نص مسرحي:" السبورة الغاضبة" / تأليف: محمد عبد الحافظ ناصف

شخصيات المسرحية
 
ـ محمود ولد نحيف فى سن التاسعة
ـ السبورة
ـ الباشورة
ـ الطبشور
ـ وسيلة إيضاح
ـ المقعد
ـ أحد الأطفال
ـ صوت الناظر
 
تقديم :
هذه المسرحية مونودراما للطفل، وقد تقدم على مسرح عرائس كى تناسب حركة الأشياء، وقد يقوم الطفل بأداء جميع الأدوار، مقلدا للأشياء، متخيلاً ما يدور داخلها.
فى الفصل يقف محمود بجوار مقعده الذى يوجد فى المقدمة، يضع يديه فى جيبى بنطاله، السبورة فى عمق خشبة المسرح، بجوارها البشاورة والطباشير، وتوجد وسيلة إيضاح لخريطة مصر…
محمود : (يقف ويبدو غير سعيد، يدور فى الفصل)آه  .. (يهرش رأسه)يا ولد يا حودة… لو أملك مالا سوف أسعد كل الناس ولم لا ؟ ! فأنا طيب القلب.. لا تشكر نفسك يا حودة فلا يشكر نفسه إلا إبلبيس.. أعوذ بالله (يقفز ليجلس على المقعد) آه ه ه … (يصرخ) مسمار!! (يهبط بسرعة ثم يخلع حذاءه ويضرب به المقعد)اليوم حفلة عيد الأم (يشير للجمهور)كل عام و أنتم بخير.
أحد الأطفال : (يقف) وأنت طيب.. (تسمع أغنية) ماما يا حلوة يا أجمل غنوة.. عايشة فى قلبى وجوه كيانى
محمــود: الأستاذ فوزى يريد كراسة جديدة (يدور حول نفسه.. يشعر بالتعب.. يجلس على خشبة المسرح، يفرد قدميه)آسف.. آسف (يلم قديمه ثانية) يقول أخى الأكبر إنه كان يمسح الكراسة قديما، ويكتب فيها مرة أخرى، أتعرفون لماذا ؟!
طفـــل:(يقف) لماذا ؟!
محمــود: لأنهم كانوا يكتبون بالقلم الرصاص، أما الآن فنحن نكتب بالحبر الجاف (يدور حول المقعد) وأنا أحب أخي الأكبر.. أحب بذلته العسكرية، أخي حارب فى أكتوبر.. هزم إسرائيل، كنت أنتظر يوم عودته، يوم أسمع الزقزقة تزقزق (يسمع أصوات طيور تزقزق.. يصرخ) طاخ طاخ طاخ (كأنه يمسك يندقية)
طفــل: (يقف)احترس .. ستقتلنا.. ها . ها .
محمود:أجلس ، دعك من السخرية، نفسى اشترى هدية لأمى، لكن الحالة  (يشير بإصبعه) صعبة جداً.يا رب أرزق أبى، فعمله ليس مستديما، إنه يعمل نجاراً (يجلس على المقعد بحرص) هذه المرة أفضل حالا من غيرها، المسمار قد اختبأ خوفا منى ( يهز قدميه) ما هذا ؟! (يهبط) يا رب !! (متعجباً..يدور ويلف حول المقعد ببطء، يلف حوله كأنه سيسرق شيئاً من أحد) ورقة مالية تحت المقعد (يبحلق ثم يفرك عينيه بشدة) ها.. (يفتح فاه متعجباً) هل استجابت السماء لندائى؟!آه يا ولد يا محمود، لقد أصبحت مستجاب الدعوة، لقد سقطت على من السماء، حسناً.. (يغنى) ذهب الليل طلع الفجر والعصفور صوصو (يتقافز).
طفـــل: (بحده) صوتك سيء للغاية .
محمــود: (بثقة) الأصوات الجميلة تجد دائما إحباطات ، (يهمس لنفسه) أخرج الآن فى سرية فلم يرنى أحد (يهم بالخروج,, تحدث دربكة وضوضاء وترتعش الإضاءة و يتوتر محمود بشده.. يصرخ) من.. من ؟! ماذا حدث ؟! (تبدأ خيوط الأشياء فى التحرك فيتحرك معها)
المقعـد:  (تحركه الخيوط حركة عصبية) إلى أين؟! (يعترض طريق محمود )
محمـود :            (يتوقف) من ؟! من ؟! .
المقعـد : أنا المقعد الذى طالما يحملك وأنت تتعلم، هذه الورقة المالية التى أخذتها ليست من حقك، هل تلك الأمانة التى تعلمتها وأنت جالس على ؟! هل قالت لك الأستاذة هالة ذلك ؟!
محمـود :            (يخفى وجهه) .
المقعـد : ليتنى تحطمت قبل أن تجلس على (يتباكى).
محمـود :            (بعصبية) لم أسرق شيئا، لم أضع يدى فى جيب أحد (يضم الورقة المالية إلى صدره) .. هي لى، وجدتها ملقاة على الأرض بلا صاحب .
المقعـد:(بحدة) وهل وجودها بلا صاحب يعطيك الحق أن تأخذها .
محمـود :            نعم.. نعم.. شيء بلا صاحب هو لى .
المقعـد : لقد قلت لك ونصحتك وحذرتك، إياك أن تجلس على ثانية.. إياك.
محمـود :            (بإهمال ) لا يهم .. أجلس على الأرض، فالأرض مريحة .لقد دعوت الله واستجاب.. الحمد لله ، هل أرفس نعمة ربى التى أرسلها لى .. لا ..لا. (يسمح صوت دربكة واضطراب وموسيقى غير منتظمة)
السبورة :(تتحرك خيوطها)  هكذا يا محمود.. أتنكر فضل المقعد عليك؟
محمـود :            من ؟ السبورة الطيبة، لم أنكر شيئا ، ولكن المقعد يود أن أترك نعمة ربى.
السبورة :ألم تجد الورقة المالية فى الفصل.. هى بالطبع ملك لغيرك.. هى لم تهبط عليك من السماء.
محمـود :            الله يرزق من يشاء بغير حساب.
السبورة :نعم.. صدق الله العظيم.. ولكن ألم ترى ما كتبته المدرسة على صفحة صدرى.. ألم تقرأ درس الأمانة؟!
محمـود :            (يقترب منها) رأيت وقرأت على صفحة وجهك الخضراء الناعمة.
السبورة :لكنك لم تفهم جيداً، نسيت وتتناسى.
محمـود :            لكنى احتاج لكراسة أكتب فيها، أريد قلما جديداً بعد أن انتهى هذا (يشير للقلم الذى معه) وهدية أمى ؟!
السبورة :لن تسمح لك الكراسة أن تكتب فيها ولن يكتب القلم أبداً.أشرح للمدرس حالتك وسوف يجد لك حلاً .
محمـود :            (بسخرية) ها ها ها المدرس مشغول دائماً، وكرامتى تمنعنى أن أقول شيئا، سيكون موقفى سيئا للغاية .
السبورة :(بأسى) كم أنا حزينة عليك، لو بلغت عنها قد تأخذ جائزة.
محمـود :            (بسخرية) جائزة من ورق، ورق، ولن تحل المشكلة وسأظل أحتاج ما أريد.
السبورة :(بحدة) إياك أن تكتب على ثانية ، ليتنى سقطت سقطت قبل أن تكتب على مرة .
محمـود :            (يذهب للسبورة ويحاول أن يكتب عليها بالطباشير..يسمع صوت صراخ شديد وتألم) ماذا .. ماذا ؟!!
الطباشير :آه ، آه، رأسى ، رأسى
محمـود :            (ينزعج) ماذا حدث ؟!
الطباشير : أرجوك.. دعنى، لا تكتب بى ، لا يكتب بى إلا الأمناء فقط.
محمـود :            ألست أمينا يا طباشير ؟
الطباشير :نعم.. لست أمينا .
محمـود :            حتى أنت يا صديقتى الطيبة.
الطباشير : لست صديقتك.
محمـود :            أحتاج إلى لعبة مثل لعبة صديقى على .
الطباشير :وماذا بعد أن تفرح دقائق ثم يغضب الله عليك.
محمـود :            (يكتب كتابة غير مفهومة)
الطباشير 🙁يصرخ) آه .. آه .. رأسى .
محمـود :            الكل يغضب منى .. لماذا ، لماذا ؟!(يحضر المساحة (البشاورة) لكى يمسح الكتابة غير المفهومة)ماذا حدث ؟! البشاورة لا تسمح !! (يكح) ما هذا الجير الصاعد ؟!
البشاورة :وماذا تود أن تسمح ؟ السرقة، الكذب، الغش .
محمـود :            أنا لست سارقاً أو غشاشاً، الكل غاضب منى .. لماذا ؟
البشاورة :غضب الله سيكون أشد، فليصعد جيرى حتى يزكم أنفك ويدمع عينك التى رأت ولم تبك ، ويلوث يديك التى أخذت ولم ترفض.
محمـود :            (بأسى) كنت بالأمس مطيعة، أمسح بك السبورة الطيبة وأكتب بالطبشور الجميل الأبيض .
البشاورة :(بحدة) تكتب ماذا ؟!
وسيلة الإيضاح:(وسيلة جغرافيا لخريطة مصر حيث نهر النيل يجرى) وماذا سيكتب بعد فعلته.إن من يشرب من ماء النيل عليه أن يكون أميناً، لابد أن تشرب ماء أجاجا من مجرى الأحمر والمتوسط.
محمـود: حتى أنت… (يدور) أنا أحب الجغرافيا لأجلك أيها الخريطة وأكتب كلمات مثل…..
الطباشيرة :أعطني وجهك.. واجهنى.  مثل الأمانة .. الصدق.. الوفاء.
السبورة : قد يكون صاحب النقود مريضاً ويحتاج دواء بثمنها.
محمــود :لا يا سبورة … لا
الطباشيـر :هل تستطيع أن تتحمل ألمه ؟
محمــود:            لا يا طباشير.. لا
الوسيلـة :أنت تخاف الحقن وهو أيضاً
محمــود :نعم .. أخاف الحقن
البشـاورة :إذن لا تأخذ ما ليس لك .
محمــود :(يجلس على الأرض) كفى يا أصدقاء.. لن أفعل (يضع يديه على وجه..يبكى) لن أخذ شيئا ليس من حقى.
السبـورة :إذن فأنا أفتح صدرى لك كى تكتب .
الطباشيرة :وأنا سهلة فى يدك ، حركنى كما تشاء.
البشاورة  :وأنا سوف أمسح للسبورة صدرها .
المقعــد :            (بصوت قوى ) وأنا سعيد .. ولن يضايقك المسمار بعد اليوم، سوف أسجنه بداخلى إلى نهاية العام ، ولن يخرج إلا للأشقياء.. هاهاها.
الجميـع :            ها ها ها .
محمـود :            (يقف ويذهب إلى السبورة ويكتب كلمات الصدق، الأمانة.. الوفاء)الحمد لله.. الآن فقد أحسست بالراحة (كأنه يتخيل).
 (يسمع صوت الناظر قويا)
الناظـر : تحيى المدرسة التلميذ محمود صبحى وتقدم له كراسة وقلما و وردة هدية له على أمانته ..
محمـود :            (يجرى خارجا) سوف أذهب للناظر.. تكفى وردة لأمى .. سأمسح الكراسة وأكتب فيها ثانية ما استطعت، سأستعير قلما من صديقى على ولا أريد سيارة لعبة ..  سأصنع لعبة من الأشياء المهملة، (يغنى)
ماما يا حلوة يا أجمل غنوة
عايشة فى قلبى وجوه كيانى
ماما .. يا ماما ..