نص مسرحي:" خلاف ذاتي" / تأليف: بيان الزوري
الفكرة المنطقية: محاولة في نقل الذات من عالم العبث إلى الوجود ، وأسباب انتقال الذات للعبث ،
الشخصيات: وجود، عبث، كيان
الإطار المسرحي:
مقسم المسرح إلى نصفين النصف الأيمن يحوي أشياء تدل على مكان معلوم و النصف الايسر يحوي مكان يدل على العبثية الللامكان ولا زمان
موسيقى هادئة ، يضيء المسرح، حبل ممتد من السقف إلى أسفل المسرح ، كائنين نائمين على المسرح ، ينهضان ، إضاءة صفراء على اليمين مكان الكائن وجود ، وإضاءة خافتة بنفسجية في الجزء الأيسر مكان الكائنن عبث . يتحسس الكائنين المكان ، أنفسهم وكأنهم للتو تم بعثهم للحياة
وجود : هل هناك أحد (صوت صدى) لا أحد ، لا أحد في هذا المكان سواي أنا ، ماذا علي أن أفعل هل أبقى أم اغادر في محاولة لإكتشاف شيء ما. هل هناك أحد
عبث : هنالك صوت، أنا أسمعه جيداً … نعم أنا ، أنا هنا
وجود : هل هناك أحد ؟
عبث : من أنت ؟ أنا هنا اسمعك … هل تسمعني ؟
وجود :ها، هذا صوت وأنا اسمعه جيداً، هو بعيد بعض الشيء وقريب إيضاً، يا صوت أنا اسمعك جيداً، أين أنت لنلتقي .
عبث : هنا (يمشي عبث خطواته باتجاه وجود )
وجود : من أين خرجت ، كيف وصلت لهنا
عبث : مشيت، أنا اذهب لحيث أريد، لا قيود ، لامكان ، لا زمن
وجود : ولكن كيف ؟
عبث : لأني أريد ذلك
وجود : وهل أستطيع أنا فعل ذلك ؟
عبث : لا يمكن، لن اسمح لك فالعالم الذي اعيشه قد يعيث داخلك فساداً لأنك تعودت على القوانين وأنا تعودت على العبث .
وجود : عبث ؟ ، ماذا يعني ذلك ؟
عبث : أنت لم تسألني ما اسمي ؟ لكني اعرف اسمك جيداً واعرف انك ولدت قبل أعوام قليلة إيضاً وكيف جازفت وكيف صُرعت وماذا تأكل ؟
وجود : هل أنت ساحر ؟
عبث : ههههههه ، أضحكتني ، كلا ليس كذلك انظر لي من جديد ربما تتعرف علي .
وجود : من أنت ؟ هل أنت صديق قديم لي ، أو ربما قريب أو أخ لي ؟ من أنت ؟
عبث : حقاً ، ألم تعرفني ، ملامحي ، ملابسي ، طريقة كلامي اي شيء ألم تعرفني ؟
وجود : لا
عبث : وجود (وهو يمسك به )
وجود : كيف عرفت اسمي ؟
عبث : اقولها مراراً ، وج و د
وجود: ينظر إليه بنظرة تعجب
عبث : تعال معي ، انظر لنفسك في المرآة ، هل عرفتني
وجود : انت تؤأمي
عبث : الذي تسر إليه باسرارك ، يؤنبك وتصرخ عليه وتذهب ثم يعود إليك لأنه يحبك فقط .
وجود : وكيف فررت مني
عبث : لم افر، انت تركتني في عالم بعيد عنك، ثم نمت في سبات عميق ولتوك استيقظت والآن أنا متواجد لكي نعود كما كنا متحدين .
