نص مسرحي: "حتى إشعار آخر" / تأليف: محمد اسماعيل القناوى

                                                  اللوحة الاولى
(المسرح مكان فسيح فى هذا الكون، يمين المسرح ترامت بطوله اعمدة من عصور تاريخية شتى، يجلس فى اعلى اليمين بجوار احد الاعمدة رجل بدين على حجر فى سنة من النوم.. يقطع المسرح بالطول شريط قطار مهجور، فى العمق قاطرة معطلة ، بجوارها أمراءه  فى سأم و الية مملة.. فى يسار المسرح غرفة فقيرة ذات نافذة تطل على عمق المسرح بها منضدة قبيحة المنظر متسخة عليها بعض زجاجات الخمر الفارغة و المملؤة و كوب و بعض الأوراق ، وبعض من الخبز اليابس ، و قد لطخة الخرفة بالشهادات العلمية .
الرجل النحيف يجلس القرفصاء امام المنضدة ، يمد يده يتناول زجاجة خمر دون ان ينظر تجاه الزجاجة فيمسك بزجاجة فارغة ثم يضعها امامه و يمسك بالكوب و يفرغ من الزجاجة فى الكوب و يحتسى دون ان يدرى انه لم يفرغ شيء ثم يعيد الاشياء الى المنضدة ، يدس يده فى جيبته يخرج صندوق من الصفيح به تبغ و ورق لف سجائر ، يحاول عمل لفافة ، يفشل ، يدس العلبة فى جيبته مرة اخرى ، بينما يتثاءب الرجل البدين و يتمطى ثم نسمع صوته ….)
البدين: لو لم تكن فعلة هذا الغبي.. لكن كل شئ حرك (صمت) عليك ان تحرك ساكاً (يغفو فى سِنة من النوم)
النحيف:  كنا على وشك التحريك لكنك انت اضعت الحراك.. وطلبت منى ان احرك .. كيف و انا ساكن؟
المرأة:(للقطار) لابد ان يحركه متحرك .. (صمت)
 (يعود الرجل النحيف الى الزجاجة و الكوب ، يفرغ من الزجاجة و يحتسى ثم محاولة لف لفافة التبغ و يتكرر الفشل و يدس العلبة فى جيبه .)
المرأة  :تحرك انت …. حركه …
البدين: (يتثائب) كان لزام عليه ان يحرك هو قبل الطامة الكبرى.. ليس على ان اتحرك من اجل غيرى (صمت.. للنحيف) فلتتحرك لتحرك ساكناً.
المرأة:لابد ان يحركه متحرك .
البدين:(ينظر الى اللانهائى) انك لست ساكنا .. انما قلبك يدق بم بم .. بم بم ,ان صدرك صاعدا هابطا .. (يشهق ويزفر, ثم يقوم من مكانه يلتقى هو والنحيف فى بؤرة ضوء فى مكان ما على المسرح , يتحاورا بدون صوت , تدخل المرأه تشترك فى الحوار بينما يختفى البدين ويقوم حوار عاطفى بين المرأه و النحيف , يخفت عليهم الضوء ليعود على الرجل البدين و صوته يأتى من الخارج) ان لسانك يتحرك .. يلفظ اقوالا (صمت) حرك ساكنا (النحيف يمد يده يتناول لقمة خبز يابسه , يقضمها بصعوبه , يحاول ان يلوكها , يتناول زجاجه فارغه و كوب يحتسى , يلوك اللقمه بسهوله و كأنما اذابتها الخمر يعاود الاشياء يقف فى ملل , يتجه نحو النافذه ينظر نحو المرأة ..) حرك ساكنا
النحيف:  (جهة البدين).. تذكر اننى كنت سأفعلها لولا انك امت هذا الحراك (يتجه ناحية النافذه) .. اننى ساكن .. (يخرج من الغرفه ويجلس القرفصاء على حافة شريط القطار) بركة ماء يتلألأ عليها خضار العفن .. باهتة اللون (يعود الى الغرفه ويجلس امام المنضده) اما هذا القلب و ذاك الصدر هما الطحالب التى تتحرك فى باطن هذه البركه .. الديدان التى تلد العفن (صمت ثم ينهض ويقف فى النافذه) .. كيف احرك ساكنا وانا ساكن ؟
المرأه: هو ساكن سكونا ابدى .. سكونا وقتى (تحاول تحريك القاطره) لابد من متحرك يحركه (شارده تبحث عن شئ يحركه .. تختفى فى العمق , ونسمع صوتها) حركه انت ( نسمع صوت خطوات ثقيله قادمه من اليمين, وصوت صرير باب عتيق, تقترب الخطوات, يكملها الرجل البدين ثم يتعثر فى شريط القطر , ويقع بصوت مسموع) (من الخارج) كلاكما بلا حراك .. كلاكما ساكن (تدخل) كلاكما راقد فوق قرفصائه.. الن يحرك احدكما الاخر؟ الن تحركا بعضكما؟ الم تملا هذا الركود المميت؟ ( صمت) تحركا حتى اتحرك معكما .
