المسرحي التونسي (نزار الكشو): واتركوا لنا شوارعنا لنزرعها حبا وفنا… الراهن يفرض علينا رص الصفوف/ حاورته: بشرى عمور

الفرجة: كيف يقدم الاستاذ نزار الكشو نفسه للقراء ؟
نزار: بمناسبة الاحتفال بعيد ميلادي الثالث والأربعين أردت ان أحاور نفسي في بعض الأمور ولم أجد جرأة في طرح السؤال بل وجدتها في الإجابات عن تساؤلات خامرتني و لم تكتمل بعد بل صداح المنادي بداخلي قائل:” منذ أكثر من ثلاثين عام وأنا امارس الفن المسرحي اي منذ اواسط الثمانينات وتدرجت بكل المراتب والأصناف والهياكل مسرح (مدرسي، نوادي، جمعياتي، جامعي وشركات) والآن اعتبر نفسي متفرغا للفن المسرحي والإبداع الفني ورغم أنني بدأت مسيرتي هاويا ومازلت وسأواصل مساري بإذن الله هاويا شغوفا كما أنني مثل زملاء المهنة أحمل بطاقة احتراف ولي عشرون عاما وانا أستعملها إلا عند الإقتضاء.. قبل أن أرتل وصيتي واسرد لكم ثورتي.. أعترف بأنني كائن ثائر أعشق المكان وأهيم بكينونتي حين تجول أطيافها بالبيت وأسكب جام شعري وشعوري وفيضان أحاسيسي على مشاعر الساكنين فيه فأنا الذي يروم السكينة إلى منتهاها ويتوق الهدوء إلى اقصاه إلا أنني أبقى متقلب المزاج أحيانا بل متمرد و متفرد دائما..انا الفرد المفرد أنا المنفرد المقبل على الحياة بصنوف فنونها.. فأنا لست كما رسمتني مخيلتي بل كما رسمتها واستوت رسوماتي لبنة متشظية على جدران الحقيقة..آه منها الحقيقة..”ما ابشع وجه الحقيقة”..(كما قالها أوديب) فأنا حين ينفجر غضبي ويرتفع صخبي.. فأنا الهائج في الصمت.. انا المائج في السكات..أنا الحوار حد الجنون..آه وكم كانت صفاتي تشبه صفات الثور المجنون.. رغم تعدد اهتماماتي بكل أركان الفعل المسرحي وصنوفه وتنوع اختصاصاته إلا أنك تجدني كما وجدت نفسي في شارع ان شئت طريق فيه يافطة مكتوب عليها “نهج المسرح”..ومنها عرفت نهجي وطريقتي في الحياة الا وهو المسرح الاجتماعي..اعتبرته فنا بديلا لما فيه من نفس إحتجاجي ومسار نضالي و في الحقيقة انا لم أختر مسرح الشارع بل هو من إختارني… ببساطة انا نزار الكشو او كما عرفت بشخصية “الحاج كلون” ممثل ومخرج مسرحي مختص في التدريب والتكوين من مواليد شهر ابريل من سنة 1977 بمدينة صفاقس استاذ تعليم فني متخرج من المعهد العالي للفن المسرحي بتونس دفعة 2003 باحث في مجال مسرح الشارع.
لا يتوفر وصف.
الفرجة: بالعودة الى البدايات، انطلقت تجربتكم منذ الطفولة في النوادي المدرسية؟ كيف تقيمون تجربة المسرح المدرسي اليوم؟ تجربتكم المسرحية شملت النوادي والمركبات والمبيتات؟ ما هي قيمة المسرح في مثل هذه الفضاءات؟ وما الذي يمكن ان تضيفه الى المتلقي؟ طفلا كان او طالبا..
نزار : بعد أن مارست المسرح المدرسي كتلميذ يبحث عن مكان ليكتشف ذاته و يتساءل عن نفسه وما يريد بل يبحث عن فضاء منفتح لمزيد تمتين شخصيته سواء في المرحلة الابتدائية أو المرحلة الثانوية فإنني مدين للمدرسة وعوالمها ومدين للمنظمات والجمعيات التي ساهمت في اكتشاف موهبتي ووفرت لي الفضاء لتقديمها ومحاولة صقلها (الكشافة التونسية، المصائف والجولات، المضائف وسياحة الشباب…) وكلها هياكل إلى جانب المدرسة هي من استفزت هدوئي و صقلت هيجاني و حددت مساري …. أما الآن و منذ السنوات الاخيرة بعد أن كنت في دائرة الفعل متفاعل حينا و منفعل أحيانا … اصبحت الآن فاعل و فعال في الآن نفسه صحبة مجموعة هامة من الزملاء المتخصصين وبإشراف من الاساتذة المتفقدين وبمباركة من جمعية اساتذة التربية المسرحية …انطلقنا في تثبيت الفعل المسرحي داخل الفضاء المدرسي بتخطيط وبرمجة واضحة المعالم مما جعلتنا نعيد الروح من جديد وخلق حركة مسرحية منفتحة على الفضاءات الأخرى…ونظر لنجاح العلاقة بين المدرسة والفعل المسرحي نجح مشروع الدورة الاولى لأيام قرطاج للمسرح المدرسي ضمن فعاليات الدورة الأخيرة من ايام قرطاج المسرحية… كما انني لم انقطع عن التكوين وتاطير اجيال وأجيال من الشباب منذ سنة 1994 انطلاقا بدار الثقافة ساقية الدائر وباب بحر بصفاقس ….مرورا دار الثقافة قرنبالية ودار شعبان الفهري ودار الثقافة نابل ….مرورا بدار الثقافة قلعة الاندلس ودار الشباب حي التضامن و دار الشباب اريانة …. مرورا بدار الثقافة مقرين والمروج ودار الشباب فوشانة وبن عروس ….مرورا بدار الثقافة دوار هيشر ودار الشباب وادي الليل بمنوبة ….مرورا بدار الثقافة ابن زيدون وباب سويقة وباب العسل وحي الحديقة والوردية وباردو وحي الطيران والعوينة ودار الشباب سيدي داود بتونس….. والعديد من مؤسسات العمل الثقافي والشبابي ايضا….. كما ان تعاملي مع الطلبة كان منذ سنة 1999 إلى الآن في المبيتات والمركبات والمراكز الجامعية مثل مبيت ميلوز ،باب الخضراء،العمران الأعلى 3، باردو2، الكارفال،ثامر اريانة، ابن خلدون البساتين، الياسمين،راس الطابية ومبيت مدريد..مركز ابن ابي الضياف بمنوبة ومركز حسين بوزيان بتونس كما قمت بتجربة رائدة في معهد الصحافة…. اعتبر ان قيمة الفعل المسرح في مثل هذه المؤسسات وفي مثل هذه المستوايات مهمة جدا ومؤثرة بشكل كبير إذ اعتبر ان منافع التكوين المسرحي على الشإن العام وإعداد الانسان والمرافقة لتطوير المهارات والتميز في العيش وممارسة الحياة بشكل يخلق المعنى يقترح الأسلوب يعني و بتلخيص شديد حول مساهمتي و إهتمامي بالتأطير والتكوين كان حسب التدرج الزمني والتسلسل التالي:
لا يتوفر وصف.*منذ سنة 1994 الى الان في نوادي دور الثقافة والشباب
 
*منذ سنة 1999 الى الآن في النوادي الجامعية
 
*منذ سنة 2003 إلى الآن في نوادي رياض الاطفال
 
*منذ سنة 2005 إلى الآن في النوادي المدرسية.
 
 
 
الفرجة: مارستم المسرح كتابة واخراجا وتمثيلا؟ ايّ الاختصاصات الاقرب اليكم؟
نزار:  فعلا انا من الذين يستمتعون بالإخراج ويعشقون التمثيل ويهيمون بالكتابة.. فالإخراج والتمثيل والكتابة تفاصيل مهمة في حياتي ولكن الأهم عندي على الإطلاق هو التكوين والتدريب
الفرجة: أي انواع المدارس المسرحية التي تستفز قريحتك الإبداعية؟
نزار : في الحقيقة كل المدارس والمناهج والتيارات الفكرية تستفزني على مستوى الكتابة والتمثيل والإخراج ولعل اهمها استفزازا و اكثرها إستمتاعا (العبثية) من جهة و(الملحمية)من جهة ثانية
الفرجة: ما هي الخطوات التي تراعيها قبل دخولك إلى مضمار الفرجة؟
نزار:  اعتبر ان تدريبات الممثل اليومية هي اهم خطوة لضمان الجاهزية القصوى لأي عرض كان وفي أي زمان واي مكان … كما اني اعتبر دراسة المجتمع ونسيجه والانتباه لخصوصياته وابراز مميزاته من الخطوات التي لا تقل أهمية عن البقية التي أسعى دائما لمراعاتها قبل دخولي الى مضمار الفرجة
لا يتوفر وصف.
الفرجة: تعملون في مسرح الشارع وتدافعون عنه؟ هل يمكن الحديث عن مسرح شارع في تونس؟ وما معنى “مسرح الشارع” هل هناك رسالة محددة يمكن ان تقدم في الشارع ؟ اكثر من الفضاءات المغلقة؟
نزار: بسبب الثورة التونسية تحررت شوارعنا من القبضة الأمنية ورقابة السلطة وانتقل الشارع من مكان للزجر والمطاردة والتحقيق وتضييق الحريات إلى فضاء للإلتقاء والحوار ومناقشة الشأن العام فظهرت عديد التعبيرات الثقافية المختلفة كشكل جديد يحمل بدائل فنية وبمرور تجربة الإنتقال الديمقراطي ازدهرت فنون الشارع بشكل ملفت للإنتباه مما خلق حركية ثقافية شبابية منخرطة في نسيج المجتمع وساهمت مع بقية الحساسيات والمنظمات والجمعيات في خلق مجتمع مدني قوي ومن بين التعبيرات الثفافية نجد فنون الشارع ومن بين فنون الشارع نجد مسرح الشارع، لنتفق في البداية ان مسرح الشارع ليس وليد الثورة المجيدة ولكنه وجد عنفوانه وعافيته فيها بل ساهمت في ابرازه والتعريف به فهو جزء من المسار الثوري لانه يحمل صفاته وله بعض مواصفاته مثل النضال والاحتجاج والدفاع عن حقوق الانسان والمواطنة و…. في ما يخص مفهوم مسرح الشارع هناك عديد التعريفات وهي في مجملها غير دقيقة بل ناقصة رغم أن مسرح الشارع فن قديم على مستوى الممارسة إلا أنه جديد على مستوى التنظير لذلك باب البحث مازال مفتوحا اما الباحثين والخبراء والأساتذة المهتمين بمسرح الشارع. فبعد الحسم النسبي والإتفاق حول وجود خلط بين مسرح الشارع والمسرح في الشارع و الإجابة عن هذا الأسئلة “هل كل ما يعرض خارج العمارة المسرحية يسمى مسرح شارع؟” “هل تجربة أوغيست بوال ومسرح المضطهدين تسمى مسرح شارع؟” “هل تجربة الڨوال لعبد القادر علولة بالجزائر تسمى مسرح شارع ؟” “هل تجربة مسرح الحلقة وعروض ساحة الفناء بالمغرب تسمى مسرح شارع؟” “هل مسرح العصابات في اواسط القرن الماضي بالولايات المتحدة الامريكية تسمى مسرح شارع؟” امام هذه الأسئلة وغيرها تختلف المفاهيم حسب المجتمعات وخاصة طبيعة الانظمة السياسية لهذه المجتمعات …فحسب تقديرنا نعرف مسرح الشارع كالآتي ” فعل درامي ينطلق من الشارع ليعود إليه مستلهما موضوعاته من نبض الشارع ويعرض فيه بشكل فجئي ويقدم امام المواطنين بطريقة عشوائية متخذا من الشارع فضاء دياليكتيكي (جدلي) بين الممثل المؤدي والممثل المتلقي ….” فرغم كل المجهودات المبذولة في هذا المجال يبقى مسرح الشارع يكتنفه اللبس والالتباس بين الممارسين وعموم الناس… وهذه بعض المحطات هامة التي قمنا بها مع ثلة من الاصدقاء وهي :
*استثمار احتجاجات القصبة 1+2
*القيام بعروض اثناء المظاهرات تكوين وتدريب الشباب على الإحتجاج بالمسرح الإجتماعي (مسرح الشارع،مسرح الحوار…)
*التشجيع على تأسيس مجموعات
*المشاركة في تأسيس جمعيات
*أهمية تواجد جمعية في رغما عني في التكوين والإرشاد منذ 2012
*زرع نواة في عديد المجموعات واهمها القطار بقفصة قصر هلال بالمنستير، طبربة بمنوبة، والوردية بتونس وبنزرت والكاف وعديد المناطق الأخرى
* تأسيس مهرجانات وملتقيات جهوية ووطنية ودولية خاصة بمسرح الشارع أهمها “ملتقى القطار الدولى لمسرح الشارع
” *كان لي الشرف أواخر سنة2016 ان اقترح على وزارة الشؤون الثقافية في شخص الصديق لسعد الدربالي المسؤول بالإدارة العامة للعمل الثقافي بأن يقع اضافة مسرح الشارع ضمن قسم العروض القياسية لتشارك في المسابقات الجهوية والإقليمية والوطنية لنوادي المسرح بدور الثقافة والشباب والحمد لله بدأ تفعيل هذا المقترح منذ دورة 2017 (يعني قمنا بثلاث دورات) :
*الإنفتاح على التجارب العالمية والمشاركة الدولية من الادوات المهمة للتعريف بمسرح الشارع…
*نحن الان امام حتمية تأسيس هيكل ينظم مسرح الشارع… ……
ورغم وجود هذا الهيكل الذي ينظم القطاع بصفة عامة إلا ان مسرح الشارع يعتبر فنا صعبا بل صعب جدا إلى حد القسوة وخاصة إذ نعتمد على أساسيات العرض ومقوماته بعيدا عن الفولكلور وكل ما له علاقة بالعروض التنشيطية … انا اعتبر ان المرفق العام وخاصة شوارع الوطن هي فضاء خاص بالمواطن وليست حكرا على الدولة لأن الدولة هي آلية بيد المواطن بالتالي فإن احتفال السلطة انتهى وحان وقت سلطة الإحتفال بمعنى لا نخرج لضرب البندير وقرع الطبول وحمل اكياس “الطحين” وتوزيع “كرذونة” السميد و “شكارة” الفارينة والتصفيق والزغردة بإنجازات السلطة بل نخرج احتفاء بنجاح المواطن في بقائه وإبقائه على ابنائه في وطنه وهو يتمتع بحقوقه كاملة ويقوم بواجباته شاملة… فمسرح الشارع هنا شكل من اشكال التعبير ونوع من انواع الإحتجاج اذن علينا الآن ان نطرح السؤال “الإحتجاج هل هو اجتياح في الأمكنة ام إحتياج للمعاني” ؟ صحيح جدا مسرح الشارع في تونس غير ربحي وحتى الدولة لا تدعمه ولا تشجعه…. وسأضرب لكم مثلا في شهر يونيو من سنة 2019 قمت بتنظيم دورة تأسيسية لملتقي مدينة تونس الدولي لمسرح الشارع والحكواتي بساحة العملة بصفر مليم بل دفعنا من اموالنا ومن حسن حظنا قمنا بهذه التظاهرة بالتوازي مع مهرجان قرطاج الدولي للمونودراما في دورته الثانية و بإشراف الصديق إكرام عزوز…. ..ونحن مازلنا في انتظار الموافقة من سلطة الإشراف لتنظيم ملتقى قرطاج الدولي لمسرح الشارع.
لا يتوفر وصف.
الفرجة: ما الفرق بين “مسرح الشارع” و المسرح في الشارع؟ اسستم الرابطة التونسية لمسرح الشارع ما هي اهدافها؟ على مستوى المجموعاتي والفردي؟
نزار: المسرح في الشارع يعني كل الاعمال المسرحية او الفرجوية ذات الطابع الدرامي التي تعرض خارج العمارة المسرحية وبأكثر دقة خارج العلبة الايطالية وتتخذ من الشارع مكانا لها ، فهي تخرج بحثا عن الجمهور بل هي تذهب إليه في حين مسرح الشارع يخرج من الشارع ويتخذ موضوعاته من نبض الشارع وهمومه وعناصر عرضه في الشارع ويكتمل الفعل الدرامي بانجاح الدائرة الفعلية بين الممثل الفاعل والممثل المتفاعل او الممثل المنفعل مما يخلق وضعية دياليكتيكية بين طرفين وهما الممثل المؤدي والممثل المتلقي.
لا يتوفر وصف.
الفرجة: بالعودة الى تجربتكم في مسرح الشارع كانت الانطلاقة بعد احداث الحوض المنجمي 2008 وتواصلت مع الثورة واخترتم الشارع فضاء للتعبير؟ ايّ تداخل وتكاتف بين المسرحي والسياسي؟
نزار: يمكن اعتبار احداث الحوض المنجمي هي اللحظة الواعية للإنخراط في مسرح الشارع وذلك بتقديم سلسلة من العروض الفردية حول اوضاع عمال المناجم بعنوان “عامل…عملة” ورغم التضييقات انضممت إلى الاتحاد العام التونسي للشغل في صلب النقابة الاساسية للمهن الدرامية إبان تأسيسها إلى ان جاءت الثورة التونسية فقدمت عرض فردي سنة 2011 بعنوان “عامل … النظافة” ينطلق من موضوع الاوساخ في الشارع الى الاوساخ في العقول وخاصة تنظيف البلاد من النظام السابق ورموزه الى جاءت اللقاءات في القصبة هي التي جعلتني انضم الى عديد المجموعات اهمها “فني رغما عني”… وقمت معها بعديد الاعمال وشاركت معها في عديد المشاريع ومن كل المواقع وخاصة من موقعي كخبير دولي في التخطيط والتدريب والتكوين ورئيس لجنة الخبراء والحكماء بالجمعية. ثم واصلت تقديم العروض بشكل فردي اما بشخصية “الحاج كلون” او شخصيات اخرى مبتكرة… الى ان قدمت في اوخر 2019 عرض بعنوان “وقفة إحتجاجية” موضوعها حول ضياع الوطن والعمالة والخيانة والبيع والشراء. وقدمت العرض الاول في العراق ضمن الدورة الخامسة من مهرجان كركوك الدولي لمسرح الشارع… في الحقيقة يعتبر التداخل ببن السياسي والمسرحي هو خيار واع لأن الفعل الإنساني. محكوم الوعي والاوعي من جهة و بالآن والهنا من حهة ثانية فهذا التداخل هو انصهار مع هموم الناس وإلتحام مع قضايا المجتمع… وهو جوهر مسرح الشارع.