وجود : كيف ؟
عبث : لا تسألني فأنا عبث
وجود : كيف ؟
عبث : يجب أن تفهمني، يجب أن تعرف، يجب أن تريد تعال لنجلس على ذلك الكرسي الطويل
وجود: حدثني ، فلربما أتذكر شيئا عن طفولتي
عبث : كلا ، لنتحدث عما حدث ، لنتحدث لنسافر للمستقبل ، فنحن مصفدين في مكان لا حياة فيه والسبب إنك لم تصل لمعادلة حكيمة بل قمت بتحليل نفسك وفصل نفسك عني وهذا ماجرى
وجود : ماذا حدث بالتفصيل ؟
عبث : كنا متحدين في جسد واحد، كنا متحابين داخل جسد واحد ثم قرر قلبك أن يعشق فنسي وعده لقد عشت ألم الحُب، وضعفه تركت نفسك تمشي كالمجنون بينما هم ذهبوا وعاشوا وكانوا غير مكترثين بما سيحصل لك ومن أنت؟ هنا أنا عشت سواد وحلكة وخوف كنت احاول ان الفت انتباهك لي لكنك لم تنتبه ، كانوا يجدون فراغاً فيعودون وكنت تسلم نفسك لهم وتتركني في كل مرة ثم يذهبون ويتركوك حتي سقط مغشياً عليك ، ثم تركتك ربما تفتقدني
وجود : ثم ماذا ؟
عبث : (وهو في أوج سعادته) ثم عدت لي تناديني
وجود: كيف ؟
عبث: سأتحملك لأنك لازلت تحت تخدير الصدمة ؟
وجود : أي صدمة
عبث : عرف لي الصدمة ؟
وجود : هو حادث غير متوقع ، وينجم عنه اضرار لا تحمد عقباها .
عبث : تماماً هذا حصل لك كُله ولكن في الداخل، أن الإنسان عندما يبدأ يشعر بأن حياته متوقفة تماماً ، فاعرف إنه تعرض لحادث اقعده وشل تفكيره وهذا ماحصل لك بالفعل ولأنك لم تصدق ذلك هل تعلم ماذا حصل ؟
وجود: ماذا ؟
عبث : قمت واعدت التجربة ، دون ان تنتبه لكبريائك ، أو حتى حياتك وحتى أنا نسيتني .
وجود : ثم ماذا ؟
عبث: بدأت اغضب ، يجب أن تصحو ، فأنا احتاجك وانت تحتاج ان تمشي من هذا المكان فالطعام بدأ ينفذ و المشاعر والصبر و الكهرباء وكل شيء
وجود : كل شيء ؟
عبث : كُل شيء ،بما في الكلمة من معنى حرفي ،
وجود : وما مصيري لو جلست ولم اتحرك .
عبث : حينها ستصحو ولكنك ستنهار ، لكن عندما تصحو رويداً رويداً ستختلف الحكاية .
وجود : اخاف أن اصحو فالقضايا لا تنتهي بالتقادم .
عبث :تنتهي ، صدقني سيأتي يوم وتنتهي ولكن يجب أن نفكر في القادم يجب أن نكون في الركب الآتي .
وجود : وان لم اتماسك
عبث : اسندك كما كنت سابقاً ، تعال معي
وجود : إلى أين ؟
عبث : إلى المكان الذي اتواجد فيه .. تعال تعال
(وجود يبدأ بالدخول للمكان الذي يسكن فيه عبث ، باب بمقبضين ، حذاء بفردتين مختلفتين ، انارات معلقة ، ساعة جدارية مثبتة في الارض )
وجود : ما هذا المكان ؟ إنه مختلف وكل شيء مقلوب على عقب .
عبث : لا ، كل شيء بمكانه ولكني مللت أريد مكان آخر انا اعرف كل شيء من خلال هذا المكان واعرف كيف انظم وقتي .
وجود : إذا مالذي تريده ؟
عبث : وجود
وجود : أنا ؟
عبث : لا أنا أقصد أن اكون موجود عندك ، اشعر بوجودي في عالم مستمر الحياة ومتواكب ، ومتعنصر ، لي كيان ووجود .
وجود : انت تصعب علي الفهم .
عبث : ( يصفع وجود ، ويركله ويضربه )
وجود : انا اتألم لماذا تفعل هذا بي ، مالذي فعلته بك .
عبث : يجب ان تستيقض ، ان تتعرف علي ، يجب ان تخرج من هذه العفونة والروائح الكريه ، يجب ان تعيد تنظيم كل شيء بما في ذلك أنت ، بدأت تخسر كل شيء دون ان تدرك .
وجود : أين أنا الآن ؟
عبث : ابحث عنها ، جدها .. كفاك تدمر من الماضي .
وجود : كيف ؟
عبث : يأخذ نفساً عميق .. هل تحاول ولو لمرة واحدة أن تغير السؤال ، قل مثلاً لماذا ؟ قل مثلاً ماذا احتاج قل شيئاً مختلفاً
وجود : تعبت .
