مبدعون من بلادي: عبدالله الجدعان (ما بين أدب وفن) / بقلم د. ميادة الباجلان
مبدع آخر من بلادي تألق في سماء عالم الأدب والفن والطفولة أنه الكاتب المتميز (عبد الله جدعان) كتاباته عبارة عن مدرسة يأخذ منها المتلقي (الطفل) كل العبر والدروس الحياتية, تطرح أحداثا واقعية في جملة مواضيع ومفاهيم ترسخ القيم التربوية والعلاقات الاجتماعية, والمعرفة والتساؤل, التي تحيط به, وتعينه على مواجهة الحياة وتحدي صعابها, له العديد من المؤلفات تجاوز (130) في المسرح, والقصة, والرواية, وقدم الكثير من تجاربه المسرحية من خلال انتسابه في النشاط المدرسي في وزارة التربية العراقية, وقد شارك العديد في المهرجانات المحلية والدولية, ومن أعماله (الأميرة شهد واخبار طير السعد, حنين في ضيافة الملك الحزين يونس, قتيبة والشجرة العجيبة, وحكايات الشيخ سليم, المدافعون, نور وحورية البحر, ألوان متمردة, الفزاعة, القضاء على مملكة الساحرات, سالي والمعلمة انوار, مسرحيات مدرسية… وغيرها, ونادى بالنهوض واقع الطفل, وواقع مسرح الطفل بإقامة فرق خاصة مدعومة من قبل الدولة لتقديم العروض المسرحية بشكل مستمر وليس منقطع لإيصال رسالتنا الى العالم الجديد للطفولة .
إن كنت تريد مجتمعا راقيا عليك بتربية الطفل فكريا وجماليا, فهي من الأسس التي تبنى مجتمعا متقدما, يرى أديب الأطفال (عبدالله جدعان) أن أدب الأطفال له أهمية كبيرة تتضح من خلاله تأثيره المباشر في تربية الطفل, وتكوين شخصيته, وتكوين اتجاهاته, وتنمية ذوقه الفني والأدبي والجمالي, كما ويلعب أدب الأطفال دورا أساسيا في اذكاء ملكة التخيل من خلال ما يطرحه الكاتب الأديب من أنواع القصص (الواقعية, والخيالية, والأساطير, وقصص البطولة والمغامرات.. وغيرها, يجعل من لمتلقي (الطفل) يعيش في عالم من الخيال والتخيل, وتزوده الكثير من المعلومات المختلفة العلمية منها, والنظم والتقاليد الاجتماعية, والعواطف الدينية والوطنية, وتأثيرها الايجابي في نفوس الأطفال لأنها تجعل من الطفل يحلق في عالم ساحر عالم التخيل والابداع والجمال, للشخصيات الانسانية, والحيوانية, والنباتية, والجمادية, والفانتازية, تجذب المتلقي (الطفل) وتثير انتباهه وتجعله يتواصل مع العرض دون ملل, كما يساعد على توصيل القيم والمبادئ السلوكية الايجابية, وتقديم الرسائل لتغيير السلوكيات السلبية بطريقة غير مباشرة, ويساعد على تنمية خياله, فضلا عن المتعة والتسلية .
يؤكد (الجدعان) ان مسرح الطفل هو من الوسائل التربوية والتعليمية التي تسهم في تنمية ذائقة المتلقي (الطفل) وتنمية عقلية, وفكرية, واجتماعية, ونفسية, وعلمية, ولغوية, وجسمية.. وغيرها, وهو فن تمثيلي يحمل منظومة من القيم التربوية, والاخلاقية, والتعليمية, والنفسية على نحو نابض بالحياة من خلال شخصيات متحركة على خشبة المسرح مما يجعله وسيلة هامة من وسائل تربية الطفل وتنمية شخصيته سيما وان الطفل يرتبط ارتباطا جوهريا في التمثيل منذ سنوات عمره الاولى عندما كان يحول خياله الإيهامي الى لعب, هو مسرح ايهامي يؤلفه ويخرجه ويمثله, لذلك علاقة الطفل بالمسرح علاقة اندماجية, وهنا تكمن اهمية المسرح في تحقيق ذات (الطفل) ورغباته, ويحقق التسلية والامتاع, واثراء قاموسه اللغوي, وتنمية قدرته على التعبير, واكتساب قيما تربوية واخلاقية, وتنمية الذوق الفني والجمالي, وتكسبه العديد من العادات الاجتماعية والقيم السلوكية النبيلة والجميلة.
تميزت كتاباته في توظيف المألوف واللا مألوف تحمل نوع من المغايرة والمشاكسة برؤية ابداعية تحرك خيال المتلقي(الطفل) ولا يفقد متعة المشاهدة والتفاعل, والتواصل, فهو يرى الطفل متلقي خطير لا يستهان, ونادى(جدعان) بمواكبة تطور العلوم والتكنولوجيا عن طريق متابعة وسائل الاتصال الحديثة, فضلا عن مواكبة التطور المعرفي والتقني الذي يشهده العالم بشكل عام بما يخدم الحركة المسرحية للأطفال, وتقديم مسرح الدمى والعرائس, واصدار مجلات تهتم بتنشئة الطفل على أهداف وقيم تربوية, لأن بعض القنوات الفضائية التلفازية قد غزت عقول الأطفال, واللجوء الى الميثولوجيا والحكايات الشعبية والتراثية, وحكايات الف ليلة وليلة, وكليلة ودمنة, وتقديم شخصيات من شخوص تاريخ العرب والقادة والعلماء… وغيرها وتقديمها للأطفال بحرفية ابداعية في ايصال الرسالة والمتعة, ينجذب الأطفال نحو الأجواء الخيالية والفانتازية, ليقتدي به المتلقي(الطفل), ولبناء جيل مثقف واع قادر على مواصلة الحياة .
ويؤكد أديب الأطفال الفنان(عبد الله جدعان) بأن الطفل هو رجل المستقبل, ويجد الدول المتقدمة تهتم به اهتماما كبيرا وتقدم للأطفال أفضل العروض بمختلف المجالات الترفيهية والتعليمية, بكل طاقاتها سواء من قبل الدولة او المنظمات, والمعاهد والمراكز التي تعنى بالطفولة, لذا يرى في العراق وبعض بلدان الوطن العربي بعدم الاهتمام بالطفل, والمعوقات كثيرة, والطفل مهمش, وغائب ولا توجد مسارح خاصة بالطفل, وعدم وجود مجلات ومطويات تهتم بأدب وفن الطفل الا بعدد الأصابع, وما تصدر من مجالات للأطفال هي تجارب فردية نابعة من أشخاص لهم الرغبة الشديدة هذا من جانب, ومن جانب آخر قد تكون للعوائد المادية, والثقافة العربية عموما والعراق خصوصا أصبحت في بيئة تسود فيها الكثير من القيم المختلفة والتناقضات بين ثقافة الحداثة والتقليد مما زاد في هذا الانفصام بين الثقافة والواقع الاجتماعي مع اغفال الرسالة الثقافية التي تتركز على بناء شخصية وهوية الفرد كمحور للإبداع الفكري والابتكار والانتاج, لأن تربية الطفل فكريا وجماليا من الأسس التي تبنى مجتمعا متقدما, وفي ظل انتشار الأمية, بسبب الحروب, والنكبات, اصبح لزاما علينا كتربويين وكفنانين ان نقدم مسرحا الأفضل للأطفال لإعداد جيل جديد بعيدا عن كل التعقيدات والمشاكل النفسية, ينمي كل القيم والمفاهيم والأفكار التي تدعوا الى المحبة والحرية والتآخي والسلام, وما أمس حاجتنا اليوم الى أدباء حقيقيين مخلصين كالكاتب (الجدعان) ..
د. ميادة الباجلان