النحيف:  (يعود الى وضع القرفصاء, ثم يقضم لقمه جافه ويستلقى على ظهره, الرجل البدين ينتفض من مكانه واقفا ونسمع صوته على المسرح)
البدين: الم اقل لك حرك ساكنا؟ الم تسمعه؟ (النحيف يخرج من الغرفه, ينظر تجاه البدين ثم يستلقى على ظهره وسط شريط القطار كمن يستلقى على شاطئ البحر ويسمع صوت البحر والموج و صفير الهواء , بينما نسمع صوته من خارج المسرح)
النحيف:  سأتظاهر انى لا اسمعك.. وسأسمع هدير الموج حيث البحر يحتضن سكونى.. ما احلى النوم على صوت حراكه.. فأنا احب العيش فى الزمن الماضى.. هناك حيث لا هموم (يلتفت ناحية البدين) اتسمع .. حيث لا هموم
البدين: (يتحرك بين الاعمده متخبطا فيها) اذا لم تحرك ساكنا (يمثل انه يخرج سيفا من غمده) سأقتل .. (يصطدم بعمود) سأترك هذا ال.. (يتعثر فى الحجر) سأرمى ب..  (يحاول ان يحمل الحجر و يلقى به .. وعند احساسه بالفشل يمكث مكانه فى صمت مع احساسه سعدم الحيله, ثم وهو يلتقط انفاسه بصعوبه) .. حرك ساكنا  (يتحرك الرجل البدين ناحية عمق المسرح فى منتصف شريط القطار, بينما المرأه تتحرك فى عكس الرجل البدين و فى اتجاه النحيف المستلقى على ظهره وسط شريط القطر … )
النحيف:  و فى الفراغ الازلى اصيد سمكه.. ابتاع بها كأسا من ثمالة الخمر.. احتسى ثم اعانق النوم.. تعانقنى الالام فوق هذه الرمال اليابسه, عاريا , جائعا .. ولا امل لى فى تحقيق اى شئ .. حتى الحلم
المرأة: يعجبنى هذا الحلم هيا لنحياه سويا .. ( تتجه الى النحيف )
النحيف:  لماذا اتيت الان؟ .. تفسدين على حلمى.. تعيديننى الى الارض؟ .. الى الحياه و الحراك .. تجذبين مشاعرى الى الانفعال و الافتعال .. عليك ان تختارى حلما غيرى
المرأة: يعجبنى ان اختار .. لكن من اختار ؟
النحيف:  ليس من شأنى ان اعرف من تختارى
المرأة: تظن من اختار .. اختارك انت؟
النحيف:  لم انا .. هه ؟ انا لا احب ان يختارنى احد
المرأة:   ان لم تحب ان تُختار .. فعليك ان تختار
البدين: (متجها الى المرأة) كان على ان اختار (يتجه ناحية القطار هاربا) انت التى هاجمتى مسيرتى.. الوانك الباهتة التى تملأ رأسك.. شعرك المحمر بلون الدماء.. وعينان خضراوان اذبلهما الزيغ.. و اهداب سوداوان بلون الحداد على ما مضى من عمرك.. انك شتان بين شيئين.. بين ماض لون وجهك و رأسك يأبى ام يتركك.. و مستقبل مات فى حاضرك لانك ساكنه قى ماضيك
النحيف:  (يتجه نحو غرفته و يعود بزجاجة الخمر, و يفرغ فى الكوب ويحتسى و يخاطب زجاجة الخمر) .. لونك المحمر بلون الدماء التى تزرفها الكلاب.. بعد ان يطلق عليها ” السمّاوى ” طلقات بندقيته (صمت) نعم احتسى دمائى و لا اسأل التغيير .. ساكناً بلا تغير (البدين يعود الى مكانه) ليتنى استطيع تغيير ما حولى .. كيف اغير وانا لم اتعود على التغير ؟ .. سأغمض عينى حتى لا ارى ما حولى
