سيد درويش والمسرح الغنائي الشعبي/ د. محمود سعيد
بداية المسرح الغنائي هو المسرح المركب من الأغاني والموسيقي والرقص والتمثيل شريطة ان تخدم الأغاني الصراع الدرامي وتساهم في تنمية الحدث ….وتلك هي نقطه انطلاق وتميز سيد درويش في هذه النوعية من المسارح لأكثر من سبب اهمها انه غاص في الإطار الشعبي المحلي فقد عاش الهم الوطني والفقر بكل انواعه والحرمان بشتي أركانه لذا فهو يبدع عن تجربة. صانعا لنفسه إيقاع خاص كتب له الخلود بل سمي بخالد الذكر لنبوغه خاصة في لعبة الايقاع الموسيقي، فهو النبض الزمني المنتظم لقياس زمن الموسيقي حيث التقسيم الزمني. وقد اشتهر سيد درويش ببراعته في لعبة التقسيم الزمني والتي جعلت منه بضاعة فنية ثرية مطلوبة لدرجة ان تهافتت عليه الفرق المسرحية كي يتعاون، معها، وخاصه نجيب الريحاني.
تلخيـــص العبقريـــة المصريــــــة
مسرح سيد درويش المعني المهم….
حمل لواء المسرح الغنائي مهتما بالمعني معني الكلمات أكثر من اهتمامه بقدرة المغني علي استعراض قوة صوته ومساحته وقدرته علي التطريب واتخذ ذالك الاتجاه في كل مسرحياته وهي: “شهرزاد”، “الباروكة”، “العشرة الطيبة”، “عبدالرحمن الناصر”، “هدي كلها يومين”، “الدره اليتيمة”، “الهلال”، “فيروز شاه”، “راحت عليك”، “ام اربعه وأربعين” وغيرها …..
سيد درويش..فنان الشعب
يقول الموسيقي الدكتور أيمن صبحي ان سيد درويش هو تلخيص العبقريه المصريه التي هضمت الوجود فقدم فن عالمي وظل اسمه لاكثر من قرن من الزمان بعد الرحيل
ومن أهم اسرار خلود اللعب علي الايقاع الراقص المتنوع فالرقص يمنح المسرح الغنائي حيوية ملحوظة خاصة في الأوبريت الذي يمتزج فيه الحوار الغنائي بالحوار الكلامي امتزاج مرعب لا يمكن الاستغناء عنه
سيد درويش و الريحاني….
اجتمع كلا من سيد درويش والريحاني حول لعبة المزاوجة بين الكلمة واللحن لتقديم حوار لحن يعبر عن هموم وامال الشعب المصري وساهم في ايقاظ وطنية الشعب بالغوص في الشعبية ذاتها ليبرع درويش في التعبير عن طبقات الشعب عبر الغناء واللحن يغني للصنايعية من كلمات بديع خيري في مسرحية “ولو” وهي انتاج فرقه الريحاني عام 1918.
وفي مسرحيه قولوله لنجيب الريحاني عام ١٩١٩ يصدح سيد درويش بنشيد قوم يا مصري
قوم يا مصري مصر دايما بتناديك
خذ بنصري نصري ده دين واجب عليك
ثم انطلق الثنائي سيد درويش والريحاني نحو المسرح الغنائي بكل قوة في فترة من أهم فترات الشعب المصري، حيث الفقر والظلم والاستعمار . الا ان كليهما انطلقا من الشعب الي الشعب كانت قاعدة الانطلاق هي الشارع المصري لذا دخل الشارع المصري مسرحهم الغنائي بقوة ونجح الثنائي ببراعة. وهذا لم بمنع سيد درويش من التعاون مع أكثر من فرقة اخرى.
مسرحيه “كله من ده” 1918 لفرقه الريحاني ..ولحن فيها علي سبيل المثال ( يا حليله يا درة يا نيلي جي تبصبص يا اقرع ده احنا مشايخ الحارات نحن انصار الدرام هز الهلال يا سيد)
وعلي نفس الوتيرة يتعاون أيضا في مسرحية “ولو” مع الريحاني في الالحان التالية:( الحلوة دي قامت تعجن في الفجرية الله يكتر فيكوا الاوجاع يعوض الله يهون الله علي النسوان يا سلام سلم حر ام يا جزارين صح النوم يا ناس بلادي مانساهاش ) وغيرها.
حاول سيد درويش اللعب علي التنويع بأقصي درجة تنوعت اغانيه و الحانه داخل المسرح الغنائي خاصة مع الريحاني، فقد كان الريحاني فنان وطني موهوب وماكر وماهر عرف كيف يستغل سيد درويش بشكل فني شعبي جماهيري مستغلا الاغاني والالحان الناجحة وخاصة الشعبي منها والوطني لكسب الجمهور
لذا كان سيد درويش يتقاضي راتب شهري من فرقة الريحاني وهذا يؤكد قيمته واهميته
سيد درويش والفرق الاخري….
لم يترك سيد درويش نفسه حكرا علي فرقة معينة بل تنقل كالفراشة بين الفرق خاصة المسرح الغنائي، فقد تعاون مع فرقة جورج ابيض في رواية ّ”فيروز شاهّ”. وتعاون مع علي الكسار في روايات عديدة منها: “ولسه”، و”عقبال عندكم”، و”احلاهم” و”مر حب”.
ثم تعاون مع منيرة المهدية في مسرحية “كلها يومين”. وتعاون مع فرقة أولاد عكاشة في مسرحياته: “دي” و”عبد الرحمن الناصر”. الى أن أنشأ لنفسه فرقة باسمه عام 1921 ونفذ مسرحيات: “شهرزاد”، و “البروكة” وغيرها
ليثبت سيد درويش انه فنان الشعب التحم مع الشعب واقتحم ادق تفاصيله وعاش الهم بكل مفرداته، الهم الشعبي لينسج اروع الألحان المسرحية كاتب التاريخ مهم في المسرح الغنائي باسمه وبابداعه الذي حفره ببراعة في زمن قياسي هو ست سنوات فقط هي فترة الابداع مع المسرح الغنائي من 1916 الي رحيله المفاجئ 1922
كاتبا اروع الحروف الموسيقية في الزمن الصعب والوقت القياسي ليبقي سيد درويش خالدا الي عصرنا هذا والي عصور اخري متوالية لانه عشق ابداعه واخلص له فهو خريج اكاديمية الشعب …ليستحق عن جدارة لقب فنان الشعب.