«ميت مات »نذير للأصنام المنتظره الخلاص قراءة العرض المسرحي/ بقلم: حسام الدين مسعد
إن محاولة البحث عن شرعية المستقبل بعد أن فقد الماضي شرعيته التاريخيه في عالم توحده الرأسماليه الغربيه بالقوة وتنفي فيه الأطراف الي الذاكرة التاريخيه حيث لا تستعاد إلا بوصفها دليلا جديدا علي تفوق الغرب وقدرته علي نفي الآخرين وابادتهم .
فهل يستطيع الإنسان العربي ان يعتمد علي الإستعاره الي ما لا نهايه ؟ ام لكي يبقي علي قدرته علي الفعل أن يصل الي مرحلة يقف فيها علي قدميه هو ويستغني عن الإستعاره عن طريق تطوير عطاء خاص به ؟
وحيث أننا نعاني من إشكالية القطيعة المعرفيه مع التراث وبلغ الإنبهار بالعقل الغربي لذروته فأصبح لاشيء أصعب من أن ننظر الي الحقائق كلها في وقت واحد فكم يكون الإختيار سهلا لو تعامينا عن بعضها لا سيما أن المؤسسات المالكه للخطاب والقوه والمعرفه تهيمن علي العالم بأسره وتضع رقبة الثقافة العربيه طائعا مختارا تحت سيف هيمنتها .
ولأن المسرح هو عطاء خاص يبقي للإنسان العربي قدرته علي الفعل وإستغنائه عن الإستعاره. فدعونا نغوص في قراءة العرض المسرحي “ميت مات ” تأليف واخراج العراقي علي عبد النبي الزيدي من أجل ان ندلل علي أن الإستعاره يمكنها أن تتحول لإستناره من خلال عطاء خاص لكاتب ومخرج عربي.
*نبذة عن الكاتب والمخرج علي عبد النبي الزيدي
– مواليد العراق/ الناصرية 1965
– عضو اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين
– بكالوريوس فنون مسرحية
– جامعة بغداد – كلية الفنون الجميلة
– يكتب للمسرح كمؤلف مسرحي منذ عام 1984 .
– كَتبَ العديد من البحوث و الدراسات المسرحية ونشرها في الصحف العراقية والعربية منذ مطلع التسعينيات .
صدرت له الكتب التالية في المسرح
1- ( ثامن أيام الأسبوع ) مسرحيات – عام 2001 دار الشؤون الثقافية العامة – بغداد –
2- ( عودة الرجل الذي لم يغب ) مسرحيات – عام 2005 اتحاد الكتاب العرب – دمشق –
3- ( عرض بالعربي ) مسرحيات – دار الشؤون الثقافية العامة – بغداد 2011 –
4- كتاب جمرات ( مشترك ) نصوص مسرحية عام 2011 – طبع في سوريا –
5-مختارات من المسرح العراقي ( كتاب مشترك مترجم للانكليزية ) دار المأمون – بغداد 2011 –
6-كتاب ( الالهيات ) مجموعة مسرحية 2014 عن دار تموز – سوريا . –
7-كتاب مشترك يحمل عنوان ( عناء الماس ) مع مجموعة من كتاب المسرح العراقي 2015..
