مسرح الشارع إحتياج ام إحتجاج؟/ بقلم: حسام الدين مسعد (مصر)

لعن الله المتشدقين بالألفاظ والعبارات الرنانة التي كانت سببا في التصدي والمنع لعروض مسرح الشارع في بعض الدول العربيه، بل ان الخلط الشائع بين« مسرح العصابات »ومسرح الشارع جعل من نقاد النخبة ان تحاول القضاء علي فكرة إقامة عروض مسرح شارع في بعض الدول العربيه بوصفها المجحف أن مسرح الشارع مسرح إحتجاجي ومحرك حقيقي للجماهير، بل تم وصفه أنه «إنجاز لأعمال ذات فعل ثوري يتعدى الفردية والمتعة البسيطة إلى أفاق التواصل مع طموحات الشارع، وتطلعات الناس المعدمين، الذين فقدوا القدرة على المواجهة.
قد نشأ «مسرح العصابات» عام 1965 على يد سان فرانسيسكو مايم تروب، وبإلهام من كتابات تشي جيفارا التي تم من خلالها الحصول على تعبير حرب العصابات. وقد اشترك فرانسيسكو في عروض مسرحية في أماكن عامة تلتزم “بالتغير الاجتماعي السياسي الثوري وقد هدفت العروض التي تقدمها المجموعة إلى مناهضة حرب فيتنام والرأسمالية، وكانت تتضمن في بعض الأحيان موضوعات عن العري والألفاظ النابية والعزل، والتي كانت صادمة لبعض أفراد الجمهور في ذلك الوقت.
كما كانت تُطبق في العروض المسرحية، فإن حرب العصابات (من الكلمة الإسبانية “الحرب الصغيرة”) تصف العفوية والأداء المفاجئ في الأماكن العامة غير المحتملة لجمهور غير متشكك. وتهدف هذه العروض عادة إلى لفت الانتباه إلى قضية سياسية أو اجتماعية من خلال الهجاء والاحتجاج والتقنيات المهرجانية. وكان الكثير من هذه العروض نتيجة مباشرة للحركات الاجتماعية الراديكالية في أواخر الستينيات مرورًا بمنتصف السبعينيات من القرن العشرين .ويُعرف مسرح العصابات أيضًا باسم عرض العصابات، والذي يرتبط في بعض الأحيان بالمسرح السياسي الدعائي التحريضي الذي انتشر في ثلاثينيات القرن العشرين، ولكنه يختلف عن المسرح السياسي الدعائي التحريضي في استخدام أساليب عروض حركة دادا الفنية. ويختلف عنه مسرح الشارع في ان قضايا عروض مسرح الشارع نابعه من الحياة اليومية للشارع وإن مسرح الشارع اشمل واعم ويسعي لإيجاد حلول للقضايا المطروحه لأن نصوص مسرح الشارع تبني علي دراسة ديموجرافيه ودراسة سيسيولوجيه لمتلقي الشارع .اي ان الإحتجاج في مسرح الشارع يمثل قضيه مثلها مثل أي قضية يطرحها مسرح الشارع وليست سمة مميزة له . ولذا انا أري انه من الإجحاف لهذا المسرح التنويري الترفيهي الذي يحمل آلية دعائيه لتسويق منتج ثقافي و الذي يجمع كل فنون الشارع أن نطلق عليه انه مسرح إحتجاجي فقط
فكيف الحال ومسرح العصابات؟ او المسرح التحريضي ؟ أمام تلك اللحظة التي يجد فيها المتلقي نفسه مشتبك مع العرض وبراعة ممثل الشارع في تأطير هذه العلاقة الثنائيه حول فكرة العرض الرئيسيه وعدم انسياق الممثل لرغبات هذا المتلقي ومحاولة إرجاعه إلي فكرة العرض الاساسيه . لو كان مسرح الشارع يسعي للتحريض المباشر لفقدنا أهم اركان العلاقة الثنائيه وهو التفاعليه وإكتشاف الدلالة في عرض مسرح الشارع وإنقلب العرض المسرحي التثقيفي إلي تظاهرة إحتجاجيه وهو مايقصده مسرح العصابات والمسرح التحريضي. أما مسرح الشارع قصده الاساسي هو الترويج التنويري والتثقيفي لقضية يكترث لها الشارع في حياته اليوميه من خلال استخدامه لفنون الشارع الأدائيه والجسديه وبقصد إمتاع المتلقي وإشراكه في العرض ليجد الأخير نفسه مشتبك ومتشابك مع العرض في لحظة تتمحور حولها ابعاد ثقافيه ذات قيم مجتمعيه عظيمه.
إن التساؤل الذي استهللت به مقالي هذا حول «مسرح الشارع إحتياج ام إحتجاج ؟» لست أنا أول من يتسائل به بل طرحه صديقي العاشق والمدرب لفنون مسرح الشارع المخرج التونسي «نزار الكشو» لكن البعض أساء فهم مقصده من الاحتجاج انه تحريض علي السلطه لكن «نزار» قصد إن التحريض الإحتجاجي في مسرح الشارع بقصد التغيير الإيجابي في كل القضايا وليست قضايا الانظمة السياسية وحدها فالموضوعات في مسرح الشارع ليست احادية الفكره او الدلاله ولكنها تتسع قضايا مجتمعيه ذات قيم إنسانيه
لذا فانني أري أن مسرح الشارع إحتياج ضروري للتنوير ونشر التثقيف المجتمعي في اطر العلاقة الثنائيه المتكونه بين المتلقي وممثل مسرح الشارع .
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت