بتونس:العمل المسرحي الموسيقي "عسكر الليل" يستحضر أجواء الحركة الثقافية في العاصمة زمن العشرينات/ وات
“عسكر الليل » عمل مسرحي غنائي ارتحل بجمهور مسرح الجهات بمدينة الثقافة مساء الخميس 16 ماي ، إلى فترة العشرينات من القرن الماضي، حيث عرفت تونس، رغم قيود الاستعمار، طفرة ثقافية في مجالات الغناء والشعر والكتابة.
هذا العمل الذي تم تقديم عرضه ما قبل الأول، بحضور وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين وثلة من الفنانين والإعلاميين، هو من إخراج مراد الغرسلي، نص وتصور للإعلامي سفيان بن فرحات، كوريغرافيا سوار بن الشيخ، إشراف موسيقي لنور الدين بن عايشة وإنتاج مسرح الأوبرا.
وأعاد عرض « عسكر الليل » إحياء لقاءات جماعة تحت السور بأصوات وتقمص شخصيات مجموعة من الفنانات هن حبيبة مسيكة وفتحية خيري وشافية رشدي وحسيبة رشدي، حيث يجتمعون للدردشة والغناء ليلا، ويحولون سكون الليل وعتمته إلى حياة ونور، وسلكوا طريق الفن والموسيقى كأدوات لمقاومة الاستعمار ونشر الوعي في المجتمع والتمهيد لطريق الحرية.
تلك الشخصيات الأدبية والصحفية ورواد الشعر الغنائي الذين تم التركيز عليهم في العمل هم جماعة تحت السور منهم عبد الرزاق كاراباكا وعلي الدوعاحي والهادي العبيدي ومصطفى خريف ومحمود بورقيبة وجلال الدين نقاش وعبد العزيز العروي. وقد أطلق عليهم « عسكر الليل » لاستماتتهم في الدفاع عن المرأة والفنانات التونسيات، فكانوا من دائمي الحضور على حفلاتهن، ثم إيصالهن إلى بيوتهن في وقت متأخر من الليل حماية لهن.
ويجمع هذا العمل الذي أثثه أكثر من 20 عنصرا على الركح بين راقصين وممثلين من ضمنهم توفيق البحري وخالد هويسة وفتحي المسلماني، بين فنون المسرح والغناء والشعر والكوريغرافيا. كما تماهت السينوغرافيا مع تلك الحقبة الزمنية، لتشكل تكاملا وتناسقا بين مختلف عناصر الفرجة.
واستمع الحاضرون إلى 16 أغنية تضمنها العرض، أي بمعدل أربع أغان لكل فنانة، تمت تأديتها بعضها بأسلوب مباشر وبعضها الآخر بتقنية « البلاي باك ».
ومن الأغاني التي استمتع بسماعها الجمهور هي « على باب دارك » و »الربيع منور » وعلى سرير النوم دلعني » لحبيبة مسيكة. وأدت المجموعة لفتحية خيري « خاتم حبيبتي » و »كحلة الأهداب ». ولشافية رشدي، استمع الجمهور ل « شيري حبيتك » و »يا قلبي زايد تشكي ». وأما للفنانة حسيبة رشدي فكانت أغاني « سير يا لزر? سير » و »العشا?ة » و »محلاها تذبيلة عينك ».
لم يخل عرض « عسكر الليل » من الإشارة إلى الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في تلك الفترة، وهي إشارة قوية أيضا إلى الواقع الحالي حيث تمر البلاد بالوضعية نفسها وقد بات فيها الفن أهم متنفس للناس ووسيلة للمقاومة، رغم ما يتهدده من ممارسات قمعية تمارسها القوى الرجعية.
تجدر الإشارة إلى أن هذا العمل سيتم تقديمه بمدينة الثقافة يومي 28 و29 ماي الحالي. وتكمن طرافته في أنه يسلط الضوء على النواة الأولى التي قامت بتحديث الموسيقى التونسية بمختلف أنماطها، وكانت مهدا لتأسيس المعهد الرشيدي سنة 1934.