•حصل على الجوائز التالية في التأليف المسرحي والروائي :
1- جائزة مجلة الأقلام العراقية الأولى للتأليف المسرحي عن مسرحية ( الذي يأتي ) عام 1993
2- جائزة ( يوسف العاني للتأليف المسرحي ) الثانية عام 1996 عن مسرحية ( قمامة )
3- جائزة ( أفضل نص مسرحي ) في مهرجان البصرة المسرحي عن مسرحية ( كوميديا الأيام السبعة ) عام 1996
4- جائزة أفضل نص مسرحي عن مسرحية ( ثامن أيام الأسبوع ) في مهرجان منتدى المسرح في البصرة عام 1998
5- الجائزة التقديرية في مسابقة الشارقة للإبداع العربي عام 1999
6- الجائزة الأولى في مسابقة ( حامد خضر للتأليف المسرحي ) عام 2000 عن مسرحية ( ما كان الآن من أمر السندباد )
7- جائزة أفضل عمل متكامل عن مسرحية ( ثامن أيام الأسبوع ) إخراج الدكتور فيصل عبد عودة – في دولة اليمن 2004
8- جائزة ( الجيل الواعي ) عن مسرحية ( مطر صيف ) في دولة الكويت عام 2005
9- جائزة درع الإبداع ( الأولى ) عن مسرحية ( ثامن أيام الأسبوع ) مهرجان الجامعات العربية إخراج الدكتور فيصل عبد عوده في جمهورية مصر 2007
10- جائزة جريدة المدى العراقية عن نص مسرحية ( يبوووي ) عام 2007
11- الجائزة الاولى في مهرجان البصرة السينمائي عام 2008 عن فلمه ( دكان الثقافة )
12- الجائزة الاولى في مسابقة الدكتور ( عون الخشلوك ) الابداعية عام 2008 عن نص مسرحية ( لعنة عنترة )
13-جائزة دبي للرواية العربية عن رواية ( بطن صالحه)
14- جائزة الابداع العراقي في مهرجان التربيات في كركوك عام 2010
15-جائزة افضل نص مسرحي في مهرجان التربيات عن نصه ( ابن الخايبه ) عام 2011
16- جائزة افضل عمل متكامل وجائزة افضل مخرج وممثل ومممثلة في مهرجان طقوس المسرحي الدولي في الاردن عن مسرحية ( مطر صيف ) من تأليفي واخراج كاظم النصار 2012
17-جائزة افضل عمل متكامل في مهرجان الجزائر المسرحي للمحترفين عن مسرحية (افتراض ما حدث فعلا ) من تأليفي واخراج لطفي بن سبع – الجزائر 2012
18-جائزة افضل نص مسرحي في مهرجان البصرة المسرحي الاول عن مسرحية ( مطر صيف ) اخراج علي عادل 2012
19-جائزة افضل نص مسرحي عن مسرحية ( جيل رابع ) في مهرجان البصرة المسرحي الثاني 2013 اخراج علي عادل – البصرة .
20-جائزة افضل نص مسرحي في مهرجان مسرح تربيات العراق عن نص مسرحية ( قمامة ) البصرة – 2013
21-افضل عرض مسرحي متكامل لمسرحية ( ثامن ايام الاسبوع ) مهرجان مجلس التعاون الخليجي في الرياض 2013
22-الجائزة الاولى في مسابقة نعوم فتح الله سحار للتأليف المسرحي التي نظمت من قبل كلية الفنون الجميلة في بابل عن نص مسرحية ( وعاشوا عيشة سعيدة ) 2013
23-جائزة افضل عرض مسرحي عن مسرحيتي ( الحفار – ثامن ايام الاسبوع ) في مهرجان المسرح العربي في القاهرة اخراج المخرج الكويتي هاني النصار 2013
24-جائزة افضل نص في مهرجان المسرح العراقي لفرق التربية عن مسرحية واقع خرافي 2014
25-جائزة افضل نص عن مسرحية ( ربي كما خلقتني ) اخراج مهدي الظويهري في مهرجان معاهد الفنون الجميلة في العراق 2015
26-جائزة التأليف المسرحي التي نظمتها الهيئة العربية للمسرح عن بأعماله السوداء واللامعقول في نصوص علي عبد النبي الزيدي ) في جامعة البصرة – كلية الفنون الجميلة عام 2014 *
* الرسالة النصيه لعرض “ميت مات “
مما لاشك فيه أن إدراك المرسل او القائم بالإتصال لأنماط المتلقيين وتصنيفاتهم يضع محددات الرساله التي ينتجها ويوجهها للمتلقيين ويقدم له تصورا عن كيفية إستمالتهم لها .
إن علي عبد النبي الزيدي في نصه (ميت مات ) يبرهن عمليا علي دراسته لجمهور المتلقيين وتحديد السمات العامه لهم ومن ثم وضع محددات رسالته النصية كي يربط المتلقي أو قارئ النص بين مرجعه الخاص ومرجعية العمل وبين العالم الوهمي المعروض عليه فينتج المتلقي من خلال أفق توقعه الخاص ومن خلال قراءاته ومشاهداته السابقة المعني أو يفك شفرات هذه الرسالة النصية فلقد عمد الكاتب على التناص الواضح والصريح للنص المسرحي العبثي في (انتظار جودو) لصامويل بيكيت الكاتب الأيرلندي فيستهل الزيدي نصه المسرحي باثنين من الرجال رثى الثياب (هو1، هو2) تظهر على ملامحهما مظاهر الفقر والتشرد والشقاء والألم والتيه والضياع في هذا العالم وهما جالسين على رصيف محطة قطار وتحديدا على مصطبتين من الخشب المتآكل وهي ذاتهاالحالة التي استهلها بيكيت في غرة نصه “في انتظار جودو” لكل من (فلاديمير) و (ستراجون) الجالسين تحت شجرة.
لكن الزيدي الذي يناقش ذات الفكرة التي ابتني بيكيت عليها نصه من أن كل مجهودات الإنسان البحث عن هدفه من الحياة وكذا طرحه لمعنى الوجود بما هو إدراك لمعنى الكون تنتهي دائما بالفشل الحتمي لذلك فهي تعتبر عبثية بحبث لا يصبح معنى لسلوك الإنسان أو مضمون لأفكاره. إلا أن الزيدي يضيف لأفكار بيكيت مطورا بعطاء عربي خاص لكي يبقى قادرا على الفعل بأن يضحد فكرة (المخلص) الذي ينتظره الناس ليخلصهم من التيه والتشرد والآم هذه الدنيا.فيعمد الزيدي في تناول فكرة الانتظار في نصه إلى اختلاف الشخص الذي ينتظره الرجلين (جودو، مولاي) ثم يعبث الكاتب بالمتلقي على لسان (هو1) الذي يقر ل (هو2) أنه جودو الذي ينتظر قدومه وفي تأكيد وكشف نسبي لحقيقة جودو الخرافية وأنه مثل (هو2) الذي يجلس على مسافة متر منه وليس خرافيا يحمل سيف يسع الكون كله كما خبر من الناس ويتكرر الأمر مع (هو1) الذي يجد الشخص الذي ينتظر قدومه هو من يجلس على المصطبة المجاورة لمصطبته (هو2) وهنا يعمد علي عبد النبي الزيدي كشف الحقائق كلها للمتلقي في وقت واحد وبتكرارية للحوار كما فعل بيكيت في نصه ليصبح من الصعب عليه الاختيار حتى ولو تعامى عن بعضها.
لكن (هو1)، (هو2) الشخصيتين المنسوختين المستلهمتين من عصور الحب لا يمكنهما البقاء في ظل عصور ما بعد الحب في ظل هيمنة المؤسسات المالكة للخطاب والقوة والمعرفة على المشهد العالمي فيعكسها في هذا الحوار: “..أن تجد نفسك منتظرا ومنتظرا في اللحظة نفسها، الفوضى.. ان تتعب وتشقى وتتألم من أجل أن تعيش وتموت وأنت لم تعش، الفوضى.. أن تولد في وسط الخراب وتعتقده الحياة التي جئت إليها دون موافقة خطية منك…”.
وهنا يتضح لقارئ الرسالة النصية استغراق فلسفة الانتظار عند الزيدي لتتعدى انتظار (جودو) لتجد نفسك منتظرا ومنتظرا في اللحظة نفسها وهنا تكمن العبثية في ان الشعور بالفراغ القاتل والعبث الذي يمثله فعل الانتظار. وبصرف النظر عن ان كل إبداع في نهاية التحليل ليس الا استعارة من الحياة بكل وجوهها وتشعباتها فإن الزيدي يسعى للبحث عن شرعية للمستقبل إد يعكس الواقع العبثي الذي نحياه من خلال فلسفة الانتظار وفكرة المخلص (دينيا واجتماعيا ونفسيا) ومن خلال المكونات العرفية والمكونات السلوكية للمجتمع العربي.
ثم ينتهي النص كما ينتهي نص بيكيت بالموت أو الانتحار بالربط في شجرة أو بالموت جالسا وأنت تنتظر غير قادر أن تبقى نفسك على الفعل لأنك إما نسيته بفعل المدة الزمنية الطويلة وإما أنك غير مؤهل للفعل عاجز عن مباشرة وممارسة الحياة.
لغـــة النــص:
لقد عمد الكاتب في نصه على استخدام لغة عربية هي لغة الصحافة ذات المفردات اللسانية البسيطة الغير منعولة عن المجتمع العربي والتي تكسر عوائق اللهجات وتتيح للملتقي رغم اختلاف فئته المستهدفة أن لا يفقد تواصله كقارئللنص بل أتاحت له فك شفرات النص والتفاعل معه لأنها عبرت بمفردات المتلقي اللسانية عن حالات التشرد والتيه والفوضى والمهزلة والألم التي يعيشها الإنسان العربي فاستطاعت لغة النص أن تستميل القارئ المتلقي لرسالة النص.
ولكي نبرز تطبيقيا كيف استطاع الكاتب وضع محددات الرسالة النصية وكيف أنتج المتلقي المعنى وكيف كانت استجابته ومدى تأثير الرسالة فيه فإنه يستوجب علينا قراءة نص عرض “ميت مات” والذي شاهدته عبر البث المباشر لصفحة الهيئة العربية للمسرح على موقع التواصل الاجتماعي أثناء بثها لفعاليات مهرجان العراق الوطني للمسرح.
نــص العــرض:
يضاء المسرح المقسم إلى قسمين بكل قسم مصطبة من الخشب المتهالك يجلس على كل منهما بطلي العرض وخلف كل مصطبة قطعة من القماش الأبيض كخلفية سيميولوجية للموت أو لقماش الكفن مع ترك مساحة فارغة ومظلمة (هو ظلامية) بين قطعتي القماش والإضاءة تنحصر في مكان المصطبتين فقط وباقي الفضاء المسرحي مظلم. عمد المخرج إلى إضافة شخصيتين لنص العرض لم يتم إدراجهما في النص المكتوب تأليفا. الأولى (عامل التنظيف أو الفراش أو فرد الأمن) وهي شخصية صامتة تظهر في لجظات معينة كان دورها رقابي على بطلي العرض وتتدخل لإعادة وضع الشخصيتين كما ظهرا عليه من التصاق بالمصطبتين الكائنتين بكل قسم والشخصية الثانية هو صوت أحد العاملين بمتحف التماثيل الخاص بالبلدة والخاضع لهيمنة المؤسسات المالكة للخطاب والقوة والمعرفة بل أنني أرى أن يتم إضافة هاتين الشخصيتين للنص المكتوب مع إشارات المؤلف حولهما حيث انهما إضافا للعرض معنى جديد جعل المتلقي يتكشف من نص العرض أننا كنا أمام تمثالين صنمين عمرهما يزيد على ألف عام وهما المنتظرين والذين ينتظرهم الآخرون أيضا.
إن السؤال الحائر الذي يلقي بظلاله علينا هل تختلف الرسالة النصية عن نص العرض المسرحي طالما بات المؤلف هو المخرج؟
أنا أرى أن وظيفة المؤلف ودوره ينتهي بكتابته للنص وأن دور المخرج يبدأ من هذه اللحظة والتي تبدأ بوظيفة أولية المخرج وهي وظيفة القارئ الذي يعيد قراءة النص وتفكيكه ليبلغ المعنى الكامن في النص وفق إيدلوجياته الخاصة ومن تم تحديد فئة جمهور المتلقيين التي يستهدفها المخرج في عرضه من خلال محددات الرسالة النصية ودراسة المتلقي ديموجرافيا وسيسيولوجيا وسيكولوجيا.
الرؤيــة الإخراجية:
وبالتالي فإن الزيدي ككاتب انتهي دوره بكتابة النص لكن دوره كمخرج ظل يباشره حتي تنفيذ العرض ولذا نراه يضيف شخصيتين للعرض لم يكن لهما وجود بالنص المكتوب فرضتهم عليه الرؤيه الإخراجيه التي افترض فيها أن المتلقي لن تتكشف له نسبية الحقيقه إلا في نهاية العرض وحين يتم التكشف يجب أن تكون الأفعال التي سبقت هذا التكشف منطقيه رغم طرح فكرة عبثيه مستوحاه ومستلهمه من نص مسرحي غربي ومما لا شك فيه أن إضافة هاتان الشخصيتان ساعد المتلقي أن يفك شفرات الرساله الفلسفيه العبثيه التي طرحها الزيدي ويبلغ الغايات الدلاليه من عرضه الذي أستهدف فئة من جمهور المتلقين هم أصحاب الإتجاهات المشتركه فلقد تم العرض في إطار فعاليات مهرجان العراق الوطني للمسرح وكان جمهور المتلقيين من المسرحيين والنقاد والكتاب والمهتمين بالمسرح فكان الخطاب المسرحي يخاطب عقل هذه الفئه التي تعي أصول الصنعة فجاء تفاعلهم اثناء العرض إما تعليقا بلفظ الجلالة او تصفيقا يشير الي الإعجاب بل كان وقوف المتلقيين اثناء تحية صناع العرض دليل دامغ علي بلوغهم لرسالة العرض
لكن السؤال الذي يفرض نفسه هو هل يمكن لهذا العرض أن يستهدف جمهور من المتلقيين مختلف الإتجاهات ؟ وهل تستطيع رسالة العرض ان يبلغها جمهور المتلقيين العام ؟
لقد أشرت الي ذلك في معرض حديثي عن لغة النص وبساطتها لاسيما أن قضية النص الفلسفيه تم تناولها في إطار الهامشي والعرضي واليومي فحين يسأل بطل العرض رفيقه عن أن( لحيته اصبحت بيضاء) فيجيبه الآخر (لقد غطتها الحروب )وهي رسالة يطلقها العرض لتؤكد عبثية الواقع ويمكن أن يبلغها اي متلقي رغم إختلاف فئته وهذا دليل علي إستجابة المتلقي لرسائل العرض وإستمالة الرساله له واستهدافه جيدا
لكن ما يثور بخلدي هو مدي تأثير هذا العرض علي متلقيه ؟او بمعني آخر هل سيجني المتلقي ثمار بلوغه الغايات الدلاليه لهذا العرض ؟
• تأثير العرض علي جمهور المتلقيين
يقصد بتأثير عملية الإتصال حدوث الإستجابة المستهدفة من هذه العملية، والتي تتفق مع هدف االإتصال المتوقع.
فالتأثير يتمثل في النتائج المترتبة على االإتصال، وهل أدى إلى تحقيق الهدف منه أم لا. ويمكن حصر التأثيرات التي تحدثها الرسالة الإتصالية في ثلاثةمجالات:
أ- التأثير في معلومات ومعارف المتلقي.
ب- التأثير في اتجاهات ومواقف المتلقي، أما تثبيتاً او تغييرا ج-التأثير في السلوك.
ولايشترط أن يحدث التأثير بشكل فوري بل قد يكون محصلة عملية معرفية ونفسية واجتماعية عديدة يختلف تأثيرها من فرد إلى آخر، أو من جماعة إلى أخرى، مما يؤدي لحدوث ألأثر بدرجات متفاوتة بين الأفراد المتلقين.
إن التلقي في المسرح هو تلقي جماعي ، فمتلقي العرض المسرحي الذي ينتمي إلى جماعة الجمهور، قد يتأثر ويؤثر حتما في طبيعة التلقي وذلك من خلال التعليقات الجماعية المصاحبة لجملة المشاهدأوالأحداث التي يقدمها العرض، وقد ينقاد المتلقي إلى تفاعلات ليست ذاتية، بل هي نتيجة سلوك جماعي على نحو الضحك، أو الصراخ، فالمشاهد يتقيد بالإشارات السمعية البصرية والإيماءات الحركية ، حيث تنشأ علاقة تفاعل بين المشاهد وبين عناصر العرض المسرحي. حيث يقفز المشاهد المتلقي إلى مرتبة المرسى
الأخير لرسائل النص كما العرض كما الإخراج كما التمثيل، “لقد غدا المتلقي الضرورة الختامية التي تصور هدف وأهمية خطاب العرض المسرحي.
إن التلقي في المسرح فعل متواصل ومستمر، يضبطه زمانية العرض، حيث يبدأ قبل العرض ويحدث خلاله و يستمر إلى ما بعده،
إن الرؤية الإخراجيه التي أبدعها الزيدي في عرضه والذي وظف فيها مهارات وتقنيات القائمين بالإتصال بطلي العرض البارعين في التمثيل هذا فضلا عن الجودة الفنيه الفائقه والمتمثله في السينوجرافيا وإنضباط إيقاع العرض رغم تكرار الحوار في لحظات متعدده من العرض جعل المتلقي يبلغ السؤال الذي طرحه الزيدي وهو لماذا ننتظر ؟ وهل سنظل كأصنام تنتظر من يخلصها وهي تتابع مسخ الميديولوجيا المهيمن عليها القوي المالكه للخطاب والقوه والمعرفه؟ أم أننا قادرون علي الفعل من خلال عطائنا الخاص ؟ او بمعني دقيق أنستطيع التغيير الجذري لمجتمع تتجذر فيه عقلية التملك والربح والمنافسه والنمط الإستهلاكي ؟
أنني أري أن جميع هذه التسأولات طرحها العرض المسرحي لكن مسألة التغيير الجذري تطلب من المتلقي أن يشعر بقيمة ذاته الحقيقيه (كينونته) التي أرسلها الزيدي في عرضه والتي مؤداها طالما أننا سنموت من طول الإنتظار فل نعيش الحياة كما ينبغي بالخير والحق والجمال .