نص مسرحي: "ّ صرخة" / تأليف : عبد الصاحب إ أميري
تمهـــــــــــيد
* المنظر: لا يحدده الديكور الظاهر على الخشبة بل كل ما يحيط المسرح، قاعة العرض،
* الممثلون : هم كل جمهور قاعة العرض أيضا،
* كل كلمة أو حوار تصدر من أي كائن كان في الصالة، يعد من نص المسرحية، فرقة العرض ستكون المسؤولة عنه
*المنظر: ساحة كبيرة تشغل المسرح بكاملة، يتوسطها تمثالا لرجل نحيف علية ثياب رثة ، القاعة تكاد تمتلي بالجماهير، يدخل قاعة العرض رجلا وسيم الشكل يختلف لباسا وتصرفا. عن الباقين، يحمل طبلا كبيرا كالطبول الكبيرة التي تستعمل في المراسيم
** شخوص المسرحية:
*رجل: وقور في الخمسين من عمره، يرتدي زيا خاصا، (حامد)
* المخرج: رجل في الستين من عمره
* الكورس : الأول، الثاني، الثالث، الرابع والخامس.
* زوجة حميد
* عدد من المشاهدين
العــــرض
(قلق وارتباك مشهود خلف الكواليس)
– سيدي المخرج ، انه لا يرد على الاتصال
–اتصلنا به عشرات المرات،
– زوجته تقول انه ترك المنزل على عجل
-من منكم يستطيع أن يؤدي دور حميد
ـ لا أعتقد تجد بيننا أحدا يتمكن
–أنت الوحيد الذي يمكنه أن يؤدي دور حميد
ـ أنا، لا، دوره يعتمد على الأرقام، ويحتاج إلى جسد مرن لا، انا، اتمكن
(يزاح الستار قليلا يظهر المخرج وقد أحمر وجهه، كما يبدو عليه القلق والإرهاق، يواجه الجمهور)
المخرج: لا أدري كيف أعتذر عن عرض الليلة “صرخة” هذا عنوان عرضنا لهذه الليلة،. ثلاثة أشهر، تدريب مستمر، كيف أوضح لم يسبق له التأخير، وهذا ما يزيد قلقنا، زوجته تقول أنه ترك المنزل قبل ساعتين، يقصدنا والمسافة بين منزله والمسرح لا تزيد عن نصف ساعة على أكثر تخمين . قلبي عند هذا الشاب المخلص المؤمن بما يقدم، أنه يؤمن بها رسالة مقدسة، يكاد. أن يكون العمل كل قضيته التي عاش عمرا من أجلها، أشعر بذلك، هذا إحساسي ارفعوا أيديكم بالدعاء، ليعود سالما. فأنا، بدأت أخاف علية لكل قضية أعداء ، قد يكون من فعلهم، وقد لا يكون، المهم هذا ما يقلقني
( تعم الضوضاء داخل القاعة)
أحد المشاهدين: تقصد قتلوه قتلوا ممثلنا المبدع أين كيف؟
المخرج: أنه مجرد قلق، لاشيء، لدينا على وجه الدقة
أحد المشاهدين : وماذا فعل كي يستحق القتل؟
المخرج: من قال إنه قتل لا تهولوا الموقف، قد يعود بين ساعة و أخرى (مخاطبا الجمهور) أعزتي، تذاكركم محفوظة متى ما أحببتم يمكنكم الحضور الليلة سنعالج الموقف (يعلو ضوضاء)
المشاهدين: نذهب دون عرض، ألا ترى أنها إهانة للمتفرج المسكين
المخرج : الحق معكم، انا لا أدري،. ماذا أفعل؟
صاحب الطبلة: (يقوم من مكانه متجها صوب المنصة) أنا أستطيع أن أساعدكم
أحد المشاهدين: (ساخرا) أنت؟
صاحب الطبلة: نعم بطبلتي و ما عندي
المخرج: تفضل أجلس مكانك، لا أحد طلب منك المساعدة
صاحب الطبلة: أنا أتيت من أجل ذلك
المخرج: (مذهولا) ماذا أتيت من أجل ماذا ؟
صاحب الطبلة: من أجل أن أقدم لكم عرضا
المخرج: تتحدث بشكل، يقلقني تماما قل لي أتعلم ماذا حدث له؟
صاحب الطبلة: ومن أين لي أن أعلم؟
المخرج: وما عندك؟
صاحب الطبلة: عندي ما يلزم
المخرج: وما هو؟
صاحب الطبلة: القضية
المخرج: لا تلعب معي
صاحب الطبلة: قبل أن أكون طبالا، أنا فنان بمعنى الكلمة، أجيد الإخراج والتمثيل، وفي مخزوني الفكري مئات النصوص
المخرج : وهل عندك ما يناسب عرض الليلة؟
صاحب الطبلة: سيكون
المخرج: (مستغربا) سيكون
صاحب الطبلة: (مبتسما) من منا، لا يحمل قضية (مخاطبا الجمهور، بتسلط) اخبروني من منكم لا يحمل في فكره قضية اي قضية كانت
أحد المشاهدين: ( الضوضاء يطغي على الحوار) أنها لعبة جديدة، انتم تلعبون بأعصاب الجمهور، إنه أسلوب جديد في العرض
المخرج : بدأت أقلق من جديد
صاحب الطبلة: كن مطمئنا، بأن كل شيء سيتم وفق مرادك
المخرج: أنت رجل مرموز، من دفع لك كي تحضر عرضنا
صاحب الطبلة: القضية
المخرج : من علمك هذه الكلمة
صاحب الطبلة: الذي علمك أنت، القضية تنمو في الشخصية، تصرخ تعترض ترسم هوية الشخص كلنا أصحاب قضية إلا أنها تختلف من شخص لآخر، القضية التي جعلت من ممثلك بطلا القضية هي التي دفعته ليكتب النص هذا والقضية، هي التي أصرت على أن أكون بينكم
المخرج : بصراحة، أرجو أن لا تكون من أعداء قضيتنا
صاحب الطبلة: هكذا، أبدو لك، الستارة بيدك، أسدلها ، متى ما شعرت، دعني أساعدك فالوقت يمضي بسرعة (يتفحص المنهاج) أرى أن لديك في العرض كورسا
المخرج : نعم
صاحب الطبلة: يكفي أن تضعهم تحت اختياري
المخرج:هم تحت اختيارك (يختفي خلف الكواليس)
صاحب الطبلة: (يتوسط وسط المسرح) السلام عليكم ورحمة الله وبركاته (يضرب ضربات بإيقاع ليلفت الانتباه) أعزتي، شاءت الأقدار، أن أكون اليوم ضيفا عليكم، لأقدم لكَم عرضا مسرحيا في حين إن أسرة العرض، في وضع حرج ، غياب الممثل الذي أحببت عروضه حبا جما ، سنقدم عرضا انتم، وأنا (يضرب على الطبلة)، و طبلتي وهؤلاء (خمسة رجال بملابس موحدة يقتحمون خشبة المسرح، بحركات موزونة)
الكورس: ونحن نقدم لكم عرض مسرحية صرخة الأول – صرختي الثاني – صرختك الثالث- وصرخة الأستاذ حميد صرخة بطلنا، الذي اختفى فجأة
الرابع : (يصرخ) صرختي
الخامس: قد تختلف الصرخة من شخص لآخر
الكورس: وقد تكون صرخة واحدة
صاحب الطبلة: (يضرب على الطبل ليلفت الأنظار) أيها السادة، الليلة ستشاهدون عرضا
الكورس: فية هما
صاحب الطبلة: لا تحزنوا اصرخوا من اجل صرخة ميانمار أنها تذبح
الأول : الصرخة تكمن اليوم في ميانمار
الثاني: نعم ميانمار
الثالث: تقع في جنوب شرق آسيا
الرابع : نالت استقلالها عن بريطانيا عام 1948
الخامس: غالبية السكان يتحدثون اللغة البرومية،
صاحب الطبلة: (يقرع علي الطبلة بنغم خاص) أعزتي المشاهدين مسرحيتنا، عنوانها صرخة والصرخة هي صرخة مسلمي ميانمار، التي بقيت تصرخ دون أن تمتد لها يد الإنقاذ أنها صرخة
الأول: مسلمون ميانمار
الثاني: يتراوح عدد المسلمين في بورما بين خمسة إلى ثمانية ملايين مُسلم
الثالث : من أصل نحو خمسةٍ وخمسين مليون نسمة من السكان
الرابع: ينحدرون من أصولٍ عربيةٍ،
الخامس: فارسيةٍ،
الأول: هنديةٍ،
الثاني: تركيةٍ،
الثالث: لغتهم تركيبة من البنغالية، والفارسيّة، والعربية، لكنّهم يتحدثون اللغة البورمية،
الرابع : ينتمون للتاريخ والحضارة البورمية،
الخامس: يرتدي أبناؤها الزيّ الوَطني المعروف بـ (اللونجي) كباقي السكّان فيها.
صاحب الطبلة: (يقرع على الطبلة بنعم خاص) دَخل الإسلام إلى بورما منذ القرن الأول الهجري على أيدي التجار العرب
الأول: تقوم الدولة بحرمان بعض المسلمين، من الحصول على الجنسية
الثاني : يُعتبر المسلمون في بورما الأفقر بين السكان،
الثالث: الأقلّ حظاً في التعليم،
صاحب الطبلة: ها نحن الآن في إحدى المخيمات النائية التي يحاصر المسلمون فيه منذ عام 2012م
(الكورس يتوزعون على خشبة المسرح، ويتخذون أوضاع من يشكو من مصاب)
الأول: (يمثل دور صحفي مخاطبا الخامس) هل من الممكن ان تحدثنا عما يجري لكم هنا
الخامس: وهل تدري ماذا يحدث لي أن أخبرتك
الأول : لا تخف نحميك
الخامس: أنا اعلم بأنك مثل الآخرين، لا تعمل لنا شيئا المهم أن تحصل على تصريح نحن نشهد الموت بعينة في كل لحظة
الأول : هل يمكنك أن توضح أكثر
الخامس : المسلمون في بورما يتعرضون لأشد أنواع الانتهاكات على يدِ جماعاتٍ بوذيةٍ مُتطرّفة
الأول : ما موقف الحكومة؟
الخامس : أنها هي الأخرى تريد إبادتنا،،،،
الأول : تقولها وكأنك تعلم شيئا
الخامس : أنا أرى بعيني أنها لم توفّر الحكومة البورمية الحماية لنا
صاحب الطبلة: حسب شهادات المسلمين أنفسهم، وخلال السنوات الأخيرة الماضية تعالت الأصوات من أجلِ وضعِ حدٍ للمجازر التي وقعت بحقهم، وذاقوا خلالها صنوفاً كبيرة من العذاب وصلت حد الموت
الكورس: أكبر دليل على ذلك ولاية أراكان التي تُعتبر مسرحاً للجرائم بحق المسلمين في البلاد
المخرج: (من خلف الكواليس يصفق فرحا) بوركتم، عرض رائع
الجمهور: (يصفق)
صاحب الطبلة: (يقرع على الطلبة نلفت الانتباه) جنود من ميانمار يعترفون بمذابح جماعية ضد مسلمي الروهينغا (بصوت جهوري يقرع على الطبلة) اعترافات بالقتل
الأول: أنا كنت جنديا هناك أقر بممارسة القتل والاغتصاب في حق الروهينغا
صاحب الطبلة: نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية شهادة جنديين من ميانمار أدليا بها عبر الفيديو اعترفا فيها بالمجازر، التي ارتكبها جيش هذه الدولة الواقعة في (جنوب شرق آسيا) بحق أقلية الروهينغا المسلمة، ومحاولته إبادتها تماما
الثاني : قال الجندي مايو وين تون في شهادته عبر الفيديو
الثالث : (بصفة جندي) إني تلقيت في أغسطس/آب 2017 أوامر من قائدي بأن “أطلق النار على كل من أبصره و كل ما تسمعه، وأنا كنت مطيعا للأوامر وشاركت في المذبحة التي قُتل فيها 30 من المسلمين الروهينغا، ودُفنوا في قبر جماعي بالقرب من أحد أبراج الاتصالات وقاعدة عسكرية.
صاحب الطبلة: وهذه شهادة أخرى من جندي، ويدعى زاو ناينغ تون
الرابع: انا زاو ناينغ تون ورفاقي.أبدنا حوالي 20 قرية، وألقينا بالجثث في قبر جماعي
الكورس : قتلوهم رموهم في قبر واحد .
صاحب الطبلة: أكد العديد من القرويين معرفتهم بأماكن وجود المقابر الجماعية التي تضمنتها شهادة الجنديين
الكورس: قدرت منظمة أطباء بلا حدود أن 6700 على الأقل من الروهينغا
الأول: بينهم 730 طفلا- لقوا حتفهم بأساليب عنيفة ص،،، 3
صاحب الطبلة: كندا وهولندا تنضمان لغامبيا في قضيتها ضد ميانمار أمام محكمة العدل الدولية بشأن جرائم “الروهينغا”
الكورس : رحبت شبكة حقوق الإنسان في ميانمار بانضمام كل من كندا وهولندا إلى غامبيا التي رفعت قضية إبادة جماعية
الأول : تعرضت لها أقلية الروهينغا، ضد ميانمار أمام محكمة العدل الدولية العام الماضي
صاحب الطبلة: لازال الموت يبتلع المسلمين من خلال القتل والفناء، والعالم
المخرج : (يظهر على المنصة محتدا) ماذا يجري في مسرحي، وانا لا أدري (مخاطبا صاحب الطبلة) قل لي بالله من تكون؟
صاحب الطبلة: أنا
المخرج: نعم أنت، ومن غيرك يكون؟
صاحب الطبلة: وهل بدأت تشك بي ثانية؟
المخرج: وكيف لا. أشك؟
صاحب الطبلة: هل أخطأت بالأداء؟
المخرج: هذا ما يدهشني
صاحب الطبلة: يدهشك؟
المخرج: نعم، يدهشني، هل تعلم إنك نفذت النص بحذافيره؟
صاحب الطبلة: حقا، أنا لا ادري، أظهرت فرحتك قبل قليل
المخرج: نعم، كانت لحظة، صدرت دون تفكير، أنت تلعب معي، سيكلفك كثيرا
صاحب الطبلة: أنت تظلمني
المخرج: كيف فعلت ذلك؟
صاحب الطبلة: قتل المسلمين أمر بات للعيان في ميانمار، نيجيريا وو. ، يعرفها الجميع
المخرج: قد أتفق معك، لكن ليس بكل حذافير النص، أن الأداء، كان طبق الديكوباج والنص أيضا، حتى إنني كنت اشعر أن صديقي وأخي حميد أنه على الخشبة
صاحب الطبلة: ان عملي يحتاج شكرا
المخرج : يجب أن أعرف ماذا حل بزميلي اولا أخبرني؟
صاحب الطبلة: أنا وكيف أعلم؟
المخرج : كما عرفت حذافير النص أعترف، لن أجعلك تذهب بسلام، (مخاطبا أحد المثلين) اتصلوا بالشرطة
(بينما يبدأ أحد الممثلين، تظهر زوجة حميد وقد غمرها الحزن)
زوجة حميد: أين زوجي؟
( يرتبك المخرج ويفقد السيطرة على نفسه، يدير حامد وجهه بعيدا عن زوجة حميد)
زوجة حميد: (تصرخ) ماذا حل بكم أين حميد ؟ (تصعد على الخشبة وقد أحمر وجهها من القلق والارتباك) أين حميد أين صديقك كيف قدمت مسرحيته من دونه اليس كانمو الأحرى أن تسأل عنه؟ (تبحث عنه.. تدمع عيون المخرج) لم تبكي ماذا حدث اليس بينكم رجلا قادرا على النطق؟ (يلتفت صاحب الطبلة ويكون امامها وجها لوجه) أأنت حامد وماذا تفعل هنا جئت تسأل عن أخيك ام ماذا؟
صاحب الطبلة: اهدئي يا زوجة اخي، واخبرك بكل ما حدث
زوجة حميد : أنا تعلمت المقاومة من أخيك
المخرج: (ينظر بدهشة إلى صاحب الطبلة) أنت شقيق حميد ؟
زوجة حميد: أنه شقيق زوجي وطفلي لم يره بعد، افترقا منذ زمن بعيد لا أحد، يعرفه، انشغل بطبلته ونسى اهله، أنه الوجه الآخر لحميد (تصرخ) أخبرني ماذا حدث؟
صاحب الطبلة: حميد معنا الآن (تغلب الدهشة على الوجوه)
زوجة حميد: معكم. أين هو؟
صاحب الطبلة: هو من طلب مني أن أتى هنا، وأقدم عرضه، الذي لم يتمكن من تقديمه
المخرج : ماذا أسمع؟
صاحب الطبلة: صحيح ما سمعت
زوجة حميد: وأين هو الآن؟
صاحب الطبلة: معنا اهدئي كان إلى جانبي، يهمس بأذني ماذا أن افعل وماذا اقول، حميد كان على الخشبة روح حميد قادت العرض حتى النهاية
زوجة حميد: (تبكي منهارة ) قتلوا زوجي
صاحب الطبلة: زوجك شهيد، ارادوا قتل فكره وان لا يقدم الليلة عرضه، سأكون من الليلة حميد
الكورس والمخرج : كلنا حميد
صاحب الطبلة: لنذهب، أخبرني أين رموا جسده، وطلب مني او لا أتى لا بعد العرض هيا ( يتركون المنصة)
ظـــــــــــــــــــــــــــلام