المعادل المسموع (الحلقـة الثانية)/ الدكتور قيس عودة قاسم الكناني
للتأليف الموسيقي في العرض المسرحي
أصبح التأليف الموسيقي ذات مكانة مهمة وعنصراً من عناصر البناء الدرامي للعرض المسرحي، إذ يُعدّ أحد أهم عناصر الإيقاع المسرحي الذي لا تكتمل صورته النهائية بدونه، لأنه يأخذ على عاتقه مهمة ابتكار ألحان موسيقية جديدة تستطيع أن تؤدي مهمتها كمعادل مسموع للعرض المسرحي.
وبعد أن أخذ التأليف الموسيقي مكانتهُ في الدراما أصبح يأخذ شكلا جديداً ينسجم مع عناصر العرض الأخرى، من خلال دعم العرض بالقوة والثبات عبر مرافقته لحوار وأداء الممثلين وتنقلاتهم، اصبحث الموسيقى قادرة على تجميل الكلمة المنطوقة، وعلى دعم موازنة الحركات الدرامية للممثل، لذا فإن البنية اللحنية للموسيقى المسرحية تستنبط من الشحنة الدرامية للحدث المسرحي بشكل منسجم وداعم لعناصر البناء الدرامي، فـالتأليف الموسيقي هو الوضع الطبيعي للموسيقى المسرحية، وعليه لابد ان يأخذ مضموناً درامياً، وشكلاً يسهم في موازنة الصورة المسرحية, وان يشكل جزءاً أساسياً في دعم الجو العام للعرض المسرحي شريطة أن يكون مؤتلفاً ومنسجماً مع الرؤية الاخراجية، إلا أن هذا الشكل يتطلب وجود تأليفات موسيقية جديدة مبتكرة وقادرة على ان تكون معادل مسموع في العرض المسرحي.
وعلى الرغم من الدور الذي لعبهُ التأليف الموسيقي في بعض عروض المسرح العراقي في دعم الصراع الدرامي إلا أن هنالك الكثير من العروض لم تهتم بالمستوى الذي يعطي للصراع دعماً وأسلوباً ومعالجة واضحة، حتى إن بعضها سادته العشوائية لأنه لم يُبنَ على قواعد وأُسس موسيقية علمية، لذلك فأن في أغلب العروض المسرحية، يلجأ بعض المخرجين، ومصمميّ الموسيقى، إلى اختيار مقاطع من موسيقى عالمية لا علاقة لها بالصراع الدرامي ولا بروح العرض وتأريخه، أو فكرة وبناء شخصياته، إنها اختيارات تخضع في اغلب الأحوال لاعتبارات شخصية متسرعة تضعف من قوة استقبال العرض.
ومن هنا لابد من سؤال.. هل ان التأليف الموسيقي كمعادل مسموع في العرض المسرحي كان له دور داعم لعروض المسرح العراقي بشكل منسجم مع أفكار المخرج المطروحة في العرض المسرحي؟
لذلك لابد من التعرف على مفهوم المعادل المسموع في وبيان أهميته، من خلال تسليط الضوء على عناصر ومقومات التأليف الموسيقي كوحدة فنية متكاملة ومتماسكة قادرة على إسناد ودعم أشكال وأنواع الصراع في عروض المسرح العراقي، اسوةً بالمسارح العربية والعالمية، كما إنها محاولة لإيجاد سبل الاستثمار الأمثل لعناصر التأليف الموسيقي في العرض المسرحي (الإيقاع، اللحن، الشكل) وبيان الحاجة الضرورية لوجودها كعناصر مهمة في العرض المسرحي وبالتالي فهي محاولة توثيقية للعروض المسرحية التي أسهم التأليف الموسيقي في دعم أشكال الصراع الدرامي فيها والتي قُدِمّت على المستوى العالمي والعربي والمحلي ليستفيد منها الباحثون والمختصون وممن هم ذات العلاقة ليكون مرجعاً في زيادة المعلومات الخاصة وفي كيفية التعامل مع التأليف الموسيقي بوصفهِ عنصراً من عناصر العرض المسرحي، وبالتالي فهو يحقق هدفا جماليا وتكامليا عبر الكشف عن دوره كبناء فني متكامل وفق محددات فنية وأكاديمية ومنطقية وجمالية وإبداعية، قادرة على أن تقدم دعم حقيقي لعروض المسرح العراقي المعاصر وبالتالي تزيد العروض تشويقا وجمالا وجاذبية .