المرأة: (للنحيف) .. هل دعوت الله الا احب غيرك فاستجاب.. و ظللت لى الماضى تكمن داخلى.. فتكبلنى فى سكونك هذا .. اسمع .. اذا لم تحرك ساكنا يأحركك
البدين: (البدين ينتقل الى شريط القطار محاولا دفع المرأة من بعد و لكنه يتعثر فيسقط على الارض, يحاول النهوض ولكنه يفشل , يخاطب الاعمدة) هلا دفعتنى من امامك.. انا لا استطيع ان ادفعك (تلتفت اليه المرأة و كأنها وجدت ضالتها , تمسكه , تحاول ان تنهضه , ينهض معها , يدور حوار ودى بينهما وكلما طلبت منه احداث فعل يفشل ) اعيدينى حيث كنت .. انا لا انفعك
المرأة: ادفعنى اذا اردت الهروب منى.. ادفعنى عليه خلسة (تشير الى النحيف) دفعه غاشمه.. فأحركه .. فيحرك ساكناً (النحيف يتجه نحو غرفته, يمسك ورقه و يضعها على وجهه, يستلقى على ظهره, يتمدد, يشكل قوسا فى مكانه, ينهض , يسمع اصواتا من الخارج , صوت الرجل البدين يستحسه على الحراك , يحاول ان يختبئ فى الشهادات الملطخه على الجدران )
النحيف:  لماذا تهاجمنى اصوات الدنيا تلح عليا الحراك (ينظر من النافذه مخاطبا المرأه) لماذا انت؟ (يخرج من الغرفه مخاطبا البدين ) وانت وحدك تلومنى وتعذبنى.. لماذا انت صوت صارخ يستحستنى دوما على الحراك؟ الا تواجهنى كتله.. انسان مثلى ضعيف كما اعلمك ( المرأه تتجه الى اعلى المسرح بينما الرجل البدين يتجه الى اسفل المسرح فيواجه النحيف بينهما شريط القطار )
المرأة: يا ليتنى القاكما معا ضعيف و ضعيف.. وانا بينكما اشهد العالم على ضعفكما.. فأبدو انا اقوى مثير.. لكنكما بلا ادنى استجابه فأعنى حظى على معرفتكما ( يتجه الرجل البدين الى مكانه , يبدو قلقا , يحاول اعادة الثقه لنفسه )
البدين: لقائى لن يكون الا و انا اقوى من اى استثاره.. هادئا كطبعى دائما.. الطابع الذى خلفه استكين.. و سأطلب.. بل سأمر كل من حولى.. ان يتحرك.. حتى يتحرك حولى السكون.. فأكون قد حركت كل ساكن .. فأصبح الاقوى …..
                                  (اظــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام)
 
                                 اللوحــــة الثانيـــــة
(يضاء المسرح على الرجل النحيف وقد امتدت جدران غرفته بطول يسار المسرح)
النحيف: (مخاطبا نفسه) كيف كل هذه المعلقات لا تحرك ما لا استطيع تحريكه؟ كيف وهى كانت املى.. ولكن دائما كنت لا احلم بتحقيق هذا الامل.. ولا آمل بحلم هذا التحقيق.. اللعنة على كل الشهادات وكل السكون (يجلس قرفصائه ،صمت طويل ، يقطع هذا الصمت صوت خطوات ثقيلة ، يتجه النحيف الى اعلى يسار المسرح ليرى من القادم ،بينما يدخل البدين من يمين المسرح ويلتفت النحيف نحوه ولا يعيره اهتماما يتجه ناحية المنضدة يحتسى بعض الخمر ، يدس يده فى جيبه ليكرر محاولة لف لفافة التبغ ويتكرر الفشل ويدس العلبة فى جيبه ثم يعود الى الخمر )
البدين: منذ عامين عاودتك لا تقوى الا على الشراب
النحيف:  (وهو متجاهله ولم يقطع شرابه ) .. الم تعاودنى مغيرا ما تريد ؟
البدين: حرك هذا  (مشيرا الى القطار) إذا تحرك هذا استطعت ان اترك هذا المكان.. سوف اركب واجلس بجوار النافذة وهو يتحرك.. وارى كل شئ يتحرك.. الاشجار والاعمدة.. وانا ساكن قابع فوق المقعد حركه ان كنت تقوى على الحراك
النحيف:  دعنى أقرأ ما كُتب عن الديناميكية والاستاتيكية.. وكيف احرك ساكنا وانا ساكن وانت ساكن؟ (يهم يمسك بورقة ‘يقرأ ‘يعود ) .. لابد من محركاً او موقداً يشعل حراكى
البدين:   (يتجه ناحية العمق ويحضر المرأة ) .. هاك مُشعله ..هل تصلح لمعاونتك؟
النحيف:  اراها ساكنة
المرأة:   ربما يُشعل سكونى حراكك او ما تريد
النحيف:  انهضى الى اعلى .. عانقى القاطرة .. (تذهب المرأة ‘تعانق القاطرة ‘ تصعد فوقها ثم تحاول النزول ‘ تتعثر تنادى على النحيف)
المرأة:   عاوننى كى انزل .. ساعدنى كى اشعل ما تريد
(النحيف يتجه نحو المرأة ‘ يحاول ان ينزلها ‘ تخفت عليهم الاضاءة ثم تعود وقد وُضع على المسرح بقايا سيارة محطمة )
البدين:   قلت تريد مشعلاً .. قلت تقرأ فى الديناميكا والاستاتيكا .. ماذا خلف هذا كله ؟
المرأة :  حب عقيم
البدين:   وعائق جديد
المرأة:   محرك سقيم
البدين:   ساكن جديد
النحيف:  قلت لكما انا ساكن .. لا احرك سكون .. (يحتسى بعض الخمر )
البدين:   كف عن الخمر
(تخرج المرأة ويحتسى النحيف من الخمر ويجلس القرفصاء )
البدين:   هذه الخمر ادارت رأسك
النحيف:  لكن بهذه الرأس ادير ما تريد
البدين:   اعطيتك ما يشعل حركك .. لكنك ساكناً فلم تحرك ساكناً
النحيف:  هل اثرت حولى السكون فلم احركه ؟
البدين:   هى اثارت .. وانت لاتصنع إلا السُكر .. وهجائى وشكواى لكل زجاجاتك
النحيف:  لا تطلب منى لا اقوى عليه .. انا لا اقوى إلا على الكلام
البدين:   حتى هذا لا تقوى عليه
النحيف:  اقوى على مجالسة النساء ؟
البدين:   (ضاحكا فى سخرية ) .. هاك امرأتى المفضلة .. جالسها (ثم يتجه الى الخارج )
النحيف:  لابد ان اثبت لهم ان اسطورة سكونى خاطئة.. وانما السكون شئ نسبى.. فالجبال ساكنة.. لكنها مملوءة بالتفاعلات فى باطنها.. ان فى سكونى تفاعلات.. لو اخرجها.. تفنى العالم (يتجه ناحية الرجل البدين ‘ يقف قبل ان يخرج ويخاطب نفسه) انت لست عالما فى السكون والحركة ولا فى علم النفس.. انت لست عالما فى اى شئ.. كيف تثبت لهم ما لا علم لك به.. انت كما انت دعهم وشأنهم (صمت) على ان انبهه الى خطأ وجهة نظره (ينادى على البدين بصوت مبحوح) اسمع.. اننى اود ان انبهك ان مجالسة النساء لا تكون الا تحت رغبة من الخليس.. وانا لا ارغب فى شئ .وهل تسمعنى.. إن صوتى هكذا.. ضعيف (يدخل البدين ومعه المرأة ) ..
البدين:   (للنحيف ) .. انها فارغة لتوها من مجالسة اخر رجل طلبت منه مجالستها .. ها هى فجالسها
المرأة:   (وهى تتجه الى النحيف ) .. هل لى ان اجالسك .. ان نحيا ولو للحظات معا ؟
البدين:   انها تفتح لك المجال
المرأة: (وهى متجهه للبدين ) .. لولا انت ما طلبت منه هذا
للبدين: لك الحق ان تطلبى من اى احد اى شئ .. مادام هذا يعجبنى
المرأة: وانا؟
البدين: ماذا؟
المرأة: هل اعجبك؟
البدين: بلى
المرأة: وهو؟
البدين: ماذا؟ هل يعجبنى .. ربما
المرأة: لا
البدين: لا يعجبنى؟ .. ربما
المرأة: هل اعجبه؟
البدين: لا يهم
المرأة: كلا لابد ان اعجبه
البدين: ( وهو يتجه الى مكانه ) .. اسأليه هو إذن
المرأة: (المرأة تتجه نحو الرجل النحيف تحاول إظهار مفاتنها له .. ثم تمسك بزجاجة من الزجاجات المملوءة وتفرغ فى كوب وتحتسى منها ثم تصرخ فى اشمئزاز)انها خمر.. ظننتها مياه غازية .. إنى احب شرب المياه الغازية دائما.. صيفاً او شتاءً.. نعم.. حتى وانا امارس قضاء الحاجة فى الحمام.. اه نسيت.. هل اعجبك ؟
النحيف:  إن الاعجاب امر نسبى .. وانا رجل نسبى .. لكنى رجل خارق .. لى معرفة بكل الخوارق .. اننى قادر على تحريك اى ساكن .. هل لكى معرفة بعلم الباراسيكولوجى ؟ .. هل تتذكريين الدوى السالف .. اننى استطيع ان احرر اى مثغتصِب .. هل تؤمنين بقضية ما فأحل لك إشكالها؟
المرأة: هل لك دراية بعلم الحرب ؟
النحيف:  سليه كم من مرة حاربت له .. اتذكر ؟
(إظلام ثم يضاء المسرح على البدين والنحيف يرتديان زياً عسكرياً ويحملان ادوات المحاربين من وعاء للماء ‘خرائط ‘ جهاز لاسلكى .. ألخ …. ستائر سوداء تغطى ديكور المسرح .. اغنية وإستعراض يعبر عن تحرير ارض مغتصبه ولتكن تلك الارض التى تدور عليها احداث المسرحية .. بعد انتهاء الاغنية يجلس النحيف على قرفصائه ويشرح للبدين كيف سيتم العبور الى الارض المراد تحريرها )
النحيف:  علينا ان نمتلك ناصيه الطريق المؤدى الى القاطرة.. و سنتخذ من القاطره ساتراً لنا  ( ثم يحتسى من وعاء الماء كمن يحتسى خمرا )
البدين: حتى ونحن فى هذا المأزق لا تفارقك الخمر؟ اسمع.. انا لا يهمنى ان تدمر القاطره او منزلك القبيح.. لكن اياك وان تصاب الاعمده بأذى.. انها رمز بقائى.. انا عمود مثلهم فى هذه الارض.. كيف اعيش دونهم.. اننى اقارن طول بطولهم .. سكونى بسكونهم .. اكمل ايها المخمور
النحيف:  اننا من الممكن ان نركب القاطرة و نسير بها .. و نرمى كل ما لدينا من متفجرات خلفنا فاذا تبعونا تفجرت فيهم .. هيا فلنركب .. ( ترفع الستار التى توارى القاطره , يذهبا للركوب فى القاطره , يقفا مواجهان بعضهما..)
البدين: هل تستطيع تحريك القاطره ؟
النحيف:  اننى فقط افكر و عليك انت ان تحرك
البدين: اننى فقط على ان امر و عليك انت ان تنفذ .. هلم انهم قادمون خلفنا
النحيف:  انا لا استطيع القياده .. لا اجيد تحريك القاطره
البدين:   انهم يقتربون .. سيفترسوننا
النحيف: عليك ان تأمر احدا غيرى انا لا اجيد القياده (يحدث بينهما حوار عنيف و يهما بالاشتباك ببعضهما حتى نسمع صوت انفجار و ضؤ ثم اظلام .. يعود الضؤ على الرجل النحيف المرأه الى ما كانا عليه و البدين فى مكانه)
النحيف:  لولا انه اضاع الوقت (صمت) .. لكنى اجيد علم الباراسيكولوجى
المرأة: اه .. كم احب هذا العلم .. هل لك فيه باعُ حقا ؟
النحيف:  و السحر و تسخير الجن
المرأة: اوه .. انك مؤكد تكذب على
النحيف:  انا لا استطيع حتى الكذب .. انظرى .. خلف هذه الجدران كما من الكتب التى لم اقرأها بعد .. و هنا على هذه المنضده .. بعضا من الوريقات التى قرأتها عن السحر .. و استطيع ان اجعل اى رجل يحب اى امرأه او العكس .. فمن الممكن ان اجعل اى زوجين يكرها بعضهما حتى الطلاق
المرأة: (بشماته ) .. حتى الطلاق ؟
النحيف:  حتى الطلاق
المرأة: عليك ان تفعل هذا لاحد نعرفه حتى اصدق ما تقول
النحيف:  عليك ان تختارى احدا
المرأة: فليكن هذا .. ( تشير الى البدين ) .. و … و ….
النحيف:  و من ؟
المرأة: اى مراه
النحيف:  ما رأيك ان اجعله يحبك انت ؟
المرأة: انا لا احب هذا .. و لا احب ان اكون فى مخالب هذا البدين .. لكن انا احب ان اكون .. ان اكون بعيده كى ارى اللوحه بوضوح
النحيف:  بل انت هى حتى تصدقين قولى (يتجه الى المنضده و يبدأ فى التمتمه و كتابة ورقة , بينما المرأه تتراجع الى عمق المسرح و البدين ينظر الى النحيف فى رعب )
البدين: اعلم انك لعنه صامته .. لكنى اخشى ان تصيبنى بأذى دون ان تشعر (صمت) .. اذى .. اى أذى .. اه الاعمده , الحجر .. اللعنه على السحر .. هل من الممكن ان .. كلا لن تهدموه .. لن يسقط حتو ولو تاج من عمود واحد .. ان هذه الاعمده هى انا .. و هذا الحجر عرش الذى احيا فوقه ملكا .. ان هذا كله هو مُلكى الذى اخشى ان اتحرك عنه فيضيع .. اللعنه عليك ايها السكير
النحيف:  سكير عربيد عفريت يجمع بين اثنين (يقرأ وريقه) انها السيرياليه.. لكن لاعلم لى بهذه اللغه.. اه .. احاول ان اترجم هذه الكتابه لاى لغة اعرفها .. و لكن كيف وانا لا اعرفها
المرأة: (تقترب منه فى استعطاف) قلت لك اى امرأه اخرى غيرى .. انا لا احب ان اترك هذا المكان .. انه الماضى امامى احياه رغما عنى .. و لا احب ان اتركه
البدين: اتركه .. اترك مملكتى .. ملكى .. انا هنا امتلك السلطه التى تجعلنى اامر فأحرك
النحيف:  حرك يا هذا المارد قلبيهما بالحب (فى فزع مصطنع) .. لا لا .. لا تفزع منى انى سأصرفك الان حتى اتجنب شططك
المرأة: (تقترب من النحيف .. تتنهد فى ارتياح) .. اه .. لقد تملكنى الفزع .. دعنى استرح بجوارك
البدين🙁 فى رعب ) لقد اقتربا.. انى اخشى من قربهما هذا.. من الجائز ان يتفقا على.. اننى لن ادعهم يهدموا مجدى.. انى ذاهب لمواجهتهم.. لا.. لن اترك عرشى هذا ( يجلس على الحجر )
النحيف:  ( للمرأة) .. انى اخشى من قربك لى
المرأة: الم تجالسنى؟ ان مجالستى امر مسلى.. اليس كذلك؟ .. و اظن ان مجالستك ايضا ستكون كذلك
البدين: منذ عهدى بالوعى .. وانا اعى ماهيه هذه المملكه.. اننى بها امتلك شئ.. حتى ولو حجارة فى ارض جرداء  (ينهض , يحمى الاعمده و الحجر بجسده ) .. لن ادعهم يضيعوا ملكى
                                ( اظــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام)
 
                              اللوحــــة الثالثـــــة
(بؤرة ضؤ على المرأه و النحيف و هو يحتسى الخمر و يعود الى عملية لف لفائف التبغ الفاشله , بينما تحاول المرأه ان تحركه و لكنه لا يعيرها اى انتباه و يعود لخمره )
المرأة: (فى سأم) نفرت من رائحتك.. هذه الرائحه التى تفوح من عفن تعتق كخمر نتنه.. مات الوقت.. مات وانت كما انت.. ساكن بلا اى حراك.. الم ترانى.. الم تعى انى امرأه؟ الم تفارقنى لعنه داك البدين.. انهض
النحيف:  (قد ثمل و لا يقوى على الوقوف ولكنه يجر نصفه الاسفل و هو يزحف و يحاول ان يمسك بامرأه و لكنه يفشل ) انت امرأه .. لكن ضلك الرجل.. اننى رجل لا يقوى الا على الكلام.. كم من مره اظن اننى قد و جدت ضالتى فيك.. لكن حينما اهم حتى احرك ساكنتى.. اصطدم بسكونك القاتل لاى حراك.. اعود ثانيه.. اعود الى السكون.. السكون الذى لا اجيد سواه.. انت هذه اللعنه.. لعنة ذاك البدين.. الى يريد ان يتحرك الكون من اجله هو.. و هو ساكن يرى كل المتعه حوله.. ان ضالته ان يرى كل المتع امامه.. لكن لا يتحرك فيها و لا يحركها
المرأة: و ما شأنك انت به.. لم لا تتحرك انت لك.. لقد مددت اهدابى اليك.. هل تحركت؟.. الم تُحِب او تُحَب؟ الن تمت سكونك الدميم هذا؟ .. اسمع انى رغم عنى عشتك بسكونك .. و اذا لم تعيشنى وانت تحب .. ستعيشنى كرها .. ان خمرك قد دار برأسك .. و ها نحن فى خلوه و لا يقطعها احد .. و ها انا امامك .. فوق عنقك (تميل تعانقه يفلت منها الى عمق المسرح , تجرى اليه و لكنه يتركها فتصطدم بالقاطره , يعود الى مكانه , بينما المرأه فى ضعف) .. منذ وعيت وانا مهيضة النجاح .. كان لى فى الماضى .. قال انى جناحك .. امنت جانبه .. لكنه كان ضعيف .. اتى بى الى هنا كى نهرب بعيدا عن كل حصار.عيون الرجال فى مدينتى تلتهم اعضاء النساء البارزه .. و كلهم لا يجيدون الا الكلام .. و فى بعض الاحيان .. النوم فقط
النحيف:  كان عليك ان توارى اعضائك
المرأة: واريتها بأثقل ثياب.. لكنه قال لى انى اجيد اى فعل.. كل الافعال ( تمثل شخصا ما) هلمى نهرب.. ان الهروب من الجليد جهاد و الجهاد افضل الحراك .. هيا هذا ضربنا
النحيف:  هل كان فى مدينتكم جليد
المرأة: الجليد هو السكون .. و اتى بى هنا .. حينما اتى الليل قال انى اشعر ببرد الليل .. خلعت ما يحمى اعضائى البارزه لادفأه بها .. فما حاجتى لها اذا كان هو يحمينى .. و لكن ما كدت ان اتجرد .. حتى التهمت عيناه اعضائى .. رمى لى ثمالته التى كانت عليه .. واخذ ملابسى التى تحمينى .. و عاد حيث المدينه .. حيث عيون الرجال تلتهم اعضاء النساء البارزه .. و ها انا انتظر الرجل .. الذى يصنع ما لا يقوى عليه رجال مدينتى
النحيف:  (مغيرا مسار الموضوع) .. اننى احاول ان اجعل المارد يحرك قلبيكما
المرأة: بل حرك قلبك تجاهى
البدين: (فى ترقب و قلق) لو حاولوا هدم مملكتى.. ماتو تحت انقاضها.. لكن لن تكون لى مملكه.. و ايضا اكون قد خسرت من اامره .. او ارمى تبعتى عليه (فى تفكير كما لو كان قد وجد حلا ) .. على ان اّمرهم بحب بعضهما (فى شعور بفشل الفكره ) .. لكن هذا السكير الساكن لا يحب احدا ابدا .. لانه لا يحرك حتى قلبه
المرأة: (فى هيام) اقترب منى انى اشعر ببرد المساء
النحيف:  كلا .. بل اتى المارد .. اعنى اتى ميعاد المارد .. ابتعدى .. (تعود الى عمق المسرح ) . ايها المارد هلم .. انى تعلمت بعض الكلمات التى استطيع جلبك بها دون تعبك .. ( يتمتم ببعض الكلمات بينما المرأه فى العمق و البدين يرتعد و يحاول ان يحمى اعمدته ببدنه)
البدين: (فى توسل للمرأه والنحيف) لن العب معكما لعبة الامر.. على ان تدعوا لى لعبة السلطه و حدى.. اتركو لى سكونى الشامخ.. مع اعمدتى التى تحدث الزمان و التاريخ.. فأنا كنت دائما فى القاع.. فى وحل الحارات ونفايا دجاج امى.. و خرقى التى اسكنتنى ضعيفا.. لا يقوى على مواجهة شوارع الاسفلت.. فى الشوارع الاسفلت.. السيارات تلتهم الخرق الباليه.. ولكنى تعلمتها مبكرا.. كنت امر كل من اعرفهم ان يتجهوا الى الاسفلت.. فيأتونى بالجديد.. و لا يهمنى من التهمتهم السيارات.. فالكل كان ذو خرق باليه.. حتى تعلمت كيف اسير خلف السيارات فلا تلتهمنى.. ووجدت هذه المملكه بلا ملك.. و لا تحتاج حربا كى امتلكها..  فاعتلت العرش وظللت احرك .. فدعونى اموت بجوارها .. حتى يكون قبرى مزارا بجانب هذه الاعمده
المرأة: (تقترب من النحيف) انى لا اثق فى ماردك هذا.. اننى لا احبه هو .. بل تحرك قلبى نحوك انت .. انت .. انت تدرى ؟؟؟
النحيف: اه .. لقد فهم المارد خطأ
(تخفت الاضاءة على النحيف و المرأه , بينما البدين يجلس فى فرحه و شماته )
البدين: انه انا.. انا هذا المارد.. من تمرد على الحركه والسكون.. فكنت بينهما ساكنا محرك.. و قد جعلتكما سويا ساكنه تبحثين عن رجل خارق.. كى يحرك ما لم يحركه سواكِ.. و ساكن يمتلك مقومات الحراك.. لكن ماتت داخله الرغبات فعاش مغيبا وعيه فى خيالات النجاح الخارق بسكون قاتل
(تضاء بؤرة ضوء على النحيف المرأة و هم يمارسان علاقة حب.. لكن ما يكادا ان ينسجما حتى يفشلا, و البدين يشير بيديه ليعاودوا المحاولة و كل حركاتهما من خلال اشارات البدين حتى تصل العلاقه الى ذرواتها و هذا يتضح من خلال تشابك اصابع كفى البدين.. تخف الاضاءه على النحيف و المرأه و تضاء و قد تفصدت المرأه من ثيابها ولدا ممسوخا ما يلبث ان يخرج منها حتى يعبث بكل الاشياء التى على المسرح.. فيذهب الى القاطره يأخذ منها شيئا حديدى و يتجه ناحية الاعمده ليحطمها , يذهب البدين ليحمى الاعمده فيسرع الولد و يحطم حجر البدين )
البدين: ايها المسخ ابعد عن مُلكى.. اذهب بعيدا اليهما.. هما اللذان خلفاك (الى المرأه و النحيف) ابعدوه عن ملكى.. ابعدوه عن عرشى.. لقد قتل عرشى.. انه استقرارى فى سكونى الذى احرك من خلاله.. ابعد ايها المسخ
(النحيف ينظر اليه فى شماته و يضحك بينما الولد يتجه نحو بقايا السيارة فيأخذ قطعه اخرى منها و يحطمها فى شريط القطار ثم المنضده و زجاجات الخمر ويرمى المنضده فوق نفايات القطاره والسياره)
المرأة: انه نتاج حراكك الساكن .. مسخ لعين يفسد كل لذاتك
النحيف:  انه نتاج سكونك العقيم .. انه صورة من مسخك انت و ذاك البدين (البدين يحاول لم الحجر )
البدين: بل صوره لمسخكما معا .. انت وهى  .. انتما اللذان حطمتما عرشى العظيم
النحيف: (للمرأة) اردتما حراك.. و ددت ان احرك ساكنا.. وهذا نتاج تحريكى (الى البدين فى شماته) لقد حطم عرشك الذى كدت تميتنى حراكا من اجله (الى المرأه) انه مسخ يجعلك بجواره (يحبو على ركبته ليحتسى الخم الذى سكب على الارض , يركب الولد على ظهره, يتجه البدين اليه و هو يحمل جزء من حطام الحجر ليقتل الولد لكنه يتعثر فى الاشياء الملقاه على المسرح فيظل يراقب بعينيه ما يحدث .. بينما النحيف يمسك بزجاجه مكسوره ليقتل الولد فتمسك المرأه النحيف و تحضن الطفل لتحميه )
البدين: ( صارخا ) دعيه يحرك ساكناً ………………….
                     ( ستـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــار)
                               
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت