بفرنسا: المسرح اليمني البدايات والرواد في حلقة نقاش للمنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح/ حميد عقبي (باريس)
عقد المنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح،الحلقة النقاشية الإليكترونية الأولى حول “المسرح اليمني البدايات والرواد” تابعها أعضاء وأصدقاء المنتدى في اليمن، ليلة الخميس 12 ديسمبر 2019.
وتاتي فكرة هذه الحلقات النقاشية والتي ستكون أسبوعية تخصص حول تناول مواضيع تتعلق بالمسرح والسينما والفنون اليمنية لمحاولة سد بعض الفراغ وكسر الجمود الفني الذي يشهده المشهد الثقافي والإبداعي بسبب الظروف القاسية والمنهكة التي تمر به اليمن وفي ظل صعوبات قاهرة فإن مجموعة كبيرة من الفنانين والفنانات وتحت رعاية هذا المنتدى قراروا اشعال ولو شمعة صغيرة في الفضاء الفني اليمني الذي مسه الضر كغيره من جوانب الحياة اليمنية التي أصبحت بائسة ومرهقة.
في هذه الحلقة شارك كل من حميد عقبي / كاتب وسينمائي يمني مقيم في فرنسا ورئيس المنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح والأستاذة نرجس عباد/ مخرجة وممثلة مسرحية وعضوه المنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح في اليمن، كما تابع العشرات وكانت هناك بعض الأسئلة والتعقيبات.
في البداية تحدث حميد عقبي مفتتحا الجلسة ومرحبا بالمتابعين ووضح أن هذه المجموعة من المبدعين والمبدعات في مجال السينما والمسرح لديهم رغبة للإبداع ويحاولون مقاومة اليأس المسيطر بسبب الحروب والصراعات والخوف والوجع والألم الذي خلفها سنوات طويلة من القحط المادي فلم يعد أحد يصرف مليما واحدا لدعم الإبداع فلا دولة ولا مشجع ورغم كل ذلك فهنا مجموعة راقية وحالمة بالفن والمحبة والسلام والجمال وهم بحاجة للدعم من كل المنظمات العربية والدولية الداعمة للثقافة والفنون.
تحدث عقبي عن بداية المسرح اليمني وتطوره حيث تشير عدة أطرواحات تؤكد أن المسرح اليمني ظهر قديما وهنا
أكد الشاعر الدكتور عبدالعزيز المقالح في عدة مناسبات من أن اليمنيين القدامى عرفوا المسرح، مورداً عدة أدله أهمها بأن حضارة اليمن لا بد أن تكون حضارة مكتملة وغير ناقصة شأن كل الحضارات التي عرفتها الإنسانية وكذلك وجود أدلة مادية كثيرة ماتزال حية وهي تثبت أن المسرح وجد في اليمن كما وجدعدة حضارات وأن هناك أشعارا ملحمية يمنية على غرار الإلياذة والأوديسة وأدلة أخرى تثبت أن اليمانيين القدامى عرفوا بناء المسارح المتطورة والشواهد حية وموجودة إلى اليوم تثبت وجود مباني مسرحية بجوار سد مأرب والذي يعود تاريخه إلى العصر السبئي وبني على غرار مسارح أثينا القديمة بكل مواصفاتها الفنية والمعمارية.
تطرق عقبي لمشكلة حساسة وهي قلة المصادر والمراجع حول بداية المسرح اليمني وتوجد أقل من عشر كتب طبعت عن المسرح ويصعب الحصول على نسخ منها ولعل من المفيذ ذكر بعض هذه الكتب منها :ــ
المسرح في اليمن تجربة وطموح لحسين الأسمر
سبعون عام من المسرح في اليمن سعيد عولقي
أعلام الأدب والفن للمسرحي في اليمن يحيى محمد سيف
توظيف التراث في المسرح اليمني للباحت عزيـز عايض سعد السريحـي
كما أن عمر عوض بامطرف كتب مقالات كثيرة وثقت مسيرة المسرح اليمني وكذلك يوجد كتاب للدكتور عبدالعزيز المقالح عن المسرح اليمني وكان يتناول المقالح بعض النصوص المسرحية في مقالاته.
قلة وفقر الكتب والمراجع وغياب التوثيق حتى أن مكتبة تلفزيون عدن كانت تزخر بأرشيف لمسرحيات وعروض لكن يبدو معضمها اندثر بعد حرب 94، كذلك ومنذ خمس سنوات من الأزمة والحروب والصراعات تدمر بقية الإرشيف الفني وسيجد أي باحث صعوبات جمة بخصوص المسرح اليمني.
تحدث أيضا عن بعض الأسماء المؤسسة والرائد ومنها علي أحمد باكثير، محمد عبده غانم، محمد عبد آلله الشرفي، عبد الكافي محمد سعيد، علي محمد لقمان، عمر عوض بامطرف، فيصل بحصو، عبدالله مسعد العمري، فريد الظاهري، يحيى ابراهيم، مديحة الحيدر، صفوت الغشم، الممثل اليمني عبدالله شاكر.
وحول نشأة المسرح اليمني وبحسب عدة مصادر ترجح أن عام 1910م تم تكوين أول فريق يمني للتمثيل العربي في عدن من طلبة الحكومة وعرضت مسرحية ” يوليوس قيصر” للكاتب الانجليزي شكسبير على مسرح صغير في ميدان التنس بكريتر، كما تشير مصادر اخرى إلى عرض مسرحي كان في مدينة عدن أول مدينة على مستوى الجزيرة العربية يكون بها مسرح، في 15 ديسمبر 1917 ، بعنوان “القط والفأر”، وهو من تأليف الروائي الهندي “دماندرهمى.
لا يوجد أي خلاف أن مدينة عدن كانت حاضرة الجزيرة العربية في القرن الثامن عشر والتاسع عشر وحوت مدارس وحدائق وعمران ونشطت فيها كل الفنون ويمكن الرجوع لعدة كتب منها كتاب صدر للدكتور سمير الشميري عن مدينة عدن وهو يورد فيه صورة مشرقة للفنون في الاربعينات والخمسينات والستينات وفي هذه الفترة كانت معظم مدن الجزيرة العربية تعاني من الفقر والبدواة وكان اليمن الشمالي تحت حكم متخلف ومستبد وبدأت النهضة العمرانية في مدن ودول الجزيرة العربية مع ظهور النفط وكانت بحاجة إلى بعض الوقت لتفكر بالمسرح والفنون، شهدت عدن في فترة السبعينات والثمانينات متغيرات سياسية لكنها ظلت تحافظ على رونقها الفني وفي هذه الفترة شهد اليمن الشمالي تحرره من حكم الامامة وبداية نهوض ثقافي وظهر المسرح كأحد المظاهر الثقافية.
مع 1990 قيام الوحدة اليمنية كان الأمل أن تكون انطلاقة مهمة وقوية لكن السلطة العليا وسياسة علي عبدالله صالح شجعت على نشاط حركات دينية سلفية متطرفة لكسر حدة شعبية الفكر الاشتراكي والقومي وهكذا حدثت نكسات عددة وقلصت الدولة اهتمامها بالمسرح والفنون ومع حرب صيف 1994 وانتصار عبدالله صالح تحول المسرح إلى نشاط مناسباتي وعشق الزعيم الاوبريتات وكان يشرف بنفسه على البروفات حيث كانت هذه العروض تمجده وتصنعه البطل الخارق وكانت تستهلك طاقة الفرق المسرحية والموسيقية وفرق الرقص الشعبي لعدة شهور.
بحسب رأي عقبي بأن المشهد الثقافي اليمني كان ومايزال شعريا يقدس الشعر بكل أنواعه وتوجد مئات الكتب والدراسات والدواوين الشعرية ومن ثم حاولت القصة ثم الرواية أن تجد لها موضعا وفعلا اثبتت وجودها لكن النص المسرحي ظل محاولات لا تجد الا القليل من الاهتمام والدعم رغم إن كبار الشعراء والأدباء تجدهم محبين للمسرح وعلى اطلاع بنصوص مسرحية ويشاهدون عروضا مسرحية في الخارج والقليل جدا منهم كتب للمسرح أو عن المسرح رغم أنه لم تكن تنقصهم وعي واحساس بروح المسرح وأهميته وقد نجد الكثير من الأعمال الشعرية والأدبية تصلح للاعداد المسرحي وبعضها تم معالجتها كتمثيليات اذاعية عندما نقرأ لهم نجد الروح الدرامية والحداثة والتجريب والمشهدية وملامح الشخصيات القابلة للمسرحة وحتى الأمكنة، البحث عن كتاب للمسرح اليمني فيه صعوبات وقليلة جدا النصوص المطبوعة وهي حاليا شبه مفقودة.
تسأل المتحدث حول نقطة قلة المراجع برغم وجود عشرات درسوا المسرح بجامعات بالخارج خاصة في روسيا والعالم العربي وهل لهم دراست لم تطبع؟ أو كتبت بلغات غير العربية ولم تترجم؟ وكيف يمكننا سد هذا الفراغ؟
لكن يبدو أن الوضع الحالي في اليمن خلق حالة إحباط ونرى معظم من يشتغل في الجانب الثقافي والفني يعاني الكل من الفقر المدقع والمرض والاهمال وأصبح التفكير البحث عن وسيلة لحياة متعبة وما تسمى وزارة ثقافة في صنعاء وعدن لا تفعل أي شيء وحتى الرواتب مقطوعة منذ عدة سنوات وأي مبلغ يصرف لشلة الوكلاء والمناصب العليا فقطا، حيث أننا سمعنا عن مرض وموت عددا من رواد المسرح والفن والأدب وأغلبهم مات فقيرا متالما وهناك من ينتظر موته في صمت وحرقة.
في فترة السبعينات والثمانينات حدث طفرة ثقافية فنية شهدت مظاهر مسرحية فنشط المسرح المدرسي وثم الشبابي مع نشاط الحركة الكشفية وقيام معسكرات كشفية وكذا مشاركات شبابية كشفية خارج اليمن وكان المسرح من أهم الفعاليات ثم ظهر المسرح الجامعي وتأسست جامعة صنعاء في اليمن الشمالي حيث كان النظام يعطي متنفسا بسيطا في حرية التعبير بينما كان الجنوب يخضع لنظام أكثر صرامة وكان المسرح الرسمي تغلب عليه الطابع الاحتفالي المناسباتي في الشطرين وقد تقدم مسرحيات تاريخية أو من التراث ومسرحيات دينية في مناسبات المولد والهجرة، كما ظهرت بوادر المسرح الكوميدي الاجتماعي والفرق الخاصة وكان معهد الفنون في عدن منبرا أكاديميا وفنيا قويا تم اضعاف دوره ببطئ بعد قيام الوحدة ثم اهمل بعد 94 19.
نظم اليمن ثلاث دورات لمهرجان باكثير المسرحي ولم تكتب له الاستمرار، لم يشهد اليمن بناء مسارح خاصة لكن بنيت عشرات الدور للعرض السينمائي الخاصة وكانت تستقبل فرق اجنبية وأنشطة وكلها اندثرت حاليا تعمل واحدة فقط في عدن لعروض احتفالية أيام العيد.
حاليا لا يوجد باليمن أي قاعة مؤهلة للعرض واخر نشاط كان العام الماضي مهرجان عدن بدعم من الهيئة العربية للمسرح ولم يعلن موعد المهرجان الثاني بسبب الاوضاع الأمنية.
تحدث عقبي عن عدة نقاط مهمة منها نشاط الدراما التلفزيونية والاذاعية واعتمادها على كادر مسرحي وظهرت اعمال يمنية عربية مشتركة وحتى هذه النهضة اجهضت ومنذ أكثر من عقدين استعرت الصراعات السياسية وكل الاحزاب لم تهتم بالمسرح ودعمه حيث ظلت أي تجربة تكون بجهد ذاتي ونجحت بعض الأعمال في المشاركة بمهرجانات عربية معتمدة على جهود الفرقة المشاركة وكانت تصتدم أي محاولات أو مبادرات بعدم وجود ميزانية ووجود بيروقراطية وإدارة متخلفة والمتحدث حميد عقبي سبق أن خاض تجربة قاسية في 2007 تجدون منشورات حية عن مهرجان صنعاء السينمائي الأول وبرنامج تطوير السينما اليمنية.
ثم تحدثت الفنانة نرجس عباد وتحدثت عن تطور المسرح اليمني وخاصة في عدن حيث ولدت ونشأت فيها وذكرت فرقة المصافي المسرحية ذات تاريخ عريق وفرقة امال والفرقة الشعبية وفرقة اليمن الحديث وفرقة المسرح الوطني وكان من رواد المسرح (الأستاذ المرحومحمود اربد ومحمد مدي، على أحمد اليافعي)، وكذلك حسين باصديق، احمد محمد الشميري، أمين ناشر، أحمد حسن، عمر جبلي، ناصر حسين، فيصل بحصو وذكرى احمد، عبدالله المسيبلي ومن المسرح العسكري سالم العباب وعلي الكوني وغيرهم كل واحد من هؤلاء كان طاقة إبداعية بالمسرح والاذاعة والتلفزيون والتدريس والتدريب كذلك بالكتابة والنقد حيث تعلم على أيادهم أجيال وكان المسرح المدرسي هو المختبر الحقيقي لفرز المواهب ثم تدريبها وتشجيعها دون مجاملات ولا وساطات.
أهل عدن محبين للفن والثقافة وكان الجمهور راقيا ومشجعا، المسرح كان ملتحما وملتصقا بكل الفنون وخشبة العروض تنتج عصارة هذا التعاون فالكل يخلق متعة وفكر ومن رعيلنا الفنان جميل محفوظ وهو فنانا قديرا يستحق الدعم، ومن رواد الموسيقى وهم أيضا التصقوا بالمسرح الفنان الموسيقار محمد ناجي.
كانت الدورات نشطة بمعهد الفنون يدرس فيه أيضا أساتذة عرب وأجانب مثل الفنان المصري سامي عبدالنبي وأساتذة من أوروبا.
تخرج جيل مؤهل وقمنا بالتدريس بهذا المعهد العريق أنا وجميل محفوظ وقاسم عمر، أحمد عبدالله حسين، سالم العباب وذكرى أحمد علي وهي ممثلة وناصر السعدي وعبدالله حميدو الذي ظل في موسكو وكان لنا زملاء من الشمال في موسكو حيث احتضنت موسكو مواهب من الجنوب والشمال اليمني وكانت الدراسة مكثفة وجميلة.
تحدثت عباد عن ذلك الزمن الجميل حيث كان المسرح فنا وحياة ورغم ما تعيشه بلادنا من ظروف قاهرة يوجد من يعمل ودون مقابل ولي الشرف أن انتجت واخرجت ومثلت مسرحية “قمر” قبل أشهر قليلة عن نص للكاتب السعودي عبالله عقيل والتي نأمل بعرضها مرات اخرى ونسأل الله عودة السلام ليمننا الحبيب فيعود التعاون والمحبة ويعود للمسرح بهائه وقوته فالناس متعطشة للمسرح لكن للاسف لا يوجد أحد يدعمنا ونشكر المنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح وعزيزنا حميد عقبي على فكرة هذه المجموعة وفكرة الملتقيات والحلقات النقاشية ولو عن بعد وعبر وسائل إليكترونية فلقد شعرت بفرحة وراحة وأنا أتحدث بتلقائية عن مسرحنا اليمني وذكرت الأسماء بدون ترتيب وأكيد نسيت ذكر البعض فالمعذرة وكل الشكر والمحبة لمن جمعنا ولكم جميعا.
تلت ذلك عدة تعقيبات من متابعين ويمكن الخروج ببعض النقاط للجلسة، أهمها :
ضرورة التفكير بشكل جاد للبحث وانقاذ ما يمكن توثيقه من أعمال وارشيف المسرح اليمني.
أن يعاد طبع بعض النصوص اليمنية المسرحية المهمة.
توجد عشرات النصوص المسرحية غير مطبوعة وهي بحاجة لدعم لاخراجها على المسرح.
يوجد فنانين وفنانات من الرواد يعانون الموت والالم ولا أحد يذكرهم أو يتعهد بهم.
يعاني كل من يعمل بالمسرح اليمني وخاصة الذين بالداخل من انقطاع الرواتب وسوء المعيشة ولا أحد يساعد على الأقل يجب صرف مرتباتهم من أجل لقمة عيش بسيطة وحفظ كرمتهم.
ضرورة أن تتحرك المنظمات العربية والدولية لفعل أي شيء ايجابي ينقذ المسرح اليمني.
توجد كوادر يمنية إبداعية يمنية محبة للمسرح لكنها لا تجد حتى قوت يومها.
توجد كوادر يمنية إبداعية يمنية محبة للمسرح ترغب بالتدريب والتأهيل.
يعاني أهل المسرح في اليمن من عزله قاتلة ولا يتم دعوتها للمهرجانات المسرحية العربية الكثيرة جدا ولا أحد يهتم بما يحدث لهم.
تبنت الهيئة العربية للمسرح دعم مهرجان المسرح الأول في عدن العام الماضي وكانت لفتة حملت الكثير من الأمل وننتظر من الهيئة دعم المهرجان الثاني وأن يتضمن أيضا دعما انتاجيا ولو رمزيا وكذا ندوات وورش تدريب وأن تكلف لجنة أمينة للاشراف على المهرجان.
مطالبة المنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح أن يستمر في مثل هذه الأنشطة وأن يشترك ويوصل صوت هذه المجموعة إلى هيئات عربية ودولية لدعم الإبداع المسرحي والسينمائي اليمني وأن يتم تطوير البرامج لهذه المجموعة وضم المزيد من المبدعين والمبدعات وأن ينضم برامج عملية لدعم أعمال وكذلك التأهيل والتدريب والمساعدة بالمشاركات في المهرجانات العربية والدولية لكسر حاجز العزلة والإحباط.