موسيقى العرض المسرحي…إشكالية التوظيف والاشتغال/ الدكتور قيس عودة قاسم الكناني
ان طبيعة توظيف الموسيقى في المسرح هي كشكل من أشكال الموسيقى ذات الاستقلالية في التعبير الفني والجمالي عبر أجوائها وأشكالها وعناصرها كاللحن والإيقاع والفكرة, كما ان دورها الجمالي والفلسفي يكمن في تجسيد الموقف الدرامي للعرض المسرحي وتفسيره وتحليله, فهي من العناصر الأساسية المكونة لخصوصية العرض المسرحي, لذلك دائما ما تقوم بربط المشاهد والأحداث الدرامية مع بعضها, كونها تمثل “المحور الرئيسي للموضوع فهي تشد عناصره إلى بعضها وتدخل بفاعلية الحدث وتتحمل قسطا لا بأس به من الجو العام” ([1])وعلية لابد ان يكون توظيف الموسيقى في العرض المسرحي ضمن الجو العام للعرض أي إنها يجب ان ترتبط بموضوع وفكرة ورؤية العرض الجمالية. وعليه لابد ان يكون التوظيف اكثر انسجام مع شكل العرض وطبيعته الفنية والفلسفية والجمالية وحتى التاريخية لان ” فن الموسيقى أكثر الفنون إمعاناً في الشكلية, تراه يتطور في الزمان وفقا لمنطق داخلي على كل فنان ان يخضع له”([2])وبالتالي فأنها قادرة على ان تعبر عن قيمتها الجمالية من خلال أفكارها الموضوعية وإيقاعاتها وألحانها وأفكارها وخطاباتها الجمالية ومستوى انسجامها وترابطها مع صورة العرض المسرحي, وهذا الترابط الجمالي بين والموسيقى والأداء المسرحي يشكل انسجاما جماليا اذا ما صّيغ بطريقة فنية محبوكة ومنتظمة فانه يخلق نوعا من التكوين والتوافق الجمالي بين العناصر المكونة للعرض المسرحي نتحسسه لحظة المشاهدة على خشبة المسرح. ([3])
إلا ان بعض العروض المسرحية تلاقي إشكالية في توظيف الموسيقى, وفي آلية اختيار نوع الموسيقى وجنسها وشكلها وسرعان ما يذهب بعض المخرجين لاختيار مقطوعات من موسيقى عالمية لا علاقة لها بروح العرض وأهدافهِ وأفكاره الفنية والجمالية, كونها تنطلق وفق جماليات مختلفة الأفكار والأهداف, كما انها تختلف في البناء التاريخي الذي كتبت فيه الموسيقى, وهذه الإشكالية تضعف من قيمة العرض المسرحي لأنها جاءت على اعتبارات غير مدروسة وغير دقيقة.
لذلك قد نستغرب أن تكون الموسيقى هذا العنصر الهام والجميل مهملاً وغائباً وربما متغيباً ان صح التعبير لأنها ربما قد تكون موجودة ككيان في العرض المسرحي وكمساحة صوتية ذات صدى صوتي، الا انها ربما لا تنمح الوقت من الأهمية والبحث عن جمالياتها الحقيقية التي قد تسهم بشكل فعال في تأصيل صورة العرض المسرحي وكذلك دفع فكرة ورؤية العرض نحو آفاق جمالية وفكرية يستطيع من خلالها المتلقي ان يبحر في تخيلات خطاباتها وأنغامها والبحث عن فك لشفرات الإحساس الذي تصدره قصداً وعمداً، لذلك فإننا نجد تغيب الموسيقى المقصود دون دراية أي دون المعرفة الحقيقية بقيمة المنجز الموسيقي المهم في العرض المسرحي لاسيما في الحالات التي يحتاجها العرض وتحتاجها فكرة المخرج الى وجود حقيقي للموسيقى، لذا فالكثير من الأعمال نراها تذهب بالاختيار او الاعتماد على موسيقى غربية أو مؤلفة سابقاً وأكثر الأحيان لا تمت للعرض المسرحي بأي صلة ولا تغطي الموروث البيئي والثقافي للمنطقة فكيف تتم الموافقة على استخدام موسيقى ألفت مثلاً للأوبرا لنعرضها في عرض مسرحي يتحدث عن بيئة ما عندنا لا يتوافق معها ولا تغطي المشهد الدرامي في العمل وتم اختيارها فقط لأنها جميلة، والمعروف أن عملية التأليف الموسيقي صعبة جداً وتتطلب أحياناً إمكانيات مادية ضخمة جداً قد يضطر المخرج أمامها إلى الاختيار وهذا ما يحدث في أكثر الأحيان وهولا يعتبر مبرر لتهميش الموسيقى والتقليل من دورها.
أما فيما يخص التأليف الموسيقي للعرض المسرحي فمن هو الشخص المخول بذلك هذا السؤال لابد من طرحه على أنفسنا والإجابة برأيي تكون أن يكون هذا الشخص مؤلف موسيقي متخصص بالمسرح وأن تكون لديه خبرة و تجربة مسرحية وقراءات مسرحية ونقدية كثيرة قادرة على الإحاطة بجميع التفاصيل المهمة والدقيقة بالعمل المسرحي وأن لا يكون مجرد مؤلف موسيقي فمن يؤلف لأغنية ما قد لا يكون قادراً على التأليف لعمل مسرحي لأن هناك فرق بين الموسيقى كموسيقى والموسيقى الخاصة بالعرض المسرحي .إن الموسيقى تعبر عن الحدث الدرامي في بداية المسرحية حيث تكون عبارة عن تنويم مغناطيسي لتهيئة الجمهور ووضعه في طقس معين للدخول في جو الحدث أو الإيحاء للجمهور بسرعة العمل أو نبضه فهناك ما يعرف بنبض الممثل ونبض الموسيقى، والسرعة والنبض تحدد علاقتها مع الجمهور ومن الممكن أن تكون الموسيقى وصفية للشخصية أو تعبر عن الصوت الداخلي لها وهي تربط بين المشاهدين أيضاً ولها سرعة معينة كما لكل سلم موسيقي لون واللون نعني به لون العمل /أزرق فاتح أو رمادي/حيث أن لكل لون معادل صوتي وموسيقي وهذا له علاقة مع مهندس الإضاءة والمخرج، وللموسيقى أيضاً دور في التأليف الفراغي حيث أن الفراغ الصوتي على المسرح يجب أن يمتلئ، فالصمت يمكن اعتباره نوع من الموسيقى وتحديد الصمت يتم عن طريق تحديد طبيعة الجمهور وذوقه, وبلحظة معينة الصوت والصمت يصبح موسيقى, كما يعد الإبهار الصوتي أفضل وأهم عناصر الموسيقى ويقاس بقوة تأثيره على الجمهور وهو علم يجب أن ندافع عنه ونبحث فيه لما له من أهمية, كما إننا لا نؤمن على الإطلاق أن يتم اختيار مقطوعات موسيقية للعرض المسرحي مهما كان العرض وغايته ومهما كانت الموسيقى جميلة لأن العنصر الموسيقي هو واحد من مفردات العرض المسرحي وهو مهم جداً ومعظم مسرحياتنا تختار مقطوعات موسيقية مؤلفة سابقاً وأصبح من السخف استخدامها وتكرراها في أكثر من عرض ولتأليف مقطع موسيقي لعمل مسرحي ما يجب أن يكون هناك تفاهم بين المؤلف وبين المخرج ومهندس الديكور أي مقام سوف استخدم؟ وأي آلات يمكن ان تكون مؤثرة على الممثل والمتلقي ؟ فلا يمكن أن نصنف أي مقام بـأنه حزين أو مفرح إنما هناك تصنيفات فطرية للموسيقى ويجب أن يكون خطاب الموسيقى دلالي, وإحدى وظائف استخدام الموسيقى بالطريقة الخاطئة هو أثناء تبديل الديكور أو الملابس حيث تستخدم لملء الفراغ وهنا تكون محشورة حشراً بطريقة غير مدروسة أيضاً, ويمكن تنفيذ الموسيقى إما مباشرة من خلال موسيقيين مرافقين للعرض المسرحي خاصةً إذا كان العرض يعتمد على الغناء في أسلوب تقديمه، وقد تكون نوع من الديكور السمعي.
إننا لا نؤمن على الإطلاق أن يتم اختيار مقطوعات موسيقية للعرض المسرحي مهما كان العرض وغايته ومهما كانت الموسيقى جميلة لأن العنصر الموسيقي هو واحد من مفردات العرض المسرحي وهو مهم جداً ومعظم مسرحياتنا تختار مقطوعات موسيقية مؤلفة سابقاً وأصبح من السخف استخدامها وتكرراها في أكثر من عرض ولتأليف مقطع موسيقي لعمل مسرحي ما يجب أن يكون هناك تفاهم بين المؤلف وبين المخرج ومهندس الديكور أي مقام سوف استخدم وأي آلات فلا يمكن أن نصنف أي مقام بـأنه حزين أو مفرح إنما هناك تصنيفات فطرية للموسيقى عندنا ويجب أن تقرأ الموسيقى دلالية وإحدى وظائف استخدام الموسيقى بالطريقة الخطأ هو أثناء تبديل الديكور أو الملابس حيث تستخدم لملء الفراغ وهنا تكون محشورة حشراً بطريقة غير مدروسة أيضاً ويمكننا أن نحدد ثلاث وظائف للموسيقى في العرض المسرحي أن تقدم للحدث أو خاتمة له أي تعليق عليه حسب ما يتطلبه المشهد أو أن تكون مرافقة للحدث خلفية له وهي نبض الممثل ونبض المخرج والعمل أو نبض المتلقي نفسه حول المشهد وبهذا يظهر سطوة المخرج أو سيطرته على المتلقي ويمكن تنفيذ الموسيقى إما مباشرة من خلال موسيقيين موافقين للعرض المسرحي أو أن تبث عبر أجهزة الصوت أثناء العرض وهذا يتطلب وعياً خاصاً من مهندس الصوت أما فيما يخص التأليف الموسيقي للعرض المسرحي فمن هو الشخص المخول بذلك هذا السؤال لابد من طرحه على أنفسنا والإجابة برأيي تكون أن يكون هذا الشخص مؤلف موسيقي متخصص بالمسرح وأن تكون لديه خبرة وتجربة مسرحية وقراءات مسرحية ونقدية كثيرة قادرة على الإحاطة بجميع التفاصيل المهمة والدقيقة بالعمل المسرحي وأن لا يكون مجرد مؤلف موسيقي فمن يؤلف لأغنية ما قد لا يكون قادراً على التأليف لعمل مسرحي لأن هناك فرق بين الموسيقى كموسيقى والموسيقى الخاصة بالعرض المسرحي.
وبالتالي أصبحت الموسيقى لها طرائقها العلمية الخاصة ومناهجها المعقدة التي تتطلب مهارة وحرفية في توظيفها والتعامل مع عناصرها الثلاثة( الإيقاع.. اللحن.. الشكل..)
كما ان تــنوع الموسيقى لا يرجع فحسب الى تعدد أشكالها البنائية وانما أيضا الى تنوع أغراضها، فليست كل موسيقى مدفوعة بأغراض التشكيل الجمالي الخالص، بل إن أكثرها تدفعه أغراض علمية اجتماعية ونفسية، كـ(الموسيقي الدينية التي تعبر عن الشعور الديني لدى شعب ما، والموسيقى الشعبية والقومية التي تعبر عن شعور وطابع قومي، والموسيقى الجنائزية والعسكرية)، وقد تؤلف الموسيقى لأغراض علمية ونفسية يتباين حضها من الرقي والوضاعة، فمنها ما يجلب الهدوء والترويح عن النفس, وهذا ما دفع الكثير من المعنيين بشؤون الطب والصحة النفسية الى دراسة تأثيرها على النفس والجهاز العصبي وإمكانية استخدامها في العلاج النفسي وعلاج الأمراض الجسمية ذات الصلة بالجانب النفسي.
ومنها ما يؤلف لأغراض وضيعة كما في الموسيقى الراقصة والإيحاءات الجنسية التي تهدف الى إثارة الشهوات والغرائز، كما في الموسيقى التي تؤلف لأجل الاستمتاع بملذات الحياة والمناسبات الاجتماعية، ومن أهم الأمثلة في هذا الصدد فيما يذكر برتليمي الرقصات لكلود جيرفاز، وباليه البلاط في عقد لويس الثالث عشر، وسيمفونيات لالاند التي كان يجري عزفها أثناء عشاء لويس الرابع عشر. ([4])
الاحــالات:
[1])) صوفيا اليسا,جماليات موسيقى الافلام,ترجمة :غازي منافيخي(دمشق: وزارة الثقافة ,1997)ص63
[2])) جوزيل بروليه,جماليات الابداع الموسيقي,ترجمة :فؤاد كامل(لغداد:دار الشؤون الثقافية العامة ,ب ت)ص20
[3])) ينظر: عبد المعطي الخفاف ,فن الاوبرا وقصصه, ط1, (بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة,2010)ص11
[4])) ينظر: جان برتليمي، بحث في علم الجمال، ترجمة د. أنور عبد العزيز، د. نظمي لوقا (القاهرة: دار نهضة مصر، سنة 1970)، ص 318.
قيس الكناني