"سدرا" بين الانفتاح والتشظي / د. رقية وهاب بيرم
تتناول مسرحية سدرا للكاتب العراقي خزعل الماجدي موضوعه الاطماع الشخصية للإنسان عبر مر العصور وعلى كافة المستويات منذ بدء نشوء الخليقة إلى زمننا المعاصر فهي تقاطع يتصادم فيه الزمن وتلتحم الارواح من كل زمان ومكان لتخترق دوامة الزمن المستمر .
استثمر الماجدي اسطورة قصة الطوفان وقصص الانبياء تحديداً قصة النبي نوح عليه السلام وابناء حام وسام ويافت ولكن باسلوب جديد وقراءة مختلفة ومغايرة عن حقائقها المتعارف عليها فمزج الاسطورة بالحقيقة ومزج المألوف باللامألوف من خلال التحام قصة الطوفان وملحمة كلكامش ونصوص شكسبير متمثلة بـ( هاملت ، ماكبث ، لير ، عطيل ، العاصفة ) .
انفتح من خلالها المؤلف على رؤية نصية جديدة في مغايرة المألوف من خلال تضمينه بشفرات ورموز وفجوات تختبئ دلالاتها في أفق التأويل والاحتمال . لجعل المتلقي باحثاً وراء المعنى الغامض والفكرة الخفية مفسراً علامات النص وشفراته في نسيجه الدرامي التناصي الكرنفالي مما يؤسس الماجدي لنصه آفاق جديدة مفتوحة الاثر تعتمد على الاختلاف والمغايرة واللعب الحر على الدوال في شعرية فكرية جمالية تخترق المغلق وتحرك الثابت وتخلخله .
ففكرة المسرحية تتشظى بين الخير والشر والحقيقة والوهم والطمع والقناعة والغدر والاخلاص والخداع والتحايل الخبثي والصدق بين المقدس والمدنس حيث توضح المسرحية ان الشر زائل لا محالة وإن الشمس ستشرق من جديد يوماً ما بحلتها المألوفة لتزيح المصالح الدنيئة للبشر وأمراضهم واطماعهم واحقادهم على اقرب الناس اليهم آباءهم ، اخوانهم اصدقائهم وبقية اقرانهم لتغلق باب الشر المغروس في بنية الانسان منذ نشوء الخليقة فالشيطان لم يترك بشراً إلا وقد وسوس باذنيه وقلبه لفعل الشر ساعياً وراء اهواءه وملذاته في الدنيا متناسياً الاخرة والعقاب الالهي الموعود .
هذا ما امتازت به نصوص الماجدي هي نصوص مفتوحة الاثر ومفتوحة الزمن ومفتوحة المضمون ومفتوحة الدلالات .
لم يركن إلى الاسلوب المنطقي بل كسر المنطق واخترق المألوف وهشم الحداثة بشظايا افكار نصوصه وتمويه معنى دلالاته وصولاً إلى التيه في المعنى والتأويل الدلالي المتواصل يهشم الماجدي بنيات نصوصه ليجد التواصل الثقافي عبر فتح بوابات جماليات التلقي وتطبيقاتها على اسلوبه الشعري في كتابة نصوصه الابداعية التي تخترق الزمن بماضيه وحاضره ومستقبله .
فمن خلال تحليل العينتين السابقتين ترى الباحثة ان الماجدي اعتمد النص المفتوح اسلوبا” في سرد حكايات الماضي واساطيرها برؤية جديدة ومغايرة في النصين حيث اعتمد علىهدم وتفكيك مركزية الاساطير المثيولوجية و المرجعية الشكسبيرية.
استثمر الماجدي موضوعه الحياة والموت والمقدس والمدنس حيث سيادة موضوعاتها في الادب المسرحي القديم والمتمثل بالاساطير والملاحم والنصوص الاغريقية والرومانية ونصوص شكسبير.
وعمد إلى استخدام المنظومة اللغوية بمصطلحاتها ولغتها الشعرية المتعالية كونه شاعراً ومثقفاً تاريخياً للأساطير وخاصة الرافدانية . حيث شغفه بالاسطورة والشعر والمسرح ، فقام بصهرهم في بودقة اعماله المسرحية . باسلوب جمالي يزيح من خلاله نمطية بالنظرة الشمولية إلى الانسان والطبيعية وقضايا المجتمع وهو اسلوب يفترض التواصل والتمثل المستمر لكل المعطيات المتاحة وحسب تنوعها واختلافها .
د. رقية وهاب بيرم