نص مسرحي: "مريم و البهلوان" / تأليف:  محمد الكامل بن زيد

مسرحية للأطفال

الفئة العمرية من 09 سنوات فما فوق

 
إلى آلاء ماريا “مريم” .. زوليخة وعلي…/ محمد الكامل
 
الشخصيات:

  • الدمية مريم
  • البهلوان
  • الثعلب
  • الحرباء

                                    مشهد 1 :
 
المنظر: قَاعَةُ عَرْضٍ لِمَسْرحٍ صَغِير..تُزيّنُ حَواشِيَهَا سِلسِلةُ مَصَابيحَ مُختَلِفةِ الأحْجَامِ والألوَانِ..تتَلأْلأُ بِشَكْلٍ مُبْهِرٍوَجَمِيلٍ..أَعْلَى أعْمِدَةِ القَاعَةِ عُلّقَتْ أرْبَعةُ مَصَابيحَ عِمْلاَقة تتَرَاقَصُ فِي انْسِجَامٍ مَعَ المُوسِيقَى التّرحِيبيةِ ..مُوحِيّةً بأنّ العَرضَ المَسْرحِيَّ سَيكونُ ممتعًا.. فيمَا بَدتْ الكَرَاسِي المُصْطَفَّةُ خَاليةً مِنَ المُشاهِدينَ..لَحَظَاتٌ قَلِيلَةٌ يُسْمَعُ بَعدهَا صوتُ مقدّمِ البرامِجِ مِنْ خَلفِ الكَوَاليسِ ..
 
مقدم البرامج: أيّهَا الأعزاءُ..أيّهَا الأطفالُ..أيّهَا الأحِبةُ..سنُقدمُ لكمْ بَعدَ حينٍ العرضَ الرائعَ ..الذِي طَالما اشتقتُمْ إليهِ  و انتظرتموهُ على أحَرّ من نارٍ ..
(لا تصفيق )..فَقطْ موسيقَى ترْحِيبيّةٌ
مقدم البرامج: أيّهَا الأحِبّةُ.. أيّها الصغارُ..الزمُوا أماكِنَكُمْ.. سيبْدُأ العرضُ بعدَ لحظَاتٍ..
(لا تصفيق )..فَقطْ موسيقَى ترْحِيبيّةٌ
مقدم البرامج: نَعَمْ الآنَ ..سيَظْهَرُ لكُمْ..صَفّقُوا مَعِي بأقْصَىمَا لديكُم ْمِنْ فَرَحٍ ..مِنْ ابْتِهَاجٍ  ..مِنْ زَمَنِ المحبةِ ..زمَنِ الفُرْجَةِ والمرحِ ..سَيأتي إِليكُمْ ..هَا..هُو قادِمٌ .. نَعمْ ..هَاهُو قَادِمٌ ..واحدٌ ..اثنانِ ..ثلاثةٌ ..هَا..هُو صَديقكُمْ البَلهوانُ
(يزداد صَوْتُ المُوسِيقَى التَّرْحِيبِيَّةِ اِرْتِفَاعـًا تِلْقَائِيًّا مَعَ دُخُولِ  الْبَهْلَوَانِ  الذي يَبْدَأُ الْقِيَام َبِدَورَاتٍ شَرَفِيَّةٍ حَوْلَ الْمَسْرَحِ..مُهَلِّلاًّ وَمُرْحِبًّا بِالْأَطْفَالِ الصِّغَّارِ)
البهلوان: مرحبًا أيّهَا الأطْفَالُ ..مَرْحبًا أيّهَا الصِّغَارُ ..لقَدْ عَادَ صديقُكُمْ الوَفيّ ..صَدِيقُكُمْ المخْلِصُ
(الْبَهْلـوَانُ بَعْدَ أَنْ كَانت الْاِبْتِسَامةُ وَالْبَشَاشةُ مُرْتَسِمـتين عَلَى وَجْهـِه  تَكـدَّرَتْ  سُحْنَتُه  فَجْأَةً فَتَوَقّفَ عَنِ الرَّكْضِ مُبْدِيًا اِمْتِعَاضًا وَاِسْتِغْرَابًا عَظِيمًا..إِذْ لَمْ يَسْمَعْ لَا تَصْفِيقٌ وَلَا ضَحِكٌ وَلَا صُـراخٌ وَلَا تَهْلِيـلٌ مِنَ الْأَطْفَالِ..وَ حِينَ اِسْتَـدَارَ نَحـوَهـمْ يَتبـيَّن الْأَمـرَ  هَالَتهُ الْكُرَّاسـي الشَّاغـِرَةُ مِنهُمْ وَلَمْ يَنـتَبِهْ إِلَى  خَيْـطِ  الْبَالونَاتِ  وَهُوَ يَنْسَل مِنْ  يَدِهِ  وَيَطِيرُ عَالِيَا..)
البهلوان: في صَوْتٍ مُضْطَربٍ.. أيّهَا الأحِبّةُ..أيّهَا الأطْفَالُ الأعِزّاءُ ..أينَ أنتُمْ؟ .. (يَضَعْ يَدِيْهِ في ذُهُولٍ فَوْقَ جَبِينِهِ كَمَنْ يَبْحَثُ عَنْ شَيءٍ مَفْقُودِ.. مْشِي  فِي  أَرْجَاءِ  الْمَكَانِ  يَتَفَقَّدُهُ)..نعَمْ هُو..هَذَا هُو مَسْرَحِي..هَذَا المكَانُ الذِي أعِيشُ فِيهِ وأَعْشَقُهُ ( يحادثُ نفسَه ويخمّن)..رُبما هُوَ مَقْلَبٌ ..نَعَمْ هُوَ مَقلَبٌ..اعْتَدْناَ هَاتِه الأَيّامَ عَلَى المقَالبِ.. (يضْحكُ ثم ينادي بصوتٍ عالٍ) يا صَاحِبَ المسرْحِ.. يا مُقَدّمَ البَرامِجِ.. هيّا.. هيّا أدْخِلُوا الأطْفَالَ..مِن فَضْلِكُمْ..لا تَعْبثُوا مَعِي..لقَدْ حَانَ وقْتُ العَرْضِ (ينظرُ إلى ساعِتِه) نَعَمْ كُنتُ في قَيلُولَةٍ لكِني لمْ أنمْ كثيرًا (يضحكُ) لعَنَ اللهُ النُّعاسَ فَهُوَ سُلطانٌ.. لعَنَ اللهُ النُّعَاسَ فَهُوَ سُلْطَانٌ (يذهبُ إلى الستارةِ وينظرُ خلفَها ..يضربُ كفّيهِ ببعضهِمَا مذهولاً) لا أحَدَ هُنا.. أينَ ذهبَ الجميعُ؟!(يخرجُ من جيبِه ورقةً صغيرةً) ..نَعَمْ.. نَعَمْ ..اليَومَ هُوَ يومُ العَرضِ..فأينَ ذهبُوا يا تُرى ..أينَ؟  ..لا يمكنُ أنْ يكونَ هَذا إلا مقلبٌ (يحركُ شعرهُ بحركةٍ سريعةٍ) نعمْ..نعمْ.. أكيدٌ هذا مقلبٌ..
مقدم البرامج: أيّها الأطفَالُ..أيهَا الأحِبّةُ ..استَمْتعُوا مع صَدِيقِكُمْ الوَفيّ..صديقِكُمْ البهلوان ..ما أسعدَهَا منْ لحَظَاتٍ ..إنهَا  الأجمَلُ .. الأحْلىَ..
 البهلوان:(غَاضِبًا)..يَا هَذَا أَيْنَ هُمالْأَطْفَالُ..أَيْنَ هُمالْأَحِبَّةُ..( مُتَذَمِّرَا)..آهٍ نَسِيَتُ أَنَّكَ تَتَحَدَّثُ مِنْ خَلْفِ الكواليسِ رُبَّمَا  لَمْ  يُعْلِمُوكَ  مِثْلِي أَنّ  الْأَطْفَالَ  لَمْ  يَأْتُوا  الْيَوْمَ.. لَقَدْ كَانَ عَلَى الْإِدَارَةِ أَنْ تُخْبرَنا..(يذْهَبُ خلفَ الكواليسِ مرةً أخْرَى ثمّ يعُودُ حَزينًا ) .. يا إلهِي ..أينَ هـم.. أينَ الجميعُ ؟.. حتىّ مقَدّم البرامِجِ غَيرَ موجودٍ ..كانَ صوتُهُ مُسَجّلاً علَى شَرِيطٍ إذَاعِيٍّ وهَأنذَا قَدْ أسكتّهُ ..أكيد هُو مُتَواطِئٌ مَعَهُمْ ..يا إلهِي هَلْ أنَا في حُلمٍ ..أمْ كَابوسٍ ..( يَجلسُ بالقرْبِ من صُندوقٍ كبيرٍ خَشَبِيٍّ فيهِ ألعابٌ ودُمًى.. يُطأطئُ رأسَهُ حُزنًا وأسَفا ) .. مُستحيلٌ أنْ أصَدِّقَ مَا يحدُثُ ..فَهذَا غَيرُ مَعْقُولٍ ..فأنَا لاَ يمُكنُ لي أنْ أعيشَ دونَ الأطفالِ فهُمْ سِرُّ سَعادَتي وبهجَتي ..
صوت من داخل الصندوق: لا تحْزنْ يا صَديقِي ..لا تحزَنْ
البهلوان: كيفَ لا أحْزنْ؟ ..كيفَ لا أحْزنْ ؟
صوت من داخل الصندوق: أليسَ البهْلوانُ هُو السّعادةُ ..هُوَ المرحُ ..هوَ الفَرحُ..
البهلوان: نعَمْ ..نعَمْ ..أنا السّعَادةُ ..أنا المرحُ ..أنا  الفرحُ (ينتفِضُ فزعًا مبتعِدًا عن الصّندُوقِ كمَنْ تفطّنَ إلى نفسِه)ماذَا.. ماذَا هَلْ كنتُ أحَدّثُ نَفْسِي أم خُيّلَ إليّ أنّي أحَدثُ أحدًا غَيرِي ..
مريم: (فتاةٌ صغيرةٌ علَى هيئةِ دميةٍ تخرجُ منَ الصّندوقِ) ..لمَتحَدّثُّ نفْسكَ ولمَ يُخيّلُ إليكَ ..إنكَ تحدثُ دميةً أيّها البهلوانُ الطّيبُ ..
البهلوان: (يفركُ عينيهِ) هذاَ صَحِيحٌ أنا أحدثُ دميةً
مريم: واسمِي مريمُ.. أليسَ جميلاً ..
البهلوان:(يحك رأسه بحركة سريعة).يا الهي.. دميةٌ تتكَلمُ واسمُهَا مريمُ ..جميلٌ و رائعٌ..
مريم: (مزهوةً)..وأغنيّ وألعَبُ وأفعلُ الكَثيرَ ..الكَثيرَ مِنَ الأشياءِ الجَميلةِ بَعضُهَا لا يمكنُ أنْ تتخيلَهُ..أبْسَطُهَا الحركاتُ البهْلوانيةُ (تضحكُ)..مِثلُكَ يا صَدِيقِي (تقومُ ببعضِ الحركاتِ البهْلوانيةِ)
البهلوان: (يُصفقُ عليهَا مُبتسمًا) رائعٌ ..رائعٌ ولكنْ كيفَ.. كيفَ ..؟؟
مريم: (تبتسمُ) ألسْنَا في مَسْرحٍ؟
البهلوان: نعمْ..نعمْ ..نحنُ في مَسرحٍ
مريم: ألا يجْعَلُ المسْرحُ خيالنَا وأمنياتِنَا حقيقةً..كمَا ترَى؟ .. (تشيرُ إلى نَفسِها) ..
البهلوان: (تزدَادُ ابتسَامتُهُ اتّسَاعًا ويَهُزُّ رأسَهُ مُوافِقًا) ..نَعم المسْرحُ عَالمٌ مملوءٌ بالأحْلاَمِ الجَمِيلَةِ.. يُعطِينَا فُسَحًا واسِعَةً وآفَاقًا بَعِيدَةَ المدَى.. فنفْعَلُ ما نَشَاءُ ..كيفَمَا نَشَاءُ..
مريم: (تفتحُ ذِرَاعَيهَا فِي انْشِراحٍ) إنَّهَا مُتْعَةٌ عَظِيمَةٌ ..
البهلوان: حَقًّا ..إنّهَا مُتْعةٌ مَا بَعدهَا مُتْعةٌ
مريم: أليْسَ رائعًا أنْ تبَتسِمَ إلَى الحَياةِ ..
البهلوان: نعمْ ..رائعٌ ..رائعٌ.. لكنّ الأرْوَعَ لوْ كانَ مَعنَا الأطْفَالُ.. (تُعَاودُهُ نَوبةُ الحُزنِ فيجلسُ متثاقلاً على الكرسِيّ)..
مريم: أيّهَا الصّديقُ الطّيـبُ لماذَا عُـدتَ إلى الحـُـزْنِ مرةً أخْرَى ..؟
البهلوان: الأطفَالُ هُمْ سِرُّ بهْجَتي وسَعَادَتي وفَرحَتي..وإني أكَادُأُجَنُّ وأفْقِدُ صَوابي.. لمْ أفْهمْ سِرّ غِيابهِمْ اليومَ.. لقَدْ اعتَدْنَا أنْ نَأتيَ إلى هذِهِ المدِينَةِ كُلَّ سَنةٍ كَيْ نَفْرحَ ونَسْعَدَ معَهُمْ ..
مريم: (تلتزمُ الصمتَ قليلاً  وتخفضُ رأسَهاكأنهَا تُخفِي شيئًا وتخشَى البوحَ به )..
البهلوان:ما بكِ أيتُهَا الدُّميةُ الجَمِيلةُ صَمَتّي عَنِ الكَلاَمِ ..أنَا سَألتُ فَهلْ مِنْ جَوابٍ؟ (ينقرُ علَى رأسِها مدَاعِبًا)  ..
مريم: الأطفالُ ..الأطفالُ (في تعلثمٍ واضحٍ وجليّ) ..
البهلوان: (فزعًا ) ما بهمْ..؟ ما بهمْ؟ هلْ حدَثَ لهمْ مكروهٌ؟ ..هلْ أصابهم شيءٌ..؟
مريم: لا ..لا ..هُم بخير ..
البهلوان: (يتنفس الصعداء) الحمدُ للهِ ..إذًا  ما الأمرُ؟ .. علَى مَا يبدُو أنّكِتعرفينَ سرّ غيابهِمْ ؟
مريم: (في صوت حزين) إنهمْ لمْ يأتُوا إلى المسْرحِ اليومَ لأنهـــمْعزفُوا عنهُ وانشَغَلُوا بأشْياءَ أخْرى ..
البهلوان: أشياءٌ أخرى ؟!
مريم: (في أسفٍ) نعمْ ..نعَمْ
البهلوان: وماذَا تعنينَ بأشياءَ أخْرى ؟
مريم: أشياءٌ أخْرَى..كانْغِمَاسِهِمْ في ألعَابِ  الهَواتِفِ النّقّالة..وألعابِ البلايْستيشنْ وغيْرِهَا ..فَـمَاعَادَ المسْرحُ يسْتَهْويهمْ ..
البهلوان: مَاذَا ..ماذَا ..غَيرُ معْقُولٍ ..هَذَا لاَ يُصَدّقُ ..إنهَا  الكَارثةُ إذَا مَا عَزفُوا عَنهُ فالمسْرحُ هوَ أبُ الفنُونِ ..فَمنْ يحبهُ ويبتهجُبأجْوائهِ سَيتعلمُ الكثيرَ في هذهِ الحَياةِ ..
مريم: أعلمُ ..أعلمُ
البهلوان: (مستاءً) لكنْ كيفَ يحدُثُ هَذا ..ومتىَ ؟
مريم: يحدثُ هَذا حينَ يتغَافلُ الآباءُ عَنْ أبنائِهِمْ وتُصبحُ همُومُهمْاليوميّةُ أعظمَ مشَاغِلِهِمْ..
البهلوان: (غاضبًا) هذِه هيَ الطامةُ الكُبرَى ..ألاَ يَعلمُ الآباءُ أنّ انغِماسَ أطفالهِمْ لسَاعاتٍ طويلةٍ في اللعبِ بتِلكَ الأجْهِزةِ ..سيُعرّضُهُمْ إلى العَديدِ منَ الأمْراضِ أخْطرُهَا ..مرضُ التوحّدِ ..لاَ ..لاَ هَذا خطيرٌ جدًّا ..جدًّا
مريم: للأسفِ ..هَذا ما يحدُثُ ..هاتِه الأيّامِ
البهلوان: (في حنقٍ شديدٍ) عنْ نَفسِي لنْ أسكتَ ..إذا عادَ الأطفالُ سأخبِرُهمْ بالخَطرِ المحْدِقِ بهمْ وأحَذّرُهمْ ..حَتىّ آباءَهمْ سأعاتبهُمْ عتابًا شَديدًا..
مريم: أخْشَى أن تَطُولَ فترةُ غيابهمْ
البهلوان: حقًّا إنها كارثةٌ ..مصيبةٌ ..ومَاذا أفعلُ أنا وهُمْ عَالمِي ..أنَا أحِبُّ عَالمِي لأني أحِبُّهُمْ ..
مريم: (بعدَ تفكِيرٍ) اسمعْ خَطرتْ لي فكرةٌ ..يمكِنكَ أنْ تُقدمَ عرضَكَ المسْرحِيّ فتَسعَدْ وتُسعِدْ..
البهلوان: أينَ ..هُنَا .. (يُشيرُ إلى ما حَولهُ) ..أتهزئينَ بي أيتُهَا الدميةُ الطّيبةُ ..
مريم: حاشَا لله ..
البهلوان: إذًا أينَ يا تُرى ؟
مريم: لا تستعجلْ (مترددةً)..فأنَا أقصِدُ أنّ لي في الغَابةِ المجَاورةِ أصدقاءٌ ..صغارٌ ..
البهلوان: أصْدِقَاءٌ صِغَارٌ في الغَابةِ المجَاورَةِ ..جَميلٌ..رائعٌ ..أكِيدٌ تقْصِدينَ أننَا سنَجدُ أطفالاً هناكَ ..لعَلّهُمْ أطفَالُ الكَشّافَةِ يُخيّمونَ هناكَ مثَلاً ..
مريم: (تهزُّ كتِفَيهَا)..نوعًا مَا ..المُهِمّ همْ صِغارٌ
البهلوان: (يرْمقُهَا بغرابةٍ)أطفَالٌ ..يكَادُ الأمرُ أنْ يكُونَ كذَلكَ  ..المهِمّ صِغارٌ ..مَا هَذا ..أوضِحِي الأمرَ ؟!
مريم: نعَمْ..نعمْ ..في الحَقِيقــَـــةِ أصْدِقائِي هُمْ صِغَارُ الحيَواناتِ
البهلوان: (مستغـــربًا)..مَـاذَا..ماذَا..صِغَارُ الحيَوانَاتِ .. ؟!
مريم: (ترمقُهُ في حِدّةٍ)..ألاَ يحِقُّ لهُمْ أنْ يَستَمْتِعُوا بمَا تُقدمُهُ مِنْ عُروضٍ مَسْرحِيةٍ ..
البهلوان: لالاَ لمْ أقُلْ هَذَا..فالمسرَحُ للجَميعِ..لكنّ الأمرَ بدَا لِي غريبـًا بعْضَ الشّيءِ .. مريم: مِثلِي أنَا .. (تبتَسمُ)
البهلوان: يضْحَكُ ..نعَمْ ..نعَمْ (يَحُكّ رأسَهُ قليلاً ثُم يُبْدِي موافقتَهُ)..لمَ لاَ لنُجَربْ ؟!
مريم: إذاً مَاذا نَنتَظِرْ ..هيّا..هيّا
البهلوان: انتظِري ..انتظِري ..سَأكتبُ  رسَالةً
مريم: لمَنْ ؟
البهلوان: للأطفَالِ ..للأحِبةِ ..فأنَا عِندِي أمَلٌ أنهُمْ سيَعودُونَ لاَ محَالةَ ومعَهمْ أولياؤهمْ أيضًا.. (يبحثُ عَنْ ورقةٍ ويكتبُ الرسالةَ ثمّ يقَدّمُهَا إلى الدُّمْيةِ مريم)..
مريم: (تقرأُ الرسَالةَ)..أيهَا الأطفَالُ ..أيهَا الأحبةُ سأعُودُ إليكُمْ ..لنْ أتأخرَ طويلاً ..فأنَا مُشْتاقٌإليكُمْ وأعْلَمُ علْمَ اليقِينِ أنّي حينَ أعُودُ سأجِدُكُمْ ..فَليسَ هناكَ أجمَل منَ المسرحِ..المخْلصُ صَدِيقُكُمْ البَهْلوانُ
                              إظــــــــــــــــــــــــــــــــــلام
 
                                    مشهــــــد 2:
(في الغَابةِ ..يظهرُ ثَعلبٌ عَجُوزٌ هزيلُ الجسدِ ..منهكُ القِوى يمْشِي بِصُعُوبةٍ كبيرةٍ متكئًا عَلى عصاهُ الخَشَبيةِ..)
الثعلبُ: (يئنُّبِصَوتٍ حَزينٍ) مُنْذُ أيّامٍ طَوِيلةٍ لمْ أتنَاولْأيَّ طعامٍ..الجُوعُ يكَادُ يقتُلنِي ..وجَسَدِي لمْ يعُدْ يتَحمّلُ..
(يتعثرُ كثيرًا في مِشيتهِ حتّى يكادُأنْ يسقطَ ..يُسْرعُ جَاهِدًا إلَى أقربِ شجرةٍ مُحَاولاً استِرجَاعَ أنفاسِهِ ..تَطلّ عَليهِ الحِرباءُ منْ فوقِ غصْنِ الشّجَرةِ)
الحرباءُ: (بنبرةٍ خبيثةٍ) أهلاً ..أهلاً أيها الثعلبُ ..موسيقَى خفَقانِقلبِكَ رهيبةٌ جدًا ..حتىّ أنها أيقَظتْني فَزعةً مِنْ حلمٍ جميلٍ ..
الثعلب: (متذمرًا) جَائعٌ ..جَائعٌ..أكَادُ أمُوتُ مِنَ الجُوعِ (يُمْسكُ بَطنَه مِنْ شِدّةِ الألَمِ)
الحرباء: (متهكمةً) مِسْكينٌ ..مِسْكينٌ..حقًّا مِنَ الجُوعِ مَا أذَلّ
الثعلب: (غاضبًا) اسْكُتي ..امْسِكِي لسَانَكِ السّليط عَنِّي ..لا ينقُصُني إلا هُو  ..
الحرباء: (مُستفزةً) ..الثعْلبُ جائعٌ ..الثعلبُ مسكينٌ
الثعلب: (متحسرًا في ضيقٍ) لو أمسكُ بكِ أيتُها الحرباءُ المتطفّلةُ
الحرباء: (مستهزئة) في الأحلامِ أيها الثّعلبُ العجوزُ..في الأحْلامِ
الثعلب: أيتُها الحرباءُ اللعِينةُ ..ستنْدمينَ عَلى ما تفعَلينَ ..
الحرباء: لمَ الندمُ ..مشهدًا نادرًا ما أراهُأثارَ إعجَابي فأردْتُ أنْ أروّحَعنْ نفْسِي ..
الثعلب: هَكَذَا إذنْ ..بعْدَ هَذَا العُمْرِ ..أصبَحْتُ أضْحُوكةً .. (يشيرُ بعُكّازهِ متَوعّدًا )
الحرباء: أتسْمَعُ نصِيحَتي ..ضَعْ حِجَارةً فوقَ بطنِكَ عسَاهَا تُقللُّ مِن وَطأةِ الجُوعِ..
الثعلب: (يرمقُها شزرًا وبعدَ أنْ يزفرَ أنفاسًا حارةً) حجارةٌ فوقَ بطني أسُدُّ بها جُوعِي ..تهزئينَ بي وأنَا كنتُ الصّديقَ المقَربَ منْكِ ..سَامحَك اللهُ
الحرباء: (تضحكُ) ومازلتَ أيها الثعْلبُ العجوزُ ..أنا فقَطْ أردْتُ أنْ أمزحَ معَكَ .. (تحَاولُ أنْ تُلطّفَ الجَوَّ بابتِسَامةٍ عريضَةٍ) ..
الثعلب: (معاتبًا) وهَلْ هذَا وقْتُ المُزاحِ..انظُرِي (يشيرُ إلَى جسَدِه) ..وهَلْ هذَا حَالُ مَنْ لدَيهِ الوقْتَ لمثلِ هذِهِ السخَافَاتِ..
الحرباء: قيلَ فِي الأمثَالِ لكُلًّ منَا توبةٌ إلاَّ صاحبُ البطنِ الكَبيرةِ ..فلن يتوبَ أبدًا وتكونُ أخطاؤُه فادحةً.. وخطَؤكَ أيهَا الثعلبُ العجوزُأنّ بطنَكَ كبيرةٌ جدّا .. (يغلبُها الضحكُ فلا تقدرُ علَى إمساكِ نفسِهَا)
الثعلب: (يصرخُ غاضِبًا)ألاَ يحقُّ لصَاحِبِ البطنِ الكَبيرةِ أنْ يأكلَ.. أن يعيشَ..
الحرباء: نعمْ ..نعمْ..لكنْ كانَ عَليهِ أنْ يحْسِبَ حِسَابَهُ لوقْتِ الحاجَةِ ..فالشّراهةُ فِي الأكْلِ والطّمعُ الشّديدُ..يُسْقِطانِ صاحبَهُمَا في مواقِفَ محرجةٍ ..
الثعلب: (في امتعاضٍ شديدٍ)حسنٌ..حسنٌ..ألاَ يُوجدُ شيءٌ متوفرٌ في هذهِ الغابةِ اللعِينةِ
الحرباء: لا شَيءَ ..لا شَيءْ
الثعلب: مُستحيلٌ ..مُستحيلٌ
الحرباء: المستَحيلُ أنتَ مَنْ صنعتَهُ ..
الثعلب: أنَا ..أنَا
الحرباء: نعمْ أنْتَ ..إنكَ قطَعْتَ حبلَ المودّةِ والتّواصُلِ الطّيبِ مَعَ الآخَرينَ .. جَشَعُكَ وأنانِيتُكَ جعَلاَ حَيوانَاتِ الغَابةِ ترفضُ التّعاملَ معَكُمْ ..
الثعلب: (يطأطئُ رأسَهُ خجَلاً) أنَا ..أنَا
الحرباء: (تواصلُ حديثَهَا) وتَأبَى تقديمَ يَدِ العَونِ..حَتىّ أنّهَا قاطعتْكَ..
الثعلب: لكِنّي لمْ أفعلْ شيئًا محرّمًا ..وجَدْتُ طعَامًا فأكلتُهُ ..
الحرباء: لكنّهُ ليسَ طعامُكَ ..بَلْ هُوَ طَعامُ الجَمِيعِ
الثعلب: (يحرّكُ رأسَه ويتملْملُ في مكَانِه)لا أعْـــرفُ ..لا أعْرفُ ..
الحرباء: (في لهجةٍ حادةٍ) أُصْدُقِ القولَ أيها الثعْلبُ العجُوزُ وقلْ أنّ بطنَكَ الكَبيرةُ هيَ السبَبُ ..
الثعلب: غلبتْني نفْسِي..فمَنْظرُ الطّعَامِ الشّهيِّ سَحَرَني ..أعْمَاني ..
الحرباء: أنتَ لاَ تُنكِرُ ..
الثعلب: لا أنكِرُ ..ولمْ أنكِرْ ..جُعْتُ فأكلْتُ
الحرباء: إذنْ تحمّلْ نتائجَ عملِكَ المُشِينِ ..
الثعلب: ليسَ إلى هَذهِ الدّرجَةِ ..
الحرباء: احمَدُ اللهَ ..أنّ ملِكَنَا الأسَدُ لمْ يقْتُلْكَ أوْ ينْفِكَ خَارجَ الغَابَةِ ..كَانَ كَريمًا معَكَ حِينَ سَمَحَ لكَ بالعَيشِ فِيهَا شَرْطَ ألاّ يُساعدَكَ أحَدٌ ..
الثعلب: (يُلوّحُ بعَصاهُ) أليسَ هذَا مَنفًى ..أليسَ هذَا إجْحَافٌ ..ألاَ ترينَ أنّي أُحْتَضرُ
الحرباء: هِيَ أوامِرُ الملِكِ وَ…
الثعلب: (مُقَاطعًا) الملكُ.. الملكُ هَذَا حُكْمٌ جَائِرٌ ..جَائرٌ
الحرباء: أيهَا العَجُوزُ ..اصْمُتْ.. اصْمُتْ
الثعلب: لمَ تَطلُبينَ مِنيّ أنْ أصْمُتَ وأنَا سَأمُوتُ عَاجِلاً أمْ آجِلاً ..
الحرباء: أحمَدُ اللهَ أنّ الملكَ لنْ يَسمَعكْ ..
الثعلب: ماذَا تقصِدِينَ ؟
الحرباء: علَى مَا أَرَى ..أنْتَ لمْ تَسْمعْ بأنّ الملكَ وحَاشِيتَهُموْجُدُونَ خَارجَ الغَابَةِ ..
الثعلب: كيفَ ..ومَتىَ ؟
الحرباء: ذَهبَ الملكُ الأسَدُ لَيلةَ أمْسٍ إلَى أخِيهِ الأسَدِ مَلِكِ الغَابَةِ المجَاورَةِ لحُضُورِ عُرْسِ ابنِهِ وقَدْ أخَذَ كِبارَ الحَيوانَاتِ ..ولمْ يبْقَ إلاَّ صغَارُهُمْ ..اعتِقَادًا منْهُمْ بأنهُمْ كَبرُوا ووجَبَ عليْهِمْ الاعتِمَادَ عَلَى أنفِسِهمْ ..
الثعلب: (تبرقُ عيناهُ فيُحدّثُ نفسَهُ) يا لهُ مِنْ خَبرٍ مفْرحٍ ..رائِعٍ ..رائعْ ..
الحرباء: رائعٌ ..رائعٌ
الثعلب: لا شَيْءَ ..لا شَيْءَ ..
الحرباء: زلّةُ لسانٍ أمْ …
الثعلب: قُلتُ لا شَيْءَ ..لا شـيْءَ ..هيّا ..هيّا سَأذهَبُ لاَ وقْتَ لدَيّ ..يحاوِلُ بأقـصَى مَا لدَيهِ مِنْ قُوّةٍ  أنْ يُسْرعَ الخُطَى ..
الحرباء: إلى أينَ أيهَا العَجُوزُ..
الثعلب: سأحَاولُ أنْ أذْهَبَ إلَى النّهرِ القَريبِ مِنْ هُنَا.. أرِيدُ أنْ أشْرَبَ.. فقَدْ سَمِعتُ أنّ كثْرةَ الماءِ تملأُ المعِدَةَ فتُخَفّفُ مِنْ وطْأةِ الجُوعِ ..
الحرباء: إيّاكَ أنْ تَرتَكِبَ حمَاقَةً
الثعلب: عَنْ أيّ حَمَاقةٍ  تتَحَدّثُ؟
الحرباء: أعرفُكَ أيهَا الثعْلبُ العَجُوزُ ..
الثعلب: ومَاذَا  تعْرفِينَ ..؟
الحرباء: رأيتُ فكرةً خَبيثةً تجلّتْ في عَينيْكَ
الثعلب: أصبحتِ الآنَ عرافةً ؟
الحرباء: يا صدِيقِي ..لا تُنكِرْ                                                                                                     
الثعلب: حسَنٌ ..حسَنٌ
الحرباء: لا تَكُنْ غَبيًّا وعَنيدًا ..
الثعلب: لسْتُ غَبيًّا ولاَ عَنِيدًا..هَذَا حَقّي المشْروعْ..لنْ أمُوتَ جوعًا..ولنْ أرْضَخَ لأَحَدٍ
الحرباء: سَتندَمُ ..
الثعلب: لنْ أندَمَ ..
الحرباء: الثأَرُ والجُوعُ سيُعْمِيانِكَ ..
الثعلب: لا يهُمُّ ..لقَدْ لعِبَتْ في رأسِي فِكْرةٌ وانتَهَى الأمرُ ..سَأكونُ أنَا الملِكُ..
الحرباء: (مذهولةً)..مَاذَا ؟..مَاذَا ؟
الثعلب: نعَمْ أنا الملكُ..
الحرباء: يا أحمَقُ ..لا تتهَوّرْ
الثعلب: ( فِي عُنْفُوَانٍ)..لَا يُهُمُّ بَلَغَ السَّيْلُ الزُّبَى..لَيْسَ هَذَافَقَطْ وَأَيْضًا سَأُعَيِّنُكِ وَزِيرَةً..
الحرباء: (ترفُضُ بِشِدةٍ)أَنَا..أَنَا..مُسْتَحِيلٌ..مُسْتَحِيلٌ
الثعلب: مَاذَا..مَاذَا تَرْفِضِينَ أَمْرَي وَأَنَا الْمَلِكُ
الحرباء: (تُمسُكُ رَأْسَهَا مِنْ هَوْلِ الْمُفَاجَأَةِ) لَا أَقْصِدُ..لَا أَقْصِدُ
الثعلب: إِنْ فكّرتِ مَرَّةً أُخْرَى وَلَوْ لِلَحْظَةِ فِي عِصْيَانِ أَمَرِي سَتَكُونُ  نِهَايَتُكَ  عَلَى  يَدِي ..
الحرباء: حُسْنٌ..حُسْنٌ..أَنَا طَوْعُ أَمْرِكَ مَوْلَايْ
الثعلب: هيَا بِنَا نَسْبِقُ الزَّمَنَ فَالْفُرَصُ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ لَا تَأْتِي مَرَّتَيْنِ..
الحرباء: نَعَمْ..يَا مَوْلَايْ نَعَمْ..
الثعلب: هَيَا..اَسُرْعِي الْوَقْتُ يُدَاهِمُنَا..
الحرباء: مَوِّلَايَ لَهُ مِنَ الْفَطِنَةِ مَا يُدْرِكُ به  أَنِّيبَطِيئةُ الْحَرَكَةِ..
الثعلب: وَخَبِيثَةٌ..
الحرباء: مَوْلَايْ ..
الثعلب: لَا مُشَكَّلَةَ عِنْدِي سَأَحْمِلُكِ فِي كِيسٍ حَتَّى نَرْبَحَ الْوَقْتَ..
الحرباء: كِيسٌ..أَنَا الصَّدِيقَةُ الْوَفِيَّةُ..أُحمَلُ فِي كِيسٍ..
الثعلب: أَنَا الْآنَ الْمَلِكُ وَلَسْتُ بِصَدِيقٍ..اِفْعَلِي مَا آمُرُكِ بِهِ..
الحرباء: تَرْتَعِدُ خَوْفًا..نَعْمْ يَا مَوْلَايْ..نَعْمَ يَا مَوْلَاِيْ..هَيَا..هَيَّا الْوَقْتُ يُدَاهِمُنَا..
(يخرجان )…
                                 إظـــــــــــــــــلام
 
                                  مشهـــــــــد 3:
(فِي نَفْسِ الْغَابَةِ..يَظْهَرُ الْبَهْلَوَانُ حَامِلَا فَوْق َكَتِفَيْهِ الدَّمِيَّةَ مَرْيَمَ وَقَدْ أَرْهَقَهُ  السَّيْر ُ الطَّوِيلُ)
البهلوان: (بِصَوْتٍ مُتَقَطِّعٍ) هَلِ اِقْتَرَبْنَا؟
مريم: تُرَبِّتُ عَلَى كَتِفِهِ) نَحْنُ عَلَى مَشَارِفِهَا)
البهلوان: تَقْصِدِينَ أَنَّنَا وَصْلْنَا ؟
مريم: نَعَمْ..نَعَمْ..سَنَدْخُلُهَا الْآنَ..
البهلوان: (يَتَنَهَّدُ بِعُمْقٍ)..الْحَمْدُ لله..كَمْ كَانَتِ الطَّرِيقُ طَوِيلَةً وَشَاقَّةً وَمُتْعِبَةً..
مريم: الْحَمْدُ للهِ..الْحَمْدُ لله (تَدُورُ فِي أَرْجَاءِ الْمَكَانِ فَاتِحَةً ذِرَاعِيْهَا فَرِحَةً) اُنْظُرْ  حَوْلَكَ  يَا صَدِيقِي..أَلَيْسَتِ الْغَابَةُ جَمِيلَةً..؟ اُنْظُرْ  إِلَى  الْأَشْجَارِ  الْبَاسِقَةِ  كَيْفَ  تَرَاقِصُهَا أَشُعَّةُ الشَّمْسِ الذَّهَبِيَّةِ..اُنْظُرْ إِلى الْأرْضِ الْخَضْرَاءِ الْمُزْهِرَةِ..اِسْتَمْتِعْ بِكُلِّ جَوَارِحِكَ بِهَذَا الْهُدُوءِ السَّاحِرِ (تَنَصّتَ زَمَنَا)
البهلوان: ( يَمُدُّ يَدَيهِ عَالِيًا يَسْتَنْشِقُ الْهَوَاءَ الْعَلِيل) َنَعْمْ لَكِكلُّ الحَقِّ.. كُلَّ  مَا رَوَيْتِهِ لِي عَنْ جَمَالِ الْغَابَةِ وَرَوْعَتِهَا أَرَاهُ مُتَجَلِّيَا  أمَامِي.. هُدُوءٌ سَاحِرٌ  حَقًّا (يُحَاوِلُ أَنْ يُحَاكِي الدَّمِيَّةَ  مَرْيَم فِي حَرَكَتِهَا إِلَّا أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ حِينَ بَدَتْ  لَهُ  أَنَّ حَالَتَهَا  تَبَدَّلَتْ وَأَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى مَا يُرَامُ)
مريم:( يَبْدُو عَلَيْهَا الْاِنْزِعَاجُ) نَعمَ هُدُوءٌسَاحِرٌ..لَكِنْ..لَكِنْ..
البهلوان: لَكِنْ مَاذَا أيتُهَا الدَّمِيَّةُ الْجَمِيلَةُ..مَا الّذِي أَزْعَجَكِ فَجْأةً
مريم: (فِي نَبْرَةٍ حَزِينَةٍ) مِنَ الْعَادَةِ أَنْ يَكُونَ هذَا الْهُدُوءُ نسَبيًّا وَلَيْسَ كُلِّيَّا
البهلوان: (مُسْتَغْرِبًا) لَمْ أَفَهَمْ..؟
مريم:هُدُوءُ الطَّبِيعَةِ الْخَلَّابُ مِنَ الْعَادَةِ تُصَاحِبُهُ حَرَكَةُ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي تَعَيشُ هُنَا.. حَرَكَةٌ سَعَادةٌ  وَفَرَحٌ.. وَمَرَحٌ
البهلوان: (يَهِزُّ كَتِفِيهِ وَيُحَرِّكُ رَأْسَهُ مُؤَكِّدًا) أَنْتِ أعْلَمُ بِالْمَكَانِ  أَفَضْلَ مَنِّي..
مريم: (قَلِقَةً) اِعْتَدْتُ أَوَّلَ مَا تَطَأُ قَدَمِيَّ هَاتِهِ الْغَابَةَ الطَّيِّبَةَ أَنْ أَلْقَى حَفَاوَةً عَظِيمَةً مِنْهُمْ..وكُلَّمَا  خَطَوْتُ  خَطْوَةً   وَجَدْتُهمْ  يُحِيطُونَ  بِي  وَيَأْبَوْنَ  الْاِبْتِعَادَ  عَنِيّ، حَتَّى أَنَّهُمْ دَائِمًا كَانُوا يُنْشِدُونَ لِي أحْلَى الْأَلْحَانِ..
البهلوان: (مَازحًا) رُبَّمَا بُحّتْ حَنَاجِرُهُمْ مِنْ كَثْرَةِ الْغِنَاءِ..
مريم: (مُعَاتِبَةً) أَرْجُوكَ يَا صَدِيقِي لَيْسَ هَذَا وَقْتُ الْمُزَاحِ..
البهلوان: آسِفٌ..آسِفٌ..ألَا يُحَضّرُونَ لَكَ مُفَاجَأَةً..
مريم: لَا أَظُنُّ..لَا أَظُنُّ فَقَلْبِي ازْدَادَتْ نَبَضَاتُهُ تَسَارُعًا..إِنَّهُ يُحْدِّثُنِي  بِأَنّ أَمْرًا جَلَلًا  قَدْ أَصَابَ أَصْدِقَائِي..
البهلوان: اِسْتَبِقِي الْخَيْرَ أيّـتُهَا الدَّمِيَّةُ الْجَمِيلَةُ..
مريم: اُنْظُرْ..اُنْظُرْ..لَا يُوجَدُ حَيَوَانٌ وَاحِدٌ هُنَا..
البهلوان: (يَنْظُرُ حَوْلَهُ) مَعَكَ حَقُّ..لَا أحَدَ هُنَا..
مريم: أَلَيْسَ فِي الْأَمْرِ رِيبَةٌ؟
البهلوان: أَمْرٌ مُحَيِّرُ وَيَدْعُو للرِّيبَةِ..حَقًّا
مريم: شَيْءٌ لَا يُصَدَّقُ..يَا إلَهِي..مَاذَا يَحْدُثُ فِي هَذَا الصَّبَاحِ؟
البهلوان: (يُحَاوِلُ أَنْ يَصْطَنِعَ الْاِبْتِسَامَةَ) الأصَحُّ أَنْ تَقُولِي أَنَّ حَظِّيَ عَثَرَ وَعَكَّرَ  وَجْهَ  الْغَابَةِ.. وَلَيْسَ   مُقَدَّرٌ لِي أَنْ أُقَدّمَ الْعَرْضَ الْمَسْرَحِيّ..
مريم: (مُسْتَاءَةً) مَاذَا دَهَاكَ أَيُّهَا الصَّدِيقُ الطَّيِّبُ..
البهلوان: هِي الْحَقِيقَةُ..لَا أَطْفَالٌ..لَا حَيَوَانَاتٌ..فَلِمَنْ أقْدَمِ عَرْضِي..؟
مريم: (فِي حَزْمٍ) ثِقْ يا صَدِيقِي..سَتُقَدِّمُ عَرْضَكَ الْمَسْرَحِيّ حَالَمَا نَجِدُهُمْ..
البهلوان: أتَعْتَقِدِينَ ..؟
مريم:أَكِيدٌ..أَكِيدٌ فَهُمْ أَصْدِقَائِي وَأعْرَفُ مُدَى شَغَفِهِم بالمسْرَح َعَرُوضِهِ..ثُمَّ أَلَمْ  تَطْلُبْ  مِنِّي أَنْ أَسْتَبِقَ الخَــيرَ..؟
البهلوان: بَلَى ..بَلَى
مريم: هَيّا بِنَا إذَنْ ..
البهلوان: إلَى أيْنَ ؟
مريم: لَنْ يَنْفَعَنَا الْاِنْتِظَارُ هُنَا..سَنَبْحَثُ عَنْهُمْ..
البهلوان: الْغَابَةُ شَاسِعَةٌ..
مريم: أَغُلْبُ الظَّنِّ أَنَّهُمْ غَيْرُ بَعيدِينَ عَنّا..حَدَسِي يُخْــبرُنِي..
البهلوان: أَتَمَنَّى أَلَا يُخَيِّبَكَ حَدَسُكَ..
مريم: أَتَمَنَّى أَنْ أَلْقَاهُمْ جَمِيعَا وَأَنَّ الْمَانِعَ مِنَ اِسْتِقْبَالِهِمْ لَنَا كَانَ خَيْرَا ..
البهلوان: رُبَّمَا هُوَ عُرْسٌ
مريم: (تَنْظُرُ إِلَيْهِ نَظَرَةًحَادَّةً) عُرسٌ..؟  أَلَمْ  أَقُلْ  لَكَ  يَا صَدِيقِي الطَّيِّب أَنَّ الْوَقْتَ  لَيْسَ وَقْتُ مُزَاحٍ وَمَعَ  ذَلِكَ سَأَتَغَاضَى هَاتِهِ الْمَرَّةِ وَأَقْبَلُ مَزَاحَكَ.. فَوُجُودُهُمْ  فِي عُرْسٍ  أفْضَلُ مِنْ أَنْ يُصَابُوا بِسُوءٍ..
البهلوان: أرَأَيتَ  ..التفَاؤلُ في الحَياةِ شَيءٌ جميلٌ
مريم: طَبْعًا..لِذَا وَجَبَ عَلَيْنَا أَنْ نُسْرِعَ..الْوَقْتُ يُدَاهِمُنَا  وَالشَّمْسُ  أَوْشَكَتْ  عَلَى  الْغُرُوبِ مِمَّا  سَيُصَعِّبُ عَلَيْنَا عَمَلِيَّةَ الْبَحْثِ..
البهلوان: لِنَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ..وَإِنْ شَاءَ اللهُ خَيْرٌ
(الْبَهْلَوَانُ يَحْمِلُ الدَّمِيَّةَ مَرْيَمَ وَيَضَعُهَا فَوْقَ كَتِفِيْهِ وَيَخْرُجَانِ)..
                             إظـــــــــــــــلام
 
                               مشهــــــــــد 4:
(بَيْنَ أَشْجَارِ الْغَابَةِ..يَظْهَرُ الثَّعْلَبُ مَزْهُوًّا..يَمْشِي فِي خُيَلَاَءٍ..تَارَةً يَرْقُصُ وَيَقْفِزُ..وَتَارَةً يُمَرِّرُ عَصَاهُ الْخَشَبِيَّة فَوْقَ الْأَكْيَاسِالْمُعَلِّقَةِ عَلَى أَغْصَانِ الْأَشْجَارِ..يَسْمَعُ مِنْ دَاخِلِ الْأَكْيَاسِ أَصْواتصِغَارِ الْحَيَوَانَاتِ..وهي تَئِنُّ وَتَبْكِي بِحُرْقَةٍ..
 
الثعلب: (فِي خُيَلاَءِ) نَعَمْ..نَعَمْ..أصْبَحَتُ الْمَلِكَ..
صغار الحيوانات: (يَعِيشُ الْمَلِكُ الثَّعْلَبُ..يعِيشُ
الثعلب: لَا أَسْمَعُ جِيدًا..لَا أَسَمَعُكُمْ..
صغارالحيوانات: (يَرْتَفِعُ صَوْتُهَا فِي آنَ وَاحِدٍ) يَعِيشُ الْمَلِكُ الثَّعْلَبُ..يَعِيشُ
الحرباء: (بِابْتِسَامَةِ خَبِيثَةٍ) صَحِيحٌ إِذَا شَبِعَتِ الْبَطْنُ تَقُولُ  لِلرَّأْسِ  غَنِّي وَلِلْأَقْدَامِ  اُرَقْصِي..
الثعلب: (يَرْفَعُ أَصَابِعَهُ فِي وَجْهِ الْحِرْبَاءِ)هَذَا حَسَدٌ..هَذَا حَسَدٌ..
الحرباء: حَاشَا أَنْ يَكُونَ حَسَدًا..فأَنَا صَدِيقَتُكَ قَبْلَ أَنْ أَكُون تَابِعَتَكَ  فَكَيْفَ لِي  أَنْ أَحَسِدَكَ
الثعلب: رُبّما ..ربُمَا
الحرباء: أووهُ يَا صَدِيقِي..أَتَشُكُّ فِي إِخْلَاَصِيّ..؟
الثعلب: أَنَا لَا أَشُكُّ فِي إِخْلَاَصِكَ بَلْ أَشْكُّ فِي لَوْنِ جِلْدِكَ  الَّذِي  يَتَغَيَّرُ فِي الدَّقيقَةِ  الْوَاحِدَةِ أَلْفَ مَرَّةٍ وَمَرَّةٍ
الحرباء: (تَضْحَكُ مُتَفَاخِرَةً) هَذَا لُزُومُ التّخَفِّي..
الثعلب: يَضْحَكُ..أَخْشَى أَلَاّ يُفِيدَكَ فِي أَوْقَاتِ الشِّدَّةِ
الحرباء: لَوْ لَمْ اَسْتَفِدْ مَا عِشْتُ إِلَى الآن أَيُّهَا الْغَبِيُّ.. تُرَدّدُ جُمْلَتَهَاالأخِيرةِ (بِصَوْتٍ مُنْخَفِضٍ)
الثعلب: (مُسْتنْكرًا) مَاذَا ..مَاذَا قلْتِ ؟
الحرباء: (فِي خَوفٍ تَتلعْثمُ) لاَ شَيْءَ.. لا شَيءَ
الثعلب: (يرفَعُ أنفَهُ إلَى السَّمَاءِ مُنْتشِيًّا) كَمْ هُوَ رَائِعٌ أَنْ تَكُونَ مَلِكًا..
الحرباء: نَعَمْ هُوَ شُعُورٌ رَائِعٌ.. (تَتَرَدَّدُ) لَكِنْ أَنَا..أنَا
الثعلب: (فِي امْتعَاضٍ) مَاذَا..مَاذَا أيتُهَا الْحِرْبَاءُ.. أَلَا يَمْكِنُ لِلْمَلِكِ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِالنَّشْوَةِ..
الحرباء:في حَقِيقَةِ الْأَمْرِ أَنَا لَا أُرِيدُ أَنْ أُفْسِدَ عَلَيْكُمْ.. النَّشْوَةَ..لَكِنِيّ أَخْشَى عَلَى  الْمَلِكِ  مِنْ  عَوْدَةِ..الْمَلِكِ ..الْأَسَدِ
الثعلب: (كَأَنَّ مَسًّا أَصَابَهُ فَاضْطَرَبَتْ مِشْيَتُهُ حَتَّى كَادَ يَقَع) الْأَسَدُ..الْمَلِكُ
الحرباء: نَعَمْ الْمَلِكُ..الْأَسَدُ.. (فِي تَهَكُّمٍ خَفِيِّ) يا مَوْلَايَ الْمَلِكُ
الثعلب: (يَنْتَبِهُ مِنْ شُرُودِهِ.. اِرْتِبَاكُهُ لَا يَخْفَى عَلَى الْحِرْبَاءِ) لَكِنِيّ أَنَا الْمَلِكُ  هُنَا.. وَلَا أحَدَ سَوَاي..(يَنْظُرُ نَاحِيَةَ صَغَارِ الْحَيَوَانَاتِ الْمُعَلَّقَةِ فِي الْأَكْيَاسِ  عَلَى أَغْصَانِ
 الْأَشْجَارِ) أيتُهَا الْحَيَوَانَاتُ الْبَلْهَاءُ..مَنِ الْمَلِكُ؟
صغار الحيوانات: (فِي ذُعْرٍ تَرُدُّ سَرِيعًا) مَوْلَانَا الثَّعْلَبُ..مَوْلَانَا الثَّعْلَبُ
الثعلب: (فِي صَوْتٍ عَالٍ) أسَمِعْتِ ..
الحرباء: (تَهُزُّ رَأْسَهَا) سَمِعْتُ..سمِعْتُ لَكِنْ يَا مَوْلَايَ الْمَلِكُ. أوَدُّ أَنْ أُبْدِيَ  لَكُمْ  رَأْيًا  بِاِعْتِبَارِي وَزِيرَتكُمْ..
الثعلب: (فِي عَجْرَفَةٍ) هَيَّا أيتُهَا الْوَزِيرَةُ قُوِليمَا فِي جُعْبَتِكِ..فَإنّي أَشْعُرُ بِمَذَاقٍ مُرٍّ تَسَرّبَ إِلَى حَلْقِي..
الحرباء: أَنَا آسفَةٌ مَوْلاَيَ الْمَلِكْ..أَنَا فَقَطْ أَرَدْتُ أَنْ أَنَبِّهَكُمْ إِلَى أَمْرٍ قَدْ غَشِيَتْهُ عَنْ بَصيرَتِكُمْ نَشْوَةُ جُلُوسِكُمْ عَلَى عَرْشِ هَاتِهِ الْغَابَةِ الْجَمِيلَةِ
الثعلب: وَمَا هُوَ أيتُهَا الْحَكِيمَةُ؟
الحرباء: مَوْلَايَ الْمَلِكُ..وَجَبَ أَنْ تُدْرِكُوا أَنَّنَا أَمَامَ خِيَارَيْنِ لَا ثَالِثَ لهُمَا..
الثعلب: وَمَا هُمَا؟
الحرباء: الْخِيَارُ الْأَوَّلُ..أنْ تَسْتَعِدَّ بِكُلِّ مَا أُوتِيْتَ مِنْ حِكْمَةٍ وَقُوَّةٍ لِمُوَاجَهَةِ الْمَلِكِ الْأَسَدِ حِينَ يَعُودُ
فَعُرْفُ الْغَابَةِ مُنْذُ آلَاَفِ السِّنيْنِ يَقْتَضِي…
الثعلب: (يَنْفَعِلُ وَيُقَاطِعُهَا فِي تَعَنُّتٍ) مُسْتَحِيلٌ..مُسْتَحِيلٌ..أَنَا الْمَلِكُ يَعْنِي أَنَا الْمَلِكُ..
لَنْ أَقْبَلَ بِمُنَازَلَةِ أَحَدٍ..
الحرباء: كَيْفَ هَذَا يَا مَوْلَايْ..لمْ يَسْبِقْ لِأحَدٍ أَنْ خَالَفَ عُرْفَ الْغَابَةِ..
الثعلب: (يَصرُخُ) سَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُخَالِفُ عُرْفَ الْغَابَةِ..هَيَّا..هَيّا..الْخِيَارُ الثّاني..
الحرباء: (تَتَرَدَّدُ طَوِيلاً ثُمَّ بِصَوْتٍ يَرْتَعِشُ خَوْفًا مِنْ رَدَّةٍ فِعِلِ الثَّعْلَبِ) أَنْ  نهْرُبَ قَبْل    فَوَاتِ الْأوَانِ..
الثعلب: (يَنْتَفِضُ غَاضِبًا) مَاذَا..مَاذَا نَهْرُبُ.. أَجُنِنْتِ أيتُهَا الْحَمْقَاءُ.. كيْفَ تَجْرُئِينَ  عَلَى قَوْلِ ذَلِكَ..كيْفَ؟
(فِي هَذِهِ الْأَثْنَاءِ تَظْهَرُ الدُّمْيَّةُ مرْيَمُ رِفْقَة الْبَهْلَوَانِ وَقَدْ أَوْشَكَ  الْيَأْسُ أَنْ يَتَمَلَّكَهُمَا بَعدَمَا تَعَذَّرَ عَلَيْهَا الْعُثُورُ عَلَى صِغَارِ الْحَيَوَانَاتِ حَيْثُ بَدَا الْحُزْنُ وَالْأَسَى عَلَى
 مَلَاَمِحهِمَا   جَلِيًّا.. يَمْشِيَانِ خُطُوَاتٍ بِبُطْءشَدِيدٍ ثُمَّ تَقَعُ أَعَيُنُهُمَا عَلَى الثَّعْلَبِ وَالْحِرْبَاءِ  وَهُمَا يَتَحَاوَرَانِ فَيُسْرِعَانِ لِلْاِخْتِبَاءِ خَلْفَ الْأَشْجَارِ.. )
مريم: (مذْهُولةً) اُنْظُرْ..اُنْظُرْ أَيُّهَا الْبَهْلَوَانُ..أَتَرَى مَا أَرَى؟!
البهلوان: نَعَمْ إنّي أَرَى بِوُضُوحٍ.. نَعَمْ إنّي أَرَى بِوُضُوحٍ..
مريم: الثَّعْلَبُ وَالْحِرْبَاءُ..إنّي اَسْتَشْعِرُ أَمْرًا سَيِّئَا يَحْدُثُ هُنَا..
البهلوان: لَا يَلْتَقِيَانِ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ إِلَّا اِسْوَدَّتِ السَّمَاءُ وَحَلَّ الظَّلَامُ..
مريم: نَعَمْ..صَدَقْتَ..وحَدَسِي لَا يُخْطِئُ أَبَدًا نَعَمْ..صَدَقْتَ..وحَدَسِي لَا يُخْطِئُ أَبَدًا
البهلوان: اَعْترْفْ ..
مريم: أَكِيدٌ..لَا أحَدَ يَتَجَرَّأُ  عَلَى مِثْلِ هَاتِهِ  الْأَفْعَالِ الْخَبِيثَةِ  إِلَّا إِذَا غَابَ  عَنِ الْغَابَةِ مَلِكُهَا الْأَسَدُ..
الحرباء: لَا تُعَانِدْ يَا مَوْلايْ..ولَا تَتْرُكْ الْاِنْتِقَامَ يُفْقِدُكَ صَوَابَكَ..
الثعلب: أَنَا لَا أُعَانِدُ..ولَمْ أَفْقِدْ صَوَابِي..أَنَا أَرْفَعُ عَنْ نَفْسِي  تُرَابَ الْمَهَانَةِ وَالذُّلِّ.. أنَا أَبْحَثُ عَنْ شَمْسٍ لِحَيَاتِي الضَّائِعَةِ..فَقَدْ قَهَرَنِي الْجَمِيعُ بِحُكْمِهِمِ الْجَائِرِ..لَنْ أَسْتَثْنِي أحَدًا لَا الْمَلِكَ الْأَسَدَوَلَا حَاشِيَتَهُ مِنْ كِبَارِ  الْحَيَوَانَاتِ..
الحرباء: مَولاَيْ لَقَدْ بَدَأَ الْخَوْفُ…
الثعلب: (يُقَاطِعُهَا غَاضِبًا) الخَوفُ الخَوْفُ ..أيتُهَا اللّعِينةُ ..إنْ شِئتِ الهَربَ فَاهْرُبي..
الحرباء: مَوْلَايْ خُذْهَا مِنِّينَصِيحَةً لِلْمَرَّةِ  الْأَخِيرَةِ..الْمُلْكُ  سَيَعُودُ  وَسَنُصَبِحُ  وَجْبَتَهُ  الْمُفَضَّلَة..
الثعلب: لَا..لَنْ أَفْعَلَ..وَإِيَّاكِ أَنْ تُرَدّدِي عَلَى مَسَامِعِي مِثْل هَذِهِ الْحَمَاقَاتِ..
فَأَنَا  لَا أَخَافُ وَلَنْ أَخَافَ
مريم: أَسَمِعَتَ صِدْقَ حَدَسِي أَيْضًا هَذِهِ الْمَرَّةِ..الْمَلِكُ الْأَسَدُ وَكُلُّ حَاشِيَتِهِ مِنْ  كِبَارِ  الْحَيَوَانَاتِ خَارِجَ  الْغَابَةِ..لِذَا اِغْتَنَمَ الثَّعْلَبُ الْفُرْصَةَ وَخَانَهُمْ بِفِعْلَتِهِ هَذِهِ..
البهلوان: وَمَاذَا تَنْتَظِرِينَ مِنْ ثَعْلَبٍ خَبِيثٍ..؟
مريم: وَتِلْكَ الْحِرْبَاءُ؟
البهلوان: مابها..؟
مريم: إِنَّ حَدَسِي يُخْبِرُنِي بِأَنِّيأعْرِفُهَا تَمَامَ الْمَعْرِفَةِ..مَلَاَمِحُهَا  تُوحِي  إلَي  بِذِكْرَى ألِيمَةٍ لَدَيّ وَأَظُنُّهَا…
البهلوان: (يُقَاطِعُهَا مُسْتَغْرِبَا) مَاذَا تَقْصِدِينْ ؟
مريم: يَا صَدِيقِي الطَّيِّبُ..أنَا فِي الْأَصْلِ لَسْتُ دَمِيَّةً..
البهلوان: (فِي ذُهُولٍ) مَاذَا..لسْتِ دُمْيةً ..؟
مريم: نَعَمْ..لَسْتُ دُمْيَةً أَنَا فَتَاةٌ صَغِيرَةٌ حَوَّلَتْنِي ساحرةٌ مُنْذُ سنوَاتِ إِرْضَاءً  لِغَرِيزَتِهَا  الشِّرِّيرَةِ ثُمَّ اِخْتَفَتْ فِي مَكَانٍ مَجْهُولِ بَعْدَ أَنْ لَعَنَهَا الْجَمِيعُ..الْإشَاعَاتُ  تَقَولُ  أَنَّهَا  تَنَكَّرَتْ فِي شَكْلِ حَيَوَانٍ..
البهلوان: أتَقْصِدِينَ ..؟
مريم: قُلْتُ لَكَ أَنَّ حَدَسِي لَا يُخْطِئُ أَبَدًا..أُجْزِمُ أَنَّهَا هِي..السَّاحِرَةُ الشِّرِّيرَةُ فَجَوَارِحِي  اِسْتَشَاطَتْ غَضَبًا حِينَ  تَذَكَّرْتُهَا وَتَذَكَّرْتُ مَا فَعَلَتْهُ بِي..
البهلوان: وَمَاذَا نَنْتظِرُ الآنَ ..؟
مريم: تَقْصِدُ ..
البهلوان: نَهْجُمُ عَلَيْهِمَا وَنُخَلِّصُ الْغَابَةَ مِنْ شَرِّهِمَا..
مريم: ونُخَلِّصُ صَغَارَ الْحَيَوَانَاتِ
البهلوان: وَتَسْتَعِيدِينَ شَكْلَكِ الْحَقِيقِي..أَكِيدٌ حِينَ نَقْضِيّ عَلَيْهَا تزولُ اللَّعْنَةُ
مريم: هيّا ..هَيّا  مَاذَا نَنتَظِرُ
(يَقْفِزُ الْبَهْلَوَانُ وَمَعَهُ الدُّمِيَّةُ مَريمُ مِنْ خَلْفِ الْأَشْجَارِ..حَامِلِينَ  مَعَهُمَا عِصِيًّا  وَحِجَارَة  ثُمَّ يُسْرِعَانِ بِالْهُجُومِ عَلَى الثَّعْلَبِ وَالْحِرْبَاءِ..الْلَذَيْنِ فُوجِئَا بِهِمَا)
الثعلب: (مذْعُورًا ) مَنْ ..كيْفَ ..متَى ..
الحرباء: (مَرْعُوبَةً..تُشِيرُ بِأَصَابِعَ مُرْتَجِفَةٍ) إِلَى الدُّمِيَّةِ مَرْيَم..أَنْتِ..لَ ا..لَا.. غَيْرُ مَعْقُولٍ..
مريم والبهلوان: (فِي صَوْتٍ وَاحِدٍ) نحْنُ الخَيرُ جِئنَا نُخلّصُ الغَابةَ مِنْ شركُمَا..
(لَحْظَاتٌ سَرِيعَةٌ يَتَشَابَكُ فِيهَا الْبَهْلَوَانُ وَمَرْيَمُ مَعَ الثَّعْلَبِ وَالْحِرْبَاءِ  فِي شِجَارِ  عَنِيفٍ يَنْتَهِي بِهَزِيمَةِ الأشرارِ..فِي هَذِهِ الْأَثْنَاءِ يَدْخُلُ الْأَسَدُ مَصْحُوبًا بِحَاشِيَتِهِ..وقَدْ
 هَالَتْهُ الْفَوْضَى التِي حَلَّتْ بِالْمَكَانِ)
الأسد: (في حَيْرةٍ) يَا لَلْهَوْلِ..مَا هَذَا، مَاذَا يَحْدُثُ فِي غَابَتِي؟..
البهلوان: (يُحَاوِلُ أَنْ يَسْتَرْجِعَ أَنْفَاسَهُ) الثعْلَبُ خَانَ الأمَانَةَ  (يُشِيرُ إِلَى  صِغَارِ  الْحَيَوَانَاتِ  الْمُعَلَّقَةِ فِي الْأَكْيَاسِ علَى  أَغْصَانِ الْأَشْجَارِ)
مريم: والِحرْباءُ شَاركتْهُ ..
الأسد: (فِي غَضَبٍ شَدِيدٍ) خِيَانَةٌ عُظْمَى لَا تُغْتَفَرْ..اللَّعْنَةُ.. ( يُشِيرُ إِلَى حَاشِيَتِهِ)  هَيَّا خُذُوهُمَا وَأَبْعِدُوهُمَا عَنْ وَجْهِي..غَدًا سَنُقَدِّمُهُمَا إِلَى مَجْلِسِ الْغَابَةِ كَيْ يُحَاكَمَا
بِتُهْمَةِ الْخِيَانَةِ الْعُظْمَى..
الحرباء: (حَالَ اِقْتِيَادِهَا مَعَ الثَّعْلَبِ تَزْفِرُ بِشِدَّةٍ وَتَصْرُخُ فِي  يأْسٍ) كَمْ  حَذّرْتُكَ  أَيُّهَا الثَّعْلَبُ الْغَبِيُّ..
الثعلب: أيتُهَا الْحِرْبَاءُ النَّاكِرَةُ..مُنْذُ لَحْظَاتٍ كُنْتُ مَوْلَاَكِ وَالْآنَ أَنَا غَبِيٌّ..
مريم: (تَقْتَرِبُ بِبُطْءٍ مِنَ الْمَلِكِ الْأَسَدِ بَعْدَ أَنْ آنسَتْ اِبْتِهَاجَهُ بِمَا فَعَلَتْهُ مَعَ الْبَهْلَوَانِ)
أَيُّهَا الْمَلِكُ لِي رَجَاءٌ…
الأسد: تَفَضَّلِي..أيتُهَا الدُّمِيّةُ الْعَزِيزَةُ.. لَقَدِ اِشْتَقْنَا نَحْنُ وَالصِّغَارُ إِلَى أيَّامِكِ..
مريم: الْعَفْوُ..الْعَفْوُ أَيُّهَا الْمَلِكُ..لَقَدْ وَعُدْتُ صَدِيقِي  الْبَهلوَانَ بِتَقْديمِ  عَرْضِهِ الْمَسْرَحِيِّ  لِصَغَارِكُمْ فِي هَذِهِ  الْغَابَةِ الْجَمِيلَةِ..إِنْ سَمُحْتُمْ..
الأسد: عَرضٌ مسْرحيٌّ ..رائعٌ.. (ينظرُ إلى صِغارِ الحَيَواناتِ كأنّهُ يَسْألُهَا )..
صغار الحيوانات: (تردُّ فِي حَماسٍ) رائِعٌ ..رائِع ٌ ..
مريم: (تضْحَكُ) وَالْآنَ أَيُّهَا الْبَهْلَوَانُ..أَيُّهَا الصَّدِيقُ الطَّيِّبُ..هَلْ   آمنتَ وَصَدَّقَتَ..
البهلوان: نعَمْ ..نعَمْ ..رائِعٌ ..رائِعٌ
الأسد: مَاذَا نَنْتَظِرُ هَيَّا بِنَا إِلَى مَسْرَحِ الْغَابَةِ..لِنُشاهِدَ الْعَرْضَ  الْمَسْرَحِيّ..
(يخْرجُونَ جميعًا ترافقُهمْ موسيقَى احْتفَائيّة)..
                                  إظـــــــــــــــــــــلام
 
                                   مشهــــــــــد 5 :
المنظر: قَاعَةُ عَرْضٍ لِمَسْرحٍ صَغِيرٍ..تُزَيِّنُ حَوَاشِيهَا سِلْسِلَةُ مَصَابِيحَ  مُخْتَلِفَة الْأَحْجَامِ وَالْأَلْوَانِ..تتلألْأُ بِشَكْلٍ مُبْهِرٍ وَجَمِيلٍ.. أَعْلَى أَعْمِدَةِ الْقَاعَةِ عُلِّقَتْ أَرْبَعَةُ مَصَابِيحَ  عِمْلَاَقَة تَتَرَاقَصُ فِي  اِنْسِجَامِ مَعَ الْمُوسِيقَى التَّرْحِيبِيَّةِ..مُوحِيَةً بِأَنَّ الْعَرْضَ الْمَسْرَحِيَّ
سَيَكُونُ مُمْتِعًا..فِيمَا بَدَتِ الْكَراسِي الْمُصْطَفَّةُ خَالِيَةً مِنَ الْمُشَاهِدِينَ..لَحْظَاتٌ قَلِيلَةُ  يَدْخُلُ الْبَهْلَوَانُ وَمَرْيَمُ وَعَلَاَمَاتُ الْفَرَحِ وَالْبَهِجَةِ بَادِيَةٌ عَلَيْهِمَا..
مريم: هَا قَدْ عُدْنَا إِلَى الْبَيْتِ..إِلَى مَسْرَحِنَا
البهلوان: كانَتْ رحْلةً ممتِعَةً ..
مريم: لَقَدْ اِسْتَمْتَعَ صِغَارُ الْحَيَوَانَاتِ وَالْمَلِكُ الْأَسَدُ  وَحَاشِيَتُهُ حَقًّا  كَانَ  عَرْضُكُمْ  جَمِيلاً  وَرَائِعًا..
البهلوان:لنْ أنْسَى الْفَرَحَةَ التِي تَجَلَّتْ عَلَى مُحَيَّاهُمْ جَمِيعًا..كَمَا أَنَّنِي لَنْ أنْسَى
دُموعَهُمْ  وَهُمْ يُودِعُونَنَا..
مريم: كَانَتْ لَحظَاتٌ مُفْعَمَةٌ بِالْمَشَاعِرِ الجَيَّاشَةِ..
البهلوان:(يَقْتَرِبُ مِنَ الرِّسَالَةِ الَّتِي عَلَّقَهَا قَبْلَ ذَهَابِهِ ثُمَّ يُنَكِّسُ رَأْسَهُ مُتَحَسِّرًا)  الأَطْفَالُ  لَمْ يَأْتُوا وَالْحَالُ بَقِيَ عَلَى حَالِهِ..
مريم: (تُرَبِّتُ عَلَى كَتِفِهِ) لِمَاذَا الْيَأْسُ وَالْحُزْنُ يَا صَدِيقِي
البهلوان: (مُنْفَعِلاً) ألَم تَلاحِظِي..الْكَرَاسِي الْفَارِغَة..الرِّسَالَةُ  الَّتِي  لَمْ  يَقْرَأْهَا.. بَلْ  لَمْ يَمْسسْهَا أحَدٌ..(يُوَارِي دُموعَهُ بِكَفّيْهِ)
مريم: يَا صَدِيقِي..أَلَمْ تَقُلْ لِي اِسْتَبِقِي الْخَيْرَ
البهلوان: (فِي صَوْتِ حَزِينٍ) نَعَمْ قُلْتُ ذَلِكَ
مريم: فِيَا صَدِيقِي الطَّيبُ..اِمسَحْ دُموعَكَ فَهِي غَالِيَةٌ وَلَا تَدَعْ  الْأَطْفَالَ يَرَوْنَّهَا أَبَدًا..
البهلوان: الْأَطْفَالُ..الْأَطْفَالُ وَأَيْنَ هُمْ؟
مريم: ( مُبْتَسِمَةً) اِرْفَعْ رَأْسَكَ وانْظُرْ حَوْلَكَ
البهلوان:(حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ بِبُطْءٍ وَيَمْسَحُ دُموعَهُ تَنْتَابُهُ نَوْبَةُ ضَحِكٍ هِسْتِيريَةٍ) الْأَطْفَالُ.. الْأَحِبَّةُ..مَرْحَى..مَرْحَى
(يَخْرُجُ الْأَطْفَالُ مِنْ كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْ قَاعَةِ الْعَرْضِ..مِنْ تَحْتِ الْكُرَاسِي..منْ خَلْفِ الْأَعْمِدَةِ وَالسِّتَارَةِ الْخَلْفِيَّةِ وَسَعَادَةٌ لَا تَوْصُفُ تَتَمَلَّكُهُمْ) ..
الأطفال🙁فِي صَوْتٍ وَاحِدٍ)مَرْحَبًا أَيُّهَا الْبَهْلَوَانُ الطَّيِّبُ.. مَرْحَبًا  أَيُّهَا الْعَزِيزُ
البهلوان: (لَا يَكَادُ يُصَدِّقُ) أيْنَ كُنْتُمْ..(يُسْرِعُ إِلَيْهِمْ وَيَحْضُنُهُمْ بِحَرَارَةٍ) ..
حَزِنْتُ كَثِيرًا لِغِيَابِكُمْ.. كُنَّا هُنَا..
البهلوان: (مُسْتَغْرِبًا) كُنْتُمْ هُنَا..أَيْنَ..أَيْنَ..؟
الحرباء: أَيَّهَا الْبَهْلَوَانُ..ألَيْسَ الْيَوْمَ يَوْمُ كَذَا مَنْ شَهْرِ كَذَا  مِنْ سِنَةِ كَذَا..
الثعلب: مَاذَا تَقْصِدُونَ..؟
الأطفال:هُوَ مَقْلَبٌ أَرَدْنَاهُ ذِكْرَى..فِي عِيدِ مِيلَاَدِكُمْ أَيَّهَا الطَّيِّبُ..أَرَدْنَا أَنْ نَحْيا مَعَكَ فِي عَالَمِكَ السِّحَرِيِّ..عَالَمُ الْمَسْرَحِ..أَرَدْنَا أَنْ تُشَاركِنَا عَرْضَنَا الْمَسْرَحِيِّ..
البهلوان:مقْلبٌ..(يَضْحَكُ طَوِيلَاً)..كَانَ شَكِّي فِي مَحَلِّهِ..رَائِعٌ..رَائِعٌ..لَكِن لَحْظَة..
عَرْضُكُمْ الْمَسْرَحِيّ؟!
مريم: نَعمْ عَرْضُهُمْ الْمَسْرَحِيُّ..اِنْتَظَرْ لَحْظَةً وَسَتَرَى الْمُفَاجَأَةَ..
(يَدْخُلُ الْمَلِكُ الْأَسَدُ وَالثَّعْلَبُ وَالْحِرْبَاءُ)
البهلوان:(مَذْهُولاً)مَا هَذَا..الْمَلِكُ الْأَسَدُ..الثَّعْلَبُ..الْحِرْبَاءُ..كَيْفَ..وَالْغَابَةُ؟!
مريم:هَؤُلَاءِ هُمْ آبَاءُ الْأَطْفَالِ شَارَكُونَا فِي الْعَرْضِ الْمَسْرَحِيِّ فَالْجَمِيعُ  يَعْشَقُ  الْمَسْرَحَ
(يَتَقَدَّمُونَ جَمِيعًا نَحْوَ الْبَهْلَوَانِ لِيَحْضُنُوهُ بِدِفْءٍ)
مريم: لَا يُمْكنُ أَنْ نَنْسَى فَضْلَ الْمَسْرَحِ عَلَى الْجَمِيعِ وَإِنْ عَرَفَ الْعَالَمُ  تِكْنُولُوجِيَا  مُتَطَوِّرَةً..أكِيدٌ سَتَكُونُ فِي خِدْمَتِهِ..اُنظرْ(تُشِيرُ إِلَى جُمْهُورِ الْأَطْفَالِ الْحَقِيقِيّينَ الْمَوْجِودِينَ فِي صَالَةِ الْعَرْضِ)..إنّهُمْ يَحْمِلُونَ هَوَاتِفَهُمْ النَّقَّالَة لِأَخْذِ صُورٍ جَمِيلَةٍ أَوْ
فيدْيوهَاتٍ عَنْ عَرْضِكُم الرَّائِعِ..وَلَيْسَ للّعِبِ..فَهَذَا نَرْفُضُهُ جَمِيعًا..
البهلوان: (فِي نَشْوةٍ عَارِمةٍ) شُكَرًا..شُكَرًا لِلْجَمِيعِ..كَانَ مَقْلَبَا رَائِعًا (مُعتَذِرًا) عَفْوَا كَانَ عَرْضًا مَسْرَحِيًّا فَاقَ  التَّصَوُّرَ..شُكْرًا..
مريم:وَالْآنَ يَا صَدِيقِي الْبَهْلَوَانُ..الْجَمِيعُ هُنَا..تَفَضَّلْ  وَقَدِّمْ لَنَا عَرْضَكَ الْمَسْرَحِيّ..
الجميع: هَيَّا..هَيَّا اَمْتِعنَا مِنْ جَديدٍ..
(يَرْتَفِعُ صَوْتُ الْمُوسِيقَى التَّرْحِيبِيَّةِ وَتَنْحَصِرُ الْأَضْوَاءُ فَوْقَ الْبَهْلَوَانِ فِيمَا يَصْدَحُ مُقَدِّمُ الْبَرَامِجِ مِنْ جَدِيدٍ مُعْلَنًا)
مقدم البرامج: أَيُّهَا الْأَعِزَّاءُ أيُّهَا الْأَطْفَالُ..أَيُّهَا الْآبَاءُ..
أَيُّهَا الْأَحِبَّةُ..سَنُقَدِّمُ لَكُمُ الْآنَ الْعَرْضَ الرَّائِعَ
الَّذِي طَالَمَا اِشْتَقْتُم إِلَيْهِ وَانتظرتمُوهُ عَلَى أَحَرِّ مِنْ نَارٍ..
                           انتهـــــــــــــــــــــــى
 
** محمد الكامل بن زيد
بسكرة ،حي الكورس، بدءا من  28 مارس  2019
تاسوست ، جيجل  مراجعة نهائية ،22 أوت 2019
 
 
الشخصيات:

  • الدمية مريم
  • البهلوان
  • الثعلب
  • الحرباء

                                    مشهد 1 :
 
المنظر: قَاعَةُ عَرْضٍ لِمَسْرحٍ صَغِير..تُزيّنُ حَواشِيَهَا سِلسِلةُ مَصَابيحَ مُختَلِفةِ الأحْجَامِ والألوَانِ..تتَلأْلأُ بِشَكْلٍ مُبْهِرٍوَجَمِيلٍ..أَعْلَى أعْمِدَةِ القَاعَةِ عُلّقَتْ أرْبَعةُ مَصَابيحَ عِمْلاَقة تتَرَاقَصُ فِي انْسِجَامٍ مَعَ المُوسِيقَى التّرحِيبيةِ ..مُوحِيّةً بأنّ العَرضَ المَسْرحِيَّ سَيكونُ ممتعًا.. فيمَا بَدتْ الكَرَاسِي المُصْطَفَّةُ خَاليةً مِنَ المُشاهِدينَ..لَحَظَاتٌ قَلِيلَةٌ يُسْمَعُ بَعدهَا صوتُ مقدّمِ البرامِجِ مِنْ خَلفِ الكَوَاليسِ ..
 
مقدم البرامج: أيّهَا الأعزاءُ..أيّهَا الأطفالُ..أيّهَا الأحِبةُ..سنُقدمُ لكمْ بَعدَ حينٍ العرضَ الرائعَ ..الذِي طَالما اشتقتُمْ إليهِ  و انتظرتموهُ على أحَرّ من نارٍ ..
(لا تصفيق )..فَقطْ موسيقَى ترْحِيبيّةٌ
مقدم البرامج: أيّهَا الأحِبّةُ.. أيّها الصغارُ..الزمُوا أماكِنَكُمْ.. سيبْدُأ العرضُ بعدَ لحظَاتٍ..
(لا تصفيق )..فَقطْ موسيقَى ترْحِيبيّةٌ
مقدم البرامج: نَعَمْ الآنَ ..سيَظْهَرُ لكُمْ..صَفّقُوا مَعِي بأقْصَىمَا لديكُم ْمِنْ فَرَحٍ ..مِنْ ابْتِهَاجٍ  ..مِنْ زَمَنِ المحبةِ ..زمَنِ الفُرْجَةِ والمرحِ ..سَيأتي إِليكُمْ ..هَا..هُو قادِمٌ .. نَعمْ ..هَاهُو قَادِمٌ ..واحدٌ ..اثنانِ ..ثلاثةٌ ..هَا..هُو صَديقكُمْ البَلهوانُ
(يزداد صَوْتُ المُوسِيقَى التَّرْحِيبِيَّةِ اِرْتِفَاعـًا تِلْقَائِيًّا مَعَ دُخُولِ  الْبَهْلَوَانِ  الذي يَبْدَأُ الْقِيَام َبِدَورَاتٍ شَرَفِيَّةٍ حَوْلَ الْمَسْرَحِ..مُهَلِّلاًّ وَمُرْحِبًّا بِالْأَطْفَالِ الصِّغَّارِ)
البهلوان: مرحبًا أيّهَا الأطْفَالُ ..مَرْحبًا أيّهَا الصِّغَارُ ..لقَدْ عَادَ صديقُكُمْ الوَفيّ ..صَدِيقُكُمْ المخْلِصُ
(الْبَهْلـوَانُ بَعْدَ أَنْ كَانت الْاِبْتِسَامةُ وَالْبَشَاشةُ مُرْتَسِمـتين عَلَى وَجْهـِه  تَكـدَّرَتْ  سُحْنَتُه  فَجْأَةً فَتَوَقّفَ عَنِ الرَّكْضِ مُبْدِيًا اِمْتِعَاضًا وَاِسْتِغْرَابًا عَظِيمًا..إِذْ لَمْ يَسْمَعْ لَا تَصْفِيقٌ وَلَا ضَحِكٌ وَلَا صُـراخٌ وَلَا تَهْلِيـلٌ مِنَ الْأَطْفَالِ..وَ حِينَ اِسْتَـدَارَ نَحـوَهـمْ يَتبـيَّن الْأَمـرَ  هَالَتهُ الْكُرَّاسـي الشَّاغـِرَةُ مِنهُمْ وَلَمْ يَنـتَبِهْ إِلَى  خَيْـطِ  الْبَالونَاتِ  وَهُوَ يَنْسَل مِنْ  يَدِهِ  وَيَطِيرُ عَالِيَا..)
البهلوان: في صَوْتٍ مُضْطَربٍ.. أيّهَا الأحِبّةُ..أيّهَا الأطْفَالُ الأعِزّاءُ ..أينَ أنتُمْ؟ .. (يَضَعْ يَدِيْهِ في ذُهُولٍ فَوْقَ جَبِينِهِ كَمَنْ يَبْحَثُ عَنْ شَيءٍ مَفْقُودِ.. مْشِي  فِي  أَرْجَاءِ  الْمَكَانِ  يَتَفَقَّدُهُ)..نعَمْ هُو..هَذَا هُو مَسْرَحِي..هَذَا المكَانُ الذِي أعِيشُ فِيهِ وأَعْشَقُهُ ( يحادثُ نفسَه ويخمّن)..رُبما هُوَ مَقْلَبٌ ..نَعَمْ هُوَ مَقلَبٌ..اعْتَدْناَ هَاتِه الأَيّامَ عَلَى المقَالبِ.. (يضْحكُ ثم ينادي بصوتٍ عالٍ) يا صَاحِبَ المسرْحِ.. يا مُقَدّمَ البَرامِجِ.. هيّا.. هيّا أدْخِلُوا الأطْفَالَ..مِن فَضْلِكُمْ..لا تَعْبثُوا مَعِي..لقَدْ حَانَ وقْتُ العَرْضِ (ينظرُ إلى ساعِتِه) نَعَمْ كُنتُ في قَيلُولَةٍ لكِني لمْ أنمْ كثيرًا (يضحكُ) لعَنَ اللهُ النُّعاسَ فَهُوَ سُلطانٌ.. لعَنَ اللهُ النُّعَاسَ فَهُوَ سُلْطَانٌ (يذهبُ إلى الستارةِ وينظرُ خلفَها ..يضربُ كفّيهِ ببعضهِمَا مذهولاً) لا أحَدَ هُنا.. أينَ ذهبَ الجميعُ؟!(يخرجُ من جيبِه ورقةً صغيرةً) ..نَعَمْ.. نَعَمْ ..اليَومَ هُوَ يومُ العَرضِ..فأينَ ذهبُوا يا تُرى ..أينَ؟  ..لا يمكنُ أنْ يكونَ هَذا إلا مقلبٌ (يحركُ شعرهُ بحركةٍ سريعةٍ) نعمْ..نعمْ.. أكيدٌ هذا مقلبٌ..
مقدم البرامج: أيّها الأطفَالُ..أيهَا الأحِبّةُ ..استَمْتعُوا مع صَدِيقِكُمْ الوَفيّ..صديقِكُمْ البهلوان ..ما أسعدَهَا منْ لحَظَاتٍ ..إنهَا  الأجمَلُ .. الأحْلىَ..
 البهلوان:(غَاضِبًا)..يَا هَذَا أَيْنَ هُمالْأَطْفَالُ..أَيْنَ هُمالْأَحِبَّةُ..( مُتَذَمِّرَا)..آهٍ نَسِيَتُ أَنَّكَ تَتَحَدَّثُ مِنْ خَلْفِ الكواليسِ رُبَّمَا  لَمْ  يُعْلِمُوكَ  مِثْلِي أَنّ  الْأَطْفَالَ  لَمْ  يَأْتُوا  الْيَوْمَ.. لَقَدْ كَانَ عَلَى الْإِدَارَةِ أَنْ تُخْبرَنا..(يذْهَبُ خلفَ الكواليسِ مرةً أخْرَى ثمّ يعُودُ حَزينًا ) .. يا إلهِي ..أينَ هـم.. أينَ الجميعُ ؟.. حتىّ مقَدّم البرامِجِ غَيرَ موجودٍ ..كانَ صوتُهُ مُسَجّلاً علَى شَرِيطٍ إذَاعِيٍّ وهَأنذَا قَدْ أسكتّهُ ..أكيد هُو مُتَواطِئٌ مَعَهُمْ ..يا إلهِي هَلْ أنَا في حُلمٍ ..أمْ كَابوسٍ ..( يَجلسُ بالقرْبِ من صُندوقٍ كبيرٍ خَشَبِيٍّ فيهِ ألعابٌ ودُمًى.. يُطأطئُ رأسَهُ حُزنًا وأسَفا ) .. مُستحيلٌ أنْ أصَدِّقَ مَا يحدُثُ ..فَهذَا غَيرُ مَعْقُولٍ ..فأنَا لاَ يمُكنُ لي أنْ أعيشَ دونَ الأطفالِ فهُمْ سِرُّ سَعادَتي وبهجَتي ..
صوت من داخل الصندوق: لا تحْزنْ يا صَديقِي ..لا تحزَنْ
البهلوان: كيفَ لا أحْزنْ؟ ..كيفَ لا أحْزنْ ؟
صوت من داخل الصندوق: أليسَ البهْلوانُ هُو السّعادةُ ..هُوَ المرحُ ..هوَ الفَرحُ..
البهلوان: نعَمْ ..نعَمْ ..أنا السّعَادةُ ..أنا المرحُ ..أنا  الفرحُ (ينتفِضُ فزعًا مبتعِدًا عن الصّندُوقِ كمَنْ تفطّنَ إلى نفسِه)ماذَا.. ماذَا هَلْ كنتُ أحَدّثُ نَفْسِي أم خُيّلَ إليّ أنّي أحَدثُ أحدًا غَيرِي ..
مريم: (فتاةٌ صغيرةٌ علَى هيئةِ دميةٍ تخرجُ منَ الصّندوقِ) ..لمَتحَدّثُّ نفْسكَ ولمَ يُخيّلُ إليكَ ..إنكَ تحدثُ دميةً أيّها البهلوانُ الطّيبُ ..
البهلوان: (يفركُ عينيهِ) هذاَ صَحِيحٌ أنا أحدثُ دميةً
مريم: واسمِي مريمُ.. أليسَ جميلاً ..
البهلوان:(يحك رأسه بحركة سريعة).يا الهي.. دميةٌ تتكَلمُ واسمُهَا مريمُ ..جميلٌ و رائعٌ..
مريم: (مزهوةً)..وأغنيّ وألعَبُ وأفعلُ الكَثيرَ ..الكَثيرَ مِنَ الأشياءِ الجَميلةِ بَعضُهَا لا يمكنُ أنْ تتخيلَهُ..أبْسَطُهَا الحركاتُ البهْلوانيةُ (تضحكُ)..مِثلُكَ يا صَدِيقِي (تقومُ ببعضِ الحركاتِ البهْلوانيةِ)
البهلوان: (يُصفقُ عليهَا مُبتسمًا) رائعٌ ..رائعٌ ولكنْ كيفَ.. كيفَ ..؟؟
مريم: (تبتسمُ) ألسْنَا في مَسْرحٍ؟
البهلوان: نعمْ..نعمْ ..نحنُ في مَسرحٍ
مريم: ألا يجْعَلُ المسْرحُ خيالنَا وأمنياتِنَا حقيقةً..كمَا ترَى؟ .. (تشيرُ إلى نَفسِها) ..
البهلوان: (تزدَادُ ابتسَامتُهُ اتّسَاعًا ويَهُزُّ رأسَهُ مُوافِقًا) ..نَعم المسْرحُ عَالمٌ مملوءٌ بالأحْلاَمِ الجَمِيلَةِ.. يُعطِينَا فُسَحًا واسِعَةً وآفَاقًا بَعِيدَةَ المدَى.. فنفْعَلُ ما نَشَاءُ ..كيفَمَا نَشَاءُ..
مريم: (تفتحُ ذِرَاعَيهَا فِي انْشِراحٍ) إنَّهَا مُتْعَةٌ عَظِيمَةٌ ..
البهلوان: حَقًّا ..إنّهَا مُتْعةٌ مَا بَعدهَا مُتْعةٌ
مريم: أليْسَ رائعًا أنْ تبَتسِمَ إلَى الحَياةِ ..
البهلوان: نعمْ ..رائعٌ ..رائعٌ.. لكنّ الأرْوَعَ لوْ كانَ مَعنَا الأطْفَالُ.. (تُعَاودُهُ نَوبةُ الحُزنِ فيجلسُ متثاقلاً على الكرسِيّ)..
مريم: أيّهَا الصّديقُ الطّيـبُ لماذَا عُـدتَ إلى الحـُـزْنِ مرةً أخْرَى ..؟
البهلوان: الأطفَالُ هُمْ سِرُّ بهْجَتي وسَعَادَتي وفَرحَتي..وإني أكَادُأُجَنُّ وأفْقِدُ صَوابي.. لمْ أفْهمْ سِرّ غِيابهِمْ اليومَ.. لقَدْ اعتَدْنَا أنْ نَأتيَ إلى هذِهِ المدِينَةِ كُلَّ سَنةٍ كَيْ نَفْرحَ ونَسْعَدَ معَهُمْ ..
مريم: (تلتزمُ الصمتَ قليلاً  وتخفضُ رأسَهاكأنهَا تُخفِي شيئًا وتخشَى البوحَ به )..
البهلوان:ما بكِ أيتُهَا الدُّميةُ الجَمِيلةُ صَمَتّي عَنِ الكَلاَمِ ..أنَا سَألتُ فَهلْ مِنْ جَوابٍ؟ (ينقرُ علَى رأسِها مدَاعِبًا)  ..
مريم: الأطفالُ ..الأطفالُ (في تعلثمٍ واضحٍ وجليّ) ..
البهلوان: (فزعًا ) ما بهمْ..؟ ما بهمْ؟ هلْ حدَثَ لهمْ مكروهٌ؟ ..هلْ أصابهم شيءٌ..؟
مريم: لا ..لا ..هُم بخير ..
البهلوان: (يتنفس الصعداء) الحمدُ للهِ ..إذًا  ما الأمرُ؟ .. علَى مَا يبدُو أنّكِتعرفينَ سرّ غيابهِمْ ؟
مريم: (في صوت حزين) إنهمْ لمْ يأتُوا إلى المسْرحِ اليومَ لأنهـــمْعزفُوا عنهُ وانشَغَلُوا بأشْياءَ أخْرى ..
البهلوان: أشياءٌ أخرى ؟!
مريم: (في أسفٍ) نعمْ ..نعَمْ
البهلوان: وماذَا تعنينَ بأشياءَ أخْرى ؟
مريم: أشياءٌ أخْرَى..كانْغِمَاسِهِمْ في ألعَابِ  الهَواتِفِ النّقّالة..وألعابِ البلايْستيشنْ وغيْرِهَا ..فَـمَاعَادَ المسْرحُ يسْتَهْويهمْ ..
البهلوان: مَاذَا ..ماذَا ..غَيرُ معْقُولٍ ..هَذَا لاَ يُصَدّقُ ..إنهَا  الكَارثةُ إذَا مَا عَزفُوا عَنهُ فالمسْرحُ هوَ أبُ الفنُونِ ..فَمنْ يحبهُ ويبتهجُبأجْوائهِ سَيتعلمُ الكثيرَ في هذهِ الحَياةِ ..
مريم: أعلمُ ..أعلمُ
البهلوان: (مستاءً) لكنْ كيفَ يحدُثُ هَذا ..ومتىَ ؟
مريم: يحدثُ هَذا حينَ يتغَافلُ الآباءُ عَنْ أبنائِهِمْ وتُصبحُ همُومُهمْاليوميّةُ أعظمَ مشَاغِلِهِمْ..
البهلوان: (غاضبًا) هذِه هيَ الطامةُ الكُبرَى ..ألاَ يَعلمُ الآباءُ أنّ انغِماسَ أطفالهِمْ لسَاعاتٍ طويلةٍ في اللعبِ بتِلكَ الأجْهِزةِ ..سيُعرّضُهُمْ إلى العَديدِ منَ الأمْراضِ أخْطرُهَا ..مرضُ التوحّدِ ..لاَ ..لاَ هَذا خطيرٌ جدًّا ..جدًّا
مريم: للأسفِ ..هَذا ما يحدُثُ ..هاتِه الأيّامِ
البهلوان: (في حنقٍ شديدٍ) عنْ نَفسِي لنْ أسكتَ ..إذا عادَ الأطفالُ سأخبِرُهمْ بالخَطرِ المحْدِقِ بهمْ وأحَذّرُهمْ ..حَتىّ آباءَهمْ سأعاتبهُمْ عتابًا شَديدًا..
مريم: أخْشَى أن تَطُولَ فترةُ غيابهمْ
البهلوان: حقًّا إنها كارثةٌ ..مصيبةٌ ..ومَاذا أفعلُ أنا وهُمْ عَالمِي ..أنَا أحِبُّ عَالمِي لأني أحِبُّهُمْ ..
مريم: (بعدَ تفكِيرٍ) اسمعْ خَطرتْ لي فكرةٌ ..يمكِنكَ أنْ تُقدمَ عرضَكَ المسْرحِيّ فتَسعَدْ وتُسعِدْ..
البهلوان: أينَ ..هُنَا .. (يُشيرُ إلى ما حَولهُ) ..أتهزئينَ بي أيتُهَا الدميةُ الطّيبةُ ..
مريم: حاشَا لله ..
البهلوان: إذًا أينَ يا تُرى ؟
مريم: لا تستعجلْ (مترددةً)..فأنَا أقصِدُ أنّ لي في الغَابةِ المجَاورةِ أصدقاءٌ ..صغارٌ ..
البهلوان: أصْدِقَاءٌ صِغَارٌ في الغَابةِ المجَاورَةِ ..جَميلٌ..رائعٌ ..أكِيدٌ تقْصِدينَ أننَا سنَجدُ أطفالاً هناكَ ..لعَلّهُمْ أطفَالُ الكَشّافَةِ يُخيّمونَ هناكَ مثَلاً ..
مريم: (تهزُّ كتِفَيهَا)..نوعًا مَا ..المُهِمّ همْ صِغارٌ
البهلوان: (يرْمقُهَا بغرابةٍ)أطفَالٌ ..يكَادُ الأمرُ أنْ يكُونَ كذَلكَ  ..المهِمّ صِغارٌ ..مَا هَذا ..أوضِحِي الأمرَ ؟!
مريم: نعَمْ..نعمْ ..في الحَقِيقــَـــةِ أصْدِقائِي هُمْ صِغَارُ الحيَواناتِ
البهلوان: (مستغـــربًا)..مَـاذَا..ماذَا..صِغَارُ الحيَوانَاتِ .. ؟!
مريم: (ترمقُهُ في حِدّةٍ)..ألاَ يحِقُّ لهُمْ أنْ يَستَمْتِعُوا بمَا تُقدمُهُ مِنْ عُروضٍ مَسْرحِيةٍ ..
البهلوان: لالاَ لمْ أقُلْ هَذَا..فالمسرَحُ للجَميعِ..لكنّ الأمرَ بدَا لِي غريبـًا بعْضَ الشّيءِ .. مريم: مِثلِي أنَا .. (تبتَسمُ)
البهلوان: يضْحَكُ ..نعَمْ ..نعَمْ (يَحُكّ رأسَهُ قليلاً ثُم يُبْدِي موافقتَهُ)..لمَ لاَ لنُجَربْ ؟!
مريم: إذاً مَاذا نَنتَظِرْ ..هيّا..هيّا
البهلوان: انتظِري ..انتظِري ..سَأكتبُ  رسَالةً
مريم: لمَنْ ؟
البهلوان: للأطفَالِ ..للأحِبةِ ..فأنَا عِندِي أمَلٌ أنهُمْ سيَعودُونَ لاَ محَالةَ ومعَهمْ أولياؤهمْ أيضًا.. (يبحثُ عَنْ ورقةٍ ويكتبُ الرسالةَ ثمّ يقَدّمُهَا إلى الدُّمْيةِ مريم)..
مريم: (تقرأُ الرسَالةَ)..أيهَا الأطفَالُ ..أيهَا الأحبةُ سأعُودُ إليكُمْ ..لنْ أتأخرَ طويلاً ..فأنَا مُشْتاقٌإليكُمْ وأعْلَمُ علْمَ اليقِينِ أنّي حينَ أعُودُ سأجِدُكُمْ ..فَليسَ هناكَ أجمَل منَ المسرحِ..المخْلصُ صَدِيقُكُمْ البَهْلوانُ
                              إظــــــــــــــــــــــــــــــــــلام
 
                                    مشهــــــد 2:
(في الغَابةِ ..يظهرُ ثَعلبٌ عَجُوزٌ هزيلُ الجسدِ ..منهكُ القِوى يمْشِي بِصُعُوبةٍ كبيرةٍ متكئًا عَلى عصاهُ الخَشَبيةِ..)
الثعلبُ: (يئنُّبِصَوتٍ حَزينٍ) مُنْذُ أيّامٍ طَوِيلةٍ لمْ أتنَاولْأيَّ طعامٍ..الجُوعُ يكَادُ يقتُلنِي ..وجَسَدِي لمْ يعُدْ يتَحمّلُ..
(يتعثرُ كثيرًا في مِشيتهِ حتّى يكادُأنْ يسقطَ ..يُسْرعُ جَاهِدًا إلَى أقربِ شجرةٍ مُحَاولاً استِرجَاعَ أنفاسِهِ ..تَطلّ عَليهِ الحِرباءُ منْ فوقِ غصْنِ الشّجَرةِ)
الحرباءُ: (بنبرةٍ خبيثةٍ) أهلاً ..أهلاً أيها الثعلبُ ..موسيقَى خفَقانِقلبِكَ رهيبةٌ جدًا ..حتىّ أنها أيقَظتْني فَزعةً مِنْ حلمٍ جميلٍ ..
الثعلب: (متذمرًا) جَائعٌ ..جَائعٌ..أكَادُ أمُوتُ مِنَ الجُوعِ (يُمْسكُ بَطنَه مِنْ شِدّةِ الألَمِ)
الحرباء: (متهكمةً) مِسْكينٌ ..مِسْكينٌ..حقًّا مِنَ الجُوعِ مَا أذَلّ
الثعلب: (غاضبًا) اسْكُتي ..امْسِكِي لسَانَكِ السّليط عَنِّي ..لا ينقُصُني إلا هُو  ..
الحرباء: (مُستفزةً) ..الثعْلبُ جائعٌ ..الثعلبُ مسكينٌ
الثعلب: (متحسرًا في ضيقٍ) لو أمسكُ بكِ أيتُها الحرباءُ المتطفّلةُ
الحرباء: (مستهزئة) في الأحلامِ أيها الثّعلبُ العجوزُ..في الأحْلامِ
الثعلب: أيتُها الحرباءُ اللعِينةُ ..ستنْدمينَ عَلى ما تفعَلينَ ..
الحرباء: لمَ الندمُ ..مشهدًا نادرًا ما أراهُأثارَ إعجَابي فأردْتُ أنْ أروّحَعنْ نفْسِي ..
الثعلب: هَكَذَا إذنْ ..بعْدَ هَذَا العُمْرِ ..أصبَحْتُ أضْحُوكةً .. (يشيرُ بعُكّازهِ متَوعّدًا )
الحرباء: أتسْمَعُ نصِيحَتي ..ضَعْ حِجَارةً فوقَ بطنِكَ عسَاهَا تُقللُّ مِن وَطأةِ الجُوعِ..
الثعلب: (يرمقُها شزرًا وبعدَ أنْ يزفرَ أنفاسًا حارةً) حجارةٌ فوقَ بطني أسُدُّ بها جُوعِي ..تهزئينَ بي وأنَا كنتُ الصّديقَ المقَربَ منْكِ ..سَامحَك اللهُ
الحرباء: (تضحكُ) ومازلتَ أيها الثعْلبُ العجوزُ ..أنا فقَطْ أردْتُ أنْ أمزحَ معَكَ .. (تحَاولُ أنْ تُلطّفَ الجَوَّ بابتِسَامةٍ عريضَةٍ) ..
الثعلب: (معاتبًا) وهَلْ هذَا وقْتُ المُزاحِ..انظُرِي (يشيرُ إلَى جسَدِه) ..وهَلْ هذَا حَالُ مَنْ لدَيهِ الوقْتَ لمثلِ هذِهِ السخَافَاتِ..
الحرباء: قيلَ فِي الأمثَالِ لكُلًّ منَا توبةٌ إلاَّ صاحبُ البطنِ الكَبيرةِ ..فلن يتوبَ أبدًا وتكونُ أخطاؤُه فادحةً.. وخطَؤكَ أيهَا الثعلبُ العجوزُأنّ بطنَكَ كبيرةٌ جدّا .. (يغلبُها الضحكُ فلا تقدرُ علَى إمساكِ نفسِهَا)
الثعلب: (يصرخُ غاضِبًا)ألاَ يحقُّ لصَاحِبِ البطنِ الكَبيرةِ أنْ يأكلَ.. أن يعيشَ..
الحرباء: نعمْ ..نعمْ..لكنْ كانَ عَليهِ أنْ يحْسِبَ حِسَابَهُ لوقْتِ الحاجَةِ ..فالشّراهةُ فِي الأكْلِ والطّمعُ الشّديدُ..يُسْقِطانِ صاحبَهُمَا في مواقِفَ محرجةٍ ..
الثعلب: (في امتعاضٍ شديدٍ)حسنٌ..حسنٌ..ألاَ يُوجدُ شيءٌ متوفرٌ في هذهِ الغابةِ اللعِينةِ
الحرباء: لا شَيءَ ..لا شَيءْ
الثعلب: مُستحيلٌ ..مُستحيلٌ
الحرباء: المستَحيلُ أنتَ مَنْ صنعتَهُ ..
الثعلب: أنَا ..أنَا
الحرباء: نعمْ أنْتَ ..إنكَ قطَعْتَ حبلَ المودّةِ والتّواصُلِ الطّيبِ مَعَ الآخَرينَ .. جَشَعُكَ وأنانِيتُكَ جعَلاَ حَيوانَاتِ الغَابةِ ترفضُ التّعاملَ معَكُمْ ..
الثعلب: (يطأطئُ رأسَهُ خجَلاً) أنَا ..أنَا
الحرباء: (تواصلُ حديثَهَا) وتَأبَى تقديمَ يَدِ العَونِ..حَتىّ أنّهَا قاطعتْكَ..
الثعلب: لكِنّي لمْ أفعلْ شيئًا محرّمًا ..وجَدْتُ طعَامًا فأكلتُهُ ..
الحرباء: لكنّهُ ليسَ طعامُكَ ..بَلْ هُوَ طَعامُ الجَمِيعِ
الثعلب: (يحرّكُ رأسَه ويتملْملُ في مكَانِه)لا أعْـــرفُ ..لا أعْرفُ ..
الحرباء: (في لهجةٍ حادةٍ) أُصْدُقِ القولَ أيها الثعْلبُ العجُوزُ وقلْ أنّ بطنَكَ الكَبيرةُ هيَ السبَبُ ..
الثعلب: غلبتْني نفْسِي..فمَنْظرُ الطّعَامِ الشّهيِّ سَحَرَني ..أعْمَاني ..
الحرباء: أنتَ لاَ تُنكِرُ ..
الثعلب: لا أنكِرُ ..ولمْ أنكِرْ ..جُعْتُ فأكلْتُ
الحرباء: إذنْ تحمّلْ نتائجَ عملِكَ المُشِينِ ..
الثعلب: ليسَ إلى هَذهِ الدّرجَةِ ..
الحرباء: احمَدُ اللهَ ..أنّ ملِكَنَا الأسَدُ لمْ يقْتُلْكَ أوْ ينْفِكَ خَارجَ الغَابَةِ ..كَانَ كَريمًا معَكَ حِينَ سَمَحَ لكَ بالعَيشِ فِيهَا شَرْطَ ألاّ يُساعدَكَ أحَدٌ ..
الثعلب: (يُلوّحُ بعَصاهُ) أليسَ هذَا مَنفًى ..أليسَ هذَا إجْحَافٌ ..ألاَ ترينَ أنّي أُحْتَضرُ
الحرباء: هِيَ أوامِرُ الملِكِ وَ…
الثعلب: (مُقَاطعًا) الملكُ.. الملكُ هَذَا حُكْمٌ جَائِرٌ ..جَائرٌ
الحرباء: أيهَا العَجُوزُ ..اصْمُتْ.. اصْمُتْ
الثعلب: لمَ تَطلُبينَ مِنيّ أنْ أصْمُتَ وأنَا سَأمُوتُ عَاجِلاً أمْ آجِلاً ..
الحرباء: أحمَدُ اللهَ أنّ الملكَ لنْ يَسمَعكْ ..
الثعلب: ماذَا تقصِدِينَ ؟
الحرباء: علَى مَا أَرَى ..أنْتَ لمْ تَسْمعْ بأنّ الملكَ وحَاشِيتَهُموْجُدُونَ خَارجَ الغَابَةِ ..
الثعلب: كيفَ ..ومَتىَ ؟
الحرباء: ذَهبَ الملكُ الأسَدُ لَيلةَ أمْسٍ إلَى أخِيهِ الأسَدِ مَلِكِ الغَابَةِ المجَاورَةِ لحُضُورِ عُرْسِ ابنِهِ وقَدْ أخَذَ كِبارَ الحَيوانَاتِ ..ولمْ يبْقَ إلاَّ صغَارُهُمْ ..اعتِقَادًا منْهُمْ بأنهُمْ كَبرُوا ووجَبَ عليْهِمْ الاعتِمَادَ عَلَى أنفِسِهمْ ..
الثعلب: (تبرقُ عيناهُ فيُحدّثُ نفسَهُ) يا لهُ مِنْ خَبرٍ مفْرحٍ ..رائِعٍ ..رائعْ ..
الحرباء: رائعٌ ..رائعٌ
الثعلب: لا شَيْءَ ..لا شَيْءَ ..
الحرباء: زلّةُ لسانٍ أمْ …
الثعلب: قُلتُ لا شَيْءَ ..لا شـيْءَ ..هيّا ..هيّا سَأذهَبُ لاَ وقْتَ لدَيّ ..يحاوِلُ بأقـصَى مَا لدَيهِ مِنْ قُوّةٍ  أنْ يُسْرعَ الخُطَى ..
الحرباء: إلى أينَ أيهَا العَجُوزُ..
الثعلب: سأحَاولُ أنْ أذْهَبَ إلَى النّهرِ القَريبِ مِنْ هُنَا.. أرِيدُ أنْ أشْرَبَ.. فقَدْ سَمِعتُ أنّ كثْرةَ الماءِ تملأُ المعِدَةَ فتُخَفّفُ مِنْ وطْأةِ الجُوعِ ..
الحرباء: إيّاكَ أنْ تَرتَكِبَ حمَاقَةً
الثعلب: عَنْ أيّ حَمَاقةٍ  تتَحَدّثُ؟
الحرباء: أعرفُكَ أيهَا الثعْلبُ العَجُوزُ ..
الثعلب: ومَاذَا  تعْرفِينَ ..؟
الحرباء: رأيتُ فكرةً خَبيثةً تجلّتْ في عَينيْكَ
الثعلب: أصبحتِ الآنَ عرافةً ؟
الحرباء: يا صدِيقِي ..لا تُنكِرْ                                                                                                     
الثعلب: حسَنٌ ..حسَنٌ
الحرباء: لا تَكُنْ غَبيًّا وعَنيدًا ..
الثعلب: لسْتُ غَبيًّا ولاَ عَنِيدًا..هَذَا حَقّي المشْروعْ..لنْ أمُوتَ جوعًا..ولنْ أرْضَخَ لأَحَدٍ
الحرباء: سَتندَمُ ..
الثعلب: لنْ أندَمَ ..
الحرباء: الثأَرُ والجُوعُ سيُعْمِيانِكَ ..
الثعلب: لا يهُمُّ ..لقَدْ لعِبَتْ في رأسِي فِكْرةٌ وانتَهَى الأمرُ ..سَأكونُ أنَا الملِكُ..
الحرباء: (مذهولةً)..مَاذَا ؟..مَاذَا ؟
الثعلب: نعَمْ أنا الملكُ..
الحرباء: يا أحمَقُ ..لا تتهَوّرْ
الثعلب: ( فِي عُنْفُوَانٍ)..لَا يُهُمُّ بَلَغَ السَّيْلُ الزُّبَى..لَيْسَ هَذَافَقَطْ وَأَيْضًا سَأُعَيِّنُكِ وَزِيرَةً..
الحرباء: (ترفُضُ بِشِدةٍ)أَنَا..أَنَا..مُسْتَحِيلٌ..مُسْتَحِيلٌ
الثعلب: مَاذَا..مَاذَا تَرْفِضِينَ أَمْرَي وَأَنَا الْمَلِكُ
الحرباء: (تُمسُكُ رَأْسَهَا مِنْ هَوْلِ الْمُفَاجَأَةِ) لَا أَقْصِدُ..لَا أَقْصِدُ
الثعلب: إِنْ فكّرتِ مَرَّةً أُخْرَى وَلَوْ لِلَحْظَةِ فِي عِصْيَانِ أَمَرِي سَتَكُونُ  نِهَايَتُكَ  عَلَى  يَدِي ..
الحرباء: حُسْنٌ..حُسْنٌ..أَنَا طَوْعُ أَمْرِكَ مَوْلَايْ
الثعلب: هيَا بِنَا نَسْبِقُ الزَّمَنَ فَالْفُرَصُ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ لَا تَأْتِي مَرَّتَيْنِ..
الحرباء: نَعَمْ..يَا مَوْلَايْ نَعَمْ..
الثعلب: هَيَا..اَسُرْعِي الْوَقْتُ يُدَاهِمُنَا..
الحرباء: مَوِّلَايَ لَهُ مِنَ الْفَطِنَةِ مَا يُدْرِكُ به  أَنِّيبَطِيئةُ الْحَرَكَةِ..
الثعلب: وَخَبِيثَةٌ..
الحرباء: مَوْلَايْ ..
الثعلب: لَا مُشَكَّلَةَ عِنْدِي سَأَحْمِلُكِ فِي كِيسٍ حَتَّى نَرْبَحَ الْوَقْتَ..
الحرباء: كِيسٌ..أَنَا الصَّدِيقَةُ الْوَفِيَّةُ..أُحمَلُ فِي كِيسٍ..
الثعلب: أَنَا الْآنَ الْمَلِكُ وَلَسْتُ بِصَدِيقٍ..اِفْعَلِي مَا آمُرُكِ بِهِ..
الحرباء: تَرْتَعِدُ خَوْفًا..نَعْمْ يَا مَوْلَايْ..نَعْمَ يَا مَوْلَاِيْ..هَيَا..هَيَّا الْوَقْتُ يُدَاهِمُنَا..
(يخرجان )…
                                 إظـــــــــــــــــلام
 
                                  مشهـــــــــد 3:
(فِي نَفْسِ الْغَابَةِ..يَظْهَرُ الْبَهْلَوَانُ حَامِلَا فَوْق َكَتِفَيْهِ الدَّمِيَّةَ مَرْيَمَ وَقَدْ أَرْهَقَهُ  السَّيْر ُ الطَّوِيلُ)
البهلوان: (بِصَوْتٍ مُتَقَطِّعٍ) هَلِ اِقْتَرَبْنَا؟
مريم: تُرَبِّتُ عَلَى كَتِفِهِ) نَحْنُ عَلَى مَشَارِفِهَا)
البهلوان: تَقْصِدِينَ أَنَّنَا وَصْلْنَا ؟
مريم: نَعَمْ..نَعَمْ..سَنَدْخُلُهَا الْآنَ..
البهلوان: (يَتَنَهَّدُ بِعُمْقٍ)..الْحَمْدُ لله..كَمْ كَانَتِ الطَّرِيقُ طَوِيلَةً وَشَاقَّةً وَمُتْعِبَةً..
مريم: الْحَمْدُ للهِ..الْحَمْدُ لله (تَدُورُ فِي أَرْجَاءِ الْمَكَانِ فَاتِحَةً ذِرَاعِيْهَا فَرِحَةً) اُنْظُرْ  حَوْلَكَ  يَا صَدِيقِي..أَلَيْسَتِ الْغَابَةُ جَمِيلَةً..؟ اُنْظُرْ  إِلَى  الْأَشْجَارِ  الْبَاسِقَةِ  كَيْفَ  تَرَاقِصُهَا أَشُعَّةُ الشَّمْسِ الذَّهَبِيَّةِ..اُنْظُرْ إِلى الْأرْضِ الْخَضْرَاءِ الْمُزْهِرَةِ..اِسْتَمْتِعْ بِكُلِّ جَوَارِحِكَ بِهَذَا الْهُدُوءِ السَّاحِرِ (تَنَصّتَ زَمَنَا)
البهلوان: ( يَمُدُّ يَدَيهِ عَالِيًا يَسْتَنْشِقُ الْهَوَاءَ الْعَلِيل) َنَعْمْ لَكِكلُّ الحَقِّ.. كُلَّ  مَا رَوَيْتِهِ لِي عَنْ جَمَالِ الْغَابَةِ وَرَوْعَتِهَا أَرَاهُ مُتَجَلِّيَا  أمَامِي.. هُدُوءٌ سَاحِرٌ  حَقًّا (يُحَاوِلُ أَنْ يُحَاكِي الدَّمِيَّةَ  مَرْيَم فِي حَرَكَتِهَا إِلَّا أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ حِينَ بَدَتْ  لَهُ  أَنَّ حَالَتَهَا  تَبَدَّلَتْ وَأَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى مَا يُرَامُ)
مريم:( يَبْدُو عَلَيْهَا الْاِنْزِعَاجُ) نَعمَ هُدُوءٌسَاحِرٌ..لَكِنْ..لَكِنْ..
البهلوان: لَكِنْ مَاذَا أيتُهَا الدَّمِيَّةُ الْجَمِيلَةُ..مَا الّذِي أَزْعَجَكِ فَجْأةً
مريم: (فِي نَبْرَةٍ حَزِينَةٍ) مِنَ الْعَادَةِ أَنْ يَكُونَ هذَا الْهُدُوءُ نسَبيًّا وَلَيْسَ كُلِّيَّا
البهلوان: (مُسْتَغْرِبًا) لَمْ أَفَهَمْ..؟
مريم:هُدُوءُ الطَّبِيعَةِ الْخَلَّابُ مِنَ الْعَادَةِ تُصَاحِبُهُ حَرَكَةُ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي تَعَيشُ هُنَا.. حَرَكَةٌ سَعَادةٌ  وَفَرَحٌ.. وَمَرَحٌ
البهلوان: (يَهِزُّ كَتِفِيهِ وَيُحَرِّكُ رَأْسَهُ مُؤَكِّدًا) أَنْتِ أعْلَمُ بِالْمَكَانِ  أَفَضْلَ مَنِّي..
مريم: (قَلِقَةً) اِعْتَدْتُ أَوَّلَ مَا تَطَأُ قَدَمِيَّ هَاتِهِ الْغَابَةَ الطَّيِّبَةَ أَنْ أَلْقَى حَفَاوَةً عَظِيمَةً مِنْهُمْ..وكُلَّمَا  خَطَوْتُ  خَطْوَةً   وَجَدْتُهمْ  يُحِيطُونَ  بِي  وَيَأْبَوْنَ  الْاِبْتِعَادَ  عَنِيّ، حَتَّى أَنَّهُمْ دَائِمًا كَانُوا يُنْشِدُونَ لِي أحْلَى الْأَلْحَانِ..
البهلوان: (مَازحًا) رُبَّمَا بُحّتْ حَنَاجِرُهُمْ مِنْ كَثْرَةِ الْغِنَاءِ..
مريم: (مُعَاتِبَةً) أَرْجُوكَ يَا صَدِيقِي لَيْسَ هَذَا وَقْتُ الْمُزَاحِ..
البهلوان: آسِفٌ..آسِفٌ..ألَا يُحَضّرُونَ لَكَ مُفَاجَأَةً..
مريم: لَا أَظُنُّ..لَا أَظُنُّ فَقَلْبِي ازْدَادَتْ نَبَضَاتُهُ تَسَارُعًا..إِنَّهُ يُحْدِّثُنِي  بِأَنّ أَمْرًا جَلَلًا  قَدْ أَصَابَ أَصْدِقَائِي..
البهلوان: اِسْتَبِقِي الْخَيْرَ أيّـتُهَا الدَّمِيَّةُ الْجَمِيلَةُ..
مريم: اُنْظُرْ..اُنْظُرْ..لَا يُوجَدُ حَيَوَانٌ وَاحِدٌ هُنَا..
البهلوان: (يَنْظُرُ حَوْلَهُ) مَعَكَ حَقُّ..لَا أحَدَ هُنَا..
مريم: أَلَيْسَ فِي الْأَمْرِ رِيبَةٌ؟
البهلوان: أَمْرٌ مُحَيِّرُ وَيَدْعُو للرِّيبَةِ..حَقًّا
مريم: شَيْءٌ لَا يُصَدَّقُ..يَا إلَهِي..مَاذَا يَحْدُثُ فِي هَذَا الصَّبَاحِ؟
البهلوان: (يُحَاوِلُ أَنْ يَصْطَنِعَ الْاِبْتِسَامَةَ) الأصَحُّ أَنْ تَقُولِي أَنَّ حَظِّيَ عَثَرَ وَعَكَّرَ  وَجْهَ  الْغَابَةِ.. وَلَيْسَ   مُقَدَّرٌ لِي أَنْ أُقَدّمَ الْعَرْضَ الْمَسْرَحِيّ..
مريم: (مُسْتَاءَةً) مَاذَا دَهَاكَ أَيُّهَا الصَّدِيقُ الطَّيِّبُ..
البهلوان: هِي الْحَقِيقَةُ..لَا أَطْفَالٌ..لَا حَيَوَانَاتٌ..فَلِمَنْ أقْدَمِ عَرْضِي..؟
مريم: (فِي حَزْمٍ) ثِقْ يا صَدِيقِي..سَتُقَدِّمُ عَرْضَكَ الْمَسْرَحِيّ حَالَمَا نَجِدُهُمْ..
البهلوان: أتَعْتَقِدِينَ ..؟
مريم:أَكِيدٌ..أَكِيدٌ فَهُمْ أَصْدِقَائِي وَأعْرَفُ مُدَى شَغَفِهِم بالمسْرَح َعَرُوضِهِ..ثُمَّ أَلَمْ  تَطْلُبْ  مِنِّي أَنْ أَسْتَبِقَ الخَــيرَ..؟
البهلوان: بَلَى ..بَلَى
مريم: هَيّا بِنَا إذَنْ ..
البهلوان: إلَى أيْنَ ؟
مريم: لَنْ يَنْفَعَنَا الْاِنْتِظَارُ هُنَا..سَنَبْحَثُ عَنْهُمْ..
البهلوان: الْغَابَةُ شَاسِعَةٌ..
مريم: أَغُلْبُ الظَّنِّ أَنَّهُمْ غَيْرُ بَعيدِينَ عَنّا..حَدَسِي يُخْــبرُنِي..
البهلوان: أَتَمَنَّى أَلَا يُخَيِّبَكَ حَدَسُكَ..
مريم: أَتَمَنَّى أَنْ أَلْقَاهُمْ جَمِيعَا وَأَنَّ الْمَانِعَ مِنَ اِسْتِقْبَالِهِمْ لَنَا كَانَ خَيْرَا ..
البهلوان: رُبَّمَا هُوَ عُرْسٌ
مريم: (تَنْظُرُ إِلَيْهِ نَظَرَةًحَادَّةً) عُرسٌ..؟  أَلَمْ  أَقُلْ  لَكَ  يَا صَدِيقِي الطَّيِّب أَنَّ الْوَقْتَ  لَيْسَ وَقْتُ مُزَاحٍ وَمَعَ  ذَلِكَ سَأَتَغَاضَى هَاتِهِ الْمَرَّةِ وَأَقْبَلُ مَزَاحَكَ.. فَوُجُودُهُمْ  فِي عُرْسٍ  أفْضَلُ مِنْ أَنْ يُصَابُوا بِسُوءٍ..
البهلوان: أرَأَيتَ  ..التفَاؤلُ في الحَياةِ شَيءٌ جميلٌ
مريم: طَبْعًا..لِذَا وَجَبَ عَلَيْنَا أَنْ نُسْرِعَ..الْوَقْتُ يُدَاهِمُنَا  وَالشَّمْسُ  أَوْشَكَتْ  عَلَى  الْغُرُوبِ مِمَّا  سَيُصَعِّبُ عَلَيْنَا عَمَلِيَّةَ الْبَحْثِ..
البهلوان: لِنَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ..وَإِنْ شَاءَ اللهُ خَيْرٌ
(الْبَهْلَوَانُ يَحْمِلُ الدَّمِيَّةَ مَرْيَمَ وَيَضَعُهَا فَوْقَ كَتِفِيْهِ وَيَخْرُجَانِ)..
                             إظـــــــــــــــلام
 
                               مشهــــــــــد 4:
(بَيْنَ أَشْجَارِ الْغَابَةِ..يَظْهَرُ الثَّعْلَبُ مَزْهُوًّا..يَمْشِي فِي خُيَلَاَءٍ..تَارَةً يَرْقُصُ وَيَقْفِزُ..وَتَارَةً يُمَرِّرُ عَصَاهُ الْخَشَبِيَّة فَوْقَ الْأَكْيَاسِالْمُعَلِّقَةِ عَلَى أَغْصَانِ الْأَشْجَارِ..يَسْمَعُ مِنْ دَاخِلِ الْأَكْيَاسِ أَصْواتصِغَارِ الْحَيَوَانَاتِ..وهي تَئِنُّ وَتَبْكِي بِحُرْقَةٍ..
 
الثعلب: (فِي خُيَلاَءِ) نَعَمْ..نَعَمْ..أصْبَحَتُ الْمَلِكَ..
صغار الحيوانات: (يَعِيشُ الْمَلِكُ الثَّعْلَبُ..يعِيشُ
الثعلب: لَا أَسْمَعُ جِيدًا..لَا أَسَمَعُكُمْ..
صغارالحيوانات: (يَرْتَفِعُ صَوْتُهَا فِي آنَ وَاحِدٍ) يَعِيشُ الْمَلِكُ الثَّعْلَبُ..يَعِيشُ
الحرباء: (بِابْتِسَامَةِ خَبِيثَةٍ) صَحِيحٌ إِذَا شَبِعَتِ الْبَطْنُ تَقُولُ  لِلرَّأْسِ  غَنِّي وَلِلْأَقْدَامِ  اُرَقْصِي..
الثعلب: (يَرْفَعُ أَصَابِعَهُ فِي وَجْهِ الْحِرْبَاءِ)هَذَا حَسَدٌ..هَذَا حَسَدٌ..
الحرباء: حَاشَا أَنْ يَكُونَ حَسَدًا..فأَنَا صَدِيقَتُكَ قَبْلَ أَنْ أَكُون تَابِعَتَكَ  فَكَيْفَ لِي  أَنْ أَحَسِدَكَ
الثعلب: رُبّما ..ربُمَا
الحرباء: أووهُ يَا صَدِيقِي..أَتَشُكُّ فِي إِخْلَاَصِيّ..؟
الثعلب: أَنَا لَا أَشُكُّ فِي إِخْلَاَصِكَ بَلْ أَشْكُّ فِي لَوْنِ جِلْدِكَ  الَّذِي  يَتَغَيَّرُ فِي الدَّقيقَةِ  الْوَاحِدَةِ أَلْفَ مَرَّةٍ وَمَرَّةٍ
الحرباء: (تَضْحَكُ مُتَفَاخِرَةً) هَذَا لُزُومُ التّخَفِّي..
الثعلب: يَضْحَكُ..أَخْشَى أَلَاّ يُفِيدَكَ فِي أَوْقَاتِ الشِّدَّةِ
الحرباء: لَوْ لَمْ اَسْتَفِدْ مَا عِشْتُ إِلَى الآن أَيُّهَا الْغَبِيُّ.. تُرَدّدُ جُمْلَتَهَاالأخِيرةِ (بِصَوْتٍ مُنْخَفِضٍ)
الثعلب: (مُسْتنْكرًا) مَاذَا ..مَاذَا قلْتِ ؟
الحرباء: (فِي خَوفٍ تَتلعْثمُ) لاَ شَيْءَ.. لا شَيءَ
الثعلب: (يرفَعُ أنفَهُ إلَى السَّمَاءِ مُنْتشِيًّا) كَمْ هُوَ رَائِعٌ أَنْ تَكُونَ مَلِكًا..
الحرباء: نَعَمْ هُوَ شُعُورٌ رَائِعٌ.. (تَتَرَدَّدُ) لَكِنْ أَنَا..أنَا
الثعلب: (فِي امْتعَاضٍ) مَاذَا..مَاذَا أيتُهَا الْحِرْبَاءُ.. أَلَا يَمْكِنُ لِلْمَلِكِ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِالنَّشْوَةِ..
الحرباء:في حَقِيقَةِ الْأَمْرِ أَنَا لَا أُرِيدُ أَنْ أُفْسِدَ عَلَيْكُمْ.. النَّشْوَةَ..لَكِنِيّ أَخْشَى عَلَى  الْمَلِكِ  مِنْ  عَوْدَةِ..الْمَلِكِ ..الْأَسَدِ
الثعلب: (كَأَنَّ مَسًّا أَصَابَهُ فَاضْطَرَبَتْ مِشْيَتُهُ حَتَّى كَادَ يَقَع) الْأَسَدُ..الْمَلِكُ
الحرباء: نَعَمْ الْمَلِكُ..الْأَسَدُ.. (فِي تَهَكُّمٍ خَفِيِّ) يا مَوْلَايَ الْمَلِكُ
الثعلب: (يَنْتَبِهُ مِنْ شُرُودِهِ.. اِرْتِبَاكُهُ لَا يَخْفَى عَلَى الْحِرْبَاءِ) لَكِنِيّ أَنَا الْمَلِكُ  هُنَا.. وَلَا أحَدَ سَوَاي..(يَنْظُرُ نَاحِيَةَ صَغَارِ الْحَيَوَانَاتِ الْمُعَلَّقَةِ فِي الْأَكْيَاسِ  عَلَى أَغْصَانِ
 الْأَشْجَارِ) أيتُهَا الْحَيَوَانَاتُ الْبَلْهَاءُ..مَنِ الْمَلِكُ؟
صغار الحيوانات: (فِي ذُعْرٍ تَرُدُّ سَرِيعًا) مَوْلَانَا الثَّعْلَبُ..مَوْلَانَا الثَّعْلَبُ
الثعلب: (فِي صَوْتٍ عَالٍ) أسَمِعْتِ ..
الحرباء: (تَهُزُّ رَأْسَهَا) سَمِعْتُ..سمِعْتُ لَكِنْ يَا مَوْلَايَ الْمَلِكُ. أوَدُّ أَنْ أُبْدِيَ  لَكُمْ  رَأْيًا  بِاِعْتِبَارِي وَزِيرَتكُمْ..
الثعلب: (فِي عَجْرَفَةٍ) هَيَّا أيتُهَا الْوَزِيرَةُ قُوِليمَا فِي جُعْبَتِكِ..فَإنّي أَشْعُرُ بِمَذَاقٍ مُرٍّ تَسَرّبَ إِلَى حَلْقِي..
الحرباء: أَنَا آسفَةٌ مَوْلاَيَ الْمَلِكْ..أَنَا فَقَطْ أَرَدْتُ أَنْ أَنَبِّهَكُمْ إِلَى أَمْرٍ قَدْ غَشِيَتْهُ عَنْ بَصيرَتِكُمْ نَشْوَةُ جُلُوسِكُمْ عَلَى عَرْشِ هَاتِهِ الْغَابَةِ الْجَمِيلَةِ
الثعلب: وَمَا هُوَ أيتُهَا الْحَكِيمَةُ؟
الحرباء: مَوْلَايَ الْمَلِكُ..وَجَبَ أَنْ تُدْرِكُوا أَنَّنَا أَمَامَ خِيَارَيْنِ لَا ثَالِثَ لهُمَا..
الثعلب: وَمَا هُمَا؟
الحرباء: الْخِيَارُ الْأَوَّلُ..أنْ تَسْتَعِدَّ بِكُلِّ مَا أُوتِيْتَ مِنْ حِكْمَةٍ وَقُوَّةٍ لِمُوَاجَهَةِ الْمَلِكِ الْأَسَدِ حِينَ يَعُودُ
فَعُرْفُ الْغَابَةِ مُنْذُ آلَاَفِ السِّنيْنِ يَقْتَضِي…
الثعلب: (يَنْفَعِلُ وَيُقَاطِعُهَا فِي تَعَنُّتٍ) مُسْتَحِيلٌ..مُسْتَحِيلٌ..أَنَا الْمَلِكُ يَعْنِي أَنَا الْمَلِكُ..
لَنْ أَقْبَلَ بِمُنَازَلَةِ أَحَدٍ..
الحرباء: كَيْفَ هَذَا يَا مَوْلَايْ..لمْ يَسْبِقْ لِأحَدٍ أَنْ خَالَفَ عُرْفَ الْغَابَةِ..
الثعلب: (يَصرُخُ) سَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُخَالِفُ عُرْفَ الْغَابَةِ..هَيَّا..هَيّا..الْخِيَارُ الثّاني..
الحرباء: (تَتَرَدَّدُ طَوِيلاً ثُمَّ بِصَوْتٍ يَرْتَعِشُ خَوْفًا مِنْ رَدَّةٍ فِعِلِ الثَّعْلَبِ) أَنْ  نهْرُبَ قَبْل    فَوَاتِ الْأوَانِ..
الثعلب: (يَنْتَفِضُ غَاضِبًا) مَاذَا..مَاذَا نَهْرُبُ.. أَجُنِنْتِ أيتُهَا الْحَمْقَاءُ.. كيْفَ تَجْرُئِينَ  عَلَى قَوْلِ ذَلِكَ..كيْفَ؟
(فِي هَذِهِ الْأَثْنَاءِ تَظْهَرُ الدُّمْيَّةُ مرْيَمُ رِفْقَة الْبَهْلَوَانِ وَقَدْ أَوْشَكَ  الْيَأْسُ أَنْ يَتَمَلَّكَهُمَا بَعدَمَا تَعَذَّرَ عَلَيْهَا الْعُثُورُ عَلَى صِغَارِ الْحَيَوَانَاتِ حَيْثُ بَدَا الْحُزْنُ وَالْأَسَى عَلَى
 مَلَاَمِحهِمَا   جَلِيًّا.. يَمْشِيَانِ خُطُوَاتٍ بِبُطْءشَدِيدٍ ثُمَّ تَقَعُ أَعَيُنُهُمَا عَلَى الثَّعْلَبِ وَالْحِرْبَاءِ  وَهُمَا يَتَحَاوَرَانِ فَيُسْرِعَانِ لِلْاِخْتِبَاءِ خَلْفَ الْأَشْجَارِ.. )
مريم: (مذْهُولةً) اُنْظُرْ..اُنْظُرْ أَيُّهَا الْبَهْلَوَانُ..أَتَرَى مَا أَرَى؟!
البهلوان: نَعَمْ إنّي أَرَى بِوُضُوحٍ.. نَعَمْ إنّي أَرَى بِوُضُوحٍ..
مريم: الثَّعْلَبُ وَالْحِرْبَاءُ..إنّي اَسْتَشْعِرُ أَمْرًا سَيِّئَا يَحْدُثُ هُنَا..
البهلوان: لَا يَلْتَقِيَانِ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ إِلَّا اِسْوَدَّتِ السَّمَاءُ وَحَلَّ الظَّلَامُ..
مريم: نَعَمْ..صَدَقْتَ..وحَدَسِي لَا يُخْطِئُ أَبَدًا نَعَمْ..صَدَقْتَ..وحَدَسِي لَا يُخْطِئُ أَبَدًا
البهلوان: اَعْترْفْ ..
مريم: أَكِيدٌ..لَا أحَدَ يَتَجَرَّأُ  عَلَى مِثْلِ هَاتِهِ  الْأَفْعَالِ الْخَبِيثَةِ  إِلَّا إِذَا غَابَ  عَنِ الْغَابَةِ مَلِكُهَا الْأَسَدُ..
الحرباء: لَا تُعَانِدْ يَا مَوْلايْ..ولَا تَتْرُكْ الْاِنْتِقَامَ يُفْقِدُكَ صَوَابَكَ..
الثعلب: أَنَا لَا أُعَانِدُ..ولَمْ أَفْقِدْ صَوَابِي..أَنَا أَرْفَعُ عَنْ نَفْسِي  تُرَابَ الْمَهَانَةِ وَالذُّلِّ.. أنَا أَبْحَثُ عَنْ شَمْسٍ لِحَيَاتِي الضَّائِعَةِ..فَقَدْ قَهَرَنِي الْجَمِيعُ بِحُكْمِهِمِ الْجَائِرِ..لَنْ أَسْتَثْنِي أحَدًا لَا الْمَلِكَ الْأَسَدَوَلَا حَاشِيَتَهُ مِنْ كِبَارِ  الْحَيَوَانَاتِ..
الحرباء: مَولاَيْ لَقَدْ بَدَأَ الْخَوْفُ…
الثعلب: (يُقَاطِعُهَا غَاضِبًا) الخَوفُ الخَوْفُ ..أيتُهَا اللّعِينةُ ..إنْ شِئتِ الهَربَ فَاهْرُبي..
الحرباء: مَوْلَايْ خُذْهَا مِنِّينَصِيحَةً لِلْمَرَّةِ  الْأَخِيرَةِ..الْمُلْكُ  سَيَعُودُ  وَسَنُصَبِحُ  وَجْبَتَهُ  الْمُفَضَّلَة..
الثعلب: لَا..لَنْ أَفْعَلَ..وَإِيَّاكِ أَنْ تُرَدّدِي عَلَى مَسَامِعِي مِثْل هَذِهِ الْحَمَاقَاتِ..
فَأَنَا  لَا أَخَافُ وَلَنْ أَخَافَ
مريم: أَسَمِعَتَ صِدْقَ حَدَسِي أَيْضًا هَذِهِ الْمَرَّةِ..الْمَلِكُ الْأَسَدُ وَكُلُّ حَاشِيَتِهِ مِنْ  كِبَارِ  الْحَيَوَانَاتِ خَارِجَ  الْغَابَةِ..لِذَا اِغْتَنَمَ الثَّعْلَبُ الْفُرْصَةَ وَخَانَهُمْ بِفِعْلَتِهِ هَذِهِ..
البهلوان: وَمَاذَا تَنْتَظِرِينَ مِنْ ثَعْلَبٍ خَبِيثٍ..؟
مريم: وَتِلْكَ الْحِرْبَاءُ؟
البهلوان: مابها..؟
مريم: إِنَّ حَدَسِي يُخْبِرُنِي بِأَنِّيأعْرِفُهَا تَمَامَ الْمَعْرِفَةِ..مَلَاَمِحُهَا  تُوحِي  إلَي  بِذِكْرَى ألِيمَةٍ لَدَيّ وَأَظُنُّهَا…
البهلوان: (يُقَاطِعُهَا مُسْتَغْرِبَا) مَاذَا تَقْصِدِينْ ؟
مريم: يَا صَدِيقِي الطَّيِّبُ..أنَا فِي الْأَصْلِ لَسْتُ دَمِيَّةً..
البهلوان: (فِي ذُهُولٍ) مَاذَا..لسْتِ دُمْيةً ..؟
مريم: نَعَمْ..لَسْتُ دُمْيَةً أَنَا فَتَاةٌ صَغِيرَةٌ حَوَّلَتْنِي ساحرةٌ مُنْذُ سنوَاتِ إِرْضَاءً  لِغَرِيزَتِهَا  الشِّرِّيرَةِ ثُمَّ اِخْتَفَتْ فِي مَكَانٍ مَجْهُولِ بَعْدَ أَنْ لَعَنَهَا الْجَمِيعُ..الْإشَاعَاتُ  تَقَولُ  أَنَّهَا  تَنَكَّرَتْ فِي شَكْلِ حَيَوَانٍ..
البهلوان: أتَقْصِدِينَ ..؟
مريم: قُلْتُ لَكَ أَنَّ حَدَسِي لَا يُخْطِئُ أَبَدًا..أُجْزِمُ أَنَّهَا هِي..السَّاحِرَةُ الشِّرِّيرَةُ فَجَوَارِحِي  اِسْتَشَاطَتْ غَضَبًا حِينَ  تَذَكَّرْتُهَا وَتَذَكَّرْتُ مَا فَعَلَتْهُ بِي..
البهلوان: وَمَاذَا نَنْتظِرُ الآنَ ..؟
مريم: تَقْصِدُ ..
البهلوان: نَهْجُمُ عَلَيْهِمَا وَنُخَلِّصُ الْغَابَةَ مِنْ شَرِّهِمَا..
مريم: ونُخَلِّصُ صَغَارَ الْحَيَوَانَاتِ
البهلوان: وَتَسْتَعِيدِينَ شَكْلَكِ الْحَقِيقِي..أَكِيدٌ حِينَ نَقْضِيّ عَلَيْهَا تزولُ اللَّعْنَةُ
مريم: هيّا ..هَيّا  مَاذَا نَنتَظِرُ
(يَقْفِزُ الْبَهْلَوَانُ وَمَعَهُ الدُّمِيَّةُ مَريمُ مِنْ خَلْفِ الْأَشْجَارِ..حَامِلِينَ  مَعَهُمَا عِصِيًّا  وَحِجَارَة  ثُمَّ يُسْرِعَانِ بِالْهُجُومِ عَلَى الثَّعْلَبِ وَالْحِرْبَاءِ..الْلَذَيْنِ فُوجِئَا بِهِمَا)
الثعلب: (مذْعُورًا ) مَنْ ..كيْفَ ..متَى ..
الحرباء: (مَرْعُوبَةً..تُشِيرُ بِأَصَابِعَ مُرْتَجِفَةٍ) إِلَى الدُّمِيَّةِ مَرْيَم..أَنْتِ..لَ ا..لَا.. غَيْرُ مَعْقُولٍ..
مريم والبهلوان: (فِي صَوْتٍ وَاحِدٍ) نحْنُ الخَيرُ جِئنَا نُخلّصُ الغَابةَ مِنْ شركُمَا..
(لَحْظَاتٌ سَرِيعَةٌ يَتَشَابَكُ فِيهَا الْبَهْلَوَانُ وَمَرْيَمُ مَعَ الثَّعْلَبِ وَالْحِرْبَاءِ  فِي شِجَارِ  عَنِيفٍ يَنْتَهِي بِهَزِيمَةِ الأشرارِ..فِي هَذِهِ الْأَثْنَاءِ يَدْخُلُ الْأَسَدُ مَصْحُوبًا بِحَاشِيَتِهِ..وقَدْ
 هَالَتْهُ الْفَوْضَى التِي حَلَّتْ بِالْمَكَانِ)
الأسد: (في حَيْرةٍ) يَا لَلْهَوْلِ..مَا هَذَا، مَاذَا يَحْدُثُ فِي غَابَتِي؟..
البهلوان: (يُحَاوِلُ أَنْ يَسْتَرْجِعَ أَنْفَاسَهُ) الثعْلَبُ خَانَ الأمَانَةَ  (يُشِيرُ إِلَى  صِغَارِ  الْحَيَوَانَاتِ  الْمُعَلَّقَةِ فِي الْأَكْيَاسِ علَى  أَغْصَانِ الْأَشْجَارِ)
مريم: والِحرْباءُ شَاركتْهُ ..
الأسد: (فِي غَضَبٍ شَدِيدٍ) خِيَانَةٌ عُظْمَى لَا تُغْتَفَرْ..اللَّعْنَةُ.. ( يُشِيرُ إِلَى حَاشِيَتِهِ)  هَيَّا خُذُوهُمَا وَأَبْعِدُوهُمَا عَنْ وَجْهِي..غَدًا سَنُقَدِّمُهُمَا إِلَى مَجْلِسِ الْغَابَةِ كَيْ يُحَاكَمَا
بِتُهْمَةِ الْخِيَانَةِ الْعُظْمَى..
الحرباء: (حَالَ اِقْتِيَادِهَا مَعَ الثَّعْلَبِ تَزْفِرُ بِشِدَّةٍ وَتَصْرُخُ فِي  يأْسٍ) كَمْ  حَذّرْتُكَ  أَيُّهَا الثَّعْلَبُ الْغَبِيُّ..
الثعلب: أيتُهَا الْحِرْبَاءُ النَّاكِرَةُ..مُنْذُ لَحْظَاتٍ كُنْتُ مَوْلَاَكِ وَالْآنَ أَنَا غَبِيٌّ..
مريم: (تَقْتَرِبُ بِبُطْءٍ مِنَ الْمَلِكِ الْأَسَدِ بَعْدَ أَنْ آنسَتْ اِبْتِهَاجَهُ بِمَا فَعَلَتْهُ مَعَ الْبَهْلَوَانِ)
أَيُّهَا الْمَلِكُ لِي رَجَاءٌ…
الأسد: تَفَضَّلِي..أيتُهَا الدُّمِيّةُ الْعَزِيزَةُ.. لَقَدِ اِشْتَقْنَا نَحْنُ وَالصِّغَارُ إِلَى أيَّامِكِ..
مريم: الْعَفْوُ..الْعَفْوُ أَيُّهَا الْمَلِكُ..لَقَدْ وَعُدْتُ صَدِيقِي  الْبَهلوَانَ بِتَقْديمِ  عَرْضِهِ الْمَسْرَحِيِّ  لِصَغَارِكُمْ فِي هَذِهِ  الْغَابَةِ الْجَمِيلَةِ..إِنْ سَمُحْتُمْ..
الأسد: عَرضٌ مسْرحيٌّ ..رائعٌ.. (ينظرُ إلى صِغارِ الحَيَواناتِ كأنّهُ يَسْألُهَا )..
صغار الحيوانات: (تردُّ فِي حَماسٍ) رائِعٌ ..رائِع ٌ ..
مريم: (تضْحَكُ) وَالْآنَ أَيُّهَا الْبَهْلَوَانُ..أَيُّهَا الصَّدِيقُ الطَّيِّبُ..هَلْ   آمنتَ وَصَدَّقَتَ..
البهلوان: نعَمْ ..نعَمْ ..رائِعٌ ..رائِعٌ
الأسد: مَاذَا نَنْتَظِرُ هَيَّا بِنَا إِلَى مَسْرَحِ الْغَابَةِ..لِنُشاهِدَ الْعَرْضَ  الْمَسْرَحِيّ..
(يخْرجُونَ جميعًا ترافقُهمْ موسيقَى احْتفَائيّة)..
                                  إظـــــــــــــــــــــلام
 
                                   مشهــــــــــد 5 :
المنظر: قَاعَةُ عَرْضٍ لِمَسْرحٍ صَغِيرٍ..تُزَيِّنُ حَوَاشِيهَا سِلْسِلَةُ مَصَابِيحَ  مُخْتَلِفَة الْأَحْجَامِ وَالْأَلْوَانِ..تتلألْأُ بِشَكْلٍ مُبْهِرٍ وَجَمِيلٍ.. أَعْلَى أَعْمِدَةِ الْقَاعَةِ عُلِّقَتْ أَرْبَعَةُ مَصَابِيحَ  عِمْلَاَقَة تَتَرَاقَصُ فِي  اِنْسِجَامِ مَعَ الْمُوسِيقَى التَّرْحِيبِيَّةِ..مُوحِيَةً بِأَنَّ الْعَرْضَ الْمَسْرَحِيَّ
سَيَكُونُ مُمْتِعًا..فِيمَا بَدَتِ الْكَراسِي الْمُصْطَفَّةُ خَالِيَةً مِنَ الْمُشَاهِدِينَ..لَحْظَاتٌ قَلِيلَةُ  يَدْخُلُ الْبَهْلَوَانُ وَمَرْيَمُ وَعَلَاَمَاتُ الْفَرَحِ وَالْبَهِجَةِ بَادِيَةٌ عَلَيْهِمَا..
مريم: هَا قَدْ عُدْنَا إِلَى الْبَيْتِ..إِلَى مَسْرَحِنَا
البهلوان: كانَتْ رحْلةً ممتِعَةً ..
مريم: لَقَدْ اِسْتَمْتَعَ صِغَارُ الْحَيَوَانَاتِ وَالْمَلِكُ الْأَسَدُ  وَحَاشِيَتُهُ حَقًّا  كَانَ  عَرْضُكُمْ  جَمِيلاً  وَرَائِعًا..
البهلوان:لنْ أنْسَى الْفَرَحَةَ التِي تَجَلَّتْ عَلَى مُحَيَّاهُمْ جَمِيعًا..كَمَا أَنَّنِي لَنْ أنْسَى
دُموعَهُمْ  وَهُمْ يُودِعُونَنَا..
مريم: كَانَتْ لَحظَاتٌ مُفْعَمَةٌ بِالْمَشَاعِرِ الجَيَّاشَةِ..
البهلوان:(يَقْتَرِبُ مِنَ الرِّسَالَةِ الَّتِي عَلَّقَهَا قَبْلَ ذَهَابِهِ ثُمَّ يُنَكِّسُ رَأْسَهُ مُتَحَسِّرًا)  الأَطْفَالُ  لَمْ يَأْتُوا وَالْحَالُ بَقِيَ عَلَى حَالِهِ..
مريم: (تُرَبِّتُ عَلَى كَتِفِهِ) لِمَاذَا الْيَأْسُ وَالْحُزْنُ يَا صَدِيقِي
البهلوان: (مُنْفَعِلاً) ألَم تَلاحِظِي..الْكَرَاسِي الْفَارِغَة..الرِّسَالَةُ  الَّتِي  لَمْ  يَقْرَأْهَا.. بَلْ  لَمْ يَمْسسْهَا أحَدٌ..(يُوَارِي دُموعَهُ بِكَفّيْهِ)
مريم: يَا صَدِيقِي..أَلَمْ تَقُلْ لِي اِسْتَبِقِي الْخَيْرَ
البهلوان: (فِي صَوْتِ حَزِينٍ) نَعَمْ قُلْتُ ذَلِكَ
مريم: فِيَا صَدِيقِي الطَّيبُ..اِمسَحْ دُموعَكَ فَهِي غَالِيَةٌ وَلَا تَدَعْ  الْأَطْفَالَ يَرَوْنَّهَا أَبَدًا..
البهلوان: الْأَطْفَالُ..الْأَطْفَالُ وَأَيْنَ هُمْ؟
مريم: ( مُبْتَسِمَةً) اِرْفَعْ رَأْسَكَ وانْظُرْ حَوْلَكَ
البهلوان:(حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ بِبُطْءٍ وَيَمْسَحُ دُموعَهُ تَنْتَابُهُ نَوْبَةُ ضَحِكٍ هِسْتِيريَةٍ) الْأَطْفَالُ.. الْأَحِبَّةُ..مَرْحَى..مَرْحَى
(يَخْرُجُ الْأَطْفَالُ مِنْ كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْ قَاعَةِ الْعَرْضِ..مِنْ تَحْتِ الْكُرَاسِي..منْ خَلْفِ الْأَعْمِدَةِ وَالسِّتَارَةِ الْخَلْفِيَّةِ وَسَعَادَةٌ لَا تَوْصُفُ تَتَمَلَّكُهُمْ) ..
الأطفال🙁فِي صَوْتٍ وَاحِدٍ)مَرْحَبًا أَيُّهَا الْبَهْلَوَانُ الطَّيِّبُ.. مَرْحَبًا  أَيُّهَا الْعَزِيزُ
البهلوان: (لَا يَكَادُ يُصَدِّقُ) أيْنَ كُنْتُمْ..(يُسْرِعُ إِلَيْهِمْ وَيَحْضُنُهُمْ بِحَرَارَةٍ) ..
حَزِنْتُ كَثِيرًا لِغِيَابِكُمْ.. كُنَّا هُنَا..
البهلوان: (مُسْتَغْرِبًا) كُنْتُمْ هُنَا..أَيْنَ..أَيْنَ..؟
الحرباء: أَيَّهَا الْبَهْلَوَانُ..ألَيْسَ الْيَوْمَ يَوْمُ كَذَا مَنْ شَهْرِ كَذَا  مِنْ سِنَةِ كَذَا..
الثعلب: مَاذَا تَقْصِدُونَ..؟
الأطفال:هُوَ مَقْلَبٌ أَرَدْنَاهُ ذِكْرَى..فِي عِيدِ مِيلَاَدِكُمْ أَيَّهَا الطَّيِّبُ..أَرَدْنَا أَنْ نَحْيا مَعَكَ فِي عَالَمِكَ السِّحَرِيِّ..عَالَمُ الْمَسْرَحِ..أَرَدْنَا أَنْ تُشَاركِنَا عَرْضَنَا الْمَسْرَحِيِّ..
البهلوان:مقْلبٌ..(يَضْحَكُ طَوِيلَاً)..كَانَ شَكِّي فِي مَحَلِّهِ..رَائِعٌ..رَائِعٌ..لَكِن لَحْظَة..
عَرْضُكُمْ الْمَسْرَحِيّ؟!
مريم: نَعمْ عَرْضُهُمْ الْمَسْرَحِيُّ..اِنْتَظَرْ لَحْظَةً وَسَتَرَى الْمُفَاجَأَةَ..
(يَدْخُلُ الْمَلِكُ الْأَسَدُ وَالثَّعْلَبُ وَالْحِرْبَاءُ)
البهلوان:(مَذْهُولاً)مَا هَذَا..الْمَلِكُ الْأَسَدُ..الثَّعْلَبُ..الْحِرْبَاءُ..كَيْفَ..وَالْغَابَةُ؟!
مريم:هَؤُلَاءِ هُمْ آبَاءُ الْأَطْفَالِ شَارَكُونَا فِي الْعَرْضِ الْمَسْرَحِيِّ فَالْجَمِيعُ  يَعْشَقُ  الْمَسْرَحَ
(يَتَقَدَّمُونَ جَمِيعًا نَحْوَ الْبَهْلَوَانِ لِيَحْضُنُوهُ بِدِفْءٍ)
مريم: لَا يُمْكنُ أَنْ نَنْسَى فَضْلَ الْمَسْرَحِ عَلَى الْجَمِيعِ وَإِنْ عَرَفَ الْعَالَمُ  تِكْنُولُوجِيَا  مُتَطَوِّرَةً..أكِيدٌ سَتَكُونُ فِي خِدْمَتِهِ..اُنظرْ(تُشِيرُ إِلَى جُمْهُورِ الْأَطْفَالِ الْحَقِيقِيّينَ الْمَوْجِودِينَ فِي صَالَةِ الْعَرْضِ)..إنّهُمْ يَحْمِلُونَ هَوَاتِفَهُمْ النَّقَّالَة لِأَخْذِ صُورٍ جَمِيلَةٍ أَوْ
فيدْيوهَاتٍ عَنْ عَرْضِكُم الرَّائِعِ..وَلَيْسَ للّعِبِ..فَهَذَا نَرْفُضُهُ جَمِيعًا..
البهلوان: (فِي نَشْوةٍ عَارِمةٍ) شُكَرًا..شُكَرًا لِلْجَمِيعِ..كَانَ مَقْلَبَا رَائِعًا (مُعتَذِرًا) عَفْوَا كَانَ عَرْضًا مَسْرَحِيًّا فَاقَ  التَّصَوُّرَ..شُكْرًا..
مريم:وَالْآنَ يَا صَدِيقِي الْبَهْلَوَانُ..الْجَمِيعُ هُنَا..تَفَضَّلْ  وَقَدِّمْ لَنَا عَرْضَكَ الْمَسْرَحِيّ..
الجميع: هَيَّا..هَيَّا اَمْتِعنَا مِنْ جَديدٍ..
(يَرْتَفِعُ صَوْتُ الْمُوسِيقَى التَّرْحِيبِيَّةِ وَتَنْحَصِرُ الْأَضْوَاءُ فَوْقَ الْبَهْلَوَانِ فِيمَا يَصْدَحُ مُقَدِّمُ الْبَرَامِجِ مِنْ جَدِيدٍ مُعْلَنًا)
مقدم البرامج: أَيُّهَا الْأَعِزَّاءُ أيُّهَا الْأَطْفَالُ..أَيُّهَا الْآبَاءُ..
أَيُّهَا الْأَحِبَّةُ..سَنُقَدِّمُ لَكُمُ الْآنَ الْعَرْضَ الرَّائِعَ
الَّذِي طَالَمَا اِشْتَقْتُم إِلَيْهِ وَانتظرتمُوهُ عَلَى أَحَرِّ مِنْ نَارٍ..
                           انتهـــــــــــــــــــــــى
 
** محمد الكامل بن زيد
بسكرة ،حي الكورس، بدءا من  28 مارس  2019
تاسوست ، جيجل  مراجعة نهائية ،22 أوت 2019
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت