بالمغرب: مسرحية «نصراني ف تراب البيضان» لفرقة أدوار للمسرح الحر بكلميم
نبض الحياة في الصحراء على خشبة المسرح ومفهوم الهوية
قدمت فرقة أدوار للمسرح الحر بكلميم عرضها المسرحي «نصراني فتراب البيضان»، إنتاج 2019، ضمن جولتها المسرحية، بدعم من المديرية الجهوية لجهة كلميم السمارة، في كل من آسا بقاعة العروض والندوات (الجمعة22 نونبر)، وطانطان بدار الشباب المسيرة (السبت 23 نونبر). في تجربة مسرحية جديدة يخوضها المسرحي عبد اللطيف الصافي. واختارت فرقة أدوار للمسرح الحر بكلميم، هذه المرة إعداد عرض مسرحي عن نص “خمسة أشهر لدى البيظان” لكاميل دولز، والتي تراهن، من خلاله الفرقة، على اللغة الحسانية والعربية. المسرحية التي لاقت نجاحا وتفاعلا من لدن الجمهور، في قدرتها على خلق فرجة تلامس ذائقته الفنية، قريبة من وجدانه.
والتئم فريق عمل من الكفاءات الفنية من الجنوب، الفنان عبد اللطيف الصافي، معدا ومخرجا، والفنان عبدالعزيز نافع مساعدا للمخرج، فيما سهرت على إعداد سينوغرافية العرض، الفنانة أسماء هموش، ويشرف على إدارة الخشبة الفنان عبد العزيز منتوك، المحافظة العامة الفنان شفيق طويلي، إنارة و موسيقى الفنان ابراهيم عجاج، فيما يدير الإنتاج الفنان حسن لحمادي. المسرحية، والتي قدمت العديد من العروض بمدينة كلميم والنواحي، في اعتماد كلي على إمكانياتها الذاتية، يقوم بتشخيص أدوارها، ثلة من الفنانين الشباب، تألقوا في العديد من العروض المسرحية وتوجوا بالعديد من الجوائز، وهم على التوالي: أيوب بوشان، مصطفى اكادر، حمادة أملوكو، إبراهيم بنرايس.
وتحكي المسرحية عن كاميل دولز والذي “لم يأبه لتحذيرات كل من التقاهم في لانزاروطي، فعقد العزم على تحقيق حلم طالما راوده و هو النزول بسواحل الصحراء متخفيا في هيئة مسلم. لكن قدره، بعد أن وطأت قدماه أرض الصحراء وأصبح وحيدا في عالم تطوقه مجموعة من الاساطير والتراجيديات، استحال الى تجربة مريرة اثر سقوطه بين يدي مجموعة من “البيظان” الذين سلبوه كل ما يملك وعذبوه واقترب من الموت مرات عديدة..”. وانطلقت رغبة المخرج عبداللطيف الصافي، أولا في الإعداد للنص الدرامي، على الاشتغال على النص الأدبي “خمسة أشهر لدى البيظان” في المقام الأول من قوة كاتبه في التحدث عن مغامرته وعن مجتمع الرحل في أرض “البيظان” الذي يستكشفه بإصرار تتوزعه الرغبة و الرهبة. كاميل دولز كباحث انتروبولوجي ومغامر، اهتم بكشف الجوانب الخفية في حياة الرحل بالصحراء المغربية أواخر القرن التاسع عشر، لهذا فان احداث مسرحية “نصراني فتراب البيظان” ليست فقط أحداثا حقيقية بل هي ولادة جديدة ومتجددة للذاكرة تدعونا الى استحضار مفهوم “الهوية” واستعادة نبض الحياة في الصحراء على خشبة المسرح و ترتيب العلاقات الاجتماعية والإنسانية انطلاقا من جدلية الانا و الآخر ومن ثنائيات الرفض والقبول و الموت و الحياة و الاستقرار و الترحال و الحقد و الحب.
تراهن فرقة أدوار للمسرح الحر بكلميم على تحقيق فرجة مسرحية قريبة من وجدان الجمهور في أقاليمنا الجنوبية، وهي بحث مسرحي متجدد، يحاول جاهدا فتح المسرح المغربي وتجاربه على جماليات تلامس تجربة المسرح الحساني في الجنوب، والتي بدأت تترسخ أكثر مع السنوات الأخيرة. لم تخرج أدوار عن هذا السياق، بل حاولت الانتقال من تجربة المسرح (اللغة الدارجة، والعربية) الى المزج بين (اللغة الحسانية، والعامية والعربية) انتهاء الى اختيار اللغة الحسانية، تعبيرا عن المنجز الدرامي. اختيار أدوار، للمزاوجة ما بين لغات المسرح، والتراث الحساني (المادي واللامادي)، يأتي في سياق ترسيخ الخصوصية الثقافية بالمنطقة، ضمن البعد الجمالي وسياق الممارسة الفنية بالجنوب.