التشكيل الحركي للدمى في عالم الطفولة .. / بقلم: الدكتور طالب هاشم بدن .
إن محاولة الخوض في دراسة تطبيقية للنص المسرحي التعليمي ( الكاتب الصغير ) للكاتب عبد ألله جدعان ، والمحاولات الجادة للفنانة ( وداد ريسان ) في التشكيل الحركي للدمى وتوضيح آلية سير حركة حبكة القصة والحوار أحالتنا إلى عوالم من الطفولة والدرس التربوي الممنهج ودراسة آفاق تطوره عبر سلسلة من الاجراءات الهادفة إلى ترصين وتمكين المتلقي في الكشف عن مهيمنات حركة تنامي القصة في المسرحية .
ومن أجل محاولة الكشف عن اسلوب التعليمية في أدب الطفل وجدنا من الضرورة التعرف على أسلوب الكاتب عبد ألله جدعان الذي أخذ على عاتقه كتابة نصوص قصصية مسرحية قصيرة تهتم في ادب الاطفال تهدف إلى شحذ الافكار وتوظف ذهنية الطفل عبر سلسلة من المعالجات التربوية التعليمية التي تسعى جاهدة إلى إظهار الجانب المشرق في عالم الطفولة في خضم مجموعة من المنعطفات التي تلم في حياتهم وعالمهم ، فقد جاء ادب الطفل المقروء على الورق والمتحرك كصور معبرة عن هدف تربوي تعليمي من أجل التوصل إلى محاولة جذب ولفت أنظار كل ما من شأنه خاص ومثير للأطفال ؛ من خلال تقديم أعمال خلاّقة تسهم في نمو مخيلة الاطفال وتساعد على تحريك ذهنيتهم. إذ إن عالم الطفولة يزخر بالمتعة والفائدة الذي إشترطت فيه البساطة والمرح إلى جانب الدقة والعاطفة ومخاطبة مراحل تتناسب مع عمر الاطفال واستيعابه وذكائه ، وتوافق حواسه عبر إثارتها بكل ما هو جديد ومثير . بوصف ان مثل هكذا نشاط معرفي يسعى إلى ترسيخ ثقافة التعليم بوسائل مختلفة منها المسرح.
ولو رجعنا إلى التعليمية عند المنظر العالمي ورائد المسرح الحديث المجدد الالماني ( برتولد برشت) وما أحدثه من نقلة نوعية معرفية مهمة في ترسيخ القيم والتعاليم الثقافية بعد الحرب النازية عبر زج كم من المسرحيات التي وصفت على إنها تعليمية سياسية، غير ان المسرح مجاله المتعة الفنية والاثارة المعرفية ويكون علمياً في طريقته، إذ عبر عنه برشت بقوله ” نحتاج إلى مسرح يستغل الافكار وينتجها حتى تلعب هي نفسها دوراً في تغيير العالم ” إذ ان كلمة تغيير تعد اللغة المهيمنة على تفكير وطموحات برشت ، والغاية التي يروم تحقيقها عبر المسرح ، التي تتحقق في الحركة الحيوية ومجالات عرضها وتناولها من أجل غاية اجتماعية تفيد الجانب السايكولوجي في دراسة السلوك والوظائف العقلية ، ومن ثم دراسة الشخصية والعاطفة وعلاقتها بين الاشخاص.
من هذا المنطلق تتجلى أهمية مسرح الطفل وخصوصيته، إذ نرى لا جدوى من تقديم مسرحيات مثل ( عطيل ، بعل ، الام شجاعة ، هملت .. ) كمادة قصصية للاطفال بوصفه غير قادر على فهم واستيعاب مادتها وشخوصها ، إضافة إلى إنها لا تلبي رغباته وطموحه في المعرفة وبناء أفكاره بسبب خصائصه العمرية السايكولوجية . لذا خير ما يمكن الولوج فيه وعرضه في عالم الصغار، موضوعات تلبي رغباتهم المتجسدة في الشخصيات الكارتونية وعالم الدمى والعرائس التي تثير مخيلتهم وتحاكي عقولهم عبر حوارات قصصية تصاغ على وفق بناء بسيط غير معقد وخالٍ من المنعطفات الحبكية ، فمثل هكذا مسرح قادر على تحريك مشاعرهم وتحقيق ما يصبو إليه طموحهم وتفكيرهم ويكون فيه الاطفال أكثر تفاعلاً بوصفه قريباً من عالمهم ونفوسهم .
وعلى وفق ذلك صاغت الفنانة ( وداد ريسان) دمى صنعتها بنفسها واتخذت من قصة مسرحية الكاتب الصغير للكاتب عبد ألله جدعان مادة لها بطريقة وأسلوب حكائي قادر على فهمه عالم الصغار بأسلوب دراماتيكي وحركات ألقت في ظلالها الضوء على شخصياتها بصورة مفهومة قريبة من عالم الطفولة وضعتها عبر أسلوب تربوي وعظي إرشادي رسمت خطوطه بعناية فائقة وحركة مشهدية بنائية أوجدت من خلالها علاقة ترابطية بين الام والابن من جهة وبين الاخ وشقيقت