عبث : لن تتعب ، سوف نندمج ، نكون ، ننجح ، نخرج من هذا المكان .
وجود : حدثني عن اي شيء
عبث : أنت تحب صوت القطارات لأنك مولع بالسفر وتحب السفر رغم إنك لم تسافر ولا مرة في حياتك ، كنت تملي علي القصص المجنونة التي تخترعها والملفوفة بشريط أحلامك حتى مرة اخبرتني بإنك ستهاجر وصدقت ذلك لأن أحلامك تكاد تصدق .
وجود : من فرط ما أردت أصبحت مجنوناً
عبث : كيف ؟
وجود : مجنوناً اي اني صدقت احلامي ، رغم ان الظروف لا تسعف فجننت لأني لم استطع تحقيقها ، وقد كنت وحيداً وكلهم يمرون بجانبي دون أن يلقون إلي بالمساعدة .
عبث: كيف ؟
وجود : لو حققت حلماً واحد ربما تتابعت خلفه الأحلام .
عبث : كيف ؟
وجود : مثلاً ، كنت أريد هذا الكرسي أحمر(يشير للكرسي الذي كانا يجلسان عليه) ، لو صبغته مرة واحدة بالأحمر .
عبث : لنفعل الآن ، هذا دلو دهان أحمر ، لنطليه الآن .
وجود : هيا ، سأطليه كاملاً .
عبث : هذا عملاً رائع ، لقد انجزت حلماً بحجم حبة الفول .
وجود : وما هي أحلامك أنت ، لنحقق حلماً لك إيضاً .
عبث : أن تحقق أحلامك .
وجود : أريد أن أصنع بوابة ضخمة نخرج بها من هنا بطريقة سحرية ، دون ان اهدم جداراً مثل الطريقة التي جئت بها إلى .
عبث : سنصنعها الآن
وجود : كيف ؟
عبث : السؤال ممنوع ، عليك بالعمل فقط لأن عقلك الباطن يعرف كيف ؟
وجود: (يجد باباً خشبي ، يطرق فيه مسامير ومرة يقوم بدهانه وهو مشغول به)
عبث : طالما إنك مشغول بصنع البوابة ، لنخلق حديثاً
وجود : يجب ان تساعدني لنخرج بسرعه أكبر
عبث : أنا العقل المدبر
وجود : (غاضباً ) ماذا ؟ اعد على مسامعي ، وهل أنا خادمك
عبث : لا لا يا صديقي لا تفهمني على منحنى خاطئ ولكن يجب ان تعمل على حلمك وحدك ، وأنا إيضاً مشغول بأحلامي .
وجود : وما هي أحلامك
عبث : الكلام فقط
وجود : منذ أن اتيت وانت تتكلم ، ألم تشبع
عبث: لا فهو يريحني كترياق .
وجود : سأعمل على صنع هذه البوابة ستتداخل أحلامي ، ستصنع جسدي .
عبث : لامفر لك ، فإما أن تكون أو تكون .
وجود : جدد عهدك بي ، سأحرق سجني والقيود .
عبث : كن وطناً يا وجود .
وجود : كيف ؟
عبث: ألم أقل لك لا تسأل ، ماذا لو مت .
وجود : سأموت بعدك ؟
عبث : لما ؟
وجود : أنا عرفتك ، فأنت الطفل الصغير الذي يربى بين أضلعي
عبث: ينظر إليه ، لكني أصبحت راشداً
وجود : تمردت .. فقط وذلك لتعيد دينك ، قلت لي مرة إنك ستعيد الدين مع إني كنت لا أريد فقد كنت تربى في رحابي وأنا كنت جداً سعيد .
عبث : كيف ؟
وجود : لأنك صفعتني
عبث : وهل ان اصفعك ، أرد دين الرخاء بالإساءة ؟
وجود : كلا ، لكن الصفع احياناً حب ، ولكن بطريقة آخرى
عبث: لازال هناك الكثير يجب ان تعرفه .
وجود : ستنتهي هذه البوابة ، وسنكتشف كل الإسرار .
عبث : تحرر
وجود : كيف؟
عبث : لاتسأل ، اعمل فقط (يختفي عبث وسط الظلام )
وجود : (بنصب الباب في المكان ويحاول فتحه لكنه لا يفتح ، يطرق الباب ، يحاول فتحه لكنه لا يفتح ) ماذا أفعل الباب لا يفتح، لقد تعبت وأنا أصنعه، عبث أين أنت؟ كيف أفتح الباب؟ كيف؟ (يجلس مستقبلاً الأرض بيديه بيأس ويقول) كيف؟ يا ذكرياتي، الألامي، أوجاعي، قولي لي كيف؟ أنا صنعت هذا بنفسي، استسلمت للأبواب المؤصدة، استسلمت لهمومي، استسلمت لقلبي الذي دمره عشقه، وعقلي الذي دمره التفكير من الأبواب المؤصدة ، لن استسلم اشم رائحة عبث، اشعر به داخلي، اشعر بروحه ترفعني، تجعلني اقف اجل، أنا أقف من جديد، سأحاول صنع مفتاح أو يجب أن أجده ربما هو هنا في فوضى هذه الصناديق .
(يدخل المسرح رجل كهل بعكازه . )
وجود : من أنت ؟
الرجل العجوز : أنا كيان
وجود : أقصد كيف جئت إلى هنا .
الرجل العجوز : يضربه بالعصا ، ألم يعلموك كيف تلقي السلام .
وجود : السلام عليكم .
الرجل العجوز : وعليكم السلام ، هذا ما عهدت بك .
وجود : كيف وصلت لهذه المنطقة ، أن هذا المكان مهجور .
الرجل العجوز : لمحت نوراً يلوح من بعيد فقررت أن آتي، فإني اعرف هذا المكان لا يضيء إلا لهؤلاء الأقوياء الذين يحاولون الخروج منه وإما البقية فقد آكلهم اليأس وماتوا ودفنوا هنا .
وجود : هنا ؟ أين قبورهم ؟
الرجل العجوز : فهم لا يستحقون حتى شاهد قبر . فلاتكن مثلهم .
وجود : ماذا أفعل ؟
الرجل العجوز : اصنع واحداً حديداً واطرقه بقوة وافتح الباب، حرر نفسك فهي تريد ان تتحرر وأنت تحبسها بأسئلتك التي لا تنتهي .
وجود : أنت تكلمني وكأنك تعرفني منذ زمن
الرجل العجوز : أنا اعرفك جيداً ولا تسألني كيف ؟
وجود : لكني يجب أن اعرف ؟
الرجل العجوز : يبدو إنك لا تتعلم من اخطائك .
وجود : بلى ، أنا مسؤول عن نفسي مسؤولية كاملة فهذا من قوانين السماء ،التي أؤمن بوجودها .
الرجل العجوز : تحرر
وجود : كيف؟ كيف ؟ كيف
الرجل العجوز : فتش في عروق يدك ، في منحنيات ذاكرتك ، في دهاليز قلبك ستعرف .
وجود : كيف ؟
الرجل العجوز : الحُب
وجود : لا تذهب .. لا تتركني هنا دون جواب فعلي النهوض وقواي تكاد تخور .
الرجل العجوز : لن اذهب ، لكني لا تضطرني لذلك .
وجود : كيف ؟
الرجل العجوز : ركز على الهدف، الشيء الذي يلمع في عقلك في منحنيات عقلك الباطن، حرر نفسك يجب آن ترى نفسك في مكان أفضل، في جنة، تحت الوديان ، بين أوراقك بين ماتحب فقط .
وجود : أليست هذه أحلام .
الرجل العجوز : كلا، الأحلام يجب أن ننهض بها فنحن جسدها وهي روحنا فروحك تتمثل في جسد من تحب، يموت العاشق حين يفارق حبيبه بمعنى الكلمة وينهار لكن عليه ان يتماسك لأنه يحلم فقط . فالعلاقة بينك وبين الحلم كالحُب كالعشق ، أرايت عاشقاً يهجر عشيقه لن يكون ألا الموت يفرقهما فقط .
وجود : لكنهم تركوني
الرجل العجوز : تركوك هنا ميت ، لا وجود لك ، لا اسم لك ، مصفر ، شاحب ، تتلى عليك آيات الموت ، تشهد شهادة لتحييك لتنجب منها آمالك العظيمة
وجود : كيف ؟
الرجل العجوز : اعمل فقط .
وجود : كيف ؟
الرجل العجوز: كيف ؟
وجود : علمني
الرجل العجوز : الحُب فقط يستطيع أن ينهض بك ، يجب آن تحب نفسك وستنهض ، تكون ، تحيا ، تخرج من القعر نحو السماء كن عاشق بفخر
وجود : يفتش في كل مكان ، المفتاح أريده وأنت ستدخل معي .
الرجل العجوز : ستجده وان لم تجده ستصنع واحداً
وجود : هذا هو وجدته بين هذه الصناديق .
الرجل العجوز : كيف عرفت إنه هو ؟ ربما يكون لا .
وجود : لنجرب فلن ينكسر الباب ، سنجرب مفاتيح كثيرة لأني أريد .
الرجل العجوز: كيف؟
وجود : بالحُب (يمسك بيد الرجل العجوز و يفتح الباب يدخلان، فيظلم المكان)
المشهــــد الثانــــــي
الرجل العجوز : أن هذا المكان مليء بالحياة ، سوف تصير شيئاً عظيماً ،
وجود : هل سأعيش فيه وحدي ؟
الرجل العجوز: كيف ما تريد
وجود : كيف ؟
الرجل العجوز : انتهى زمن الأسئلة ، جهز نفسك لتتنصب مكاناً ملائماً لك
وجود : بالحُب
الرجل العجوز : بما إنك وصلت لهنا فإنه يتوجب عليك ان تعرف الحكمة من ذلك ففي كل مكان تصل له عليك مسؤوليات وأول تلك المسؤوليات هي نفسك فإن فقدتها ستعود لحيث كنت لأسوأ ، فأنت الآن يجب آن تكتشف مهامك هنا وهناك وكل مكان ولن تكون وحدك .
وجود : ك (يضع الرجل عصاه على فم وجود) بالحُب
الرجل العجوز : طالما إنك فهمت الدرس ، لتفتش داخل الصناديق وتعرف ما فيها، ويجب ان تعرف مفاتيحها أيضاً ، ويجب ان تلتفت ان هذا العالم صعب جداً لكنك ستجعله سهلاً ب
وجود: الحُب ، عندما نحب أنفسنا ندللها كطفل ، ونؤدبها ونعلمها ونربيها في آن واحد والسبب لأننا نحبها
رجل العجوز : لا ترضى بذلها، يجب ان تضع نفسك في المكان الصحيح الذي يجب ان تكون فيه فالمصاعب التي نتداولها في حياتنا ما هي إلا لذة .
وجود : لذة ؟
الرجل العجوز : آجل
وجود : ولكن يا كيان .. هل أناديك كيان أم العم
الرجل العجوز : كيان هو اسمي واحبه بكل شعره شيب نبتت في رأسي اُحبه .
وجود : سأحب المفاتيح الأقرب للصناديق واجرب (سحب خمسة مفاتيح من أصل عشرة وجرب في ثلاثة صناديق من أصل خمسة) انظر ، لقد فتحت الصندوق الأول دون آن اجرب لكنه فارغ كلياً، سأفتح الثاني، ولكن اي مفتاح اجرب سأبدأ بهذا، لقد تم فتحه أيضاً إنه مليء بخرق قديمة، لاشي آخر، سأجرب هذا الصندوق لقد فتحته داخله اوراق تشبه الوصايا هل اقرأها يا كيان .
الرجل العجوز : آجل يجب ان تقرأها وتعرف ما فيها لأنها تحمل سر هذا المكان ومسؤوليتك وطريقة خروجك، فيجب عليك أن تعيش بهدف وهدفك هو ذلك الشيء الذي يلمع داخلك دون ان ترى تفاصيله .
وجود : افتقدت عبث ، كان يجعلني اغوص داخلي لكني اشعر به جيداً
الرجل العجوز : أنت لست واحد بل حصيلة أشياء كثيرة وأنا هنا لأساعدك لتتعرف على كل الألغاز التي تحيط بك وكل ما يدور في عقلك .
وجود : يجب ان تخلق من نفسك شخصين اثنين، اذا ما هتف لك الأول بأن تسقط ، يوبخه الاخر لكي ينهض، يجب عليك أن تحدد احداثياتك لتصل لقاع المحيط ثم تخرج منه سالماً مع كل صدفاتك التي غاصت داخله
الرجل العجوز : إنه يريد منك ان تكتب
وجود : اكتب ماذا ؟
الرجل العجوز: لأنه قال تغوص وليس هناك بحار، هو يقصد ان تكتب وعندما تكتب سيخرج ما بداخلك ستفهمه ومن خلاله ستمر
وجود : إلى أين ؟
الرجل العجوز : ماذا كتب في الرسالة الثانية ؟
وجود: سأقرأ الآن، سوف تنهار الجبال كُلها ثم، يخرج منها كنوز مخلوطة بحبات الرمل فلا الكنوز تغني عن الكلم ولا الكلم يغني عن الكنوز. هذا يعني إنه يمرر من خلال عقلي رسالة .
الرجل العجوز : اقرأ الثالثة لنفهم
وجود : يقول إنك ستدرك قيمتك فقط عندما يشع حجراً داخلك يتوسطك، ستفهم الظلام و ستتقيؤه و تفهم النور فتلفظه. وكتب هنا أيضاً ، ستحيا المدينة وعمارها، إذا ما أدركت لون عينيك وكل ركن وزاوية عبثية ووجودية كيفما كانت.
الرجل العجوز : يجب أن تفسر هذا الكلام دون أن تسأل .
وجود: لأول مرة أشعر فيها إني أفهم هذا الكلام كأنه يدعوني لشيء، هناك شيء علي القيام به فإن قمت به سيحصل شيء جيد ههل تفهمني .
الرجل العجوز : بكل ما في الكون من آيات أفهمك .
وجود : يجب ان نعود من حيث آتينا فهناك الجواب يسكن .
الرجل العجوز : ولكن الباب مقفل
وجود : سنفتحه
الرجل العجوز : كيف ؟
وجود : بالحُب يا كيان (يظلم المسرح .. تضيء إضاءة خافتة وهم يدخلان من الباب) من هنا سنفسر الكلمات فكيف تجيب الروح وهي سكن ؟
الرجل العجوز : ماذا ستفعل بهذا المكان
وجود : اعيد ترتيبه، دمجه (يجعل ما يتواجد بالقسم الخاص به يندمج مع ما كان متواجد بالقسم الخاص بكائن العبث ، من صناديق، ساعة ، مفاتيح ، أقمشة كل شيء) بهذه الطريقة ، يجب ان نفهم كل شيء أينما كان يجب ان يختلط ويزيد وزنه ويكسر القيود وتحرر الروح ، يجب ان اتحرر
الرجل العجوز : كيف
وجود : بالعمل ، يجب ان اعمل افكر واعمل .
الرجل العجوز : هل تعبث ؟
وجود : احاول
الرجل العجوز : إلى ماذا يرشدك كلام الرسائل ومن الذي كتبه وهل يقصدك ؟ ومالذي سيحدث ومالذي تريده ؟ هذه أسئلة يجب أن تجيب عليها هل تفهم ذلك ؟
وجود : نعم افهم وادرك قولك وافقهه .
الرجل العجوز : لست بعراب لك ، ولا عابر سبيل هل تدرك
وجود : آجل ادرك ، ادرك ما صنعته داخلي من فساد ، ساحر أنا صح ؟
الرجل العجوز : لا أدري
وجود : كيان ، أصبحت أنت الذي تسألني هل تبدلت الأدوار ؟
الرجل العجوز : ربما
وجود : وربما تدرك أجوبة أسئلتك أيضاً .
الرجل العجوز : إذا لم تجبني على أسئلتي ؟
وجود : لقد أجبتك يا أيها الحكيم ، إنها فلسفة قد تبصر حقاً وقد تخطيء ولكن أنا أعيش بها بكل ما أملك من فساد وطهر .
الرجل العجوز : أنت تخطيء خطأ كبير .
وجود : وأنت قلت ذلك لأنك تدرك ما في عقلي ، إني قتلت عبث وأنا سأقوم بقتلك وسأبقى أنا اتنقل بين العوامل واخلق الأشياء
الرجل العجوز : وهل هذا خلاف مابداخلك
وجود : غيره أن استطعت
الرجل العجوز : بالحُب
وجود : كيف ؟ كيف بالحُب بالحُب (يمشي الرجل العجوز ويختفي خلف المسرح يجلس وجود على الكرسي، إضاءة صفراء مرتكزة عليه، يصفق ثم ينهض ويشير لليمين واليسار يظهر فيها العجوز) وعبث سأجيبكم كيف ؟ بالحُب آستطيع مجابة داخلي ودون اي خطط واي قصص واي شيء آخر فقط عندما احب استطيع ان اجعل الحياة تستمر بشبابي وطفولتي وكهولتي أستطيع النهوض بالحُب فقط .