الخلط الشائع في مسرح الشارع/ بقلم:حسام الدين مسعد (مصر
لقد انبري الباحثون في تعريف مسرح الشارع بأنه «كل عرض مسرحي يقدم في الشارع والأماكن العامه متخذا من المتلقيين المتواجدين بشكل عشوائي جمهورا له ومستلهم موضوعاته من الحياة اليوميه لهم وبقصد احداث التفاعليه التشاركيه معهم ».
إن القصد من التفاعلية التشاركيه في مسرح الشارع الذي نقدمه في بلداننا العربيه هو بلوغ المتلقي لغايات دلاليه في العرض المقدم في الشارع وتأسيس علاقة شراكه جديده بين الجمهور الذي نسعي إلي جعله مجموعة من المتلقيين لا جمهور من المشاهدين وبين العرض المسرحي الذي يحمل قضايا الناس اليوميه وفي رسالة توعويه وتثقيفيه قصدها بلوغ المتلقي لغايات دلاليه ذات طابع إنساني وقيمي وإنه يتضح للباحث والمشاهد عن كثب ان عروض مسرح الشارع التي تقدم في وطننا العربي قد شابها الخلط بين الأشكال الفرجوية الاخري التي تعرض في الشارع وبين الوظيفة الاساسيه والمقصد من عروض مسرح الشارع فلقد تشابهت العروض التي تستهدف جمهور الشارع في تحويل هذا الجمهور من مشاهدين الي متلقيينوكان للبرازيلي «اوجيستوبوال» الذي. سعي لنشأة مسرح المقهورين والذي أزعم أن عروض مسرح الشارع في العالم قد تأثرت بمنهجه هذا ولذا وجب علينا أن نتحدث عن نبذة مختصره عن مسرح المقهورين والتقنيات الخمس الذي اسسها «بوال»
#مسرح_المقهورين
هو نوع من أنواع المدارس (المسرحية الحديثة) نشأت على يد البرازيلي (أوغيستو بوال) تكتشف هذه المدرسة المسرحية الجوهر الاجتماعي الجمالي الإبداعي الذي يظهر بصورة جديدة وغير مألوفة وعلاقة جديدة تماما بين الجمهور، وبين العرض المسرحي، يحاول هذا المسرح في تكوينه الخاص بتأسيس علاقة شراكة جديدة، بين هاتين القاعدتين المسرحيتين بشكلا من أشكال الاندماج بين الاثنتين لأجل دفع العمل المسرحي، نحو الحل الاجتماعي الذي يطرحه مسرح المقهورين ألا وهو تغيير الواقع، وليس التماهي معه كما ينشد المسرح الكلاسيكي.
كان أوغستو بوال يرى في أشكال الفصل المسرحي التي يتأسس عليها الفضاء الجمالي والابداعي للمسرحية التقليدية أكثر من مجرد تقسيم مكاني شكلي، بل هو عزل للناس عن دائرة الفعل، وعن ممارسة (التغيير)، أي بتحويل المتفرج لمتلقي دون اعطائه فرصة ممارسة التاثير المباشر على موضوع العرض المسرحي. و هنا يعمل مسرح المقهورين ويحاول كما يقول بوال أن يكون مرآة تمكن المتفرج أو المتلقي من التدخل لتعديل صوره الحدث لا مجرد النظر إليها – التغيير- و تخلص تجربة بوال الي العمل على بناء صورة للواقع كما يحللها ويراها الجمهور، بترتيبها من جديد وتبديل ما يلزم وكما يحلوا لهم – المقهورين-،
فالمقهورين يصورون نفسهم ومشكلاتهم داخل الحل المسرحي الذي يعطونة للعمل المسرحي من هنا سعى بوال إلى إخراج المتفرجين من البقاء على هامش حركة النص إلى حيز الفعل والتأثير الحقيقي من خلال صيغة حلقة نقاش الحل المسرحي أو كما سميت (مسرح المنتدى) التي عززت التشابك بين الممثلين والمتفرجين في إنتاج العرض، فالمسرح برأيه هو نحن؛ لأننا جميعا ممثلون، ولأن المسرح ليس بحاجة إلى جمهور ومنصة، بل إلى مؤدٍ ليكون قائما وموجودا.
وقد اسس «بوال»خمس تقنيات سنقوم بعرض كل تقنيه من خلال مثال توضيحي
1-مسرح الجريدة:
– من أبسط وأوائل الأشكال المسرحية التفاعلية وتقوم على طرق عدة مثل قراءة أخبار من الجريدة بصوت عال في الأماكن العامة أو حتى كفاصل في إحدى الفعاليات المسرحية، على أن تكون تلك القراءة تبرز فجاجة تلك الأخبار أو عدم صحتها وذلك بناء على الأداء، ويمكن أن تكون الأخبار صحيحة وفي هذه الحالة يجب قراءتها كشهادة مثل الأخبار التي تفيد بعدد الشهداء في مكان ما، ويمكن في حالات أخرى تقديم أخبار مؤلفة أو أخبار نصفها من الجريدة بالفعل، بينما الجزء الآخر في الجريدة غير حقيقي، وبالتالي يتم إحلاله ببقية مؤلفة خصيصاً لتفيد بما حدث في الواقع إلى آخره .
2-المسرح الخفي :
– هو نوع شائع جداً ولو لم يتخذ شكلاً منهجياً . ويقوم ببساطة على تقديم موقف صراعي فيه نزاع واضح بين فردين في مكان عام دون إعلام الناس أنه مشهد تمثيلي، وعادة ما يتدخل الناس لحل النزاع فيكونون بذلك قد انخرطوا في العملية المسرحية وأصبحوا على أعتاب مسرح المنتدى، وبالرغم من أن الممثلين لا يعلنون الحقيقة إلا بعد انتهاء المشهد إلا أن ذلك الإعلان يؤسس لعلاقة جديدة مع الناس/ المتفرجين ويمنع الإحساس بالخديعة .
3-مسرح المنتدى:
مسرح يتحول فيه المتفرج إلى ممثل أو إلى فاعل يعيد صياغة المشهد المسرحي من خلال تفكيره الإيجابي الخلاق فيعمل كمؤلف أو دراماتورج فوري . ويجسد ذلك التفكير فورياً أيضاً كما لو كان ممثلاً مدرباً على الارتجال . إنه أيضاً المسرح الذي يشارك فيه الممثل على المنبر زميله المتفرج في اختبار المقترح المطروح، وما إذا كان فعلاً يقود إلى الحل، فلا يمكن أن تحدث انفراجة في المشكلة إلا إذا كان الحل مقنعاً ولا يتجه إلى الحلول الخرافية ولا إلى الفساد أو العنف، إنه مسرح التمرد على القهر بشكل فعال وليس بالتنظير والكلام، ومسرح التمرد بالفعل الدرامي، فعندما يتمكن المتفرج من المشاركة الفعالة أمام جمهور المواطنين يصبح له صوت مسموع ويعرف أن التغيير ممكن، وكما يقول بوال عندما يستطيع المتفرج التغيير داخل العرض لن يعود أبداً إلى الواقع ويتنازل عن قدرته على التغيير. إنه مسرح التدريب على الثورة وليس الثورة نفسها .
4-قوس قزح الرغبة :
تقنية مستمدة من مسرح الصورة بالأساس، وتقوم على صياغة القهر الداخلي الذي يقع داخل نفسية الفرد مثل أن يكون عنصرياً تجاه نفسه أو أن يكون خائفاً بسبب خبرة نفسية سيئة تؤدي إلى فقدانها الإرادة، ومن ثم تقع ضحية للقهر، ويمكن استخدامها في مسرح السيكودراما لكن يمكن كذلك تطوير البحث بهذه التقنية وصولاً إلى ترجمتها في مشهد مسرحي يجسد العناصر النفسية والمخاوف الداخلية على هيئة شخوص درامية .
5-المسرح التشريعي :
هو امتداد لمسرح المنتدى، فعندما يكشف المتفرج أنه لا حل للصراع إلا بما يتعارض مع القانون وكأن هناك ثغرات في القانون تدعم حدوثه ولو بشكل غير مباشر، يجب غيير القانون، وهنا تتم الاستعانة بمحام أو ناشط حقوقي لصياغة المقترح وبعد تجميع توقيعات المواطنين من هذا الحي يتم رفع المطالبة والمقترح إلى البرلمان لمناقشته، وقد نجح المسرح التشريعي بالفعل في إدخال قوانين جديدة كان من شأنها تغيير أوضاع مجتمعية كثيرة .
إن السمة الأساسيه في مسرح المقهورين أن المتلقي يشارك في تغيير الواقع .
ما في عروض مسرح الشارع التي نسعي لنشرها في بلداننا العربيه فإن مشاركة المتلقي لصناع العرض مشاركة من اجل بلوغ المتلقي للغايات الدلاليه للعرض ولذا فإن عروض مسرح الشارع تسعي الي نشر رسالة تثقيفيه وتوعويه من خلال منتج فني للناس اينما وجدوا .