الفرجة: ما هو “مشروع الزلزال” ؟ كيف لك ان تقدّمه؟ وهل بالمسرح يمكن للمواطن ان يمارس مواطنته؟
نزار:” les ils et les elles ” هو مشروع هام في حياتي لأنه كان إختيار حاسم في مسيرتي العلمية والعملية ولعل الحدث الأبرز الذي جعلني أقرر التخصص في مسرح الشارع بكل وعي ومسؤولية هو ما حصل في قفصة سنة 2008 … إذن على إثر احداث الحوض المنجمي وتداعياتها بدأت في صياغة مشروع les ils et les elles (هم وهن) (الجزر والأجنحة) وللتخفيف الزلزال وهو عبارة عن قافلة تكوينية للشباب في مجال التمثيل ( الممثل المواطن) وهذه القافلة تطوعية لمدة شهر كامل في كل ولاية لتأطيرهم (24 شهر) مع إضافة (4 اشهر) لأربعة ملتقيات اقليمية ونختمها بمعسكر وطني لمدة شهرين في الصيف …. وهذا المشروع ينتفع به 4800 شاب….وهو بحث ميداني لألتقاط عينات إجتماعية تنتمي لشريحة شبابية تتراوح اعمارهم من 14 سنة الى 24سنة .ً.. فأنا جندت نفسي للبلاد التونسية تطوعا لتنفيذ هذا المشروع لمدة ثلاث سنوات كاملة …. ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن بعد المماطلة والتسويف لدى وزارة الثقافة سنة 2009 قررت تقديمه لوزارة الشباب بمناسبة تظاهرة تونس 2010 سنة دولية للشباب فرحبوا بالفكرة آنذاك ولكن وقع السطو على المشروع منذ ضبطه في مكتب الضبط… والحمد لله لم يتسنى لهم إنجازه لأنهم غير مؤمنون به وليسوا أصحاب الفكرة والحمد لله أيضا داهمتهم الثورة… ومنذ الثورة التونسية وانا منكب في مسرح الشارع بحثا وتدريبا وتكوينا ويشرفني انني ساهمت في تأسيس مجموعات وجمعيات وفرق ومهرجانات واعتبر نفسي من رواد التأسيس لمسرح الشارع في تونس.
الفرجة: الجديد انكم تخوضون تجربة المسرح داخل المؤسسة السجنية ضمن مشروع تجليات مودع؟ كيف تقدم هذه التجربة؟ هل ستكون مختلفة عن التجارب الاخرى؟
نزار: فعلا انا سعيد بمشاركتي ثلة من الأساتذة المكونين والزملاء المؤطرين لبعث مشاريع مسرحية داخل الوحدات السجنية ضمن برنامج “تجليات مودع” و منذ شهرين تقريبا وانا أقدم ورشة في الادماج وتطوير المهارات وإكتشاف الإقتدارات داخل مركز إصلاح الأطفال الجانحين بمجاز الباب الى ان وصلنا لتركيز نواة أساسية لإنجاز عمل مسرحي وهو الآن في مرحلة التحضيرات الاولية في انتظار المرحلة النهائية للتدريبات الختامية يحمل هذا العمل عنوان “درة…والخمسة الي لحقو بالجرة” وهذه المسرحية إنطلقت من افكارهم وهواجسهم وهمومهم واحلامهم…فكان الموضوع حول فكرة احلام وآمال وإنتظارات خمسة أطفال إثر مغادرتهم مركز الاصلاح و بعد انقضاء فترة العقوبة و خروجهم للمجتمع وكيفية اندماجهم والاساليب الممكنة لتعديل سلوكهم… ماذا سيحصل عندما يغادر الاطفال؟ وما هي الاحداث التي ستقع بعد ذلك؟ كل هذه الأسئلة وأخرى سنجد لها إجابات داخل العرض المسرحي
لا يتوفر وصف.
الفرجة:  “الحاج كلون؟ لماذا الاسم؟ وما الغاية او الاهداف؟
نزار: في البداية أقول بأن “الحاج كلون” هي شخصية مبتكرة ولها احداث مهدت وجودها:
*سنة 1983 دخلت عالم العظيم شارلي شابلن واصبحت مهووسا بشخصية “شارلو” وعاشقا لها
*سنة 1984 بدأت التمثيل الصامت في الشارع والساحات وانا اتجول بشخصية “شارلو” الى درجة انني تمكنت من الإجادة في تقليد “شارلي شابلن” (تجربتي مع شارلو دامت ثلاثة سنوات
* سنة 1987 عندما طرحت الأسئلة التالية ” هل هناك شخصية شارلو قبل شارلي شابلن ؟ وعندما قام بتقديم شخصية شارلو…هل هناك من جاء قبله ؟ من قلد يا ترى؟” اذا كان هو المبادر وهو من فكر وابتكر فلماذا أقلده وأخلده ؟؟؟ لماذا لا ابحث عن ذاتي في ابداع من بنات أفكاري؟ … امام هذه الحيرة كان المهرج هو الحل الذي وجدته إلى أن إكتشفت عائلتي السر الذي أخفيته عنهم وهو ممارسة المسرح فرفضت رفضا قاطعا هذا الأمر
*سنة 1988 فكرت بأن اواصل هوايتي ولكن بأسلوب متخفي كردة فعل لما حصل ولبست قناعا لشيخ عجوز وتقمصت شخصية تجمع بين فن الحكي وفن المهرج واسميتها (الحاج كلون) واستمرت قصتي مع شخصية الحاج كلون الى الآن.
الفرجة:: في ظل الجائحة (كوفيد 19)  ما هي اول فكرة مسرحية لحت عليك تفعيلها؟
نزار: : في الحقيقة عديدة هي الافكار… ولكن أهم فكرة تراودني وخاصة إذا تفاقمت الوضعية الوبائية تصبح ضرورة ملحة والحمد لله نحن الآن بصدد التحضير لهذا العمل و هو عرض يتنمي لمسرح الشارع أقوم بالتمثيل صحبة أصدقائي طلال أيوب و علي بن سعيد والنص الصديق حاتم التليلي….
الفرجة: هل ترى ان آليات التواصل والسوشيو الميديا قادرة على خلق جو التفاعل بين المسرح والجمهور؟ او حتى بين صناع العمل المسرحي في ما بينهم؟
نزار:  قطعا لا يمكن الحديث عن الفنون الأدائية بعيدا عن الفرجة الحية كفعل درامي آني او كعمل مسرحي مباشر لأنه يقترن بثنائية “الآن” و”هنا” فالمسرح يفقد كل خصائصه إذا قدم بطريقة إفتراضية عبر وسائل التواصل الإجتماعي (اون لاين) مثلا… لأنه وببساطة شديد تضيع ملامح العرض وتغيب الروح وفقدان جو التفاعل بين المسرحي (الممثل) من جهة والجمهور (المتلقي) من جهة ثانية…. ولكن يمكن اعتماد هذه الطريقة التي فرضتها الجائحة للتواصل بين صناع العمل المسرحي في ما بينهم وذلك لمزيد تكثيف التحضيرات ولن تكون بديلا مطلقا مهما حصل او يحصل في المستقبل
الفرجة: ما هي مشاريعك المستقبلية؟
نزار: لي عمل مسرحي عرائسي موسيقي للأطفال بعنوان “بياض الثلج”من إخراجي و نص حافظ محفوظ والحان عادل بوعلاق وانتاج شركة امواج للإنتاج كما انني أشارك في الاداء التمثيلي لكوميديا غنائية موجهة للطفل والعائلة بعنوان “جميلة والوحش” نص وإخراج سناء الأيوبي وانتاج شركة ماب برود ولي اعمال اخرى بصدد التحضير.
لا يتوفر وصف.
الفرجة: أيضا الجديد في العام الحالي هو “مختبر البحث والتطوير في مسرح الشارع” هل من إيضاحات حول هذا المختبر؟
نزار: هو مختبر فريد من نوعه وهو فرصة في شكل لقاء أسبوعي (صبيحة كل أحد) يجمع كل الفاعلين والمهتمين والمختصين بفنون الشارع عامة وبمسرح الشارع بصفة خاصة وأيضا لنا تكريم في كل شهر وهو لقاء دوري للإحتفاء بأحد التجارب (فردية،جماعية…) ومناقشتها فكريا وجماليا وفنيا…. “مختبر البحث والتطوير في مسرح الشارع” هو فضاء حر للتفكير ومساحة اقترحناها لتجميع الافكار وتطويرها والتقاء بأصحابها وهو أيضا مجال خصب للبحوث النظرية والتطبيقية حول شؤون مسرح الشارع انطلاقا من :
* إدراك المفهوم و البحث في التعريفات و الماهيات والحرص على تدقيقها
* ضبط المنطلقات التاريخية وأساسيات مسرح الشارع
*مشاهدة العروض (بصفة مباشرة اوتسجيلات بطريقة الفيديو) و التدرب على تحليلها ومناقشتها
… * التعرف على التجارب الوطنية والإنفتاح على التجارب العالمية
* إنجاز تمارين تطبيقية في كل العناصر المكونة للفعل الدرامي في مسرح الشارع من أهداف هذا المختبر
* تطوير التجارب التونسية في مسرح الشارع وتدعيمها
* تكريم الشخصيات والافراد والمجموعات والجمعيات والنوادي…
* دراسة أهم التجارب في مسرح الشارع وتحليلها
* التعريف بمفهوم وقواعد وأنواع مسرح الشارع
* المساهمة في نشر مسرح الشارع
* تكوين فكري وتقني وحرفي في مسرح الشارع
الفرجة: كيف ترى موقع المسرح التونسي في الخريطة العربية والعالمية؟
نزار: في ما يخص مكانة المسرح التونسي ضمن الخارطة الدولية، الإفريقية، الإقليمية، العربية و المغاربية… أقولها وأصدح بها بالصوت العالي بلا مجاملة ولا غرور وللأمانة التاريخية …..يعتبر المسرح التونسي دائما متفرد لأنه يقوم على التجريب والبحث والتميز وفي هذا الصدد لنا كوكبة من المخرجين الطموحين والممثلين المقتدرين فأنا ارى فيهم مستقبل المسرح لأنهم فعلا مجددون وحتى بعد هذه الجائحة حتما ستطرأ عديد المتغيرات وستنقلب عديد الموازين إلا أن المسرح يبقى محافظا على بريقه وألقه لانه عرض مباشر ويعتبر “فرجة حية” هذا رغم اهمية التكنولوجيات الحديثة والوسائط الجديدة والوسائل الإفتراضية ..فالمسرح يبقى دائما ابو الفنون بل يجمع شمل كل الفنون وشتاتها ويلملم مشتقاتها وملحقاتها.
الفرجة: وأخيرا…ما هي رسالتك للمسؤولين عن الشأن الثقافي في تونس والوطن العربي؟
نزار: أولا شكرا على هذه المساحة الحوارية والفرصة الممتعة للتواصل مع القراء …..وأخيرا وليس آخرا….أريد من خلال هذا الفضاء ان أدعو كل الفنانين في كل المجالات لمزيد رص الصفوف والإتفاق على كلمة واحدة من أجل الاسراع  لسن قانون الفنان كما أدعو المسرحيين الفاعلين وخاصة ممارسي مسرح الشارع بكامل تراب الجمهورية ان يتكاتفوا وان يجتمعوا حتى نمتن وحدتنا بهيكل يجمعنا ويدافع عن حقوقنا …. “الشارع موطننا والمسرح حياتنا”.. و اقول للمسؤولين شوارعنا ينقصها الحب والفن وأناس مبتسمة فكونوا انتم المبتسمون واتركوا لنا شوارعنا لنزرعها حبا وفنا.
لا يتوفر وصف.
 
 
 
 
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت