نص مسرحي للأطفال: ( مانغلستو((*) / تأليف: حيدر علي الاسدي (العراق)

الشخصيات :
الطبيب
الابن الذكي :
الابن المريض:
الام:
الجار:
المراة :
*** المشهـــد الاول ***
المكان : في احدى الشوارع (لمدينة تبدو مدينة ريفية او ذات مناطق زراعية) ((عاصفة ترابية تهب بصورة سريعة وتذهب))
الطبيب: (صارخا) ادخلوا منازلكم …الهواء مسموم.
((صرخة طفل في الاثناء تتبعها حالة اختناق لهذا الطفل ويقع مغميا عليه ارضاً))
الاب : اين نذهب،  الهواء مسموم …يجب ان نختبئ يا زوجتي واطفالي…
الجار : وانا كذلك …نحن وسط الشارع ما العمل؟
الام: ندخل هذه الحافلة الكبيرة ..
الاب : لا حل غير ذلك …هيا بنا
((يحمل الجميع الطفل المغمي عليه يدخلون الى الحافلة))
*** المشهـــد الثانــــــي ***
المكان: (( داخل الحافلة ))
الاب: اغلقوا النوافذ جميعها …اياكم ان تدعوا الهواء المتسمم ان يتسرب الى هنا والا متنا جميعاً…
الجار: اللعنة بعض نوافذ هذه الحافلة مشرعة …ساحاول اغلاقها والا متنا…
الام : يا ويلي …من اين جاء السم لهذا الهواء…لم اسمع من قبل ان هواء يتسمم..
الاب : وهل انت اكثر فهما من الطبيب …الم تسمعوا صرخته اتجاهنا…الهواء متسمم!!
الجار: الم تلاحظي ابنك المغمي عليه …!
الام : ساحاول ان اوفر له الاسعافات الاولية ….
الاب: هل تفهمين بهذه الامور..
الام : انسيت اني خريجة اعدادية التمريض..(تكمل) وانت بالله عليك الا تخبرنا ما الذي يجري هنا..الست مختصاً بالبيئة والتلوث
الاب : غادرت التخصص منذ خمسة عشر عاما …انا الان تاجر يا امراة (يبدو وانه يقلب في صفحات كتاب)
الام : يا برودة اعصابك يا رجل..ابنك يموت وانت تقرأ؟ (الاب يتجاهلها)
الابن : ما الذي تقرأه يا ابي
الاب : كتاب يتعلق بالتلوث والبيئة وعلاقتهما بالحساسية ؟
الجار : هل انت تقصد …..
الاب : ربما حملة قطع الاشجار يوم امس وتطايرها مع الهواء هي من سببت كل هذا التسمم يا جاري..
الابن : كيف؟
الاب : ان بعض النباتات ومنها المعروف باسم التين المدد وكذلك زهرة الربيع عندما تتفتح أزهارها فإنها تسبب الحساسية عند قطفها أو شمها، وكذلك اللبلاب، البلوط، السنديان تسبب الحساسية بفعل مادة كيميائية تسبب الحكة واحمرار على الجلد وقد تمتد أعراض الحساسية في تلك الحالة من ( 12 الى  48 ) ساعة من ملامسة النبات.
الجار : ويلي …..!
 الاب : وكذلك العفن الذي يتشكل على أوراق النباتات أو في التربة يؤدي إلى ظهور جراثيم عفنة في الهواء وإذا كانت لدى الشخص حساسية من العفن، فإن استنشاق هذه الجراثيم يمكن أن يؤدي إلى صعوبة في التنفس والسعال وتهيج في العين والفم. لذا ينصح هذا الكتاب بوضع النباتات في مناطق جيدة للتهوية.
الام : اتقصد تلك الازهار المتجمعة في غرفة ابني…
الابن : غرفته صغيرة ونصفها ازهار …حتى انه لا يفتح النوافذ ابدا يا ابي…
الام : ابني يتورم ….وجهه احمر…فمه متخشب تماما…يا حسرتي على ابني…
الاب: لا تخافي ساجد العلاج (يقرا بالكتاب بصوت مرتفع وعيونه داخل الكتاب) -يَحدث التسمم بأول أكسيد الكربون عندما يَتراكم أول أكسيد الكربون في مجرى الدم. عند وجود كميات كبيرة من أول أكسيد الكربون في الهواء، يَستبدل جسمك الأوكسجين الموجود في خلايا الدم الحمراء بأول أكسيد الكربون. يُؤدي ذلك إلى تلف خطير بالأنسجة، أو حتى الموت.(**)
الجار: الموت ( بتعجب)
الاب: (يكمل)-أول أكسيد الكربون هو غاز ليس له لون ولا رائحة ولا طعم يَتصاعد عند حرق البنزين، أو الخشب، أو الفحم أو غيرها من الوقود. وقد تَسمح الأجهزة والمحركات ذات التهوية غير السليمة، ولا سيما في الأماكن المغلقة بإحكام، بتراكم أول أكسيد الكربون إلى مستويات خطيرة.
الام: (تهجم على الاب) ما الذي يقوله هذا المؤلف الاحمق (تاخذ الكتاب وترميه بالارض.. تكمل) دعك من هذا الهراء وجد حلا..
الجار: ليس هراءاً …انه العلم..
الام : اريد استعادة ابني…جدوا حلاً..
الجار: (للاب)-هل تعلم يا جاري اني سمعت ذلك الطبيب غريب الاطوار …جارنا الطبيب هل نسيته…سمعته ذات مرة يقول بانه العالم مؤخرا شهد ازدياد نسبة السموم في الهواء، فنحن بأيدينا ندفع المبالغ الطائلة لنرش الهواء بالسموم (لتفت يمينا وشمالا وكأنه خائف من شيء ما ويكمل) يقصد اننا نلوث الهواء بالبرفانات ومعطرات الجو ومعطرات السيارات والمنازل والبخور والعطور بجميع أنواعها ودرجاتها وأشكالها وماركاتها محلية ومستوردة الرخيص منها والباهظ الثمن….حتى باهظة الثمن…!
الام : كفاكم من هذا الهراء…واسعفوا ابني …
الابن: البخاخ يا ابي ….
الجار: وكيف نصل لمنازلنا للحصول على البخاخ يا ذكي!!
الابن : هذا المنزل قريب على الحافلة….
الاب : انت احمق ومن يتجرأ ان يخرج من الحافلة بهذا الجو المخيف!
الابن: انا…
الام : قف عندك ..لا تخرج من الحافلة…
الابن: ولكنه اخي..ساخرج دون ان يصيبني اذى..تاكدوا من ذلك..ساذهب دون ان استنشق أي هواء..سامنع الهواء من الوصول لانفي (يكمل) عن اذنكم لن اقف مكتوف الايدي واخي يموت …
*** المشهـــد الثالــــث ***
((الطفل في منزل شبه مهجور))
الطفل: هلو…هل من احد في هذا المنزل …؟ انتم يا سكنة المنزل اين انتم؟ اني احتاج للمساعدة…
((عاصفة تراب خفيفة تظهر خلفها امراة ترتدي البياض))
المراة : انت يا ولد ما الذي تريده في هذا الجو الخانق …
الطفل: (بخوف) اننننا انننا
المراة : من الذي جاء بك الى منزلي…
الطفل : اخخخ…اخيي… اخيي ( بتلكؤ وخوف)
المراة : تحدث لا تخف …
الطفل : اخي اصيب بتسمم من الهواء…الهواء متسمم ايتها السيدة …
المراة : (تضحك بهدوء وتكمل)ومن قال لك ذلك .؟
الابن : الدكتور…
المراة : واين هو الان…
الطفل: (يفكر) ها …لا اعرف ولكن كل عائلتي محجوزة بتلك الحافلة الكبيرة …
المراة : اين ؟
الطفل: تلك بجوارك…..منزلك الاقرب على الحافلة لذلك قصدتك (يكمل) احتاج البخاخ لاسعاف اخي…
المراة : ولماذا ؟
الطفل : لانه تسمم من الهواء يا سيدة …
المراة : (تضحك مرة اخرى وتكمل) هل صدقت ان الهواء متسمم..هل صدقت ذلك الدكتور المجنون؟
الطفل: مجنون!!!
المراة : نعم وترك مهنة الطب منذ خمسة عشر عاما ، منذ ان ماتت طفلته بعملية جراحية كان يجريها هو…
الطفل : ماذا؟؟!
المراة : لو كان الهواء متسمما لماذا لم يدخل معكم الحافلة ؟
الطفل : ها….! (يكمل) طيب لماذا اخي مغمي عليه يا سيدة ..
المراة : انه (مانغلستو) ( وتقدم له قارورة عطر)     
الطفل : ماذا …مانغلستو ؟
المراة : عطري الذي استخدمه في اول الربيع فقط ….ويبدو ان اخيك مصاب بحساسية منه..!
((ياخذ الطفل العطر ويسرع ليثبت لوالديه ان اخيه يعاني من حساسية العطر))
*** المشهـــد الرابــــع ***
 ((يعود الطفل للحافلة))
الابن:ابي …ابي…الهواء لم يكن متسمماً…
الاب : ماذا تقول …؟
الابن : صدقني ان اخي ربما يعاني من حساسية اتجاه العطور …
الاب: العطور …انت تهذي …
الابن : صدقني ابي ان الحساسية من العطور هي رد فعل معاكس تجاه مواد كيميائية في العطور.
الاب: او …
الام : ام ماذا ؟
الاب: (للجار) هل سمعت بحساسية الربيع ..؟
الجار : نعم…نعم … ذلك الطبيب تحدث لي مرة عن ذلك
الام : وماذا قال لك …
(الجار يحاول التذكر…)
الاب : ها ماذا قال لك
الجار: نعم نعم تذكرت قال لي ان حساسيّة الرّبيع ناتجة عن حبوب اللقاح  تحدث عندما تكون المادة المحفّزة للتفاعل المناعيّ هي حبوب اللّقاح المنتشرة في الهواء؛ حيث تنتجها الأشجار والأعشاب المختلفة في فصل الربيع لعمليّة التلقيح.
