قشعريرة نساء في البرزخ للكاتب عدي المختار / بقلم: علاء الباشق
هكذا فقط يمكنني ان اصف ما اختلج في صدري من عاصفة هذيانات وانعكست على اسفل راسي قشعريرة او قل تيار حزن كهربائي، وانا اطالع نص “نساء في البرزخ” لعدي المختار . اردت ان امسك النص واضعة في زاوية من الذكريات الحربية التي مرت علي في هذا الوطن . ولكن الزاوية لم تتسع كان اكبر ولا اعرف لماذا تذكرت وانا اقرئ هذا النص؟. نصا اخر هو “الحب في زمن الكوليرا “لغابريل غارسيا ماركيز .حيث ولا اعرف السبب رأيت في كل الشخوص النسائية في المسرحية شخصية البطلة (فيرمينا ) التي بعد السبعين وبعد زواج خمسين سنة ظلت تحتفظ بمشاعر الحب والعشق لحبيبها الاول (فلورنتينو ) رغم الحرب ورغم الالم كان الحب اقوى هكذا هن نساء في البرزخ مايجذبهن الحب ما يوحدهن في المعانات العشق عشق رجالاتهن الراحلين في الحروب وعشق اولادهن السائرين الى الحروب وهوس الوطن .
من هنا عرفت ان النص برزخي كأسمة ينطبق على الماضي والحاضر وعلى العراق و معاناة نسائه وعلى اي معاناة اخرى بسبب الحرب .. فالحرب تحفر عميقا في ذاكرة الشعوب والافراد انها سهم يصيب قلوب الجميع الاموات والاحياء . او كما قال المؤلف .(( فلهيب الحرب لم تكتوي به الا الارحام التي تعودت .ان تلد وتزف…تلد وتهدي …تلد وتدفن)) وهكذا هي بالفعل . واذا عدنا للنص الذي جذبني واياكم للحديث عن الحرب . نراه نصا متدفق يجرفنا بمشاعره حتى انك لا تكاد تشعر انك تقرأه وانما تتخيله… شخوصه كل يحمل رؤياه عن ذات الوجع ودلالة ذلك الاغنية التي تتشاطرها النسوة على اختلاف اعمارها . .
وللنص شطئان فتارة يرمينا لشاطئ الذكريات الموحشة وتارة يرمينا على شاطئ المستقبل المبهم وتارة يحملنا الى تداعيات وانثيالات شخوصه، التي اعتقد انه يشار الى كاتبها بالبنان لأنه استطاع ان يعيشها في خيالاته وينقلها لنا حروفا موشات بالدموع . وان كان مأخذي على النص انه متشائم وضعنا في مثلث الماضي والحاضر والمستقبل ثم صبغ الجدران باللون الاسود . الا ان هذا لا ينفي ان اسلوب السرد الذي امتاز به الكاتب كان رشيقا ومتناسقا ومحبوكا بشكل جيد . والحوارات كانت كأنها كرة تتقاذفها الشخوص بلمسة واحدة . فلا تمل ان تنصت وانت تقرئ وتنتقل من حوار الاخر حتى تشعر ان المؤلف دائم تسديد الاهداف الى قلبك وعقلك . فتارة يسدد حكمة الى عقلك على غرار ((الولادة هي زمن لابد منه …زمن تختفي فيه خطوط الطول والعرض ..وتدق فيه طبول الحذر)) ولكني احسست انه لا يشير الى ولادة الطفل وانما ينطلق منها رمزيا الى ولادات اخرى وخطوط طول وعرض مختلفة . وتاره يسدد الى قلبك على غرار ((ارميه ولا تخافي…فله وطن يحميه )) ولنا ان نسأل هنا هل الوطن يحميه ام يذبحه حسب النص ؟ .
وباتجاه اخر الجانب الديني الذي تناوله النص او رؤيا المؤلف عن الدين فكانت ترى ان الدين مسالم وبسيط ويرفض الدم وهنالك من يستغله لصالحة ومن الدين الى المعاناة الشخصية الى اثر الحرب يدحرجنا الكاتب ما بين ضفافه ولذلك ارى انه نص ثر وغني من ناحية الجوانب التي تناولها واوقفنا على عدة مناطق مهمه ومؤثرة . وللنص اكثر من وجه فاذا شئنا قرأناه على انه صراع ما بين الفحولة والانوثة وهكذا نكون ظلمنا النص وتناولناه بسطحية تامة . واذا شئنا جردناه من مفاهيم مستعارة الايصال فكرة اتخذها الكاتب اداة . كمفاهيم الفحوله والانوثة والارحام لنصل الى مستوى اخر من فهم النص باعتقادي انه ما ارادة الكاتب . نساء في البرزخ نص جدير بان يجسد على خشبة المسرح مع المحافظة على روحة وتدفقاته السردية و الحدثيه . وهو نص جدير بالقرأه للمتعة او للتفكر فهو برزخي المناطق والاحداث والمشاعر .
** علاء الباشق / كاتب وناقد عراقي