نص مسرحي: " الهاتف الأحمر" / تأليف: كريم الفحل الشرقاوي
الحائز على جائزة أحسن نص في المهرجان الدولي للمسرح الإحترافي بفاس
أعضاء العائلة الأمريكية
المساعد الإجتماعي : رجل كهل أشعث. يدير مكتبا مختصا في الرد على الأشخاص المقبلين على الإنتحار . الجد المجند: جندي أمريكي مسن متقاعد. فقد ذاكرته أثناء أسره في حرب الفيتنام. يقيم ببيت العائلة مع ابنه المساعد الإجتماعي .
نجمة الإغراء : ممثلة هوليودية صاعدة تصاب بتشوهات في وجهها بعد إصابتها بشظية أثناء تصويرها لفيلمها الأخير بالقرب من جبال ” تورابورا” بأفغانستان. تعود محطمة نفسيا لبيت العائلة حيث يقيم زوجها المساعد الاجتماعي .
الحفيد المجند: الإبن الوحيد للمساعد الإجتماعي . مجند في سجن أبو غريب بالعراق. يعود بدوره منهارا إلى بيت العائلة مكوما على كرسي متحرك بعد أن فقد إحدى رجليه بفعل انفجار لغم منسي .
عالمة الحشرات: باحثة مختبرية في علم الحشرات مختصة في حشرة ” القلاس” ( بضم القاف و تشديد اللام ) تدير مختبرا مجاورا لبيت عشيقها المساعد الاجتماعي .
ثلاث جنود: مندمجون كالأصنام داخل ثلاث أفيشات سينمائية هوليودية عن الحرب لا يمكن تمييزهم عن صورة الأفيش.
الإهداء … إلى صديقي … المواطن الأمريكي …
الغارة الأولى
(على خلفية طبول الحرب التي ينبعث صداها البعيد من العمق القصي المقعر . تنبلج الإضاءة كاشفة عن حجرة فسيحة تزين جدرانها ثلاث أفيشات ضخمة لأفلام سينمائية هوليودية عن الحرب . يندمج داخل كل أفيش رجل عسكري كالصنم يحمل سلاحا بحيث لا يمكن تمييزه عن صورة الأفيش . في الركن الأيسر من الركح يجثم كونطوار أنيق . تنتصب أمامه خيمة عسكرية صغيرة للنوم تتسع لفرد واحد يجلس أمامها على كرسي قصير بدون مسند رجل مسن . قصير القامة . ضامر البنية يرتدي قبعة و بذلة عسكرية لمشاة البحرية الأمريكية ويحتضن بندقية خشبية كطفل أبله . بينما يجلس في الجهة اليسرى خلف مكتب نصف دائري رجل كهل أشعث يثرثر بدون انقطاع في سماعات الهواتف المتعددة التي تزدحم أمامه …) تتلاشى تدريجيا خلفية طبول الحرب المقعرة .
المساعد الاجتماعي: (يزعق) ألو… ألو… (يبعد السماعة عن أذنه) المعتوه.. بصق في وجهي وانتحر (يسجل الحالة في الحاسوب يرن الهاتف من جديد فيرفع السماعة) ألو.. هنا المكتب المختص في الرد على الحالات المقبلة على الانتحار (ينصت) أوكي.. أنت الآن على حافة أعلى جسر في العالم… وستلقي بنفسك في النهر الكبير (يدون في الحاسوب وهو يتحدث) هل تعرف السباحة؟ أوكي لا تعرف.. هل ستقفز بثيابك أم بالمايوه أم بدون ؟.. لا تغضب.. نعم أنت محق.. أنا سافل و حقير وابن عاهرة.. ولكن اسمعني يا صديقي (بخشوع وشاعرية مفتعلة) قبل أن تقدم نفسك قربانا لمقصلة الموت.. أترك لنا كلماتك الأخيرة.. كلمات تضئ بها عتمة هذا العالم المتهالك.. اترك لنا بقاياك.. وصاياك… عشقك الأبدي للغياب.. هيا يا صديقي.. أترك الحروف الثائرة تنساب من ثقوب ذاكرتك كالطوفان.. كالإعصار.. ك. (يبعد السماعة عن أذنه ثم يضعها في اشمئزاز) هذه المرة لم يبصق في وجهي (يدون في الحاسوب) ألقى بنفسه من الجسر الشاهق الى النهر بعد أن أسمعني شرشرة تبوله في السماعة (يرن الهاتف من جديد يرفع السماعة ثم سرعان ما يبعدها ليشرع في تنظيفها بورق الكلينكس) ألو.. هنا المكتب المختص في الرد على الحالات (يرن هاتف ثان يرفع السماعة ويلصقها بالأذن الثانية وهو يتم جملته) المقبلة على الانتحار (يرد على السماعة الاولى) أوكي.. أضرمت النار في سرير زوجك الخائن و هو نائم في حضن خليلته الشقراء و تصرين على الإنتحار شنقا.. (يعود إلى السماعة الثانية) وأنت سيدتي؟.. أوكي.. تعتزمين ابتلاع سم الفئران لأنك لم تجدي حلا لأرطال اللحم والشحم المتدلية من صدرك و بطنك ومؤخرتك الفظيعة (يرن هاتف جديد يضع السماعة الاولى ويرفع الثالثة) ألو… هنا المكتب المختص…(يدون في الحاسوب) أوكي.. تصوب الآن فوهة مسدسك إلى حلقك لأن شركاتك أفلست كلها ..(يرن هاتف آخر يضع السماعة الثالثة ويرفع الرابعة) هنا المكتب المختص في الرد على الحالات ..(يستمع) أوكي.. ستقذف بنفسك من الطابق التاسع والخمسون لأنك مصاب بالحجز الجنسي..(يرن هاتف جديد فيضع السماعات الخمس بمحاذاة المانيوتوفون ثم يضغط على الزر لينبعث صوته الشاعري) قبل أن تقدموا أنفسكم قرابين لمقصلة الموت.. اتركوا لنا كلماتكم الأخيرة.. كلمات تضيؤون بها عتمة هذا العالم المتهالك.. اتركوا لنا بقاياكم وصاياكم..عشقكم الأبدي للغياب.. هيا يا أصدقائي دعوا الحروف الثائرة تنساب من ثقوب ذاكرتكم كالطوفان.. كالإعصار.. ك (يرن هاتف فيلتقط السماعة بسرعة بعد أن أغلق المانيوتوفون) مرحبا سيدي المدير (ينصت) طبعا التقرير الشهري أمامي .
الجد المجند:(جالس عل كرسي قصير بباب خيمته العسكرية الفردية وهو يحتضن بندقية خشبية. يخرج من جيب سترته العسكرية هاتفا لاسلكيا بلاستيكيا للأطفال ويشرع في الحديث من خلاله) لقد سبق و أن أخبرتكم في اللاسلكي بكل شيء.. أكرر.. بكل شيء..
المساعد الاجتماعي:(في الهاتف) صحيح سيدي.. لقد ارتفعت نسبة الإنتحار بين سكان ولاية نيويورك خلال شهر أبريل بشكل مقرف .
الجد المجند:(يصرخ عبر الهاتف اللاسلكي الخاص بالأطفال) إن موقفنا في الجبهة دقيق … أكرر… دقيق …
المساعد الاجتماعي: (يرمق الرجل المسن بنظرات حادة) شوت.. (ثم للهاتف)عفوا سيدي.. لست أنت المقصود.. حاضر سيدي المدير (يعبث في أوراق التقرير بارتباك وقلق ) .
الجد المجند: إن موقفنا في الجبهة ليس دقيقا فقط … وإنما حرج للغاية … أكرر … حرج للغاية ..
المساعد الاجتماعي: (يضع سبابته على فمه مطالبا الجندي المسن بالسكوت ثم يتم حديثه في الهاتف) نسبة الذين تراجعوا عن فكرة الانتحار بتدخل هاتفي من مكتبنا بلغت واحد في المائة (ينصت بقلق) … طبعا … أوافقك سيدي بأنها نسبة ضعيفة جدا … ولكن (ينصت بتوتر) .
الجد المجند: ( ينهض وينبطح على الأرض ثم يزحف على بطنه مستعينا ببندقيته الخشبية ).
المساعد الاجتماعي: (في الهاتف) أنت على حق سيدي (يحول السماعة بتوتر الى أذنه الثانية وهو ينحني بجسده ليراقب زحف الجندي المسن) إني أقوم بكل ما في وسعي لكي أقنعهم.. ولكنها حالات مستعصية.. حالات ميؤوس منها سيدي المدير …
الجد المجند:(وهو يزحف) خذوا حذركم أيها الرفاق.. كتيبة من مشاة العدو تخترق الحزام الشمالي للجبهة (يتحول زاحفا نحو اليسار) لقد انطلق الزحف نحو الجحيم أيها الرفاق …
المساعد الاجتماعي: (يقف مرتبكا والسماعة ملتصقة بأذنه) عفوا سيدي المدير هناك حالة استنفار.. أقصد هناك حالة عاجلة مرشحة للانتحار.. أنا مضطر لإغلاق الخط .( يضع السماعة ويتجه نحو الرجل المسن مسرعا ) .
الجد المجند:(يوجه نحوه البندقية الخشبية) مكانك أيها الخنزير البري … ضع يديك فوق رأسك … وإلا حولت جسدك الى قنوات للصرف الصحي .
المساعد الاجتماعي: (يحاول الاقتراب منه ).
الجد المجند: قف مكانك.. وإلا أفرغت بندقيتي في قفاك.. أكرر في قفاك.. هيا استدر كي أميز قفاك عن بطيختك المغروسة بين كتفيك .
المساعد الاجتماعي : (يرن الهاتف فيهرع إليه) ألو هنا المكتب المختص في الرد على الحالات المرشحة للإنتحار .
الجد المجند: (يصرخ بأعلى صوته) أيها الجنود الأشاوس..اخترقوا أحزمة العدو.. هيا يا رفاق السلاح.. يا مشاة البحرية العظام.. تقدموا (يلقي بقنابل يدوية وهمية بعد انتزاع فتيلتها بأسنانه) هيا يا رفاق السلاح تقدموا (فجأة ينزلق طاقم أسنانه الاصطناعي من فمه فيلتقطه ويرجم به المساعد الاجتماعي ثم يزحف نحو المكتب) أكرر تقدموا ….
المساعد الاجتماعي: (ينحني برأسه حتى لا يصيبه طاقم الأسنان الإصطناعي ثم يضع السماعة ويهرع نحو الجندي المسن ليسحله بالقوة من تحت المكتب ) .
الجد المجند: اتركني أيها الفيتنامي النتن ( يتمطط كالأطفال ) سأدمركم جميعا … أكرر… سأدمركم جميعا …
المساعد الاجتماعي: (يعمد إلى إجلاس الجندي المسن فوق الكرسي القصير بالقوة) إجلس في مكانك.. هذا أمر عسكري .
الجد المجند:(يستكين فجأة وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامة بلهاء) أمر عسكري؟؟؟(يقدم التحية العسكرية) أوامرك سيدي … أكرر أوامرك سيدي ( يسترخي في جلسته وقد ازدادت ابتسامته البلهاء اتساعا ) .
المساعد الاجتماعي : آخ.. لولا حاجتي الماسة لتلك الدولارات لأعدتك لتلك العيادة الجهنمية ليشحنوا جثتك بالصعقات الكهربائية (يصرخ في أذنه) أكرر يا أبي.. ليشحنوا جثتك بالصعقات الكهربائية (يسحب مذكرة صغيرة من جيبه ويدون فيها بتوتر) عاودته حالة الهذيان القهري لتعود به ذاكرته المعطوبة إلى حقبة انخراطه في حرب الفيتنام وهي حالة نفسية تواردية غالبا ما تتكرر لديه (يعيد المفكرة الصغيرة الى جيبه وهو ينظر في ساعة يده) الآن يمكنني أن ألتقط بعض أنفاسي (يرن أحد الهواتف فيتردد فترة ثم يلتقط السماعة بامتعاض) ألو.. هنا المكتب المختص ( يقاطعه صوت المجند الحفيد ) .
صوت المجند الحفيد: (نسمع صوته من خلال الهاتف) أعرف … المختص في الرد على الحالات المرشحة للانتحار.
المساعد الاجتماعي: هذا سيسهل علينا المهمة .
صوت المجند الحفيد: المهمة التي نريدك منك تسهيلها هي إسعافنا بأنجع السبل المؤدية للإنتحار مع استعمال الوسائل الأكثر ابتكارا و إثارة .
المساعد الاجتماعي: أعتقد يا سيدي … بأن مهمة مكتبنا هي عكس ما تطلب .
صوت المجند الحفيد: أكون واضحا معك و سأعترف لك بأننا نفكر في فتح مكتب خاص لمساعدة الأشخاص الذين اختاروا مغادرة هذا العالم بأقل الخسائر الممكنة .
المساعد الاجتماعي : هل أفهم من كلامك بأن مكتبكم المأمول سيشجع الناس على الانتحار؟.
صوت المجند الحفيد: كلا طبعا.. نحن فقط سنسعفهم بالوصفات الرحيمة التي ستساعدهم على الإنتقال بسلاسة إلى العالم الآخر … يا … ابي …
المساعد الاجتماعي : (بذهول ) أنت ؟؟؟ لقد تغير صوتك كثيرا .
صوت المجند الحفيد: كل شيء في حياتي انعرج نحو منحدر جحيمي لا قرار له .
المساعد الاجتماعي : أرجوك يا بني.. أطرد هذه الأفكار الجحيمية من رأسك.. أتوسل إليك يا بني.. تخلص من هذه الفكرة الشيطانية المجنونة.. إنها فكرة جبانة.. ملعونة.. حاول أن تطردها.. أن تكنسها.. أن تجتثها من مخيلتك اجتثاثا.. و اعلم بأننا نحبك وننتظر عودتك لبيت العائلة كواحد من أبطال الحرب العظام .
الجد المجند: (يصرخ فجأة) يا أبطال الحرب العظام … إزحفوا نحو الأمام …
صوت المجند الحفيد: أنا لست بطلا يا أبي.. أنا مجند في سجن أبو غريب الرهيب.. أنا جلاد قذر في أفظع مسلخة للحوم البشر( يغلق المكالمة ) .
المساعد الاجتماعي: آلو.. آلو.. أرجوك أجبني يا بني (يرن هاتف من مكتبه ثم ثان و ثالث و رابع و خامس… تتوالى رنات الهواتف.. يرمقها بتشنج ثم يصرخ بعنف) إلى الجحيم أيها الأغبياء (يغادر) .
الجد المجند: (يخرج من خيمته زاعقا وهو يوجه بندقيته الخشبية نحو الهواتف) إلى الجحيم أيها الاغبياء.. أكرر.. إلى الجحيم أيها الأغبياء (على إيقاعات طبول الحرب تنسل صور شخوص أبطال الأفلام السينمائية الهوليودية من الأفيشات الضخمة و تلتحق بالجندي المسن لتسانده بأسلحتها في معاركه وحروبه الوهمية … تكتسح المكان أبخرة الدخان … ترتفع في الظلام إيقاعات طبول الحرب … ) .
إظ…………..لام
الغارة الثانية
(تدلف امرأة بدينة جدا. تعمل كباحثة مختصة في علم الحشرات بالمختبر المحاذي لبيت ومكتب المساعد الاجتماعي . تتجه مباشرة نحو المساعد الاجتماعي الجالس أمام الهواتف المتعددة ).
عالمة الحشرات: جئت لزيارة جاري الوسيم اللذيذ الذي قضيت معه أول أمس ليلة صاخبة ولا أعرف عنه سوى أنه مساعد اجتماعي .
المساعد الاجتماعي: ( مرتبكا ) أنت ؟؟ ( يقف وهو يلتفت يمينا وشمالا ) .
عالمة الحشرات :طبعا أنا … وهل كنت تنتظر باحثة في الحشرات غيري ؟
المساعد الاجتماعي: تقصدين تحالف هيئات الباحثين والباحثات في الحشرات بالجملة (مشيرا بيديه إلى ضخامة جسمها).
عالمة الحشرات :هل تتحرش بي أيها الشهي اللذيذ … ( تعتصر خديه بكفيها ) .
المساعد الاجتماعي : كأنك تتحدثين عن وجبة تشيز بورغر التي تستطعمينها دائما .
عالمة الحشرات: أقسم بأنني عندما أراك أحس بنفس مذاق جبنة البورغر المنصهرة باللحم المفروم حين أطحنها طحنا تحت أضراسي .
المساعد الاجتماعي : شكرا يا عزيزتي … أنا أقدر مضغك لي بشهيتك الخارقة .
عالمة الحشرات :(تقهقه قهقهتها الصاخبة المتبوعة بشخيرها) كيف لرجل مثلك … يتلقى عشرات المكالمات يوميا من المنتحرين ومازال يملك روح الدعابة .
المساعد الاجتماعي: وكيف لامرأة مثلك.. تعيش يوميا بين الديدان والدبابير والحشرات المقززة.. ولها شهية وحيد القرن .
عالمة الحشرات :يجب أن تعلم أيها المساعد الاجتماعي بأن دودة الأرض التي تتقزز منها تقلب كل سنة ما بين تسعة و ستة عشر طنا من التربة مما يساعد على نمو الأعشاب.. أما الدبابير التي تخشى لسعاتها فمنها تعلم البشر صناعة الورق الذي نكتب عليه ..أما البزاقة فقد تعلمنا منها …
المساعد الاجتماعي: (مقاطعا) كفى من ديدانك و دبابيرك و بزاقاتك.. أيتها البزاقة المتوحشة المفترسة (يلكزها وهو يغمز و يضحك ) .
عالمة الحشرات : (تقهقه بصوت صاعق وهي ترسل شخيرا مسموعا) لماذا لا نذهب يا دبوري الشهي اللذيذ إلى غرفتي الخاصة بالمختبر لألعقك لعقا و أمضغك مضغا و أفترسك افتراسا تاريخيا كما فعلنا في تلك الليلة التي لا تتكرر ( تحضنه بقوة ) .
المساعد الاجتماعي: (يتخلص منها) طبعا لا و لن تتكرر لأني تعرضت خلالها لاغتصاب شرس.
عالمة الحشرات: لقد كان اغتصابا لذيذا وشهيا و دسما.. ثم أنا يا عزيزي لم أفعل بك سوى ما تفعله عادة حشرة القلاس بذكرها .
المساعد الاجتماعي: وماذا تفعل حشرة القلاس ببعلها السيد أبو القلاليس؟
عالمة الحشرات: تعاشره بشراسة و ضراوة ثم تلتهمه حيا قطعة .. قطعة .. (ترتمي عليه وتقبله بعنف) .
المساعد الاجتماعي: (يتخلص منها وهو يتحاشاها) يا إلهي … تعاشره ثم تتعشى به ؟؟؟.
عالمة الحشرات :(تقهقه وهي ترسل شخيرها الصاخب) هي انثى غيورة جدا … تلتهم زوجها التهاما حتى لا تبقي منه فرتوتة لأنثى أخرى (تقهقه قهقهتها المجلجلة ثم سرعان ما تنحبس في حلقها عندما تلاحظ انتقال الخيمة العسكرية من مكانها) كأني بهذه الخيمة قد إنتقلت من مكانها !!!؟
المساعد الاجتماعي: (مرتبكا) لا شيء يتحرك .. مجرد تهيئات (ثم مستدركا) لقاؤنا العابر في تلك الليلة الصاخبة لم يسمح لي باستفسارك عن سر اهتمامك بهذه الحشرة السفاحة الذباحة ؟.
عالمة الحشرات: (تتحدث بلذة) حشرة القلاس.. أيها الشهي اللذيذ.. حشرة غير عادية.. تعيش سبعة عشر عاما تحت الأرض في حالة نشوء وتطور فيزيولوجي بطئ وبعد اكتمال نموها تدفعها غريزتها الطافحة للخروج والعيش خمسة أسابيع على أملود الشجر لتسعد بأشعة الشمس الدافئة قبل أن تموت بعدها مباشرة .
المساعد الاجتماعي: ماذا؟ تقضي سبعة عشر عاما في النمو من أجل أن تعيش خمسة أسابيع فقط؟ أية حشرة معتوهة هاته؟
عالمة الحشرات:ما يهمنا من حشرة القلاس أيها اللذيذ.. هي الخمسة أسابيع هاته.. حيث يقتصر غذاؤها على امتصاص ثاني أوكسيد الكربون .
المساعد الاجتماعي:آه .. فهمت فأنتم تهتمون بهذه الحشرة المغفلة البلهاء … من أجل مشكل تلوث الأرض .
عالمة الحشرات: (تعبث بوجنتيه) تماما .. أيها النبيه (تنتقل الخيمة العسكرية من مكانها من جديد فتصاب الباحثة بالقلق و الحيرة) أنا متأكدة بأن الخيمة كانت هناك عندما دخلت إلى بيتك !!!
المساعد الاجتماعي: (يتغاضى عن سؤالها)ما أعرفه يا ضخمتي هو أننا اخترعنا المبيدات لأجل تطهير الجو من الحشرات … لا استعمال الحشرات لتطهير الجو .
عالمة الحشرات :إن حشرة القلاس هي أملنا الوحيد للتخفيف من ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون المتسبب الرئيسي في ظاهرة الاحتباس الحراري التي تهدد كوكبنا الأزرق .
المساعد الاجتماعي: كل هذا أعرفه … لكن مالا أعرفه هو كيف سيتأتى لهذه الحشرة الضئيلة أن تلتهم هذا الكم الهائل من ثاني أكسيد الكربون ؟
عالمة الحشرات: بتضخيم حجمها أيها النبيه .
المساعد الاجتماعي: ( يهرش رأسه ) تضخيم حجمها ؟؟؟ كيف ؟؟
عالمة الحشرات: بتطعيم خلاياها خلال مرحلة كمونها لكي يوازي حجمها حجم الإنسان .
المساعد الاجتماعي :إذن أنتم تريدون حشرة قلاس عملاقة لأجل أن تلتهم أكبر كمية من ثاني أكسيد الكربون .
عالمة الحشرات : تماما أيها النبيه ( تخرج من جيب بزتها البيضاء عينات من حشرة القلاس في أنبوب زجاجي ).
المساعد الاجتماعي: (يتأمل الحشرة من خلال الأنبوب الزجاجي) إذا ما نجح مختبركم في تضخيم حجمها سيكون مظهرها مخيفا وبشعا .
عالمة الحشرات: قال لنا مدير مركز الأبحاث الإستراتيجية التابع للبانتاغون بأن حشرة القلاس ستلعب نفس الدور الذي تلعبه الدبابة الأمريكية في العراق.. فالأولى ستطهر العالم من ثاني أكسيد الكاربون و الثانية ستطهر العالم من ثاني أكسيد الديكتاتوريات (تظهر فوهة البندقية من ثقب في الخيمة و يسمع صوت الجد المجند مقلدا صوت الرصاص. تنتفض الباحثة من الفزع وترتمي في حضن الباحث الاجتماعي فيسقط هذا الأخير أرضا من ثقل حجم البدينة و تسقط هي فوقه)
الجد المجند:(يطل راس الجد المجند من جيب الخيمة العسكرية الصغيرة و هو يصوب بندقيته في اتجاههما) ماذا تفعلين فوقه أيتها الدبابة البشرية الفاجرة ؟
عالمة الحشرات: ( تصرخ من الفزع ) .
المساعد الاجتماعي: (ينطق بصعوبة تحت ثقل جثة الباحثة البدينة) عد إلى خيمتك أيها المعتوه .. هذا أمر عسكري (الجد المجند يختفي داخل خيمته ) لا تخشي شيئا .. إنه طفل كبير .. يلعب لعبة الحرب ببندقيته الخشبية .
عالمة الحشرات: كاد قلبي أن يتوقف .
المساعد الاجتماعي: قلبي هو الذي سيتوقف إن لم تتزحزحي عني (يساعد البدينة على النهوض بعد أن تنزاح عنه) إنه الرجل الذي حدثتك عنه .
عالمة الحشرات: تقصد المجند السابق في الفيتنام الذي تخضعه لأبحاث نفسية ميدانية .
المساعد الاجتماعي:كما ترين .. الخيمة و البذلة العسكرية والبندقية جزء من إكسسوارات البحث الميداني .
عالمة الحشرات: لكل مختبره يا عزيزي .. أنا لدي مختبر عن الحشرات .. و أنت لديك مختبر عن ضحايا الحرب .
المساعد الاجتماعي: ذكرتيني بالحرب … وبجنودنا بالعراق .
عالمة الحشرات: وما شأنك أنت بالعراق ؟
المساعد الاجتماعي: ابني الوحيد مجند هناك …
عالمة الحشرات: أنا آسفة ( تستدرك) وهل تصلك أخباره ؟
المساعد الاجتماعي: حالته النفسية سيئة جدا ..
عالمة الحشرات: شيء مؤسف .
المساعد الاجتماعي:المؤسف حقا أن إبني ليس جنديا في ساحة الحرب .. إنما جنديا في ساحة التعذيب بسجن أبو غريب .
عالمة الحشرات: يا إلهي .. أتقصد ذلك السجن الرهيب الذي انتشرت روائح مجازره وفضائحه في كل وسائل الاعلام !
المساعد الاجتماعي:(يهز رأسه بحسرة) مايراه هناك يوميا من بشاعة و تعذيب وحشي خلق لديه حالة اكتئاب مزمنة.. لدرجة أنه صار يفكر في الإنتحار للهروب من ذلك المستنقع الجحيمي .
عالمة الحشرات: كم اكره هذه الحرب البليدة .
المساعد الاجتماعي:
(يهرع الى الهاتف الخاص الذي يرن) أوكي سيدي المدير.. سأستقل سيارتي حالا (ثم لعالمة الحشرات) علي ان ألتحق فورا بمقر اجتماع مندوبي المكاتب المختصة بالحالات المرشحة للانتحار … عذرا أنا مضطر للمغادرة ..
عالمة الحشرات : و انا أيضا سأعود لحشراتي.. إلى اللقاء عزيزي (تخرج و هي ترسل له قبلة في الهواء).
المساعد الاجتماعي: ( يرسل لها هو أيضا قبلة في الهواء ثم يحمل ملفه الضخم ويغادر المكان بسرعة ).
الجد المجند:(يخرج من خيمته وهو يعزف بفمه على الهرمونيكا معزوفة شهيرة لدى المجندين. ينخرط أبطال أفلام الحرب داخل الأفيشات الهوليودية في ترديد الأغنية معه التي سرعان ما يتصاعد و يتسارع إيقاعها فيلتحقون بالمجند المسن و يتحول الفضاء إلى حلبة للرقص الجماعي الصاخب و المثير … تتصاعد ابخرة الدخان المتكاثفة ).
إظ…………..لام
الغارة الثالثة
(تنفتح الإضاءة على الجد المجند وهو يمشي ذهابا و إيابا أمام خيمته الصغيرة على إيقاع موسيقى عسكرية. تدلف امرأة شابة شقراء ترتدي فستانا جذابا يكشف عن جزء من مفاتنها. ينسدل شعرها المصفف بعناية على الجزء المشوه من وجهها. تمشي كعارضة أزياء متوجة في اتجاه الكونطوار الأنيق الذي تصطف على رفوفه أنواع من المشروبات الكحولية . تجلس على كرسي الكونطوار الطويل قبل أن تعمد إلى استنشاق جرعة من الكوكايين بأناقة المحترفات ثم توقد سيجارة ذات فلتر طويل فاخر ).
نجمة الإغراء: (تلتقط سماعة هاتف منزلي أحمر لاسلكي وتركب رقما وهي تدخن بشراهة ملفتة) آلو..(تكررها بدلال مفتعل)آلو… ألم تعرفني أيها الساحر (ترسل ضحكات فيها الكثير من الغنج الفاضح) أعذرني.. لم أستطع الرد على مكالماتك السابقة لأني أسدلت كل الستائر وأعلنت حالة استنفار قصوى بعد إشتباكي مع شخصية سينمائية إختطفتني مني ومن الناس ومن العالم.. إنها شخصية مدهشة.. مذهلة.. لدرجة أني أصبت بتشنجات في عضلاتي من آثار الشد العصبي الذي أنهكه إنفعالي مع هذه الشخصية السينمائية اللعينة التي تلبستني كما الشيطان (تنصت ثم تضحك وهي تسحب نفسا كثيفا من سيجارتها التي ترتعش بين أناملها) أقصد عضلات رقبتي وليست عضلات الساقين أيها الخبيث.. فأنا أعلم أكثر من غيري اهتمامك التاريخي بالساقين أكثر من أية بؤرة توتر أخرى في العالم (تطلق العنان لقهقهاتها الصاخبة الرعناء) أنت تعلم جيدا بأني لا أتفاعل مع الشخصية إلا إذا كسوتها جلدي ولحمي و جهازي العصبي أيضا (تسحب نفسا طويلا من سيجارتها) من أجل عيون هذه الشخصية الساحرة الفاتنة رفضت الكثير من الأدوار.. والكثير من الأفلام.. وأغضبت الكثير من المنتجين والمخرجين الذين ما زالوا يصرون على مطاردتي ليل نهار (تسحب نفسا كثيفا آخر وهي تحاول الإلتفاف على توترها حتى لا يتسرب إلى صوتها) لقد صرت مسكونة بهذه الشخصية اللعينة.. أنام على أضغاث أحلامها و كوابيسها.. وأصحو على شلال أفراحها و أتراحها.. آكل وأشرب و أثمل على صخب إيقاعها.. ألبس وأتزين و أتسوق على شاكلتها.. باختصار يا عزيزي لقد انصهرت مع هذه الشخصية حد الذوبان والحلول في روحها.. لدرجة أني أفكر فعلا في التقدم ببلاغ رسمي لدى مصالح الشرطة للبحث عني بعد أن تاهت مني شخصيتي الحقيقية (تضحك بدلال وغنج مصطنعين) ماذا؟ لديك مشروع سينمائي أهم؟ وسيدر علينا أموالا طائلة؟ (تنط كطفلة طائشة) جميل.. رائع.. فانطاستيك.. هيا أيها الساحر.. أفرج عما في جرابك وحدثني عن مشروعك الجهنمي (تضحك بدلال وفجأة تتجهم مقاسمها) ماذا ؟؟ فيلم عن قصة حياتي؟؟؟ هكذا إذن.. تريد أن تتاجر بمأساتي.. أليس كذلك؟ تريد أن تستثمر فجيعتي في بورصة أفلامك.. تريد أن تصدر إلى قنوات العالم صورة نجمة الإغراء الفاتنة التي صارت مسخا.. وطبعا ستسمي فيلمك الجديد “الجميلة الوحش” بدل “الجميلة و الوحش” أو ستسميه “الملاك المسخ” بدل “الملاك الأزرق”. آخ.. أيها الخرتيت النتن … أيها النذل الحقير الكريه..(تبصق على السماعة قبل أن تغلقها ثم تشرع في المشي جيئة وذهابا بتوتر مرضي) كلكم تريدون أن تتاجروا بمأساتي.. كلكم تريدون تحويل فجيعتي إلى حفنة من الدولارات الوسخة.. لكني أنا مازلت أنا.. أنا الجميلة دوما.. والفاتنة أبدا.. أنا قنبلة الشباب.. وفتنة الكهول.. وغصة الشيوخ.. وكابوس نسائكم البدينات المترهلات (تتجه نحو الكونطوار و تحمل زجاجة الويسكي وتتجه نحو الجد المجند و هي تتمايل) أخبرهم أيها المعتوه بأن طابورا من المنتجين والمخرجين ينتظرون إشارة واحدة من أصبعي .. ( تقدم له القارورة ) اشرب.
الجد المجند: (مازال يمشي جيئة وذهابا) أنا لا أشرب أثناء العمل .. أنا مكلف بمهمة عسكرية استراتيجية سرية .
نجمة الإغراء: (تقدم له القارورة) اشرب .. هذا أمر عسكري .
لجد المجند: أمر عسكري؟؟؟ (يقدم لها التحية العسكرية ويلتقط القارورة ويشرع في الشرب . تجحظ عيناه بعد أن أفرغ نصف قارورة الويسكي في جوفه) أنا المجند الوحيد المؤهل لهذه المهمة الخطيرة (يعب من القارورة و هو يتمايل) لقد تم انتقائي من بين آلاف الجنود في المعسكر لكي أقوم بهذه المهمة المستحيلة (يترنح) مهمة حراسة خيمة زوجة قائد الكتيبة (يتجشأ) قال لي سيدي القائد.. أيها الجندي المحنك ممنوع أن يقترب أحد من خيمة زوجتي.. أكرر أي أحد ماعدا الجنرال.. وهو سر استراتيجي عسكري (يعب من القارورة) وعندما رأيت الجنرال يقضي بعض الليالي في خيمة زوجة قائد الكتيبة.. أدركت بنباهتي العسكرية بأن الجنرال يغير مكان مبيته لتمويه العدو .. شوت … إنه سر عسكري استراتيجي .
نجمة الإغراء: تقصد سرير عسكري استراتيجي ( تقهقه بصوت صاخب ثم تعود إلى الكونطوار وهي تتمايل ).
الجد المجند: (يستمر في المشي جيئة و ذهابا أمام باب الخيمة و هو يتمايل و يشرب من القارورة على فترات متقطعة) .
نجمة الإغراء: (توقد سيجارة وتبتلع دخانها بشراهة قبل أن تلتقط السماعة الحمراء و تركب رقما جديدا) آلو.(تستعيد بسرعة فائقة دلالها المفتعل) اشتقت إلى سماع بحة صوتك أيها الفاتن (تقهقه بغنجها المعهود) كنت أتصفح ألبومي الخاص فأعادتني بعض صوره إلى أيامنا الخوالي وامسياتنا الصاخبة الحميمة التي قضيناها معا ونحن نصور فيلم “العالم البلوري” على رمال شواطئ “هاواي” الساحرة.. كانت أياما ساخنة ملتهبة لدرجة أن حرارتها أشعلت صحف ومجلات تلك الأيام (تطلق العنان لضحكاتها الصاخبة الرعناء) سمعت بأنك انفصلت عن تلك الساقطة الصغيرة المتعجرفة (تسحب دخانا كثيفا من سيجارتها) بالتأكيد يا عزيزي فأنت من انتشلها من سراديبها الحضيضية الوسخة لتصنع منها نجمة متلألئة في سماء هوليود (تنصت للطرف الآخر وهي تنفث دخانا كثيفا) بكل تأكيد سيتلاشى بريق تلك العاهرة.. فإنتاجاتك السخية المبهرة هي التي تضفي على نجمات هوليود بريقهن أيها الوسيم الجذاب (تسعف كلماتها بغنجها المفتعل لكن رنات صوتها سرعان ما ستحتد) كل ما يصلك عني مجرد إشاعات.. أنا لا أعاني من اكتئاب حاد.. أنا الآن لا أعاني سوى من سعار الهواتف و ضجيج مكالمات المنتجين والمخرجين الذين مافتئوا يتسابقون ويتنافسون لإنتاج مشروعي الجديد.. لكني طبعا تجاهلتهم جميعا واخترت المنتج الأكثر وسامة والأكثر جاذبية والأكثر فحولة.. والأكثر(تقبل السماعة بغنج فاضح قبل أن تنتفض فجأة) ماذا؟؟ تعتذر؟؟ أنت كاذب وغشاش ومنافق..لا تقل لي بأنك منشغل بمشروع آخر.. وإنما انت – كما الآخرون- تتحاشى العمل معي بعد الحادث الفظيع (تتحسس وجهها بأسى و ألم ثم تنتفض من جديد) أنا لا اريد ان أستمع إلى ترهاتك و أعذارك السخيفة.. أنت لست إلا واحدا من أولئك السفلة الذين كانوا يتاجرون بجسدي وبصوري العارية في أفلامكم الرديئة.. سأفضحك.. نعم سأفضحك في مذكراتي.. سأقشرك قطعة.. قطعة.. سأعريك كقرد الشامبانزي اللقيط (تغلق السماعة بعنف وهي تدفن عقب سيجارتها كما تدفن جثة متعفنة. تفتح بتشنج زجاجة ويسكي جديدة ثم تعب منها مباشرة)
الجد المجند: (مازال يمشي ذهابا و إيابا و هو يتمايل و يعب من قنينة الويسكي قبل ان يسقط جالسا على الأرض) هذه ليست أول مرة أسقط فيها من علو شاهق (مخاطبا قنينة الويسكي التي مازالت في يده) عندما كنت شابا شاركت كثيرا في عمليات إنزال للمظليين.. لقد كنت مظليا بارعا.. لدرجة أنهم لقبوني بالنسر الجوال (يقهقه ورأسه يترنح) في إحدى القفزات من الطائرة العسكرية.. طلبت من قائد العملية وتوسلت إليه أن يعفيني من القفز هذه المرة لأن أمي رأت في منامها بأن مظلتي لن تفتح هذا اليوم .. فما كان من القائد إلا أن استشاط غضبا وهو ينتزع مني مظلتي عنوة ويسلمني مظلته.. غير أنه خلال قفزتي الناجحة رأيت القائد ينزل أمامي دون أن تفتح مظلته فصرخت فيه.. ماذا حدث للمظلة يا سيدي القائد؟ فأجابني وهو يهوي نحو حتفه.. لعنة الله على أمك و كوابيس امك (تنفجر قهقهاته الغريبة دون توقف و هو يتمطط بشكل مرضي) نجمة الإغراء: (تتجة غاضبة مزمجرة نحو الجد المجند و هي تتمايل و تشرع في ركله) أنا لا أحتمل قهقهاتك المريضة (تنتزع منه قنينة الويسكي بالقوة ) هيا أيها المعتوه .. عد إلى خيمتك .. هذا أمر عسكري .
الجد المجند: ( يمشي حبوا ويختفي داخل خيمته ) .
نجمة الإغراء: (تعود إلى الكونطوار و تركب بتشنج رقما جديدا و قد بدأت آثار الكحول تؤثر على لسانها) ألو.. أعذرني عزيزي.. فأنا متوترة ومنفعلة جدا (يشتعل لهب سيجارة جديدة بين شفتيها المكتنزتين كجمرة جحيمية كما لو أنها توقد حريقا في ملفات سرية) السبب يا عزيزي هو الإرهاق الذي سببته لي شخصية فيلمي الجديد الذي اخترتك لإخراجه أيها المخرج العبقري (تنصت بتوتر وانفعال مرضي) بالنسبة للإنتاج سأقترض من البنوك.. سأنتجه لحسابي الخاص.. مادام نجاح الفيلم مضمون.. وأرباحه أيضا مضمونة (تنصت وعيناها زائغتان من شدة الانفعال وهي تنفث سحبا كثيفة من سيجارتها كأنها تنفث سما زعافا في خلايا العالم) الشخصية التي سأجسدها..تحكي قصة عارضة أزياء فاتنة بدأت حياتها من الصفر لتصبح مع مرور الأيام أشهر وأجمل عارضة أزياء في العالم (يمتقع لونها فجأة) ماذا قلت؟ تنصحني بان أزور طبيبا للأمراض النفسية..آخ..أيها الشاذ الحقير.. يا مخرج أفلام الخلاعة والدعارة (تبصق على السماعة ثم تشرع في المشي ذهابا وإيابا وهي تعب مباشرة من زجاجة الويسكي) كلاب..سفلة.. حيوانات قارضة ومنقرضة (تعب مرة أخرى من الزجاجة) سأنتقم منكم..واحدا. واحدا (تجلس على الأرض وتضع قارورة الويسكي بجانبها) لقد أدركت الآن الحقيقة.. إنكم تريدون تدميري.. تريدون التشطيب على إسمي من قائمة النجمات الساطعات.. المتلئلآت.. تريدون إصدار حكم الإعدام على نجمة الإغراء الأولى.. النجمة التي طالما ألهبت خيال ورغبات الجماهير في كل مكان (تفتح جوفها للويسكي وتتركه يندلق على شفتيها وعنقها وصدرها) سأدمركم.. سأنسفكم نسفا..سأسحقكم كحشرة حقيرة عندما سأعريكم في مذكراتي قطعة.. قطعة (تنهض وتسقط ثم تنهض وتمشي وهي تتمايل وتترنح) نعم سأفضحكم جميعا.. سأنزع عنكم أقنعتكم المزيفة. سأكشف للعالم كل العالم عن عوراتكم.. و أوساخكم..وقذارتكم..سأفقأ دماملكم وأفجر القيح والصدأ الذي يستوطنكم.. سأنزع عنكم ورقة التوت وأقشركم كالبصلة قشرة قشرة (تمشي وهي تتمايل متجهة نحو الكونطوار. تستنشق نفسا من الكوكايين قبل أن تسحب مسدسا من أحد الأدراج وتتجه نحو الأفيشات السينمائية المعلقة وتشرع في إطلاق النار عليها) خونة.. كلاب..سأدمركم جميعا..سأنسفكم نسفا.سأسحقكم سحقا (تطلق النار على الأفيشات ثم تتمايل وتسقط على الأرض مغمى عليها )
الجد المجند: (على إيقاعات طبول الحرب المتصاعدة يخرج من خيمته الضيقة وهو يصرخ موجها بندقيته نحو أفيشات أفلام الحرب و هو يتمايل) سأدمركم جميعا.. سأسحقكم سحقا.. سأنسفكم نسفا (يسحب قنابل يدوية وهمية وينزع فتيلتها بفمه و يقذفها في اتجاه الأفيشات) هيا يا رفاق السلاح.. إخترقوا أحزمة العدو.. إلى الأمام يا أبطال الحرب العظام. ( ينسل أبطال الأفلام السينمائية من الأفيشات الضخمة مدججين بأسلحتهم و يشتبكون مع الجندي المسن في حرب وهمية … تكتسح المكان أبخرة الدخان …. ترتفع في الظلام إيقاعات طبول الحرب … ) .
إظ…………..لام
الغارة الرابعة
( تدلف عالمة الحشرات البدينة إلى بيت المساعد الاجتماعي ثم تشرع في البحث عن أنبوبة حشرة القلاس التي نسيتها على مكتبه) .
عالمة الحشرات: (وهي تتجه نحو مكتب الباحث الاجتماعي) غالبا ما نسيت أنبوبة حشرة القلاس فوق مكتبه (تبحث عنها بين الهواتف قبل أن تجد الأنبوبة) لقد وجدتك يا قلاستي اللذيذة .
الجد المجند: (يتسلل من خيمته الصغيرة. يرمق الباحثة بنظرات غريبة. يلتقط دبابة صغيرة للأطفال. يعبئ بطاريتها ويرسلها في اتجاه الباحثة التي اضطرت الى الانسحاب خلف المكتب متوجسة منه ) .
عالمة الحشرات: مرحبا (بتوجس) أنا الباحثة التي تعمل في مختبر الحشرات المحاذي لبيتكم.. جئت لاسترجاع أنبوبة الحشرات التي نسيتها هنا .
الجد المجند: (يضرب صفحة جبينه براحة يده) الآن أدركت سبب هزيمتنا في تلك الحرب اللعينة..أكيد..أنك كنت ترسلين لنا حشراتك المفخخة لتنفجر في معسكراتنا بالشمال (يعبئ بندقيته) كيف لم أفطن الى هذه الخطة الجهنمية … كيف ..؟؟
عالمة الحشرات: (باندهاش وخوف) عفوا سيدي … إنها ليست حشرات مفخخة ولا معبأة … إنها حشرات ممتصة لثاني أكسيد الكربون .
الجد المجند: (يضرب صفحة جبينه من جديد) ثاني أكسيد الكربون+الهيدروجين+النيتروجين +الأورانيوم +…يا إلهي … إنها حشرات حاملة لرؤوس نووية .
عالمة الحشرات: (تريه من بعيد الأنبوب الزجاجي الذي يحوي الحشرة) انظر … تأكد بنفسك … إنها حشرة القلاس التي نجري عليها التجارب في المختبر.
الجد المجند:
(يصرخ وهو يتربص بها) يا لكم من شياطين.. أنشأتم مختبرا عسكريا سريا لإجراء التجارب النووية بواسطة الحشرات القلاسية (يهددها بالسلاح) كلاب.. تريدون مسحنا من الكوكب.. تريدون كنسنا من الوجود.. لن أسمح لكم بذلك (يخرج من خيمته الصغيرة قناعا ضد الغازات السامة) سأمسحك مسحا أيتها الدبابة البشرية المتعفنة (يضع القناع ويهجم عليها ) .
عالمة الحشرات 🙁تصرخ وهي تدور حول المكتب وهو يتعقبها ببندقيته.. فجأة تتعثر وتسقط منبطحة على وجهها ) .
الجد المجند: (يتخلص من القناع ويرتمي فوق جسدها المنتفخ وهو يصيح) إدفني راسك في التراب أيتها النعامة الضخمة.. طوافة من نوع كوبرا تحوم فوقنا (ينقلب فوقها على ظهره ويقوم بإطلاق الرصاص من بندقيته الخشبية على الطوافة الوهمية ثم ينهض ويجرها من ذراعها ويرغمها على ولوج الخيمة الضيقة ثم يعود أدراجه ليواجه ببندقيته جنودا و طوافات وهمية) أيها الأوغاد لن أدعكم تقتحمون الموقع (الباحثة تهتز داخل الخيمة الضيقة . يعود اليها ويلكزها في مؤخرتها ببندقيته فتصرخ من الألم) اخرسي.. أيتها الدبابة البشرية.. الأعداء سيستدلون على الموقع من خلال زعيقك ونعيقك (يلكزها مرة أخرى فتصرخ الباحثة محاولة الإنفلات من الخيمة الضيقة . وحين تعجز عن ذلك تضطر للوقوف والمشي حاملة الخيمة الصغيرة دون أن ترى شيئا ) .
عالمة الحشرات: ( تستنجد) أخرجوني من هنا … إني أختنق … أغيثوني …
الجد المجند: (يلطم صفحة جبهته) الآن فهمت لماذا كانت خيامنا تختفي في معسكراتنا في شمال الفيتنام (يضرب مؤخرتها بعنف ببندقيته الخشبية) اذن … أنت جاسوسة بدينة مندسة في خيمتي .
عالمة الحشرات 🙁 تصرخ ) أخرجوني من هنا … النجدة …
الجد المجند: (يضرب من جديد مؤخرتها بعنف ببندقيته الخشبية) شوت.. دعيني أفكر (يفكر وهو يمشي جيئة وذهابا) جاسوسة + خيمة + حشرة القلاس. ماذا تساوي؟ أكيد أنها شفرة من الشفرات السرية لاستخبارات العدو (هاتف يرن بمكتب المساعد الاجتماعي فيسرع ليلتقط السماعة) ألو.. من؟ جنودنا ؟ مرحبا يا رفاق السلاح. (ينصت) قلت أين؟؟ في العراق؟؟ (يفكر ثم يضرب صفحة جبينه براحة يده) الآن تذكرت… إنها إحدى مقاطعات الفيتنام (ينصت) ماذا؟ انتحر زميلك أمامك وتفكر أنت أيضا في اللحاق به؟ من حقك طبعا أن تفكر في الانتحار مادامت المسؤولية العسكرية قد هوت الى الحضيض وصارت أسلحة الدمار الشامل من اختصاص حشرة القلاس (ينصت) اسمع.. لا تكثر من الكلام.. وأخبر رؤساك فورا بأن حشرة القلاس تملك أسلحة الدمار الشامل.. وعليهم إسقاط النظام العسكري الفاشي الدكتاتوري لحشرة القلاس (ينصت) ماذا؟ المسدس مصوب الى رأسك وأنت مستعد للضغط على الزناد؟ (يكرر الجملة وهو يفكر) مستعد للضغط على الزناد (يضرب صفحة جبهته) الآن تذكرت.. إنها كلمة السر التي كنا نتداولها لإخطار بعضنا البعض ببدء الهجوم (يصرخ في السماعة) إضغط على الزناد.. أكرر إضغط على الزناد (يبعد السماعة عن أذنه باستغراب) عجبا.. لقد صرخ صرخة غريبة.. أظنه تعرض لهجوم مفاجئ من طرف حشرة مفخخة (يعود للباحثة وهو يلكزها) أنت السبب أيتها الجاسوسة البدينة . انت السبب
عالمة الحشرات: (تصرخ داخل الخيمة الملتصقة بجسدها الضخم) أرجوكم .. أنقذوني من هذا المعتوه … النجدة …
الجد المجند: أنت السبب أيتها الدبابة البشرية.. سأفخخك.. وسألغم جثتك الضخمة.. لكي تتناثر أرطال لحمك وشحمك المشوي في الفضاء كما تتناثر الشهب الاصطناعية في احتفالاتنا الرسمية العسكرية بالنصر على الأعداء .
عالمة الحشرات: (تستغيث وتستنجد وهي تمشي بالخيمة الصغيرة) النجدة.. سيقتلني هذا المخبول.. أغيثوني. (يدخل مسرعا وهو محمل بملفات ثقيلة ) توقف … هذا أمر عسكري.
الجد المجند: (يستدير نحو الرجل ويقدم له التحية العسكرية وقد عادت ابتسامته البلهاء لترتسم على شفتيه من جديد) أوامرك سيدي .
المساعد الاجتماعي: ( يتخلص من الملفات و يسرع ليخلص الباحثة البدينة من الخيمة الملتصقة بجسدها الضخم ) .
عالمة الحشرات:(ترتمي في أحضان الرجل وهي ترتعش وتبكي) أرجوك.. خلصني من هذا المعتوه.. اطلب النجدة..أطلب الشرطة.. إنه كائن خطير.. خطير جدا …
المساعد الاجتماعي: أنا أقدم لك اعتذاري باسمي وباسم أبي (مشيرا الى الجندي المسن).
عالمة الحشرات: ( باندهاش كبير) أبوك ؟؟؟
المساعد الاجتماعي: إنه أحد ضحايا الحرب القذرة ..
عالمة الحشرات: (باستغراب وهي ما تزال متحصنة خلف ظهره) لم أفهم ؟؟؟
الجد المجند: (منشغل في توضيب خيمته كأنه طفل يلملم لعبه المبعثرة ).
المساعد الاجتماعي: كان أحد مشاة البحرية المجندين في حرب الفيتنام..تعرض للأسر.. وقاسى هناك صنوف التعذيب الوحشي وأهواله..وعندما انتهت الحرب وتم تبادل الأسرى..عاد شبه فاقد للذاكرة. باستثناء بعض الومضات التي تستدعيها ذاكرته..والتي ظلت مرتبطة بزمن تجنيده في الفيتنام.. لذلك تلاحظين بأن كل تصرفاته ظلت ملتصقة بزمن الحرب البغيضة
عالمة الحشرات: إنها مأساة حقيقية … ولكن لماذا هو هنا ؟ لماذا لا يعالج في إحدى المصحات النفسية ؟
المساعد الاجتماعي: منذ عودته من الأسر وهو مستقر في إحدى العيادات المختصة بالأمراض النفسية والعصبية.. لكن الأعطاب النفسية والعصبية التي ألمت بمجندينا في العراق دفعت بمكتب الأبحاث والدراسات الاستراتيجية التابع للبنتاغون إلى تخصيص ميزانية سخية لإجراء أبحاث حول ما تبقى من مجندي الفيتنام الذين مازالوا يعانون من نفس الأعراض لكي تتم الاستفادة منها عند تشخيصهم لحالات مجندي العراق.. ولكوني حامل لشهادات عليا في علم النفس الاجتماعي كما تعلمين فقد تقدمت بطلب إلى المكتب المذكور لتمويل دراسة حول حالة أبي كنموذج .
عالمة الحشرات: وطبعا أتيت به الى هنا للإستفادة من التمويل السخي أيها الخبيث ..
المساعد الاجتماعي: حاجتي للمال لها قصة أخرى مع الحرب ..
عالمة الحشرات: أو مازال في جعبتك قصص أخرى مع الحرب ؟
المساعد الاجتماعي: الحرب على الفيتنام إقتطعت مني ذاكرة أبي.. والحرب على العراق إختطفت مني ابني الوحيد أما الحرب على أفغانستان فقد إقتنصت مني زوجتي .
عالمة الحشرات: زوجتك ؟؟ هل كانت هي أيضا مجندة هناك ؟
المساعد الاجتماعي: كلا … وإنما هي ممثلة سينمائية .
عالمة الحشرات: هل لك أن توضح ؟
المساعد الاجتماعي: (يتنهد) بعد انفصالي عن أم ابني الوحيد..تزوجت من ممثلة ناشئة مغمورة.. لكن بفضل تقديمها لأفلام الإغراء أو لأفلام شبه إباحية..ارتفعت أسهمها في بورصة هوليود و التهمتها استوديوهات التصوير لدرجة أني لم أعد أراها إلا نادرا ..
عالمة الحشرات: ما يطلق عليه في عرفنا بزواج الأشباح .
المساعد الاجتماعي:المهم في الحكاية أن زوجتي كانت تصور فيلما تدور أحداثه حول اختطاف صحفية أمريكية من طرف الثوار الأفغان..ولأن الفيلم كان يصور في المواقع الحقيقية بالقرب من جبال “تورابورا”.. فقد تعرض موقع التصوير لقذيفة طائشة قتلت بعض المصورين والتقنيين وشوهت شظاياها وجه زوجتي .
عالمة الحشرات: يالها من كارثة .
المساعد الاجتماعي: الكارثة الحقيقية هي أن هاته القذيفة انطلقت خطأ من مدفع أمريكي .
عالمة الحشرات: يا إلهي من قواتنا؟ (تستدرك) آه.. تذكرتها الآن..إنها ممثلة الاغراء الصاعدة التي تشبه مارلين ديتريش.. نعم لقد تحدثت الصحافة عن مأساتها طويلا..إلاأن مختبر الحشرات لم يترك لي وقتا لمتابعة قضيتها..المهم كيف هي الآن؟
المساعد الاجتماعي: عمليات التجميل التي خضعت لها لم تستطع إنقاذ سوى الجزء الأيمن من وجهها (يتنهد) مسكينة.. هذه الحادثة سببت لها انفصاما حادا في الشخصية.. فهي تارة تعيش شخصيتها العادية وتارة تندمج في شخصية النجمة التي يأبى عقلها الباطن أن تطرد من جنة هوليود .. لهذا فمصاريفها الجنونية كممثلة لا تريد أن تتخلى عن نجوميتها الوهمية فاقت كل الحدود. . فاضطررت إلى جانب عملي كمساعد اجتماعي أن …( ينظر اتجاه أبيه ) .
عالمة الحشرات: (مقاطعة) فهمت … اضطررت للإستعانة بضحايا حرب قديمة لأجل إسعاف ضحايا حرب جديدة .
المساعد الاجتماعي: (مشيرا الى خيمة أبيه) هل ترين هذا المسن المعتوه إنه نسخة من بعض المسؤولين المخبولين الذين لا يعملون سوى على إعادة إنتاج الحروب القديمة في نسخ جديدة .
عالمة الحشرات: (تقترب من الجندي المسن بتودد مشوب بالحذر) مرحبا أنا صديقة (تبتسم له)أنا فخورة بك ..وببطولاتك (تمد إليه ذراعيها) لا تخف … أنا صديقة .
المساعد الاجتماعي: رد التحية … هذا أمر عسكري .
الجد المجند: (يقدم لها التحية العسكرية وهو يتأملها بنظراته الزائغة البلهاء ثم فجأة يرتمي في أحضانها كطفل تائه عثر على أمه بعد طول غياب ) .
عالمة الحشرات: (تحضنه بحنان) كم من الضحايا أمثاله خسرتهم و ستخسرهم الأسر الأمريكية ؟
المساعد الاجتماعي: كثيرون (ثم يستدرك موجها الأوامر الى الجندي المسن) عد الى خيمتك هذا أمر عسكري .
الجد المجند: (يقدم التحية العسكرية قبل أن يختفي داخل خيمته ).
عالمة الحشرات: لماذا لا يذهب الى فراشه ليرتاح ؟
المساعد الاجتماعي: إنه لا يستطيع النوم إلا في خيمته العسكرية الصغيرة (يرن أحد الهواتف) لقد بدأت سمفونية الهواتف في الرنين . أحدهم قرر هذه الليلة تنفيذ حكم الإعدام في حق نفسه .. ماذا أفعل is my job.
عالمة الحشرات: لدي فضول جارف لرؤيتك وأنت تحاور الأشخاص المقبلين على الإنتحار..
المساعد الاجتماعي: (يضغط عل زر مكبر صوت المكالمة ويدعوها للإنصات) آلو.. هنا المكتب المختص في الرد على الحالات المرشحة للانتحار .
صوت مسؤول عسكري: مرحبا..أنا مسؤول عسكري من واشنطن..يؤسفني سيدي أن أخبرك بأن ابنك المجند في العراق قام بمحاولة انتحار فاشلة بعد أن فقد إحدى رجليه بفعل انفجار لغم غادر..وهو الآن في حالة نفسية سيئة جدا.. لقد فقد الرغبة في كل شئ..حتى في الكلام..وهو الآن في طريقه إليك..أنا آسف مرة أخرى (تتصاعد طبول الحرب في الظلام) .
إظ…………..لام
الغارة الخامسة
(على ايقاع موسيقى عسكرية احتفالية يدلف المساعد الاجتماعي وهو يدفع أمامه كرسيا متحركا يجلس عليه ابنه المجند العائد من حرب العراق الذي يرتدي بذلة سوداء أنيقة يتدلى من عروة صدرها وسام الشرف العسكري . الجد المجند يمشي جيئة وذهابا أمام خيمته العسكرية الصغيرة ).
المساعد الاجتماعي: (يرفع هامته ويقدم التحية العسكرية بفخر مبالغ فيه لابنه المجند ) مرحبا بك في بيتك يا بطل .
الجد المجند:(تستنفره التحية العسكرية فيتقدم بسرعة نحو حفيده المجند ويقدم له التحية العسكرية بانضباط صارم) أوامرك سيدي الجنرال .
المساعد المجند: أحد أبطال حرب الفيتنام يقدم لأحد أبطال حرب العراق التحية العسكرية بطريقته الخاصة (يقهقه بافتعال واضح) أنظر يا أبي إلى صدر حفيدك إنه يحمل وسام الشرف العسكري من الدرجة الاولى .
الجد المجند: (يظل متسمرا في مكانه رافعا التحية العسكرية) سأسهر سيدي الجنرال كالعادة على تلميع وسامك كل صباح
الحفيد المجند: ( ينظر في صمت دفين إلى الأفق البعيد بعينين تائهتين ) .
المساعد الاجتماعي: (مشيرا إلى رجل ابنه المقطوعة) أنظر يا أبي .. رجل اصطناعية فاخرة على نفقة قوات المارينز.
الجد المجند: (يقدم من جديد التحية العسكرية بانضباط وصرامة) أوامرك سيدي الجنرال سأشرع حالا في تنظيف وتلميع رجلك الإصطناعية (ينقض على الرجل الاصطناعية ويحاول اقتلاعها بالقوة) .
المساعد الاجتماعي: أترك رجله أيها المعتوه (يحمل الجد المجند بالقوة ويلقي به أمام الخيمة العسكرية الصغيرة) أدخل إلى خيمتك يا أبي .. هذا أمر عسكري .
الجد المجند: أوامرك سيدي ( يدخل بسرعة الى الخيمة ).
المساعد المجند: (سرعان ما يرسم ابتسامته الباردة المصطنعة ويعود إلى ابنه وهو يخرج من جيب سترته الداخلي ظرفا فاخرا يفتحه بعناية شديدة ثم يشرع في قراءة محتواه برنة طنانة) من رئيس الولايات المتحدة الأمريكية إلى أحد أبطال حرب العراق العظام..يشرفني شخصيا ويشرف سيدة البيت الابيض الأولى أن نتقدم إليك بأسمى عبارات الفخر والاعتزاز لما قدمته للولايات المتحدة الأمريكية من تضحيات جسام في سبيل نشر قيم العدالة والحرية والديمقراطية و حقوق الإنسان في (يرن هاتفه المحمول فيتوقف عن القراءة) معذرة يا بطل..سأرد على الهاتف وأعود إليك فورا..آلو.. مرحبا ضخمتي العزيزة (يضحك مستمعا) شكرا على تهنئتك. طبعا إنه بطل عظيم..لقد ترك رجله في العراق..لكنه عاد منتصرا مرفوع الرأس (يشهر بأصبعيه إشارة النصر أمام ابنه ومعها يشهر ابتسامته الباردة المصطنعة ثم يبتعد إلى أقصى الغرفة و هو يخفض صوته حتى لا يستمع إبنه لبقية المكالمة) لا أكتمك..حالته النفسية تدعو للقلق..لقد أخبرني الطبيب بأنه مصاب بحالة عداء قصوى لذاته..إنها حالة مرضية نفسية شاذة قد تتطور لمحاولة تعذيب نفسه (ثم يرفع صوته مجددا حتى يسمعه إبنه) لقد توصلنا برسالة تهنئة من البيت الأبيض..طبعا سأقرؤها عليك عندما سنلتقي الليلة في مختبر الحشرات..سأحمل معي الشامبانيا و التشيز بورغر الذي تستطعمينه..وسنحتفل بهذه المناسبة السعيدة أنا وأنت وحشرة القلاس (يفتعل قهقهة مبتورة و هو يغلق المحمول قبل أن يعود إلى إبنه الصامت الصموت) معذرة يا بطل.. نعد مجددا لرسالة السيد الرئيس..سأعيد قراءتها عليك من السطر الأول..بل من الحرف الأول (يفتعل قهقهة ويشرع في القراءة بلكنته الطنانة) من رئيس الولايات المتحدة الامريكية الى أحد أبطال (يرن أحد هواتف المكتب) تبا لهذه الهواتف..عفوا يا بطل..أنا مضطر للرد..إنها مهنتي كما تعلم (يهرول ملتقطا السماعة) ألو..مرحبا سيدي المدير..نعم لقد عاد بطلي إلى المنزل بعد أن ترك رجله في العراق كتذكار على قوة وعظمة الولايات المتحدة الامريكية (يستمع باهتمام) طبعا سيدي..لقد حصل على وسام الشرف وتلقينا رسالة تهنئة من البيت الأبيض (يستمع من جديد) أوكي سيدي المدير..سأحضر حالا (يغلق السماعة ويعود مسرعا إلى ابنه معذرة يا بطل. أنا مضطر للمغادرة..علي أن ألتحق بمدير الوكالة المستقلة المختصة في الحالات المقبلة على الانتحار (وهو يغادر) غدا سنقيم حفلا عائليا كبيرا على شرفك يا بطل ( يخرج مسرعا ) .
الحفيد المجند: (يرفع رأسه بتثاقل وعيناه الزائغتان تقتفيان خيوط التيه . ثم يدمدم بصوت خافت) أنا لست بطلا يا أبي (يخلع الوسام بتشنج و يقذف به إلى الأرض ) لست بطلا …
الجد المجند: (يخرج من خيمته حبوا ويلتقط الوسام ثم يقف ويقدم التحية العسكرية للحفيد المجند) أوامرك سيدي الجنرال .. سأقوم فورا بتلميع وسامك ( يشرع في البصق على الوسام ومسحه بكمه يكررها بطريقة كاريكاتورية ) .
الحفيد المجند: لا تصدقهم يا جدي … أنا مجرد جلاد حقير … أنا ذئب من ذئاب سجن أبو غريب الرهيب .
الجد المجند: ( منهمك بجدية عسكرية في البصق على الوسام قبل مسحه بكمه ) .
الحفيد المجند: أبصق يا جدي على وسام بطل المسالخ والمجازر الذي كان يعلق المقاومين كالنعاج قبل أن يتبول عليهم ويحرق جلودهم و يقتلع أظافرهم بلا شفقة ولا رحمة (يقترب من الجد بكرسيه المتحرك) بل أبصق ياجدي على وجه بطلكم الذي قيد ذات ليلة جحيمية عروسا تم اعتقالها في حفل عرسها قبل أن يتناوب الجنود السكارى على اغتصابها وهم يكرعون قنينات الخمر حتى أغمي عليها (ينتحب في صمت) بل واستمروا في نهش لحمها كالكلاب المسعورة وهي فاقدة الوعي .
الجد المجند: (يقدم له التحية العسكرية بانضباط صارم) أوامرك سيدي الجنرال..سأبصق على وجهك (يبصق على وجهه ثلاث مرات متتالية بسرعة كاريكاتورية ثم يقف كالصنم رافعا التحية العسكرية ) .
الحفيد المجند: أبصق يا جدي على وجه بطلكم الذي كان شاهدا على اغتصاب طفل أمام والده الموصول جهازه التناسلي بالكهرباء (يلطم رأسه براحتيه) صراخ الطفل وسعار الأب مازالا يشقان مخيخ مخيخي .
الجد المجند: (يقدم له التحية العسكرية بانضباط صارم) أوامرك سيدي الجنرال..سأبصق على وجهك (يبصق على وجهه ثلاث مرات متتالية بسرعة كاريكاتورية ثم يقف كالصنم رافعا التحية العسكرية ) .
الحفيد المجند: (ينظر فجأة الى الجهة اليسرى و يشرع في خلع ملابسه) أنظر يا جدي..إنهم يقتادونهم عراة حفاة إلى المذبح..يقتادونهم إلى المسلخ الجحيمي الرهيب..حيث تصطف بعناية كل أدوات اللسع والبتر والسلخ والذبح (يتخلص من ملابسه ليظل عاريا إلا من تبانه الضيق الذي يستر عورته ثم يشرع في الرقص على رجله الاصطناعية) هيا يا جدي أجلدني .. قلت لك اجلدني … هذا أمر عسكري .
الجد المجند: (يسرع إلى الخيمة ثم يخرج حاملا سوطا جلديا . يقدم له التحية العسكرية) أوامرك سيدي الجنرال (يشرع في جلد حفيده المجند. هذا الأخير يتلقى لسعات السياط وهو يرقص على ايقاع موسيقى عسكرية صاخبة) اجلدني يا جدي (يصرخ وهو يقهقه ويرقص) إني أنتشي إنتشاءا شبقيا بلسعات سوطك (يرقص منتشيا وهو يصرخ) هيا يا جدي..مزق جلدي..أرسم بسياطك مسارب حمراء وزرقاء في لحمي المتعفن..حول جسدي إلى لوحة أخدودية سريالية تحتفي بتشققات جروحها المتقرحة و المتورمة (جنود الأفيشات السينمائية يلتحقون بحفل الجلد الراقص حاملين سياطا جلدية ويشرعون في جلد الحفيد المجند الذي يستمر في الرقص برجله الاصطناعية بتلذذ وانتشاء … تكتسح المكان أبخرة الدخان …. ترتفع في الظلام إيقاعات طبول الحرب … ) .
إظ…………..لام
الغارة الأخيرة
(على خلفية طبول الحرب التي ينبعث صداها البعيد من العمق القصي المقعر. تنبلج الاضاءة كاشفة عن المرشد الاجتماعي ببذلة سوداء أنيقة وهو يوقد شموعا يشع لهبها وسط كعكة كبيرة يتوسطها جندي أمريكي مصنوع من الحلوى وهو يحمل علما أمريكيا . بينما الجندي المسن جالس كعادته أمام باب خيمته العسكرية محتضنا بندقيته الخشبية . في حين تقف نجمة الإغراء وفي يدها كأس ويسكي أمام الكونطوار مرتدية فستان السهرة الأسود الفاضح . أما الإبن العائد فيقبع ببذلته السوداء الأنيقة مكوما فوق كرسي متحرك يلفه صمت صقيعي بارد … )
المساعد الاجتماعي: (وهو يوقد شموع الكعكة) أيها العائد العزيز..احتفالا بعودتك منتصرا من تلك الحرب الكئيبة..فإن العائلة ستسعد أيما سعادة بسماع كلماتك التي ستخلد بها هذا اليوم الاستثنائي..أيها السادة فلنصفق جميعا للبطل العائد (يصفق بحرارة مبالغ فيها لكنه سرعان ما يتوقف عندما لا يحذو الآخرون حذوه) هيا يا بني.. إننا جميعا مشتاقون لسماع صوتك.. وسماع أخبار مشاغباتك مع رفاقك المجندين أو حتى مغامراتك مع رفيقاتك المجندات (يطلق العنان لقهقهاته المفتعلة ).
الجد المجند: لقد ألححنا على القيادة العسكرية بنقل المجندات من القواعد الخلفية إلى قواعدنا في الجبهة الأمامية حتى جفت حناجرنا … لكنهم رفضوا مطلبنا بدعوى أن المجندات يخشوننا أكثر مما يخشون الفيتناميين .
المساعد الاجتماعي: (إلى إبنه) أرأيت؟ حتى جدك له ذكريات مع المجندات ( يطلق العنان لقهقهاته المفتعلة من جديد ).
نجمة الاغراء: هناك..في تورابورا عندما كنا نصور فيلمي الاخير.. كانت مجندات الثوار الأفغان يرتدين خياما سوداء .
الجد المجند: إنهن جاسوسات يتخفين في خيامهن .. و كانت كلمة السر لديهن هي خيمة + بدينة + حشرة القلاس
نجمة الاغراء: شوت … لا تتحدث مرة أخرى عن الحشرات … فأنا لا أطيقها … أكرر لا أطيقها .
المساعد الاجتماعي: كفاكم حديثا عن الحرب والحشرات ودعونا نستمتع بكلمة بطلنا العائد .
الحفيد المجند: (ينظر إلى الأفق بعينين زائغتين تائهتين) كان القيظ جحيميا..وكانت كتيبتنا تكمن خلف حقل ألغام متربصة برجال المقاومة العراقيين..وفجأة اخترقت مسامعنا ضحكات ملائكية لأطفال صغار وهم يتسابقون خلف كرة تدحرجت في اتجاه حقل الإعدام المشؤوم..وقبل أن نلتقط أنفاسنا كانت أشلاء الصغار تتطاير في الفضاء..وأعضاؤهم تتناثر في الهواء.. ودماؤهم البريئة تخضب أبخرة الإنفجارات باللون الأحمر القاني..كان المشهد مزلزلا..مدمرا..رهيبا (يطلق أنة باطنية عزفتها أوتار أحشائه) و بعد انقشاع أبخرة الدخان المتكاثفة استبد بنا مشهد طفل صغير وهو يحاول بعناد أسطوري إعادة ذراعه المبتورة إلى مكانها..فلم يفلح..أعاد الكرة ثانية وثالثة..فلم يفلح…رفع رأسه ورمقنا بنظرات كلهيب البركان الهائج..ثم تأبط ذراعه المبتورة وانطلق يعدو نحونا كالسهم الخاطف..كالبرق الناسف..كالرعد القاصف..وعندما التحم بصفوفنا صار يلطمنا بذراعه..يقصفنا بذراعه.. يحاربنا بذراعه المبتورة..وفجأة انطلقت من الخلف رصاصتين غادرتين اخترقتا رأس الطفل الصغير(يصرخ) طاق..طاق..سقط الطفل العراقي أمامنا مضرجا بدمائه (سقط من الكرسي المتحرك) وقبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة..كتب بذراعه المبتورة على الرمال..سترحلون..وستشيعكم أشباحنا.(يشهق) سترحلون وستشيعكم أشباحنا (يهرع إليه المرشد الاجتماعي ويعيده للكرسي المتحرك ).
الجد المجند: ما زالت أشباح الفيتناميين تشيعنا … كلما نظرنا إلى أنفاق عيوننا في مرايانا المشروخة …
نجمة الإغراء: (وهي تتحسس الجزء المشوه من وجهها) شظية أفغانستان شيعت كل أحلامي إلى مثواها الأخير …
( ……. ترن الهواتف تباعا ……. )
المساعد الاجتماعي: تبا لهذه الهواتف اللعينة … كأنها تختار الوقت المناسب لتصدح بسمفونيتها البغيضة …
نجمة الاغراء: (تنتشل هاتفها الاحمر من بين الهواتف) آه يا هاتفي الأحمر. قدرك أن تعيش بين هاته الهواتف المقيتة التي تنبعث منها رائحة الموت بسخاء (تخاطب هاتفها الأحمر) لماذا اختنق رنينك..لماذا لم تعد تحمل لي همساتهم المسائية..دردشاتهم الصباحية..ثرثرتهم النهارية..هسيسهم الليلي..كنت يا صديقي تشاركني أسراري..فضائحي..بوحي الدافئ السخي..ولغطهم الذي تلفظه ألسنتهم المدلاة كأفعى مندسة تحت لحافي..تحت جلدي المتنمل…لتنفث فحيحها السام في ما تبقى من أزهار الربيع الاخير.
( ……… ترن الهواتف تباعا ثم يتلاشى ضجيجها……….ا )
المساعد الاجتماعي: أنا آسف يا بني … كنت أود ان يكون الاحتفال في مستوى الحدث لكن هاته الهواتف كما الحرب … لعنة تطارد هذه العائلة المنكوبة .
الحفيد المجند: هناك … بالقرب من خنادقنا .. كانت رائحة الموت هي الرائحة الوحيدة التي تسعف صباحاتنا الكئيبة .
(……………. ترن الهواتف تباعا مصحوبة هذه المرة بخلفية طبول الحرب الآتية من بعيد…………………………………………………………. )
المساعد الاجتماعي: (يغلق أذنيه براحتيه) اللعنة..إنها لا تريد أن تكف عن الرنين..طنينها رصاص فولاذي يخترق جمجمتي (يقترب من الهواتف ويصرخ بقوة ) الى الجحيم أيها الأغبياء …
الجد المجند: (يوجه بندقيته الى الهواتف وهو يصرخ) إلى الجحيم أيها الأغبياء … أكرر … إلى الجحيم أيها الأغبياء …
باحثة الحشرات: ( تدخل فجأة وهي تعدوا وتصيح وقد استبد بها الرعب والهلع ).
المساعد الاجتماعي: (يهرع إليها) ماذا بك ؟ ماذا جرى ؟؟
باحثة الحشرات: (وهي تلهث) إنها حشرة القلاس..لقد تضخم حجمها بشكل مخيف..وصارت وحشا كاسرا ضاريا يحطم و يدمر كل ما يصادف أمامه .
الجد المجند: (يصرخ وقد استبدت به هستيريا الحرب) حشرة القلاس المفخخة و المحملة برؤوس نووية تقتحم معسكراتنا … هيا يا رفاق السلاح … هيا يا مشاة البحرية العظام … تقدموا …( ترتفع إيقاعات طبول الحرب يقوة ) .
…… في تلك الأثناء تجتاح بيت العائلة حشرة ضخمة ….. لها ملامح دبابة …………………………………………
إظ…………..لام
** كريم الفحل الشرقاوي / مؤلف مغربي
theatrenoun@gmai.com