الابن : ابي ان اخي مصاب بحساسية العطور صدقني….
الاب : كيف عرفت ذلك …
الابن : مانغلستو يا ابي…(ويريه قارورة العطر)
الاب : مانغلستو…ماذا ؟
الابن: العطر الذي تستخدمه تلك السيدة بداية كل ربيع…
الجار: ( يقاطعهم.. بطريقة علمية) تظهر أعراض حساسية العطور واضحة جداً على الجهاز التنفسي يا جاري  ، ويعاني الشخص أثناء السعال من ضيق التنفس أيضاً والصداع ، وكل هذه الاعراض تكون نتيجة تحسس الجهاز التنفسي من العطور مما يجعل الجهاز المناعي يتخذ رد فعل لحماية الجسم من الضرر الذي يهدده ، لذلك فمرض مثل هذا لا يجب أن تتم الاستهانة به على الإطلاق….على الاطلاق..
الاب : وانت من اين تعلمت كل هذا الست فلاحاً بسيطاً…؟
الجار: (بفخر) صح انا فلاح ولكني تعلمت كل هذا من جارنا الطبيب …ولكن تعالوا …نحن نرتكب خطأ كبير …
الام : كيف
الجار: ابنكم يقول ان جلب مانغلستو من دار قريب على الحافلة، وان السيدة تلك تستخدم هذا العطر كما اننا نحتجز ابنكم المصاب بحافلة محكمة النوافذ..مع ان الطبيب كان يقول لي ان من يشعر بهذه الأعراض يجب عليه الإبتعاد عن العطور تمامآ، ومغادرة المكان الموجود به الرائحة ، والوقوف في مكان به تهوية جيدة…وهذا المكان خانق يا جاري…!
الام : فعلا اننا نقتل ابننا بايدينا..
الجار : جهل مطبق…(بصوت خافت)
الاب: انت يا ولد …من اين جئت بهذه القارورة …اعدها لهم ..
الابن: (يؤشر للاب) انها من تلك السيدة التي تسكن هذا البيت المهجور ذا اللون الاصفر…
(يرتعب الجميع ويصرخون): البيت المهجور..
الاب: انه مهجور منذ خمسة عشر عاما ، ولا يسكنه احد ، سوى الاشباح…
الابن : اشباح ….كلمتني سيدة هناك…وقالت ان مانغلستو هي السبب يا ابي…
الجار: يا ويلي لنعد للحافلة …الهواء متسمم قالها الطبيب…لما لا تصدقوا ما قاله ذلك الطبيب…!
الابن: ولماذا لم يدخل الطبيب منذ البداية للحافلة او لمنزله.. ربما قصد امور اخرى يا ابي او لم نستمع لكلماته بصورة جيدة…او ربما ..
الاب : ربما ماذا…
الابن : ربما هذا الطبيب مجنون يا ابي…(في الاثناء يصحى)
الام : ابني …استيقظ ابني …(يهرع الجميع له)
الاب : ابني ما الذي حصل…
الابن المريض : مانغلستو ….
(ظـــــــــــــلام)
*** المشهـــد الخامــــــس ***
الاب: (يتفحص اولاده الاثنين نائمين في فراشهم) اللعنة كل هذا حلم ….لا يوجد شيء اسمه مانغلستو …لا عطر ولا امر اخر…ولا يوجد اشباح في المنزل المجاور….ولا املك سوى جار ثرثار ، انام يوميا على حكاياته الاسطورية التي تشبه حكايات جدتي رحمها الله (يكمل)ساعود لنومي…يبدو اني كنت مرهقا ، لارى كل هذا الحلم المتعب…الحمد لله كان حلماً وحسب (يهم بالنوم…سماع طرقات باب في الظلام)من هذا الذي يطرق بابي منتصف الليل…
صوت امراة  من خلف الباب : انا جارتك…جئت استرجع عطري (مانغلستو))
الاب : ويلي …مانغلستو مرة اخرى ..سانام ولن اصدق شيئا بعد الان..لا شيء اسمه مانغلستو…لا شيء (يضع الوسادة على راسه لينام)
(تستمر طرقات الباب شيئا فشيئا يتلاشى صوتها) (ظلام تام وتسدل الستارة)
الجمعة 30 / 8 / 2019
هوامش ايضاحية :
(*) لا شيء اسمه مانغلستو، كل احداث هذه المسرحية بدءاً من عنوانها عبارة عن حلم منام لمؤلف النص.
(**) افاد المؤلف من بعض المعلومات العلمية التي تتعلق بالحساسية اتجاه النباتات والعطور.
-المسرحية متاحة للجميع لإخراجها (وتصلح لتقديمها لمسرح الطفل من عمر 12 عاماً) ولا يجوز اخراجها الا بعد العودة للمؤلف (hedar_alasde87@yahoo.com)
 
 
 
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت