ورده …عبقريه الغناء الدرامي وخسارة المسرح الغنائي/ د محمود سعيد
شغل المسرح الغنائي مصر والمصريين فتره طويله منذ بدايات القرن الماضي وتطور علي ايدي ..سلامه حجازي وسيد درويش وكامل الخلعي و داوود حسني وزكريا احمد و القصبجي ورياض السنباطي ومحمد الموجي ثم بليغ حمدي وتتوقف عند بليغ حمدي عاشق النغم الدرامي ..بليغ حمدي بليغ الموسيقي العربيه الجديده والمتجدده يلتقط بليغ حمدي المطربه ورده يلحن لها اعظم الألحان بحسه الدرامي المتوقد
وانطلقت ورده تشدو ببراعه بصوت شجي وعيون واسعه باسمه حزينه في ذات الوقتتلك الفتاه التي ولدت في فرنسا لام لبنانيه واب جزائري هي تركيبه مميزه وغريبه لابد لها من مصر كي تصهرها لتنتج لنا اجود المخرجات من غناء درامي شديد الخصوصية
ورده ممثله السينما المسرحيه…
بدأت ورده في الغناء والتمثيل مبكرا جدا في عام ٦١ عندما مثلت في فيلم المظ وعبده الحامولي …..مثلت دور المطربة بدأت في التطريب والأداء الدرامي المحنك وكانها علي خشبه المسرح تصول وتجول بصوتها الواسع الفياض وتلون في الأداء وكانها ممثل بارع يمسك خيوط الشخصية بمرونه
ورده والغناء المسرحي …
وصلت ورده لمرحله نضج فني بل وخلقت لصوتها مساحه وكمان خاص جدا عبر أداء مسرحي مميز ففي لعبه الايام تحكي ورده بشجن ووعي .تحكي وتسرد لجرحها عبر صوت يشع حيويه وواضح التركيز في القرار والوسط وهما اهم مناطق الصوت اللتان تميزان أداء ورده الغناء يالممسرح حيث الرقه والبساطه مقابل الجزاله والعمق مع استخدام لمنطقه عليا قليلا بحكمه ويالها من عيون تمتلكها ورده عيون تمثيليه من الدرجه الاولي تعرف متي تبتسم ومتي تبكي ومتي تجعل من حولها يزرف الدموع..ومن منا ينسي مشهد الاغنيه الجميله لعبه الايام وهي تشبه مسرحيه مونودراما تلعب فيها ورده أكثر من دور ويراقبها رشدي اباظه وسمير صبري وطفله جميله في عمق لم اراه في اداء رشدي اباظه وسمير صبري من قبل وكان اداء وحس ورده فرض عليهم هذا العمق وذاك الجلال والرقي
الوعي المسرحي بالمقامات…
تمتلك ورده وعي بالمقامات الموسيقية واحساس يثير الدهشه بمفردات اللحن ولزماته كما أنها تلون في الاداء. اداءها المسرحي المعبر عن الحاله بشكل مغاير تماما عن جيلها وكان صوتها يعود من غربه بعيده فيمس الوتر الحنون في القلب وتر الزكريات ومن منطقه الزكريات تؤدي ورده يشكل مسرحي شديد الخصوصيه يجبر المتلقي علي الانصات بشتي الحواس التي يمتلكها والتي لا يمتلكها أيضا.. إذ أن صوت ورده وقدرتها المسرحيه في اجترار الزكريات وشحن العاطفه هي قدرات مختلفه ومميزه بطريقه تجعل من أداء ورده نواه المسرح غناءي راقي افتقدناه في اداء فردي مميزولو عدنا لمرحله البدايات في فيلم اميره العرب ..تشدو ورده في الصحراء اجمل الاغاني بصوت شجي عميق عبر الاداء المسرحي والتنقلات الجسديه وتنقلات العيون ما بين الإطار الواسع للصوره وانقباض النظره وخوفها من المجهول عبر عيون مسرحيه خاصه جداوما بين البدايات والتطور والنضج والعظمه تبقي ورده صوت شجي خسره المسرح الغنائي ولو وجدت من يوظفها بشكل اعمق وموجهه للمسرح الغنائي في السبعينات والثمانينيات من القرن الماضي لحققت ورده انجازا يضاف لرصيدها الفني الكبير ولان طلقت بالمسرح الغنائي اليافاق اخري كان احوج إليها في هذه الفترات التي غلبت عليها المسحه التجاريه الرخيصه والمبتذله فنيا الي حد كبير
وهنا نؤكد أن المسرح الغنائي هو مهمل في مصر والعالم العربي منذ أكثر من نصف قرن من الزمان بحجه ضخامه الإنتاج وعدم التسويق الجيد
وهذا غير صحيح فلو تضافرت الجهود العامة والخاصة لشهدنا عوده محموده للمسرح الغنائي فليس من المعقول أن يكون عام ١٩٢٠ هو من اكثر فترات الإنتاج للمسرح الغنائي وفي المقابل بعد قرن من الزمان يكاد ينقرض المسرح الغنائي مع توافر كل مفردات تكوينه في فعل شديد الغرابه
ليبقي السؤال
اين ذهب المسرح الغنائي ؟
د محمود سعيد