فاطمة غالير.مسرح التمرد / علاوة وهبي
اسمها الحقيقي فاطمة بوريجا من مواليد الحروش بولاية سكيكدة الجزائر وغالير هو لقب عائلة زوجها الفرنسي الذي اتخذته اسما لامضاء نصوصها
ولدت فاطمة سنة 1944 ودرست الادب الفرنسي بجامعة الجزائر .ثم سافرت الي فرنسا اين درست السنيما وفي فرنسا تعرفت علي الرجل الذي تزوجته من عائلة غالير وهي الان تحمل الجنسية الفرنسية.
فاطمة بدأت الكتابة بالقصة وكتب عددا من القصص ثم وجدت في المسرح رغبتها فبدات تكتب النصوص المسرحية. وقد تمكنت من دخول الحياة المسرحية بقوة منذ نصوصها الاولي، التي وجدت طريقها الي الركح مع مخرجين فرنسيين وقدمت علي اكثر من ركح في فرنسا وترجمت نصوصها الي لغات غير اللغة الفرنسية التي تكتب بها .
اذ عرفت نصوصها ترجمة الي الانجليزية والالمانية والايطالية والاسبانية قبل ان تعرف طريقها الي لغة اسلافها العربية. فاطمة تاخرت اذن ترجمتها الي العربية وتاخر المسرح والمسرحيون في وطنها الاصلي في معرفتها. كما تأخر المسرح في الوطن العربي في التعرف علي اعمالها.
فاطمة احرز عدة جوائز قيمة منها جائزة ارليتي سنة 1990 وجائزة كاتب ياسين ومالك حداد وكذا جائزة اميك من الاكادمية الفرنسية سنة 1994. هي اذن واحدة من الاسماء لمكرسة في الكتابة المسرحية في فرنسا. ولم تتم ترجمة اعمالها الي العربية الا سنة 2014 وهي الاعمال التي اصدرتها الهيئة العربية للمسرح في مجد تم نشره سنة2014 المجلد يضم خمس نصوص هي
1..الاميرات
2..الحلقة الذكورية
3..الضرائر
4..وتبدو اشجار الخروب من بعيد
5..ريم الغزالة
هذه الاعمال النصوص الخمسة تعاونت علي نقلها الي العربية خمس نساء كلهن مدرسات مسرح في الجامعات وهن: جميلة زقاي، تامر انوال. منال عابد رقيق. حفيظة بلقاسمي. وجازية فرقاني.
وكتبت مقدمة للاعمال الدكتورة زقاي التي قالت عن الاعمال(انها اي فاطمة غالير تتناول في اعمالها مواضيع تمس المجتمع. علي غرار المنفي والاغتراب. وتعدد الزوجات والتعصب الديني وعلاقة الرجل بالمراة والامومة والعنف ضد النساء).كما تحدثت الدكتورة زقاي في تقديمها عن الصعوبة في ترجمة هذه الاعمال خاصة وان الكاتبة تستلهم غيها من التراث وتلجأ الي العادات والتقاليد الامر الذي يتطلب من المترجم البحث عن المعني المقصود ويدعوه الي العودة الي ما تطرحه الكاتبةمن موضوعات ذات الصلة بكل تلك القضايا التي اشارت اليها الدكتورة زقاي في التقديم والتعريف بالكاتبة.
ويبدو لي من خلال قراءتي الخاصة لاعمال الكاتبة غالير ان اغلبها يمتح من سيرتها الخاصة سواء اتعلق الامر برفض القبيلة زواج واحدة من بناتها من اجنبي غير مختن .رغم مجيئ هذا الاجنبي الي ديار القبيلة واعلانه استعداده لعملية الختن وحتي التشهد. فان عادات الاجداد تابي ذلك وهذه من الاعراف القبلية والقيود التي تدعو فاطمة الي تكسيره .وترفض ان يتعامل بها بعد كل هذا التقدم الءي احرزته الانسانية.هذه العقلية تعدها فاطمة من العقليات البائدة المعرقلة للتقدم.
ولذلك تتمرد عليها الي جانب تلك المعاملات السلطوية التي تعامل بها المراة في المجتمعات العربية والاسلامية بشكل عام واعتبارها من الاشياء التي للجل حق التصرف فيها كما يهوي وكما يحب هو لا كما تحب هي.مجموعة من الطابوهات كذلك او من الامور التي يعتبرها المجتمع التقليدي من المحرمات التي لا يجوز الحديث فيها وعنها تضرب بها فاطمة عرض الحائط وتدعو الي كسرها كما تدعو الي اعطاء المراة حقها في اختيار شريك حياتها .فلماذا للرجل حق الاختيار ولا يكون لها هي كذلك .وفاطمة التي تمرد علي تقاليد القبيلة وتزوجت من فرنسي رغم انف قبيلتها لا يمكن الا ان تدعو الي ذلك وقد بدأت هي به .لا يخلو نص من نصوص فاطمة الخمسة مز هذه الدعوة. الدعوة التي تحرير المراة من القيود الذكورية وتخليصها من سلطة الذكر. فهو مخلوق مثله لها مثل ماله من الاحاسيس والمشاعر ولها الحقوفي تحب وان تقبل او ترفض. هي اذن كتابة التمرد التي تنهج نهجها فاطمة في نصوصها ذات المسحة التراجيدية.
نصوص فاطمة سواء اتفق معها البعض او اختلفوا معها في طرحها ورؤيتها تعد من اجمل النصوص. وربما من اصعبها تجسيد علي الركح .ولا اعتقد انه من السهل بالنسبة لاي مخرج التعامل نعها بتساهل .فهي وفي اجوائها العامة اقرب الي اجواء التراجيديات الاغريقية .
فقد وجدت نفسي في بعضها وكأنني اقرأ الطرواديات او غيرها لما فيها من عمق وشاعرية كذلك ولما تتناوله من موضوعات لا يمكن غض النظر عنها. انها نصوص تنتصر للمرأة في الجزائر ومن خلال هذه تنتصر للمراة في الوطن العربي عموما .فاطمة غالير كاتبة مسرح التمرد. والثورة ضد الاعراف و التقاليد وضد التسلط الذكوري في عصر لم يعد فيه لذلك من معني. نصوص متمردة مثل تمرد كاتبتها.وقوبة مثل قوة كاتبتها. وماساوية مثل الماساة التي عاشتها كاتبتها قبل ان تنتصر علي اعراف قبيلتها ومجتمعها وتقترن بالرجل الذي احبته واحبها.وفاطمة في تمردها هذا ودعوتها هذه تشبه الي حد بعيد الدكتورة نوال السعداوي في تمردها هي الاخري .ضد المجتمع الذكوري وسلطته قاهرة المراة.