت أفكر, والدي يفكر وأخي إلياس يفكر, و أمي كانت تفكر. في الحقيقة كنت أعرف ما أريد… أما هم كانوا يفكرون في أشياء كثيرة و متفرعة,  كانوا يفكرون في إيجاد طريقة لتبرير وجود مطلقة في هذا البيت. المطلقة, تعني أكثر من أي شيء آخر, امرأة تخلصت من جدار عذريتها الذي كان يمنعها من ممارسة الخطيئة… امرأة بدون هذا الجدار, امرأة مستباحة أو عاهرة مع بعض التحفظ. هذا الثقب اللعين هو مركز اهتمام محلتنا, وإذا انهار هذا الجدار هذا الثقب قیل عن المرأة مطلقة أو أرملة. (تغني بوب دیلان) بعد أسبوعين عندما خرج أبي و أخي إلياس, زارتني شاهي لفترة قصيرة,  واعتذرت لأنها تأخرت عن زیارتي.. ( و تمثل دنيا دور أختها شاهي بنفسها)
أنت تعرفين بطني, أصبحت کبیرة وأنا أخجل أن يراني والدي أو إلياس هكذا
دنیا: (ابتسمت)طبعا تخفين جريمة .. (نظرت الى الباب ثم ذهبت لتقف أمام النافذة) قالت أختي شاهي.. کیف تعیشین مطلقة وسط رعاع، غدا سترین الرجال و کیف يتحرشون بك، و ستكتب عنك شتى أنواع القصص .. و ينظرون إليك باعتبارك عاهرة في نظرهم و لن يرحموك في هذا…هي تخفي بطنا من والدي و إلياس وتريد أن تقنعني , بأن طفلها قد أتى من العدم و ليس من علاقة جنسية  وكأنما الجنس مهنة العاهرات لا غير …. ومن تعيش وحدها , عاهرة , و من  تطلب الطلاق من زوجها عاهرة .نحن ندور حول أنفسنا في النقطة ذاتها ..(إلى الجمهور ) هل تعرفون…. , حين تزوجت كنت أظن أن كل مشاكلي انتهت , ولكني اكتشفت أني دخلت سجنا فيه كل أنواع العذاب …..وبين ليلة وضحاها أصبح المطلوب مني أن أكون عاهرة في الفراش , أن أمارس الجنس كما يمارسه هو .لم أذق طعم النشوة معه أبدا, عندما يرتاح يتركني وكأنني جثة جريحة یسمعني کلاما بذیئا و یفرغ قلبي بکل قذارته و یمارس الجنس معي من الخلف… أرادني أن أكون نسخة منه وعن تفكيره … مشكلتي  معە کانت أكبر، ولهذا طلقته .
                        ( موسيقى صاخبة تختلط مع صوت الرياح ). 
سهرت الليالي , أبعثر أوراقي وأبدأ بالكتابة … لا أدري هل كنت أكتب عن نفسي ، أم أكتب عن محيطي …. هل أكتب لنفسي أم لغيري , أم لقضاء الوقت … لست أدري … أكتب … و أحكي عن نفسي … أكتب و أحكي . أكتب و أحكي….( تبدأ بالرقص , وبعدها نرى في الشاشة تخلع نصف ملابسها …. نشاهد إسعافا … صوت الإسعاف … تلبس ملابس بيضاء مع الرقصة … بعدها تتساقط الثلوج … وتمر من خلال الشاشة 3 سنوات ) حين فتحت عيني وجدت بياضا يحيط بي من كل جانب , وجدران تختلف، رائحة غريبة … الرجل الذي أمامي لا أعرفه  وسمعتە یقول : صباح الخير…
                                            (إيقاع)
وقال :أتشعرين بتحسن اليوم ؟
وأخذ یقیس نبضات قلبي. أرجوك توقف من أنت
ماذا حدث لي ليلة أمس؟ و أين أنا الآن
                                     (صوت خارجي، اهدئي)
ماذا…لماذا أهدأ أنا جئت من باريس وسأرجع إلى باريس لأن صديقي البستاني ينتظرني
                                          (الصوت)
أنا طبیبک منذ ثلاث سنوات..
کیف.. أكاد أجن.. کیف و أنا هنا من ثلاث سنوات ماذا حدث أرجوك قل لي…. آه يا إلهي أي وهم هذا هل هذه حقيقة أم حلم …..
                                    (موسيقى)
لقد ذهلت كيف لي أن أعرف أني لم أكن في البيت هذه الليلة أخذ الطبيب بيدي و أراني من نافذة غرفتي في المستشفى بعض المرضى , وبعض من كانوا يزورون المستشفى.. ذهلت بما رأيته .. جف حلقي ،..هذا يعني أني راقدة في قسم الأمراض النفسية … مدة 3 سنوات وأنا راقدة في المستشفى , وهذا يعني أنهم سرقوا من عمري 3 سنوات .. أخذت إحدى الصحف وتصفحتها … لا أفهم شيئا ,عناوين الصحف تقول : سوريا وحرب داخلية … الربيع العربي , انتخابات في تونس , سقوط حسني مبارك … (وكأنها تنظر إلى الطبيب) قل لي ما المسألة ؟
                                            (صوت)
قبل ثلاث سنوات ,أثناء الحرب الأهلية أصابتك رصاصة ونقلوك إلى المستشفى  وكنت فاقدة الوعي تماما منذ ثلاث سنوات وإنك الآن تعانين من فقدان الذاكرة.(تخاطب الجمهور) هل يمكن أن تضيع ثلاث سنوات من عمر الإنسان. أنا متأكدة أن الكثير منكم أضاع سنوات كثيرة من عمره. هل منكم من سرقت منه سنوات عمره (صوت)هذا الدفتر كان داخل حقيبتك احتفظت به عندي غريب كل التفاصيل التي کتبت بخط يدي لا أتذكرها..قسم منها أسماء أصدقائي الذين عشت معهم  الخيال والوهم في باريس…..أكثر من رسالة مكتوبة بتواريخ مختلفة كلها كانت بخط يدي أعطاها لي وكان اسم توفيق يحتل الصدارة في كل السطور المكتوبة،.. انا لا أعرف الآن نفسي أشعر بتعب شديد مع شعور قوي بالوعي والإدراك …. وهذا قمة الألم …  لا أدري من أنا … لا أدري ….الألم القاتل هو أن تنظر إلى نفسك ولا  تعرفها …. هذه المتغيرات تجعل منك شخصا آخر وتقتلك وأنت تبحث عن الضياع الذي بداخلك ولاتجده. هل يصح أني عرفت كل هؤلاء الرجال
                                    (صوت)
لقد أعطيتني قائمة بأسماء جمیعهم فارقوا الحياة إلا واحدا فقط هو على قيد الحياة.
دونيا: كيف ماتوا؟  نوفل من أهالي لبنان وهو فلسطيني وقد قتل في شوارع بيروت مولود عاکسە شابين مغربيين وطعنوه بالسکین طعنة مميتة , ومات بعد أسبوع في المستشفى
وماري عوني كانت عازفة لبنانية انتحرت عن طريق تعاطیها الحبوب
ومنصور كان شابا عراقيا مات بعد أن دهسته عربة
وأشرف كان تركيا ولم يدفع أجور العمال فقتلوه
توفيق البستاني
دونيا: هو…
(صوت)
هو كوردي من مدينة كوباني قد غیر عنوانه لدی أحد أصدقائه وسافر ولا أحد يعرف أي خبر عنه.
دونيا: الدكتور أعطاني صورة مكتوب على ظهرهاكوني طليقة كالغزال
فوق كل الرجال كوني
 
 فكي شعرك لتكوني حرة
وكوني كزهرة ربيعية
أيها الفارس الذي جئت إلي أشكرك , أشكرك لأنك أعطيت قيمة لجسدي و إحساسي .
كانت صورتي , ولكن الخط كان لتوفيق ….
لا أدري أنا التي أرسلتها له أم هو من أرسلها لي … أريد أن أعرف جوابا لهذا السؤال …
اغمض عيني وأطلق خيالي , فأطير نحو توفيق .. جـئت مسرعة …. بحثت في كل شوارع أزقة باريس عن توفيق … لم أجده … بحثت في كل الأفران والملاهي والمستشفيات لكنني لم أجده
توفيق في كل مرة عندما كان ينوي الرحيل كان يقبلني قبل أن يرحل ويقول(خوايه وه ته ن ئاواكه ى) .
لعله ذهب إلى كوباني
هل ياترى مازال توفيق على قيد الحياة
(تتحدث مع المشاهدين )
جئت لأعرف من منكم شاهد توفيق البستاني
 (لأحد المشاهدين ) عيناه تشبه عيناك ,
 ( لمشاهد آخر ) هو حاجباه يشبه حاجبيك تماما
 ( لمشاهد آخر) شفتاه  تشبه شفتيك
(تقول لمشاهد اخر ) طوله يشبه طولك ….. غريب كلكم تشبهون توفيق البستاني.
                             النهايـــــــــــــــــــة

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت