مائة وخمسون عاما من المسرح.. مبادرة تستحق التأمل والاعتناء /محمد الروبي
كعادته فاجئنا الناقد والباحث والمخرج د. عمرو دوارة بمبادرة يدعونا فيها للاحتفاء بمسرحنا الذي حسب مبادرته يمر عليه بعد قليل من أيام مائة عام وخمسون. قرن ونصف، عاش فيها المسرح المصري منذ بداياته وما زال جدلا كبيرا حول أهميته وتأثيره وتطوره.
وهي المبادرة التي ستعيد إلى أذهاننا جدلا كان قد أثير منذ شهور حين توقفت الهيئة العربية أثناء سيرها في مشروعها لإعادة توثيق مسرح كل قطر عربي عند المسرح المصري، ودعت باحثيه (باحثو المسرح المصري) للعمل في هذا المشروع دون تدخل منها أو وصاية. لكن البعض الذين ينتمون إلى من وصفتهم يوما بـ(المطلين من الشرفات) تربصوا بالمشروع وصمتوا صمتا مريبا حتى جاءت اللحظة للإعلان عما توصل إليه الباحثون (المصريون مرة أخرى) لينفجروا في وجه كل من شارك متهمين إياهم إما بالعمالة (هكذا مرة واحدة) أو بالتهاون أمام تمييع تاريخنا المسرحي أو.. أو.. وغيرها من اتهامات. وخرجت بعدها الدعوات لضرورة عقد مؤتمر مسرحي (البعض أشار على أكاديمية الفنون باعتبارها الهيئة المتخصصة لتقوم بهذا المؤتمر. والبعض أشار إلى المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية ليقوم هو بهذا الدور لاعتبارات توثيقية وإمكانيات هو الأجدر بها).. ولكن وكما توقعنا انتهت الزوبعة التي لم تتجاوز حدود الفنجان الذي دارت فيه وصمت المطلون من الشرفات مرة أخرى ربما انتظارا لحدث آخر أو مبادرة أخرى ليقفوا في وجه أصحابها صارخين باتهامات جديدة.
من هنا تبدأ أهمية مبادرة الدكتور عمرو دوارة، التي كان حريصا أن يدعو إليها كل مهتم بالمسرح المصري (أفراد وهيئات) للمشاركة فيها. ومن هنا ربما سيبدأ الجدل الجديد حول التاريخ المختار، (فمعنى أن تحتفل بمرور قرن ونصف على بدايات المسرح المصري) فأنت تؤكد مرة أخرى على أن المسرح المصري بدأ على يد يعقوب صنوع (المختلف عليه).
لكن وبصرف النظر عن الاختلاف أو الاتفاق حول البدايات، فإننا نرى أن مبادرة كهذه وبما ستثيره طوال عام كامل (2020) من جدل بحثي هي مبادرة تستحق الالتفات، وتستحق الاهتمام من وزارة الثقافة. وأظن أن تاريخ المسرح المصري والاحتفاء به يستحق تشكيل هيئة علمية على أعلى مستوى تخطط لكيف يكون الاحتفاء لائقا بتاريخ هذا المسرح، من دون الوقوع في فخاخ البيروقراطية المعيقة لكل عمل جاد ومحترم، وبدون – وهو الأهم – إثارة أحقاد تخص (ولماذا فلان هو من دعا) ومن ثم لماذا هو من يجب أن يكون على رأس هذه الهيئة.
نصيحتي لوزارة الثقافة وللمسئولين عن المسرح المصري أن ينتبهوا إلى أن هذا الحدث هو حدث مهم ويليق بأن تتبناه وترعاه رئاسة الجمهورية لأنه ومن دون أي مبالغة هو حدث يخص جزءا مهما من تاريخ هذا الوطن ومن (قوته الناعمة)، إن كنا حقا جادين في استعادتها كما نقول ليلا نهارا على الفضائيات.. فهل نفعل؟